الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب امتناعهم من بيت فيه صورة؛ كونها معصية فاحشة، وفيها مضاهاةٍ لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى، وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكله النجاسات؛ ولأن بعضها يسمَّى شيطاناً كما جاء في الأحاديث، والملائكة ضدُّ الشياطين؛ ولقبح رائحة الكلب، والملائكة تكره الرائحة القبيحة؛ ولأنها منهي عن اتخاذها، فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، وصلاتها فيه، واستغفارها له، وتبريكها عليه وفي بيته، ودفعها أذى الشيطان.
وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتاً فيه كلب أو صورة
فهم ملائكة يطوفون بالرحمة، والتبريك، والاستغفار، وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت ولا يفارقون بني آدم في كل حال؛ لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم، وكتابتها، قال الخطابي: وإنما لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور، فأما ما ليس بحرام: من كلب الصيد، والزرع، والماشية، والصورة التي تمتهن في البساط، والوسادة، وغيرهما فلا يمنع دخول الملائكة بسببه، وأشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابي. والأظهر أنه عامٌّ في كل كلب وكل صورة، وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث؛ ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر، فإنه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل صلى الله عليه وسلم من دخول البيت، وعلل بالجرو، فلو كان العذر في وجود
الصورة والكلب لم يمنعهم لم يمتنع جبريل، والله أعلم» (1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتانِي جبريلُ، فقالَ: إنِّي أتيتُكَ البَارِحة فلم يَمْنعني أن أكونَ دخلت عليك البيت الذي كُنتُ فيه إلا أنَّه كَانَ في البابِ تمثال الرجال، وكانَ في البيتِ قِرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيتِ كَلبٌ، فمر برأس التمثال الذي بالباب فليقطع فليصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع وليجعل منه وسادتين منبوذتين يوطآن، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم» . وفي رواية النسائي: «فإما أن تقطع رؤوسها أو تجعل بساطاً يُوطأ، فإنَّا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه تصاوير» (2)(3).
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول: «والأظهر: أنه يستثنى من ذلك: كلب الصيد، وكلب الزرع، وكلب الماشية، والصور الممتهنة في الفرش» (4).
وفي حديث عائشة رضي الله عنها: «أشد الناس عذاباً، الذين يضاهون بخلق الله» قالت: فجعلناه وسادةٍ أو وسادتين (5).
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 331 – 332، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 10/ 381.
(2)
الترمذي واللفظ له، كتاب الأدب، باب ما جاء أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ولا كلب، برقم 2806، والنسائي، كتاب الزينة، باب: ذكر أشد الناس عذاباً، برقم 5380، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/ 119، وفي صحيح النسائي 3/ 427.
(3)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 10/ 392.
(4)
سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، على الحديث رقم 5949.
(5)
البخاري، برقم 5954.