الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا، وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ، أو فى وسط الآية كالوقف على قوله تعالى: فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي، أو قريبا من أول الآية كالوقف على قوله تعالى:
وَعَلاماتٍ، وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً.
وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده كالتام، وهو أكثر الوقوف الجائزة ورودا فى القرآن، وقد يتفاوت مقدار كفايته فالوقف على قوله تعالى:
وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ كاف، والوقف على قوله تعالى: يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ أكثر كفاية منه. والوقف على قوله تعالى: ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ أكثر كفاية منهما.
الفرق بين التام والكافى:
ثم إن الفرق بين الوقف التام والكافى غير محدد تحديدا منضبطا عند جميع القراء كالفرق بينهما وبين الحسن والقبيح، لأن وجه الاختلاف بين التام والكافى تعلقه بما بعده فى المعنى أو لا، وهو أمر نسبى يرجع فيه إلى الأذواق فى فهم المعانى واعتبار ما وقف عليه متعلقا بما بعده فى المعنى، أو مستغنيا عنه، ولذا نجد منهم من يعد بعض الوقوف الكافية فى نظر غيره تامة أو العكس.
أما الفرق بين التام والكافى وغيرهما من الوقوف فليس محلا لهذا الاختلاف الكبير، لأنه يعتمد على تعلق ما وقف عليه بما بعده فى الإعراب أو لا، وهو أمر منضبط بعض الشيء أكثر من التعلق المعنوى.
تعريف الوقف الحسن، ووجه تسميته حسنا، وصوره وحكمه:
وأما الوقف الحسن فهو: الوقف على كلام تام فى ذاته متعلق بما بعده فى اللفظ والمعنى معا. كأن يكون متبوعا وما بعده تابعا له، أو مستثنى منه وما بعده مستثنى.
وسمى حسنا: لأنه يحسن الوقف عليه.
وصوره أربع لأنه قد يكون على رءوس الآى كالوقف على الْمُؤْمِنِينَ من قوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ، أو قريبا من رأس الآية كالوقف على قوله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ، أو فى وسط الآية كالوقف على قوله تعالى لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ أو قريبا من أول الآية كالوقف على قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ أول فاطر.
وحكمه: أنه يحسن الوقف عليه، ولا يجوز الابتداء بما بعده إذا كان الوقف على غير رأس آية اتفاقا. وإنما يعود القارئ إلى الكلمة التى وقف عليها فيبتدئ بها ويصلها بما بعدها إن صلح الابتداء بها، وإلا فبما قبلها مما يصلح الابتداء به. وأما إذا كان الوقف على رأس آية فإنه يسن الوقف عليه كما تقدم، ولكن لا يجوز الابتداء بما بعده اتفاقا إلا بثلاثة شروط، وهى:
(1)
ألا يوهم الوقف على رأس الآية، والابتداء بما بعده خلاف المعنى المراد.
(2)
أن يفهم مما بعد رأس الآية الموقوف عليه معنى.
(3)
ألا يكون ما بعد رأس الآية تابعا لمتبوع فى الآية التى وقف على رأسها.
وذلك كالوقف على يُنْقَذُونَ من قوله تعالى: وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ. والابتداء بما بعده وهو إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا فإنه لا يوهم خلاف المعنى المراد، ويفهم مما بعد رأس الآية معنى، وليس تابعا لمتبوع فى الآية التى وقف على رأسها.
أما إذا كان الوقف على رأس الآية والابتداء بما بعده يوهم خلاف المعنى المراد كالوقف على قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ فإنه يسن الوقف على رأس الآية، ولا يجوز الابتداء بما بعده اتفاقا، وإن كان ما بعد رأس الآية الموقوف عليه لا يفهم منه معنى إذا ابتدئ به كالوقف على قوله تعالى: لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ*، والابتداء بما بعده وهو فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ* الذى لا يفيد معنى إلا إذا انضم إليه ما قبله، أو كان ما بعد رأس الآية الموقوف عليه تابعا لمتبوع