الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: جهود المسلمين في تعليم القرآن والقراءات وأشهر العلماء في ذلك
المبحث الأول: أشهر علماء القرآن والقراءات من القرن الرابع وحتى القرن الرابع عشر
مدخل
…
الفصل الأول: جهود المسلمين في تعليم القرآن والقراءات وأشهر العلماء في ذلك:
وهو مكون من مبحثين:
المبحث الأول: أشهر علماء القرآن والقراءات من القرن الرابع وحتى القرن الرابع عشر:
عرفت المدرسة القرآنية منذ الحياة الأولى للإسلام، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقى الوحي عن ربه، ويقوم بتلقينه لصحابته فرادى وجماعات.
وكان هؤلاء الصحب الكرام يقبلون في حماسة وشغف على تلقي كتاب ربهم إعجاباً به، وإيماناً منهم بأن تلاوته ومدارسته والعمل به عبادة من أجلِّ العبادات، وقربى من أقرب القربات، ألم يخبرهم نبيهم الكريم بقوله:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه"1. وبقوله صلوات الله وسلامه عليه: "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" 2.
ولقد امتاز هذا الكتاب المعجز فيما امتاز به بيسر تلقيه وتلاوته يقول تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر:17) .
1 أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه 6/108.
2 أخرجه الترمذي في سننه في كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن ما له من الأجر 5/161.
بل جعل الله تبارك وتعالى من ميزاته أن يحفظ في الصدور، كما يسجل في السطور {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} (العنكبوت:49) . وبذلك تحول مسجد المدينة المنورة إلى مدرسة قرآنية أولى، كما تحولت دور المهاجرين والأنصار إلى مدارس قرآنية، فكانت حلقات القرآن يدوّي بها المسجد دوياً كدوي النحل، بل إن بيوت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح لها ذلك الدوي حين يرجع إليها أصحابها فيتدارسون القرآن، مع أزواجهم وأولادهم.
يقول صلوات الله وسلامه عليه: "إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار"1.
ومع انتشار الإسلام وذيوعه انتشرت المدرسة القرآنية، وعلا شأنها وبعد أن كانت في المساجد تملأ حلقاتها، أصبحت غرفاً ملحقة بالمساجد تستقبل الناشئة من أطفال المسلمين، ليكون القرآن الكريم أول ما يقرع آذانهم، وتتفتح عليه قلوبهم من أنواع الدراسات المختلفة قبل أن ينتقلوا إلى مراحل العلوم بعد ذلك.
وقد انتشرت تلك المدارس حيث ينتشر الإسلام. فأينما وجدت الجماعة الإسلامية وجدت المدرسة القرآنية، لا فرق بين بلاد تنطق بالعربية، وبلاد لا تنطق بها.
يقول ابن حزم:" مات رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام قد انتشر في جميع جزيرة العرب، وفي هذه الجزيرة من القرى والمدن ما لا يعرف عدده إلا الله،
1 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب "غزوة خيبر" 5/80.
كلهم قد أسلموا وبنوا المساجد، ليس فيها مدينة أو قرية، ولا حلة للأعراب إلا قرئ فيها القرآن في الصلوات وعلمه الصبيان والرجال والنساء0ثم مات أبو بكر وولي عمر ففتحت بلاد الفرس، وفتحت الشام والجزيرة ومصر، ولم يبق من هذه البلاد مدينة إلا وقد بنيت فيها المساجد، ونسخت المصاحف، وقرأ الأئمة القرآن، وتعلمه الصبيان في المكاتب شرقاً وغرباً"1. 6.
وإذا كان بعض العلماء يعد عام (459هـ) حداً فاصلاً بين عهدين في تاريخ المؤسسات التعليمية الإسلامية، ففي هذا العام أنشئت المدرسة النظامية في بغداد، مؤذنة ببداية عهد تعليمي جديد، انتقلت فيه أماكن التعليم من الكتاتيب والقصور والمساجد، ودور الحكمة، وحوانيت الورّاقين ومنازل العلماء، إلى المدارس المنظمة، فإن هذا لا يقلل من دور المسجد بوصفه أول مؤسسة انطلق منها شعاع العلم والتعليم في الإسلام على كافة البشر، حيث كان يلتقي فيه الطلاب بالعلماء: يناقشون، ويتحاورون فيما يعنّ لهم من مشكلات ومسائل فقهية، أو علمية بحتة، حتى قيل بحق: إن آلاف أعمدة المساجد التي كانت منتشرة في الإسلام كانت محاطة بآلاف من العلماء المسلمين، وعشرات الآلاف من المتعلمين2.
ومنذ العهد الأول - عهد مدارس المساجد - انتشرت مدارس القرآن والقراءات في جميع الأقطار الإسلامية وصار التنافس العلمي الشريف دافعاً لطلاب تلك المدارس إلى التفوق والإبداع العلمي في مجال علم القراءات.
1 انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم ص 66.
2 انظر: الدور التربوي للمسجد د. فرغلي جاد ص 143 من مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة الكويت – العدد السادس 1406 هـ ربيع أول.