الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
ظهور المصنفات الموسوعية الجامعة في علوم القرآن، وكانت هي السمة الجديدة في التأليف في هذه المرحلة، وقد كانت في البدايات محاولات لضم مجموعة من العلوم الهامة والمشكلة، والتي كثرت في تفسيرها الأقوال وتعددت المذاهب، في مصنف واحد، وتضمنت تلك المصنفات علوماً بعدد، ثم سرعان ما اتجهت الهمم لجمع كل العلوم التي تخدم النص القرآني، أو تسهل سبل فهمه، بين دفتين، تسهيلاً لطالب العلم، وتنظيماً للمعرفة على غرار علوم الحديث وسار التصنيف الموسوعي إلى جانب التصنيف الموضوعي، فمن العلماء من توجه للكتابة في نوع من أنواع القرآن كالقراءات مثلاً: أو كأقسام القرآن أم القرآن. الخ، وفيما يلي ذكر لأهم تلك المصنفات.
كتاب السبعة في القراءات:
" كتاب السبعة في القراءات للإمام الحافظ الأستاذ أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي (ت 324هـ) وكتاب السبعة قام بتحقيقه الدكتور شوقي ضيف، وطبعته دار المعارف المصرية الطبعة الثانية وعدد صفحاتها (788) صفحة. ويبدو أن ابن مجاهد ألّف كتابه هذا لما رآه من تكاثر القراءات في زمانه، حيث وصل بها أبو عبيد القاسم بن سلام نحو ثلاثين قراءة، وتوسع فيها - فيما بعد - بعض القراء، حتى وصل بها إلى نحو خمسين قراءة، وأوشك ذلك أن يكون باباً لدخول شيء من الاضطراب على ألسنة القراء، ولا سيما أنهم ليسوا على درجة واحدة من الإتقان، بل هناك من يعتمد على نوع شاذ من القراءة خارج مصحف عثمان الذي اجتمعت عليه الأمة، فكانت الأمة في أمس الحاجة إلى شيخ نابه، يضع الأصول
والأركان لقبول القراءات من جهة ولاختيار طائفة من القراء النابهين يكتفي بهم عمن سواهم، فجاء ابن مجاهد رحمه الله واستصفى من هؤلاء القراء سبعة من الأئمة القراء في الأمصار الإسلامية، وألف هذا الكتاب النفيس مبيناً اختلافهم في القراءة، وعرض قراءاتهم وأئمتها إماماً إماماً، ذاكراً نسبهم وأساتذتهم الذين تلقوا عنهم القرآن الكريم، واصلاً بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فقدم للأمة الإسلامية عملاً جليلاً باهراً استجابت له ورضيته.
والحق أن ابن مجاهد حين اختار السبعة لم يسقط رواية من سواهم ولم يبطلها ولم يعتقد أن قراءات هؤلاء السبعة هي الحروف السبعة الواردة في الحديث، ولكن ذلك إنما اعتقده بعض الناس واهمين خلاف مراد ابن مجاهد، وهو إنما قصد أن ما سوى قراءات هؤلاء السبعة يأتي وراء السبعة في عدد من يقرؤون بها في الأمصار1.
وقد وضح ابن جني2 في كتابه3 "المحتسب" معنى الشذوذ عنده، وعند ابن مجاهد وأنه لا يعني الضعف، إنما يعني قلة القراءة به في الأمصار بالقياس إلى قراءات السبعة، على أن هذه القلة لا تعني عدم التواتر، وعدم الثقة في أئمتها. وعدم تداولها واعتماد العلماء لها.
والخلاصة أن ابن مجاهد اهتم بضبط الروايات وتحرير أوجه الخلاف والتمييز بين الطرق ووضوح العبارة والتخليص.
1 مقدمة تحقيق السبعة ص 22.
2 هو أحد الأعلام المشهورين بالعلم والفضل واسمه عثمان بن جني الأزدي ولد بالموصل سنة 322هـ وتوفي 392هـ وله تسعة وأربعون كتاباً تقريباً. محقق كتاب المحتسب لابن جني 1/5-15 والأعلام 4/204.
3 المحتسب 1/11، وكتاب السبعة ص 22.
نسبة الكتاب إلى مؤلفه:
أجمع المترجمون1 لابن مجاهد على أنه ألف "كتاب السبعة" وأن الأجيال ظلت تتناقله جيلاً بعد جيل، والعلماء ظلوا يروونه ويؤخذ عنهم مشافهة، ويجيزون لتلاميذهم روايته، حتى صار هذا الكتاب أصلاً وثيقاً لقراءات هؤلاء الأئمة السبعة، التي تحرّاها وحررها.
وهذا كله دليل دلالة واضحة على أن نسبة كتاب السبعة إلى ابن مجاهد نسبة صحيحة لا يعتريها أدنى ريب، والذي دعا العلماء في اختلافهم على ضبط اسم هذا الكتاب هو أن تسمية ابن مجاهد هذا الكتاب باسم "كتاب السبعة" هي تسمية مبهمة، وذلك ما دفع بعضهم إلى تسميته:" كتاب السبعة لابن مجاهد المسند المقرئ" و "كتاب في اختلاف القراء السبعة" و "اختلاف قراء الأمصار في القراءات السبع" و"كتاب السبعة في منازل القراء" و "كتاب السبعة في مذاهب القراء" وآخر هذه التسميات تسمية محقق الكتاب الدكتور شوقي ضيف حيث أسماه "كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد".
وكل هذه التسميات كما يظهر منها عبارة عن محاولة من أولئك العلماء جميعاً لشرح مضمون الكتاب2.
1 انظر: مقدمة السبعة ص 34، 35.
2 المصدر السابق.