الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من البحث الطويل، والبُعْدِ الكثير، والجمع بين المختلفات، والتَّحرِّي والإنصاف وتوفية الاجتهاد حقه في طلب الظن الأقوى، وتمهيد قواعد ذلك حسب الإمكان.
وقد يعضد من وقف على تصحيح حديثه بأن مدار الجواب على الحمل على السلامة، ولو بالتأويل الممكن المرجوح لقرائن تُصَيِّرُ ذلك المرجوح راجحاً عند من وثَّقه، وتلك القرائن ثبوت عدالته، وكثرة الثناء عليه، مع أن القدح لم يكن بأمرٍ قطعيٍّ لا يحتمل التأويل.
ويقوي هذا العذر لمن وثقه: ما عُلِمَ من طباع البشر في سوء الظن بمن عَلِمَ ما لا يعلمون، أو روى ما لا يعرفون، وكفى في ذلك بقصة الخَضِر مع موسى عليه السلام، فإنه لما رأى منه ما لا يعرف له وجهاً، قطع ببادىء الرأي بقبحه وإنكاره، ولم يصبر، مع أن الله تعالى هو الذي أخبره عن تفضيل الخضر عليه في العلم، ومع ما تقدم من تحذير الخضر له من عدم الصبر ومن وعده بالصبر، ثم أعجب من هذا: تكرُّرُ هذا منه، وعدم اعتباره (1) بالمرة الأولى، وهذه القصة -كما قيل- تكُفُّ كفَّ الاعتراض على الأعلم (2).
ومن ذلك حديث بريدة في قصة السبِيَّة التي أخذها علي عليه السلام من المغنم، ووطئها، فأنكروا ذلك عليه، وكتبوا مع بُريدة كتاباً بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاطعين بقُبحه، حتى ذبَّ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث معروف في " البخاري "، و" مسند أحمد " وغيرهما (3).
وهذا بابٌ واسعٌ، لو بسطته، لطال الكلام، والقليل يكفي المنصف عِبْرَةً.
وقد
تبادر كثيرٌ من أهل العلم إلى القطع بالتكذيب حين يسمعون المستَبْعَدات
، وقد كان عمر بن الخطاب من أسوأ الناس ظنَّاً بمن روى ما لا
(1) في (ف): " اعتبار ".
(2)
في (ف): " عن الاعتراض ".
(3)
أخرجه أحمد 5/ 351 و359، والبخاري (4350).
يعرفه، وقد توعد أبا موسى بالضرب إن لم يأته بشاهدٍ على حديث الاستئذان، فجاء إلى الأنصار مذعوراً، فقالوا: لا يقوم معك إلَاّ أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري، فشهد له بذلك، فعَجِبَ عمر من خَفاءِ ذلك عليه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
ولم يقبل عمر حديث عمار في تيمُّم الجُنُب، ونسي ذلك، مع أنه كان معه، وقال له: اتق الله يا عمَّار، ومن مثلُ عمار، ولجلالة عمار أَذِنَ له عمر في رواية الحديث مع نسيانه له، وقال له: قد ولَّيناك ما تولَّيت (2)، ووقف مع ذلك عن العمل به.
وكذا ترك حديث فاطمة بنت قيسٍ لمعارضته لكتاب الله تعالى (3)، وهو خاصٌّ مفسِّرٌ لا معارض، والمصير إليه واجبٌ على مقتضى قواعد الأصول الفقهية، ولذلك قلَّتِ الرواية في أيام خلافته، ولذلك كَرِهَ أهل الحديث الرواية عن الأحياء، لأنهم قد ينسون كما نسي عمر، فيكذِّبُون من روى عنهم، فيؤخذ بكلامهم، لغَلَبَة سوء الظن على الطبائع، ولا يلتفت إلى المحامل الحسنة.
وقد أوضحت وجه الحجة في هذا المقام في كتابي في علوم الحديث في الكلام على تقديم (4) الراجح من الجرح والتعديل وعدم إطلاق تقديم الجرح، وكيف يسوغ ذلك (5)، وقد رأينا الكلام لا يكثر إلَاّ في الأعيان المفضلين، فما سُبَّ من على المنابر من الصحابة إلَاّ خَيرُهم، ولا خُصَّ بالرفض والنَّصب إلا أهل المراتب الرفيعة منهم. أفيقال: إن من كفَّرَهم وسبَّهم أولى، لأنه مُثْبِتٌ ومُطَّلِعٌ؟ بل الواجب النظر والبحث عن الخبر، والجمع بين المتفرقات، وترك التعصب، والبناء على قواعد العلم المشهورة.
وأما من غَلَّبَ الجرح في حق عكرمة، فتمسك بالقاعدة المشهورة في
(1) تقدم تخريجه 3/ 161.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
في (ف): " تقدير ".
(5)
انظر " تنقيح الأنظار " مع شرحه " توضيح الأفكار " 2/ 158 وما بعدها.
أصول الفقه وفي الفقه، وهي: أن المُثبِتَ أولى من النافي، والجارح مقدَّمٌ على المعدل، لأنه أثبت أمراً عَرَفَه، والمعدِّل محمول على عدم معرفة ذلك، وهذا عندهم من قبيل الجمع، وهو مقدمٌ على الرد.
والجواب عليهم: أنه لم يقع ردٌّ ولا تكذيبٌ لأحد من الثقات ممن وثَّق عكرمة، ولا ممن كذَّبه، بل حُمل المكذب على أنه سمى الخطأ كذباً، أو قال قولاً يظن أنه فيه بارٌّ صادقٌ على حسب ظنِّه واجتهاده، فالكل من قبيل الجمع، لا من قبيل الرد.
وإذا كان كذلك، فكلٌّ يعمل في الجمع بما يترجَّح في اجتهاده، ولا حرج، لكن يلزم المعتزلة البقاء على قاعدتهم في تقديم الجرح، فيبطل عليهم الاحتجاج بحديث عكرمة في الفروع الظنية كيف في المسائل القطعية؟ والله يحب الإنصاف، وخصوصاً قبوله فيما يُقوِّي بدعته، لأنه قد اتُّهم ببدعة الخوارج، وصح عنه أنه وافقهم في بعض أقوالهم، وإنما دفع عنه المجيبون موافقتهم في الجميع.
وقد اتُّهم بتكفير أهل الذنوب من المسلمين، وهو أقوى ما نُقِمَ عليه، وأكثر ما جرَّأهم على الوقيعة فيه، فقال ابن لهيعة (1) عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة: كان عكرمة حين أتى نجدة الحروري، فأقام عنده تسعة أشهرٍ، ثم رجع إلى ابن عباس، فسلم عليه، فقال: جاء الخبيث، قال: فكان يحدِّثُ برأي نجدة. قال: وكان -يعني نجدة- أوَّل من أحدث رأي الصُّفريَّة.
قال الجوزجاني: قلت لأحمد بن حنبل: أكان عكرمة إباضياً؟ فقال: يقال: إنه كان صُفرياً. وقال أبو طالب، عن أحمد: كان يرى رأي الخوارج الصفرية. وعنه أخذ أهل إفريقية، وقال علي ابن المديني: يقال: إنه كان يرى برأي نجدة، وقال يحيى بن معين: كان ينتحلُ مذهب الصُّفريَّة، ولأجل ذلك تركه مالكٌ، وقال مصعبٌ الزبيريُّ: كان يرى رأي الخوارج، وزعم أن عليَّ بن
(1) انظر " السير " 5/ 20.
عبد الله كان على هذا المذهب. قال مصعبٌ: وطلبه بعض الولاة بسبب ذلك، فتغيَّب عند داود بن الحصين إلى أن مات، وقال خالد بن أبي عمران المصري: دخل علينا عكرمة إفريقية وقت الموسم، فقال: ودِدْتُ أني اليوم بالموسم بيدي حربةٌ أطعَنُ بها يميناً وشِمالاً.
وقال أبو سعيد بن يونس في " تاريخ الغرباء ": إلى وقتنا هذا قومٌ على مذهب الإباضية، يعرفون بالصُّفريَّة، يزعمون أنهم أخذوا ذلك عن عكرمة.
وقال يحيى بن بُكَيْرٍ: قدم عكرمةُ مصرَ، وترك بها داراً. وخرج إلى المغرب، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا.
وروى الحاكم في " تاريخ نيسابور " عن يزيد النحوي، قال: كنت قاعداً عند عكرمة، فأقبل مقاتل بن حيَّان وأخوه، فقال مقاتلٌ: يا أبا عبد الله، ما تقول في نبيذ الجرِّ؟ فقال عكرمة: هو حرامٌ، قال: فما تقول فيمن شربه؟ قال أقول: إنَّ كلَّ شَربةٍ منه كفرٌ. قال يزيد: والله لا أدعه. قال فوثب مغضباً، قال: فلقيته بعد ذلك في مفازَة فرد، فسلمت عليه، وقلت له: كيف أنت، قال: بخيرٍ ما لم أرك!
وقال الدراوردي: توفِّي عكرمة وكُثَيِّرُ عزةَ في يومٍ واحدٍ، فعجب الناس لموتهما، واختلاف رأيهما: عكرمة يُظَنُّ به رأيُ الخوارج، يكَفّرُ بالذنب، وكُثَيِّرٌ شيعيٌّ يؤمن بالرَّجعة إلى الدنيا.
ذكر ذلك كله الحافظ ابن حجر (1). وفيه أنه كان داعيةً إلى مذهب الصُّفريَّة، وإماماً فيه، فكيف قبلتِ المعتزلة حديثه الذي يُقَوِّي بدعته، وهم أبعد الناس عن قبول الثقات الذين لم يُقْدَحْ فيهم فيما هو من القطعيَّات عندهم، بل قول البغدادية منهم برد أحاديث الثقات في الفروع الظنية. وقول شيخ الاعتزال أبي علي الجُبَّائيِّ بأنه لا يقبل الثقة الواحد في الحديث، كالشهادة، ولهم قواعد
(1) في " مقدمة الفتح " ص 425 وما بعدها.
تقتضي ألا يحتج بحديث عكرمة هذا من جهاتٍ شتى.
وفي " ميزان الذهبي "(1) نجده بن أبي عامر الحَرُوري، من رؤوس الخوارج، زائغٌ عن الحق، ذكره الجوزجاني في " الضعفاء ".
وفي " صحاح الجوهري "(2): والصُّفريَّة -بالضم- صنفٌ من الخوارج، نُسِبُوا إلى زياد بن الأصفر رئيسهم (3) وزعم قومٌ أن الذي (4) نُسِبُوا إليه عبد الله بن الصَّفَّار، وأنهم الصِّفرية -بكسر الصَّاد- في " ضياء الحلوم ": سُمُّوا بذلك لصُفْرَة أبدانهم من الصيام والعبادة.
وقيل: بكسر الصاد، لأن رئيسهم خاصم رجلاً، فقال: أنت صِفْرٌ (5) من الدين، فسمي (6) بذلك.
ولم يذكر الذهبي في " ميزانه " زياد بن الأصفر، ولا عبد الله بن الصَّفَّار، لأنهما ليس لهما رواية.
وقال أهل كتب المقالات: مذهبُ الصُّفريَّة.
وأما حديث أبي هريرة الذي يشهد (7) له، فأصول المعتزلة تقتضي ألا يحتج به لوجوه:
أولها: أن المسألة عندهم قطعية، والحديث أحادي.
وثانيها: إن مداره على سعيد المقبُري، وقد قال ابن سعد: ثقة، لكنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وأتاه ابن عيينة، فرأى لُعابَه يَسيلُ، فلم يأخذ عنه.
ذكر ذلك الذهبي (8)، وقال: ما أظن أحداً أخذ عنه بعدما اختُلِطَ.
(1) 4/ 245.
(2)
2/ 715.
(3)
" رئيسهم " ساقطة من (ف).
(4)
تحرفت في (ف) إلى: " الذين ".
(5)
في (ش): " أصغر "، وهو خطأ.
(6)
في (ف): " فسموا ".
(7)
في (ش): " شهد ".
(8)
في " الميزان " 2/ 139 - 140.
وقال ابن حجر في " مقدمة شرح البخاري "(1): مجمَعٌ على ثقته، لكن كان شعبة يقول: حدثنا سعيدٌ المقبُري بعد أن كَبِرَ، وزعم الواقدي أنه اختُلِطَ قبل موته بأربع سنين، وتبعه ابن سعدٍ ويعقوب بن شيبة وابن حبان، وأنكر ذلك غيرهم وقال الساجي:[عن يحيى بن معين: أثبت الناس فيه ابن أبي ذئب. وقال ابن خراش: أثبت الناس الليث بن سعد](2).
قال ابن حجر: أكثر ما روى له البخاري من حديث هذين عنه، وأخرج له أيضاً من حديث مالكٍ وإسماعيل بن أُمَيَّة، وعبيد الله بن عمر العمري وغيرهم من الكبار، وروى له الباقون، لكن لم يُخرجوا من حديث شعبة عنه شيئاً.
قلت: لكونه صرَّح بأنه أخذ عنه بعدما كبر، والذي ظنه (3) الذهبي صحيحٌ بعد تبيُّنِ الاختلاط، ولكن يجيءُ قليلاً قليلاً، فربما أخذ عنه في أوائله قبل تحقُّقه.
والمعتزلة تقدم الجرح مطلقاً، وتُغَلَّبُ جانب الحظر في مثل هذا، وليس لهم بحث عمن (4) أخذ عنه قبل أوائل الاختلاط، ومن أخذ عنه بعد ذلك، ولا عن الشواهد والتوابع، ولذلك لو قيل للمتكلمين منهم: هل تُفَرِّقُ بين رواية شعبة عن المقبُرِيِّ، ورواية من أخذ عنه قديماً، لم يفرقوا بين ذلك، فليس لهم أن يحتجوا بحديثه، ولا أن يقلدوا أهل الحديث في مسألةٍ قطعيةٍ، مع انتقاصهم لهم، وقدح كثيرٍ منهم فيهم.
وثالثها: أن أبا هريرة متكلَّمٌ عليه مجروحٌ عندهم مُكَذَّبٌ، كما ذكره ابن أبي الحديد وطول فيه، وأفحش في شرح قول علي عليه السلام لأصحابه: أما إنه سيظهر عليكم رجل رَحْبُ البلعوم إلى آخر ما ذكره (5).
(1) ص 405.
(2)
ما بين حاصرتين بياض في الأصول، واستدرك من " مقدمة الفتح ".
(3)
في (ف): " ذكره ".
(4)
في (ف): " فيمن ".
(5)
تقدم ص 106 من هذا الجزء.
وقال شيخهم أبو الحسين: إنه مُغَفَّلٌ، يعني كثير الوهم (1)، سيىء الحفظ، فخالف إجماع العارفين بهذا اللسان (2)، وقد نسبه ابن أبي الحديد إلى تعمُّد الكذب، وصرَّح بجرحه عند شيوخهم.
فالعجب منهم كيف يحتجون بحديثه في القطعيات عند الحاجة إلى ذلك!
ورابعها: أن للحديث علةً على أصول الجميع، وهي (3) أنه لم يصرِّح أبو هريرة بالسَّماع في هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان روى حديث فطر مَنْ أصبح جُنُبَاً، فلما خالفته أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: حدثني بذلك الفضل بن العباس (4)، فدل على أنه قد يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ويُسقط واسطةً، ولو لم يكن صحابياً، لعده المحدِّثُون مُدَلِّساً، بل قد قال بذلك إمام المحدثين شعبة بن الحجاج الحافظ، رواه عنه يزيد بن هارون، قال: سمعته من شعبة. رواه عنه الذهبي في ترجمة أبي هريرة من " النبلاء "(5) بصيغة الجزم، ثم قال: تدليس الصحابة كثيرٌ، ولا عيب فيه، فإنه عن صاحب أكبر منهم، وهم كلهم عدول.
وفيه نظر إذ أمكن واحتمل أن تدليس بعضهم عن تابع مختلفٍ فيه مثل ما نحن فيه، وهذا بيِّنٌ.
وقد كان معاصراً لعكرمة مخالطاً له (6)، وأحدهما راوٍ عن الآخر، ذكره المزِّي في " تهذيب الكمال " في ترجمة أحدهما، أو في ترجمتيهما، ومن رويا عنه.
وقد ذكر ابن الحاجب في " مختصر المنتهى "(7) خلافاً بين أهل (8) الأصول في قول الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل هو واجب القبول، أو لا بد من أن
(1) في (ف): " للوهم ".
(2)
كتب فوقها في (ف): " الشأن ظ ".
(3)
في (د) و (ف): " ولذلك ".
(4)
انظر 2/ 62.
(5)
2/ 608.
(6)
" له " ساقطة من (ش).
(7)
ص 81 - 82.
(8)
في (ف): " علماء ".
يقول: سمعته (1)، أو أخبرني أو حدثني؟ واختار أنه محمولٌ على السماع، وأن ذلك ينبني على عدالة الصحابة.
قلت: قد ادعى ابن عبد البر (2) الإجماع على قبول مُرْسَلٍ الصحابي، وعلَّل ذلك بتحقُّق أن الواسطة المحذوف صحابيٌّ، وأن الصحابة كلهم عدولٌ، وهذا ظاهرٌ على أصول المحدِّثين دون المعتزلة، وكذا متى جوز أن الواسطة غير صحابي مثل هذا الحديث ولا إجماع.
وذكر ابن حجرٍ أنه قد يكون بينه صلى الله عليه وسلم وبين الصحابي وسائطُ كثيرةٌ، ذكره في " علوم الحديث ".
فاحتمل حينئذٍ أن يكون أبو هريرة سَمِعَه من عكرمة عن ابن عباس، فرواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأعضله بذلك، كما حذف الفضل في حديث " من أصبح جُنباً " وهذا احتمالٌ قريبٌ، فكيف تُعارَضُ الآيات القرآنية التي لا يأتي عليها العدد، وما لا يُحصى من الحديث الذي لا علَّةَ له بمثل هذا من لا يلتفت إلى الأخبار التي لا مقال فيها، ويعتذر عن متواتراتها بأنها آحادٌ، حتى إذا احتاج إلى آحادها المُعَلَّة على قواعده، احتج بها، فما هذا عمل العارفين، ولا عمل المُتناصفين، فالله المستعان.
ويؤيد ما ذكرته من الاحتمال أن المِزيَّ ذكر (3) في ترجمة فُضيل بن غزوان، عن عكرمة عن ابن عباسٍ من " الأطراف "(4) ما يدلُّ على اضطراب عكرمة فيه، كما تقدم، فرواه مرَّةً عن أبي هريرة موقوفاً، ومرة عن أبي هريرة وابن عباس وابن عمر مرفوعاً، وفى الأكثر عن ابن عباسٍ، فلعله رواه لأبي هريرة وابن عُمَرَ، ثم سمعهما يرويانه مرسلاً، فرواه عنهما تقويةً لمذهبه، وقد روى عنه البخاري في
(1)" سمعته " ساقطة من (ف).
(2)
في " التمهيد " في حديث ابن عمر في المواقيت كما ذكره المؤلف في " تنقيح الأنظار ".
(3)
" ذكر " ساقطة من (ش).
(4)
5/ 160 - 161.