الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف يقع الحسد
؟
قال ابن القيم رحمه الله: لا ريب أن الله سبحانة خلق فى الاجسام والارواح قوى وطبائع مختلفة وجعل فى كثير منها خواص وكيفيات مؤثرة ولايمكن العاقل انكار تاثير الأرواح فى الأجسام فانه أمر مشاهد محسوس وأنت ترى الوجه كيف يحمر حمرة شديدة إذا نظر اليه من يحتشمه ويستحيى منه ويصفر صفرة شديدة عن نظر من يخافه اليه وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه وهذا كله بواسطة تاثير الأرواح ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل اليها وليست هى الفاعلة وانما التاثير للروح والارواح مختلفة فى طبائعهاوقواها وكيفياتها وخواصها فروح الحاسد مؤذية للمحسود اذى بينا ولهذا أمر الله سبحانه رسوله ان يستعيذبه من شره وتاثير الحاسد فى أذى المحسود أمرلاينكره الامن هو خارج عن حقيقته الانسانية وهواصل الاصابة بالعين فان النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفيه خبيثه مؤذيه فمنها ماتشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر فى اسقاط الجنين ومنها مايؤثر فى طمس البصر كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الأبتر وذى الطفيتين من الحيات " إنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحبل". (1)
ومنها ماتؤثر فى النفس كيفيتهابمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة والتاثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة بل التاثير يكون تارة
…
بالاتصال وتارة بالمقابلة وتارة بالرؤية وتارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه وتارة بالادعية والرقى والتعوذات وتارة بالوهم والتخيل
…
ونفس العائن لايتوقف تاثيرها على الرؤية بل قد يكون اعمى فيوصف له الشى فتؤثر نفسه فيه وان لم يره وكثير من العائنين يؤثر فى المعين بالوصف من غير رؤية
…
وهى سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن
…
نحو المحسود والعين تصبيه تارة فان
(1) - متفق عليه: أخرجه البخارى ومسلم (2233)
صادفتة مكشوفا لاوقايه عليه اثرت فيه ولابد .. وان صادفته شاكى السلاح لامنفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها وهذا بمثابة الرمى الحسى سواء فهذا فى النفوس والأرواح وذلك من الأجسام والأشباح وأصله من إعجاب العائن بالشئ ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها ينظره إلى المعين وقد يعن الرجل نفسه وقد يعين بغير إرادته بل بطبعه وهذا أردأ مايكون من النوع الإنسانى. اهـ (1)
وقال عبد الرؤوف المناوى: العين حق يعني الضرر الحاصل عنها وجودي أكثري لا ينكره إلا معاند وقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن فيفسد ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد وتدخل البستان فتضر بكثير من العروش بغير مس والصحيح ينظر إلى الأرمد فقد يرمد ويتثاءب واحد بحضرته فيتثاءب هو وقد ذكروا أن جنسا من الأفاعي إذا وقع بصره على الإنسان هلك وحينئذ فالعين قد تكون من سم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون وقد أجرى الله عادته بوجود كثير من القوى والخواص والأجسام والأرواح كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل فيحدث في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل وكذا الاصفرار ثم رؤية من يخافه وذلك بواسطة ما خلق الله في الأرواح من التأثيرات ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين وليست هي المؤثرة إنما التأثير للروح والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية بغير اتصال ومنها ما يؤثر بالمقابلة ومنها ما يؤثر بتوجه الروح كالحادث من الأدعية والرقى والإلجاء إلى الله ومنها ما يقع بالتوهم والتخييل فالخارج من عين العائن سهم معيون إن صادف البدن ولا وقاية لأثر فيه وإلا فلا كالسهم الحسي وقد يرجع على العائن حم ق د ن عن أبي هريرة هـ عن عامر بن ربيعة العين حق أي الإصابة بالعين من جملة ما تحقق كونه تستنزل الحالق أي الجبل العالي قال الحكماء والعائن
(1) - زاد المعاد (3/ 173 - 174).
يبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعان فيهلك أو يهلك نفسه قال ولا يبعد أن تنبعث جواهر مرئية من العين فتتصل بالمعين وتخلل مسام بدنه فيخلق الله الهلاك عندها كما يخلقه ثم شرب السم وهو بالحقيقة فعل الله قال المازري وهذا ليس على القطع بل جائز أن يكون وأمر العين مجرب محسوس لا ينكره إلا معاند. (1)
(1) فيض القدير (4/ 396)