الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الرقى والأذكار التى يقولها من رأى شيئا فأعجبه أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فعن صهيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أيام حنين يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء لم نكن نراه يفعله فقلنا يا رسول الله إنا نراك تفعل شيئا لم تكن تفعله فما هذا الذي تحرك شفتيك قال إن نبيا فيمن كان قبلكم أعجبته كثرة أمته فقال لن يروم هؤلاء شيء فأوحى الله إليه أن خير أمتك بين إحدى ثلاث إما أن نسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم أو الجوع وإما أن نرسل عليهم الموت فشاورهم فقالوا أما العدو فلا طاقة لنا بهم وأما الجوع فلا صبر لنا عليه ولكن الموت فأرسل عليهم الموت فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا أقول الآن حيث رأى كثرتهم اللهم بك أحاول وبك أصاول وبك أقاتل. وفى رواية: اللهم بك أقاتل وبك أصاول ولاحول ولا قوة إلا بالله. (1)
الثانى: ستر محاسن ما يخاف عليه من العين عن الحاسد
وثبت أصله فى الكتاب وفيه آثار موقوفات صحاح فقد اتقى العين نبى الله يعقوب عليه السلام قال تعالى: {وَقَالَ يَبَنِيّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مّتَفَرّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مّنَ اللهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ للهِ عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكّلِ الْمُتَوَكّلُونَ وَلَمّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مّنَ اللهِ مِن شَيْءٍ إِلاّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلّمْنَاهُ وَلَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} .سورة يوسف عليه السلام الآيتان (67 - 68)
(1) حسن: أخرجه أحمد فى المسند (18458 - 18461 - 23409) والدارمى (2441) أخرج الدعاء فقط من طرق عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب. والرواية لأحمد. وأخرجه الترمذى (3340) من طريق معمر عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب ورجاله رجال مسلم لكن قال يحيى بن معين: حديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبى النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطرب كثيرالأوهام. وذكر مع الحديث قصة أصحاب الأخدود مطولا وهى فى صحيح مسلم.
قال البغوى رحمه الله: وقال لهم يعقوب لما أردوا الخروج من عنده، "يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة"، وذلك أنه خاف عليهم العين، لأنهم كانوا أعطوا جمالا وقوة وامتداد قامة، وكانوا ولد رجل واحد، فأمرهم أن يتفرقوا في دخولهم لئلا يصابوا بالعين، فإن العين حق، وجاء في الأثر: إن العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر. وعن إبراهيم النخعى: أنه قال ذلك لأنه كان يرجو أن يروا يوسف في التفرق. والأول أصح. اهـ من تفسيره عند الآيات
وقال القرطبى رحمه الله: لما عزموا على الخروج خشي عليهم العين؛ فأمرهم ألا يدخلوا مصر من باب واحد، وكانت مصر لها أربعة أبواب؛ وإنما خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلا لرجل واحد؛ وكانوا أهل جمال وكمال وبسطة؛ قاله ابن عباس والضحاك وقتادة وغيرهم.
إذا كان هذا معنى الآية فيكون فيها دليل على التحرز من العين، والعين حق؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر). وفي تعوذه عليه السلام: (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) ما يدل على ذلك ..
قال الأصمعي: رأيت رجلا عيونا سمع بقرة تحلب فأعجبه شخبها فقال: أيتهن هذه؟ فقالوا: الفلانية لبقرة أخرى يورون عنها، فهلكتا جميعا، المروى بها والمورى عنها. قال الأصمعى. وسمعته يقول: إذا رأيت الشيء يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني. . اهـ (1)
وقال الحافظ بن كثير رحمه الله: يقول تعالى إخباراً عن يعقوب عليه السلام، إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر أن لا يدخلوا كلهم من باب واحد،
(1) التفسير الجامع لأحكام القرءان (4/ 3455) ط الشعب تجليد خاص.
وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسدى وغير واحد إنه خشي عليهم العين. اهـ (1) ولم أقف على ما يدل على اسم بنيامين فلعله من الإسرائيليات.
قال الشيخ النووى: قال القاضي عياض بعد ذكر حديث حسد عامر بن ربيعه لسهل بن حنيف: في هذا الحديث من الفقه ما قاله بعض العلماء أنه ينبغي إذا عرف أحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويتحرز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس. ويأمره بلزوم بيته فإن كان فقيرا رزقه ما يكفيه، ويكف أذاه عن الناس. صحيح مسلم بشرح النووى
وقال ابن القيم رحمه الله: ومن علاج ذلك أيضا والاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها عنه، كما ذكر البغوي فى كتاب " شرح السنة " (2): أن عثمان رضي الله عنه رأى صبيا مليحا، فقال: دسموا نونته، لئلا تصيبه العين، ثم قال في تفسيره: ومعنى: دسموا نونته: أى: سودوا نونته، والنونة: النقرة التي تكون فى ذقن الصبي الصغير. وقال الخطابى فى غريب الحديث له عن عثمان رضى الله عنه أنه رأى صبيا تأخذه العين فقال دسموا نونته فقال أبو عمرو وسألت أحمد بن يحيى عنه فقال أراد بالنونة النقرة التى فى ذقنه والتدسيم التسويد أراد سودوا ذلك الموضعمن ذقنه ليرد العين قال ومن هذا حديث عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم وعلى رأسه عمامة دسماء أى سوداء أراد الإستشهاد على اللفظة ومن هذا أخذ الشاعر قوله:
ما كان أحوج ذا الكمال إلى
…
عيب يوقيه من العين. اهـ (3)
وقال محمد بن مفلح رحمه الله: وليحترز الحسن من العين والحسد بتوحيش حسنه. (4)
(1) تفسير ابن كثير عند تفسير الآيتين.
(2)
شرح السنة (12/ 166)
(3)
الطب النبوى وزاد المعاد (3/ 177)
(4)
الآداب الشرعية (3/ 60)