الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا قائل به، بل للزوج الرجعةُ في الأشهر المعتبرة.
* * *
2936 - فصل في تباعد الحيض
إذا حاضت مرَّة أو أكثر، ثم انقطع الحيض؛ فإن عُرف سببُ الانقطاع؛ كداءٍ بالباطن، أو مرضٍ، أو رضاعٍ، وجب انتظارُ الحيض اتِّفاقًا، وإن لم يظهر السببُ: فهل تصبر إلى اليأس، أو أربعَ سنين، أو تسعةَ أشهر؟ فيه أقوالٌ أصحُّها أوَّلُها، فإنَّ الانقطاع لا يقع إلا بسببٍ، فلا فرق بين جَلِيّه وخفِيِّه، وكلاهما متوقَّعُ الزوال، فإذا مضت مدَّة الصبر اعتدَّت بثلاثة أشهر.
فإن قلنا: تصبر تسعةَ أشهرِ، فحاضت، فلها أحوال:
الأولى: أن تحيض في أثناء التسعة، فإن استمرَّ الحيض اعتدَّت بالأقراء، وإن انقطع استأنفت التسعةَ اتِّفاقًا.
الثانية: أن تحيض في أشهر العدَّة، فإن استمرَّ اعتدَّت بالأقراء، وإن انقطع استأنفت التسعةَ.
وهل تبني على ما مضى من العدَّة، أو تستأنفها؛ فيه وجهان أَولاهما: الاستئناف.
فإن قلنا بالبناء، فلو بقي عليها يومٌ واحد أكملت العدَّة به، وقيل: يُحتسب بما مضى قرءٌ، ثم تعتدُّ بشهرين، وهذا لا يصحُّ؛ لأنّه تلفيقٌ للعدَّة من الأصل والبدل، والواجبُ لا يتلفَّق من أصولٍ كخصال الكفَّارة، فكيف يتلفَّق من أصل وبدل؟ !
الثالثة: أن تحيض بعد العدَّة وقبل النكاح، ففي ردِّها إلى الأقراء قولان.
الرابعة: أن تحيض بعد النكاح، فلا حكم لذلك، وأبعدَ مَن خرَّجه على القولين في المَعْضُوب (1) إذا حجَّ، ثم برئ.
وإن قلنا: تصبر أربعَ سنين، فحكمُها حكمُ تسعة الأشهر من غير فرقٍ.
وإن قلنا: تصبر إلى سنِّ اليأس، فالاعتبارُ بأقصى يأسِ امرأةٍ في دهرها، أو بأقصى سن في أقاربها وعشيرتها من الجانبين؟ فيه قولان، فإن اعتبرنا بأقصى نساءِ الزمان، فما لا يوجد في الصُّرود والجُروم (2) حُكم به على خطَّة العالَم (3)، فإن المقصود غلبةُ الظنِّ.
وقيل: الاعتبار بأقصى نساء بلدتها.
وقيل: بأقصى نساء عصبتها.
وكلاهما ضعيف، ولعلَّ المراد بالبلدة الصقعُ، ولو اعتُبر بظهور اختلاف الأهوية لكان قريبًا.
فإن بلغت أعلى مراتب اليأس، ثم رأت الدم، كان حيضًا اتِّفاقًا، فإن استمرَّ اعتدَّت بالأقراء، وإن انقطع اعتدَّت بثلاثة أشهر من حين انقطع، وأبعدَ
(1) المَعْضُوب: هو الزَّمِنُ الذي لا حراك به، كان الزَّمانة عَضَبتْه ومنعتْه من الحركة. انظر:"المصباح المنير"(مادة: عضب).
(2)
الصُّرود والجروم: البلاد الباردة والحارّة. انظر: "لسان العرب"(مادة: صرد وجرم).
(3)
الأشهر عند الشافعية: أنّ سنَّ اليأس اثنتان وستون سنة. هامش "الوسيط" للغزالي (6/ 125).