الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3097 - باب أيُّ الوالدين أحق بالولد
(1)
للولد حالان:
إحداهما: ألا يميِّز، فحضانتُه لأمِّه اتِّفاقًا، بشرط العقلِ، والعزوبة، والأمانة، والحُريَّة، والإسلام، فلا حضانةَ لرقيقةِ وإنْ رضي المالكُ، ولا لكافرةٍ على مسلمٍ، خلافًا للإصطخريِّ، ولا لفاسقةٍ، ولا لمنكوحةٍ وإن رضي الزوجُ الأجنبيُّ، وإن كان الزوجُ من أهل الحضانة؛ كالجدِّ والعمِ وغيرهما من حواشي النسب؛ فإنْ لم يرضَ بالحضانة فلا حضانَة للأمِّ، وإن رضي لم تسقط حضانتُها على الأصحِّ، فإنْ طُلِّقت؛ فإن كان الطلاقُ بائنًا رجعت الحضانة بالطلاق، وكذا الرجعيُّ على أظهر القولين؛ فإنَّ المعتدَّة غيرُ مشغولةٍ بالزوج، فإنْ كان مسكنُ العدَّة مختصًّا بالزوج، فله منعُ الطفل من دخوله، وإن كان لها حَضَنتهُ فيه، ولا تسقطُ نفقتُها في العِدَّة وإن حَضَنته بغير إذنِ الزوج.
وقال أبو على: تسقطُ، كما لو حَضَنته في صُلب النكاح.
وغلَّطَه الإمام، وقال: لو اشتغلت المنكوحةُ في غيبة الزوج بحضانةِ، أو حرفةٍ لو تعاطتها في الحضور لكانت ناشزةً، لم يثبت حكمُ النشوز، بخلافِ مفارقة المسكن في الغَيبة، فإنَّه مخالفٌ لغرض الزوج في الحضور والغَيبة.
(1) أي: الباب الذي يتعلق بالحضانة.
الحال الثانية: أن يبلغ الغلامُ أو الجاريةُ حدَّ التمييز، فيُخيَّر بين أبويه، فإن اختار أحدَهما سُلِّم إليه، وسواءٌ تقدَّم التمييزُ على سبع سنين، أو تأخَّر عنها، فإن اختار أحدهما، ثم اختار الآخَرَ، وتكرَّر ذلك منه بحيث يدلُّ على خَبَلِ عقله، استمرَّت حضانةُ الأمِّ، وإن لم يدلَّ على ذلك، بل كان شوقًا إلى كلّ واحدٍ منهما، لم يَبْطُلْ خيارُه عند الإمام بشرط ألا تتعطَّلَ أركانُ الحضانة بالتردُّد بينهما.
وإن خيِّر، فسكت، لم تسقط حضانةُ الأمِّ عند الإمام.
وإن لم يميِّز، أو بلغ مجنونًا، أو مُخبَّلًا، استمرَّت حضانة الأمِّ إلا أن تعجز عن حفظه، فتنتقلُ الحضانةُ إلى الأب، فإنَّا لا نُقدِّم بالحضانة من لا تتصوَّر منه، فإنَّ الحضانة: هي القيام بحفظ الولد، وإصلاحه، ووقايته من أسباب الهلاك، فلا تثبت لمَن لا يستقلُّ بذلك.
وإن بلغ الابن رشيدًا، استقلَّ بنفسه من غير مراقبةٍ، وإن بلغت البكرُ رشيدةً، فإن كانت ظاهرةَ الأمانة فلا اعتراضَ للعصبات عليها، والأصحُّ أنَّ للأب والجدِّ إسكانهَا حيث يستَصْوِبان، وقيل: لها أن تسكن حيث شاءت، وإن كانت البنتُ مأمونة فلا اعتراض عليها للأب والجدِّ، ولا لغيرهما من العصبات، فإن كانت تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ (1) فللأب والجدِّ والعصبة تحصينُها في مسكنٍ يتيسَّر عليهم مراقبتُها فيه؛ دفعًا للعار، كما يدفعون عار التزُّوج بغير
(1) أي: تتهم بسوء. انظر: "المصباح المنير"(مادة: زنن). والعبارة لشاعر رسول الله -صلي الله عليه وسلم- حسَّان بن ثابت في السيدة عائشة رضي الله عنها من قصيدة يقول فيها:
حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ
…
وتُصْبحُ غَرْثى من لُحُومِ الغَوَافِلِ