الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له تتمة لم نجدها ضمن المجموع، فقد أشار في أثناء الكلام على بعض الموضوعات إلى أنها ستأتي فيما بعد. ولعل ما سبق من كلامه في رسالته "إعادة الصلاة" يقوم مقام المفقود.
8 - حقيقة "الوتر" ومسماه في الشرع:
وصلت إلينا هذه الرسالة بخط المؤلف في مكتبة الحرم المكي برقم [4245]، وهي أوراق متفرقة عددها 25 ورقة، وقد رُقّمت ترقيمًا مسلسلًا دون ترتيبها بعناية.
وسبب تأليفها أن بعض الإخوان سأل الشيخ في رمضان سنة 1342 عن بعض أحكام الوتر المختلف فيها، طالبًا بيانَ الراجح من الأقوال مع ذكر الدليل. ولما بدأ الشيخ بتصفح الأدلة وجد أحكام الوتر مترابطةً آخذًا بعضها برقابِ بعض، فعزَم على تأليف كتاب يشتمل على عامة أحكام الوتر. وقد ذكر الشيخ في ورقة منها العناوين الرئيسة، وهي:(وجوب، عدد، نية، قراءة مخصوصة، سبْقُ شَفْع، أول وقته وآخره، في السفر على الدابة، قضاء، قنوت، محلّ قنوت، ما يقال فيه، فصل ووصل، الركعتان بعده، فعله من قعود، أفضليته). ولكن الأوراق الموجودة لا تحتوي إلّا على أبحاثٍ معدودة منها.
ويبدو لي أن الشيخ كتب هذه الأوراق في أوقاتٍ مختلفة، بدليل اختلاف الخط والورق، وتكرار بعض الصفحات في تناول موضوع واحد بأسلوبٍ واحد مع قليل من الخلاف، ومن أظهر الأدلة على أن الشيخ كتبها في أوقات مختلفة أنه يبدأ الكتاب بقوله: "بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي لا تنحصر مواهبه .... مقدمة في حقيقة الوتر
…
". وفي ورقة أخرى
يقول: "الحمد لله. مبحث في الوتر. (مقدمة) بعد استقراء الأحاديث والآثار تلخص لنا
…
". وفي ورقة مستقلة يكتب: "الحمد لله. مبحث في الوتر. أجاز الشافعية الاقتصار على واحدة
…
". وفي ورقة رابعة يبدأ بقوله: "الحمد لله. بحث في حقيقة الوتر ومسماه في الشرع
…
" ثم يورد الأحاديث الواردة في الباب.
فهو كلّ مرة يبدأ الكتابة من جديد، ويكرِّر بعض الموضوعات التي تحدَّث عنها سابقًا.
وكان غرضه ــ كما ذكر في مقدمة الكتاب ــ أن يبيِّن حقيقة الوتر أولًا، أي المعنى الذي يكون إطلاق لفظ الوتر عليه حقيقة شرعية، ثم يشرع في بيان الوجوه المختلف فيها، مُفرِدًا كلَّ وجهٍ بمقالة. وقد عنون "المقالة الأولى في حقيقة الوتر"، كما ذكر بعد الخطبة:"مقدمة في حقيقة الوتر". ولم نجد بعدها عناوين المقالات الأخرى، ولكنه عنون بقوله:"مبحث في الوتر"، و"بحث في حقيقة الوتر ومسماه في الشرع"، و"الفصل الثاني في الاقتصار على ثلاث". وهي فصول متفرقة ضاعت بعض أوراقها، وما بقي منها يحتوي على مباحث في الوتر فصَّل الكلام عليها، وتوسَّع في مناقشة آراء بعض العلماء فيها.
وقد قمتُ أولًا بنسخ كل ورقة على حدة، ثم تأملتُ في سياق الكلام، ورتَّبتُ الأوراق حسب ما يقتضيه الموضوع والسياق، ووجدتُ أحيانًا تكرارًا في الكلام في بعض الصفحات فحذفته، واتبعتُ إشاراتِ المؤلف في الإلحاقات والتكملة وفي ترتيبِ أول الكتاب، فقد كتب في أعلى صفحة الخطبة إلى اليسار: (الخطبة، ثم المقدمة، ثم المقالة الأولى، ثم كلام
الشافعي، ثم تلخيصه، ثم كلام الباجي، ثم كلام ابن رشد، ثم تلخيصهما).
وهو خلاف الترتيب الذي في النسخة، فكأن الشيخ أراد ترتيب الموضوعات فيما بعد حسب الترتيب المذكور، فجعلتُه كما أراد، وهو أولى بالسياق.
أما الإلحاقات والزيادات فقد أشار إليها بالأرقام، وربما يكتبها في صفحات مستقلة، فقمتُ بإلحاقِ هذه الزيادات في أماكنها. وأرجو أن يستفاد منها مع النقص الحاصل في النسخة.
ويمكن تلخيص محتويات الموجود من هذه الرسالة بما يلي:
بدأه الشيخ بالخطبة وبيان سبب التأليف، ثم نقل عن الحافظ في "الفتح" الموضوعات التي وقع الخلاف فيها في الوتر. ثم كتب مقدمة في حقيقة الوتر، فذكر أن الوتر أُطلِق على ثلاثة معانٍ في السُّنَّة كما يظهر ذلك باستقراء الأحاديث والآثار:
أولها: أن يُراد به صلاة الليل التي غايتها ثلاث عشرة، سواء صُلِّيتْ وصلًا أو فصلًا.
والثاني: أن يُراد به الركعة الفردة، سواء وقعتْ موصولةً أو مفصولةً.
والثالث: أن يُراد به ما كان وِترًا بتسليمة واحدة، سواء كان واحدةً أو ثلاثًا أو خمسًا.
وقد مثّل لها بالأحاديث الواردة في الباب، وقال: إن المعنى الثالث هو الذي عليه أكثر الأحاديث.
بعد بيان حقيقة الوتر في السُّنَّة ذكر في المقالة الأولى رأي الإمام الشافعي في "الأم" في بيان حقيقة الوتر وأنها ركعة واحدة، وذكر مذهب الإمام مالك وأبي حنيفة نقلًا عن الباجي وابن رشد، وأورد الأحاديث الواردة في الاقتصار على ركعة واحدةٍ في الوتر، وذكر صنيع أصحاب السنن وخاصةً الإمام النسائي في بيان عدد الوتر، فإنه قصد بعقد أبواب الوتر أن الوتر ما صُلِّي وترًا بتسليمةٍ واحدة، سواء كان ركعةً أو ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو تسعًا، وهذا المعنى هو الذي عليه عامة الأحاديث والآثار. وإذا أُطلق الوتر على أكثر من ذلك فالمراد به صلاة الليل.
ثم تكلم على معنى حديث: "صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل"، وأنه لا يفيد الحصر، فقد منعت منه قرائن، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه الوصل بثلاث وبخمس وبسبع وبتسع. وأورد بعض الأحاديث التي تُوهم أن الإحدى عشرة والثلاث عشرة كانت موصولة، ولكن عامة الأحاديث أنها لم تقع إلّا مفصولةً.
ثم ذكر الأحاديث التي احتج بها الشافعية للاقتصار على ركعة واحدة في الوتر، وقال: في كلّ أدلتهم نظرٌ. ثم تكلم على هذه الأحاديث، وبيَّن معانيها، وناقشهم طويلًا، وقرَّر أن إطلاق الوتر على الركعة الواحدة خاصٌّ بما إذا كانت مفصولةً، ويُشترط الشفع قبل الواحدة، ولا يكفي في ذلك سنة العشاء.
ثم عقد "الفصل الثاني في الاقتصار على الثلاث"، وذكر مذهب الشافعية والحنفية في ذلك، وأورد أحاديث الإيتار بثلاثٍ وحديث النهي عن الثلاث:"لا توتِروا بثلاثٍ تشبِّهوا بصلاة المغرب"، وبيَّن المقصود منهما بعد