الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما ذكر من تفسير الآيات سابقًا، وتوضيح لبعض المباحث في المواريث وأسباب اختلاف العلماء فيها.
21 - مسألة منع بيع الأحرار:
توجد مخطوطتها في مكتبة الحرم المكي برقم [4696]، وقد كتب فيها الشيخ أربع مرات لأهميتها، فإنهم كانوا آنذاك يبيعون الأحرار ويجعلونهم رقيقًا دون بينة ولا شهادة، بل يُكرِهونهم على الإقرار بأنهم عبيد، وكان القضاة يوافقونهم على ذلك، ولا يسمعون الشهادة ولا يقبلون الدعوى. فأراد الشيخ أن يحرّر المسألة بأدلتها، فنقل كلام الفقهاء والشراح من كتب الفقه الشافعي، وترجَّح لديه إثبات البينة وسماع شهادة الحسبة.
بدأ الشيخ الرسالة الأولى منها ببيان أهمية الحرية وعِظَمها، وفضل عتق الرقبة في الكتاب والسنة، وذكر أن سبب الرقّ أصله الكفر، وإنما يُسترقُّ الكافر بالسبي أو الأسر أو نحوه، وهذا من مدة طويلة إن لم يكن مفقودًا فنادر. وأما غير الكافر فإنما يُسترقّ بتبعيته له. ثم ذكر حكم الإماء المجلوبة في حال الجهل أنه لا يجوز بيعها ولا شراؤها، كما حرَّر السبكي الأحكام المتعلقة بهنَّ، ثم تحدَّث عن كيفية ثبوت الرقّ، فقال: إنما يثبت باليد أو بالبينة أو بالإقرار ونحو ذلك، وفصَّل في ذكر الشروط المتعلقة بكل قسم منها، ونقل نصوص الفقهاء الشافعية فيما إذا ثبت الإقرار المعتبر فهل تُسمَع الدعوى بعده؟ وقرَّر أن الإقرار بالرقّ لا حكمَ له لغلبة السفه وعدم المعرفة، وقيام أمارة الإكراه، مع غلبة الحرية ــ وهي الأصل ــ وندورِ الرقّ المتيقن. فعليه كلُّ مسترَق ادَّعى الحرية فالقول قوله بيمينه، سواء سبق منه إقرار بالرق
أم لا، إلّا أن يقيم مسترِقُّه بينةً برقِّه. وحذَّر المؤلف من التساهل في هذا الأمر، فإنه من أخطر الخطر، ثم قدَّم ما كتبه للإمام الإدريسي للنظر فيه. وأشار في آخره أنه أراد أن ينقل عبارات شرّاح المنهاج والمنهج والحواشي في أبواب مختلفة فلم تساعده العزيمة.
وقد بدأ الرسالة الثانية بذكر ضياع حقوق الله بين الناس وفُشوّ السوء والفحشاء بينهم، ومن ذلك ما شاع من بيع الأحرار وإكراههم على الإقرار. وربما يحضر بعض هؤلاء العبيد إلى القاضي فيدَّعي الحرية، أو تجيء شهادة حسبة، فلا يسمعها اعتمادًا على ظاهر كلام أهل المذهب. ونظرًا إلى أهمية هذا الموضوع نقل المؤلف هنا من أبواب مختلفة من المنهاج والتحفة والحاشية للشرواني لإيضاح هذا الحكم في الفقه الشافعي، ثم قدَّم ما كتبه للإمام الإدريسي للنظر والجزم بما تبرأ به الذمة، وهو بحمد الله من العلم والتحقيق بمرتبة الاجتهاد.
وذكر في أول الرسالة الثالثة أنه قد حمله على تأليفها ما طرأ على الناس من أحكام الأرقاء، وجرأة كثير من الناس على بيع الأحرار، مع إكراههم على الإقرار أو ترغيبهم به. ومع ذلك فإن بعض الحكَّام يقضي بمجرد الإقرار بالرقّ، ولا يقبل دعواه الحرية، ولا يسمع شهادة الحسبة. فأحبَّ المؤلف أن يذكر هنا عبارات كتب الفقه الشافعي، للردّ على هؤلاء القضاة، وتقرير ما يراه المؤلف من سماع البينة على الحرّية.
وفي أول الرسالة الرابعة ذكر أنه وقعت المذاكرة فيما اشتهر آنذاك في بعض البلدان من بيع الأحرار والاعتماد على الإقرار، وما يقضي به بعض الحكام من عدم سماع دعوى من أقرَّ بالرقّ إذا ادَّعى الحرية، وعدم سماع