المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[تعريف العام] (ثم العام بعده) إنما قال بعده؛ لأن الخاص بمنزلة - الكافي شرح أصول البزدوي - جـ ١

[الحسام السغناقي]

الفصل: ‌ ‌[تعريف العام] (ثم العام بعده) إنما قال بعده؛ لأن الخاص بمنزلة

[تعريف العام]

(ثم العام بعده) إنما قال بعده؛ لأن الخاص بمنزلة الجزء، والعام بمنزلة الكل، فيكون الجزء مقدمًا على الكل في الوجود، فكذا في الترتيب في الذكر، (ومعنى قولنا: من الأسماء يعني من المسميات)، وبهذا يحترز عن التسميات؛ لأن التسميات غير المسميات بالإجماع، وبقوله:(هنا) يحترز عن قولنا: إن لله تعالى أسماء الحسنى، فإن المراد منها التسميات لا المسميات، فإن الله تعالى غير متعدد، بل تسميته بالأسماء متعدد، وكذلك في قول الله تعالى:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}

وقوله: (وهو تفسير الانتظام) إنما ذكر هذا؛ لئلا يظن أنه من تتمة

ص: 206

الحد، ولا يستقيم ذكر كلمة "أو" في ذكر الحد؛ لأنها وضعت لتناول أحد المذكورين، فإن دخلت في الخبر أفضت إلى الشك، ومقام ذكر الحد مقام الخبر، والحد وضع لتعريف الماهية بدون الشك، فكان موضوع الحد على خلاف موضوع كلمة "أو" فلذلك لم يستقم ذكرها في موضع ذكر الحد.

أو نقول: تستعمل هي لتقسيم الأفراد، والتقسيم أيضًا ضد التحديد على ما هو المعروف، فلا يليق ذكرها في موضع الحد.

وقوله: (ونحوهما) كقوم، ورهط.

(انتهت إلى صفة العمومة) يعني أن الأول الزوجية كما كان لأدم عليه السلام، ثم قرابة الأبوة والنبوة، ثم قرابة العمومة، ثم حل النكاح بعدها، فكانت القرابة المحرمة للنكاح منتهية إلى صفة العمومة.

فإن قلت: في هذا سؤالان: أحدهما: لا نسلم أن العمومة منتهى القرابات، بل أولاد الأعمام أيضًا من الأقرباء، ولئن سلمنا أن المراد منه القرابة المقيدة بالحرمية لا نسلم تعين العمومة حينئذ لذلك، وهو السؤال

ص: 207

الثاني، فإن القرابة المقيدة بالحرمية كما تنتهي بالعمومية فكذلك تنتهي بالخؤولة، فلما تكن العمومية مستعينة في ذلك كيف قال:"انتهت إلى صفة العمومة"؟

قلت: المراد من قوله: "والقرابة إذا توسعت انتهت إلى صفة العمومة القرابة المحرمة للنكاح على ما ذكرنا، فلا يدخل حينئذ في هذا أولاد الأعمام.

وأما ما ذكرته أن أولاد الأعمام من الأقرباء أيضًا، فقلنا: لا نسلم ذلك شرعًا بدليل أن من أوصى لأقاربه فهي للأقارب من ذي رحم محرم منه، ولا يدخل فيه غير المحرم- أي على قول أبي حنيفة- رحمة الله.

فعلم بهذا أن القرابة مقيدة في الشرع بالمحرم من الأقارب.

وأما اختيار العمومة دون الخؤولة في حق انتهاء القرابة مع أنهما مستويتان في المحرمية؛ فلكون العمومة من أنساب الآباء. والاعتبار في النسب لجانب الآباء لما عرف في تقدير مهر المثل أن المعتبر فيه جانب الآباء لذلك.

(وهو كالشيء اسم عام)، ولا يقال: إن العام يتناول أفرادًا متفقة الحدود، وليس كل الأشياء متفقة الحدود بل فيها المتغايرات والمتضادات كالعرض، والجوهر، والحركة، والسكون، والحيوان، والجماد، فكان كل واحد منها مخالفًا للأخر حدًا وحقيقة، فكيف يكون اسم الشيء عامًا؟

ص: 208

لأنا نقول: إن كل الأشياء متفقة الحدود باعتبار قيام معنى الشيئية وهو الوجود في الجميع، فإن اسم الشيء يتناول الجوهر باعتبار الوجود لا باعتبار الجوهرية، فحينئذ كان متناولًا للعرض أيضًا؛ لأن العرض موجود، فكذلك سائر الأشياء موجودة، وإن كانت مختلفة في حقيقتها فيتناولها اسم الشيء على وجه العموم لاتحاد كلها في معنى الوجود، فكانت أفرادها متفقة الحدود؛ لأن معنى الوجود موجود في كل الأشياء، غير إن اسم الشيء كما يطلق على المخلوقات يطلق على ذات القديم لما عرف إلا أنه يطلق على المخلوقات بمعنى المشي، ويطلق على الله تعالى بمعنى الشائي؛ لأنه مصدر بصيغته، يقال شاء يشاء شياء ومشيئة، والمصدر يقع إطلاقه على اسم الفاعل، وعلى اسم المفعول.

(وهذا سهو منه أو مؤول؛ لأن المعاني لا تتعدد)، وهذا التعليل تعليل

ص: 209

لقوله: "سهو" يعني أن المعاني لا تتعدد إلا عند اختلاف تلك المعاني كما في أفراد المشترك؛ وهذا لأن أفراد المعنى الواحد وإن كانت كثيرة لا تكون معاني، كالعلم مثلًا، فإنه معنى واحد هو كونه نافيًا للجهل، والظن، والشك عمن قام هو به، وهذا معنى واحد، وإن كان له أفراد من علم الكلام، والفقه، والنحو، وغيرها.

فإن قيل: لفظ العرض يتناول الحركة، والسكون، والبياض، والسواد، وغير ذلك، وإنها معان، فعلى هذا يصح قوله:"أو المعاني"، قلنا: لفظ العرض لا يتناولها باعتبار كونها معاني، بل باعتبار معنى واحد، وهو معنى العرضية؛ لأن في الكل معنى العرض قائم.

(وتأويله أن المعنى الواحد لما تعدد محالة سمى معاني مجازًا) باعتبار تعدد المحال، فكأنه أراد من المعاني محال المعاني بطريق المجاز، لما أن إطلاق اسم الحال على المحل جائز مجازًا، كما في قوله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ} أي خذوا ثيابكم، ففيه إطلاق اسم الحال على المحل؛ لأن محل الزينة الثوب كما جاز عكسه، وهو في قوله تعالى:{عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أي عند كل صلاة، والمسجد محل الصلاة (لكن كان ينبغي أن يقول: والمعاني)؛ لأن المعاني حينئذ كانت معاني تلك الأسماء التي قال: ما ينتظم جمعًا من الأسماء".

ص: 210