الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب بيان تقسيم المأمور به في حكم الوقت]
قوله: (وأما المطلقة فنوع واحد)؛ لأن تنويعها بكون الوقت ظرفًا لها وسببا لوجوب وشرط للأداء أو معيارا أو مشكلا إنما ينشأ من كونها مؤقتة، وأما إذا لم تكن مؤقتة فلم تأت هذه الأشياء ولم يأت التنويع، بل كان في جميع الوقت أداء، ولم يكن الوقت سببا لها ولا ظرفًا ولا معيارًا ولا شرطًا للأداء.
قوله: (ظرفًا للمؤَّدي وشرطا للأداء).
فإن قيل قوله: شرطًا للأداء؛ مستغنى عنه؛ لأنه يُستفاد ذلك بقوله:
ظرفًا للمؤدي؛ فما فائدة ذكره؟
قلنا: لا نسلم ذلك؛ لأن قوله: شرطًا للأداء يغاير ظرفًا للمؤدَّي في المعنى؛ لأنه ظرف للمؤدَّي، والمؤدَّي غير الأداء فكانا غيرين.
والثاني- رُبَّ شيء يكون ظرفًا لشيء ولا يكون شرطًا لذلك الشيء، كالوعاء ظرف لما فيه وليس بشرط لوجوده؛ لأن يوجد بدون هذا الظرف فلا يلزم أن يكون شرطًا له، وبين هاهنا أن الوقت ظرفٌ للمؤدَّي وشرط للأداء، والأداءُ يختلف باختلاف صفة الوقت.
فإن قيل: أثر الوقت في نفس الوجوب لا في الأداء، وهذا لا يدل على كون الوقت سببًا.
قلنا: نعم إلا أنه لما خرج بالأداء الناقص عن العهدة. عُلم أن الوجوب قد صار ناقصًا بنقصان في موجبة وهو الوقت. ألا ترى أنه لو نذر، وقال: لله علىَّ أن أعتق رقبة، فأعتق رقبة مؤوفه بالزمانة أو بالعمى لا يخرج عن عهدة النذر. ولو قال: لله علىَّ أن أعتق هذه الرقبة وهي زَمنى أو عمياء فأعتقها يخرج من عهده النذر؛ لأنه أدَّاها كما أوجبها على نفسه.
فعلم أن الخروجَ بالناقص إنما كان لنقصانٍ في السبب، فكان دليلًا على
سببية الوقت.
(ويفسد التعجيل قبله) فإن قيل: ما فائدة هذا الوصف إذ في هذا الوصف يشترك السبب والشرط، فكيف ينهض للدلالة على السببية على الخصوص؟
قلنا: فيه فائدة التأكيد لقوله: يختلف باختلاف صفة الوقت، وهو وإن لم ينهض للدلالة على السببية بانفراده وهو مع ما ذكر قبله وهو قوله: والأداء يختلف باختلاف صفة الوقت؛ ينهضان للدلالة على السببية، والأولى فيه هو ما استوفيناه في ((الوافي))
وقوله: (وهذا القسم) إشارة إلى قوله: نوع جُعل الوقت ظرفا للمؤدي وشرطًا للأداء وسببًا للوجوب؛ وهو وقت الصلاة.
(نوع منها ما يضاف إلى الجزء الأول) أي تضاف السببية إلى الجزء الأولى على عرضية الانتقال لا على القرار بخلاف الجزء الأخير من الوقت والدليل على السببية أنه لو أدى الصلاة في أول الوقت يخرج عن عهده فرض الوقت.
وأما إذا لم يؤدّ فيه تنتقل السببية إلى الجزء الذي يليه، وكذا إلى الآخر، وعند الشافعي رحمه الله تتعين السببية في الجزء الأول على
وجه لا تسقط عن المكلف سببيته.
حتى إن المرأة إذا خاضت بعد ما مضى من الوقت قدر ما يسع فيه فرضيته.
لم يسقط عنها قضاؤه وعندنا إذا خاضت في الوقت سقط عنها فرضه وإن بقي شيء قليل، وهذا بناء على أصل وهو أن الخطاب بالأداء يتعجل في أول الوقت عند الشافعي، وأما عندنا فهو أن الجزء الأول من الوقت سبب للوجوب، فإدراكه يثبت حكم الوجوب وصحةُ أداء الواجب.
وهذا معنى ما نقل عن محمد بن شجاع رحمه الله أن الصلاة تجب
بأول جزء من الوقت وجوبا موسَّعا وهو الأصح، وأكثر العراقيين من مشايخنا ينكرون هذا، ويقولون: الوجوب لا يثبت بأول الوقت وإنما يتعلق الوجوب بآخر الوقت، ثم قال بعضهم: ما أدَّاه في أول الوقت نفل يمنع لزوم الفرض إياه في آخر الوقت كالوضوء قبل الوقت.
قال الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله وهذا غلط بين؛ لأنه لا تتأدَّى هذه الصلاة إلا بينة الظهر، والظهر اسم للفرض دون النفل، ولو نوى النفل لم يصح نيته في حق أداء الفريضة.
(والثاني - ما يضاف إلى ما يلي ابتداء الشروع) أي بطريق انتقال السببية من الجزء الأول إلى الثاني. يعني إن اتصل الأداء بالجزء الأول كان هو السببَ وإلا تنتقل السببيةُ إلى الجزء الثاني، ثم إلى الثالث إلى آخره.
(ونوع آخر ما يضاف إلى الجزء الناقص عند ضيق الوقت وفساده) وهو الجزء الذي تتعين فيه السببية؛ لأنه لم يبق بعده من آخر الوقت ما يحتمل انتقال السببية إليه.
(والنوع الرابع - ما يضاف إلى جملة الوقت) وهو في حالة القضاء.
(أن الوقت لما جعل سببًا لوجوبها وظرفًا لأدائها) إلى آخره.
فإن قيل: ما فائدة ذكر قوله: وظرفًا لأدائها؛ هاهنا مع أن مراد المصنف من هذا التقرير بيان أن الجزء من الوقت سبب لوجوب الصلاة لا كل الوقت، وهو يحصل بقوله: إن الوقت لما جعل سببًا لوجوبها لم يستقم أن يكون كل الوقت سببًان فعلم بهذا أنه لا فائدة في ذكر قوله: وظرفًا؛ هاهنا؟
قلت: بل في ذكره فائدة، وهي: أن وجوب الاقتصار على أدنى الأجزاء من أجزاء الوقت للسببية إنما نشأ من كون الوقت ظرفًا أيضًا للصلاة.
إذ لو لم يراع فيه جانب الظرفية لوجب أن يقال: إن وجوب الصلاة على المكلف إنما يتحقق بعد وجود الوقت بتمامه كما هو الأصل في سائر الأسباب. وهو في حالة القضاء لم يبق الوقت حينئذ ظرفًا للأداء.
فإن قلت: فعلى هذا كان ينبغي أن يذكر كون الوقت شرطًا للأداء أيضًا كما ذكر قبله هو أن الأداء يفوت بفواته.
قلت: أغنى عن ذكره ذكر الظرف، فإن كلًا منهما يقتضي أن يوجد المؤدى في الوقت.
(لم يستقم أن يكون كل الوقت سببًا؛ لأن ذلك يوجب تأخير الأداء عن وقته أو تقديمه على سببه).
بيان هذا أن الوقت سبب لما ذكر، وأن الوقت ظرف، فلو روعي فيه جهة السببية يلزم تأخير الأداء عن وقته؛ لأنه لا يتحقق المسبب ما لم يتحقق السبب بتمامه. لما أن المراد من السبب هنا العلة في حق العباد، فلما لم توجد العلة لا يوجد حكمها، وتمام السبب هنا إنما يكون بمضي الوقت، فلو روعي فيه جهة الظرفية حتى يحصل الأداء في الوقت يلزم تقديم الحكم على السبب؛ لأنه ليس لبعض السبب حكم السبب، فيكون الحكم متقدمًا على السبب حينئذ.
(وليس بعد الكل جزء مقدر) أي بعد ما خرج كل الوقت من أن يجعل سببًا لابد من اعتبار البعض، وليس البعض بأولى من البعض لعدم الأولوية، ولم يرد من الشارع جزء مقدر كالربع والثلث والنصف وغير ذلك بأنه سبب بدليل جواز الأداء قبل مضي الربع أو غيره، فوجب الاقتصار على الأدنى إذ
هو المراد بكل حال لصلاحيته للسببية، ولا دليل على الزائد على الجزء الواحد فتعين هو للسببية، فلذلك إذا أدى بعد مضي جزء من الوقت صح، وإن قل ذلك الجزء.
قوله: (الحائض إذا طهرت وأيامها عشرة أن الصلاة تلزمها إذا أدركت شيئًا من الوقت قليلًا) ولا تشترط قدرتها على أن تغتسل وتدرك شيئًا من الوقت.
بخلاف ما إذا كانت أيامها دون العشرة، وانقطع الدم عنها وأدركت شيئًا من الوقت إن أدركته بعد القدرة على الاغتسال، ثم بالإدراك تجب صلاة ذلك الوقت عليها وإلا فلا ولهذه الفائدة قيد بقوله:"وأيامها عشرة".
(لكنه لم يوجب الأداء للحال) خلافًا للشافعي فإن عنده يجب الأداء في الحال حتى ظهر أثره في حق الحائض، وقد ذكرناه.
(لأن الوجوب جبر من الله تعالى بلا اختيار من العبد)، وهذا تعليل لنفي لزوم الأداء في الحال، ولإثبات قوله: أفاد الوجوب بنفسه. بيانه أن أصل وجوب الشيء اشتغال الذمة به، ولا يراد به الفعل في الحال بدليل الوجوب على النائم والمغمى عليه والمجنون إذا انقطع الجنون والإغماء دون يوم وليلة.
ولا يجب الأداء عليهم إذ لو وجب لافتقر إلى القدرة التي يفتقر إليها الفعل، ولا قدرة لهؤلاء ولا فهم، وخطاب من لا يفهم بالأداء قبيح، وهذا لأن نفس الوجوب لشغل الذمة، ووجوب الأداء لتفريغ الذمة.
وتفريغ الذمة يستدعي ثبوت شغل الذمة، إذ تفريغ ما ليس بمشغول محال، فلذلك كان الخطاب بتفريغ الذمة حال تشغل الذمة محالًا كالرفع يقتضي سابقة الوضع، فالرفع حالة الوضع محال.
ولهذا قلنا فيمن قال: أنت طالق مع نكاحك، ثم تزوجها لم تطلق؛ لأن الطلاق رفع القيد والنكاح إثبات القيد، فرفع القيد حال ثبوت القيد محال، بل الرافع إنما يصح حال بقاء القيد، فكذلك هاهنا الخطاب بتفريغ الذمة إنما يصح في حال بقاء الشغل لا حال وجود الشغل.
ونفس الوجوب لما كان لشغل الذمة ولم يرد بها الفعل لم يقتض قدرة؛ لأن القدرة لتحصيل الفعل وليس في نفس الوجوب لزوم الفعل.
ألا ترى أن ابن يوم أهل لنفس الوجوب وليس بأهل للزوم الفعل.
وقال الإمام شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله وقلنا نحن: الأداء إنما يجب بالطلب.
ألا ترى أن الريح إذا هبت بثوب إنسان وألقته في حجر غيره والثوب ملك لصاحبه، ولا يجب على من في حجره أداؤه إليه قبل طلبه؛ لأن حصوله في حجره كان بغير صنعه، فكذلك هاهنا الوجوب تسببه كان جبرًا لا صنع للعبد فيه، فإنما يلزمه أداء الواجب عند طلب من له الحق، قد خيره من له الحق في الأداء ما لم يتضيق الوقت. يقرره أن وجوب الأداء لا يتصل بثبوت حكم الوجوب لا محالة، فإن البيع بثمن مؤجل يوجب الثمن في الحال. إذ لو كان وجوب الثمن متأخرًا إلى مضي الأجل لم يصح البيع؛ لأنه حينئذ يكون البيع بلا ثمن.
فعلم أن نفس الوجوب ثابت في الحال، ووجوب الأداء يكون متأخرًا إلى حلول الأجل، فهاهنا أيضًا وجوب الأداء يتأخر إلى توجه المطالبة.
وقوله: (ليس من ضرورة الوجوب تعجل الأداء) أي تعجل وجوب الأداء. هذا تقرير لما ذكرنا من بيان انفصال نفس الوجوب عن وجوب الأداء، وبيان أنهما لا يتلازمان (بل الأداء متراخ) أي بل وجوب الأداء متراخ بدليل ثبوت الثمن والمهر في ذمة ابن يوم، ولا خطاب ولا لزوم للفعل عليه.
(فأما الوجوب فبالإيجاب) أي الوجوب حكم إيجاب الله تعالى بسببه. كذا في "التقويم".
(ولهذا كانت الاستطاعة مقارنة للفعل) أي لأجل ما ذكرنا من المعنى وهو أن نفس الوجوب لا يفتقر إلى فعل المكلف وقدرته كانت الاستطاعة مقارنة للفعل، فكما أن نفس الوجوب لا يفتقر إلى فعل المكلف وقدرته، كذلك وجوب الأداء لا يفتقر إلى وجود الفعل والقدرة الحقيقية؛ لأن القدرة الحقيقية مقارنة للفعل، فنفس الوجوب ينفصل عن وجوب الأداء.
كذلك وجوب الأداء ينفصل عن وجود نفس الفعل والقدرة الحقيقية؛ لأن الوجود من وجوب الأداء غير مراد عند أهل السنة والجماعة. إذ لو كان مرادًا لوجد الإيمان من جميع الكفرة؛ لأنه يستحيل تخلف المراد عن إرادة الله تعالى، وتخلف المراد عن الإرادة عجز واضطرار، والله تعالى متعال عنه،
والكفار كلهم مخاطبون بالإيمان، ولم يوجد الإيمان منهم حال كفرهم.
وكذلك العبادات المفروضة على المؤمنين فإنهم مخاطبون بها ثم قد لا يوجد منهم، فثبت أن وجود الفعل غير مراد من وجود الخطاب، فحصل
من هذا كله أشياء ثلاثة: نفس الوجوب، ووجوب الأداء، ووجود الفعل، فنفس الوجوب بالسبب، ووجوب الأداء بالخطاب، ووجود الفعل بإرادة الله تعالى، لكن عدم الفعل من العبد بعد توجه الخطاب؛ لعدم إرادة الله تعالى إياه لا يكون حجة للعبد لأن ذلك غيب عنه، فكان العبد ملزمًا محجوبًا عليه بعد توجه الخطاب عليه عند سلامة الآلات وصحة الأسباب.
والتكليف يعتمد هذه القدرة؛ لأن الله تعالى أجرى العادة بخلق القدرة الحقيقية عند إرادة العبد الفعل ومباشرته إياه، ووجود الفعل يفتقر إلى هذه القدرة الحقيقية، فكان قوله:"ولهذا كانت الاستطاعة مقارنة للفعل" يتصل بقوله: "ليس من ضرورة الوجوب تعجل الأداء" لأن الاستطاعة مقارنة للفعل الذي يوجد من المكلف، فلو كان نفس الوجوب يوجب تعجل الأداء لكانت الاستطاعة مقارنة لنفس الوجوب.
وقوله (كثوب هبت به الريح) احتراز عن الغصب، (وفي مسألتنا لو يوجد المطالبة بدلالة أن الشرع خيره في وقت الأداء فلا يلزمه
الأداء. يعني أن التخيير ينافي المطالبة بالأداء.
فإن قلت: يشكل على هذا إذا حال الحول على نصاب رجل فإنه يطالب بالأداء مع أنه مخير في الأداء، حتى إذا فرط في الأداء ولم يؤد الزكاة حتى هلك النصاب كله سقط عنه الزكاة.
فبهذا يعلم أن التخيير لا ينافي المطالبة بل يجتمعان.
قلت: بل ينافي المطالبة بالأداء؛ لأن التخيير إثبات الخيار للمخاطب في أي وقت شاء يؤدي فيه، والمطالبة بالأداء إلزام على المخاطب بالأداء في أول الوقت الذي خاطبه بالأداء غير أن محل الواجب في الزكاة النصاب، والحق لا يبقى بعد فوات محله، كالعبد الجاني والعبد المديون إذا ماتا، والشقص الذي فيه الشفعة إذا صار بحرًا بطل خطاب المولى بالدفع أو الفداء وبطل حق الشفعة.
بخلاف ما نحن فيه، فإن الواجب على الذمة فكان ما نحن فيه كصدقة الفطر والحج، فإن محل الواجب فيهما ذمته لا ماله، وذمته باقية بعد هلال المال فيبقى الواجب لبقاء محله، فكذا فيما نحن فيه حتى إن في الزكاة إذا
مات المخاطب بعد حولان الحول قبل الأداء يبقى إثم التأخير أيضًا، لتحقق تقصيره خصوصًا على قول الكرخي، فإن وجوب الأداء في الزكاة بعد حولان الحول على الفور عنده، وفي رواية عن أبي يوسف- رحمه الله أيضًا.
(وتبين أن الوجوب حصل بأول الجزء خلافًا لبعض مشايخنا) وهو ما ذكرت قبل هذا أن أكثر العراقيين من مشايخنا ينكرون هذا، ويقولون: الوجوب لا يثبت بأول الوقت، وإنما يتعلق الوجوب بآخر الوقت، ويستدلون على ذلك بما لو حاضت المرأة في آخر الوقت، فإنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة إذا طهرت. كذا ذكره الإمام شمس الأئمة- رحمه الله.
ولكنا نقول: إن الوجوب يحصل بأول جزء من الوقت، لكن سببية ذلك الجزء لوجوب الصلاة على سبيل الزوال والانتقال لا على سبيل التقرر، وإنما يتقرر السببية للجزء الأخير من الوقت للمعنى الذي ذكرنا، وفائدة سببية الجزء الأول إنما تظهر في حق صحة الأداء، وعدم لزم القضاء على تلك المرأة، إنما كان لانعدام إدراكها للجزء المتقرر سببيته، وهي طاهر عن الحيض.
وقوله: (وأن الخطاب بالأداء) معطوف على قوله: إن الوجوب حصل بأول الجزء".
(ثم إذا انقضى الجزء الأول انتقلت السببية إلى الجزء الثاني ثم) وثم إلى الآخر؛ لأن الجزء الثاني جزء من الوقت كالجزء الأول، فيكون سببًا لعدم ما يزاحمه كالجزء الأول، فإنه كان سببًا لعدم ما يزاحمه.
ثم الجزء الأول حال وجود الجزء الثاني معدوم، والمعدوم لا يعارض الموجود، فإذا صار الجزء الثاني موجودًا قلنا بانتقال السببية غليه؛ لأن كون الجزء الأول سببًا كان بطريق الضرورة وهو عدم المزاحم، فإذا وجد المزاحم كان هو للسببية أولى لوجوده وعدم المزاحم.
ولعلمنا بأن كل جزء من الوقت صالح للسببية، ولأنه لو لم تنتقل السببية عن الجزء الأول إلى الثاني لا يخلو إما أن يضم إليه الجزء الثاني والثالث ويجعل الكل سببًا لا يجوز هذا؛ لأن المعدوم لا يجوز أن يكون جزءًا