الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تعريف الظاهر والنص]
{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} أي ما حل لكم {مِنَ النِّسَاءِ} وإنما قيد بهذا؛ لأن من النساء ما حرم نكاحهن كاللاتي في آية التحريم، وأريد بالطيب الحل؛ لأن الطيب هو المطلق شرعًا والمستلذ طبعًا، وهذا التأويل أولى من قولهم: أي ما أدركت من النساء؛ إذ لا فائدة في القيد بالإدراك لجواز نكاح الصغائر.
(ويسمى مجلس العروس منصة) - بفتح الميم- قال في المغرب: يقال: الماشطة تنص العروس- أي ترفعها- فتقعدها على المنصة- بفتح الميم- وهي كرسيها؛ لترى من بين النساء.
(لأنه سيق الكلام للعدد)؛ لأنه جعل العدد أصلًا وغير العدد كالخلف منه حيث قال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} بعد ما ابتدأ بقوله: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ولأن نفس جواز النكاح كانت معلومة قبل نزول هذه الآية بفعل النبي عليه السلام وبآيات أخر توجب جواز النكاح، ثم إن أحتمل تقدم هذه الآية على تلك الآيات فلا تحتمل تقدمها على فعل النبي عليه السلام، فإن نكاح خديجة رضي الله عنها كان قبل البعثة وقرر عليه، فكان هو بمنزلة النص الصريح في حق البيان بأنه جائز، فلم يكن جواز العدد مبينًا بغير هذه الآية، وفعله بتزوج التسع كان
هو مخصوصًا به، فلم يصلح فعله بيانًا للعدد في النكاح في حق الأمة، فتعين كون نزول هذه الآية لبيان العدد، فكان نصًا في حق بيان العدد بهذا الطريق لا محالة، وكانت الحاجة ماسة إلى علمه.
(نص للفص بين البيع والربا؛ لأنه سيق الكلام لأجله). بدليل سباق الآية وسياقها فقال في سباق الأيه: {الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ} ؛ لأنه بين الوعيد بما فعلوا وبما قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} فرد الله تعالى تسويتهم البيع بالربا حيث بين التفرقة بينهما بقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فأني يتساويان. يعني أن الحرمة مع الحل ضدان، والتسوية بين الضدين في الحكم مستحيلة.
وأما سياق الآية فقوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} أي يذهب ببركة
الربا فكان الربا مذمومًا بكل حال لحرمته، ثم إن الكفرة القائلين بتسوية البيع مع الربا في الحل جعلوا الربا بمنزلة الأصل في الحل، والبيع بمنزلة التبع في الحل حيث جعلوا الربا المقياس عليه في الحل والبيع بمنزلة المقياس فيه، فكان الربا في الحل أبلغ من البيع في اعتقادهم حيث قالوا:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} ولم يقولوا: إنما الربا مثل البيع، وكان هذا منهم غاية العناد والمكابرة، فإنهم يعلمون حرمة الربا في الأديان الماضية، ومع ذلك قالوا:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} مبالغين في حل الربا بالنسبة إلى حل البيع، فكان ذلك منهم معاندة، وإنما قلنا: إنهم كانوا يعلمون حرمة الربا؛ لأن حرمته كانت مشهورة في الأديان الماضية بدليل قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}
وكان شيخي- رحمه الله يقول: في هذه الآية دليل على أن القياس حجة؛ لأن الله تعالى رد عليهم وجود شرط صحة قياسهم، وهو المماثلة، ولم يرد قياسهم، فقال:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} يعني فأنى يتساويا، فقد نفي المساواة التي هي شرط صحة القياس، ولم يقل: قالوا إنما البيع مثل الربا فقد قاسوا، والقياس ليس بحجة.