المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[3 - دلالة النص] - الكافي شرح أصول البزدوي - جـ ١

[الحسام السغناقي]

الفصل: ‌[3 - دلالة النص]

شهرًا كالأجل المضروب للدينين. يعني إذا ظهر المنقض في أحدهما يبقى الباقي على حاله بكمال المدة.

[3 - دلالة النص]

(وأما الثابت بدلالة النص فما ثبت بمعنى النص لغة) أي كل من يعرف اللغة العربية يعرف الحكم الثابت بدلالة النص، فكان ذلك الحكم ثابتًا من حيث اللغة، فمعرفته غير متوقفة على الرأي والاستنباط.

(فالاجتهاد) بذل المجهود- وهو الطاقة- لنيل المقصود.

ص: 265

(والاستنباط): استفعال من النبط، وهو الركية التي أخرجها الحافز بكد عظيم، والعلم منه بمنزلة الماء؛ لأن فيه حياة الدين كما أن الماء حياة الأرض.

سمي الاجتهاد استنباطًا؛ لأن الوقوف على المعنى المؤثر متعسر، وهذا من ترشيح الاستعارة؛ لأن العلم لما كان ماء بطريق الاستعارة سمي استخراج المعنى المؤثر من النص استنباطًا ترشيحًا للاستعارة.

ألا ترى أن موضع التعليل يسمى مورد التعليل، وهو موضع ورود الماء من الوارد، وهم الذين يردون الماء. وكذلك سمي نقل العلم رواية، إلا أن رواية العلم من حد ضرب، والري في الماء من حد علم، وهما يشتركان في اسم الفاعل حيث يقال لكل منهما: راوٍ، والاشتراك في الحروف يوجب

ص: 266

الاشتراك في تقارب المعنى لما عرف في حروف الربح والكناية، وعن هذا أيضًا شبه النبي- عليه السلام العالم بالعين الفوارة في قوله:"إنما مثل العالم كالحمة تكون في الأرض يأتيها البعداء ويتركها الأقرباء، فبينا هم كذلك إذ غار ماءها فانتفع بها قوم وبقي قوم يتفكهون" الحمة: -بفتح الحاء- عين حارة الماء يستشفى بها المرضى والإعلاء، يتفكهون: أي يتندمون ويتعجبون من شأن أنفسهم، وما فرطوا فيه من طلب حظهم مع إمكانه

ص: 267

وسهولة مأخذه.

(فهذا فعل معلوم بظاهرة) وهو قوله: {أُفٍّ} مفهوم بمعناه أيضًا وهو الأذى، فإنه إنما كان حرامًا لكونه أذى فكان الأذى منهيًا عنه بمعنى النص بطريق اللغة، فصار من حيث المعنى كأنه قال: فلا تؤذهما، ولو قال هكذا كان الضرب والشتم حرامًا لوجود الإيذاء بهما، فكذا هنا من حيث المعنى. (كمعنى الإيلام من الضرب) يعنى لو قيل: لا تضرب كان يعلم منه النهي عن الإيلام، كما لو قال: لا تؤلم.

ألا ترى أنه لو حلف لا يضرب امرأته فنخنقها أو عضها أو مد شعرها حنث، كما لو حلف لا يؤلم امرأته.

ص: 268

وحاصله أن نص التأفيف أوجب حكمتين:

أحدهما- بظاهرة أي بعبارة النص، وهو حرمة التأفيف، فإن العبارة نطقت به.

والثاني- بدلاته، وهو حرمة الضرب والشتم، وكذلك قوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} أوجب حكمين: أحدهما- بعبارته، والثاني- بإشارته، حتى شارك فيه غير الفقهاء أهل الرأي والاجتهاد.

فإن قلت: والشافعي لم يعمل بوجوب الكفارة في الأكل العمد مع أن ذلك ثابت بدلالة النص؛ إذ القياس لا يجري في الكفارات، ففي هذا إخراج الشافعي عن كونه من أهل الاجتهاد، بل عن كونه من أهل اللغة فكان هو غير مدرك لدلالة النص مع كونه من أهل الاجتهاد ومن أهل اللغة، فما وجهه؟

قلت: قد أسلفت جواب هذا وما يشاكله في "الوافي".

ص: 269