الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعاني تلك الأسماء بحسب اختلاف المحل صارت كأنها جمع، ولكن لما لم تنفك تلك المعاني عن تلك الأسماء كان حقها أن يقال: والمعاني؛ لأن هذه المعاني ليست غير معاني تلك الأسماء، والواو للجمع، فلما لم تنفك معاني تلك الأسماء عن تلك الأسماء كان جمعًا بينهما، فكان حقها أن تذكر بالواو، وفي كلمة أو دلالة انفكاك المعاني عن أساميها، فلا يصح استعمال أو لذلك. (والصحيح أنه سهو)؛ لأن في التأويل تغيير كلمة "أو" على ما ذكرنا.
[تعريف المشترك]
(وأما المشترك) أي المشترك فيه، وهو أن يشترك مثلًا لفظ الشمس، ولفظ الينبوع، ولفظ الذهب في لفظ العين، فكانت هذه الألفاظ مشتركة ولفظ العين مشتركًا فيه، ثم اشتراك الأسامي في العين هو أن يقال: إن العين
إن كانت موضوعة لأسم الشمس ولأسم الينبوع ولأسم الذهب كان نظير اشتراك الأسامي، وإن كانت موضوعة لمعاني هذه الأسامي كان ذلك نظير اشتراك المعاني، هذا قول قيل به.
وأما الأوجه والأولى فهو أن يقال: المراد من اشتراك المعاني هو اشتراك الصفات والأفعال، مثل البائن حيث يشترك فيه البينونة والبيان والبين، وقد صرح به الإمام الأرسابندي- رحمه الله في"مختصر التقويم".
أو نقول: إن قوله: أنت بائن. يحتمل الصفات المختلفة، فإن كل واحد منها معنى من المعاني، وهي، البينونة من النكاح، والخيرات، والسرور، والأفعال الحميدة، والأفعال الذميمة، وغير ذلك، وكذلك النهل اشترك فيه الري والعطش، فكان فيه اشتراك المعاني، وإنما قلنا هذا أولى مما ذكر أولًا استدلالًا بتصريح الإمام الأرسابندي بهذا، وإشارة الإمام السر خسي. رحمهما الله. إليه، ولأن الاشتراك في الوجه الأول كان اشتراكًا في الأسامي لا غير، وذلك لأن لفظ الشمس مع معناها الذي هو لفظ: أفتاب ولفظ: كن بمنزلة الأسماء المترادفة.
فقلنا: بأن هذا الذي ذكرناه ثانيًا أولى ليبقى اسم المعنى على حقيقته؛ لأن اسم المعنى إنما يطلق على الاسم الذي ليس لمسماه جثة وهذا كذلك، فكان هذا أولى.
وقوله: (والقرء من الأسماء) إنما قال: من الأسماء؛ احترازًا عن القرء الذي هو مصدر؛ لأن ذلك ليس بمشترك، بل هو موضوع للجمع، وكذلك الفعل المشتق منه ليس بمشترك، يقال: ما قرأت الناقة سلا قرء قط. أي لم تجمع في رحمها ولدًا جمعًا، وقال الشاعر:
هجان اللون لم تقرأ جنينًا
أي لم تجمع جنينًا، والهجان من الإبل: البيض، ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع، يقال: بعير هجان، وناقة هجان.
(ولا عموم لهذا اللفظ) أب للفظ المشترك قيل هذا في موضع الإثبات.
........................................
كما في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}
وأما في موضع النفي فله عموم، كما في قوله تعالى:{وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} فالنهي واقع على العقد والوطء ولفظ النكاح مشترك بينهما، وكذلك لو حلف لا يكلم مولى فلان. يقع على ناصر فلان، ومعتقه، ومعتقه، وابن عمه.
وقيل: ذلك لا عموم في النفي أيضًا، بل لعدم رجحان أحدهما على الأخر.
وأما في موضع الإثبات فلا كلام فيه أنه لا عموم له؛ لأن اللفظ بمنزلة الكسوة والمعنى بمنزلة المكتسي، ولا يمكن أن يكتسي الشخصان كسوة واحدة في زمان واحد.
أو نقول: اللفظ بمنزلة القالب، والمعنى بمنزلة اللبن فيه، ولا يمكن يضرب أللبنان بملبن واحد.
أو نقول: اللفظ بمنزلة الراكب، والمعنى بمنزلة المركب، ولهذا يقال:
الأسماء المترادفة، وهي تنبئ عن أن يكون اللفظ راكبًا؛ لأن الرديف ما يردف الراكب والشخص الواحد لا يركب من مركبين دفعه واحده، فكذلك ها هنا لا يجوز أن يراد بلفظ واحد معنيان مختلفان بدفعة واحدة، بخلاف العام؛ لأن كل أفراد العام بمنزلة مكتس واحد، ولبنة واحدة، ومركب واحد، فكان اللفظ واحدًا والمعنى واحدًا فيجوز.
قوله: (يرجحان بعض وجوهه) ما قلنا في قوله تعالى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}
يرجح بعض وجوهه وهو الحيض بالتأمل في لفظه؛ لأن القرء في الأصل هو الجمع، وذلك إنما يتأتى حقيقة في الدم؛ لأنه هو المجتمع في الرحم، وباقي لتقرير ينظر في "الوافي".
وقوله: (أما المجمل) فذكر المجمل ها هنا وقع اتفاقًا لا قصدًا، بل وقع ذلك لإتمام بيان المشترك.
ألا ترى أن يذكر تفسير المجمل بعد هذا أيضًا (فما لا يدرك لغة المعنى زائد ثبت شرعًا) كالصلاة والزكاة والربا وغير ذلك، فإنه زيد على المعاني اللغوية في هذه الألفاظ في الشرع شيء أخر، فإن الصلاة لغة: عبارة عن الدعاء، والزكاة: عن الطهارة، والربا: عن الزيادة، ثم نفس الدعاء والطهارة والزيادة غير مراده ها هنا، بل المراد منها هذه المعاني مع شيء أخر زيد عليها شرعًا لا يدرك ذلك الشيء لغة.
ألا ترى أن الربا في اللغة: عبارة عن الزيادة، ونفس الزيادة غير مراده بقوله تعالى:{وَحَرَّمَ الرِّبَا} فإن البيع ما وضع إلا للاستثمار وزيادة المال، علم أن المراد منه الزيادة المكيفة، وذلك لا يدرك لغة.
(أو لانسداد باب الترجيح لغة) مثل قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ