المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌محمد بدر الدين الغزيري - الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة - جـ ٣

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌الطبقة الثالثة

- ‌المحمدون

- ‌محمد بدر الدين الغزيري

- ‌محمد بن الحصكفي

- ‌محمد بن محمد الإعزازي

- ‌محمد بن محمد أحد الموالي الرومية محمد بن محمد بن محمد أحد الموالي

- ‌محمد بن محمد الرملي محمد بن محمد بن أبي الفضل، الشيخ جلال الدين الرملي

- ‌محمد بن محمد القاضي محب الدين

- ‌محمد بن محمد البهنسي

- ‌محمد بن محمد المقدسي

- ‌محمد بن محمد الصالحي

- ‌محمد بن محمد بن بركات

- ‌محمد بن محمد بن خطاب الحنبلي

- ‌محمد بن محمد الصمادي

- ‌محمد بن محمد الحلبي

- ‌محمد أبو الفتح المالكي

- ‌محمد بن محمد بن علوان

- ‌محمد بن محمد المشرقي

- ‌محمد بن محمد بن الفرفور

- ‌محمد بن محمد جودي زاده

- ‌محمد بن محمد البروسوي محمد بن محمد بن عمر الشيخ، محيي الدين الأنطاكي

- ‌محمد بن محمد بن معلول

- ‌محمد بن محمد البصروي

- ‌محمد بن محمد العرة

- ‌محمد بن محمد الزغبي

- ‌محمد بن محمد المولى أبو السعود

- ‌محمد بن محمد بن ولي الدين الفرفور

- ‌محمد بن القاصوني

- ‌محمد بن محمد بن الدهان

- ‌محمد بن محمد الأيجي

- ‌محمد بن محمد بن عماد الدين

- ‌محمد بن محمد بن أبي الفضل القصير

- ‌محمد بن إبراهيم الشغري

- ‌محمد بن إبراهيم المعروف بابن الحنبلي

- ‌محمد بن إبراهيم ابن عم العيثاوي

- ‌محمد بن أحمد الصفدي بن الحمراوي

- ‌محمد بن أحمد النهرواني

- ‌محمد بن أحمد الطرابلسي

- ‌محمد أفندي المعروف بشيخ كمال

- ‌محمد بن أحمد الداخل المنشد

- ‌محمد بن أحمد الغيطي

- ‌محمد بن أحمد بن أبي الجود

- ‌محمد بن أحمد بن مرحبا

- ‌محمد بن أمر الله التوقاني

- ‌محمد بن حسن الجنابي

- ‌محمد بن حسن السعودي

- ‌محمد بن حسين الإسطواني الحنبلي

- ‌محمد أبو الصفا الأسطواني الحنبلي

- ‌محمد سعد الدين الجباوي

- ‌محمد بن درهم ونصف

- ‌محمد بن خليل بن قنبر

- ‌محمد بن خليل قيصر الحنبلي

- ‌محمد بن سنان أحد الموالي الرومية

- ‌محمد بن صلاح مصلح الدين اللاري

- ‌محمد بن عبد الله بهاء الدين المصري

- ‌محمد بن عبد الرحمن العلقمي

- ‌محمد بن عبد الرحمن بن الفرفور

- ‌محمد بن عبد الكريم الرومي

- ‌محمد بن عبد الوهاب العاتكي الأبار

- ‌محمد بن عبد الرحيم أبو خليل

- ‌محمد بن عبد العال الحنفي

- ‌محمد بن عبد القادر بن جماعة

- ‌محمد بن علي بن الطباخ

- ‌محمد بن علي الشبشيري

- ‌محمد بن علي التروسي

- ‌محمد بن علي القابوني

- ‌محمد بن علي الجوبري

- ‌محمد بن علي البكري الصديقي

- ‌محمد بن عمر ابن الشيخ عمر العقيبي

- ‌محمد بن عمر القصير

- ‌محمد بن أبي الوفاء بن الموقع

- ‌محمد بن مبارك القابوني

- ‌محمد بن محمود الطنيخي

- ‌محمد بن مسلم التونسي

- ‌محمد بن يحيى الأيدوني

- ‌محمد بن يوسف الشفري

- ‌محمد بن يوسف الطبيب

- ‌محمد إمام جامع المسلوت

- ‌محمد العاتكي

- ‌محمد بن الجعيدي

- ‌محمد الأبار

- ‌محمد بن المناديلي

- ‌محمد التونسي الطبلني

- ‌محمد الأبري

- ‌محمد القابوني

- ‌محمد المناشيري

- ‌محمد العسكري

- ‌محمد التلعفري

- ‌محمد بن الهمام

- ‌محمد باشا الوزير

- ‌محمد بن الدهانة المنيني

- ‌محمد الخطيب الشربيني

- ‌محمد الزغبي

- ‌محمد الصفدي

- ‌محمد الدمنهوري

- ‌محمد السنهودي

- ‌محمد الشيشيني

- ‌محمد المغربي

- ‌محمد المحلي

- ‌محمد الإمام

- ‌محمد البنوفري

- ‌محمد بن الرسام

- ‌محمد بن الخيوطي

- ‌محمد إمام القلعة

- ‌محمد الفارضي الحنبلي

- ‌محمد لطفي بيك

- ‌محمد بن طريف الحنبلي

- ‌حرف الهمزة من الطبقة الثالثة

- ‌إبراهيم بن محمد التسلي

- ‌إبراهيم بن محمد بن محب الدين

- ‌إبراهيم بن محمد القدسي

- ‌إبراهيم بن جعفر الرومي

- ‌إبراهيم بن عبد الرحمن العلقمي

- ‌إبراهيم بن محمد العاتكي

- ‌إبراهيم بن عبد القادر بن منجك

- ‌إبراهيم بن عمر بن مفلح الحنبلي

- ‌إبراهيم بن يحيى بن الدويك

- ‌إبراهيم الصرخدي

- ‌إبراهيم بن المبلط

- ‌أبكر اليمني

- ‌أبو بكر بن الذباح الحنبلي

- ‌أبو بكر الأربلي

- ‌أبو بكر الفتوحي بن النجار الحنبلي

- ‌أبو بكر بن محمد الصهيوني

- ‌أبو بكر بن أحمد الحلبي الجلومي

- ‌أبو بكر بن منجك

- ‌أبو بكر بن محمد بن الموقع

- ‌أبو بكر بن علي بن الحصين

- ‌أبو بكر بن وفاء المجذوب الحلبي

- ‌أبو بكر البعلي الحنبلي

- ‌أبو بكر الجبرتي

- ‌أبو الصفاء ابن الإسطواني

- ‌أبو الفتح الأسطواني

- ‌أحمد بن محمد الأكرم

- ‌أحمد بن محمد بن شريح

- ‌أحمد بن محمد المستوفي

- ‌أحمد بن محمد الكفرسوسي

- ‌أحمد بن محمد الغزي

- ‌أحمد بن محمد قاضي زاده. أحمد بن محمد المولى شمس الدين الألوسي، الحنفي

- ‌أحمد بن محمد القاري

- ‌أحمد بن محمد الحصكفي ابن المنلا

- ‌الشيخ شهاب الدين الرملي

- ‌أحمد بن الموقع

- ‌أحمد بن حجر الهيثمي

- ‌أحمد بن أحمد المكفناتي

- ‌أحمد بن أحمد الطيبي

- ‌أحمد بن أحمد الطييي

- ‌أحمد بن حسن المعروف بحسن بك

- ‌أحمد بن أحمد بن عبد الحق

- ‌أحمد بن تمراز الطرابلسي

- ‌أحمد المعروف بنوري أفندي

- ‌أحمد بن بهاء الدين القابوني

- ‌أحمد بن حسن البقاعي

- ‌أحمد بن صلاح الدين الباعوني

- ‌أحمد بن عبد القادر بن التينة

- ‌أحمد النعيمي

- ‌أحمد القصيري

- ‌أحمد الدجاني

- ‌أحمد الشلاح

- ‌أحمد بن مفلح

- ‌أحمد الفلوجي

- ‌أحمد بن قاسم العبادي

- ‌أحمد بن حامد

- ‌أحمد القابوني

- ‌أحمد البعلي النحلي

- ‌أحمد بن يحيى بن كريم الدين

- ‌أحمد الأيدوني

- ‌أحمد المستوفي

- ‌أحمد الكردي

- ‌أحمد الزهيري

- ‌أحمد الموصلي

- ‌أحمد العميقي

- ‌أحمد بن المعمار

- ‌أحمد بن مرحبا

- ‌أسد بن أميرهم

- ‌أسد الشيرازي

- ‌إسلام

- ‌إسماعيل الجلجولي

- ‌إسماعيل النابلسي

- ‌إسماعيل شاه سلطان العجم

- ‌حرف الباء الموحدة من الطبقة الثالثة

- ‌بركات بن محمد الباقاني

- ‌بركات شقير المؤقت

- ‌برويز بن عبد الله

- ‌حرف التاء المثناة خال

- ‌حرف الثاء المثلثة خال

- ‌حرف الجيم من الطبقة الثالثة

- ‌جعفر باشا

- ‌جان بلاط

- ‌جلال السيد الشريف

- ‌حرف الحاء المهملة من الطبقة الثالثة

- ‌حامد بن داود

- ‌حسن السعدي

- ‌حسن الصفدي

- ‌حسن بن نصير

- ‌حسن أحد الموالي الرومية

- ‌حسن بن يوسف

- ‌حسن السهاوي

- ‌حسن بن محمد بن حمزة

- ‌حسن القطناني

- ‌حسين بن الحصكفي

- ‌حسين أحد الموالي الرومية

- ‌حسين بن النصيبي

- ‌حسين المكي

- ‌حمدان القدسي

- ‌حمزة الترجمان

- ‌حرف الخاء المعجمة من الطبقة الثالثة

- ‌خالد بن أبي بكر

- ‌خضر خطيب دمشق

- ‌خطاب الضرير

- ‌خضر أفندي

- ‌خليل الحلبي

- ‌حرف الدال المهملة من الطبقة الثالثة

- ‌داود بن علي اليماني

- ‌داود الضرير الطبيب

- ‌درويش باشا ابن رستم باشا

- ‌حرف الراء من الطبقة الثالثة

- ‌رحمة الله السندي

- ‌رشيد بن محمد التونسي

- ‌رمضان أفندي ناظر زاده

- ‌حرف الزاي من الطبقة الثالثة

- ‌زكريا بن بيرام

- ‌زين بن نجيم

- ‌زين العابدين الطبيب

- ‌زينب الغزية

- ‌حرف السين المهملة من الطبقة الثالثة

- ‌السلطان سليم

- ‌السلطان بن سليم

- ‌سليمان باشا ابن قباد

- ‌سنان آغا ابن عبد الله

- ‌حرف الشين المعجمة من الطبقة الثالثة

- ‌شمس باشا

- ‌شيخي جلبي

- ‌شيخ زاده

- ‌حرف الصاد المهملة من الطبقة الثالثة

- ‌صالح بن أحمد اليماني

- ‌صالح القاضي

- ‌صلاح الدين الكتبي

- ‌صلاح الدين الحلبي

- ‌حرف الضاد المعجمة من الطبقة الثالثة خال

- ‌حرف الطاء المهملة من الطبقة الثالثة خال

- ‌حرف الظاء المعجمة من الطبقة الثالثة خال

- ‌حرف العين المهملة من الطبقة الثالثة

- ‌عبد الله الشنشوري

- ‌عبد الله الرملي

- ‌عبد الله ابن الأطعاني

- ‌عبد الله بن المصطاكي

- ‌عبد الله بن الفرفور

- ‌عبد الله بن الدرة

- ‌عبد الباسط العلماوي

- ‌عبد الرحمن البتروني

- ‌عبد الرحمن بن الفرفور

- ‌عبد الرحمن الصيداوي

- ‌عبد الرحمن الأماسي

- ‌عبد الرحمن الدمشقي

- ‌عبد الرحمن البيروتي

- ‌عبد الصمد بن إبراهيم

- ‌عبد العزيز الزمزمي

- ‌عبد العزيز اليمني

- ‌عبد العزيز الحنفي

- ‌عبد الغني بن مير شاه

- ‌عبد الفتاح أفندي

- ‌عبد القادر الفاكهي

- ‌عبد القادر المرشدي

- ‌عبد القادر الطرابلسي

- ‌عبد القادر النعيمي

- ‌عبد القادر بن النجار

- ‌عبد القادر بن العنبري

- ‌عبد الكريم بن المنلا

- ‌عبد الكريم الوارداري

- ‌عبد اللطيف بن منجك

- ‌عبد اللطيف ابن الباشا

- ‌عبد اللطيف بن الكيال

- ‌عبد اللطيف بن المزلق

- ‌عبد المجيد بن الكيال

- ‌عبد النافع الدمشقي

- ‌عبد النبي المقدسي

- ‌عبد الوهاب بن محمد

- ‌عبد الوهاب العاتكي

- ‌عبد الوهاب العسكري الحنبلي

- ‌عبد الوهاب الحلبي

- ‌عبد الوهاب بن ذوقا الشعراني

- ‌عبد الوهاب بن الصلتي

- ‌عبيد بن عمر العيثاوي

- ‌عثمان بن أحمد الحوراني

- ‌عثمان باشا الوزير

- ‌علي بن محمد بن حمزة

- ‌علي بن محمد العسيلي

- ‌علي بن أحمد البغدادي الحنبلي

- ‌علي بن أحمد القرافي

- ‌علي بن إسماعيل بن عماد الدين الشافعي

- ‌علي بن إسرافيل قنالي زاده

- ‌علي ابن أمير الشيرازي

- ‌علي بن بيوم النقطجي

- ‌علي بن صدقة

- ‌علي بن النبك

- ‌علي المقشاتي

- ‌علي الصالحي

- ‌علي السنفي

- ‌علي دفتر دار الشام

- ‌علي بن سنين

- ‌علي بن موسى الحرفوشي

- ‌علي الجيزي

- ‌علي بن يوسف الرومي

- ‌علي الطحلاوي

- ‌علي الطندتاي

- ‌علي جلبي الحمصي

- ‌عمر سلطان

- ‌عمر بن محمد الكفرسوسي

- ‌عمر بن الموقع

- ‌عمر بن يوسف الحيسوب الحسني

- ‌عمر السرايري

- ‌عمر المرعشي

- ‌عمر الرسام

- ‌حرف الغين المعجمة من الطبقة الثالثة

- ‌غنيم المالكي

- ‌حرف الفاء من الطبقة الثالثة

- ‌فرهات باشا

- ‌حرف القاف من الطبقة الثالثة

- ‌قاسم الجبرتي

- ‌قاسم القواس

- ‌قاسم القادري

- ‌قاسم المغربي

- ‌قاسم بن كلستان

- ‌قانصوه الجركسي

- ‌قانصوه الغزاوي

- ‌قباد باشا أمير حلب

- ‌قودر أفندي

- ‌حرف الكاف من الطبقة الثالثة خال

- ‌كمال الدين الحمراوي

- ‌حرف اللام من الطبقة الثالثة خال

- ‌حرف الميم من الطبقة الثالثة

- ‌محمود بن محمد الطرابلسي

- ‌محمود الجالقي

- ‌محمود الصلتي

- ‌محمود التركماني

- ‌مراد باشا نائب

- ‌مسعود المغربي

- ‌مصطفى العجمي

- ‌مصطفى باشا والي الشام

- ‌معروف الصهيوني

- ‌مفتاح الحبشي

- ‌منجك بن أبي بكر

- ‌منصور بن محب الدين

- ‌منصور الشراباتي

- ‌منصور خطيب السقيفة

- ‌منصور المنشد

- ‌موسى بن القيصر

- ‌موسى الحجاوي الحنبلي

- ‌موسى القابوني

- ‌موسى القبيباتي

- ‌موسى المغربي

- ‌موسى الكناوي

- ‌موسى بن يوسف

- ‌موسى المصري الحنبلي

- ‌حرف النون من الطبقة الثالثة

- ‌نصوح الواعظ

- ‌نوح بن محمد الأماسي

- ‌حرف الهاء من الطبقة الثالثة خال

- ‌حرف الواو من الطبقة الثالثة خال

- ‌حرف اللام ألف من الطبقة الثالثة خال

- ‌حرف الياء من الطبقة الثالثة

- ‌يحيى بن محمد الصفدي

- ‌يحيى بن عبد القادر النعيمي

- ‌يحيى بن المقرىء

- ‌يحيى السايس

- ‌يحيى بن الطرابزوني

- ‌يوسف الأسعردي

- ‌يوسف السنبكي

- ‌يوسف بن حسن

- ‌يونس بن العيثاوي

- ‌يونس الزبال

الفصل: ‌محمد بدر الدين الغزيري

‌الطبقة الثالثة

من الكواكب السائرة، في مناقب أعيان المائة العاشرة، فيمن وقعت وفاتهم من الأحقاء بالوصف من أول سنة سبع وستين إلى تمام سنة ألف

‌المحمدون

‌محمد بدر الدين الغزيري

محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بدر بن عثمان بن جابر الشيخ الإمام، العالم العلامة، المحقق المدقق الهمام، شيخ الإسلام، والمسلمين، حجة الله على المتأخرين، المجمع على جلالته، وتقدمه، وفضله، الذي سبق من بعده، ولم يفته من تقدم من قبله، روح هذه الطبقة، وعين هذه الحلبة، بل البارع في الطبقة الأولى، والسابق في الثانية، شيخ أهل السنة، وإمام الفرقة الناجية، الجامع بين الشريعة والحقيقة، والقامع لمن حاد عن جادة الطريقة، الحائز قصبات السبق في تحقيق العلوم الشرعية، وتدقيق الفنون العقلية، والنقلية، الفقيه المفسر المحدث النحوي المقرىء الأصولي النظار، القانع الخاشع الأواه، ولي الله العارف بالله، الداعي إلى الله، أبو البركات بدر ابن القاضي، رضي الدين الغزي، العامري، القرشي، الشافعي والدي - رضي الله تعالى عنه

ص: 3

وأعاد علينا، وعلى المسلمين من بركاته، وجمع بيننا، وبينه في مقعد الصدق، ودرجاته. كان ميلاده في وقت العشاء ليلة الإثنين رابع عشر ذي القعدة الحرام سنة أربع وتسعمائة. وحمله والده إلى الشيخ العارف بالله تعالى القطب الكبير سيدي الشيخ أبي الفتح محمد بن محمد بن علي الإسكندري، ثم المزي العوفي، الشافعي، الصوفي فألبسه خرقة التصوف، ولقنه الذكر، وأجاز له بكل ما يجوز له، وعنه روايته، وهو دون السنتين، وأحسن والده تربيته، وهو أول من فتق لسانه بذكر الله تعالى، ثم قرأ القرآن العظيم على المشايخ الكمل الصالحين، الفضلاء النبلاء البارعين، الشموس محمد البغدادي ومحمد بن السبكي، ومحمد النشائي، ومحمد اليماني والشيخ سمعة القاري وجود عليه القرآن العظيم، وعلى الشيخ العلامة بدر الدين علي بن محمد السنهودي بروايات العشرة، وعلى الشيخ نور الدين علي الأشموني المقرىء، والشيخ شمس الدين محمد الدهشوري بحق أخذ هؤلاء الثلاثة عن العلامة ابن الجزري، ثم لزم في الفقه، والعربية، والمنطق، والده الشيخ العلامة رضي الدين، وقرأ في الفقه على شيخ الإسلام تقي الدين أبي بكر ابن قاضي عجلون وكان معجباً به يلقبه شيخ الإسلام، وأكثر انتقاعه بعد والده عليه، وسمع عليه في الحديث، ثم أخذ الحديث، والتصوف على الشيخ العارف بالله تعالى بدر الدين حسن ابن الشويخ المقدسي. ثم رحل مع والده إلى القاهرة، فأخذ عن شيخ الإسلام بها القاضي زكريا. وأكثر انتفاعه في مصر به والبرهان بن أبي شريف، والبرهان القلقشندي والقسطلاني صاحب المواهب اللدنية، وغيرهم، وبقي في الاشتغال بمصر مع والده نحو خمس سنوات، واستجاز له والده قبل ذلك من الحافظ جلال الدين الأسيوطي، وبرع، ودرس وأفتى، وألف وشيوخه أحياء فقرت أعينهم به وجمعه والده بجماعة من أولياء مصر وغيرها، والتمس له منهم الدعاء كالشيخ عبد القادر الدشطوطي، وسيدي محمد المنير الخانكي، وأخبرني الشيخ أحمد ابن الشيخ سليمان الصوفي القادري، وهو ممن أخذ عن الشيخ الوالد أن والده الشيخ رضي الدين، اجتمع بالقطب في بيت المقدس فسأله عن والده الشيخ بدر الدين، وهو صغير فقال له: عالم، ثم سأله عنهم مرة أخرى فقال له: عالم، ثم سأله عنه في المرة الثالثة فقال له: عالم ولي. قال الشيخ رضي الدين: فاطمأن قلبي عليه حين قال لي عالم ولي ثم لما رجع مع والده من القاهرة إلى دمشق، ودخلها في رجب سنة إحدى وعشرين وتسعمائة بعد ما برع بمصر ودرس، وألف ونظم الشعر كان أول شعر نظمه وهو ابن ست عشرة سنة قوله:

ص: 4

يارب يارحمان يا الله

يامنقذ المسكين من بلواه

أمنن علي وجد بما ترضاه

بجزيل فضل منك يا الله

تصدر بعد عوده من القاهرة للتدريس، والإفادة، واجتمعت عليه الطلبة، وهو ابن سبع عشرة سنة، واستمر على ذلك إلى الممات مشتغلاً في العلم تدريساً، وتصنيفاً، وإفناء ليلاً ونهاراً، مع الاشتغال بالعبادة، وقيام الليل، وملازمة الأوراد وتولى الوظائف الدينية كمشيخة القراء بالجامع الأموي، وإمامة المقصورة، ودرس بالعادلية، ثم بالفارسية، ثم الشامية البرانية، ثم المقدمية، ثم التقوية، ثم جمع له بينها، وبين الشامية الجوانية، ومات عنهما، وانتفع به الناس طبقةً بعد طبقة، ورحلوا إليه من الآفاق، ولزم العزلة عن الناس في أواسط عمره لا يأتي قاضياً، ولا حاكماً، ولا كبيراً، بل هم يقصدون منزله الكريم للعلم، والتبرك، وطلب الدعاء، إذا قصده قاضي قضاة البلدة، أو نائبها لا يجتمع به إلا بعد الاستئذان عليه والمراجعة في الإذن، وقصده نائب الشام مصطفى باشا فلم يجتمع به إلا بعد مرات، فلما دخل عليه قبل يده، والتمس منه الدعاء فقال له: ألهمك الله العدل، ولم يزده على ذلك فكرر طلب الدعاء، فلم يزده على قوله: ألهمك الله العدل، وكانت هذه دعوته لكل من قصده من الحكام. واستأذن عليه درويش باشا نائب الشام فلم يأذن له إلا في المرة الثالثة فقبل يده ورجله، وأشار إليه الشيخ أن يجلس معه على فراشه فأبى درويش باشا وجلس بين يديه، وطلب منه الدعاء فقال له: ألهمك الله العمل، وأوصاه بالرعية وقال له: الباشا يا سيدي ماذا تسمعون عني. فقال الظلم بلغني أن صوباشيك ضرب إنساناً في تعزير حتى مات، وضرب آخر فبالغ في ضربه فاستغاث بالله، واستجار برسوله صلى الله عليه وسلم فلم يخل عنه فقال له بحياة رأس درويش باشا فخلى عنه وهذا يدل على كفر كامن في قلبه، وعتو وتجبر، فأمر درويش باشا برفع صوباشيه في الحال وغضب عليه وجاء بعد ذلك الصوباشي إلى الشيخ فزجره، وطرده، وكان الشيخ، لا يأخذ على الفتوي شيئاً بل سد باب الهدية مطلقاً خشية أن يهدي إليه من يطلب منه إفادة، أو فتوى شفاعة، فلم يقبل هدية إلا من أخصائه، وأقربائه، وكان يكافىء على الهديه أضعافاً، وكان يعطي الطلبة كثيراً، ويكسوهم، ويجري على بعضهم، وإذا ختم كتاباً تدريساً، أو تصنيفاً، أولم وجعل ختماً حافلاً، ودعا أكابر الناس إليه، وفقراءهم، ثم أضافهم، وساوى في ضيافته بين الفقراء، والأمراء، وأحسن إلى الطلبة، وكان يحب الصوفية، ويكرمهم، وإذا سمع شيئاً مما ينكره الشرع بعث إليهم، ونصحهم، ودعاهم إلى الله تعالى، وكانوا يمتثلون أمره ويقتدون به، وكان إذا ورد إلى دمشق طالب علم أو فقير سأل الشيخ عنه، واستدعاه وأكرمه وأحسن إليه، وإن كان من أرباب الأحوال، ومظنات البركة سأله الدعاء له ولأولاده، وكان يضاعف نفقته في رمضان، ويدعو إلى سماطه كل ليلة منه جماعة من أهل العلم. وأهل

ص: 5

الصلاح، والفقراء، ويجلس معهم على السماط، وأما طلبته الذين حملوا عنه العلم، فقد جمعهم في فهرست، ثم لم يجمع إلا خيرة منهم، فذكرت منهم جماعة في الكتاب الذي أفردته لترجمته ممن ذكرهم في فهرسته، وممن لم يذكرهم، وهم كثيرون، وممن أخذ عنهم الحديث وغيره من قضاة دمشق، وغيرهم من الموالي قاضي القضاة محمد أفندي المعروف بجوي زاده، وقاضي القضاة محمد أفندي بن بستان، وكل منهم صار مفتياً بالتخت السلطاني العثماني والمفتيان بدمشق ابن العبد، وفوزي أفندي في جماعة آخرين، وهؤلاء كانوا يفتخرون بالشيخ، وأخذهم عنه، وأما من أخذ عنه من أجلاء مصر، والشام فكثيرون تضمن أكثرهم الكتاب المذكور، وأما تصانيف الشيخ في سائر العلوم فبلغت مائة وبضعة عشر مصنفاً ذكرتها في الكتاب المذكور، ومن أشهرها، التفاسير الثلاثة المنثور، والمنظومان، وأشهرها، المنظوم الكبير، في مائة ألف بيت، وثمانين ألف بيت وحاشيتان على شرح المنهاج للمحلي وشرحان على المنهاج كبير وصغير، ساير فيه المحلي، وزاد فيه أكثر من الثلث مع الإشارة فيه إلى نكت الحاشية، وهو في حجم المحلي أو دونه، وكتاب " فتح المغلق في تصحيح ما في الروضة من الخلاف المطلق "، وكتاب " التنقيب، على ابن النقيب "، وكتاب " البرهان الناهض، في نية استباحة الوطء للحائض " وشرح " خاتمة البهجة " وكتاب " الدر النضيد، في أدب المفيد والمستفيد، ودروس على طائفة من شرح الوجيز للرافعي والروضة والتذكرة الفقهية وشرحان على الرحبية وتفسير آية الكرسي

وثلاثة شروح على الإلفية، في النحو منظومان، ومنثور، وكتاب شرح الصدور، بشرح الشذور وشرح على التوضيح لابن هشام، وشرح شواهد التلخيص في المعاني، والبيان، لخص فيه شرح السيد عبد الرحم العباسي، واللمحة، في اختصار الملحة ونظم الجرومية، وهو أول تأليفه وشرح الملحة مختصر وكتاب أسباب النجاح، في آداب النكاح، وكتاب فصل الخطاب، في وصل الأحباب، ومنظومة في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، ومنظومة في خصائص يوم الجمعة، وشرحها، ومنظومة في موافقات سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه للقرآن العظيم وشرحها، والعقد الجامع، في شرح الددر اللوامع نظم جمع الجوامع في الأصول لوالده وغير ذلك، وشعره في غاية الحسن، والقوة، وأكثره في الفوائد العلمية ومنه: ثة شروح على الإلفية، في النحو منظومان، ومنثور، وكتاب شرح الصدور، بشرح الشذور وشرح على التوضيح لابن هشام، وشرح شواهد التلخيص في المعاني، والبيان، لخص فيه شرح السيد عبد الرحم العباسي، واللمحة، في اختصار الملحة ونظم الجرومية، وهو أول تأليفه وشرح الملحة مختصر وكتاب أسباب النجاح، في آداب النكاح، وكتاب فصل الخطاب، في وصل الأحباب، ومنظومة في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، ومنظومة في خصائص يوم الجمعة، وشرحها، ومنظومة في موافقات سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه للقرآن العظيم وشرحها، والعقد الجامع، في شرح الددر اللوامع نظم جمع الجوامع في الأصول لوالده وغير ذلك، وشعره في غاية الحسن، والقوة، وأكثره في الفوائد العلمية ومنه:

إله العالمين رضاك عني

وتوفيقي لما ترضى مناي

فحرماني عطائي إن ترده

وفقري أن رضيت به غناي

ص: 6

وقال:

بالحظ والجاه لا بفضل

في دهرنا المال يستفاد

كم من جواد بلا حمار

وكم حمار له جواد

وقال مقتبساً:

من رام أن يبلغ أقضى المنى

في الحشر مع تقصيره في القرب

فليخلص الحب لمولى الورى

والمصطفى فالمرء مع من أحب

وللحافط العلامة جلال الدين السيوطي أحد شيوخ الوالد بالإجازة:

أليس عجيباً أن شخصاً مسافراً

إلى غير عصيان تباح له الرخص

إذا ما توضا للصلاة أعادها

وليس معيد للذي بالتراب خص

فأجاب عنه شيخ الإسلام بقوله:

جوابك ذا ناس جنابته لما

توضأ فيه طهره عنه قد نقص

وما جاء فيه بالتيمم سائغ

ومن حكمة الأجزاء فيه عليه نص

وقال رضي الله تعالى عنه:

لو أبصروني راعياً وجه من

أهوى ودمعي جارياً سيلا

لشاهدوا المجنون إبن عامر

يرعى صباحاً راجياً ليلى

وقال مداعباً لشخص يقال له: يحيى الطويل، وكان في دمشق آخر يقال له: يحيى القصير:

رأيت القصير أشر الورى

وليس له في الأذى من مثيل

فلو كنت خيرت لاخترت أن

يموت القصير ويحيي الطويل

وقال ضابطاً لنزول الشمس في برج الحمل في سنة ثمان وسبعين وتسعمائة في لفظ حمل وهو اتفاق لطيف:

رابع عشر شهر شوال الحمل

إليه نقل الشمس في عام حمل

قلت ولنا اتفاق غريب هو أننا لما حججنا في سنة إحدى وألف، وهي أول حجة حججتها كنا نترجى أن تكون عرفة يوم الاثنين فرأينا هلال ذي الحجة الحرام ليلة السبت، وكان وقوفنا بعرفة يوم الأحد، وهو خلاف ما كان الناس يتوقعونه، فقلت لبعض إخواننا من أهل

ص: 7

مكة، وغيرهم ظهر لي اتفاق غريب، وهو أن الله تعالى قدر الوقوف في يوم الأحد في هذا العام لأنه عام أحد بعد الألف فاستحسنوا ذلك، وقلت مقيداً لهذا:

لقد حججنا عام ألف واحد

وكانت الوقفة في يوم الأحد

اليوم والعام توافقا معاً

فجل مولانا المهيمن الأحد

وقال شيخ الأزارقة عمران بن حطان قبحه الله تعالى في قاتل علي رضي الله تعالى عنه وقبح الله تعالى قاتله، وهو عبد الرحمن بن ملجم أشقى الآخرين كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره يوماً فأحسبه

أوفى البرية عند الله ميزانا

لله در المرادي الذي سفكت

كفاه مهجه شر الخلق إنسانا

أمسى عشية غشاه بضربته،

مما جناه من الآثام عريانا

وقد عرض هذه الأبيات الخبيثة جماعة من العلماء، وقال شيخ الإسلام، وإمام أهل السنة والدي، وهو أحسن ما عورضت به:

يا ضربة من شقي ما استفاد بها

إلا اقتحاماً بيوم الحشر نيرانا

إني لأذكره يوماً فأحسبه

من أخسر الناس عند الله ميزانا

أمسى عشية غشاه بضربته

مما عليه ذوو الإسلام عريانا

فلا عفا الله عنه ما تحمله،

ولا سقى قبر عمران بن حطانا

وشعر شيخ الإسلام الوالد مدون في كتاب مستقل، وقد أتينا على جملة صالحة في الكتاب الموضوع لترجمته. فلا معنى للإكثار منه هنا إلا أنا ذكرنا منه هذه النبذة للتبرك، ولقد كان - رضي الله تعالى عنه - ممن جمع بين العلم، والعمل، والسيادة، والرئاسة، وحسن السمت، وحسن الخلق، والسخاء، والحياء؛ عاش ثمانين سنة، إلا أياماً قليلة ما عهدت له فيها صبوة، ولا حفظت عليه كبوة؛ بل كان فيها موفر الحرمة، موقر الكلمة مقبول الشفاعة عند القضاة والحكام، معظماً معتقداً عند الخواص، والعوام. إن نزلت بالناس نازلة فزعوا إليه في كشفها، أو عرضت لهم معضلة هرعوا إليه في حلها، ووصفها، وإذا خرجت من بابه رقاع الفتاوي بادر الناس إلى تناولها من السائل، وتقبيلها والتبرك بها. رحلت الناس إليه من الأقطار، ووجهت إليه الفتاوي من سائر الأمصار. من ناله منه دعوة صالحة تمسك بها إلى آخر دهره، ومن ظفر بشيء من آثاره تمسك به سائر عمره. فما تعلق بشيء مما يشينه في عرضه، ولا في دينه، ولا تمسك في طلب رزقه بأمر يختلج به خالج في يقينه، بل كانت له الدنيا

ص: 8