الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقفلان من آذان المغرب، فلا يفتحان إلى طلوع الشمس من اليوم الثاني، وكان يتضرر بذلك أهل تلك المحلات إذا أرادوا الصلاة في الجامع ذهبوا في طريق بعيد، فاستأذن القاضي كمال الدين قاضي قضاة البلد في عمل قوس حجر، وباب يقفل على سوق الذراع من آخر سوق الحياكين، وأن يفتح باب الخضراء، والحياكين من وقت آذان الصبح، فلا يقفلان حتى يفرغ من الصلاة الثانية من صلاة العشاء، فأذن له ففعل، وصرف على ذلك من ماله، وللشعراء عنه مدائح كابن صدقة، وغيره، وتوفي كما قرأت بخط الطيبي نهار الإثنين رابع عشر ربيع الأول سنة ست وسبعين وتسعمائة وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بباب الصغير ثاني يوم نهار الثلاثاء قرب الظهر رحمه الله تعالى.
محمد بن أحمد النهرواني
محمد بن أحمد علاء الدين بن محمد بن قاضي خان بن بهاء الدين بن يعقوب بن حسن بن علي النهرواني الشيخ الإمام العلامة، المحقق المدقق الفهامة، الشيخ قطب ابن الشيخ العلاء علاء الدين النهرواني الأصل الهندي، ثم المكي الحنفي، وما أوردته في نسبه هو ما قرأته بخطه في استدعائه لشيخ الإسلام الوالد، ووقع في تاريخ ابن الحنبلي أنه محمد بن علي بن محمد بن عبد الله، وهو غلط لأنه أمس بمعرفة نسبه، وكان ابن الحنبلي أخذ تسمية أبيه بعلي من لقبه علاء الدين، وذكر ابن الحنبلي أيضاً أنه مشهور بالشيخ قطب الدين الهندي، مولده سنة سبع عشرة وتسعمائة كما قرأته بخطه وأكبر من حدث عنه من المسندين الشيخ عبد الحق السنباطي، ومن أعظم مشايخه والده والشيخ محمد. التونسي، والشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ أحمد بن يونس بن الشلبي، والشيخ جمال الدين الجرياني، واجتمع بشيخ الإسلام الوالد بمكة، وبالشام ثم كتب إليه استدعاء في سنة سبع وسبعين وتسعمائة ليجيزه، ويجيز أولاده، فكتب إليه بإجازة حافلة، وتقع لنا الرواية عنه من طريق شيخنا المرحوم الشيخ زين الدين ابن سلطان الحنفي فإنه اجتمع بمكة، وأخذ عنه، ولما دخل دمشق عازماً على السفر إلى الروم نزل بحارة القراماني تحت قلعة دمشق، وإضافة شيخ الإسلام الوالد، ثم العلامة الشيخ علاء الدين بن عماد الدين، ثم القاضي كمال الدين الحمراوي، وذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وأثنى عليه قال: وألم باللغتين التركية والفارسية، ومن مؤلفاته طبقات الحنفية احترقت في جملة كتبه قلت ووقفت له على
تاريخ كتبه لمكة المشرفة، وكان بارعاً مفنناً في الفقه، والتفسير، والعربية، ونظم الشعر ونظمه في غاية الرقة منه الزائية المشهورة عنه:
أقبل كالغصن حين يهتز
…
في حلل دون لطفها الخز
مهفهف القد ذو محيا
…
بعارض الخد قد تطرز
دار جديه واو صدغ
…
والصاد من لحظه تلوز
الخمر والجمر من الماء
…
وخده ظاهر وملغز
يشكو له الخصر جور ردف
…
أثقله حمله وأعجز
طلبت منه شفاء سقمي
…
فقال لحظي لذاك أعوز
قد غفر الله ذنب دهر
…
لمثل هذا المليح أبرز
حز فؤادي بسيف لحظ
…
أواه لو دام ذلك الحز
أفديه من أغيد مليح
…
بالحسن في عصره تميز
كان نديمي فمذ رآني
…
أسيره في الهوى تعزز
يا قطب لا تسل عن هواه
…
وأثبت وكن في هواه مركز
قال الحنبلي وقد نسجنا على منواله فقلنا:
ما لفتى للجمال أبرز
…
فقد فتن العالم المميز
أوقعه في هوى هواه
…
وكل عز عليه قد عز
وصار من طرفه سقيما
…
إذ صح منه الهوى المجوز
وعاد من خصره نحيلا
…
بلون أهل الهوى تطرز
وصار تعروه هزة من
…
ذكراه للقد حين يهتز
وهو على الذل لا يبالي
…
فتكأ من الحب إذ تعزز
يا قوم لا تنكروا احتمالي
…
من لخلال الجمال أحرز
أن جزا فرع الوفاء يوماً
…
فكم حبا وعده وأنجزه
وإن جفاني فكم وفاني
…
وفاء ذلك المنجز
وإن يجز للملوك فتك
…
حينا ففتك الحبيب أجوز
ألا فصل سالماً وسالم
…
وأن يكن قد رمحك أهتز
لست بقال ولا بسال
…
عنك وفي القلب أنت محرز
دائرة القلب أنت فيها
…
وليس فيها سواك مركز
لله قلب له امتياز
…
إذ عاد فيه الحبيب يحرز
مازحه وهو ذو امتياز
…
ذو ذا وذا سائغ ومعزز
وحبذا الحب حب حب
…
عن لطف معناه ما تحرز
مدحا حق فيه مدحي
…
من مطنب صفته وموجز
فيه امتداحي كؤوس راحي
…
أطال في الصد أو تجوز
قلت قد تحمل ابن الحنبلي في معارضته القطب مالا يطاق، وجاء فيه من التكليف بما لا يخفى على ذوي الأذواق، فسبحان من قسم العقول بين عباده، والأخلاق، والأرزاق، ولما وقفت على أبياته عن لي أن انتصر للقطب، وأعارض معارضه، ولعل الدهر دول تتداول بين الناس ومقارضه:
سبحان من للوجود أبرز
…
رشا بحكم الهوى تعزز
زاد على الرئم في دلال
…
وعن جميع المها تميز
أحوى وللظرف ليس منه
…
أحوى ولا للبهاء أحوز
لقد كساه الجمال ثوباً
…
بألطف اللطف قد تطرز
رنا بطرف جآذري
…
كأنه للوصال الغز
وعداً ولكن بلا نهار
…
يا حبذا الوعد لو تنجز
بعثت باثنين من خضوعي
…
وثالث بعد ذين عزز
أرجو وصالاً منه بعز
…
من عز من وصله فقد بز
فما رثا لي وما وفا لي
…
وقد قسا قلبه ولزز
وعف إلا عن قتل مثلي
…
فإنه عنه ما تحرز
سطا بسهم اللحاظ فينا
…
فكلم القلب ثم أجهز
علمت قتل النفوس ظلماً
…
فمن لقتل المحب جوز
أعوزني حسنه إليه
…
فليس مني إليه أعوز
لذاك أوعزت في هواه
…
تيسر الوصل منه أو عز
أسكتته في ضمير قلبي
…
فهو بخدر الفؤاد محرز
أفردني حسنه لوحدي
…
عن كل عشاقه وأفرز
ما ارتاح قلبي إلى حديث
…
سوى هواه كلا ولا أهتز
إلا لمدح الشفيع طه
…
محمد المصطفى المميز
من جاء بالنور في كتاب
…
به لكل الفصاح أعجز
تراه في أبلغ المثاني
…
حقاً لكل العلوم أحرز
رقا به الله فوق سبع
…
فجل مقداره وقد عز
ما شئت في مجده فعدد
…
فمطنب المدح فيه موجز
وحاصل القول فيه قطب
…
لسائر المكرمات مركز
عليه مني صلاة عبد
…
قد فاق في حبه وبرز
ومن شعر الشيخ قطب الدين معمى في اسم زين:
وكوكب الصبح إذ تبدى
…
بشرنا باللقا صباحا
طوبى لنا إننا ظفرنا
…
بغاية العز حين لاحا
توفي الشيخ قطب الدين صاحب الترجمة رحمه الله تعالى بمكة المشرفة في سنة إحدى وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
محمد بن أحمد البصروي: محمد بن أحمد بن محمد، القاضي أمين الدين ابن القاضي شهاب الدين البصروي، الشافعي، أحد الشهود بالقسمة، وكاتب الحرمات، والأوقاف والمرستان كانت والدته الشيخة الفاضلة السيدة زينب بنت الشيخ رضي الدين الغزي الجد توفي يوم السبت يوم عيد الأضحى سنة ثمان وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
محمد بن أحمد الحرستاني: محمد بن أحمد بن علي بن محمد الحرستاني الدمشقي الكاتب. الشيخ الصالح الزاهد، القانع، بل العارف بالله تعالى مولده بحرستا سنة ثلاثين وتسعمائة تقريباً، وأخذ عن الشيخ منصور السقيفة سكن بحجرة بمدرسة القيمرية الجوانية، وكان يكتب المصاحف، وغيرها بها ويقتات من أجرة كتابته كتب نحو سبعين مصحفاً، وكتب أشياء كثيرة من كتب الفقه والتصوف وكتب الفتوحات المكية وكان يحب العزلة، والانفراد عن الناس، وحاول قضاة القضاة أن يستكتبوه شيئاً من كتب الفقه، وغيره فلم يفعل، وأعرض عن الكتابة لهم وترك القيمرية والسكنى بها لذلك، وجاور بجامع السقيفة خارج باب توما في حجرة هناك راكبة على نهر بردا، وحج في سنة إحدى وتسعين وتسعمائة وجاور بالمدينة، ومات بها بعد أن ظهرت له مكاشفات، واعتقده أهل المدينة سنة اثتتين وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة رحمه الله تعالى ودفن بالقرب من سيدي عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه.