الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشرب قال: وذهبوا بي يريدون مكاناً يستقر فيه أمرهم على ما يصنعون بي، فبينما هم ماشون وأنا معهم في أسوأ حال إذا بجماعة صادفوهم، فتعارفوا، وتسالموا، وفي الجماعة التي لقيناهم شيخ موقر. التفت إلى الجماعة التي أنا معهم، فسماهم بأسمائهم. وقال: يا فاعلون من هذا الذي معكم؟ فقالوا: هذا ضيف معنا فقال الشيخ: نحن أحق بضيافته منكم، وشتمهم، واستخلصني منهم، ثم سار هذا الشيخ هو، وجماعته، وأنا معهم، والشيخ يسكن خاطري، ويقول كيف صار لك حتى وقعت في أيدي هؤلاء الفاعلين الصانعين ما أرادوا إلا قتلك، وأخذ أمتعتك فذكرت له قصتي وسرنا ساعة، واذا نحن صاعدون جبلاً فيه أشجار كثيرة، فانتهينا إلى عين ماء، وإذا جماعة هناك قاموا إلى لقائنا، وصافحوا ذلك الشيخ، وقبلوا يده، وسلموا على من معه، ثم جلس في أوسطهم، وقعدوا يذكرون الله تعالى، ويتذاكرون إلى الصباح، فتوضأوا، وصلى ذلك الشيخ الفجر بهم إماماً، ثم ودع بعضهم بعضاً، ورجع الشيخ بجماعته، ومشى بنا نحو ساعة فما تعارفت الوجوه إلا، ونحن بصالحية دمشق، فودعني الشيخ، وقال لي يا ولدي لا تعد إلى مثلها، ولا تطرف بنفسك بعد ذلك، وانصرف، وتفرقت عنه جماعته، فلما فارقنا الشيخ رافقني رجل منهم، فسألته عن الشيخ، وعن المكان الذي كنا نحن فيه فقال لي: هذا هو الشيخ الأيجي، وهذه الصالحية، وبيت الشيخ الأيجي بها، والمكان الذي كنا فيه مصلى الصالحين عند عين العابد من جبل لبنان، وهو عن دمشق مرحلتان، والجماعة التي أخذوك. اللصوص، والشيخ يعرفهم، واحداً واحداً، وقد أنقذك الله تعالى منهم ببركة الشيخ، وهذه القصة من لطائف القصص، وهي كافية في تعريف مقام الشيخ الأيجي، رحمه الله تعالى. وكانت وفاته يوم الجمعة بعد الصلاة عاشر جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ووقف على غسله قاضي القضاة حسين جلبي ابن قرا قاضي قضاة دمشق وصلى عليه بجامع الحنابلة هو، ونائب الشام حسن باشا ابن الوزير محمد باشا، ودفن من الغد بمنزله بسفح قاسيون رحمه الله تعالى رحمة
واسعة..
محمد بن محمد بن عماد الدين
محمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، الأوحد المدقق، الفهامة، الشيخ عماد الدين الدمشقي الحنفي العنابي الصالحي الأصل مولده في سنة سبع بتقديم السين وثلاثين وتسعمائة. قرأ في النحو، والعروض، والتجويد على الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين الطيبي المقرئ، والمقولات على الشيخ الإمام العلامة أبي الفتح السبستري وعلى الشيخ الإمام العلامة علاء الدين بن عماد الدين رفيقاً
عليهما للشيخ إسماعيل النابلسي، والشيخ ابن المنقار والأسد والشيخ محمد الصالحي، وغيرهم وقرأ في الفقه على الشيخ العلامة الخطيب نجم الدين البهنسي، وتوفي قبله، وعلى غيره، وبرع في العربية، وغيرها، وتصدر للتدريس بالجامع الأموي، ودرس بالريحانية، والجوهرية والخاتونية، والناصرية، ومات عنها، وقصده للقراءة عليه الفضلاء وتردد إليه النواب وغيرهم، وكان حسن الأخلاق ودوداً، وكان في ابتداء أمره فقيراً، ثم حصل دنيا، ونال وجاهة، وثروة، ولم يتزوج حتى بلغ نحو أربعين سنة، وكان حسن الشكل، لطيف الذات جميل المعاشرة، خفيف الروح، وعنده عقل، وشرف نفس، وكان يدرس في التفسير، وغيره وانتفعت به الطلبة منهم الفاضل إبراهيم بن محمد بن مسعود بن محب الدين، والشيخ تاج الدين القطان، والشيخ الفاضل البارع العلامة بدر الدين حسن البوريني، والشيخ الفاضل الشمس محمد بن فواز وغيرهم وله شعر لطيف منه قوله في صدر مطالعة مضمناً:
على ذاتكم مني سلام مؤبد
…
وأزكى تحيات تضوع طيبها
وإني لمشتاق لطلعة أنسكم
…
هوى كل نفس أين حل حبيبها
وله معمى في عمر:
ولم أنس إذ زار منيتي
…
عشية عنا الرقيب احتبس
فمن فرحتي رحت أتلو الضحى
…
وحاسدنا مر يتلو عبس
وله معمى في علي:
قد زارني من أحب ليلاً
…
بطلعة البدر والكمال
وبت منه بطيب عيش
…
أوله بالهنا وفالي
وله:
لما رأى عاذلي حبيبي
…
والشمس تهوى له وتسجد
قال أهدني الوصل قد ضللنا
…
يا رب حسن إياك نعبد
وعندي في هذا الإقتباس نظر وأقول:
سبحان من بجماله سبحانه
…
أعنو ولست لغيره ما عشت أسجد
توحيده ديني بإخلاص له
…
لا لا أقول لغيره إياك نعبد