المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرسول القائد صلى الله عليه وسلم - اللواء الركن محمود شيت خطاب

[عبد الله محمود الطنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقَدّمَة

- ‌الفصْل الأوّل لمحات من حياته

- ‌عصره:

- ‌اسمه ونسبه ونشأته:

- ‌دراسته:

- ‌في الجيش:

- ‌في الصحافة:

- ‌في الإذاعة والتلفزيون:

- ‌أهم الموضوعات التي كان يكتب فيها:

- ‌هذا وقد كتب ما كتب ضمن المحاور الأربعة التالية:

- ‌1 - محور التاريخ العربي الإسلامي العسكري:

- ‌2 - محور اللغة العسكرية:

- ‌3 - محور العدو الصهيوني:

- ‌4 - محور الدعوة الإسلامية، والدفاع عن الإسلام ديناً، والعربية لغة

- ‌المؤتمرات العلميّة:

- ‌في الكليات العسكرية:

- ‌في الوزارة:

- ‌وفاته:

- ‌مواقفه

- ‌1 - مواقفه في نصرة دعاة الإسلام:

- ‌أ - مع سيد قطب:

- ‌ب - مع المودودي:

- ‌2 - موقفه من اللهجة العاميّة:

- ‌3 - موقفه من شعر التفعيلة:

- ‌4 - موقفه من اللغة العربية:

- ‌5 - يرفض رفضاً قاطعاً دعوة أعداء العربية إلى كتابتها بالحروف اللاتينية، تحت أيّ ذريعة

- ‌6 - موقفه من الحضارة الغربية:

- ‌7 - موقفه من أدب الجنس:

- ‌8 - موقفه من يهود والصهاينة:

- ‌9 - موقفه من المستشرقين:

- ‌10 - بناء الرجال:

- ‌11 - شروط النَّهضة:

- ‌12 - مع الزعماء:

- ‌13 - موقفه من الوحدة العربية:

- ‌14 - الإسلام هو الحل:

- ‌15 - موقفه من الأرقام:

- ‌16 - كتابة القرآن بالإملاء الحديث:

- ‌17 - يقول بالاتباع، ويصرّ عليه، ويرفض الابتداع في الدين

- ‌18 - يرى أن العلم يحتاج إلى تفرّغ كامل

- ‌المناضل المجاهد

- ‌الفصل الثّاني تعريف بمؤلفاته

- ‌مسرد بالكتب المطبوعة

- ‌1 - في التراجم:

- ‌2 - في الدراسات العسكرية:

- ‌3 - قصص وحكايات:

- ‌4 - في النقد:

- ‌الإهداءات

- ‌الرسول القائد صلى الله عليه وسلم

- ‌قادة النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قادة فتح السند وأفغانستان

- ‌قادة الفتح الإسلامي في أرمينية

- ‌قادة الفتح الإسلاميفي بلاد ما وراء النهر

- ‌بين العقيدة والقيادة

- ‌ما علاقة القيادة بالعقيدة

- ‌ومضات من نور المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التصور الصهيوني للتفتيت الطائفي والعرقي

- ‌المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم

- ‌دراسات في الوحدة العسكرية العربية

- ‌طريق النصر في معركة الثأر

- ‌ عوامل قوة إسرائيل:

- ‌ عوامل ضعف إسرائيل

- ‌الأيام الحاسمة قبل معركة المصير

- ‌الإسلام والنصر

- ‌الأدلة الرسميةفي التعابي الحربية

- ‌الأديب القاص

الفصل: ‌الرسول القائد صلى الله عليه وسلم

‌الرسول القائد صلى الله عليه وسلم

-

يتألف هذا الكتاب من مقدمتين وخمسة عشر بحثاً، مع سبع خرائط ومخططات في (359) صفحة، تحدث في المقدمة عن القيمة الحربية لدى الرسول القائد صلى الله عليه وسلم، التي لا تعادلها أي قيمة حربية أخرى، لأيّ قائد قديم أو حديث، ولكن الكاتبين في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الحربية، لم يوفّوا هذا الجانب المهمّ حقّه، الأمر الذي دفع المؤلف إلى تأليف هذا الكتاب، وتقديمه إلى الناس بأسلوب علمي بسيط، نسّق فيه المعلومات، وتطرّق إلى الموقف العام للطرفين المتحاربين قبل المعركة، وبيّن أهداف كلّ معركة، وقوات الطرفين، وسير الحوادث قبل القتال، وأثناءه، وبعده، ونتائج المعركة، ودروسها المفيدة، وأوضح ذلك بالخرائط والمخططات والأشكال، لمعرفة مواقع المعركة، وأسلوبها، وأسلحتها .. من أجل أن يعيش القارئ في جوّ المعركة، ويطّلع على تفاصيلها، ليحصل من ذلك على معلومات وافية عن المعركة بتفصيلاتها.

وأغفل المؤلف الحوادث التي يستحيل حدوثها في المعركة، تلك التي يريد بعض المؤرخين أن يقولوا: إن انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم كان بالخوارق والمعجزات، لا بتطبيقه مبادئ الحرب. مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قائداً واقعياً بعيداً عن الخيال، إذا أراد شيئاً، هيّأ له أسبابه.

" لقد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم بكل مبادئ الحرب المعروفة، إضافة إلى مزاياه الأخرى - الشخصية - في القيادة، لهذا انتصر على أعدائه، ولو

ص: 60

أغفل شيئاً من الحذر والحيطة والاستعداد، لتبدّل الحال غير الحال ".

" إن النصر من عند الله، ما في ذلك شك، ولكن الله لا يهب نصره لمن لا يعرف متطلبات القتال كافة ".

" إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العسكرية، أثبتت بشكل جازم لا يتطرق إليه

الشك أن انتصاره كان لشجاعته الشخصية، وسيطرته على أعصابه في أحلك المواقف، ولقراراته السريعة الحازمة في أخطر الظروف، ولعزمه الأكيد على التشبث بأسباب النصر. ولتطبيقه كل مبادئ الحرب المعروفة في كل معاركه ".

" ويمتاز الرسول صلى الله عليه وسلم عن غيره من القادة في كل زمان ومكان، بميزتين مهمتين:

الأولى: أنه كان قائداً عصامياً.

والثانية: أن معاركه كانت لفرض حماية حرية نشر الإسلام، ولتوطيد أركان السلام، لا للعدوان، والاغتصاب، والاستغلال ".

قسّم المؤلف حياة صلى الله عليه وسلم العسكرية إلى أربعة أدوار: دور التحشد، ودور الدفاع عن العقيدة، ودور الهجوم، ودور التكامل، وبذلك بزّ كل قائد في كلّ أدوار التاريخ، لأنه أوجد قوة كبيرة، ذات عقيدة واحدة، وهدف واحد، من لا شيء ..

وخطّأ المؤلف إطلاق المؤلفين تعبير " الفتح الإسلامي على عهد الرسول " لأنه لم يفتح بلداً لغاية الفتح، والصحيح أن نقول:" انتشار الإسلام على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم " لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعمل على حماية حرية نشر الإسلام، وتوطيد أركان السلام، ولا عجب، فقد كان محمد صلى الله عليه وسلم قائداً ورسولاً.

ص: 61

وردّ في المقدّمة على مطاعن بعض المستشرقين بالرسول القائد صلى الله عليه وسلم، وقرّر أن الحرب في الإسلام حرب دفاعية، لأن الإسلام جاء من أجل تحقيق فكرة سامية، هي فكرة وحدة الإنسانية جمعاء، وقارن بين السلام الذي يدعو إليه الإسلام، وهو مادة وروح يسعى لخير البشر كافة، وبين السلام عند أدعياء السلام، وهو مادة فقط، يعرقل تسليح غيرهم، ويقتل، ويسحل، ويشرّد، ويعذّب، ويفتك .. السلام في الإسلام نور، وعند أدعياء السلام نار .. فقد كانت خسائر الشعوب في الحرب العالمية الأولى حوالي عشرة ملايين نسمة، فضلاً عن الخراب والدمار اللذين لحقا بالممتلكات، وخسائرها في الحرب العالمية الثانية أكثر من ستين مليوناً من القتلى المدنيين والعسكريين، وقُتل سبعة عشر مليوناً من الأطفال بالغارات الجوية، ودُمّر ثلاثون مليوناً من الأبنية، واثنان وعشرون مليوناً من المساكن، عدا المآسي المروّعة التي صاحبت الحرب.

وخلص المؤلف إلى القول: " إن الإسلام وحده هو الذي يستطيع نشر السلام في ربوع العالم، ويشيع فيه الثقة والاطمئنان "(1).

وفي بحث (الحرب العادلة) عرّف معنى الحرب، والحرب العادلة، والحرب الجائرة، ثم عرّف معنى القتال في الإسلام، متى شُرع؟ وأهدافه التي حصرها في حماية حرية نشر الدعوة، وتوطيد أركان السلام ثم تحدث عن أنواع القتال في الإسلام: قتال المسلمين للمسلمين - قتال المسلمين لغير المسلمين .. ثم تكلم عن تنظيم القتال في الإسلام: تقوية المعنويات - إعداد القوة المادية - التنظيم العملي للقتال، ويشمل: الإعفاء من الجندية، وإعلان الحرب، والدعوة إلى الجهاد، وعقاب المتخلفين، وتطهير الجيش من عناصر الفتنة والخذلان، وأساليب القتال، والضبط،

(1) الرسول القائد: ص 15.

ص: 62

والكتمان، والهدنة والصلح، والأسرى، والمحافظة على الحدود.

وتحدث عن شروط القبول للجندية، وهي: البلوغ، والإسلام، والسلامة، والإقدام.

ثم تحدث عن النفير في حالتي الدفاع والتعرض.

كان هذا الفصل في نظرية القتال في الإسلام، ثم شرع يطبق ما نظَّر له في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية، فتحدث عن المرحلة السرية في الدعوة، ثم العلنية، وما لقي المسلمون الأوائل من الألاقي على أيدي المشركين، ثم تحدث عن بيعة العقبة الأولى، فالثانية، وعدَّ الأولى " أول نجاح عسكري للرسول صلى الله عليه وسلم خارج مكة، إذ انتشر الإسلام في يثرب، فأصبح للنبي صلى الله عليه وسلم فيها جنود يعتمد عليهم في الملمّات " كما كانت الثانية نجاحاً عسكرياً آخر.

ثم تحدّث عن التحشّد في المدينة المنوّرة، ومراحل إنجازه:" بناء المسجد - المؤاخاة - المعاهدات " وبذلك تهيّأ للرسول صلى الله عليه وسلم جيش يجمعه هدف واحد، يأتمر بأمر قائد واحد، ويستند إلى قاعدة أمينة .. وبذلك تهيأت للمسلمين كل أسباب النجاح عند نشوب القتال، على الرغم من قلة عددهم.

ثم تحدّث المؤلف عن العرب، أقدم الشعوب السامية، وأنقاها، لانعزالهم في الجزيرة العربية وامتناعهم على الغزاة.

وتحدّث عن الروم وجيشهم المكوَّن من مجموعة من المرتزقة يقوده مجموعة من الإقطاعيين، الذين يتولّون مناصبهم بالوراثة، لا بالكفاءة والمقدرة. تحدّث عن التشكيلات العسكرية عند الفرس، وهي كأختها الرومية من حيث الارتزاق والقيادة الوراثية.

ثم ناقش الموقف العسكري لكلّ من هذه القوات، ورأى أن غلبة

ص: 63

المسلمين قليلي العدد، كانت معلومة ومحسومة من الوجهة العسكرية قبل نشوب القتال، نظراً لإعداد قوات المسلمين على نظام رصين مكين، فيما كان نظام أعدائهم فاسداً من سائر الوجوه. يقول المؤلف:

" إن كل جيش يحارب (بعقيدة) لتحقيق هدف (معين) لا بدّ أن (يستقتل) في سبيل عقيدته وهدفه، وبذلك يصعب قهره، إذا لم يكن ذلك مستحيلاً. أما الجيش الذي لا عقيدة له ولا هدف، فما أسهل أن تتحطم معنوياته عند الخطر

! إذا كانت لديه معنويات " (1).

وفي فصل (الدفاع عن العقيدة) تحدّث عن دوريات القتال والاستطلاع الأولى والموقف العام عند المسلمين من جهة، وعند المشركين من جهة أخرى، وبيّن أن الهدف الحيويّ من تلك الدوريات الإسلامية، إشعار المشركين واليهود بقوة المسلمين، حتى لا يعترضوا طريق نشر الدعوة، ثم تحدّث عن سرية حمزة، وسرية عبيدة بن الحارث، وسائر السرايا الأخرى، والفوائد التي جناها المسلمون منها، من حيث الاستطلاع، والقتال، والكتمان، والحصار الاقتصادي.

وفي فصل (الصراع الحاسم بين عقيدتين) تحدث عن غزوة بدر الكبرى، المعركة الحاسمة الأولى في الإسلام، تحدث عن الموقف العام لدى المسلمين، وعند المشركين واليهود، وقوات الطرفين، وأهدافهما، ثم سير الأحداث قبل المعركة، وأثناءها، وخسائر الطرفين، وأعاد انتصار المسلمين إلى القيادة الموحدة (الرسول صلى الله عليه وسلم هو القائد العام)، وإلى التعبئة الجديدة، وإلى العقيدة الراسخة، والمعنويات العالية، ثم تحدث عن الدروس المستفادة من غزوة بدر، من حيث الاستطلاع، والقيادة،

(1) الرسول القائد: ص 48.

ص: 64

والضبط، والمعنويات، والعقيدة، والقضايا التعبوية، والقضايا الإدارية:

(الأرزاق - الماء - الغنائم - الأسرى - القتلى - الجرحى - التهذيب).

وفي بحث (القاعدة الأمينة) تحدّث عن المدينة المنورة، وضرورة تطهيرها من المشركين واليهود، لتكون القاعدة الأمينة للمسلمين، وفرض الحصار الاقتصادي على قريش، من خلال عدّة غزوات وسرايا ناجحة.

وفي (النصر للمغلوب) تحدث عن غزوة أحد، وعن أسباب الخسارة فيها، والدروس والعبر المستخلصة منها، وقال:

" أجمع المؤرخون على اعتبار نتيجة (أحد) نصراً للمشركين على المسلمين .. ولكن الحقائق العسكرية لا تتفق مع ما أجمع عليه المؤرخون.

لقد كان بإمكان المشركين القضاء على قوات المسلمين في معركة أحد، بعد أن استطاعوا الإحاطة بهم من كل الجوانب، بقوات متفوقة عليهم تفوقاً ساحقاً .. ومع ذلك، استطاع محمد صلى الله عليه وسلم أن يشقّ طريقه بين القوات المحيطة به، ويخلّص تسعة أعشار قواته من فناء أكيد.

إن فشل المشركين في القضاء على قوات المسلمين، بعد إحاطتهم بقواتهم المتفوقة، يعتبر اندحاراً لهم.

وإن نجاح المسلمين في الخروج من تطويق المشركين بخسائر عشرة بالمئة من قواتهم القليلة، يعتبر نصراً لهم ".

كما أن المسلمين عرفوا المنافقين المنبثين في صفوفهم، مما أتاح لهم القيام بالتطهير العام في صفوفهم بعد (أحد) على هدى وبصيرة.

وبذلك تظهر الفائدة العظيمة للمسلمين من غزوة أحد.

وكانت (إعادة النظام) بعد معركة أحد، مهمة جداً، فقد أعاد المسلمون الكرّة في التطهير العام، حتى يعيدوا النظام إلى صفوفهم،

ص: 65

وحتى يستعيدوا السيطرة الكاملة على المدينة وما حولها، وعلى المشركين من قريش والقبائل الأخرى.

ومن أجل هذا انطلقت السرايا والدوريات والغزوات التي قادها الرسول القائد صلى الله عليه وسلم بنفسه، واستخدم فيها عنصر المباغتة، بمسيره الليلي، وبالهجوم فجراً، وبخوض قتال المدن والشوارع .. وكانت مرحلة دامية، كافح فيها المسلمون بقيادة نبيهم صلى الله عليه وسلم كفاح الأبطال الميامين، وقدموا الشهداء، وعاشوا عيشة ضنكاً، وتوج المشركون هذه المرحلة، بغزوة الأحزاب التي هدف المشركون من ورائها، إلى القضاء على المسلمين، وانتهاب أموالهم وذراريهم. ولكن اليهود والمشركين فشلوا في تحقيق هدفهم، لأسباب، هي: أن قيادتهم لم تكن موحدة، ولمباغتتهم بالخندق الذي حفره المسلمون، وبسبب الطقس الذي لم يمكنهم من الحصار الطويل للمدينة، ولانعدام الثقة بين الأحزاب أنفسهم من جهة، وبينهم وبين اليهود من جهة أخرى، ولنفاد صبر الأحزاب من طول مدة الحصار.

بينما كانت قيادة المسلمين كفؤةً، حازمة، رشيدة، أمرت بحفر الخندق، وشارك الرسول القائد صلى الله عليه وسلم نفسه بالحفر، وسهر على حراسة الخندق، وسيطرته التامة على أصحابه.

كما أن قيادة المسلمين لجأت إلى أسلوب جديد في الدفاع ورد الغزاة، هو حفر الخندق الذي لم يكن للعرب سابق عهد به، واستخدمت الخدعة في الحرب، عن طريق الصحابي الجليل: نعيم بن مسعود.

وهكذا فشل اليهود والمشركون في غزوة الخندق، وهي المعركة الفاصلة الثانية في تاريخ الإسلام والمسلمين.

وبهذا الفشل، انتقل المسلمون من دور الدفاع إلى دور الهجوم، لذلك قال الرسول القائد صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعد انسحاب الأحزاب:" الآن نغزوهم ولا يغزونا ".

ص: 66

" وانتقلت المبادأة إلى يد المسلمين بعد هذه الغزوة، ولم يتركوها، حتى شمل الإسلام الجزيرة العربية كلها، وارتفعت راية الإسلام شرقاً وغرباً فوق كل راية ".

وفي بحث (القصاص العادل) تحدث عن محاسبة الغادرين: يهود بني قريظة في المدينة، الذين نكثوا العهد مع المسلمين، وتآمروا مع المشركين في غزوة الأحزاب.

وعن معاقبة بني لحيان الذين غدروا بدعاة المسلمين عند ماء الرجيع

فقد قاد الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة بني لحيان لتأديبهم، وللتأثير على معنويات قريش والقبائل العربية الأخرى.

وفي (الفتح القريب) تحدث عن غزوة الحديبية، والهدف منها، ورآه المؤلف في:

1 -

إظهاره قوة المسلمين لقريش وللقبائل المجتمعة للحج، وشدّة ضبطهم، وطاعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وتعلقهم بالدعوة.

2 -

إظهار تعظيم المسلمين للبيت الحرام عملياً، حتى تتأكد العرب من ذلك عن يقين لا يتطرق إليه الشك.

بينما كان هدف المشركين، صدَّ المسلمين عن البيت الحرام، حتى لا تتحدّث العرب عن دخول المسلمين إليه عنوة، مما يقلل من هيبة قريش.

تحدّث المؤلف عن موقع الحديبية، وعن قوات المسلمين (1400 مسلم بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم)، وقوات المشركين، وعن الأعمال التمهيدية، كالحصول على المعلومات، والمناوشات، والمفاوضات، فالهدنة، وذكر نص وثيقة الهدنة، ثم انتهى إلى الدروس المستفادة من الحديبية، وأهمِّ نتائجها وهي:

ص: 67

1 -

اعتبار المسلمين كطرف مساوٍ لقريش. وهذا أول اعتراف بالدولة الإسلامية من أشد أعدائها.

2 -

فتحت المجال أمام الرسول للتحالف مع القبائل.

3 -

فرقت بين قريش وبين حلفائها يهود خيبر.

4 -

الاستقرار الذي أمَّنَ التفرغ للدعوة ونشر الإسلام.

5 -

نجاح المسلمين في الحياد المسلح.

6 -

إثارة الرأي العربي العام ضد قريش، لصدّها المسلمين عن البيت الحرام.

وفي (فترة الهدنة) قطف المسلمون ثمار صلح الحديبية، فتفرغوا للتبشير بالإسلام داخل أرض العرب وخارجها، فأوفد الرسول الوفود إلى الملوك والأمراء والرؤساء النابهين، يدعوهم إلى الإسلام، كما تفرغوا ليهود خيبر، وللأعراب في شمال المدينة.

تحدّث عن (غزوة خيبر):. عن قوات الطرفين، وعن الهدف الذي هو القضاء على اليهود، للتخلص من المشكلات الخطيرة التي يثيرونها ضدّ المسلمين.

وتحدّث عن سير الحوادث: عن الأعمال التمهيدية، وعن القتال، وعن خسائر الطرفين، ثم عن نهاية اليهود في الجزيرة العربية: يهود فدك - يهود وادي القرى - يهود تيماء.

ثم تحدّث عن (غزوة مؤتة): أسبابها، وقوات المسلمين، وقوات المشركين من العرب والروم، والهدف منها، وسير الحوادث، والقتال، ثم انسحاب خالد بن الوليد بجيش المسلمين، وخسائر المسلمين (12 شهيداً) وخسائر الروم والمشركين (أضعاف خسائر المسلمين)، واستنتج

ص: 68

المؤلف أن معركة مؤتة كانت معركة استطلاعية، أفادت المسلمين كثيراً في معرفة خواص قوات الروم، وأساليب قتالها، فأفادوا من هذه المعلومات في قتالهم بعد ذلك للروم.

ثم تحدث عن (غزوة ذات السلاسل): أسبابها، وسير الحوادث فيها، والدروس المستفادة منها (القضايا التعبوية: المباغتة - قتال المدن والأحراش - الانسحاب)، وتحدّث عن المعنويات، وعن الأمانة عند المسلمين، في وفائهم بالعهود، وعدم العدوان على مال الغير، حتى لو كان يهودياً معادياً.

وتحدّث عن التحشد، ونشر الإسلام بدعوة الملوك والأمراء والرؤساء إلى الإسلام، وعن القضايا الإدارية:(الإعاشة - الماء - الصحة - المجندات من النساء المتطوعات اللواتي كن يناولن المقاتلين السهام، ويضمدن الجراح، ويعتنين بالمرضى، ويسقين السويق .. في غزوة خيبر)، كما تحدث عن الغنائم.

وقد نتج عن هدنة الحديبية:

1 -

القضاء الأخير على اليهود في الجزيرة العربية.

2 -

السيطرة على القبائل العربية.

3 -

التأثير على معنويات قريش وحلفائها، مما سهّل فتح مكة.

4 -

انتشار الإسلام انتشاراً عظيماً داخل الجزيرة العربية.

وفي (عودة المستضعفين) تحدث عن (فتح مكة)، وحال كل من المسلمين والمشركين قبل الفتح، وإعلان الحرب، والتحضير لها، وقوات المسلمين (عشرة آلاف مقاتل بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم)، وقوات قريش وبني بكر، ثم سير الحوادث، وخطة الفتح، فالفتح، وخسائر المسلمين

ص: 69

(شهيدان)، وخسائر المشركين (13 قتيلاً وبعض الجرحى)، والدروس المستفادة من الفتح:(المباغتة - المعلومات - بُعْدُ النظر - التنظيم - الأصنام - القضايا الإدارية).

وفي (استثمار الفوز) تحدث عن (غزوة حنين) وعن حال المسلمين وحال المشركين بعد فتح مكة، وعن قوات الطرفين (المسلمون: اثنا عشر ألفاً بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم) (المشركون: بقيادة مالك بن عوف من قبيلة هوازن). وأهداف الطرفين المتحاربين، ثم سير الحوادث قبيل المعركة وأثناءها وبعدها، وحصار الطائف، وخسائر المسلمين، وخسائر المشركين، ثم لماذا ترك المسلمون حصار الطائف، ثم تحدث عن الغنائم، وتوزيعها، وإعادة السَّبْي، ثم عن الدروس المستفادة من حُنَيْن والطائف:(المباغتة - القيادة - المطاردة - المعلومات - المعنويات - العقيدة - حرب الفروسية - القضايا الإدارية .. ).

وفي (مولد إمبراطورية) تحدث عن (غزوة تبوك)، وقدّم لها ببيان أحوال سكان المدينة من المسلمين والمنافقين، ثم تحدّث عن المشركين، وعن الرومان .. وذكر الأسباب المباشرة وغير المباشرة لهذه الغزوة، وأهداف كل من المسلمين والروم، وقواتهما (المسلمون ثلاثون ألفاً بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم)، وقوات الروم كبيرة جداً، ومعهم بعض القبائل العربية المشركة.

تحدث عن التحضير للمعركة لدى الطرفين، ثم عن حركة جيش المسلمين، وجيش الروم، والمصالحات التي أجراها الرسول صلى الله عليه وسلم مع بعض الزعماء العرب .. ثم عودة المسلمين بغير قتال، بعد أن أقاموا في منطقة تبوك عشرين يوماً، وهم ينتظرون جيوش الرومان، ويعقدون المعاهدات مع القبائل العربية، من أجل تأمين الحدود الشمالية، وتأكيد هيبة الإسلام في نفوس أبناء تلك القبائل، ومن ثم، نشر الدعوة في تلك الأرجاء.

ص: 70

ثم تحدث الكاتب عن دروس غزوة تبوك، من مثل الحرب الإجماعية التي تعني تحشيد سائر قوى الأمة، المادية والمعنوية للأغراض الحربية، وليس الجيش وحده. ثم تحدث عن المتخلّفين عن تلك الغزوة، وعقابهم، وعن التدريب العنيف الذي تعرّض له جيش العُسْرة، وعن المسير الليلي، والمعنويات، والمعلومات، والضَّبْط، ثم أجملَ نتائجَ تلك الغزوة، من رفعِ معنويات المسلمين، وإقبالِ المتردّدين في اعتناق الإسلام إلى اعتناقه، ومن تأمين نقاط ارتكاز على الحدود الشمالية تربط شبه الجزيرة العربية، ببلاد الشام الخاضعة للرومان، وذلك بعقد المحالفات مع سكان تلك المنطقة، ودخول بعضهم في الإسلام. ونقاط الارتكاز هذه، هي التي سهّلت مهمة الفتح الإسلاميّ على عهد الخلفاء الراشدين.

وفي بحث (التطبيق العملي) كانت خاتمة الكتاب، تطرَّقَ فيها إلى التطبيق العمليّ لنظريات الحرب المثالية بصورة موجزة، ذلك التطبيق الذي أنجزه الرسول القائد صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً، بينما عجز عن تطبيقه العسكريون في القرن العشرين.

وقد أجمل المؤلف أسباب النصر الذي حقّقه الرسول القائد صلى الله عليه وسلم في الغزوات الثماني والعشرين التي قادها بنفسه، في أربعة أسباب مهمة هي:

1 -

قيادة عبقرية تمثلت في مجمل صفات القائد العبقري وهي:

(الشجاعة الشخصية - الإرادة القوية - تحمل المسؤولية بلا تردد - الوقوف التام على مبادئ الحرب - القدرة على إبداء الحكم السريع الواضح - ذو مخيلة مقرونة بمزاج لا تأخذه نشوة الفوز، ولا تثبط عزيمته كارثة الخيبة - أن يكون سابراً غور الطبع البشري - إصدار القرارات الصحيحة - المحافظة على معنويات رجاله - كسب ثقة رجاله، ليكسب طاعتهم وحسن تنفيذهم للأوامر - اللياقة البدنية - الماضي المجيد - الثقة المتبادلة بينه وبين رجاله).

ص: 71

وانطلق الكاتب يطبق هذه الصفات على شخصية الرسول القائد صلى الله عليه وسلم، ويشرحها، يضيف إليه ما جعل من قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم قيادة عبقرية، ضرب على ذلك الأمثال من تطبيقه العمليّ لمبادئ الحرب العشرة:

اختيار المقصد وإدامته - التعرُّض - المباغتة - تحشيد القوة - الاقتصاد بالمجهود - الأمن - المرونة - التعاون - إدامة المعنويات - الأمور الإدارية.

2 -

جنود ممتازون، يتصفون بالعقيدة الراسخة، والمعنويات العالية، والضَّبْط القوي، والتدريب الجيد، والتنظيم الصحيح، والتسليح الممتاز.

ثم فصّل في هذه المزايا العسكرية، وطبقها عملياً على جنود جيش الرسول القائد صلى الله عليه وسلم، واستشهد على ما يذهب إليه بأمثلة حيّة من التاريخ الذي عمروه وملؤوه بها.

3 -

حرب عادلة. وهنا عاد ليعرِّف هذه الحرب، ثم يفصِّل فيها.

وقد كانت كل الغزوات والسرايا من هذا النمط من الحرب العادلة، فقد وقع الظلم على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد ردّوا على الظلم بتلك المعارك التي انتصف فيها الإسلام والمسلمون، من الشِّرْك والمشركين.

تحدّثَ الكاتب عن الحرب الدفاعية - وهي الحرب التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه - وعن الحرب لتوطيد السلام، وعن الحرب الإنسانية التي يحترم فيها الأبرياء من الشيوخ والأطفال والنساء وغير المحاربين من الرجال، وعن الأسرى والرهائن، وعن القتلى والجرحى.

وتحدّث عن حرب العقيدة الخالية من الأغراض الشخصيّة، والتوجّهات العنصريّة، والمغانم الماديّة، وتحدّث عن الحرب المثاليّة، وخلص إلى أن الحروب التي خاضها الرسول القائد صلى الله عليه وسلم كانت دفاعيّة، وعادلة، وإنسانيّة، ومثاليّة قائمة على العقيدة.

ص: 72

4 -

ضعف الأعداء. فقد كان أعداء الإسلام ضعافاً برغم كثرتهم، وبيّن أسباب ضعفهم، وهي: ضعف قيادتهم، وفساد نظامهم العسكري، وعدم وجود أهداف مثالية تؤمن بها قوات العرب المشركين والفرس والروم معاً .. ولن ينتصر جيش، مهما كان قوياً، إذا كانت تنخر فيه هذه الأسباب.

لقد حفل هذا الكتاب المهمّ بألوان من الموضوعات المهمّة التي يحتاج إليها العسكريّ، والسياسيّ، والداعية، والمفكّر .. فقد ذكر في بحث (القتال في الإسلام) المبادئ المثالية التي جاء بها القرآن العظيم، الخاصّة بأغراض الحرب العادلة في الإسلام، وأهدافها، وتنظيمها، وأورد بعض المصطلحات العسكرية والقانونية، وقوانين الحرب والحياد، من أجل تقديم فكرة واضحة عن المبادئ النظرية، في أحدث الكتب العسكرية، وأوثقها، وفي أحدث مصادر القانون الدولي، ومقارنتها بالمبادئ المثالية التي جاء بها الإسلام عن الحرب في الإسلام.

كما حفل الكتاب بأعمال الرسول صلى الله عليه وسلم العسكرية التي طبّقها فعلاً في القتال، وقارن بينها وبين المعلومات النظرية الحربية، التي طبّقها الرسول وأصحابه عملياً قبل أربعة عشر قرناً، بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ.

وفي هذا الكتاب ظهر الرسول القائد صلى الله عليه وسلم بشراً سويّاً، لم ينتصر وينشر دينه بحدّ السّيف كما يزعم المستشرقون وأذنابهم هنا وهناك وهنالك، كما لم ينتصر بالمعجزات والخوارق، كما يحلو لبعض البسطاء أن يزعموا، وإنما كان - عليه صلوات الله وسلامه - قائداً إنساناً فذاً، له من المؤهلات العظيمة ما تجعله فوق القادة العسكريين على مدى الزمان.

***

ص: 73