المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأيام الحاسمة قبل معركة المصير - اللواء الركن محمود شيت خطاب

[عبد الله محمود الطنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقَدّمَة

- ‌الفصْل الأوّل لمحات من حياته

- ‌عصره:

- ‌اسمه ونسبه ونشأته:

- ‌دراسته:

- ‌في الجيش:

- ‌في الصحافة:

- ‌في الإذاعة والتلفزيون:

- ‌أهم الموضوعات التي كان يكتب فيها:

- ‌هذا وقد كتب ما كتب ضمن المحاور الأربعة التالية:

- ‌1 - محور التاريخ العربي الإسلامي العسكري:

- ‌2 - محور اللغة العسكرية:

- ‌3 - محور العدو الصهيوني:

- ‌4 - محور الدعوة الإسلامية، والدفاع عن الإسلام ديناً، والعربية لغة

- ‌المؤتمرات العلميّة:

- ‌في الكليات العسكرية:

- ‌في الوزارة:

- ‌وفاته:

- ‌مواقفه

- ‌1 - مواقفه في نصرة دعاة الإسلام:

- ‌أ - مع سيد قطب:

- ‌ب - مع المودودي:

- ‌2 - موقفه من اللهجة العاميّة:

- ‌3 - موقفه من شعر التفعيلة:

- ‌4 - موقفه من اللغة العربية:

- ‌5 - يرفض رفضاً قاطعاً دعوة أعداء العربية إلى كتابتها بالحروف اللاتينية، تحت أيّ ذريعة

- ‌6 - موقفه من الحضارة الغربية:

- ‌7 - موقفه من أدب الجنس:

- ‌8 - موقفه من يهود والصهاينة:

- ‌9 - موقفه من المستشرقين:

- ‌10 - بناء الرجال:

- ‌11 - شروط النَّهضة:

- ‌12 - مع الزعماء:

- ‌13 - موقفه من الوحدة العربية:

- ‌14 - الإسلام هو الحل:

- ‌15 - موقفه من الأرقام:

- ‌16 - كتابة القرآن بالإملاء الحديث:

- ‌17 - يقول بالاتباع، ويصرّ عليه، ويرفض الابتداع في الدين

- ‌18 - يرى أن العلم يحتاج إلى تفرّغ كامل

- ‌المناضل المجاهد

- ‌الفصل الثّاني تعريف بمؤلفاته

- ‌مسرد بالكتب المطبوعة

- ‌1 - في التراجم:

- ‌2 - في الدراسات العسكرية:

- ‌3 - قصص وحكايات:

- ‌4 - في النقد:

- ‌الإهداءات

- ‌الرسول القائد صلى الله عليه وسلم

- ‌قادة النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قادة فتح السند وأفغانستان

- ‌قادة الفتح الإسلامي في أرمينية

- ‌قادة الفتح الإسلاميفي بلاد ما وراء النهر

- ‌بين العقيدة والقيادة

- ‌ما علاقة القيادة بالعقيدة

- ‌ومضات من نور المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التصور الصهيوني للتفتيت الطائفي والعرقي

- ‌المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم

- ‌دراسات في الوحدة العسكرية العربية

- ‌طريق النصر في معركة الثأر

- ‌ عوامل قوة إسرائيل:

- ‌ عوامل ضعف إسرائيل

- ‌الأيام الحاسمة قبل معركة المصير

- ‌الإسلام والنصر

- ‌الأدلة الرسميةفي التعابي الحربية

- ‌الأديب القاص

الفصل: ‌الأيام الحاسمة قبل معركة المصير

‌الأيام الحاسمة قبل معركة المصير

صدر هذا الكتاب في بغداد سنة 1967 م عن وزارة الثقافة والإرشاد في (167) صفحة.

وهو مجموعة من الدراسات العسكرية كتبها ونشرها بين 30/ 5 و 5/ 6/ 1967 م.

هدف من نشرها إلى:

1 -

خلق وعي عسكري سليم بين أبناء الشعب.

2 -

استثارة الهمم لحشد الطاقات المادية والمعنوية للجهاد.

3 -

إبراز ما يمكن أن يحدث في الحرب فعلاً بكل صراحة وموضوعية ووضوح ليكون الشعب على بيّنة من أمره، فلا يؤخذ بالأحداث على غرّة، فتنهار معنوياته دون مبرر.

في بحثه (خطة إسرائيل في 5 حزيران) كان مدركاً لمخططات إسرائيل، وخُطّتُها في الهجوم على تلك الهضاب (السورية) مكشوفة، أيضاً .. وهي خطتها التي كررتها مئات المرات في الاعتداء على البلاد العربية المجاورة، مع اختلاف بسيط واحد، هو زيادة حجم دروعها ومشاتها المنقولين بالعجلات المدرعة، وزيادة إسنادها الجوّيّ.

خطتها هذه، هي غارات خاطفة، تباغت بها القوات العربية، بقوات أرضية مدرعة، وقوات جوية، مع اختلاف في حجم تلك القوات

ص: 138

بالنسبة للواجب المطلوب، والهدف الذي تريد السيطرة عليه.

" وقد حشدت بالقرب من حدود سورية للهجوم على هضاب تحويل مجرى نهر الأردن - قوات تقدّر بأربعة ألوية مدرعة، ولواءين من المشاة المحمولين بالناقلات المدرعة، وهيأت القوة الجوية لإسناد هذا الهجوم الأرضي، لكي تهيّئ الجوّ المناسب لاختراق سريع حاسم ".

وإسرائيل " لم تكتم نياتها في الاعتداء على سورية، وفضحت باستهتار عجيب تلك النيات ".

لماذا هذا الاستهتار؟ أظنّ الجواب واضحاً ..

بل عندما قامت مصر بحشد قواتها في سيناء على حدود إسرائيل، سارعت إسرائيل إلى سحب قواتها من حدودها الشمالية، إلى حدودها الجنوبية مع مصر، وصارت جبهتها الشمالية مع سورية ثانوية، وجبهتها مع مصر هي الحيوية.

ومع ذلك .. سقطت الهضاب المنيعة في الجولان الاستراتيجي المنيع. فتأمل.

وفي بحث (أهمية حرمان إسرائيل من الملاحة في خليج العقبة) قدّم وصفاً مجملاً لخليج العقبة، وأهميته الاستراتيجية من النواحي العسكرية والاقتصادية والسياسية.

وفي (حرب أم لا حرب) الذي كتبه في 30/ 5/ 1967 م أي قبل الحرب بخمسة أيام فقط قال:

" وأبادر إلى القول بأن الحرب بين العرب وإسرائيل آتية لا ريب فيها، ولكن: كيف؟ ومتى؟ وأين؟ ".

ثم أجاب اللواء خطاب على هذه الأسئلة.

ص: 139

تحدّث عن القوات الإسرائيلية: النظامية، والعصابات الإرهابية الرديفة للجيش النظامي، والقوات المدنيّة المهيأة للدفاع المحلي عن القرى والبلدات والمستعمرات.

وبيّن أن القتال على جبهتين ليس بمقدور إسرائيل، بقواتها النظامية الراهنة، ولذلك دعت إلى النفير العام الذي تستطيع به تجنيد 200 - 300 ألف مقاتل. وهذا العدد يحتاج إلى التسليح، والتنظيم، والتجهيز، والقيادة.

وكل هذا يحتاج إلى الوقت، وهي جادة في كسب الوقت، وتخادع العرب بمظاهر كاذبة .. " هذا ما يجب على العرب أن يضعوه نصب أعينهم، ويستعدّوا لمجابهته بخطط مدروسة دقيقة " فإسرائيل سوف تخوض الحرب لا محالة.

وخلص إلى القول في هذه المقالة التي نشرها في 30/ 5/ 1967 م:

" أمّا متى تبدأ الحرب؟ فالنفير الإسرائيلي يكمل خلال أسبوعين، وقد بدأت بتنفيذ خطة نفيرها بتاريخ 23/ 5/ 1967 م وينتهي نفيرها يوم 5/ 6/ 1967 م، وفي خلال هذه الفترة يمكن إنجاز خطط الحركات والخطط الإدارية، وخطط التنقل، وخطط تعيين القيادات، وإصدار الأوامر إليها. وعلى ذلك: ستهاجم إسرائيل القوات العربية يوم 5/ 6/ 1967 م "(1).

ترى .. أي مفكر استراتيجي هذا اللواء الركن محمود شيت خطاب؟

وأيّ حساب دقيق، وذهن متوقّد كان يمتلك؟

(1) الأيام الحاسمة قبل معركة المصير: ص 84.

ص: 140

وفهمه لقيمة الوقت في هذه المرحلة الحاسمة، جعله يكتب بحثه (الوقت مع العرب على إسرائيل)، وخلص فيه إلى " أن العرب إذا اشتبكوا بالقتال ضدّ إسرائيل، بعد حشد طاقاتهم المادية والمعنوية، فإن الحرب، كلما طال أمدها، يكون الوقت مع العرب على إسرائيل. والذي أريده: أن العرب إذا حاربوا إسرائيل قبل استكمال نفيرها، فسيلحقون بها أضراراً جسيمة ".

هذا المعنى الحاسم كان خطاب لا يفتأ يردّده على مسامع العرب، ويؤكّده ليعوا خطورة ما يقول:" والذي أريده: أن العرب يجب أن يبدؤوا بالهجوم على إسرائيل، ليحطموا قواتها أولاً، قبل أن تحطّم إسرائيل القوات العربية، في حال استكمال نفيرها، وإقدامها على مهاجمة العرب، ولكي تكون المبادأة بيد العرب على إسرائيل ".

ولكن .. يبدو أنه كان مدركاً أن العرب سوف يفوّتون على أنفسهم فرصة المبادأة، وسوف يقوم اليهود بمهاجمة العرب، وسوف يحققون نصراً كاسحاً في الأيام الأولى من الحرب، وعندها ما على العرب إلا الاستمرار في القتال، فقال:" الدرس الذي أركز عليه في هذا المقال، والذي أريد أن يتفهمه العرب بعمق وأصالة: أن انتصار إسرائيل في الأيام الأولى من الحرب على العرب، يجب أن يزيد من صمود العرب، ومن استقتالهم، دفاعاً عن كرامتهم، وحقوقهم، وشرفهم ".

فإذا كان العرب لا يجرؤون على مهاجمة إسرائيل، وتركوا لها فرصة بدء الحرب، وكسب النصر، فليطيلوا أمد الحرب، ولا يوقفوا القتال، وعندها يتراجع جيش اليهود وينتصر العرب، ولكنْ هيهات

إنها صيحة في وادٍ سحيق.

وفي بحثه (حرب البترول) بيّن الأهمية الاستراتيجية للبترول

ص: 141

بالنسبة للآلة العسكرية، وبالنسبة للغرب، وبالنسبة لإسرائيل

وبعد دراسة مركّزة، قال:

" يمكن الجزم بأن قطع البترول عن إسرائيل نهائياً، وعن الدول الاستعمارية التي تساند إسرائيل، سيؤدي إلى اندحار إسرائيل في الحرب، وذلك في حالة صمود العرب، مهما بذلوا من خسائر وأضرار، وسيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الغربي خاصة، ويجعل الدول التي وراء إسرائيل، تفكر ألف مرة قبل الإقدام على إلحاق الضرر بمصالح العرب ".

ودعا العرب والمسلمين إلى قطع بترولهم عن إسرائيل فوراً، وإذا نشبت الحرب، فعلى العرب أن يوقفوا ضخَّ بترولهم نهائياً، حتى تضع الحرب أوزارها، لكي لا يتسرب هذا النفط إلى إسرائيل، وإلى من وراء إسرائيل من دول الاستعمار.

وفي كلمته (إرادة القتال) التي ألقاها من تلفزيون بغداد مساء يوم 5/ 6/ 1967 م شجّع العرب على القتال والاستبسال والصمود في وجه العدو اليهودي، وبدأ حديثه بذكر عدّة حوادث تاريخية، كغزوة الحديبية التي بايع فيها المسلمون رسولهم وقاندهم صلى الله عليه وسلم على الموت، واستذكر بعض بطولات معركة اليرموك، والقادسية، ثم عرّف (إرادة القتال) التي هي: إيمان بهدف سام، وجهاد في سبيل هذا الهدف بالنفس والمال، وثقة بأن هذا الهدف هو أحبّ وأعزّ وأغلى من الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن .. وتحدّث عن الناحية الروحية، والإيمان، وعقيدة الإسلام ..

وطالب القادة العسكريين أن يكونوا قدوة لضباطهم وجنودهم، ولشعوبهم، في المعارك، وما يقال للقادة العسكريين، يقال للقادة السياسيين، وطالبهم:

ص: 142

1 -

بحشد سائر الطاقات المعنوية والمادية، وزجّها في المعركة.

2 -

بالتوقف عن ضخّ البترول فوراً.

3 -

بأن يفتح العرب على إسرائيل ثلاث جبهات: مصرية، وسورية، وأردنية.

4 -

بأن تحشد سائر الدول العربية قواتها فوراً، وتنقلها إلى ساحات القتال بسرعة.

5 -

بإعلان النفير العام في سائر البلاد العربية.

وأنهى كتابه الاستراتيجي هذا بخاتمة لخّص فيها توقّعاته قبل الحرب، وحدوث تلك التوقعات على أرض الواقع، ثم حاول التخفيف من وقع هذه النكسة، النكبة على العرب، ودعاهم إلى الصبر، والإعداد، والصمود، والإفادة من دروس المعركة، والتركيز على المعنويات، على العقيدة، على المبادئ والأخلاق، على أن يعودوا إلى الإسلام من جديد.

فنتيجة حرب حزيران كانت متوقّعة، فقد كان همّ اليهود الإعداد لحرب العرب، وكان همُّ العرب مقاتلة بعضهم بعضاً .. لم يصرف اليهود دقيقة من وقتهم في غير الاستعداد للحرب، وصرف العرب كل أوقاتهم في تخدير أنفسهم، وفي اللهو واللعب وتفرفة الصفوف. كانت إسرائيل تعمل، وكان العرب يقولون. وشتان بين الأعمال والأقوال.

لقد بدا اللواء خطاب - في هذا الكتاب كما في غيره مفكراً استراتيجياً، مستقبلياً ومثقفاً عميق الثقافة، واسع الاطلاع، نهم القراءة والاستماع، يطالع الصحف، ويقرأ المذكرات والكتب، عربيةً وأجنبية، صديقةً ومعادية، ويستمع إلى الإذاعات المعادية، ويحلّل ما يقرأ ويسمع ويركّب، ثم يستخلص النتائج بوعي، ويفهم دور العامل الاقتصادي،

ص: 143

والسياسيّ، والمعنويّ في الحرب الحديثة، ومدى التغلغل اليهوديّ الاقتصادي في بلاد العرب والمسلمين، كما في أرتيرية عن طريق الحبشة.

إنه مفكر استراتيجي وكفى .. قال عنه الكاتب اليهودي صاحب كتاب (الحرب بين العرب وإسرائيل): " إنه أكبر عقليّة استراتيجية في العرب، ولكنّه كالنبيّ في الصحراء، لا يجد من يستفيد منه "(1).

(1) محمد المجذوب، علماء ومفكرون عرفتهم: 1/ 341.

ص: 144