المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تدبر العقل في أسرار الكون - المحاضرات في اللغة والأدب

[الحسن اليوسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌فوائد تسمية المؤلف

- ‌تتمة

- ‌اسم المؤلف ونسبه

- ‌تتمة أخرى في أحكام التسمية

- ‌رؤيا والد المؤلف ودعوة أستاذه

- ‌تقلبات الدهر

- ‌مقام الشكر

- ‌ومقام الصبر عند الصوفية العارفين

- ‌الشجرة الخضراء

- ‌في المدينة الحالية: سجلماسة

- ‌محتالون يظهرون الصلاح ويخدعون الناس

- ‌أشعار في الكرم وخدمة الضيف

- ‌أصناف الناس

- ‌أصناف بقاع الأرض

- ‌الأريحية

- ‌فضل العلم

- ‌الانزعاج عن الوطن

- ‌الحكم التكليفي والحكم التصريفي

- ‌النفس والشيطان

- ‌الخاطر النفساني والخاطر الشيطاني

- ‌الحقيقة والشريعة

- ‌أبيات الحكمة والتمثيل

- ‌روايات المؤلف عن محمد الحاج الدلائي

- ‌منافسة علماء مصر لأحمد المقري

- ‌قضاء الحاجات عند الصلحاء

- ‌الحرة تكفي وتغني

- ‌شيخ الدلاء

- ‌عند عبد الله بن حسون في سلا

- ‌محمد الشرقي شيخ تادلا

- ‌القاف المعقودة

- ‌الكسكسون والتداوي بالشيء المعتاد

- ‌الدنيا وما فيها عرض زائل

- ‌المقامة الحافظة

- ‌الحسَد والحساد

- ‌كلمة الإخلاص

- ‌وتغالي فقهاء سجلماسة في فهمها وتفهيمها للعوام

- ‌العدوى والطيرة

- ‌تأملات المؤلف في النعيم والعذاب

- ‌انهزام الدلائيين في معركة بطن الرمان

- ‌دوام الملك بالعدل واضمحلاله بالجور

- ‌وسواس المهدوية

- ‌مهدوية أحمد بن أبي محلى

- ‌المهدي بن تومرت وأتباعه

- ‌الرياسة والشهرة

- ‌الكشف والمكاشفة عند الصوفية

- ‌إطعام الطعام في الزوايا

- ‌الزاوية والرباط

- ‌ميل القلوب ونفرتها

- ‌حنين المؤلف إلى الزاوية الدلائية

- ‌الاعتزال عن الخلق طلباً للسلامة

- ‌ذم المعاصرين ومدح المتقدمين

- ‌مداراة الناس صدقة

- ‌مناظرة المؤلف لشيخه

- ‌المرابط الدلائي

- ‌تنقل المؤلف في طلب العلم بالجنوب

- ‌تأخير الصلاة

- ‌أبو بكر الدلائي يكرم العكاكزة مداراة لهم

- ‌استحلاء الطاعات سموم قاتلة

- ‌تدبر العقل في أسرار الكون

- ‌تذوق الصوفية معاني الأبيات

- ‌والإشارات تأويلها حسب المقامات

- ‌انتقاد أحد القضاة للمؤلف والرد عليه

- ‌باب في

- ‌ملح من الأدب

- ‌نبذة مختارة من مختار الشعر

- ‌أشعر بيت قالته العرب

- ‌أحسن بيت قالته العرب

- ‌أصدق بيت قالته العرب

- ‌أكذب بيت قالته العرب

- ‌أنصف بيت قالته العرب

- ‌أفخر بيت قالته العرب

- ‌أمدح بيت قالته العرب

- ‌أهجى بيت قالته العرب

- ‌أشجع بيت قالته العرب

- ‌أشعر بيت في وصف الجبان

- ‌أشعر بيت قيل في الاستحقار

- ‌أكرم بيت قالته العرب

- ‌باب في

- ‌نبذة من كلام الأذكياء

- ‌باب

- ‌نبذة في أبيات المعاني والألغاز العربية

- ‌باب في

- ‌نبذة من المضحكات والملح

- ‌طفيل بن دلال الهلالي رأس الطفيليين

- ‌باب في

- ‌ذكر شيء من أخبار الثقلاء

- ‌باب

- ‌نبذة في الأوليات

- ‌باب

- ‌نبذة من المواعظ والوصايا

- ‌طائفة من الحكم

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف الظاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف لام ألف

- ‌حرف الياء

- ‌الرغيف والذهب

- ‌عدي بن زيد والأمير النعمان

- ‌من شعر أبي العتاهية

- ‌في الزهد والمواعظ

- ‌القصيدة الزينبية

- ‌تائية المقرئ في المواعظ

- ‌خاتمة

الفصل: ‌تدبر العقل في أسرار الكون

نعم الناس في أمر الطلب والدعاء لا في هذه ولا في غيرها صنفان: " صنف " يسلم ولا يطلب، " وصنف يطلب " وذلك " بسبب " اختلاف المشارب وتباين الشهادات، فمن أشهده الله تعالى كونه عبداً مملوكاً مكفولاً بعين مولاه وفي حياطته لم يبق له دعاء ولا طلب، بل التوكل والتسليم وانتظار القسمة السابقة، وله في هذا مشارب، فقد يلاحظ حياطة المولى وكفالته فيستغني، وقد يلاحظ انبرام القسمة وأن الدعاء لا يزيد فيها ولا ينقص فيمسك، وقد يلاحظ علم الله تعالى وقدرته وجوده فيستحيي، إذ لا ينبه إلاّ غافل، ولا يستنهض إلاّ عاجز ولا يستعطف إلاّ بخيل، إلى غير هذا من الواردات، وقد يلاحظ إساءته وتقصيره في الخدمة فيستحيي أن يطلب، ومن أشهده الله تعالى " كونه " عبداً فقيراً محتاجاً إلى سيده لا يستغني عنه لحظة، وقد أذن له في رفع حوائجه إليه فليس إلاّ الدعاء والطلب، وله في ذلك أيضاً مشارب، فتارة يسترسل مع وصفه من الافتقار واللجأ إلى مولاه، وتارة يرى تعاطي ذلك وإظهاره هو اللائق بالعبودية، وتارة يلاحظ امتثال أمر الله تعالى حيث طلب من عباده أن يدعوه، وذلك كله من غير التفات إلى حاجة تقضى ولا ثمرة غير ما حصل له من التعبد والمناجاة والتذلل بين يدي الملك الجليل، وناهيك بذلك ثمرة " مع " ما يرجى أن يستتبعه ذلك من رضوان الله تعالى، وهو نهاية السول وغاية المأمول، وهذا كله لمعرفته بأن القسمة قد سبقت لا تزداد ولا تنقص، ومحال أن يكون الدعاء اللاحق، سبباً للعطاء السابق، فلم يبق إلاّ أن الدعاء عبادة وتأدب مع الرب تعالى، والرب يفعل ما يشاء " ويحكم ما يريد "، وقد يلاحظ أن من جملة ما يقضى ترتب بروز العطاء على الدعاء، وأن الاشتغال بالدعاء سبب كسائر الأسباب فينتهض لإقامة الحكمة في تعاطي الأسباب وامتثال أمر الله تعالى في ذلك إذا أقيم " فيه " وهذا الوجه هو الذي يظهر من أحوال من يتحرى أوقات الاستجابة وأسبابها من الصالحين، والأوجه كلها حسنة لا يخرج المتلبّس بشيء منها عن الخصوصية، نسأل الله تعالى أن يمنحنا حسن الأدب بمنه.

ثم الداعي أيضاً له حالتان، لأنه إما أن يشهد حال نفسه من الإساءة والتقصير والخساسة الذاتية والذلة والمهانة فلا يدعو إلاّ بما يناسب ذلك من العفو والمغفرة والنجاة من النار والإقالة واللطف ونحو ذلك، وفي هذه الحالة قال القائل: تجرأت البارحة فسألت الجنة، وقال الآخر: سبحان الله متى خرجنا من النار حتى نطلب الجنة، وإما أن يشهد وصف ربه من الكرم والجود والفضل، أو يشهد أنه عبد للمالك العظيم، ويلاحظ نحو قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا سَألْتُمْ اللهَ فَاسْتَعْظِمُوا المَسْألَةَ، فَإنَّ اللهَ لا يَتَعَاظَمُهُ شَيْء " فيدعو بما يناسب ذلك من الجنة والدرجة العلية، والرضوان والمعرفة، والمحبة والقرب والولاية، ونحو ذلك، ولا شك أن الحلة الأولى هي أنسبُ بالعبد في هذه الدار وأسلم له، ولكنه بيد الله تعالى يتصرف ويتلون بحسب سابق المشيئة.

وأما الحلاوة فمن جهة ما ذكرنا من التدريج، فإنا نود أن لو وجد المسرف حلاوة للطاعة وتبعها حتى يترك فسقه ويتمرن على العبادة، فعسى أن ينقله الله إلى حالة أخرى أرفع، وقد تكلمنا فيما لسنا من أهله وتعدينا طورنا، فنستغفر الله تعالى.

لله الأمر من قبل ومن بعد

‌تدبر العقل في أسرار الكون

اعلم أن الله جل أسمه بلطيف حكمته وبديع صنعته خلق العقل وجعل غذاءه العلوم والمعارف، ويسر له الاستعداد من الموجودات قال تعالى:) إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب (وقال تعالى:) وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم (فما من شيء يبرز في الوجود من السماء والأرض وما بينهما إلاّ ويمكن أن يكون للعقل فيه غذاء بحصول علم أو علوم، ويختلف ذلك باختلاف العقول فطنة وجموداً أولاً، وباختلاف مواهب الله تعالى وفتوحه ثانياً، ويجري ذلك في الجواهر والأعراض وما لها من الكميات والكيفيات والهيئات، فمن رزقه الله تعالى فطنة استفاد من الأمور ما يستغربه أهل الجمود.

ص: 93