الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويسمى صوت الحليّ بالوسواس أو النقنقة.
والتميمة، خرزة تعلق في عنق الصبي أو الصبية أو خيط تعلق فيه التعاويذ بزعم أنه يدفع عنهم الآفات.
ومن لواحق الزينة عندهن بل من أصولها ودعائمها الطيب، وهو زينة العرب جميعاً رجالا ونساء وأطفالا.
والطيب عندهن على صنفين: أعواد يُتَبَخّرُ بها، ودُهن يُدّهَن به. فمن الأول الصندل، والساج واللبنى - وهو شجر يسيل منه لبن كالعسل في طعمه - والعود. والند - وهو المسك يعجن بالعود - والرّند وهو شجر زكي الرائحة.
ومن أزهارهن الآس، ومنه يعتصر دهن يُدهن به. ومن الثاني العنبر والمسك والغالية وهي أزكى صنوف الطيب عندهن وتتخذ من المسك يعجن بالعنبر والبان. فأما البان فشجر يسمو ويطول في استواء وورقة كورق الأثل وثمرته كقرن اللوبيا ولها حب يعتصر فيخرج منه ذلك الدهن.
على أن هنالك من العرب - وأخصهم أهل البادية - من يتوصل باطراح الطيب وترك التضمج به ويرون في الماء غَناء عنه ومن ذلك ما يقول الحارث بن كعب المَذْحِجي فيما يوصي به بنيه: وتزوجوا الأكفاء وليستعملن في طيبهن الماء.
بيتها
لم تكن بيوت العرب على سواء في تكوينها ونظامها ومادتها. فهي تختلف باختلاف مواطنها وأقدر ذويها. فأهل البادية لحاجتهم إلى النجعة، واعتزامهم الرحيل، وتأثرهم مساقط الغيث. ومنابت الكلأ، كانت بيوتهم بحيث يسهل تقويضها، ومتاعهم بحيث يحْتمل حمله، فلم يجاوزوا به مواطن الحاجة، وسداد العَوَز.
فأما بيوتهم فأكثرها خيام تضرب ثم تطوى، وقَلَّ أن كانت من الحجر أو الَّلبِن. وهي من حيث هذا وذلك على عشرة أنحاء: خباء من صوف، وبِجاد من وبَر، وفُسطاط من شَعَر، وسُرِاَدق من قطن، وقشع من جلد، وطرف من أدم، وحَظيرة من شَذَب وخيمة من شجر، وأُقنة من جر، وكُبّة من لبن. وهي بسائط التكوين. ومَثَلها في ذلك كمثل ما أحاط بها من سهل، وجبل، وجوّ، وأرض، وسماء. وغير أن أشرفهم لغدوّهم على حواضر البلاد وغشيانهم مجالس الملوك، كانوا يتأنَّقون بعض الأنقة في بيوتهم، وينقلون إليها من تلك المظاهر ما لا تنبو عنه طباعهم، ولا أسلوب حياتهم. وربما جمع الرجل بين هذه البيوت كلها أو بعضها ليتخذ منها مأوى لضيفانه، ومثوى لعشيرته، وحظيرة لماشيته، وجلساً لنسائه، ومهبطا لسُماره.
وكانت للنساء مجالس يجتمعن فيها فيتناقلن الحديث، ويتجاذبن أطراف الكلام، كما كانت للرجال أندية يتسامرون فيها ويتشاورون وذلك ما يراد من قول عمرو بن كلثوم في وصيته لأبنائه حيث يقول؛ وأبعدوا بيوت النساء عن بيوت الرجال، فإنه أغض للبصر.
أما المدن فمستقر الدور والقصور. وهي لا تقل في شيء عما سواها في مختلف الأقطار والأمصار، وبينها أبدع ما وضعته الأيدي، وأثمرته العقول. ففي غُمدان وظفار وأشباههما. وفي العراق الخَوَرْنَقُ والسَّدير وأضرابهما. وفي الشام السُّوَيداء وقصر الغَدير ونظائرهما. وفي تدمر وتيماء الرواق الأعظم، والأبلق الفرد وأمثالهما. وفي كل مدينة من القصور الشمم ما لا تناله العُصْم، ومن دونها قصور لا تدانيها سناء ولا بناء. على أن لها نصيبها من جلال وجمال. ومن ذلك تعلم أن
بلاد العرب لا تقل في بيوتها عن كل بلدُ مشرق العهد عريق المجد بعيد الأمد.
أما أثاثها ومتاعها فإني ناقل لك أعمه وأهمه. ففيها من الفُرُش الْحَصير، ومنه المنمق المنقوش، وفي النساء صوانع خصصن بتنميق الحصير. قال النابغة:
كأن مَجْرَ الرامِساتِ ذُيُولَها
…
عليه حصيرٌ نمَّقَتْه الصوانع
والبساط وهو كل شيء بسط ليجلس عليه. ومن البسط الرفرف، وهي بسط خضر - واحدتها رفْرَفة - والزرابي - جمع زربى - وهو بسط بديعة الرُّواء، لها خَمْل - هُدب - ناعم دقيق؛ وإنما سميت بذلك تشبيها بالزَّربى من الزهر، وهو نبت يجمع بين الصفرة والبياض: والطنافس - جَمع طنْفُسة - ومثلها كمثل الزرابي في خملها، وإن كانت دونها في رقة نسجها، ورُواء منظرها. والعَبْقَرِي - جمع عبقرية - وهي الطنافس الثَخان، أو البسط الموشيَة من الديباج، أو أبدع الزرابي. والنمارق - جمع نُمرُقة - ومنها وسائد وبسط هي جميعاً ذات وشي مرقوم وقد ذكر الله جلِ ذكره تلك الصنوف من البسط في القرآن في سياق وصف الجنة ليصورها بذلك للعرب على إبداع ما يفهمون، وأحبَّ ما يعلمون.
أما ما على الفراش من المقاعد فمنه الحشايا - واحدته حَشِية - وهي مقاعد محشوة تبسط على الأرض للجلوس وفوق السرر للنوم. وقد يبالغون في حشوها فيتخذونه ريش النعام. فإذا ازداد حشوها وارتفع سَمكها فهي الوشائز.
وعندهن الحَجَلة وهي غرفة العروس تزين بالفُرش والأسرة والستور. وبها الأرائك - واحدتها أريكة - وهي شبيهة بالوشائز. غير أنها أرفع وأرق وأبهج. ومن أجمل ذلك اختصوا بها غرفة العروس.
وأما الأسرة فصنوف شتى وأوضعُهَا ما اُّتخذ من سَعَف النخل. وأعزها ما كان من العاج. وذلك الذي يقول فيه القائل.
واللهِ للَنّوْمُ على الديباج
…
على الحشايا وسرير العاج
أهون يا عمرو من الإدلاج
…
وزفرات البازل العَجْعاج
ولهن غير ذلك الكِلل - واحدتها كِلة - وهي ستور رقيقة من البعوض وموطنها فوق السرر ودونها.
وهنالك الحِلْس وكن يضعنه تحت الفراش بينه وبين الأرض ويقابله النمط وهو ظُهارة الفراش.
أما جدران الغرفة وحيطانها فكن يشددن عليها النجود، وهي ستور منَّمقة ذات صور، وأشكال تشد على جدران الغرف لتزدان بها.
ولهن ما يحفظن به حُرّ المتاع. ومن ذلك الصندوق، والخزانة، والْجُوالق. وبعضها قريب من بعض. فأما صندوق الثياب خاصة فهي الصُّوان. وفي الغرفة المرآة والمِسرجة وموضعها فوق المنارة. وما يشتعل فيها هو السراج، والقنديل وتصله بسماء الغرفة سلسلة تدخل في عراه. وكلا المسرجة والقنديل تضيء فيه الذُّبالة وهي فتيلة تستقي. وأكثر ما يكون دهن المصباح من الزيت. وقد يتخذ من السمن. وشاهد ذلك الحديث الفأر يقع في السمن: إذا كان جامداً قوّر ما حوله وارم به. وإن كان مائعاً فاستصبح به.
تلك هي غرفة المرأة العربية، أتينا على خير ما حوت من زينة، وضمت من متاع، حتى تتراءى بذلك صورة ما عليها وما حولها، وحتى تعلم من كل ذلك أن المرأة العربية وإن أَبرت على كثير ممن سواها في فضلها فلم تقتصر عنهن في شيء من مادتها وزينتها.