الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في قلوبهن، وأعلقها بنفوسهن؛ لأكشف لك عن صورة غير مخضوبة، وصحيفة غير مكذوبة.
الخرزات والتمائم والرُّقَي
إن اختمار الوثنية في المرأة العربية خيَّل لها أن في بعض الحجر مآثر وأسراراً تكشف عنها العزائم والرُّقَى.
فهنالك بين ثنايا الجبال، وبين أعطاف المفارز، صنوف من الخرز مما فُصل من شعب الصخور، تناولته يدُ القدم، فأبدعت أشكاله، ونوعت ألوانه، بما سلطت عليه من وَهَجَ الشمس، وتسكاب المطر.
ألقى في روع المرأة العربية أن لكل طائفة من هذا الخرز أثراً في إصلاح أمرها من اجتلاب خير، أو دفع مكروه، وأعد لها السواحر كلمات تلقيها على كل فريق لتستثير ما يطويه، من أثر صالح، وسر كمين.
وذلك الذي أورده عليك مختار خرزهن. ومأثور عزائمهن ورقاهن.
فمن خرزاتهن:
الهِمنة: وهي خرزة يجتلب بها النساء قلوب أزواجهن. وهن يَقُلن عليها: أخّذْتُه بالهِنَّة، بالليل زوج وبالنهار أَمَه
والدّرْدَبيس وهي خرزة سوداء، كأن سوادها لون الكبد، إذا رفعتها واستشففتها رأيتها تشف كلون العنبة الحمراء. تتحبب بها المرأة إلى زوجها. وموطنها قبور عاد. قال قائلهم:
قطعت القيد والخرزات عني
…
فمن لي من علاج الدَّرْدَبيس
وقال:
جَمَّعْن من قبلٍ لهن وفَطْسَةٍ
…
والدردبيس مقابلاً في المنْظَم
فانقاد كل مُشَذَّبٍ مَرشسِ القُوَى
…
لحبالهن وكل جلد شَيظَم
وهن يقلن في رقاهن عليها: أخَذْتُهُ بالدردبيس: تُدِرُّ العِرق اليِبَيس، وتَذَر الجديد كالدَّريس.
وكَرَار: وهي خرزة يؤلف بها نساء البادية قلوب رجالهن. ومن مقالهن عليها: يا كَرارُ كرَّيه، يا هَمةُ أهمريه، إن أقبل فُسريه، وأن أدبر فضُريه.
والقَبَلة: وهي من خرز نساء العرب. يتخذنها لإقبال أزواجهن عليهن ورثقيتها: يا قبَلة أقبليه، ويا كرارُ كُريه.
والصَّرفة: وهي خرزة يصرفن بها الرجال عن مذاهبهم، وشتات أغراضهم.
والعَطْفة: وهي خرزة يُعَطّفن بها الرجال إذا قَسَت قلوبهم.
واليَنْجَلب: وهي خرزة يتخذنها للرضاء بعد الغضب، والأوبة بعد النَفار. ورُقيتها: أخَذْتُه باليَنْجِلب، فلا يَرم ولا يغيب، ولا يزل عند الطُنب.
والسُّلونة: وهي خرزة شفَّافة إذا دفنت في الرمل اسودّ لونها فإذا أُخرجت سحقت وصب عليها ماء المطر فإن شربها من اْبتُلي بحب إنسان سلا عمن أحبه ويسمى
ماؤها السُّلوان. قال قائلهم:
شربت على سُلوانة ماء مُزنة
…
فلا وجديد العيش يا ميَّ ما أسلو
وقال:
يا ليت إن لقلبي ما يُعَلَّلُه
…
أو ساقياً فسقاني عنك سُلوانا
وقال الراجز:
لو أشرب السلوان ما سَلِيتُ
…
ما لي غنى عنكم وإن غَنِيتُ
والسَّلوَة: وهي خرزة يشف ظاهرها عما وراءه، وإذا اسثشففتها رأيتها كزُالا البيض يُسقى نقيعها الحزين فيسلو والكلف فينصرف.
قال الشمَردل:
ولقد سُقِيتُ بسلوةٍ فكأنما
…
قال المُدَاوِي للخيال بها ازدد
وقال عروة بن حِزَام:
جعلت لِعَراف اليمامة حُكمه
…
وعراف نجد إن هما شفياني
فقالا نعم نشفى من الداء كله
…
وظلا مع العُوَّاد يبتدراني
فما تركا من رُقية يعرفانها
…
ولا سَلوَة إلا وقد سقياني
والقرْزَحْلَة: وهي من خرز الضرائر، إذا لبستها المرأة مال إليها بعلها دون سواها قال قائلهم:
لا تنفع القرزحلة العجائزا
…
إذا قطعنا دونها المفاوزا
والكَحْلة: وهي خرزة تجعل على الصبيان فتقيهم أذى العين والنفس من الجن والإنس ولها لونان بياض في سواد كالرُّب والسمن إذا اختلطا. وربما اتخذها النساء لتأليف قلوب الرجال.
والفطَسة: وهي خرزة يسْقم بها العدو حتى يموت. ومن مقالهم عليها: أخّذْته بالفَسطة، بالثَُّبا والعَطسَة، فلا يزال في تعسة، من أمره ونكْسَة، حتى يزور
رَمسهَ.
ومن رُقاهن لتأليف القلوب: هَوّابة البرقُ والسحابة، أخذته بِمركَن، فحُبُّهُ تمكن، أخذته بإبرة، فلا يزال في غبرة، جَلبته بإشفى، فقلبه لا يهدا. جلبته بِمبرد، فقلبه لا يَبرد.
وهنالك التمائم، والتميمة خرزة رقطاء، أو طائفة من الخرز والعُوذ تنظم في سير ثم تعلق في عنق المولود حين يولد.
ومما يفعلن أبناءَهن أذى العين، وشرور الجن، أن يعمدون إلى الوليد حين يولد فيخططن عليه من صمغ السّمُر - وهو شجر أشجار البادية يزعم العرب أن الجن يرهبونه منه - ثم يعلق عليه سن ثعلب أو هرة، ومن حديثهن أن جنية أرادت صبيا فلم تقدر عليه. فلما رجعت قيل لها في ذلك. فقالت. كانت عليه نُفرة، ثعالب وهَرَة، والحيض حيض السّمَرة.
وربما علقن عليه كعب أرنب، لأن الأرانب لا يعلوها الجن ولا يقربونها قال ابن الأعرابي: قلت لأعرابي من علق على نفسه كعب أرنب لم يصبه جنّان الحي، ولا عُمَّارة الديار. فقال: إي والله، ولا شيطانة الْحَمَاطة ولا غُول القفر وتُطأْ عنه نيران السّعالي.