الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس بأكفائنا الكرام ولا
…
يغنون عن عَيْلَة ولا عَدم
لو بأبانَيْنَ جاء يخطبها
…
ضُرَّب منه جبينه بدم
وربما احترش الأعرابي ضبا إلى كفيئته فكان ذلك مهرها وعُقدة زواجها. قال أعرابي:
أمهرتها بعد المطال ضبَّين
…
من الضباب سَحَبَلَيْب سَبَطين
نعم لعمر الله مهر العِرسَيْن
فذلك مهره الذي أبرَّ به على غيره، وتجمل به على صاحبته، وعده تأنقاً في البذل وإفراطاً في السماحة. ذلك مهر العروسين.
والعرب يقولون: الأزواج ثلاثة، زَوج مهْرٌ، وزوجٌ بهْر، وزوج دَهْرٌ أما زوج مهْر فرجل لا شرف له يُسْنىِ المهر ليُرغَّ فيه، وأما زوج بهر فالشريف وإن قَلَّ ماله تتزوجه المرأة لتفتخر به، وأما زوج دهر فذلك الكفء الذي لا عيب فيه.
يوم البناء
لا تجد في مأثورة حياة العرب ومعدود أيامهم، يوماً أتم بهاء، ولا أعم صفاء. ولا أبدع رُواء ولا أكثر ضياء ولا أجمع للبهيج الهني من محالفهم، ومعالم أفراحهم من يوم البناء. فهنالك يتبارى الفتيان فيلعبون بالرماح. وينتضلون بالصفاح ويَستَبِقون على متون الخيل. ويأخذون في الميسر - وهو أداة لهوهم وسنة الندى
والكرم فيهم - ويسرحون ويمرحون، ويشربون ويطربون.
أما بين يدي الدار وفي حجرتها، فهم يبسطون الأنماط، ويشدونها على الجدران وعليها النقوش المموهة والصور المزينة - وتلك التي استنكرها الإسلام
واطرحها في أعراس المسلمين - وعلى النمارق المصفوفة، والزرابي المبثوتة، يجلس النساء، ويأخذ فتياتهنّ فيما عف وظرُف من ضرب اللهو وفنون المرح.
فأما الليل فأحسن ما اكتحلت به نواظر العرب حتى جعلوه مضرب أمثالهم فقال قائلهم
يا ليلة ما ليلة العروس
فهنالك تُجلى الفتاة، ويُفرع عليها الحُلّيِ مما تملك وما لا تملك، لأن قومها يستعيرون لها أمتع ما في الحي من حلي، بل ربما تجاوزوا حيهم إلى ما سواه. فقد استعار عتبة بن ربيعة - وهو في الشرف الصميم من قومه - حلي بني أبي الحقيق لتزف فيه ابنته هند على أبي سفيان ورهنم ابنه الوليد. فأقام بينهم شهراً ثم ردّ الحلي موفوراً.
في ذلك الزَّيَّ البهيّ تسير الفتاة في حشد من لِدَتها وأترابها حتى يصلن بها إلى حجلتها. فينشئ الإمام يرقصن بين يديها، ويُغَنَّينها بمآثر آبائها. والغرّ الميامين من قومها. وفي ذلك الموطن لا يحتجب النساء من الرجال.
وقد عَبَرَ العرب على سنتهم هده في مقتبل العهد الإسلامي. فقد حدّث البخاري عن الرُّبيَّع بنت معوذ بن عفراء أنها كانت قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل حين بُني علَيّ فراش كمجلسك مني فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إذ قالت إحداهنّ: وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال دعي هذا وقولي بالذي كنت تقولين.
ومن مقال النساء لصاحبتهن عند مفارقتها: باليمن والبركة. وعلى خير طائر
أما بعد فلا يهولَنَّك ما رأيت من اعتداد القوم بأَعراسهم فوق