الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن أمتع ما قيل في وصف نواعم العيش منفتيات البادية قول المَرّار بن المُنقذ التميمّي يصف فتاة من سَنّيات قومه:
ناعَمَتْها أمُّ صِدْقٍ بَرّةٌ
…
وأبٌ برّ بها غير حَكم
فهي خَذواء بعيش ناعم
…
بَرَدَ العيشُ عليها وقَصُر
لا تمسُّ الأرض إلا دونها
…
عن بلاط الأرض ثوب منْعَفر
تطأ الخزّ ولا تكْرِمُه
…
وتطيلُ الذيل فيه وتجُر
وترى الرّيط مَواديع لها
…
شُعُاً تلبسها بعد شُعُر
عَبِق العنبر والمسك بها
…
فهي صفراء كعرجون العُمر
وهي لو يُعصر من أردانها
…
عَبِق المسك لكادت تنعصر
دينها وعقائدها
إذا استثنيت فصائل منْبَثة في تفاريق بلاد العرب، من اليهود والنصارى، وآحاداً من الموحدين، فلست بواجد للقوم ديناً قَيماً يعتدُّون به ويعتمدون عليه.
فهم يعتقدون أن هناك إلهاً فاطر السماوات والأرض، وأودع سره وأفاض من روحه على ماشاء من خَلقه. لذلك عَبدوا الملائكة والكواكب، ولذلك اتخذوا الأصنام من الشجر والحجر. كل يختار أفضل ما يراه وأولاده - فيما يزعمون - بقوة الله، حتى لقد حلا لبنى حنيفة أن يتخذوا إلههم من الحَبيس فعبدوه دهراً طويلا ثم أصابتهم مجعة فأكلوه! فقال قائل من تميم:
أكلتْ ربَّها حنيفة من جو
…
ع قديم بها ومن إعواز
وغيره يقول:
أكلت حنيفة ربها
…
زمن التَّقَحُّم والمجاعة
لم يحذروا من ربهم
…
سوء العواقب والتّباعة
وقد بلغ من اضطراب هذا الدين أن تعبد العشيرة الحجر، فإن وجدوا غيره آنق منه تبدلوه به، وتركوا معبودهم القديم.
وفي حديث أبي رجاء العُطاردي: كنا نعبد الحجر في الجاهلية. فإذا وجدنا حجراً أحسن منه نلقيِ ونأخذه، فإذا لم نجد حجراً حفنة من تراب ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنا به.
وربما اتخذت الأسرة لعبادتها صنما خالصاً لها، بل ربما اتخذ الرجل لعبادتها
صنماً خالصاً له.
وآثر ما يعبدون من أصنامهم ثلاثة لثلاث من الإناث: اللاتُ، والعُزَّى، ومنَاةُ الثالثة الأخرى. جعلوهن رموزاً للملائكة لأنهم - فيما خُيل لهم - بنات الله، وأنثوا للاوليين منهن اثنتين من أسماء الله جل ثناؤه، فاتخذوا من الله اللات. ومن الأعزَّ: العزَّى! سبحانه الله وتعالى عما يصفون
مثل ذلك الدين الواهن المضطرب لا أثر له في تكوين المرأة العربية، وليس في شيء مما طبعت عليه من سمُوَّ النفس. وجلال الخُلُق، لأنه لا مظاهر له من كتب منشورة، وقواعد منثورة، ومآثر مأثورة.
على أن وَهَن هذا الدين أسلم دَهماء النساء إلى صنف من العقائد والهواجس رسخ في ذوات نفوسهن رسوخ الدين. وإني مُجمل لك القول في أعمق هذه العقائد