الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَدْءُ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
9754 -
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ
⦗ص: 429⦘
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَالَ: فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدَّهِ فَلَدُّوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ:«هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَؤُلَاءِ» وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ قَالُوا: كُنَّا نَتَّهِمُ بِكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَقْذِفُنِي بِهِ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا الْتَدَّ إِلَّا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ـ يَعْنِي عَبَّاسًا ـ قَالَ: فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: " أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأَذِنَّ لَهُ قَالَتْ: فَخَرَجَ وَيَدٌ لَهُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَيَدٌ أُخْرَى عَلَى يَدِ رَجُلٍ آخَرَ، وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ فِي الْأَرْضِ "، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: «أَتَدْرِي
⦗ص: 430⦘
مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ لَهَا نَفْسًا بِخَيْرٍ»
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ غَيْرِهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «صُبُّوا عَلِيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لِعَلِّي أَسْتَرِيحُ فَأَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ مِنْ نُحَاسٍ وَسَكَبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ ثُمَّ خَرَجَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ أَبُوهُ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 431⦘
: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ يَوْمَئِذٍ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ:«إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّكُمْ تَزِيدُونَ وَالْأَنْصَارُ لَا يَزِيدُونَ، الْأَنْصَارُ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ»
قَالَ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ رَبُّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ رَبِّهِ» ، فَفَطِنَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى رِسْلِكَ» ، ثُمَّ قَالَ:«سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ رحمه الله، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَحْسَنَ يَدًا عِنْدِي مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ»
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ الْعَبَّاسِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ نَزَلَ بِهِ جَعَلَ يُلْقِي خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «لَعْنَةُ اللَّهِ
⦗ص: 432⦘
عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». قَالَ: تَقُولُ عَائِشَةُ: «يُحَذِّرُ مِثْلَ الَّذِي فَعَلُوا»
قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ: «مُرِ النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا» ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ فَلَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ فَصَلَّى عُمَرُ بِالنَّاسِ فَجَهَرَ بِصَوْتِهِ وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«أَلَيْسَ هَذَا صَوْتَ عُمَرَ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:«يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ، لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ» ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ كُنْتُ أَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكَ أَنْ تَأْمُرَنِي قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا أَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَحَدًا
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» قَالَتْ: قُلْتُ
⦗ص: 433⦘
: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ فِي مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: فَرَاجَعْتُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ:«لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ»
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتْرَ الْحُجْرَةِ فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، وَهُوَ يَبْتَسِمُ قَالَ: وَكِدْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ فِي صَلَاتِنَا فَرَحًا بِرُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ دَارَ يَنْكُصُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَنْ كَمَا أَنْتَ» ، ثُمَّ أَرْخَى السِّتْرَ فَقُبِضَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ:" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ رَبَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً عَنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَأَلْسِنَتَهُمْ يَزْعُمُونَ أَوْ قَالَ يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ "
قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ
⦗ص: 434⦘
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: وَاللَّهِ لَأَعْلَمَنَّ مَا بَقَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِينَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ شَيْئًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَدْفَعُ عَنْكَ الْغُبَارَ وَيَرُدُّ عَنْكَ الْخَصِمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَأَدَعَنَّهُمْ يُنَازِعُونِي رِدَائِي، وَيَطَئُونَ عَقِبِي، وَيَغْشَانِي غُبَارُهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُرِيحُنِي مِنْهُمْ» . فَعَلِمْتُ أَنَّ بَقَاءَهُ فِينَا قَلِيلٌ قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ صَعِقَ كَمَا صَعِقَ مُوسَى، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ أَوْ عَقْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمُتْ حَتَّى وَصَلَ الْحِبَالَ ثُمَّ حَارَبَ، وَوَاصَلَ وَسَالَمَ، وَنَكَحَ النِّسَاءَ وَطَلَّقَ، وَتَرَكَكُمْ عَنْ حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ، وَطَرِيقٍ نَاهِجَةٍ، فَإِنْ يَكُ مَا يَقُولُ ابْنُ الْخَطَّابِ حَقًّا فَإِنَّهُ لَنْ يُعْجِزَ اللَّهَ أَنْ يَحْثُو عَنْهُ
⦗ص: 435⦘
فَيُخْرِجُهُ إِلَيْنَا، وَإِلَّا فَخَلِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَاحِبِنَا فَإِنَّهُ يَأْسَنُ كَمَا يَأْسَنُ النَّاسُ "
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ فَلَقِيَهُمَا رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا حَسَنٍ؟ فَقَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَارِئًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنْتَ بَعْدُ ثَلَاثٍ لَعَبْدُ الْعَصَا ثُمَّ حَلَّ بِهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ، إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَإِنِّي خَائِفٌ أَلَا يَقُومَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ فَلْنَسْأَلْهُ، فَإِنْ يَكُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَيْنَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِلَّا يَكُ إِلَيْنَا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَسْتَوْصِي بِنَا خَيْرًا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «أَرَأَيْتَ إِذْ جِئْنَاهُ فَلَمْ يُعْطِنَاهَا، أَتَرَى
⦗ص: 436⦘
النَّاسَ أَنْ يُعْطَوْهَا، وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُ إِيَّاهَا أَبَدًا»
قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قُبِضَ
قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ: آخِرُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»
عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
9755 -
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعُمَرُ يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَمَضَى حَتَّى الْبَيْتِ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ بُرْدَ حِبَرَةٍ كَانَ مُسَجًّى عَلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ:«وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، لَقَدْ مُتَّ الْمَوْتَةَ الَّتِي لَا تَمُوتُ بَعْدَهَا أَبَدًا» ، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ:«اجْلِسْ يَا عُمَرُ» ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ، فَكَلَّمَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ، فَأَقْبَلَ
⦗ص: 437⦘
النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ تَشَهُّدَهُ قَالَ:«أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ يَعْبُدَ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ» . ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] " الْآيَةَ كُلَّهَا، فَلَمَّا تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رحمه الله أَيْقَنَ النَّاسُ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَلَقَّوْهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنَ النَّاسِ: فَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا قَائِمٌ خَرَرْتُ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ»
9756 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ رحمه الله الْآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَتَشَهَّدَ عُمَرُ، وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: " أَمَا بَعْدُ، فَإِنِّي قُلْتُ مَقَالَةً، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَمَا قُلْتُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ الْمَقَالَةَ الَّتِي قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي عَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 438⦘
، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَدْبُرَنَا - يُرِيدُ بِذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُمْ - فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ قَدْ مَاتَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ: هَذَا كِتَابُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا بِهِ تَهْتَدُونَ لِمَا هَدَى اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رحمه الله صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَانِي اثْنَيْنِ، وَإِنَّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايَعُوهُ " وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسٌ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يُزْعِجُ أَبَا بَكْرٍ إِلَى الْمِنْبَرِ إِزْعَاجًا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
9757 -
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ؟» فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا
⦗ص: 439⦘
يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قُومُوا» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ