المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقامة السابعة عشرة المصرية - المقامات الزينية

[ابن الصيقل الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

- ‌المقامة الأولى البغدادية

- ‌المقامة الثانية الطوسية

- ‌المقامة الثالثة اللاذقية

- ‌المقامة الرابعة الشينية

- ‌المقامة الخامسة التوأمية

- ‌المقامة السادسة الحجازية

- ‌المقامة السابعة السنجارية

- ‌المقامة الثامنة الحلوانية

- ‌المقامة التاسعة العمادية الإربلية

- ‌المقامة العاشرة الشاخية

- ‌المقامة الحادية عشرة الرسعنية

- ‌المقامة الثانية عشرة البحرانية

- ‌المقامة الثالثة عشرة النيسابورية

- ‌المقامة الرابعة عشرة الزرندية

- ‌المقامة الخامسة عشرة الماردينية

- ‌المقامة السادسة عشرة الصادية الظفارية

- ‌المقامة السابعة عشرة المصرية

- ‌المقامةُ الثامنةَ عشرةَ الدّجليّة

- ‌المقامةُ التاسعةَ عشرةَ القُدْسيَّةُ

- ‌المقامةُ العِشرون العانيِّةُ

- ‌المقامة الحادية والعشرون الإعرابَيّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والعشرونَ الشّهر زوريَّة

- ‌المقامة الثالثة والعشرون المجدية الفارقية

- ‌المقامةُ الخامسةُ والعشرونَ الملطيَّةُ

- ‌المقامةُ السادسةُ والعشرون الشيرازّية الجيميّة

- ‌المقامةُ السابعة والعشرونَ الكوفيّةَ

- ‌المقامةُ الثامنةُ والعشرون النَّصيبيّة

- ‌المقامةُ التاسعةُ والعشرون الإسكندريَّة الخَيفاء

- ‌المقامة الثلاثون الآمديّة

- ‌المقامةُ الحاديةُ والثلاثون البصريّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والثلاثونَ الحمصيّة

- ‌المقامةُ الثالثةُ والثلاثونَ الواسطيَّةُ

- ‌المقامةُ الرابعةُ والثلاثونَ الحَمَويَّةُ

- ‌المقامةُ الخامسةُ والثلاثونَ السَّروجيّة

- ‌المقامةُ السادسةُ والثلاثون السَّمنانيَّة الطبيّةُ

- ‌المقامةُ السابعةُ والثلاثونَ البُزاعيّة

- ‌المقامةُ الثامنةُ والثلاثونُ المَوْصليَّةُ

- ‌الأولى

- ‌الثانية

- ‌الثالثة

- ‌الرابعة

- ‌الخامسة

- ‌السادسة

- ‌السابعة

- ‌المقامةُ التاسعةُ والثلاثونَ الرهاويّة

- ‌المقامة الأربعون الأهوازيّةُ

- ‌المقامةُ الحاديةُ والأربعونَ الحنفيّةُ الكِيشيّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والأربعونَ الصوفيّةُ الأرز نكانيّة

- ‌المقامة الثالثة والأربعون الدمشقية

- ‌المقامة الرابعة والأربعون التجنيسية القَزْوينية

- ‌المقامةُ الخامسةُ والأربعون الفرضيّة

- ‌المقامةُ السادسةُ والأربعونَ الحصكفيّةُ الرقطَاءُ

- ‌المقامةُ السابعةُ والأربعونَ الضَّبْطاء

- ‌المقامةُ الثامنةُ والأربعونَ الجماليةُ الجوينيّةُ

- ‌المقامةُ التاسعةُ والأربعونَ الجزيريّةُ

- ‌المقامة الخمسونَ اليَمنيَّة

- ‌الاعتذار

الفصل: ‌المقامة السابعة عشرة المصرية

قال القاسمُ بنُ جريال: فحينَ أحكمَ انحشادَ حكمتِه، وأتقنَ إنشادَ كلمتِه، قال لها الحاكمُ: يا هذِه لو انثنيت عن قِماصكِ، وتأسيت بخِماصِكِ، وأويت لصبابته، واكتفيتِ بمصاحبتِه، واجتنبتِ سبيلَ شِرَتي، وركبت منهاجَ مشورتي، لكانَ قَدراً جبيراً، وأجراً كبيراً، وعيشاً وثيراً، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل اللهُ فيهِ خيراً كثيراً فلما تأملتُ صفوَ نحيه والبديغ، تألمتْ تألمَ اللديغ، وقالت: ما أصنع - أعزك اللهُ - بمَنْ أقفرَ فأفقرَ، وأقمرَ فأمقرَ، وضَعُف متينُهُ، ونَخَرَ وتينه، وقصر باعه، واندثر رباعه، ورقدَ متاعهُ، وفسَدَ استمتاعُهُ، ومُزِّقَت ثواجه، وتمزقت أثباجه. وجلا عشارُه وخَلا تعشارُهُ، وطفحَ ارتعاشه وتطحطح انتعاشه، وقد قشفهُ وهد وند ترفه وانهدّ، وجاور إربُهُ الخفرَ إذ جفَرَ، وخالفَ قلبُهُ النفرَ مذ نَفَر، وأنا - أيّدك اللهُ - في قلق لروقُّ لهُ النِّطاقُ، وحَمل حِمْلِ صيم ضَيْم لا يُطاقُ، أبيتُ في رداءٍ رَثٍّ، وغذاءٍ غَثٍّ، وازديارٍ جث، وازرار مجتث، ودموع لازبة، وقطوع ناصبة، يخرف بي خرف الخَروفِ، ويسوفُ بأنفي ريح عرْفِ المعروفِ حتى لقد ضب سحابُ ذلّتي وشبّ شبابُ مذلتي، وغاضَ ماء منتي، واستفاضَ قَيْظ يهماء أنّتي، وبدرعي من الرقاعٍ لديهِ، عددُ الخارج من قَسْم تِسْع وتُسع عليه، وما كلفتهُ مذ عرفتُه دِرْهماً، ولا سألته بالرقمتين سلجماً، فليتني مِتُّ قبلَ هذا بجُمع ولا ولجتُ لجَلَلِ توجُّع هذي المجاعةِ بجمْع، وها أنا أخاطبُه مخاطبَةَ الأسوف وأقول مقال مَنْ رافقَ قمرَ قُربهِ غَسقُ الخسوفِ، لا حاجةَ لي بباحتكَ بلَا صَباحتكَ وفصاحتكَ بلا نصاحتكَ، وعرفِكَ بلا غَرْفِك، وعِرْفِكَ بلا عُرفِكَ، ومن التي تتسلّى عنِ الدَّجاج بالمُجاج، وجميل الزواج بجميل الازدواج، فلستُ لي من الأزواج ما اقترنت الأفرادُ بالأزواج، ولا اجتمعَ ألفك بصادي، أو يجتمع غلّ وري بصادي، فأفْر أطمارَ الأوطار، واقْر قلبَكَ سلامَ سورة الانفطارِ، قالَ: فلمّا سَمعَ الحَكَم كلامها، ومهَّدَ العُذرَ بعد ما لامَها، تنّسمَ نسيمَ عَولها وتبسَّمَ ضاحكاً من قولها، فأسبلَ الشيخُ من عَيْن عينه العيونَ، وأرملَ من دمع حُضّارهِ العيونَ حتَّى رثَى لَهُ القاضي ورق، ورثّ حبلُ الرواح للرواح ورقَّ، ثم إنه وعز لهما منْ عباب عينهِ، بعددِ عضل عينه، مشفوعة مع حِدّةِ ذلك الرجاء، بعدةِ صورِ حروفِ الهجاء وقالَ: حسِّناً بهذِه بالكُما ولا تردا رَبْعي بعدَها لا أبا لكما، فما كُلُّ مَنْ سَجَعَ فجع، ولا كلّ منْ أجدبَ انتجعَ فخرجا خروج مَنْ سَدَّ بعظم قِدْحِهِ الفضاء، واستخرج نَارَ زنادِ قَدْحِه فَضاءَ، ولَمْ أكُنْ قبلُ أستطيعُ النظرَ إليهما، لانحشار البشر عليهما، فلما خَلوْتُ به في البَرَاح، وجلوتُ عروسَ خلوته قبل براح بَراح، ألفيتُه المِصريَّ ذا المصائدِ الوريفَةِ، والطرائفِ اللطيفةِ، فقلتُ لَهُ: إلامَ تغتالُ عقولَ الحُكّام وتحتالُ على حُصول الحُطام، وتبلَعُ ولا تشبعُ، وتكرَعُ ولا تبضع، حتى لقد صِرْتَ بهذا السِّقَاء الدائم الاستقاءِ، بمنزلةِ صاحب الاستسقاء، فأدبرَ اذبارَ الفيل، وأجفلَ إجفال الأجفيل، وحين حِرْتُ بنَفَار غادته، واستمرارِ عادته، قرْنْتُ باطر عرهِ إلى عُنوانهِ، وضمَمْتُ ذلكَ العَجَبَ إلى صِنوانهِ، وعجَبّتُ من مُصمياتِ صوّانهِ، وصُنْتُ ما صدر منهُ في صِوانهِ.

‌المقامة السابعة عشرة المصرية

حَكَى القاسمُ بنُ جريالٍ، قالَ: دعتْني أناملُ الهوىَ الحاكم، والجوَى المتراكم، والأَرقِ المتفَاقِم، والقلقِ الراقي على الأراقم إلى مِصْرَ أيَّام نضارةِ الأديم، ومحاضرةِ النَّديم، واحتمالِ الرسيم، واشتمالِ النشاطِ الجسيم، فترعتُ إلى شارتِها، وأطعَتُ حاجبَ إشارتِها، وظعنَتُ لا أعطِفُ على عَقَارٍ وَقَارٍ، ولا استعطفُ ذا وقارٍ واحتقارٍ، لأشبُرَ سناسنَ نزاهتِها، وأسبرَ شناشنَ نباهتِها، وأشيمَ بارق عُجابِها، وأسيمَ النظرَ في نواضرِ أنجابها، مَعْ خليلٍ يخوضُ الحَزْنَ والرغابَ ولا يذكرُ الغابَ إذا غَابَ، تُشعر أفعال أتباعهِ بحُسْنِ اتِّباعهِ، وعدمُ أطباعهِ بطيب طيبِ طِباعهِ، ما ألفيتُهُ لفائتٍ حَزيناً ولا خَزيناً، مذَ جعلتُه لسِّرنا خزيناً، يدافعَ الجَزَعَ، إن رُزينا، ويُمسِي لرِزِّ الرزايا رزيناً رزيناً: المتقارب:

ص: 41

فما زالَ يدرأ عنِّي الهُموم

ويُزعجُ في البِيْدِ عيناً فعينا

فكانَ المتينَ وكانَ الوتينَ

وكان الظَّعين وكانَ الطَّعينَا

فَلَمَ نَزَلُ نلاعبُ كواعبَ التهجيرِ، ونجانبُ مشاجرةَ الشَّجيرِ، ونُبارز قَنابلَ الإسراع، ونُعانقُ عواتقَ الإيضاع، حتى ولجناها بعد مفارقةِ الأنيس، بُكرةَ يوم الخميس، والبلدُ زاهٍ بزهوه الأريج، والزَّبَدُ طام بتلاطُم الخليج، والقَصْفُ يرفلُ بالرِّفلِ النبيلِ، والروضُ يُثنى على انثيالِ تنويلِ النَّيلِ، والجوُّ يبرئُ حرارةَ الغليلِ، برسيم نسيمهِ الصحيح العَليلِ، والنورُ في ذلك الإبّان، قَدْ توَّجَ جباهَ الكُثُبانِ، وجنَاحا المَرَح مسبلانِ، ومَها الأرائك تُغانِجُ جاذرَ الغِزلانِ: الكامل:

فكأنَّني لمّا ولجْتُ ربوعَها

ساع على زهْرِ الجِنانِ الأزهَرِ

فكأنَّها في القَدْرِ دُرةُ غائص

وكأنَّها في الرِّيح ريحُ العبْهَرِ

وكأنَّها في الحُسنِ شَمسُ ظهيرةٍ

تُجلا على بدرِ السماءِ الأنورِ

وكأنّما الماءُ القَراحُ بنيلِها

شُهْدٌ تدفَّقُ من عبابِ الكوثر

وكأنما الرَّند المضوَّعُ في الرُّبَى

مسْكٌ تضعَ في لطيمةِ عنْبرِ

تالله ما تركَ الزمانُ لغيرها

حظّاً من الفخرِ الرفيع الأوقر

كلاّ ولا باع المَسودُ مِراحَها

إلا وباكرَهُ المسوِّدُ يشتَرى

كلَاّ ولَا نَشرً الأنامُ مُديحَها

إلا تأرَّج في بروج المشترِي

فعلامَ يهجُرها الجَهولُ وينبثَني

عن عَرْفِ ريَّاها الذكي الأذْفرِ

قال: فلمّا قبّلنا حلائلَ ذلكَ الإحبال، وأقبَلْنا على قبْلَةِ ذيّالكَ الإقبال، جعلنا نختلسُ بِها بهاءَ الجَذَل، ونلتمسُ لَها لُهَى لُجَينِ الجَدَلِ، ونَرْتعُ في ربيع ذلك الخَول، آمنينَ مِنْ عَوَر المعاندةِ والحَوَل، إلى أن حَظِينا بالسعودِ السوافرِ، وحَمدْنا حلاوةَ بحر التبحُّر المديدِ الوافر، وحين حللْنَا حمائلَ المحادثاتِ، وارتحلْنا جمائل جَدِّ المنافثاتِ، سَنَحَ لنا حاجةٌ إلى دار الوزارةِ، تشتملُ على إجارة التجارة، فل حضرتُ إيوانها، وشكرتُ أعوانَها، وخبرْتُ بُرَّها وزوانَها ألفيتُ صاحبَ دَسْتها، وقاسم دَرْبَسْتها، العَضبَ العبقريَّ، أبا نصر المصريّ، فشددْتُ إلي شدَّ مَنْ شَيّدَ قدَرهُ وعلَاّهُ، وظَفِرَ بفَوْزِ مُسْبلهِ ومُعَلَاّه، فأظهرَ كمينَ شِقْشَقَته، وأقعدَني على نُمرِقتهِ لِمقَتِهِ، وأقبلَ يسألني عن استصعابِ الطَريقِ، واستصحاب ذلك الصديقِ، فصدقتُ في أسِّ تلك الأبنيةِ، وأصدقْتُ عروسَ مناسمتهِ كَثْرَةَ نِثَارِ الأثنيةِ، ثم إنّي قلتُ لَهُ: في طَيِّ تيك المحالفةِ، على مَهْيَع المُلاطفَة، جَلَّ مَنِ احتنك، إلى الحَيل مركبكَ، وعلى كاهلِ الكَهانةِ أركبَكَ، وفي أيِّ صُورة ما شاءَ ركَّبَكَ، فضَحِكَ حتَّى فرَّ فاه، ثُمَّ مالَ إلى قَدِّ قَميص وقَاره فرفَاه، قالَ القاسمُ بنُ جريالٍ: فبينما نحنُ نرتجلُ مُلَحُ الغرائب، ونرتحلُ مخافَةَ العائبِ، عَنْ عَطَنِ المعائب، إذ تُقُدِّمَ إليهِ بإصدارِ مكاتبةٍ إلى بعض الأمصار، ثابتةِ الإصارِ على زعزع التنازع والإعصار، تعجز ألسن القبائل، تتضَمن المعَاتبة لقطع مواصلةِ الرسائلِ، فلمّا استنشقَ نسيمَ قولهِ وقابلَ بالطاعةِ مراسيمَ قيلهِ، شَبَّ شُبوبَ الضِّرام، وهبَّ هبوبَ الأسدِ الضرغامِ، بعدَ أن شكرَ طَوْلَهُ وِزادَهُ، وأنشأَ ما أرادَهُ وزادَهُ، ثُمَّ أرسلَها إلى مخدومِه، ليقفَ على بدائع مختومِه، فكانتْ: عندي أطالَ اللهُ ارتقاءَ الجنابِ العالي المولوي الملكيّ العالمي العادلي.

الأوحديّ العَضُديّ المجاهديّ الأطوليّ المتطولي المفضّلي الأفضليّ.

ذي المناقب الجائلة والمواهبِ الهائلةِ والمِنن السامية والهمم الهامية.

ص: 42