المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقامة التاسعة والعشرون الإسكندرية الخيفاء - المقامات الزينية

[ابن الصيقل الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

- ‌المقامة الأولى البغدادية

- ‌المقامة الثانية الطوسية

- ‌المقامة الثالثة اللاذقية

- ‌المقامة الرابعة الشينية

- ‌المقامة الخامسة التوأمية

- ‌المقامة السادسة الحجازية

- ‌المقامة السابعة السنجارية

- ‌المقامة الثامنة الحلوانية

- ‌المقامة التاسعة العمادية الإربلية

- ‌المقامة العاشرة الشاخية

- ‌المقامة الحادية عشرة الرسعنية

- ‌المقامة الثانية عشرة البحرانية

- ‌المقامة الثالثة عشرة النيسابورية

- ‌المقامة الرابعة عشرة الزرندية

- ‌المقامة الخامسة عشرة الماردينية

- ‌المقامة السادسة عشرة الصادية الظفارية

- ‌المقامة السابعة عشرة المصرية

- ‌المقامةُ الثامنةَ عشرةَ الدّجليّة

- ‌المقامةُ التاسعةَ عشرةَ القُدْسيَّةُ

- ‌المقامةُ العِشرون العانيِّةُ

- ‌المقامة الحادية والعشرون الإعرابَيّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والعشرونَ الشّهر زوريَّة

- ‌المقامة الثالثة والعشرون المجدية الفارقية

- ‌المقامةُ الخامسةُ والعشرونَ الملطيَّةُ

- ‌المقامةُ السادسةُ والعشرون الشيرازّية الجيميّة

- ‌المقامةُ السابعة والعشرونَ الكوفيّةَ

- ‌المقامةُ الثامنةُ والعشرون النَّصيبيّة

- ‌المقامةُ التاسعةُ والعشرون الإسكندريَّة الخَيفاء

- ‌المقامة الثلاثون الآمديّة

- ‌المقامةُ الحاديةُ والثلاثون البصريّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والثلاثونَ الحمصيّة

- ‌المقامةُ الثالثةُ والثلاثونَ الواسطيَّةُ

- ‌المقامةُ الرابعةُ والثلاثونَ الحَمَويَّةُ

- ‌المقامةُ الخامسةُ والثلاثونَ السَّروجيّة

- ‌المقامةُ السادسةُ والثلاثون السَّمنانيَّة الطبيّةُ

- ‌المقامةُ السابعةُ والثلاثونَ البُزاعيّة

- ‌المقامةُ الثامنةُ والثلاثونُ المَوْصليَّةُ

- ‌الأولى

- ‌الثانية

- ‌الثالثة

- ‌الرابعة

- ‌الخامسة

- ‌السادسة

- ‌السابعة

- ‌المقامةُ التاسعةُ والثلاثونَ الرهاويّة

- ‌المقامة الأربعون الأهوازيّةُ

- ‌المقامةُ الحاديةُ والأربعونَ الحنفيّةُ الكِيشيّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والأربعونَ الصوفيّةُ الأرز نكانيّة

- ‌المقامة الثالثة والأربعون الدمشقية

- ‌المقامة الرابعة والأربعون التجنيسية القَزْوينية

- ‌المقامةُ الخامسةُ والأربعون الفرضيّة

- ‌المقامةُ السادسةُ والأربعونَ الحصكفيّةُ الرقطَاءُ

- ‌المقامةُ السابعةُ والأربعونَ الضَّبْطاء

- ‌المقامةُ الثامنةُ والأربعونَ الجماليةُ الجوينيّةُ

- ‌المقامةُ التاسعةُ والأربعونَ الجزيريّةُ

- ‌المقامة الخمسونَ اليَمنيَّة

- ‌الاعتذار

الفصل: ‌المقامة التاسعة والعشرون الإسكندرية الخيفاء

فلما رَثَيتُ لما نَالَهُ، وأثريتُ بقلقِ ما قالَه، أيقنتُ أنّها حبائلُ أبي نصرٍ ومضارُبهُ، ومخائلُهُ ومخالبُهُ، فقلتُ لَهُ: وجدت أخيذتَكَ من غير خِداج، ورددتُ سليبتك بألطف رواجٍ، ما الذي تصنعُ بَعَليلي، ومَنْ عظمُ إلَى بُرئهِ غليلي، فقالَ: أمرُج إليهُ على سبوحي ببوحِي، وأسرج له في كلِّ يوم مروحي بروحِي، قال: فاحتملتُ إبالة منَ الكبريتِ وجعَلتُ أسَيرُ سير الخِرِّيتِ، لتحصيل العفريتِ النِّفريتِ، إلى أن ألفيتُهُ مَتبهنساً بأسواقِها، متبختراً بين جُدْرِ المخاتلة ورواقها، تهز عِطفَهُ نشوِةُ الرحيقِ، وتبُزّ قلبَ طبيبهِ جحافِلُ الحريقِ، فنفحتهُ بنسيم السَّلام، ووددت أنْ أوُدعَهُ بطونَ السّلام، وقلتُ لهُ: إلامَ تهزأ بالذّكورةِ والمِكَسال، وتَدعسُ بمِدْعسُ مكركَ العَسَّالِ، وتنازلُ فِرَقَ الرِّعَال وتقابلُ ذوي الفَعالِ، بقبائح الفِعالِ، فأفٍّ لمن عذَرَكَ وعذرك، فما أغدَرك وأثبتَ غَدَرك، فقالَ لي: لِمْ ترجُمني بجنادل مقاذعتِكَ، وتَزحُمني بحَمَةِ مُقادِعتكَ فقلت: لاستلابِ ثيابِ مِعْوانِكَ، واجتلاب جيوش عَوانِكَ إلى أعوانِكَ، وكيف لا ولي خِلٌ أمين ألوفٌ، لا يعادِلهُ مثل ولا ألوف، وقد أشرفَ على التَّلَفِ، وأسرفَ في لِباس الأسَفِ، وقد آلى مَنْ خُنتَهُ واستلبتَ سرابيلَه وامتهنتَهُ ألاّ يجودَ بدوائهِ، أو تجود بردِّ قُمصهِ وردائِهِ، فقال لي: تاللهِ لقد سألتَ أيسرَ متيسِّرٍ، وحاولتَ فتحَ بابِ أملٍ غيرِ متعسِّرٍ، فامض معي إلى الخَانِ، لأشهِدَ عليكَ بقَبْضِها بعضَ الإخوانِ، فسرتُ معَه إلى خانِ معروفٍ بالأدناس، محفَوفِ بأجناس الأنجاس، فتركني ببابهِ وولَجَ، ثم مرجَ هُنيَّةً وخرج، وقد امتطَى حماراً أخشب كفنيقٍ أغلبَ، وخلفَهُ رجلٌ أطولُ من طالوتَ وأنذل من جالوت، فمالَ أبو نصر إلى سِرّاً، وحدَثني مستسراً، وقالَ، اعلمْ أنَّ صاحبي قد ضَللَ مفتاحنا بالسوق، وأنا مغِذٌّ إليهِ كالماء المدفوقِ، فتحدّثا إلى أنْ أعودَ، ولا تسأما القعودَ، ثم إنَهُ شمَّصَ حمارهُ ومر، واستقبل سبيلَ انسيابهِ واستمرَّ، قال القاسمُ بنُ جريال: فأخذتُ أحدِّثُهُ فازدلف وانحرفَ بحمارهِ وانصرفَ، وفاخرَ بما بمثلهِ يُفاخرُ، إذ كلٌّ منا يظنُّ أنَّ صاحَبُه الآخر، فقلتُ لَهُ: بعَدَ ما جَلَتْ جموع الصِّبْرِ الأريض، وانجلت الجَوْنةُ في حلة الإحريض إني لأظنُ أنْ قد قارنَ قريتُكَ الخَيبةَ، أو المفتاح عندَ بني شيبة، فقال لي: ما هذا النّباح، ومَن صاحبي والمفتاحُ، ويلكَ أيكونُ خدينَكَ، ويبيت قرينَكَ، وتنسُبُ صحبتَه إليَّ، أتحسبُ أن يَتَمِّ مُكركما عليَّ، وقد كفتُ حينَ ماس بأكهبهِ، وهاسَ بأغلبهِ، لالتماس أهَبهِ، قادراً على إطفاءِ لهَبهِ، وردِّهِ على عقبه ثم جذب بردني إلي وإلى المظالم، وأنا في صورةِ المظلوم والظالم، فقال الوالي: ذروه بمخيس المخاصمات، فقد ضاقَ الوقتُ عن المناسمات، ورد الظلامات، وفي غد أذيقه النَّكالَ الواصِبَ، والوَبالَ اللازِبَ، قال: فلّما حضرتُ دارَ الولايةِ، وشهرَ مُخاصمي مشْرَفيَّ الشكايةِ، سللْتُ حسام حكايةِ الطبيبِ، ونثلتُ ما بينَ ذيلِ ذَنَبِ القضيةِ والسَّبيبٍ، فتبّسَم الوالي تبسُّمَ المتعجب، ونَظر إلى جلسائهِ نظرَ المُعجِّبِ، ثم قال لي: قد غفرتُ فظيعَ هفوتِكَ، وسترتُ شنيعَ فوهتِكَ توجعاً لآفتِكَ، وإكراماً لعينِ معرِفتك، فأدِّ إليه ثمنَ الحمارِ، واجتنبْ بعدَها معاشرَة المِغْوار، قال: فوزنتُ الثمنَ، وخزنتُ الغَبَنَ، وعُدْتُ إلى المريض فوجدتُه قد درج، وفي مَلاءةِ المنيّةِ قد اندرجَ، فاغتذيت بِصابه وصابي، وبكيتُ على مُصابه ومُصابي، ثم لم يزلْ أهلُها عليَّ يعطفون، ولمحنَتي يتعطَّفون، وبالتّحَفِ إليَّ يَجْرُونَ، حتى ركبتُ طريقَ جَيرونَ.

‌المقامةُ التاسعةُ والعشرون الإسكندريَّة الخَيفاء

ص: 72

حكَى القاسمُ بنُ جريالٍ، قالَ: لم أزل مذ جلَّتْ مآربي، وتجلَّتْ تَجاربي، وفازَ ساربي، وحسُنت مَساربي، وطرَّ شاربي، وذرَّ قمرُ مشاربي، أمارجُ الأظغانَ، ومنْ نضب وعان، وأمازُج الرِّهانَ، ومن عَظُمَ وهانَ، وانكّبُ عن الآنس، وانقبُ عن المؤانس والتفّ بالمُلاحف، واشتفُّ قَرْقَفَ المواقفِ، إلى أنْ قطفتُ ثمارَ التجاريبِ، وعرفتُ خصائصَ الخالص والضريبِ، فلم أحظَ بمَنْ يَصونُ، ولم أظفرْ بخليلٍ لا يخونُ، خصوصاً المصريُّ ذو المكائدِ الواقصة، والحبائل القانصة، الذي جبذَ المصاعبَ بإرسانها، وذلَّلَ نفوسَ شوس المعاركِ وفرسانها، وأبادَ الجُثَّم في جبالها، واقتادَ أبالسةَ المُوالسةِ في جبالها، ولما قذفني بحجرِ غدرٍ رزين، وضربَني بعَصَا إحَنِه حيناً بعد حين، أشرفت منه على سحائب الإستحاءِ، ولقيتُ من تلقائهِ قبائلَ البُرحاءِ، فحينَ مُنيتُ بوخْز صَعْدةِ صُداعه، ولُسعْتُ بإبَرِ قلب برقع خداعه، نبذته نبذ ترابِ المجْنوزِ، خشيه وخيم مَكرَه المكنوزِ، معَ ما كنتُ أودِعه من أسرارِ الإجتنان، وأُتحفُهُ بملاحف الإمتنان، وأساعده بعساكر الاآدِ، وأشاهدُهُ بالعَشيِّ والأرآدِ، وأحامي عنهُ بمضاربِ الحُسام، مُحاماةَ الطبائع عن الأجسام، وأطرِفه بلطائفِ الطيباتِ، وأكتنفهُ اكتنافَ المُلتحمَ الرُّطوباتِ، وأرتوي بمفاكهته لدى الجُلوس وأحتوي عليه احتواءَ المعِدةِ على الكَيْلوس، واضطربُ لاضطرابه اضطرابَ النابض، وألجُ إليه ولوج الحلاوة بطونَ المرابض، وأصاحبُ كلَّ منْ يَنويه، وأجانبُ وداد نِدِّه ومناويه، وأحتملُ لعدم مَنْ يساويه، أعباء عظم مساويه: الطويل:

وكنتُ أواسي الناسَ فيما أسيمه

منَ السَّمْع في أنفاسه وأُنافسُ

فلمّا سَمَا في سُلّم السُّوءِ سالكا

خسيسَ سراطٍ يحتذيه المجالسُ

حَسَمْتُ بسَيْفِ اليأس أسبابَ سِلمه

كما حَسَمَتْ قبلي الرؤوسُ الأحامسُ

ولما اشرأب لشراب بغيه وباح، واستباح من حرم مصاحبتي ما استباح، وطبق كر نكره البطاح، وطبق بحسام سفهه عنق المعاهدة فطاح، آليتُ ألَاّ أميلِ لقرن قربه المقاتل، حتىَ يشارك المرض جُرْح القاتل، وتُهْدَرَ ديَةُ وَرَم غَرْز الإبر في المَقاتلِ، فبينا أنا أترنحُ في سكك الإسكندريةِ، وأتبختر تبخترَ القروم العبدريّة، ألفيتُه على فرس أشهبَ، وقد راش المَعاش سهامَ حاله وأسهبَ، وحَوْل صافنه السِّلاحُ، وتِلْوَ علندائه العبدان الملاح، فحين أبصرني وأبصرته، ونصرني صوبَ صيِّب بصرَه ونصرتُهُ، نكصتُ منْ مَكره الوَحفِ، نكوصَ الخارج من الزَّحْفِ، مخافةَ أن يسجرَ قلبي بحرارة بيانِه، أو يسحرَ لُبِّي بطِيْبِ نَضَارة لَيانه، فلما لمحَ نِفاري، وحقَّق عدم قراري، وقفلتُ إلى مُناخي: بعدَ طولِ التراخي، سَمِعْتُ صوتَ قارع، حَسَنِ التلطُّفِ بارعٍ، فأذِنتُ لَهُ بالمُثولِ، فدخلَ فتى أحلَى من اللؤلؤ المنثولِ، فوقفَ وسلَّمَ، وأحسن إذ تكلمّ، ثم إنّهُ وضعَ لديَّ طَبَقاً مشحونَاً بهدايا لطيفة، ظاهرةِ المزايا وريفةٍ، مشفوعاً برُقعةٍ مَطْويَّة، تُسْفِرُ عَنْ محاسنِ طَويَّةٍ، فأشلْتُ الطينَ، وفتحتُ المَطين، فإذا هي من ذي الفضلِ الوَضيّ، أبي نصر المصريِّ، مُشتملة على رسالةٍ خيفاءَ ناصعةِ البراعةِ وطفاءَ، تتضمن نثّ كثر إعراضي، وتطاولَ طُوال قطيعتي وارتكاضي، وما يكافحُ من قواضبِ القلقِ والصِّعادِ، وتباريح ريح إرعاد الإبعادِ، وهي:

المملوكُ فيّضَ اللهُ

نُخَبَ حلْمِكَ، يبُثُّ هَمِّا

يَجُثُّ، لَهَمّاً يُغِثُّ، طَبعا

يضبًّ، وصَدْراً يَذُبّ،

ودَلاً يَبُز، ووصْلاً يفِزّ،

وحَرْداً يُذَبِّ، وحَرَداً

يُشَذِّبُ، وصدّاً يَغينُ،

ووُداً يبين، ودهراً يَضَنُّ،

وسحْراً يَشُنُّ، وعللاً تَخُبُّ،

ومَلَلاً يَجبُّ، مَع

شين كَدَرٍ ذَفَّفَ، وسَهَرٍ جَفَّ

فَ، وإعمال يُخَضْخض، وآمالٍ

تقضقضُ، وأهوال تُنضنض

وأعوال، يُغَضغضُ، وسُهاد

جنن ومهاد خنن وسواد جَنَّب، ومراد تجنّبَ، وملال

قذذ ومآلٍ جَذَّذَ، وحَسَدٍ فَتَّتَ، ولَدَدٍ شَتتَ، وحَسودٍ بغض

ص: 73