المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقامة الثلاثون الآمدية - المقامات الزينية

[ابن الصيقل الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

- ‌المقامة الأولى البغدادية

- ‌المقامة الثانية الطوسية

- ‌المقامة الثالثة اللاذقية

- ‌المقامة الرابعة الشينية

- ‌المقامة الخامسة التوأمية

- ‌المقامة السادسة الحجازية

- ‌المقامة السابعة السنجارية

- ‌المقامة الثامنة الحلوانية

- ‌المقامة التاسعة العمادية الإربلية

- ‌المقامة العاشرة الشاخية

- ‌المقامة الحادية عشرة الرسعنية

- ‌المقامة الثانية عشرة البحرانية

- ‌المقامة الثالثة عشرة النيسابورية

- ‌المقامة الرابعة عشرة الزرندية

- ‌المقامة الخامسة عشرة الماردينية

- ‌المقامة السادسة عشرة الصادية الظفارية

- ‌المقامة السابعة عشرة المصرية

- ‌المقامةُ الثامنةَ عشرةَ الدّجليّة

- ‌المقامةُ التاسعةَ عشرةَ القُدْسيَّةُ

- ‌المقامةُ العِشرون العانيِّةُ

- ‌المقامة الحادية والعشرون الإعرابَيّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والعشرونَ الشّهر زوريَّة

- ‌المقامة الثالثة والعشرون المجدية الفارقية

- ‌المقامةُ الخامسةُ والعشرونَ الملطيَّةُ

- ‌المقامةُ السادسةُ والعشرون الشيرازّية الجيميّة

- ‌المقامةُ السابعة والعشرونَ الكوفيّةَ

- ‌المقامةُ الثامنةُ والعشرون النَّصيبيّة

- ‌المقامةُ التاسعةُ والعشرون الإسكندريَّة الخَيفاء

- ‌المقامة الثلاثون الآمديّة

- ‌المقامةُ الحاديةُ والثلاثون البصريّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والثلاثونَ الحمصيّة

- ‌المقامةُ الثالثةُ والثلاثونَ الواسطيَّةُ

- ‌المقامةُ الرابعةُ والثلاثونَ الحَمَويَّةُ

- ‌المقامةُ الخامسةُ والثلاثونَ السَّروجيّة

- ‌المقامةُ السادسةُ والثلاثون السَّمنانيَّة الطبيّةُ

- ‌المقامةُ السابعةُ والثلاثونَ البُزاعيّة

- ‌المقامةُ الثامنةُ والثلاثونُ المَوْصليَّةُ

- ‌الأولى

- ‌الثانية

- ‌الثالثة

- ‌الرابعة

- ‌الخامسة

- ‌السادسة

- ‌السابعة

- ‌المقامةُ التاسعةُ والثلاثونَ الرهاويّة

- ‌المقامة الأربعون الأهوازيّةُ

- ‌المقامةُ الحاديةُ والأربعونَ الحنفيّةُ الكِيشيّةُ

- ‌المقامةُ الثانيةُ والأربعونَ الصوفيّةُ الأرز نكانيّة

- ‌المقامة الثالثة والأربعون الدمشقية

- ‌المقامة الرابعة والأربعون التجنيسية القَزْوينية

- ‌المقامةُ الخامسةُ والأربعون الفرضيّة

- ‌المقامةُ السادسةُ والأربعونَ الحصكفيّةُ الرقطَاءُ

- ‌المقامةُ السابعةُ والأربعونَ الضَّبْطاء

- ‌المقامةُ الثامنةُ والأربعونَ الجماليةُ الجوينيّةُ

- ‌المقامةُ التاسعةُ والأربعونَ الجزيريّةُ

- ‌المقامة الخمسونَ اليَمنيَّة

- ‌الاعتذار

الفصل: ‌المقامة الثلاثون الآمدية

وودودٍ نَغَضَ، وسَموم خُبْثِ ألم نَفَخَ، وسَموم ضَبثِ

سدمٍ، نضخَ، وهو ضيفُ داركِ، ضيفنُ سَحِّ غَيْثِ

مدرارك، نظيفُ عودِ فنَنِ العهودِ، يُزْجى لكَ فَيْضَ ودادٍ

بَيَّنَ، وحلَلَ قَشيبِ ولاءً زَيَّنَ، والمسؤولُ في سؤددكَ، بت طِوَلَ

شغبٍ أوعدَ، فَفَضَّ وطُول نَغَبٍ أرعدَ، وسُلْوٍّ بخَبَبِ

مكروهٍ شَنَّفَ، ومُعادٍ بشنْفِ سَماع قَيْظِ صدُودِكَ تشنَّفَ، لأسرح

بخضِب إلمام فَتِيٍّ، وأمرَحَ في دَوْح تيقُّظِ صُلح جَنِي،

أمدَّكَ بِضُبَى وَصْلٍ نقيٍّ، وعَدْلٍ فَضِيِّ، وإحكام يَتَقَنَّنُ،

وأحكام تتفنَّنُ، وسعودٍ تضيءُ، ووعودٍ تَجيءُ، وحَوْلٍ ينيفُ،

وطولٍ يَزيفُ، وحِلْم يَبُذُّ، وحُكم يَجُذُّ، ومراس يُشيبُ،

ورَأسُ نشب كَرَم يَشُبُّ، وَلا يَشيبُ والسَّلام.

قال القاسمُ بنُ جريالٍ: فلمّا وقفتُ على مكاتبته، ورشفْتُ شَمول معاتبته، بكيتُ لكآبتِه ورثيْتُ لانصباب صبابتهِ، ثم ملْتُ إلى السَّلم، لعلمي أنّ الغَضبَ غولُ الحلِم وقلتُ: تالله لا أكونُ مِمَّنْ يلابسُ الأضغانَ، ولو ستر الظَّفَرُ وجهَ عَفْوهِ وغان، لأنَّ قلبَ الحليم ينقادُ، ولا تَحُلُّ بيتَ قلبه الأحقاد، ثم إنِّي نهضتُ معَ الوَصيفِ، بعدَ هَدْم أسِّ الصَّخَبِ والرَّصيفِ وجعلتُ أوجِفُ إيجافَ المشوقِ إلى لِقاءِ المعشوقِ، وأركضُ ركضَ الظليم، إلى لِيم إلمامه المُليم، فحين تحقّقَ انسرابي، وتيقَّنَ مقاطعةَ قرابي، بادَر مبادرَةَ الحريص، وسُرَ سرورَ يعقوبَ حين رُدّ بصرُه بالقميص، ثُمَّ قال لي: يا بنَ جريالِ لا يعيشُ في الخَلِّ، إلاّ دودُهُ، ومعَ الخِلِّ إلا وَدودُه، فاغتفر هذه النَّوبة، واعلم بأن التوبة تمحو الحَوْبةَ، ثم إنّه قَطَنَ في التَّلطُّف وأصعدَ، وأخذ بجمْع أرداني وأنشدَ: الطويل:

أجلُّ سنا ساميك أن يَنْقُضَ العَهدا

وأنْ تُصحِبَ الأصحابَ مِنْ صَوبك الصَّدَّا

وأنْ تَحسِمَ الإحسانَ والحمدَ والحيا

وأنْ تمنَحَ الأحبابَ مَعْ حِلمِكَ الحِقْدا

فليس رئيسُ الناس مَنْ سُل سلْمُهُ

وليسَ سَنيُّ السرِّ منْ أنُسى الوُدا

وليسَ شريفُ الشأو منَ شفَّ شِفّهُ

وليسَ نقيّ العِرْض مَن ضَيّعَ العَهْدَا

فإنْ أنتَ لم تغفِرْ وإنْ أنتَ لم تجُدْ

كفاكَ بأنْ تُمسي حليفَ القِلى فَرْدا

قال: ولمّا رعيتُ ضَرَبَ قَريضهِ، وأوعيتُ دُرَرَ تَعْريضِه، ورأيتُ خَليّةَ خلابته، حدْتُ عن حرّةْ الحَرَد ولابته، ولَمْ أزلْ عندَهُ إلى أنْ توسَّدَ زَنْدَه، فانسللتُ إلى عريني، وقد افعوعَمَ منْ ثَمَرِ مُنافثته جريني، فصرمتُ جذوع الإقامةِ، وهدمْتُ ربوعَ المقامةِ، وقاطعتُ السّكنَ، وفارقت مَنْ سَكنَ، وودعت من عدن، وطِرْتُ بجناح الإقالة إلى عدن.

‌المقامة الثلاثون الآمديّة

حدَّث القاسمُ بنُ جريالٍ، قالَ: زمَّني زِمامُ الزمنِ الزَّنيم، يومَ نَوْم جَفْنِ الأشَرِ النَّويم، بعدَ إسعافِ العديم، وانعطافِ الخِدْن القديم، ومُناسمةِ الرسيم، ومُساعفةِ نسيم الوسيم، بألم مرضٍ ممدودِ المعارج، مسدودِ المناهج، فلمّا عزَّني رعيلُ ذلكَ الإعلالِ، وهزَّني ذميلُ ذيَّالكَ الإذلالِ، وبتُّ بينَ غُرئْبةٍ قاتمةِ الإضرار، وعُزْبَةٍ قائمةِ الإصرار، جعلتُ أخبُّ في بيداء داءَ الدَّنفِ، وأعُبُّ من ماءَ دأماءَ ذيَّاكَ الجَنَفِ، حتى عُدْتُ بعدَ لُبْس سِربالِ السُّعودِ، وامتطاءَ سناسن سَعْدِ السُّعود أنادم الأمراض وأصادم بجؤجؤ الجزع جآجيء العرض العراض الطويل:

وأجني بجسم قَلّبَ السقمُ قَلبَه

ملابسَ بؤس سابغاتِ الغَلائل

تردّ عيونَ النّاظرينَ ضروبها

إذا انبجستْ من غَور غَمْر الغوائل

ص: 74

فلمّا تجرى صبْرُ قلبي المكسور، تجزّى ضربِ الكسورِ في الكسور، وتضاعفَ هَمِّي لمفارقة الصِّحاح، تضاعفَ ضَربِ الصحاح في الصحاح، قصدتُ آمدَ بعدَما اجتديتُ الجامدَ، واجتبيتْ الحامدَ، وامتريْتُ الثاقب والخامدَ، عَل أن أجدَ لعُرام هذه الغاية معوانا، أو لغَرام غُلب هته الغابة أعوانا، فحين ألقيتُ بها هِراوتيَ، وألفيتُ البلدَ موافقاً لإعادة غَراوتي، حُدِّثت بطبيب دَرأ برداء الدِّرايةِ أعراضها وتدثَرَ أَثباج جُلِّ التَّجاربِ وراضَها، فأرسلت غلامي إليهِ، لأقُصِّ قَصصَ علّتي عليه فلم يكن إلا كنَشقةِ ناشق، أو شدة باشق راشقَ حتى أذنتُ له في الدخولِ، على الجَسَدِ الدارج المدخولِ، فحين قعدَ بازائي، واستحلسَ مَعْزائي، واحتملَ ذراعي، وجعلَ سنن الأدب يُراعي، ألفيتهُ شيخَنا المصريَّ ساحرَ الألبابِ، والساخرَ باللّبابِ فقلتُ لَهُ: إلامَ تَنهبُ الأذهانَ، وتمارسُ ما صَعُبَ وهانَ، وتُخْرجُ السُّبّحَ مع حركاتِها، وتُزعجُ الجُثّمَ في وُكناتها، فقال لي: خلني من شَظَفِ ظَرافتك، واشتغلْ عنِّي بفَيْض ضَفَفِ آفتك، وإنَي لراج أنْ أعالجَكَ وتُبلّ، واكتسبُ من ثَنائِكَ الحِل البلَّ، ثم إنَّهُ شرع لرفع شُرُع الأعلالِ وشرْبِ حَمْأَة طينة ذاكَ الخَبالِ فزالَ عني بجودة علاجه، ومداومة انعياجه، ما أعاني منَ المَرَض ومصاعبِ العَرض، ولم يزل مدَّة ذاكَ المُقام، والرُّسوبِ في سيب ذَلِكَ السَقام، ينشُرُ حُسْن حُزونه والسهولِ، ويَطوي الطمعَ عن وطنِ همتي المأهولِ، إلى أنْ غابَ عنِّي في يوم عظيم الزَّمهرير، وافر نباح الأهويةِ والهريرِ، فجعلتُ أكابِدُ لغيبتهِ ما أُكابِدُ، حتّى ضاقَتْ عليَّ بسَعَةِ أرجائها آمدُ، كُنَّا نستعينُ في ذلك السَّقَم، ومقاتلةِ قَنابلِ النِّقَم بجارٍ جميلِ اللّقَم، جَميلِ اللقم، يسعِفُنا بيواقيتِ افتنانه، ويَشغَفُنا بانهمارِ ماءِ امتنانه، فدفَع البابَ، ورجَّعَ الانتحابَ، فقصَدَ وصيفي الوصيَدَ، ليستعلم بأيِّ نقودِ صُروفِ الصُّروفِ صِيدَ، فلمّا جثَم لديَّ، وعطَّر بمجاورة أرجِهِ برْدَيّ، قلتُ لهُ: ما الذي أبكاك، وسكبَ كأسَ أذاك فأذكاكَ، فقال: اعلم أنَّ طبيبكَ الطَّمطامَ، وصارمَ صولتِكَ الصَّمصامِ، وردَ إليَّ في هذا اليوم، قبل إشالةِ فُرُش النوم وموجُ عبْرتِه يترقرقُ، وفوْجُ زَفْرته يتدفَّقُ، وجيوشُ أفكارهِ تتراكمُ، وأحبوشُ أحزانهِ تتزاحمُ، وقال لي: يا دواءَ الجُرْح الجائف، ورداءَ الحَرِجِ الخائفِ، أعلِمُكَ أنَّ خليلي، ومَنْ كانَ في الجَلَل خليلي، وبه يشتدُّ قِيلي، وإليه في الشدائد مَقبلي، قد دَرَجَ وفي شُعوبَ شعوبَ قد مَرَجَ، وما فتئَ مكفوفاً بإكرامك، محفوفاً بحللِ احترامك، وقد جئتُكَ قبل أن ينقرِضَ الجديدان، وتقرُضَ أديمَهُ مقارضُ الدِّيدانِ، فتخلَّقْ بأخلاقِ عبدِ المَدان، في هذا الميدان، وأنا أساعِدُ بما عليهِ أقوى، بعدَ ما اندرسَ رَسْمُ سَعْدهِ وأقوى، فساعِدْ بما بهِ تنهضُ وتَقْوى، وتعاونُوا على البرِّ والتقوى: الطويل:

فإنك ركنٌ يركَنُ الناسُ كلُهمْ

إلى حالقٍ مِنْ حَولهِ غير حائرِ

رفيع منيعٍ حَيَّرَ الشّمَّ شأوه

عزيزٍ حريزٍ جابرٍ غَيْر جائِر

ص: 75