الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فآسُوا أخا بُوس رَشيقَ كِنانة
…
رَمَاهُ بِها كفُّ الحوادثِ عابثا
وأمسى به ذيْبُ التذلُّلِ والأَذى
…
شديدَ الشَّذَى حِلْفَ العَداوةِ عائثا
لأصبحَ من ضُرّي العُضالِ مخَلّصاً
…
أبا نَشَبٍ حُلْوَ المَدائح نافثا
ألا هَلْ فتىً يهوَى السَّماح فينثني
…
إلى بكْرِ بَذْل في الأكارم طامثا
فليسَ يذودُ الضَّيْرَ إلَاّ مُفضَل
…
أخو كَرم ما اَنفكّ للحَمْدِ حارثا
قالَ الراوي: فلمّا جَذّ جِلبابَ ضَراعتهِ، وبَذّ أهلَ المعالي بعِظَم عالي عِبارتهِ، بادرَتِ الجماعةُ إلى حَسْم رعافهِ، وعِلاج سَعْفةِ رأس بُؤسهِ وإسعافهِ، وكنتُ حِيْنَ اَبتليْتُ نَغَماتِ عِيدانهِ، وجلَّيْتُ بجوادِ العَجَلةِ لعَجَم أنابيبِ لدانهِ، وتَخلَّيْتُ مِنْ خرائدِ عِقْيانه، وتحَلّيْتُ بنَفيس فرائدِ تبْيانهِ، أوَدُّ أَنْ أَخْبُرَكُنهَ طِلْعهِ، لأجبرَ كَسْرهُ على قَدْرِ بُدُوِّ طَلْعه، ولم يكُنْ يَضَعُ عن وَجْههِ أكمامَهُ، ولا يرفَعُ عَنْ قَواريرِ قَرارهِ صِمامَه، ولمّا غطَّاناَ بفقرِ عُقارهِ، وأعطانا نُقْرَةَ نُقَرِ فقاره، واستنشقَ نَشْرَ معْروفنا وشَمَّ، وشَمَّرَ شمْلةَ التوجّهِ وأشَمَّ، نَكِرْتُ شِدّة نكره الجامح، وأدركتهُ كالبرقِ اللامع، فألفيتُهُ القسْوَرَ القَيْسرِيَّ، أبا نَصْرِ المِصْري، وهو يسحبُ أَسافِلَ سربالهِ، وينحرفُ عن عيالهِ لاغتيالهِ، فأقبلَ إليَّ وقال لي: يا بن جريالٍ أعرفُكَ ذا دِرايةٍ واصبةٍ، وهِدايةٍ غير ناصبةٍ، فكيف فاتكَ ما ألفيتهُ مُحالاً فقلت لهُ: لامتناع وقوع المعرفةِ حالاً، فقَهْقَهَ حتّى ذرفَتْ مآقيهِ، ورفَعَ القِناعَ عما كان يَقيه، فقلتُ لهُ: أراكَ تكرعُ في بحار انجفالكَ، وتخلَعُ خِلَع احتفالكِ بأطفالِك فقالَ لي: جلَّ مَنْ جملكَ بجلالة الجَلهِ، وخملَك ثِقلَ الغَباوةِ والبَلَهِ، أوَ ما علِمت أن سقى سم سين السياق أيسر من ولوج رجل الرجل بحاء حلقَة صادِ الصِّداق فكيف يسوغ لي الزواجُ، وقد خبُثَ بهذهِ الأزمنةِ النتاجُ، فاحْذرَ هذهِ الذلةَ والمَنْدمة: وذَرْ شَرْطَ شَرِّ هذِي الشرائطِ المِحجَمَه: السريع:
والمِهرمَه عن طلْبهِ زاهداً
…
لتتَّقِي المسْقِمَ والمهْرمه
والزردمه عنه إذا عِفَتَهُ
…
لتُنْجي الجُؤْجؤَ والزّرْدَمه
ثم قالَ لي: اَعلمْ أننّي استأجرتُهم وجارتي، وقد انقضتْ مدّةُ إجارتي، واسترِطَ كلٌّ في طريقهِ، وخَلَطَ سَمْنَ ما تسنى لَهُ في دقيقهِ، فارجع إلى سمائكَ، وامتِرْ رائقَ نمائكَ، واقتُلْ بِكْرَ نُدمائكَ، بُمرْهَفِ يدمائكَ، قال: فعدْتُ وقد غدَ قواضبَهُ الصقالَ، فأخبرتُهُم بما قال، فذمُّوا ذميلَها المُماذِقَ، ومَكْرَها الحاذِقَ، ولَعَنوا فيلَ رُقْعةِ الوَقْعةِ والبياذقِ.
المقامةُ الخامسةُ والعشرونَ الملطيَّةُ
حكَي القاسمُ بن جِريالٍ، قالَ: نُبذتُ بأناملِ الدَّهْرِ الدالكِ، وسِهام السَّدرِ الطامس المَسالكِ، إلى هُوَّة هَمٍّ يَذْوِي لها الهُمامُ، ويَهوي لهوِّيتها الهَيْصمُ الهمَّامُ، بعدَ أنْ كنت أَعافُ مُعافسةَ الفَرير، وأَصطافُ في ظلالِ العَيْش القَريرِ، وأُغبَطُ بالأَسودينِ، ومنادمةِ الفرقدينِ، فلمّا هًدّ ضيقُ الباع، وقدَّ اَنقراضُ المَتاع، وحُرْمتُ لَذاذة الأَفياءِ، وعدِمْتُ مُرتفِع ضرْبِ الأشياءِ في الأشياءِ، رُشقْت بسَهْمَ راشهُ بنَانُ إملاقٍ، ورقَ القَدَرُ لما أنا من ضُروبهِ لاقٍ، وشَقَيْتُ لفُقدانِ مُرافقةِ فَواق وسُقيتُ من لبان الفِكر بأخلافٍ ما لها من فُواق، فلم أزل أهيمُ بالإهابِ الملوَّح، أسوةً بقيس بنِ الملّوح، حتَّى صارَ ذلك لأسدِ هِمّتي عيصاً، ولجسدِ عزمتي قَميصاً، فبينما أنا أسيَرُ بين السهول، وأروِّعُ أفئدة الغامرِ والمأهولِ، إذ حثَّني قطيعُ النَّصَبِ، إلى عين زاخرةِ الحبَبِ تُذرِي عَلى مَفارقِ الرَّقراق، طِيْبَ طُلاوةِ مائها المُهراقِ، فَمِلْتُ إلى بعض الوِهادِ، لآخذَِمنْ سكَرِ السنةِ سُهمانَ السَّوادِ، فلمَّا ندَّ اخضرارُ الظَلام، وامتدَّ لواءُ الإظلام، سمِعْتُ رُغاءَ إبل تُناخُ، قد ضمَّها ذلكَ المُناخُ، وحينَ خصَّ المنامُ من خَصَّ، وحص الوَسَنُ مِنْ قَوادم السهَر ما حصَّ، قَرَعَ مسمَعي آهةٌ تلينُ لها قلوبُ القُساةِ، وتُرَدُّ لمثلها عيونُ الأُساةِ، فجعلتُ تُنجِدُها زَفَراتي، وتُسعِدُها عَبراتي، فكانَ لما استمطرَ البصرُ غَمامهُ، وأطربَ أيكَ دَوح المسامع وثُمامه: الكامل:
سُحقاً لمَنْ جبذَ الزمانُ زِمامَهُ
…
في لاحبِ الطَّمع المُذِلِّ لسَحْقهِ
ما يستفيقُ لحُمْقهِ مِنْ سُكْرهِ
…
حتَّى تفاجئهُ جوارحُ مَحْقهِ
تاللهِ ما ترك التُّرابُ لتِرْبِهِ
…
تِبْراً ولا حازَ التراثَ لحذْقه
كلاّ ولا نال التليدَ بصِدْقهِ
…
يوماً ولا مَلَكَ الطّريفَ لصَدْقهِ
فالبس لرمح الحِرْص دِرْع زَهادةٍ
…
يَنْدَقُّ إذْ دَقَّ الحسابُ بدَقّةِ
فالموتُ خَلْفكَ قَد يَسُنّ نِصالَه
…
ليشُنَّ إنْ حانَ الفِراقُ برَشْقهِ
فعلامَ تفرَحُ بالحياةِ وجُلّها
…
نَصَب يَصُوبُ بَصيَّبٍ من طَرقه
فاليومَ تبخلُ بالمكاسبِ مثلما
…
بَخَلَ الغَمامُ علَى الجَديب بوَدْقه
وغداً يضيفُ الدودَ جسمُكَ بُرهةً
…
تُمسى وتُصبحُ في محاسنِ خلقهِ
وتظلُّ من ظُلم المَظالم حائراً
…
في أسْرِ رمْس لا تُسرُّ يعتْقهِ
فما، برحَُ يردِّدُها ويَنوحُ، ويُعلِنُ بحُرَقهِ وَيبوحُ، إلى أنْ تمكَّنْت من حِفظِها تمكَّنَ الأمكنِ، وانجلَتِ الجَوْنة في الجِلبابِ الأدْكَن، وحينَ تيَّسرتْ سحائبُ الانتحابِ، وانتشرتِ السيارةُ للانسياب، ألفيتُ شَيخَنا المَصْريَّ كارب ذاكَ القَراح، وَراكبَ رِكاب ذيّاكَ الاجتراح، وصاحبَ هاتيكَ الرياح وحاصب البصائر بحَرِّ ذلكَ النَّواح، ولمَا قمّصني ببصَره، واَقتنصني بمخَالب تَبصُّرهِ، ساءني تَعَبُ بالهِ، وتَمزيقُ قُنانِ سرباله، فأخلقتُه جبَّةً خلقتُها أيّانَ استراء النفائس، واجتناء بستان السَّناء المائس، فزالَ ما بجَفْنِ حاله مِنْ وسنٍ، وزادَ ما بطيبِ نُطقهِ من لسَنٍ، وتقبّلَها بقَبول حَسن، ثم قال لي: يا بنَ جِريالٍ قد أنضجَكَ مفتأدُ الغمائم، وأزعجَكَ سمامُ حيّةِ السَّمائم، فبادر إلى دِرياقِ الهُدونِ، واشكُر الدهرَ على إسدارٍ النفيس والدُّونِ، فأفِّ لحالك حالكَ، ومُلاحفةِ مُحالِكَ وارتحالكَ، وها أنا عازمٌ على أنْ أريحَ هذي المطيّةَ، وأطوي هذهِ الطِيّة بِملطيّةِ، فَهَلْ لكَ في المُقامةِ، لتحمِدَ خلوة هذهِ المقامة، ولا ملأ دورَ منادمتكَ حُوارا، وأكونَ لمعصَم كفِّ وصلتكَ سِواراً قلتُ: إيْ وَمن أعْذبَ زُلالَ هذا الالتئام، وعذَّبَ النِّعَمَ بمُجاورةِ أكُفِّ اللئام، لكنْ لا يكُنْ حَلَبُ وُدِّكَ فَطْرا، وفِعلُكَ في وابلِ قوِلكَ قَطْرا، فأطأَ بصبْرِ مُصابرتكَ صُبْرا، واعلم أنَّكَ لَنْ تستطيع معي صَبرا، فقال لي: لا أظهِرُ لَكَ سِرّاً، ولا أُضمِرُ لشُهْدِ شاهدتكَ شرّا، ولا أنكِرُ لأُمراءِ رأيكَ إمْرا، ستجدني إنْ شاءَ اللهُ صابراً، ولا أعصي لكَ أمراً، قال القاسمُ بنُ جريالٍ: فسِرنا مسرورين، على أضواء النيِّرْبين، إلى أنْ ولجناها مُدقعين، لا نملكُ شَيئاً من العَين، فلمّا أصطدمتْ عساكرُ الظُلَم وقَرِمت القرونُ إلى معاطاةِ الظُّلم أخذتُ أشكو إليه بُعْدَ الإفاقةِ، وطولِ بطء مفارقةِ الفاقةِ، فقالَ لي: يا هذا، ومن حبك المحامدَ حاذَى، أتنقمُ على قَدَر آذى، وتجعلَ لك الشكايةَ معاذَ، أفتطمع أن تدخلَ الفلكَ تحت رقِّكَ، لتجمعَ بين حذْقِكَ وسَعَةِ رزقك، فعدَ عَنْ قُبح هذا اللّقاح، وتُبْ إلى اللهِ من هذا الاتّقاح، وارضَ بمصاحبة الفقير واقتنَعْ بالتقَام الحَقيرِ النَّقيرِ، قالَ: فصبوتُ لعتابه ورجوتُ مِنَ اللهِ حُسْنَ مَتابه، وحين أحجمتْ جَحافلُ الإجحافِ، وأقبلتْ قبائلُ بَيْع اللِحافِ، قالَ لي: بعْ هذه النُّونَ، واشتر بثَمنِها شِيْعَ يوشعَ بنَ نونَ فعدْتُ به إليه، فاستجودَهُ ووضعه عليهِ، ثم إنّهُ تناولَ عصا الذُّهوبِ، وارتهشَ ارتهاش المرهوبِ، وقالَ لي: صِر من المُصَلِّينَ، لاستثمِرَ لكَ اليقطين واللينَ فتوخيتُ لِيانَهُ ورميتُ بنصلِ الإطاعة عصيانَهُ، وجعلتُ أسيرُ على أثَرهِ، وأعلمُ أن سأذوقُ لَسْعَ إبرهِ، إلى أنْ وِلَجَ ببابِ بيعتِها، وأعلَن بالسلام على أربابِ شِيعتِها، فحيّاهمُ تحية الرُّهبانِ، وتَبَرْنسَ في ذلكَ الجلبَانِ، فأقبلتْ إلى لقائهِ القُسُوسُ، وشُكرَ شَيْمُ قدومهِ المأنوسُ، ثم أَحلُّوهُ بُحْبُوحةَ هالتِهم، ومنحوهُ عُجالةَ إهالتهِم، فأقبلَ يُسمعهُم مِن مُلح ألحانهِ ما يفوقُ رياحَ ريَحانهِ، ويَسْكُبُ مِنْ سُحُبِ أسجاعهِ، ما حملَهُم على اَزديادِ انتجاعهِ، قالَ الراوي: فلمّا مزَّقَ قميصَ قَشْقَشَتِهِ وشقَّق شُقَّةِ شِقْشقتِه، وسدَّ سبيلَ قَسْقَسَتهِ، وقدَّ زبَيلَ سَقْسَقَتهِ، زمَّ شراكَهُ، ومدَّ للحِيَلِ أشراكَهُ، فاستمسَكَ كلٌّ بشِيعهِ، وعافَ شُرْبَ شَمول تَشْييعهِ، وقالوا له: نُقْسِمُ عليكَ بالسيِّدِ المسيح، والسندِ السَّليح، بأنْ تَبيتَ لَيلتَكَ بهذهِ البيْعةِ، بينَ أصحابِ هذهِ الشريعةِ، فقدِ اتفقَ زواجٌ لبعض أصحابنا، فاصحبْ صَحِبَكَ صَلاحُكَ كأصحابنا، لتَحُلَّ بحلولك البركة، وتستهِلَّ بنزولِكَ هذهِ الحركةُ فعدلَ إلى ما سأَلوهُ، وبذلَ لَهُم من فَهم الإجابةِ ما استبذلوهُ، والتمسوا أنْ يحضُرَ الزوجُ إليهِ، لتتمَّ عُقدةُ النكاح على يديهِ، فقال لهم: طاعةٌ لِمنْ أمر ولو أمرَّ، نهلُ أمرهِ وأمِر، وسأخطبُ بهذا الزواج، خطبةً سريعةَ الرواج، جميلةَ الصفاتِ، عريّةً مِنَ الإلفاتِ، يخضعُ لفضلِها النحريرُ، ويركعُ لِقبْلةِ سَلِس إفصاحِها الحريرُ، فأحبَّتِ المسامعُ
استماعَ فِقَرِهَا، وارتضاعَ نُقَرِها، فرفعَ بصرَهُ، وأحدَقَ النظرَ بمَنْ أبصرَهُ، وقالَ: حَمِدْتُ ذو كمُلَ فضلُهُ، وشَمِلَ ظله، وغزَّتْ جنودُهُ، وعزَّتْ بنوُده، ورفعتْ رحمتُهُ، وخفضَتُ غُمَّتُهُ، ونصبَتْ مبَّرتُهُ، ونَصَبَتْ مضرّته، وعمَّتْ نِعمتُهُ، وغمَّتْ نقمتُهُ، وقَدَّرَ رِزقَهُ، ويسّرَ وحذَّرَ خَلْقَهُ، وبشّرَ وبهَرَ ضَمُّهُ ونَشْرَهُ، وظهرَ بِره وبِشره، وتَمَّ دُّرهُ ويُسرهُ، ونمّ ذَرَّهُ ونسره، وشفَى حَمْدهُ ورفْدهُ ووفَى وعدهُ ورَفْدُهُ، وصَلَتْ صلتُهُ، وصلَّت وفَلَتْ صَولتُه، وفلَّتْ وحَلَتْ بجدتهُ، وحلَّتْ وجَلَتْ نَجدتُهُ، وجَلّتْ وتجلت مِنته؟ وحلت وتحلّتْ معونته، وجلتْ وتبَّتْ يدُ عدوهِ وشُلت، ونَبَت لُسُنُ مَنْ جحدَهُ وسُلّتْ، ونمَى دَوحُ مدحه فورِفَ، وطمَى عرف عرفه فَعُرِفَ، وبرقَ جيشُ قهرهِ ففرَّجَ، وشرقَ صبحُ لطفهِ فتبلّجَ، وتعظمَ على من تعظم فَقُصم، وتكبَّرَ على مَنْ تكبّرَ ففُصِمَ، وجَدَع مَنْ عَمَطَ عدلَهُ وبغى. وجذع مَنْ غمطَ بذلَهُ وبغى، مبدعُ كلِّ حيٍّ، ومدمِّر كلِّ لي بِحَيَ، مُدرك كل بعيدِ، ومهلِك كلِّ بعيدٍ، نَفَصَ كلَّ مُمِر فغِبرَ، ونقضَ كلَّ مُمرً فعبرَ، وتلتلَ كل مصر فعتر، وبلبل كل مضِر فعثر، وخسف قمر قدرِ من بدغ، وكسفَ شمس سعد من في حكمهِ نَدَغ وبيَّضَ للمعترفينَ مَهْيَعَهُ، وفيّضَ للمغترفينَ مشرعَهُ، وجدّ جده فجد، وحد حده فحد، حمد من سر بحسنِ نسكهِ فقرّ، وفر فم معصية قرونهِ ففَرَّ، وعذل نفس فِعْلهِ، وعَدَلَ وقَصَل رجْسَ جَهْلهِ، وفَصَلَ فبصدق قولهِ نقول، وبودقِ طوْلهِ نطولُ، ولهُ نزجر ونجير، وبوزر عز مِزهِ نستجير، وصِرف صلوح وصفهِ ندِبْرُ، وحَوْلَ حَرَم حِلمِهِ نستديرُ، فرحِمَ مَنْ يدعوهُ، ورجَمَ جِنَّ جَمْعٍ هجروا ذِكرَهُ ولَمْ يَعوهُ، وسخّرَ لِفُلْكِهِ ريحَهُ، وبَسَطَ لعبيدهِ فسيحَهُ، وبَجَّلَ عيسى مسيحَهُ، وتقّبل تقديسَهُ وتسبيحَهُ، فغربَ لفجرهِ فَجْرُ مَنْ فَجرَ، وعزبَ لفخرهِ فَخرُ مَن فَخَرَ: ونَضَرَ وجهُ مَنْ دِينَهُ نضَرَ، ونصِرَ جُنْدَ مَنْ جندهُ نَصَرَ، وجَدَّ مَنْ نبذَ عهدَ بعثتهِ وصَدَّ مَنْ تعثر بعثيرَ عثعثتهِ، فطمَّهُ برَحمةٍ عظيمةٍ، وعمّهُ بنعمةٍ عميمةِ، فهو دليلٌ للهِ على تمكينِ قُدرته، ومتينِ مقدرته، وعظيم لُجّهِ، وقويم نهجهِ، صلّى عليهِ رَبّه وسلّمَ، وحلّى عنقَ قُدْسه وسنَّم، وجعلَهُ شفيعَ صَحبهِ يومَ يُبعثون، ومنيعَكُم حين تُعثعثونَ وجعلَ تزويجَكم خبرَ تزَويج، ومريجكم خيرَ مريج، يُشعرُ ببدورٍ ذُكورِ، تَفرِى فرىَ فَذ ذَكورٍ، وتَزرِي على كُلِّ نَدْرٍ درور وبَذْر ذَرور، وتمَّ بَيْتَ سرورِكُم، وسقفَ وقوَّمَ عُودَ وعودكُم، وثقَّفَ وكوثر ثمرَ ثروتِكُم، وشوَّفَ وتوَّجَ جبينَكم بجميلِ جودِكُم وشنَّفَ. قالَ الراوي: حينَ دفّقَ عُرامَ خُطبتهِ، ونمَّقَ إبرامَ عُقدتهِ، نظر إلى والدِ الزوجةِ وقال لَهُ: زوّجْتَ بنتك المدعوةَ فلانة فلاناً الحاضرَ على سنَنِ الملّةِ المسيحيّةِ، وسُنَنِ السادةِ السليحيّة، وحقّقتَ أنْ هذا الزواجَ قويُّ الاعتلاقِ، بَريٌّ من الطلاقِ، لا تُغَيّره غَيْرُ مقاطعةِ، ولا تَعْتورهُ خُيولُ مخالعةٍ، وقبضتَ المهرَ المندوبَ إليهِ، المتَّفقَ في هذا التزويج عليهِ، مَعْ علمِكَ بأنَّها بالغة عاقلة، راكبة نجُبَ الإجابةِ راقلة، طاهرة الجيوبِ، خالية من العيوبِ، سالمة مما ينافي القوانينَ النسطورية، ويخالفُ الرهابينَ الإسفسقوبية، بعدَ أنْ ألفيتُها راضيةً غيرَ مجبورةٍ، مختارةً غير مقهورةِ، يُعربُ عن ذلكَ لسانُها، ويرغبُ في هذهِ الوُصْلَةِ جَنانُها، قالَ: زوّجتُهُ إياها فالتفتَ إلى الزوج، وقال: وردتَ على خِيرةِ اللهِ تعال وأنتَ لزواج فلانةٍ بنتِ فلانٍ الحاضِرِ مِنَ الراغبينَ، وحضرْتَ وأنتَ مِنَ الخاطبينَ الطالبينَ، على القواعدِ العيسويّةِ، والمناهج الداوديةِ، فكنتَ أفضلَ خاطب لأَفْضلِ مخطوبٍ، وأكملَ طالب لأكمل مطلوبٍ، مَعْ معرفتكَ بأن زواجَ النصارى لا طلاق فيهِ، ولا سائلَ مخالعةٍ يعتفيه، ولا راجبَ مراجعة يجتديه، ولا رِدَاءَ معاودة يرتديهِ، بَلْ طلاقهُ مجاورةُ الأجداث، ومحادثةُ الانباثِ، وانحرافُ الرُّوح عن البدنِ، والتحافُ البَدَنِ بالكَفَنِ، فتزوْجتَها على هذا الاشتراطِ المذكورِ، وتقبُّلَتها