الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَوِيل الزندين شئن الْكَفَّيْنِ مسيح الْقَدَمَيْنِ
(صِفَاته المعنوية وآدابه وسمته صلى الله عليه وسلم
وَكَانَ حسن الْخلق لين الحانب لَيْسَ دونه بواب وَلَا حَاجِب يبْدَأ من لقِيه بِالسَّلَامِ ويفتر عَن مثل حب الْغَمَام يُبدل النّظر بالملاحظة والضحك بالتبسم وَيَأْتِي بجوامع الْكَلم حَال التَّلَفُّظ والتكلم يحسن الْحسن ويقويه ويقبح الْقَبِيح ويوهيه يُشِير بكفه إِذا أَشَارَ وَإِذا تعجب قَلبهَا لَا يكترث بالدنيا وَلَا يبخل بهَا على من طلبَهَا إِذا فَرح غض طرفه وَإِذا غضب أعرض وثنى عطفه
وَكَانَ طَوِيل السُّكُوت جزيل الذّكر متواصل الأحزان دَائِم الْفِكر يسكت عَن الْحلم والتدبر ويصمت عَن الحذر والتفكر لَا يخزن على السَّائِل جَوَابه وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا فِيمَا يَرْجُو ثَوَابه
لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا فحاش وَلَا مزاح وَلَا عياب
يتفقد أَصْحَابه ويؤثرهم بخيره وَلَا يقصر عَن الْحق وَلَا يجوزه إِلَى غَيره يُقَابل من استوطن دَار الدُّنْيَا باللوم وَيجْلس حَيْثُ انْتهى بِهِ مجْلِس الْقَوْم لَا يغْضب لنَفسِهِ وَلَا ينتصر لَهَا ويعظم دَقِيق النِّعْمَة ويستبحر وشلها
يكرم كريم كل قوم ويوليه عَلَيْهِم وَيَقْضِي حوائج النَّاس ويتودد إِلَيْهِم ينذرهم ويبشرهم ويؤلفهم وَلَا ينفرهُمْ
مَجْلِسه مجْلِس حَيَاء وحلم وصبر وَأَمَانَة علم يوقر فِيهِ الْكَبِير ويحفظ الْغَرِيب وَيرْحَم الصَّغِير لَا ترفع فِيهِ الْأَصْوَات وَلَا تؤبن الْحرم وَلَا يتنازع فِيهِ الحَدِيث وَلَا تخفر الذمم
إِذا تكلم أطرق جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا على رُؤْسهمْ الطير وَإِذا سكت تكلمُوا فِيمَا يجلب لَهُم النَّفْع وَالْخَيْر يبْذل فِي نصح أمته جهده وَالنَّاس فِي الْحق سَوَاء عِنْده لَا يمِيل عَن طَالب الْحَاجة وَلَا ينحرف ويصابر من جالسه أَو قاومه حَتَّى يكون هُوَ المنصرف
لَا يذم أحدا وَلَا يعيره وَلَا يطْلب كشف عَوْرَته ويصبر للغريب على الجفوة فِي مَنْطِقه ومسألته من وَفد عَلَيْهِ غمره بنيل النول وَمن سَأَلَهُ حَاجَة لَا يردهُ إِلَّا بهَا أَو بميسور من القَوْل
كَانَ يشد صلبه بِالْحجرِ من الغرث وَيَأْمُر بكف اللِّسَان عَن اللَّغْو والرفث ويبيت وَلَيْسَ عِنْده سراج ويمسي وَيُصْبِح وَهُوَ إِلَى الطَّعَام مُحْتَاج
وَلَقَد مرت عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام لم يدْخل إِلَى فَمه فِيهَا شَيْء من الطَّعَام وَأَتَتْ عَلَيْهِ شهور لم يشْبع فِيهَا من خبز الْبر وَلَو شَاءَ لأجرى الله مَعَه جبال الْيَاقُوت والدر وَكَانَت تمر بآله الشُّهُور لَا يرى فِي بُيُوتهم جمر إِنَّمَا كَانُوا يعيشون بالأسودين المَاء وَالتَّمْر
وحبب إِلَيْهِ النِّسَاء وَالطّيب وَجعلت قُرَّة عينه فِي الصَّلَاة وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى لحق بِمن هُوَ فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه
(أَوْصَاف خير الْخلق لَيْسَ لندها
…
ند وأنجم نَعته لَا تحصر)