الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2
-
النَّوْع الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ نَاسخ الحَدِيث ومنسوخه
وَهُوَ فن مُهِمّ مستصعب
قَالَ الزُّهْرِيّ أعيا الْفُقَهَاء واجزهم أَن يعرفوه
وَكَانَ للشَّافِعِيّ فِيهِ يَد ولى وسابقة أولى
قَالَ أَحْمد لِابْنِ وارة الْحَافِظ وَقد قدم من مصر كتبت كتب الشَّافِعِي قَالَ لَا قَالَ فرطت مَا علمنَا الْمُجْمل من الْمُفَسّر وَلَا النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ حَتَّى جالسنا الشَّافِعِي
وَأدْخل فِيهِ بعض أهل الحَدِيث مَا لَيْسَ مِنْهُ لخفاء معنى النّسخ وَشَرطه
وَهُوَ عبارَة عَن رفع الشَّارِع كَمَا مِنْهُ مُتَقَدما بمتأخر
وَهَذَا حد وَقع لنا سَالم من اعتراضات وَردت عَلَيْهِ
قلت لَيْسَ بسالم فَعَلَيهِ اعتراضات أَحدهَا على تَعْبِيره بِالرَّفْع لِأَن الحكم الْحَادِث ضد السَّابِق وَلَيْسَ رفع الْحَادِث السَّابِق بِأولى من رفع السَّابِق للحادث وَالصَّوَاب التَّعْبِير بالانتهاء
ثَانِيهَا على عبيره ب الحكم لِأَن الْمَنْسُوخ قد يكون خَبرا
ثَالِثهَا أَن هَذَا الْحَد منطبق على قَول الْعدْل نسخ كَذَا مَعَ أَنه لَيْسَ بنسخ
رَابِعهَا إِذا اخْتلفت الْأمة على قَوْلَيْنِ فَإِن الْمُكَلف يتَخَيَّر بَينهمَا ثمَّ إِذا أَجمعُوا أَحدهمَا فَإِنَّهُ يتَعَيَّن الْأَخْذ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيصدق الْحَد الْمَذْكُور مَعَ أَن الْإِجْمَاع لَا ينْسَخ وَلَا ينْسَخ ب كَمَا ذكره بعد
ثمَّ نَاسخ الحَدِيث ومنسوخه يَنْقَسِم أقساما
فَمِنْهَا مَا يعرف بتصريح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ك كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها
وَمِنْهَا مَا يعرف بقول الصَّحَابِيّ ك كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول
الله صلى الله عليه وسلم ترك الْوضُوء مَا مست النَّار وَحَدِيث كَانَ المَاء من المَاء
رخصَة فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نهي عَنْهَا
وَمِنْهَا مَا عرف بالتاريخ كَحَدِيث شَدَّاد بن أَوْس وَغَيره أفطر الحاجم والمحجوم فَإِنَّهُ مَنْسُوخ بِحَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه صلى الله عليه وسلم احْتجم
وَهُوَ صَائِم لِأَن الأول فِي الْفَتْح سنة ثَمَان إِذْ فِي حَدِيث شَدَّاد أَنه كَانَ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم زمَان الْفَتْح فَرَأى رجلا يحتجم فِي شهر رَمَضَان فَقَالَ أفطر الحاجم والمحجوم وَالثَّانِي فِي حجَّة الْوَدَاع سنة عشر
قلت لَكِن فِي السّنَن فِي حَدِيث شَدَّاد أَنه أَتَى على رجل بِالبَقِيعِ وَهُوَ يحتجم لثمان عشر خلت من رَمَضَان وَلَيْسَ فِيهِ عَام
الْفَتْح وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا التَّارِيخ عَام الْفَتْح كَانَ بِمَكَّة كَمَا تقدم وَالْبَقِيع بِالْمَدِينَةِ وإسنادهما صَحِيح فَلْينْظر فِي الْجمع بَينهمَا لَكِن النّسخ حَاصِل على كل تَقْدِير لِأَن حجَّة الْوَدَاع لم يكن بعْدهَا رَمَضَان فِي حَيَاته عليه الصلاة والسلام
وَمِنْهَا مَا يعرف بِالْإِجْمَاع كَحَدِيث قتل شَارِب الْخمر فِي الرَّابِعَة فَإِنَّهُ عرف نسخه بانعقاد على ترك الْعَمَل بِهِ وَالْإِجْمَاع لَا ينْسَخ وَلَا ينْسَخ لَكِن يدل على وجود نَاسخ غَيره
قلت حكى ابْن حزم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه عمل بِهِ
وَقَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع عوام أهل الْعلم على انه لَا يقتل إِلَّا شاذا من النَّاس لَا نعلمهُ خلافًا
قلت وَمثله حَدِيث قتل السَّارِق فِي الْخَامِسَة
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ انْعَقَد الْإِجْمَاع من الصَّحَابَة على أَنه لَا يقتل
لَكِن فِي هَذِه الدَّعْوَى نظر لِأَن الرَّوْيَانِيّ حكى عَن عُثْمَان وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعمر بن عبد الْعَزِيز أَنه يقتل للْخَبَر الْمَذْكُور
نعم عَنهُ أجوبة
أَحدهَا ضعفه قَالَه النَّسَائِيّ وَغَيره
ثَانِيهَا حمله على قَتله بزنا أَو استحلال قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ
ثَالِثهَا أَنه خَاص بذلك السَّارِق قَالَه صَاحب الشَّامِل وَفِيه بعد
وَقد ذكرت كل ذَلِك فِي تخريجي لأحاديث الرَّافِعِيّ وشرحي للمنهاج أَيْضا
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ كل مَا جمعت فِي كتابي هَذَا مَعْمُول بِهِ إِلَّا حديثين حَدِيث جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ من غير خوف وَلَا مطر وَحَدِيث شَارِب الْخمر فَإِذا كَانَ فِي الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ هَذَا كَلَامه وَالْأول قد عمل بِهِ وَحمل على الْجمع بِالْمرضِ وَالثَّانِي قد عرفت مَا فِيهِ