المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع التاسع الثلاثون معرفة الصحابة رضي الله عنهم - المقنع في علوم الحديث - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌ النَّوْع الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ نَاسخ الحَدِيث ومنسوخه

- ‌النَّوْع الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ معرفَة الْمُصحف متْنا وإسنادا

- ‌النَّوْع السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ معرفَة مُخْتَلف الحَدِيث وَحكمه

- ‌النَّوْع السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ معرفَة الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد

- ‌النَّوْع الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ معرفَة الْمَرَاسِيل الْخَفي إرسالها

- ‌النَّوْع التَّاسِع الثَّلَاثُونَ معرفَة الصَّحَابَة رضي الله عنهم

- ‌النَّوْع الْأَرْبَعُونَ معرفَة التَّابِعين رضي الله عنهم

- ‌فَائِدَة لم يذكرهَا الشَّيْخ وَنَصّ عَلَيْهَا بَعضهم

- ‌فَائِدَة ثَانِيَة

- ‌النَّوْع الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر

- ‌ثمَّ هُوَ أضْرب

- ‌النَّوْع الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ المدبج وَمَا عداهُ من رِوَايَة الأقران بَعضهم عَن بعض

- ‌وهم المتقاربون فِي السن والإسناد وَرُبمَا اكْتفى الْحَاكِم بِالْإِسْنَادِ

- ‌النَّوْع الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ معرفَة الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات

- ‌‌‌فرع

- ‌فرع

- ‌النَّوْع الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ روياة الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء

- ‌النَّوْع الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ رِوَايَة الْأَبْنَاء عَن الْآبَاء

- ‌النَّوْع السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ معرفَة من اشْترك فِي الرِّوَايَة عَنهُ اثْنَان تبَاعد مَا بَين وفاتيهما وَإِن كَانَ الْمُتَأَخر مِنْهُمَا غير مَعْدُود من معاصري الأول وَذَوي طبقته

- ‌النَّوْع السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ من لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ

- ‌النَّوْع الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ معرفَة من ذكر بأسماء أَو صِفَات مُخْتَلفَة وَظن من لَا خبْرَة لَهُ بهَا أَنَّهَا لجَماعَة مُتَفَرّقين

- ‌النَّوْع التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ معرفَة الْمُفْردَات الْآحَاد من أَسمَاء الصَّحَابَة ورواة الحَدِيث وَالْعُلَمَاء وألقابهم وَكُنَاهُمْ

- ‌الأول فِي الْأَسْمَاء

- ‌الْقسم الثَّانِي الكنى

- ‌الثَّالِث الألقاب

- ‌النَّوْع الْخَمْسُونَ معرفَة الْأَسْمَاء والكنى

- ‌الضَّرْب الثَّانِي

- ‌الضَّرْب الثَّالِث

- ‌الضَّرْب الرَّابِع

- ‌الضَّرْب الْخَامِس

- ‌الضَّرْب السَّادِس

- ‌الضَّرْب السَّابِع

- ‌الضَّرْب الثَّامِن

- ‌الضَّرْب التَّاسِع

- ‌الضَّرْب الْعَاشِر

- ‌النَّوْع الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ معرفَة كنى المعروفين بالأسماء دون الكنى

- ‌النَّوْع الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ معرفَة الألقاب

- ‌وَهَذَا أنموذج مِنْهَا مُخْتَار

- ‌النَّوْع الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ معرفَة المؤتلف والمختلف من الْأَسْمَاء والأنساب وَمَا يلْتَحق بهما

- ‌فَمن الأول

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌فَائِدَة لم يذكرهَا الشَّيْخ

- ‌وَمن الْأَنْسَاب

- ‌النَّوْع الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ معرفَة الْمُتَّفق والمفترق من الْأَسْمَاء والأنساب وَنَحْوهَا

- ‌النَّوْع الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ يتركب من النَّوْعَيْنِ الَّذين قبله

- ‌فَمن أَمْثِلَة الأول

- ‌وَمن امثلة الْقسم الثَّانِي

- ‌النَّوْع السَّادِس وَالْخَمْسُونَ معرفَة المتشابهين فِي الِاسْم وَالنّسب المتمايزين بالتقديم وَالتَّأْخِير فِي الابْن وَالْأَب

- ‌النَّوْع السَّابِع وَالْخَمْسُونَ معرفَة المنسوبين إِلَى غير آبَائِهِم

- ‌هم أَقسَام

- ‌النَّوْع الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ معرفَة النّسَب الَّتِي بَاطِنهَا على خلاف ظَاهرهَا

- ‌النَّوْع التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ معرفَة المبهمات

- ‌وَهُوَ أَقسَام

- ‌النَّوْع السِّتُّونَ معرفَة التواريخ والوفيات

- ‌النَّوْع الْحَادِي وَالسِّتُّونَ معرفَة الثِّقَات والضعفاء

- ‌النَّوْع الثَّانِي وَالسِّتُّونَ معرفَة من خلط فِي آخر عمره من الثِّقَات

- ‌النَّوْع الثَّالِث وَالسِّتُّونَ معرفَة الروَاة وَالْعُلَمَاء

- ‌النَّوْع الرَّابِع وَالسِّتُّونَ معرفَة الموَالِي

- ‌النَّوْع الْخَامِس وَالسِّتُّونَ معرفَة أوطان الروَاة وبلدانهم

- ‌آخر الْمُخْتَصر الْمُبَارك وَللَّه الْحَمد على التَّوْفِيق لَهُ ولإكماله وعَلى مَا أَسْبغ من إنعامه وإفضاله

- ‌وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه سلم تَسْلِيمًا كثيرا وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل

الفصل: ‌النوع التاسع الثلاثون معرفة الصحابة رضي الله عنهم

‌النَّوْع التَّاسِع الثَّلَاثُونَ معرفَة الصَّحَابَة رضي الله عنهم

هَذَا علم كَبِير مُهِمّ وَبِه يعرف الْمُتَّصِل من الْمُرْسل

وَقد ألف النَّاس فِيهِ كتبا كَثِيرَة من أجلهَا وأكثرها فَوَائِد الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر لَوْلَا مَا شانه بِهِ من إِيرَاده كثيرا مِمَّا شجر بَين الصَّحَابَة رضي الله عنهم وحكايته عَن الأخباريين لَا الْمُحدثين وغالب على الأخباريين الْإِكْثَار والتخليط فِيمَا يَرْوُونَهُ

قلت وَقد جمع ابْن الْأَثِير الْجَزرِي فِيهِ كتابا حسنا جمع فِيهِ عدَّة مؤلفات وَضبط وَتحقّق أَشْيَاء حَسَنَة وَذكر النَّوَوِيّ فِي تقريبه أَنه اخْتَصَرَهُ وَلم نره نعم اخْتَصَرَهُ الذَّهَبِيّ فِي مُجَلد ضخم مُفِيد بِزِيَادَات عَلَيْهِ مَعَ أَنه أهمل أَشْيَاء أَيْضا

ونورد نكتا نافعة قد كَانَ يَنْبَغِي لمصنفي كتب الصَّحَابَة أَن يتوجوها بهَا مقدمين فِي فواتحها

ص: 490

الأولى

اخْتلف الْعلمَاء فِي حد الصَّحَابِيّ

فالمعروف من طَريقَة أهل الحَدِيث أَنه كل مُسلم رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِن لم يَصْحَبهُ

وَطَرِيق الْأُصُولِيِّينَ أَنه من طَالَتْ مُجَالَسَته على طَرِيق التبع لَهُ وَالْأَخْذ عَنهُ

وَهُوَ الصَّحَابِيّ من حَيْثُ اللُّغَة أَيْضا

قلت لَكِن رجح ابْن الْحَاجِب الأصولي الأول وَعبر بقوله من رَآهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بدل من رأى فَمَا رجح مُوَافق للمعروف عِنْد الْمُحدثين وَيدخل فِي تَفْسِيره ابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى وَغَيره بِخِلَاف الأول

وَعَن سعيد بن الْمسيب أَنه لَا يعد صحابيا إِلَّا من أَقَامَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سنة أَو سنتَيْن وغزا مَعَه غَزْوَة أَو عزوتين

وَكَأن المُرَاد بِهَذَا إِن صَحَّ عَنهُ رَاجع إِلَى المحكي عَن الْأُصُولِيِّينَ وَلَكِن فِي عِبَارَته ضيق يُوجب أَن لَا يعد جرير البَجلِيّ وَشبهه مِمَّن شَاركهُ فِي فقد مَا اشْتَرَطَهُ فيهم صحابيا وَلَا خلاف أَنهم صحابة

ص: 491

قلت وَحكى ابْن الْحَاجِب قولا آخر أَنه من روى عَنهُ وطالت صحبته

وَذهب الْوَاقِدِيّ إِلَى أَنه لَا يعد فِي النَّهَار إِلَّا من أدْركهُ وَأسلم وعقل أُمُور الدّين وَصَحبه وَلَو سَاعَة من نَهَار قَالَ وَرَأَيْت أهل الْعلم يَقُولُونَهُ وَحَكَاهُ القَاضِي عِيَاض عَنهُ

قَالَ وَذهب أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي آخَرين إِلَى أَن اسْم الصُّحْبَة وفضيلتها حَاصِلَة لكل من رَآهُ أَو أسلم فِي حَيَاته أَو ولد وَإِن لم يره وَلَو كَانَ ذَلِك قبل وَفَاته صلى الله عليه وسلم بساعة لكَونه مَعَه فِي زمن وَاحِد وَجمعه وإياه عصر مَخْصُوص

فَهَذِهِ سِتَّة أَقْوَال

ثمَّ تعرف صحبته بالتواتر كالعشرة أَو الاستفاضة القاصرة عَن التَّوَاتُر أَو قَول صَحَابِيّ أَو قَوْله إِذا كَانَ عدلا

قلت وَكَانَ مُمكنا فَإِن كَانَ الْعدْل معاصرا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَفِيهِ خلاف حَكَاهُ ابْن الْحَاجِب

الثَّانِيَة

للصحابة بأسرهم خصيصة وَهِي أَنه لَا يسْأَل عَن عَدَالَة أحد مِنْهُم

ص: 492

بل ذَلِك أَمر مفروغ مِنْهُ لكَوْنهم على الْإِطْلَاق معدلين بنصوص الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع من يعْتد بِهِ

قَالَ الله تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} الْآيَة قيل اتّفق الْمُفَسِّرُونَ على أَنه وَارِد فِي الصَّحَابَة وَقَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} وَهَذَا خطاب مَعَ الْمَوْجُودين حِينَئِذٍ وَقَالَ تَعَالَى {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار} الْآيَة

وَفِي نُصُوص السّنة الشواهد بذلك كَثِيرَة مِنْهَا

حَدِيث أبي سعيد الْمُتَّفق على صِحَّته أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تسبوا أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه

ثمَّ إِن الْأمة مجمعة على تَعْدِيل جَمِيع الصَّحَابَة وَمن لابس الْفِتَن مِنْهُم فَكَذَلِك [إِجْمَاع الْعلمَاء الَّذين يعْتد بهم فِي الْإِجْمَاع إحسانا للظن بهم ونظرا إِلَى مَا تمهد لَهُم من المآثر وَكَأن الله تَعَالَى أتاح الْإِجْمَاع على ذَلِك لكَوْنهم نَقله الشَّرِيعَة

قلت وَنقل صَاحب الْمَحْصُول عَن مَذْهَبنَا أَن الأَصْل فِي الصَّحَابَة الْعَدَالَة إِلَّا عِنْد ظُهُور الْمعَارض وَنَقله ابْن الْحَاجِب عَن

ص: 493

الْأَكْثَرين وَأَرَادَ بالمعارض وُقُوع أحدهم فِي كَبِيرَة كَمَا وَقع لسارق رِدَاء صَفْوَان ولماعز وَغَيرهمَا

الثَّالِثَة

أَكثر الصَّحَابَة رِوَايَة أَبُو هُرَيْرَة قَالَه الإِمَام أَحْمد وَغَيره وَهُوَ أول صَاحب حَدِيث كَانَ فِي الدِّينَا وَقَالَ أَحْمد رضي الله عنه أَيْضا سِتَّة من الصَّحَابَة أَكْثرُوا الرِّوَايَة وعمروا أَبُو هُرَيْرَة وَابْن عمر وَعَائِشَة وَجَابِر بن عبد الله وَابْن عَبَّاس وَأنس وَأَبُو هُرَيْرَة أَكْثَرهم حَدِيثا وَحمل عَنهُ الثِّقَات

قَالَ وَأكْثر الصَّحَابَة فتيا تروى ابْن عَبَّاس

ص: 494

وَسُئِلَ عَن العبادلة فَقَالَ هم ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن وَابْن الزبير وَابْن عَمْرو بن الْعَاصِ فَابْن مَسْعُود قَالَ لَيْسَ مِنْهُم

قَالَ الْبَيْهَقِيّ لتقدم مَوته وَهَؤُلَاء عاشوا حَتَّى احْتِيجَ إِلَى عَمَلهم فَإِذا اجْتَمعُوا على شَيْء قيل هَذَا قَول العبادلة أَو هَذَا فعلهم

قلت وعد الْجَوْهَرِي فِي صحاحه فِي مَوضِع العبادلة ثَلَاثَة وَحذف ابْن الزبير وَوَقع للنووي فِي مبهماته أَن الْجَوْهَرِي أثبت ابْن مَسْعُود مِنْهُم وَحذف ابْن عَمْرو ثمَّ اعْترض عَلَيْهِ وَهُوَ عَجِيب فَإِن الَّذِي فِي صحاحه عكس مَا ذكره وَهُوَ إِثْبَات ابْن عَمْرو وَحذف ابْن مَسْعُود فَتنبه لذَلِك

قَالَ الشَّيْخ ويلتحق بِابْن مَسْعُود سَائِر من يُسمى عبد الله وهم نَحْو مئتين وَعشْرين نفسا

قلت بل هم نَحْو الْخمس مئة كَمَا عَددهمْ ابْن الْأَثِير فِي كِتَابه

ص: 495

أَزْد الغابة

قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ لم يكن من الصَّحَابَة أحد لَهُ أَصْحَاب يقومُونَ بقوله فِي الْفِقْه إِلَّا ثَلَاثَة ابْن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت وَابْن عَبَّاس كَانَ لكل رجل مِنْهُم أَصْحَاب يقومُونَ بقوله ويفتون النَّاس

وَقَالَ مَسْرُوق انْتهى علم الصَّحَابَة إِلَى سِتَّة عمر وَعلي وَأبي وَزيد وَأبي الدَّرْدَاء وَابْن مَسْعُود ثمَّ انْتهى علم هَؤُلَاءِ السِّتَّة إِلَى اثْنَيْنِ عَليّ وَعبد الله

وَفِي رِوَايَة ذكر أبي مُوسَى بدل الْخَامِس وَقَالَ الشّعبِيّ كَانَ الْعلم يُؤْخَذ سِتَّة من الصَّحَابَة وَكَانَ عمر وَعبد الله وَزيد يشبه علم بَعضهم بَعْضًا وَكَانَ يقتبس بَعضهم من بعض وَكَانَ عَليّ والأشعري وَأبي يشبه على بَعضهم بَعْضًا وَكَانَ يقتبس بَعضهم من بعض

ص: 496

الرَّابِعَة

قَالَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن مئة ألف وَأَرْبَعَة عشر ألف من الصَّحَابَة مِمَّن روى عَنهُ وَسمع مِنْهُ وَفِي رِوَايَة مِمَّن رَآهُ وَسمع مِنْهُ قَالَ لما قيل لَهُ رضي الله عنه أَلَيْسَ يُقَال حَدِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث قَالَ وَمن قَالَ ذَا قلقل الله أنيابه هَذَا قَول الزَّنَادِقَة وَمن يحصي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبض رَسُول الله فَذكره فَقيل لَهُ هَؤُلَاءِ أَيْن كَانُوا وَأَيْنَ سمعُوا مِنْهُ فَقَالَ أهل الْمَدِينَة وَأهل مَكَّة وَمن بَينهمَا والأعراب وَمن شهد مَعَه حجَّة الْوَدَاع كل رَآهُ وَسمع مِنْهُ بِعَرَفَة

وَفِي رِوَايَة عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن عدَّة من روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ وَمن يضْبط هَذَا شهد مَعَ النَّبِي حجَّة الْوَدَاع أَرْبَعُونَ ألفا وَشهد مَعَه تَبُوك سَبْعُونَ ألفا

قلت وَقَالَ الشَّافِعِي توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم توفّي النَّبِي والمسلمون سِتُّونَ ألفا ثَلَاثُونَ ألف بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاثُونَ ألف بغَيْرهَا

وَقَالَ الْحَاكِم روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة آلَاف نفس

ص: 497

وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي تَجْرِيد الصَّحَابَة بل لَعَلَّ الروَاة عَنهُ نَحْو ألف وَخمْس مئة نسمَة لَا يبلغون أَلفَيْنِ قَالَ وأظن أَن الْمَذْكُورين فِي كتابي هَذَا يبلغون ثَمَانِيَة آلَاف نفس وَأَكْثَرهم لَا يعْرفُونَ

قَالَ الشَّيْخ ثمَّ إِنَّه اخْتلف فِي عدد طبقاتهم وأصنافهم وَالنَّظَر فِي ذَلِك إِلَى السَّبق بِالْإِسْلَامِ وَالْهجْرَة وشهود الْمشَاهد الفاضلة

وجعلهم الْحَاكِم اثْنَتَيْ عشرَة طبقَة وَمِنْهُم من زَاد على ذَلِك ولسنا نطول بتفصيله

الْخَامِسَة أفضلهم على الْإِطْلَاق أَبُو بكر ثمَّ عمر بِإِجْمَاع أهل السّنة أَي وَلَا عِبْرَة بتفضيل الخطابية عمر مُطلقًا وَلَا بتفضيل الرواندية الْعَبَّاس وَلَا بتفضيل غَيرهم عليا

ثمَّ إِن جُمْهُور السّلف على تَقْدِيم عُثْمَان بن عَليّ وَقدم أهل الْكُوفَة من أهل السّنة عليا على عُثْمَان وَبِه قَالَ مِنْهُم سُفْيَان الثَّوْريّ أَولا ثمَّ رَجَعَ إِلَى تَقْدِيم عُثْمَان

وبمذهب أهل الْكُوفَة قَالَ ابْن خُزَيْمَة

ص: 498

وَتَقْدِيم عُثْمَان هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ مَذَاهِب أَصْحَاب الحَدِيث وَأهل السّنة

قلت وَهل التَّفْضِيل قَطْعِيّ أَو اجتهادي وَهل هُوَ فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن أَو فِي الظَّاهِر فَقَط فِيهِ خلاف وَحكي عَن الْأَشْعَرِيّ الْميل إِلَى الأول وَرَأى القَاضِي عِيَاض الثَّانِي

وَأما أفضل أصنافهم فَقَالَ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ أَصْحَابنَا مجمعون على أَن أفضلهم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة ثمَّ السِّتَّة الْبَاقُونَ إِلَى تَمام الْعشْرَة ثمَّ أهل بدر ثمَّ أحد ثمَّ بيعَة الرضْوَان بِالْحُدَيْبِية

قَالَ الشَّيْخ وَفِي نَص الْقُرْآن تَفْضِيل السَّابِقين الْأَوَّلين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وهم الَّذين صلوا إِلَى الْقبْلَتَيْنِ فِي قَول سعيد بن الْمسيب وَطَائِفَة وَفِي قَول الشّعبِيّ هم الَّذين شهدُوا بيعَة الرضْوَان وَفِي قَول عَطاء بن يسَار وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ هم أهل بدر

ص: 499

قلت وَمِمَّنْ لَهُ مزية أهل العقبتين من الْأَنْصَار

وَفضل بَعضهم من مَاتَ فِي حَيَاته على من بَقِي بعده وَاخْتَارَهُ ابْن عبد الْبر

وَاعْلَم أَن الصَّحَابَة خير الْأمة فَكل مِنْهُم أفضل من كل من بعده وَإِن رقى فِي الْعلم وَالْعَمَل وَخَالف ابْن عبد الْبر فِيهِ وَقَالَ قد يَأْتِي بعدهمْ من هُوَ أفضل من بَعضهم وَاعْلَم أَيْضا أَن أَصْحَابنَا اخْتلفُوا فِي خَدِيجَة وَعَائِشَة أَيَّتهمَا أفضل وَفِي عَائِشَة وَفَاطِمَة أَيْضا وَقد أوضحت ذَلِك فِي غَايَة السول فِي خَصَائِص الرَّسُول

توقف فِيهَا الْأَشْعَرِيّ

وَفِي أصل الْمَسْأَلَة مقَالَة غَرِيبَة لَا يفضل بَين أحد من الصَّحَابَة حَكَاهَا صَاحب الْمعلم وَهِي شَاذَّة

السَّادِسَة

اخْتَلَّ السّلف فِي أَوَّلهمْ إسلاما فَقيل أَبُو بكر الصّديق وَقيل عَليّ قَالَ الْحَاكِم وَلَا أعلم خلافًا بَين المؤرخين فِيهِ وَقد استنكر

ص: 500

هَذَا مِنْهُ زيد بن حَارِثَة وَقيل خَدِيجَة وَادّعى الثَّعْلَبِيّ فِيهِ الْإِجْمَاع وَأَن الْخلاف فِيمَن بعْدهَا

قلت وَهُوَ الصَّوَاب عِنْد جمَاعَة من الْمُحدثين

وَقيل إِن أَوَّلهمْ إسلاما خباب بن الْأَرَت وَقيل بِلَال بن حمامة حَكَاهُمَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن المَسْعُودِيّ فِي كِتَابه التَّنْبِيه والإشراف

وَقيل خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ ذكره عمر بن شبة فِي كِتَابه أَخْبَار مُحَمَّد بن سَلام الجُمَحِي وَحكى ابْن حبَان أَيْضا أَنه أسلم قبل الصّديق

وَنقل الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب أَعْلَام النُّبُوَّة عَن ابْن قُتَيْبَة أَو أول من آمن أَبُو بكر بن أسعد الْحِمْيَرِي

وَنقل ابْن سبع فِي الخصائص عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه قَالَ أَنا كنت أَوَّلهمْ إسلاما

والأورع أَن يُقَال من أسلم من الرِّجَال الْأَحْرَار أَبُو بكر وَمن الصّبيان عَليّ وَمن النِّسَاء خَدِيجَة وَمن الموَالِي زيد وَمن العبيد بِلَال

قلت ويروى هَذَا عَن أبي حنيفَة رضي الله عنه وَهُوَ أحسن مَا قيل وَهُوَ جَامع بَين الْأَقْوَال

ص: 501

السَّابِعَة

آخِرهم موتا على الْإِطْلَاق أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة مَاتَ سنة مئة

وَأما بِالْإِضَافَة إِلَى النواحي فآخر من مَاتَ مِنْهُم بِالْمَدِينَةِ جَابر بن عبد الله وَقيل سهل بن سعد وَقيل السَّائِب بن يزِيد

وَآخر من مَاتَ مِنْهُم بِمَكَّة عبد الله بن عمر وَقيل جَابر بن عبد الله وَقيل أَبُو الطُّفَيْل السَّابِق

وَآخر من مَاتَ مِنْهُم بالبصر أنس بن مَال أَي سنة ثَلَاث وَتِسْعين على الْأَظْهر وَقيل غير ذَلِك

قَالَ ابْن عبد الْبر مَا أعلم أحدا مَاتَ بعده مِمَّن رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَبَا الطُّفَيْل

قلت قد ذكر هُوَ فِي مَحْمُود بن الرّبيع قَوْلَيْنِ

أَحدهمَا أَنه توفّي سنة تسع وَتِسْعين

ص: 502

وَالثَّانِي سنة سِتّ وَتِسْعين

فَكيف يَقُول مَا أعلم أحدا مَاتَ بعده مِمَّن لَهُ رُؤْيَة إِلَّا أَبَا الطُّفَيْل

وَآخر من مَاتَ مِنْهُم بِالْكُوفَةِ ابْن أبي أوفى وبالشام عبد اله بن بسر وَقيل بل أَبُو أُمَامَة

وتبسط بَعضهم فَقَالَ آخر من مَاتَ مِنْهُم بِمصْر عبد الله بن الْحَارِث بن جُزْء الزبيدِيّ وبفلسطين أَبُو أبي بن أم حرَام ابْن خَالَة أنس بن مَالك وبدمشق وَاثِلَة وبحمص عبد الله بن بسر وباليمامة الهرماس بن زِيَاد وبالجزيرة الْعرس بن عميرَة وبإفريقية رويفع بن ثَابت وبالبادية فِي الْأَعْرَاب سَلمَة بن الْأَكْوَع

وَفِي بعض مَا ذكره خلاف

وَقَوله فِي رويفع بإفريقية لَا يَصح إِنَّمَا مَاتَ فِي حَاضِرَة برقة وقبره بهَا

وَنزل سَلمَة إِلَى الْمَدِينَة قبل مَوته بِليَال فَمَاتَ بهَا

قلت وَفِي تَارِيخ الطالبيين تأليف القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن عمر الجعابي أَن آخر من مَاتَ من الصَّحَابَة بالجزيرة وابصة بن معبد

ص: 503

خلاف مَا سبق وَآخر من مَاتَ بخراسان بُرَيْدَة بن الْحصيب

قَالَ وَقَالُوا آخر من مَاتَ بواسط لبي بن لبا وَلَا يحفظون لَهُ رِوَايَة حدث عَنهُ أَبُو بلج حَارِثَة بن بلج

ذكر ذَلِك فِي أول الْجُزْء الرَّابِع مِنْهُ

كَذَا قَالَ لبي بن لبا بِوَزْن أبي بن فَتى وَقَالَ بن الدّباغ لبّى على وزن فعلى ولبا بِوَزْن عَصا وَانْفَرَدَ ابْن قَانِع فَذكره فِي أبي فَوَهم

وَفِي كتاب ابْن مندة أَن آخر من مَاتَ بخراسان بُرَيْدَة بن الْحصيب كَمَا سلف وَأَن آخر من مَاتَ بالرخج مُهِمّ العداء بن هَوْذَة والرخج من أَعمال سجستان

قلت وَآخر من مَاتَ بأصبهان النَّابِغَة الْجَعْدِي وَقد ذكر وَفَاته بهَا أَبُو نعيم فِي تَارِيخه وَآخر من مَاتَ مِنْهُم بِالطَّائِف عبد الله بن عَبَّاس

فَائِدَة قَالَ الدَّاودِيّ آخِرهم موتا أَبُو الطُّفَيْل وَيُقَال أَوَّلهمْ موتا أم أَيمن مولاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم طَعنهَا أَبُو جهل فِي قبلهَا فَمَاتَتْ مِنْهُ

قلت وَلَا يعرف أَب وَابْنه شَهدا بَدْرًا إِلَى مرْثَد وَأَبوهُ وَلَا سَبْعَة إخْوَة صحابة مهاجرون إِلَّا بَنو مقرن وسيأتون فِي الْإِخْوَة وَلَا سَبْعَة إخْوَة لأم شهدُوا بَدْرًا إِلَّا بَنو عفراء وَلَا شَهِدَهَا مُسلم ابْن مُسلمين إِلَّا عمار

ص: 504

بن يَاسر وَلَا أَرْبَعَة أدركوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم متوالدون إِلَّا عبد الله بن أَسمَاء بنت أبي بكر بن أبي قُحَافَة وَإِلَّا أَبُو عَتيق مُحَمَّد بن أبي بكر ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أبي قُحَافَة

وَذكر الشَّيْخ هَذَا الْأَخير عَن مُوسَى بن عقبَة بعد ذَلِك فِي النَّوْع الرَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ

ص: 505