الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ لَا يَمْلِكُ الْإِذْنَ فِيهِ]
ِ كَالْمُحْرِمِ فِي النِّكَاحِ، إلَّا فِي الْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ، وَالْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى الْعَيْنِ.
[مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ]
َ إلَّا الزَّوْجُ يَقْدِرُ عَلَى تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّوْكِيلِ فِي التَّعْلِيقِ إذَا مَنَعْنَا التَّوْكِيلَ فِيهِ.
[مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ]
" بِهَذَا الْأَصْلِ احْتَجَّ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ " فِي بُطْلَانِ التَّعْلِيقِ قَبْلَ النِّكَاحِ
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ يَصِحُّ فِيهَا التَّعْلِيقُ تَرْجِعُ إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ " الْأَصْلَ " فَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْخُصُوصِيَّاتِ " إحْدَاهَا ": الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ تَنْجِيزَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ وَيَمْلِكُ تَعْلِيقَهَا إمَّا مُقَيَّدًا بِحَالِ مِلْكِهِ الثَّالِثَةَ أَوْ مُطْلَقًا، بِأَنْ قَالَ إنْ " عَتَقْتِ " فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ عَتَقَ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ دَخَلَتْ فَفِي الثَّالِثَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْوُقُوعُ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ الطَّلَاقِ فَاسْتَتْبَعَ الصِّفَةَ وَكَانَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْكَتَّانِيُّ
يَسْتَشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ مَلَكَ نِصَابًا وَتَوَقَّعَ حُصُولَ نِصَابٍ آخَرَ مِنْ " عَيْنِ " النِّصَابِ فَعَجَّلَ " زَكَاةَ نِصَابَيْنِ "، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالْجَامِعُ إنْ مَلَكَ الْأَصْلَ أُقِيمَ مَقَامَ " مِلْكِ " الْفَرْعِ هُنَا، وَالزَّكَاةُ أَوْلَى لَتَحَقُّقِ التَّبَعِيَّةِ.
الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ السُّنَّةِ فِي الْحَيْضِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَبِالْعَكْسِ، لِأَنَّ السُّنَّةَ وَالْبِدْعَةَ صِفَتَانِ لِلطَّلَاقِ فَاسْتَتْبَعَهَا مِلْكُ الْأَصْلِ، قَالَ الْإِمَامُ " وَشَبَّهَ " ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تَصْدُرُ مِنْ مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَالْمَنَافِعُ " تُوجَدُ " شَيْئًا فَشَيْئًا، قَالَ: وَهَذَا تَكَلُّفٌ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ " أَثْبَتَتْ " أَصْلَهَا لِلْحَاجَةِ، ثُمَّ الْمَنَافِعُ تَتَرَتَّبُ " خِلْقَةً " وَوُجُودًا فَجُعِلَتْ كَالْمَوْجُودَةِ أَمَّا الْعِتْقُ فَلَيْسَ مِمَّا يُقْتَضَى وُقُوعُهُ، بَلْ هُوَ مُتَوَقَّعٌ، وَلَوْ قِيلَ: الْغَالِبُ دَوَامُ الرِّقِّ " لَكَانَ " سَدِيدًا.
الثَّالِثَةُ: الْحُرُّ يَمْلِكُ تَنْجِيزَ " الزَّائِدَةِ " عَلَى الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَيَمْلِكُ تَعْلِيقَهَا، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ؛ وَقَعَتْ وَاحِدَةً إذْ تَبَيَّنَّ " بِهَا " فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ تَقَعُ الثَّلَاثُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْأَصَحِّ، كَمَا بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا " تَرْتِيبَ " عِنْدَ الدُّخُولِ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ: إذَا وَلَدْت فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ عَتَقَ، وَإِنْ " قَالَهُ " لِأَمَتِهِ " الْحَائِلِ فَعَلَقَتْ " بِهِ وَوَلَدَتْ فَفِي عِتْقِهِ وَجْهَانِ قَالَ الْإِمَامُ:" وَالْعِتْقُ " أَوْلَى بِالنُّفُوذِ مِنْ الطَّلْقَةِ " الثَّالِثَةِ "، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْأَصْلَ وَيَمْلِكُ الْوَلَدَ وَمِلْكُ الْعَبْدِ النِّكَاحَ لَا يُمَلِّكُهُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ.
الْخَامِسَةُ: قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ وَلَا عَبْدَ لَهُ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ عِنْدَ الشِّفَاءِ، لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَزِمَ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إنْشَائِهِ، وَلَوْ عَيَّنَهُ فَقَالَ: عَبْدَ زَيْدٍ هَذَا لَغْوٌ، فَإِنْ قَالَ: إنْ مَلَكْته فَوَجْهَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ لَوْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُهُ، " وَإِنْ " قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ " عَلَيَّ عِتْقُهُ " صَحَّ النَّذْرُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ " " إضَافَةً " إلَى مِلْكِهِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتِجْلَابٌ مِنْ اللَّهِ خَيْرًا وَهُوَ مِلْكُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ جَزَاءٍ وَهُوَ عِتْقُهُ فَلَزِمَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ؛ فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُهُ فَمَلَكَهُ لَزِمَهُ عِتْقُهُ؛ " لِأَنَّهُ " اسْتِجْلَابُ " مِلْكٍ " خَيْرٌ اسْتَجْلَبَهُ " مِنْ اللَّهِ بِشَرْطِ جَزَاءٍ وَهُوَ عِتْقُهُ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا صَحَّتْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَالنَّذْرِ
وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ " الْتِزَامًا " فِي الذِّمَّةِ، وَالنَّذْرُ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدَ زَيْدٍ فَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ لَهُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِي النَّذْرِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَقَدْ وَكَّلَتْك بِطَلَاقِهَا، وَإِذَا مَلَكْت عَبْدَ زَيْدٍ فَقَدْ وَكَّلَتْك فِي بَيْعِهِ أَوْ عِتْقِهِ، قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ، لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ: الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ، لِأَنَّ فِي قَبُولِ الْوَكَالَةِ التَّعْلِيقَ خِلَافًا " وَالْبُطْلَانَ " يَقْبَلُهُ قَطْعًا، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ " قَبْلَ " النِّكَاحِ فَمَا لَا يَقْبَلُهُ عَلَى رَأْيٍ أَوْلَى.
وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ عَبْدِ زَيْدٍ إذَا " مَلَكْته " أَوْ فِي طَلَاقِ هِنْدَ إذَا نَكَحْتهَا فَعَنْ الْقَاضِي وَجْهَانِ، " وَالْوَجْهُ " عِنْدِي الْقَطْعُ بِالْفَسَادِ فَإِنَّ الْوَكَالَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا. قُلْت: قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ.
السَّادِسَةُ: عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ كَاتَبَهُ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ، وَيَتَضَمَّنُ عِتْقُهُ الْبَرَاءَةَ مِنْ النُّجُومِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُعَلِّقُ مَالِكًا لِلنُّجُومِ حَالَةَ التَّعْلِيقِ، وَقَدْ تَضَمَّنَ عِتْقُهُ بِالتَّعْلِيقِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عِنْدَ التَّعْلِيقِ قَصْدًا وَيَقْبَلُهُ ضِمْنًا كَالْإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ قَصْدًا وَيَقْبَلُهُ ضِمْنًا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا عَلَّقَ " عِتْقَ " الْمُكَاتَبِ " فَإِنَّا " نُضَمِّنُهُ الْإِبْرَاءَ مِنْ النُّجُومِ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ حَتَّى تَتْبَعَهُ أَكْسَابُهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ الْإِبْرَاءُ لَكَانَ عِتْقُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَنْهَا فَلَا تَتْبَعُهُ الْأَكْسَابُ.
وَمِثْلُهَا: لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ " نِسْوَةٍ "، فَقَالَ مَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ، وَكَانَ اخْتِيَارًا لِلزَّوْجِيَّةِ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَتْ فَهِيَ مُخْتَارَةٌ لَمْ يَصِحَّ.
وَمِثْلُهَا: لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ " بِشَرْطِ " نَفْيِ الْخِيَارِ هَلْ يُعْتَقُ؟ بَنَاهُ الْأَصْحَابُ عَلَى الْأَقْوَالِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْبَيْعُ بَاطِلٌ لَمْ يُعْتَقْ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا: صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ، وَإِنْ قُلْنَا: يَثْبُتُ الْخِيَارُ عَتَقَ، لِأَنَّهُ " لَوْ نُجِزَ " عِتْقُهُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ عَتَقَ، وَكَذَا إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِيهِ، وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حُصُولَ الْعِتْقِ إذَا جَعَلْنَا الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي، لِأَنَّا حَيْثُ حَكَمْنَا بِنُفُوذِ عِتْقِهِ الْمُنْجَزِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ قَدَّرْنَاهُ بِالْعِتْقِ " نَاسِخًا " لَلْعَقْدِ قَبِيلَهُ، وَإِنَّ الْعَقْدُ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ ضَرُورَةٌ تُوقِفُ صِحَّتَهُ عَلَى وُقُوعِهِ فِي الْمِلْكِ، وَفِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ وَلَا مَا يَضْمَنُهُ وَالتَّعْلِيقُ لَا " يَصِحُّ " مُتَضَمِّنًا لِلْفَسْخِ لِكَوْنِهِ صَدَرَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْفَسْخُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ
وَأَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَسْخَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ قَصْدًا لَكِنْ نَقُولُ: قَدْ يَقْبَلُهُ ضِمْنًا كَالْإِبْرَاءِ بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِانْتِقَالِهِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَأْتِي هُنَا لِسَبْقِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ الْمُقْتَضِي لِثُبُوتِ حَقِّ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْبَيْعِ فَمَنَعَ ذَلِكَ انْتِقَالَ مِلْكِهِ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي بَطَلَ التَّعْلِيقُ فَكَيْفَ يُعْتَقُ بَعْدَ ذَلِكَ.