الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ) : تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْخَمْسَ (فَتَوَضَّأَ وَأَعَادَ الْخَمْسَ) فَلِمَا فَرَغَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ (تَرَكَ) مَسْحَ الرَّأْسِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ أَيْضًا فَجَاءَ إلَى الْمُفْتِي فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ (لَهُ) : تَوَضَّأْ وَأَعِدْ الْعِشَاءَ (الْآخِرَةَ) .
وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ وَحَلُّهُ أَنَّ وُضُوءَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَتَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَعَادَ الْخَمْسَ (بِوُضُوءٍ صَحِيحٍ) وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِأَنْ يَكُونَ تَرَكَ الْمَسْحَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا الْعِشَاءُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْمَسْحَ فِيهِ وَغَيْرُهُ وَقَعَ صَحِيحًا، وَلَوْ لَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ فِي الْأُولَى بَلْ أَعَادَ الْخَمْسَ مُعْتَقِدًا لِلطَّهَارَةِ كَانَ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَتَرَكَ فِيهِ مَسْحَ الرَّأْسِ فَلَا (يَلْزَمُهُ إلَّا إعَادَةُ) الْعِشَاءِ.
[الْمُمْتَحَنَاتُ]
قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْعَالِمُ (مَعَ أَصْحَابِهِ)(تَشْحِيذًا) لِلْأَذْهَانِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْأَلَةِ النَّخْلَةِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ
الزُّهْرِيُّ) قَالَ (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ) : حَدِّثُونِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ يُتَشَهَّدُ فِيهِنَّ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فَإِذَا سُئِلَ عَنْهَا قَالَ: تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ يَسْبِقُ الرَّجُلُ (فِيهَا) بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ يُدْرِكُ الرَّكْعَتَيْنِ فَيَتَشَهَّدُ (فِيهِمَا) .
قُلْت: وَيُتَصَوَّرُ فِيهَا أَرْبَعُ تَشَهُّدَاتٍ كَأَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَيَتَشَهَّدُ مَعَهُ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِتَشَهُّدَيْنِ وَيُتَصَوَّرُ فِيهَا خَمْسَةٌ بِأَنْ يَشُكَّ (وَهُوَ) فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي رَكْعَةٍ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَيَتَشَهَّدُ.
وَعَنْ أَبِي ثَوْرٍ (قَالَ) لَمَّا قَدِمَ (عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ) الْعِرَاقَ قَصَدْنَاهُ وَامْتَحَنَّاهُ بِمَسَائِلَ (عَوِيصَةٍ مِنْ فِقْهِ) أَبِي حَنِيفَةَ (رحمه الله) فَأَجَابَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ثَوْرٍ بِمَاذَا تَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ قُلْت: بِفَرْضٍ، فَقَالَ: أَخْطَأْت، قُلْت: بِنَفْلٍ، قَالَ: أَخْطَأْت، قُلْت: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِهِمَا، وَهُمَا التَّكْبِيرُ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ. التَّكْبِيرُ فَرْضٌ (وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ فِيهَا بِهِمَا) تَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ.
قُلْت: وَتَجِيءُ (مَسْأَلَةُ) الِامْتِحَانِ بِمَا تُخْتَتَمُ الصَّلَاةُ. وَيُحْكَى أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ لَمَّا حَجَّ وَمَعَهُ أَبُو يُوسُفَ حَضَرَ (مَعَ) مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ (رضي الله عنهما)
فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِمَالِكٍ: مَا يَقُولُ الشَّيْخُ (فِي الْمُحْرِمِ) إذَا أَخَذَ فِي كُمِّهِ مِيزَانًا فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهَلْ يَكُونُ لِلْمُحْرِمِ كُمٌّ؟ فَقَالَ (مَالِكٌ) : مَا ذَهَبْتُ إلَى مَا ذَهَبْتَ إلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَادَةُ الشُّيُوخِ كَذَا تَارَةً يُخْطِئُونَ وَتَارَةً (يُصِيبُونَ) فَقَالَ مَالِكٌ: مَا عَلِمْت أَنَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِحَضْرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنْ مَا تَقُولُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (يَوْمَ) الْجُمُعَةِ بِعَرَفَاتٍ أَصَلَّى جُمُعَةً أَمْ (صَلَّى) ظُهْرًا مَقْصُورَةً (لِأَنَّهُ أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ) ؟ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: صَلَّى جُمُعَةً؛ (لِأَنَّهُ) خَطَبَ (لَهَا) قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ مَالِكٌ: أَخْطَأَتْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ السَّبْتِ لَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَا الَّذِي صَلَّاهَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: صَلَّى ظُهْرًا مَقْصُورَةً؛ لِأَنَّهُ أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ فَصَوَّبَهُ هَارُونُ فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ: إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ (يَقُولُ) : أَبَا يُوسُفَ بَلْ يَقُولُ: يَا يَعْقُوبُ.
(وَمِنْ الْمُمْتَحَنَاتِ مِنْ عَوِيصِ مَسَائِلِ الْمِفْتَاحِ) لِابْنِ الْقَاصِّ رَمَى رَجُلَانِ صَيْدًا فَقَتَلَاهُ كَانَ حَرَامًا وَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ (الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ) تِلْمِيذُ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ: سَأَلَنِي بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ فَقُلْت:
لَيْسَتْ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ صَيْدٌ مُحَرَّمٌ يُمْلَكُ وَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صُورَتَيْنِ: فَالصُّورَةُ الْأُولَى الَّتِي يَكُونُ فِيهَا حَرَامًا إذَا أَثْبَتَهُ أَحَدُهُمَا وَرَمَاهُ الْآخَرُ فِي (غَيْرِ) الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ذَكَاتُهُ فِي (غَيْرِ) الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَقَدْ تَرَكَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ السَّابِقُ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَحَالَفَا وَتَرَكَا.
وَأَمَّا الصُّورَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا نِصْفَيْنِ فَهِيَ إذَا أَثْبَتَ الْأَوَّلُ وَذَبَحَهُ الْآخَرُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ تَحَالَفَا وَجُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، قَالَ الْقَاضِي: فَلَمَّا ذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ قَبْلَ قُدُمِي فَقُلْت لَهُ: مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا؟ قَالَ: سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ الْإِمَامَ الْمُتَوَلِّي مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَانَ آخِرَ جَوَابِهِ أَنِّي لَا أَعْلَمُ، فَقُلْت لَهُ: وَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ أَنَّ مَا قُلْته صَحِيحٌ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا شَيْخٌ فَقِيهٌ مِنْ جِيلَانَ قَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيِّ شَيْخِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ (الشِّيرَازِيِّ) وَالشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ قَرَأَ عَلَى ابْنِ الْقَاصِّ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرْته فَعَلِمْت صِحَّتَهُ قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَهَذَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ لِلْمُصَنِّفِينَ أَنْ يَضَعُوا (فِي تَصَانِيفِهِمْ) أَسْرَارًا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُهُمْ لِيَحْتَاجَ إلَى مُرَاجَعَتِهِمْ فِي شَرْحِهَا.
وَقَدْ كَانَ (الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَيْضَاوِيُّ) قَدْ اعْتَزَلَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاغِ