الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْقِيمَةُ هَلْ هِيَ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمُتَقَوِّمِ]
ِ أَوْ هِيَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ رَغَبَاتُ الرَّاغِبِينَ فِي اتِّبَاعِهَا؟ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي.
قُلْت: " وَفِي أَصْلِ " هَذَا الْخِلَافِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ اسْتَنْبَطَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي بَابِ الْغَصْبِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَهُوَ " يَقْرَبُ " بَعْضَ الْقُرْبِ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمُلَاحَةَ هَلْ هِيَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ " أَوْ جِنْسٌ " يُعْرَفُ بِنَفْسِهِ أَوْ هِيَ مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ مَيْلِ الطِّبَاعِ.
قُلْت: وَهَذَا الْخِلَافُ الثَّانِي حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ السَّلَمِ.
وَقِيمَةُ النِّصْفِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ.
وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي فَصْلِ التَّرَاجُعِ فِي خُلْطَةِ الزَّكَاةِ: قَدْ يَقْتَضِي الْأَخْذُ رُجُوعَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دُونَ التَّرَاجُعِ، كَمَا فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إبِلًا بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ " فَيَرْجِعُ " الْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا صَوَابُ الْعِبَارَةِ، وَلَا يُقَالُ: قِيمَةُ النِّصْفِ فَإِنَّهُ أَقَلُّ، وَمَنْ عَبَّرَ بِهَا فَهُوَ مُتَأَوِّلٌ.
وَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَهْرُ تَالِفٌ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْعِبَارَةُ " الْقَوِيَّةُ " أَنْ يُقَالَ: يَرْجِعُ بِنِصْفِ " الْقِيمَةِ " وَلَا يُقَالُ: بِقِيمَةِ النِّصْفِ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا إنْكَارَ عَلَى الْغَزَالِيِّ فِيهِ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: تَسَاهَلَ الْأَصْحَابُ فِي إطْلَاقِهِمْ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَمُرَادُهُمْ قِيمَةُ النِّصْفِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ فِي أَكْثَرِ
الْأَحْوَالِ. انْتَهَى.
وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ الْمُطَلِّقَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ " الشَّطْرَ " فَإِذَا وَجَدَهُ " فَائِتًا " غَرِمَتْ لَهُ بَدَلَهُ وَهُوَ مِثْلُ نِصْفِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَةُ نِصْفِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ مُسَلَّمٌ، " لَكِنْ " الزَّوْجُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ شَرْعًا إلَّا الشِّقْصُ وَلَمْ تُتْلِفْهُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ.
فَإِنْ قِيلَ: الشَّرِيكُ إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرَكَ الْمُتَقَوِّمَ يَغْرَمُ قِيمَةَ النِّصْفِ أَوْ نِصْفَ الْقِيمَةِ؟ قُلْنَا: نِصْفُ الْقِيمَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ إتْلَافَهَا إلَّا مِلْكَهَا؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْجَمِيعَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا الدُّخُولُ شَرْطٌ لِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ، لَوْ غَصَبَ شَرِيكٌ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فِي عَبْدٍ مَثَلًا وَتَلِفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْغَاصِبِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَ: الْوَاجِبُ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لَا نَظِيرُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَلَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى التَّنْصِيفِ كَانَ الْوَاجِبُ قِيمَةَ النِّصْفِ لَا نِصْفَ الْقِيمَةِ.
وَكَذَا فِي الشُّفْعَةِ، لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا بِنِصْفِ عَبْدٍ مَثَلًا فَالْوَاجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ قِيمَةُ نِصْفِ الْعَبْدِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى نِصْفِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَقَدْ نَبَّهَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْوَصَايَا.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّدَاقِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ " يُطَالِبُهَا " بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَلَعَلَّهُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ فَهُوَ مَحِلُّ التَّوَقُّفِ.
عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ وَهُوَ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْإِصْدَاقِ لَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ عِنْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِصْفِ " الصَّدَاقِ " مُطْلَقًا
بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ زَائِدًا فَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تَدْفَعَ لَهُ الْبَدَلَ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا " أَنَّهُ " لَوْ انْفَسَخَ " الْعَقْدُ " قَبْلَ الدُّخُولِ بِسَبَبٍ حَادِثٍ كَالرَّضَاعِ وَرِدَّتِهَا وَالصَّدَاقُ زَائِدٌ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا الْقِيمَةُ فَلَمَّا " تَخَيَّلْنَا تَعَلُّقَهُ " بِالْقِيمَةِ كُلِّهَا " تَخَيَّلْنَا " عِنْدَ " الشَّطْرِ " النِّصْفَ وَبِهَذَا تَنْفَصِلُ صُورَةُ الْإِصْدَاقِ عَنْ نَظَائِرِهَا.