الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ وَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ فَفَدَاهُ الْوَرَثَةُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَوْ سَلَّمُوهُ " لِبَيْعٍ " وَبَطَلَ الْعِتْقُ فِيهِ فَإِذَا فَدَوْهُ وَقُلْنَا: " بِنُفُوذِ " الْعِتْقِ فَالْوَلَاءُ لِمَنْ؟ فَعَلَى قَوْلَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا: الْمُشْرِفُ عَلَى الزَّوَالِ كَالزَّائِلِ فَالْوَلَاءُ لِلْوَرَثَةِ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ الْمَيِّتِ.
[الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ]
وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحْكَمْ عَلَى الْمَاءِ " بِالِاسْتِعْمَالِ " مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ حَتَّى يَنْفَصِلَ وَلَا عَنْ الثَّوْبِ الْمَغْسُولِ فِي النَّجَاسَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تُصُوِّرَ رَفْعُ " حَدَثٍ " وَلَا إزَالَةُ نَجَسٍ.
وَلَمْ يَضُرَّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِالْمُكْثِ وَالطِّينِ وَالطُّحْلُبِ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ وَلَمْ تَضُرَّهُ النَّجَاسَةُ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَلَمْ " يَتَغَيَّرْ " أَوْ قَلِيلًا وَالنَّجَاسَةُ لَا يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ، وَكَذَا " الصُّوَرُ " الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ " تَنَجُّسِ " الْمَاءِ الْقَلِيلِ، وَعُفِيَ عَنْ الْمَاءِ السَّائِلِ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إذَا عَمَّتْ " بَلْوَى الشَّخْصِ بِهِ " عَلَى الظَّاهِرِ وَعَنْ ذَرْقِ الطُّيُورِ " إذَا تَعَذَّرَ " الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَعَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَكَذَا كَثِيرُهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَعَنْ طِينِ الشَّارِعِ مِمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا وَعُفِيَ عَنْ الدَّمِ الْقَلِيلِ " عَلَى " اللَّحْمِ، وَالْعَظْمِ مِنْ الْمُذَكَّى قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ " وَالثَّعَالِبِيُّ ".
وَتُصَلِّي الْمُسْتَحَاضَةُ وَدَائِمُ الْحَدَثِ مَعَ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَائِضِ لِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَجَازَ الْقُعُودُ فِي الصَّلَاةِ لِلْمَرِيضِ وَسَقَطَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالنَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ حَتَّى لَا يَفُوتَ النَّاسَ " أَوْرَادُهُمْ ".
وَنَحْوُهُ تَعْلِيلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ " جَوَازَ " صَوْمِ التَّطَوُّعِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ أَنَّ الشَّرْعَ نُدِبَ لِلِاسْتِكْثَارِ مِنْ الصَّوْمِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا تَبْيِيتَ النِّيَّةِ فِيهِ أَفْضَى إلَى تَقْلِيلِهِ.
" وَلِذَلِكَ " سُومِحَ بِتَرْكِ الْقِيَامِ فِي النَّافِلَةِ وَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ وَاغْتَفَرْنَا زِيَادَةَ بَعْضِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ كَالسُّجُودِ وَالتَّشَهُّدِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي حَيْثُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ فَضِيلَةِ الِاقْتِدَاءِ.
وَاغْتُفِرَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ بِالْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ مَعَ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ لَهُ إنْ كَانَتْ عَادَتُهُ فِعْلَهَا لَوْلَا الْعُذْرُ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ.
وَاغْتُفِرَ " تَغْيِيرُ " الْهَيْئَاتِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِمَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ إذْ ذَاكَ، وَتَحْلِيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ بِالْفِضَّةِ وَلُبْسُ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ، وَكَذَلِكَ الدِّيبَاجُ الثَّخِينُ الَّذِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ حَيْثُ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَجُعِلَ الرِّيقُ فِي فَمِ الصَّائِمِ عَفْوًا حَتَّى لَوْ تَمَضْمَضَ لَمْ " يُفْطِرْ " وَإِنْ كَانَ يَمْتَزِجُ بِالْمَاءِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِأَوَّلِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ.
وَالْفِطْرُ لِلْعُذْرِ.
وَلَوْ " اقْتَلَعَ " نُخَامَةً مِنْ صَدْرِهِ فَقِيلَ: يُفْطِرُ " كَالْقَيْءِ " وَالْأَصَحُّ: لَا، لِلْمَشَقَّةِ فِي دَفْعِهَا، وَالْعَفْوُ عَنْ وَضْعِ الْمُحْرِمِ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ " إذْ لَا " يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ.
وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ " وَلِحَكِّ " رَأْسِهِ " فَجُعِلَ " عَفْوًا، وَسُومِحَ
فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِمَا لِلْمَعْضُوبِ وَالْمَيِّتِ، وَإِبْهَامُ النِّيَّةِ وَتَعْلِيقُهَا عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، " وَالِاعْتِدَادُ "" فِيهِمَا " بِمَا لَيْسَ بِمَنْوِيٍّ كَمَنْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَرْضُ يَنْصَرِفُ إلَى نَفْسِهِ " وَأَنَّهُ " لَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا بِالْمُفْسِدِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اخْتَصَّا بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَإِبَاحَةُ أَكْلِ الْمِيتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَكَلِمَةِ الْكُفْرِ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ، " وَصِحَّةُ " اشْتِرَاطِ الْعِتْقِ فِي الْبَيْعِ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْحُرِّيَّةِ، " وَصِحَّةُ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ " فِي مَالِ الْغَيْرِ إمَّا مَعَ غَيْبَتِهِ أَوْ فِي حُضُورِهِ عِنْدَ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِهِ " مِنْهُ ".
تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:
هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَشَقَّةُ " وَوُقُوعُهَا " عَامًّا فَلَوْ كَانَ نَادِرًا لَمْ تُرَاعَ الْمَشَقَّةُ فِيهِ.
وَلِهَذَا تَتَوَضَّأُ الْمُسْتَحَاضَةُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ، وَتَقْضِي الْمُتَحَيِّرَةُ الصَّلَاةَ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَوَجَّهَهُ الشَّاشِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَقَعُ نَادِرًا " أَوْ لَعَلَّهُ " لَمْ تَقَعْ قَطُّ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ لِلتَّفْرِيعِ.
وَمِثْلُهُ لَوْ نَسِيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ مِنْ صَلَوَاتِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ " أَوْ مُخْتَلِفَةٌ " فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِصَلَاةِ عِشْرِينَ صَلَاةً " لِيَسْقُطَ " الْفَرْضُ بِيَقِينٍ " وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ "،
وَمِثْلُهُ الْمُرْتَدُّ عِنْدَمَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ وَأَدَّى إلَى الْمَشَقَّةِ، وَقَالُوا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ:" يُلْقِي " السِّلَاحَ إذَا دَمِيَ فَلَوْ عَجَزَ أَمْسَكَهُ وَلَا قَضَاءَ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ عُذْرٌ عَامٌّ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فَكَانَ كَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَقْضِي لِنُدُورِ عُذْرِهِ، ثُمَّ مَنَعَهُ، وَقَالَ: تَلْطِيخُ السِّلَاحِ بِالدَّمِ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ فِي حَقِّ الْمُقَاتِلِ فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ.
الثَّانِي:
الْمَشَقَّةُ يَخْتَلِفُ " ضَابِطُهَا " بِاخْتِلَافِ أَعْذَارِهَا، فَفِي التَّيَمُّمِ يَعْدِلُ عَنْ الْمَاءِ إذَا خَافَ إتْلَافَ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ " أَوْ بُطْءَ " الْبُرْءِ أَوْ " شَيْنًا فَاحِشًا " فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ: هَذِهِ كُلُّهَا لَا ضَابِطَ " لَهَا " وَمِنْهَا الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الضَّرُورَةُ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْمِ وَحَكَى الْإِمَامُ " عَنْ شَيْخِهِ " أَنَّ " الْمُعْتَبَرَ أَلَمٌ " يُلْهِي " عَنْ الْخُشُوعِ.
وَمَشَقَّةُ الصَّوْمِ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْهَلَاكُ، قَالَ الْإِمَامُ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ: وَالْوَجْهُ أَنْ يَتَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ تَضَرُّرًا يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي " الْمَأْرَبِ "، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: شَرْطُ الْمَرَضِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدًا يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ يَشُقُّ
احْتِمَالُهُ عَلَى قَاعِدَةِ وُجُوهِ الْمَضَارِّ فِي التَّيَمُّمِ.
وَقَالَ " الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْبِلْفِيَائِيُّ: " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَالُ " هُنَا " أَخَفَّ مِنْ الْمَاءِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إلَى ذَلِكَ.
قَالَ: وَالشَّرْطُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْمَرَضِ مَشَقَّةٌ تَلْحَقُ الْمُسَافِرُ بِالسَّفَرِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ: مِنْ الْمُشْكِلِ ضَبْطُ الْمَشَقَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّخْفِيفِ كَالْمَرَضِ فِي الصَّوْمِ " فَإِنَّهُ إنْ ضُبِطَ " بِالْمَشَقَّةِ فَالْمَشَقَّةُ نَفْسُهَا غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ وَإِنْ " ضُبِطَ " بِمَا يُسَاوِي مَشَقَّةَ الْأَسْفَارِ فَذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَكَذَلِكَ مَشَقَّةُ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِكَشْفِ الْعَوْرَةِ قَالَ: وَمَنْ ضَبَطَ ذَلِكَ بِأَقَلَّ " مِمَّا " يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، كَأَهْلِ الظَّاهِرِ خَلَصَ مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ.
الثَّالِثُ:
مَنْ خُفِّفَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ لَوْ تَكَلَّفَ وَفَعَلَ صَحَّ إذَا لَمْ يَخْشَ الْهَلَاكَ أَوْ الضَّرَرَ الْعَظِيمَ كَالْمَرِيضِ يَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ فِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْفَقِيرِ يَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ بِحُضُورِ عَرَفَاتٍ " وَسَقَطَ " عَنْهُ الْفَرْضُ " فَإِذَا " خَشِيَ ذَلِكَ فَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَالْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ فِي الْمَرِيضِ يُرِيدُ الصَّوْمَ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ " أَنَّهُ " يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ فَإِنْ صَامَ عَصَى، قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ؛ لِأَنَّهُ عَاصٍ بِهِ فَكَيْف يَتَقَرَّبُ