الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَنْبَغِي أَنْ (يَتَخَرَّجَ) عَلَى هَذَا مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا إذَا أَبْدَلَ فِي الظِّهَارِ لَفْظَ الْأُمِّ وَالظَّهْرَ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَيَدِ أُخْتِي فَإِنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ إبْدَالُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضُرَّ فَإِذَا أَبْدَلَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ ظِهَارًا قَطْعًا وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا.
[الْيَقِينُ شَرْطٌ فِي الْإِقْرَارِ]
ِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (رضي الله عنه) : أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ فِي الْأَقَارِيرِ الْيَقِينُ وَأَطْرَحُ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ. فَقَوْلُهُ: " الْغَلَبَةُ " تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَقِيقَةَ فِي الْأَقَارِيرِ وَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى غَيْرِ غَالِبِهِ وَهُوَ (الْمَجَازُ) .
[الْيَمِينُ فِيهَا مَبَاحِثُ]
الْأَوَّلُ: هِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ يَمِينٌ عَلَى إثْبَاتِ فِعْلِ نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى نَفْيِهِ، وَيَمِينٌ عَلَى إثْبَاتِ فِعْلِ الْغَيْرِ، أَوْ نَفْيِهِ.
وَكُلُّهَا عَلَى الْقَطْعِ إلَّا الْيَمِينَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ فَإِنَّهَا عَلَى (نَفْيِ) الْعِلْمِ وَقَدْ سَبَقَتْ (فِي حَرْفِ الْحَاءِ) .
الثَّانِي: الْيَمِينُ عَلَى حَسَبِ الدَّعْوَى إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ جَحَدَ الْوَرَثَةُ تَدْبِيرَ الْعَبْدِ
فَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً بِالتَّدْبِيرِ سُمِعَتْ وَلَا تُسْمَعُ بِالْعِتْقِ (؛ لِأَنَّ عِتْقَ) التَّدْبِيرِ حُكْمٌ وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ عَلَى مَا أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ لَا عَلَى الْحُكْمِ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَ الْوَرَثَةُ كَانَتْ يَمِينُهُمْ (فِي نَفْيِ الْعِلْمِ) دُونَ الْبَتِّ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ نَفْيٍ لِفِعْلِ غَيْرِهِمْ وَكَانُوا فِي أَيْمَانِهِمْ مُخَيَّرِينَ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى نَفْيِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى التَّدْبِيرِ دُونَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُؤَدِّي مَا تَحَمَّلَتْهُ وَهُوَ الْعَقْدُ وَالْيَمِينُ مَا تَضَمَّنَتْهُ الدَّعْوَى وَهُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدِ وَالْعِتْقِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي.
الثَّالِثُ: الْيَمِينُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا: مَا تَقَعُ فِي غَيْرِ الْمُحَاكَمَةِ.
وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ إلَّا فِي طَاعَةٍ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا حَلَفْت بِاَللَّهِ (تَعَالَى) قَطُّ لَا صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا.
وَثَانِيهِمَا: مَا تَقَعُ فِي الْمُحَاكَمَةِ (وَهِيَ) نَوْعَانِ: يَمِينُ دَفْعٍ وَيَمِينُ إيجَابٍ.
فَيَمِينُ الدَّفْعِ هِيَ الْمَشْرُوعَةُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ.
وَيَمِينُ الْإِيجَابِ خَمْسَةٌ: اللِّعَانُ، وَالْقَسَامَةُ، مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي الْأَمْوَالِ، وَيَمِينُ الْمُدَّعِي إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ، وَيَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ مَعَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ لَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَلِكَ مُدَّعِي الْإِعْسَارِ إذَا عُلِمَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ وَأَنَّ الشُّهُودَ اعْتَمَدُوا (عَلَى) الظَّاهِرِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ تَكُونُ مُسْتَحَبَّةً كَمَا لَوْ طَلَبَتْ (الْمَرْأَةُ) مِنْ الْحَاكِمِ التَّزْوِيجَ فَيُحَلِّفُهَا
عَلَى الْخُلُوِّ مِنْ الْمَوَانِعِ اسْتِحْبَابًا فِي الْأَصَحِّ وَغَيْرِهِ.
الرَّابِعُ: أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ قَطُّ بَلْ يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ وَأَنْ يَرُدَّ وَكَذَلِكَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الرَّدِّ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ:(وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ: أَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ يَحِلَّ)(لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ) تَجِبَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَإِنْ كَانَ (مِمَّا يُبَاحُ) بِالْإِبَاحَةِ كَالْأَمْوَالِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ وَبَيْنَ أَنْ (يَنْكُلَ) إذَا عَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ كَاذِبًا وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَلِفُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ خَصْمِهِ كَمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ كَالْمَالِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَمْ (يَحِلَّ) لَهُ النُّكُولُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسَبُّبِ إلَى الْعِصْيَانِ كَمَا إذَا ادَّعَى (عَلَيْهِ الْقَتْلَ أَوْ الْقَطْعَ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ أَوْ يَدَّعِي) عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ (لَهَا) النُّكُولُ كَيْ لَا تَكُونَ عَوْنًا عَلَى الزِّنَى بِهَا.
وَأَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَلَا تَحِلُّ لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَإِنْ (كَانَ) مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَالْأَوْلَى بِالْمُدَّعِي إذَا نَكَلَ أَنْ يُبِيحَ الْحَقَّ أَوْ يُبَرِّئَ ذِمَّتَهُ مِنْهُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ أَضْرَارِ خَصْمِهِ بِالْبَاطِلِ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَيَعْلَمُ الْمُدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ أَنْ يَحْلِفَ حِفْظًا لِمَا يَحْرُمُ قَبُولُهُ.
كَمَا إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الْبَيْنُونَةَ فَيُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ (فَيَلْزَمُهَا) الْحَلِفُ حِفْظًا لِبُضْعِهَا مِنْ الزِّنَى وَتَوَابِعِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ دَعْوَى الْأَمَةِ الْعِتْقَ وَإِنْكَارُ سَيِّدِهَا وَنُكُولِهِ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ وَنَظَائِرُهُ.
قِيلَ: هَلْ يَجُوزُ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُطَالِبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِهِ (وَفُجُورِهِ) قُلْنَا: يَجُوزُ وَذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ طَلَبِ مَا لَا يَحِلُّ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا (لَوْ) لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَضَاعَ بِذَلِكَ الْحُقُوقُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ حُرِّمَ لَمَا جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ خَصْمَهُ كَاذِبٌ فِي إنْكَارِهِ وَيَمِينِهِ
قُلْت: وَمِنْ السَّلَف مَنْ امْتَنَعَ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَأَوْفَى الْحَقَّ خَشْيَةَ أَنْ يُصَادِفَ قَضَاءً فَيُقَالُ: إنَّهُ بِالْيَمِينِ وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى مَفْسَدَةِ الْأَخْذِ بِإِعْطَائِهِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ.
الْخَامِسُ: الْيَمِينُ إذَا تَعَلَّقَتْ بِدَمٍ غُلِّظَتْ بِالْعَدَدِ فَتَكُونُ خَمْسِينَ يَمِينًا (كَمَا) نَصَّ عَلَيْهِ
الْإِمَامُ) الشَّافِعِيُّ (رضي الله عنه)(وَالْأَصْحَابُ) وَتُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالصِّفَةِ إذَا تَعَلَّقَتْ بِمَالٍ وَهُوَ نِصَابُ الزَّكَاةِ.
السَّادِسُ: يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ وَالْمَحْجُورِ.
وَلِهَذَا فِي الْمُفْلِسِ لَوْ أَقَامَ مُسْتَحِقُّ السِّلْعَةِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا لَهُ لَا يَحْلِفُ مَعَهَا بِخِلَافِ الْمَيِّتِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الرَّهْنِ، وَقَالَ الْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ: يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ فِي سِتِّ مَسَائِلَ: أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ (عَلَى الْمُفْلِسِ بِدَيْنٍ وَالْغُرَمَاءُ يَجْحَدُونَهُ وَالْمُفْلِسُ يُصَدِّقُهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ) أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، الثَّانِي: أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، الثَّالِثُ: أَنْ يُقِيمَهَا عَلَى الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ، الرَّابِعُ: الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ، الْخَامِسُ: يُقِيمَهَا عَلَى الْمَيِّتِ، السَّادِسُ: يُقِيمَهَا عَلَى الْغَائِبِ. قَالَ: وَلَيْسَ لِلْقَاضِي اسْتِحْلَافُ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْخَصْمِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ السِّتَّةِ وَهَذَا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ.
السَّابِعُ: الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ (تَقُمْ) بَيِّنَةٌ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ.
الثَّامِنُ: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْمُتَنَازِعَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا كَذَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي مَوَاضِعَ وَأَوْرَدَ عَلَيْهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ تَعَدِّيَهَا إلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَى رَقَبَةِ الْعَبْدِ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجَ ابْنَتِهِ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِهِ فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ لَكِنَّ الْمَحْذُورَ تَعَدِّيَهَا إلَى ثَالِثٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ أَمَّا حَيْثُ قَبِلْنَاهُ (فَلَا) وَسَبَقَ فِي حَرْفِ النُّونِ فِي فَصْلِ النُّكُولِ لِهَذَا تَتِمَّةٌ فَاسْتَحْضِرْهُ وَصُورَةُ الْعَاقِلَةِ إذَا ادَّعَى عَلَى الْجَانِي قَتْلَ الْخَطَأِ وَنَكَلَ عَلَى الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَقُلْنَا: (الْيَمِينُ) الْمَرْدُودَةُ كَالْبَيِّنَةِ ثَبْتٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَاقِلَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْجَانِي خَطَأً فِي الدِّيَةِ فَلَيْسَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ.
التَّاسِعُ: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ سَوَاءٌ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ (بِالْعَتَاقِ) فَإِنْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ بِاَللَّهِ (تَعَالَى) فَعَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ مَظْلُومًا كَالْحَالِفِ الشَّافِعِيِّ أَنْ لَا شُفْعَةَ عَلَيْهِ لِلْجَارِ، أَوْ كَانَ حَنَفِيًّا حَلَفَ (لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَالنِّيَّةُ) فِي الْيَمِينِ نِيَّةُ الْحَالِفِ دُونَ الْحَاكِمِ الْمُسْتَحْلِفِ قَالَهُ (الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) .
وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا أَوْ لَا بَيِّنَةَ بِإِعْسَارِهِ (وَإِنْ أَقَرَّ) حُبِسَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُورِيَ فِي يَمِينِهِ وَالتَّوْرِيَةُ هِيَ أَنْ تُوَافِقَ يَمِينُهُ قَصْدَهُ وَإِنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ إذَا كَانَ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَجَازِ اللَّفْظِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ جَوَّزَ لِلْمُعْسِرِ الْحَلِفَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ
عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ (يَخَفْ الْحَبْسَ) حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ.
الْعَاشِرُ: بَابُ الْيَمِينِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ
وَلِذَلِكَ تُقْبَلُ الْيَمِينُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ كَالْفَاسِقِ وَالْفَاجِرِ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ غَالِبًا إلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ فَيُعْتَضَدُ بِهِ.
وَلِهَذَا لَوْ رَأَى بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (صِحَّتُهُ) كَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ أَوْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ وَكُلُّ مَا جَازَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ جَازَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْعَكِسُ.
(الْحَادِي) عَشَرَ: (مَنْ) وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْتَدِيَ عَنْهَا بِمَالٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ، قَالَهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي أَوَّلِ الصُّلْحِ مِنْ تَعْلِيقِهِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ (الْجَوَازَ وَهُوَ يُوهِمُ نَقْلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ الْبُوَيْطِيِّ) اخْتَارَ فِيهِ قَوْلَ مَالِكٍ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ (وَقَدْ وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي قَوْمٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ فَحَلَفَ أَكْثَرُهُمْ وَافْتَدَى بَعْضُهُمْ يَمِينَهُ بِمَالٍ فَمَا حَالَ الْحَوْلُ حَتَّى هَلَكَ مَنْ حَلَفَ) وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى (مَا
قَالَهُ) .
(الثَّانِي) عَشَرَ: الْيَمِينُ عِنْدَنَا لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي تَغْيِيرِ الْأَحْكَامِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (أَيْ لَا تَجْعَلُ الْمُبَاحَ حَرَامًا) وَلَا تُوجِبُ فِعْلَ الْمُحَرَّمِ.
فَإِنْ قِيلَ: وَطْءُ الزَّوْجَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِيمَا عَدَا الْوَطْأَةَ الْأُولَى عَلَى وَجْهٍ وَمَعَ هَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ صَارَ الْوَطْءُ وَاجِبًا فَقَدْ غَيَّرَتْ الْيَمِينُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قُلْنَا: الْمُرَادُ لَا يُغَيَّرُ حَالَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّا وَيَمِينُ الْمَوْلَى كَذَلِكَ.
وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي الْأَسْرَارِ حِكَايَةً عَنْ الْقَفَّالِ لِي أَصْلٌ أُخَرِّجُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَسَائِلَ الْأَيْمَانِ وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تُحَرِّمُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَتَقْدِيرُ الْيَمِينِ عِنْدَنَا: تَحْقِيقُ الْأَمْرِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَهُمْ: تَحَقُّقُ الْوَعْدِ بِمَا يُكَفَّرُ بِضِدِّهِ.
وَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ سَبْعُ مَسَائِلَ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْيَمِينَ بِالْيَهُودِيَّةِ لَا تَنْعَقِدُ وَعِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْيَمِينِ التَّحْرِيمُ وَأَنَّهُ قَدْ حُرِّمَ تَحْرِيمُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: إذَا قَالَ: حَرَّمْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَلَى نَفْسِي.
الثَّالِثَةُ: إذَا قَالَ: حَرَّمْت هَذَا الطَّعَامَ عَلَى نَفْسِي لَا يَنْعَقِدُ يَمِينًا.
الرَّابِعَةُ: يَمِينُ الْغَمُوسِ لَا يَنْعَقِدُ (بِهَا) لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي حَظْرًا.
الْخَامِسَةُ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تُحَرِّمُ فِعْلَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَنْتَصِبُ شَيْئًا.
السَّادِسَةُ: يَمِينُ الْكَافِرِ لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهَا تَحْرِيمٌ فِي الْمِلْكِ.
السَّابِعَةُ: (إذَا حَلَفَ وَحَنِثَ) نَاسِيًا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ وَإِنْ ارْتَكَبَهُ نَاسِيًا. قَالَ: وَنَصُّ مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا مَعْنَاهُ وَتَعْظِيمِي حُرْمَةَ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ (كَذَا) فَإِنْ فَعَلْت كُنْت تَارِكًا تَعْظِيمِي حُرْمَةَ اللَّهِ (تَعَالَى) وَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَكَذَا هَذَا الْفِعْلُ يَحْرُمُ.
وَإِنَّمَا تَحْقِيقُهُ عَلَى أَصْلِنَا أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ الْحَلِفُ فِي تَوَعُّدِهِ أَوْ أَمْرِهِ (الْمُؤَكَّدِ) وَكَانَ مَجْبُورًا بِالتَّكْفِيرِ، وَالْحَاصِلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ غَيْرُ مُوجِبَةِ قِرْبَةٍ وَلَا مَوْعُودٍ فِي مُقَابَلَةِ سَبَبٍ حَتَّى يُقَالَ: يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا هُوَ وَعْدُ تَوْكِيدٍ فَاسْتُحِبَّ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ.
الثَّالِثُ عَشَرَ: سَبَقَ أَنَّ الْيَمِينَ إنْ تَعَلَّقَتْ بِدَعْوَى فَوَاجِبَةٌ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ لَا تَجِبُ فِي مَوَاضِعَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى يَمِينِ الْأَوَّلِ: وَضَابِطُهَا أَنَّهُ كُلُّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ وَهَذَا أَشَارَ إلَيْهِ (الْإِمَامُ) الشَّافِعِيُّ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) فِي الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ فِيمَا إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ لِأَنِّي لَمْ أُلْحِقْهُ بِهِ بِاعْتِرَافٍ وَإِنَّمَا أَلْحَقْته بِهِ شَرْعًا وَهُوَ لَوْ رَجَعَ عَنْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَلَا
مَعْنَى لِإِحْلَافِهِ.
الثَّانِيَةُ: دَعْوَى الْأَبِ الْحَاجَةَ لِلنِّكَاحِ (إذَا ظَهَرَتْ) يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ.
الثَّالِثَةُ: ادَّعَى عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ فَحَضَرَ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ.
الرَّابِعَةُ: ادَّعَى عَلَى الشَّاهِدِ أَنَّهُ شَهِدَ بِالزُّورِ لَا يَحْلِفُ.
الْخَامِسَةُ: ادَّعَى عَلَى قَاسِمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ غَلِطَ لَا يَحْلِفُ قَالَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ.
السَّادِسَةُ: لَوْ طَالَبَ الْإِمَامُ السَّاعِيَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَوَاتِ فَقَالَ: لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَخْذِ لَزِمَهُ كَذَا حَكَاهُ أَصْحَابُنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:(تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ) حَكَاهُ شُرَيْحٌ.
السَّابِعَةُ: ادَّعَى الصَّبِيُّ الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ لَا يَحْلِفُ.
الثَّامِنَةُ: قَالَ رَجُلٌ: أَنَا وَكِيلُ زَيْدٍ فِي قَبْضِ دُيُونِهِ فَأَدِّهِ إلَيَّ؛ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا أَعْلَمُ أَنَّك وَكِيلٌ؛ فَقَالَ الْمُدَّعِي: أَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ: أَنْتَ مَعْزُولٌ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ وَمَالَ إلَى تَرْجِيحِ الْمَنْعِ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي: أَنْتَ مَعْزُولٌ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ.
التَّاسِعَةُ: ادَّعَى عَلَى وَصِيٍّ مَيِّتٍ أَنَّ الْمَيِّتَ وَصَّى لَهُ وَطَالَبَهُ فَقَالَ الْوَصِيُّ: لَا أَعْلَمُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ
الْعَاشِرَةُ: ادَّعَتْ الْأَمَةُ عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ وَطِئَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ فِي الْأَصَحِّ (كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ) .
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى الْمُودِعُ تَلَفَ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ قَدْ عَلِمَ عُمُومَهُ صُدِّقَ
بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ ادَّعَى عِلْمَ عُمُومِهِ وَلَمْ (يَعْلَمْ وُقُوعَهُ) فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِيَمِينٍ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: إذَا طَلَبَ سَهْمَ الْمَسَاكِينِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَا كَسْبَ لَهُ أَعْطَى إذَا شَهِدَتْ لَهُ الْقَرَائِنُ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا هَرِمًا أَوْ زَمِنًا وَكَذَا إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الِاكْتِسَابُ فِي الْأَصَحِّ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَ: كَاتَبَا عَبْدًا عَلَى مَالٍ فَادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنِّي أَدَّيْت إلَيْك جَمِيعَ النُّجُومِ لِتَأْخُذَ نَصِيبَك وَتَدْفَعَ نَصِيبَ الْآخَرِ إلَيْهِ فَقَالَ دَفَعْت إلَيَّ نَصِيبِي وَنَصِيبَ الْآخَرِ دَفَعْته إلَيْهِ بِنَفْسِك وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْقَبْضَ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَصُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَ الْآخَرِ بِيَمِينِهِ وَصَدَقَ الْآخَرُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ جَنَى عَلَيْهِ فَادَّعَى زَوَالَ عَقْلِهِ وَلَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ فَإِنَّ لَهُ (دِيَةً) بِلَا يَمِينٍ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: طَلَبَ الزَّكَاةَ مِنْ الْمَالِكِ فَادَّعَى مَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ وَلَمْ يُتَّهَمْ فِي دَعْوَاهُ لَمْ يَحْلِفْ قَطْعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ اُتُّهِمَ فَهَلْ يَحْلِفُ وُجُوبًا أَوْ اسْتِحْبَابًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَالَ الصَّبِيُّ: قَتَلْت وَأَنَا صَبِيٌّ؛ فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ: شِئْت؛ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: (عَلَى وَجْهٍ ادَّعَى أَبُو الصَّبِيِّ فِي الْحَضَانَةِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرَ نَقْلَةٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) .
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: (أَكْرَى) مَنْ يَحُجُّ (عَنْهُ) فَقَالَ الْأَجِيرُ: حَجَجْت قُبِلَ
قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُمْكِنُ وَالرُّجُوعُ إلَى الْأَجِيرِ قَالَهُ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ. (قَالَ) وَإِنْ قَالَ لَهُ: قَدْ جَامَعْت فِي حَجِّك فَأَفْسَدْته؛ لَمْ يَحْلِفْ أَيْضًا وَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ جَامَعَهَا مُحْرِمًا بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَقَالَ: كُنْت نَاسِيًا قُبِلَ مِنْهُ وَلَا يَضُرُّ وَصَحَّ حَجُّهُ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ. (وَكَذَا) لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بَعْدَ عُبُورِهِ الْمِيقَاتَ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا فِي إحْرَامِهِ أَوْ (فِي) الْحَرَمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
الْعِشْرُونَ: لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ: تَزَوَّجْت (بِزَوْجٍ) وَدَخَلَ بِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْت؛ قُبِلَ مِنْهَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا وَلَا يَمِينَ.
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً، وَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَهُ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ. قَالَ: وَإِنْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ وَقَالَ: ظَنَنْتهَا تَحِلُّ لِي وَمِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ (يَحْلِفُ مَا) وَطِئَهَا إلَّا وَهُوَ يَرَاهَا (حَلًّا) لَهُ ثُمَّ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: لَا تَجِبُ الْيَمِينُ فِي حَدِّ الزِّنَى وَالشُّرْبِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ (وَهِيَ) أَنْ يُقِرَّ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَيَدَّعِي الشُّبْهَةَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) قَالَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ: إذَا أَصَابَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ أُمِّهِ وَقَالَ: ظَنَنْتهَا تَحِلُّ لِي أُحْلِفَ مَا وَطِئَهَا إلَّا وَهُوَ يَرَاهَا حَلَالًا، وَأَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ وَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَلَا أَقْبَلُ هَذَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ جَهْلُهُ بِهِ. قَالَ: وَكُلُّ شَتْمٍ وَضَرْبٍ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ فَيَحْلِفُ مَا (شَتَمَهُ) هَذَا الشَّتْمَ وَلَا (ضَرَبَهُ) هَذَا الضَّرْبَ.