المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[حَرْفُ الْفَاءِ] [

- ‌الْفَاسِدُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْفِدْيَةُ تُفَارِقُ الْكَفَّارَةَ]

- ‌[سُقُوط الْأَصْل يُوجِبُ سُقُوط الْفَرْع]

- ‌[فِرَقُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْفَرْضُ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ عِوَضٌ]

- ‌[فَرْضُ الْكِفَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْفَسْخُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْفَضِيلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا]

- ‌[فِعْلُ النَّفْسِ لَا يُرْجَعُ فِيهِ لِقَوْلِ أَحَدٍ]

- ‌[الْفِعْلُ يَنُوبُ عَنْ الْقَوْلِ مَعَ الْقَرِينَةِ]

- ‌[الْفِعْلُ الْقَلِيلُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[حَرْفُ الْقَافِ] [

- ‌اعْتِبَار الْأَهْلِيَّة فِي الْقَبْض وَالْإِقْبَاضُ]

- ‌[الْقُدْرَةُ عَلَى التَّحْصِيلِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْحَاصِلِ]

- ‌[الْقَرَائِنُ إذَا انْضَمَّتْ إلَى الضَّعِيفِ]

- ‌[الْقُرْبَةُ حَقِيقَتهَا]

- ‌[الْقُرْعَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي مَوَاضِعَ]

- ‌[الْقُصَارَةُ فِي الْفَلَسِ عَيْنًا وَفِي الْغَصْبِ أَثَرًا]

- ‌[الْقَضَاءُ مُقَابِلُ الْأَدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[يَحْرُمُ عَلَى الْمُكَلَّفِ اقْتِنَاءُ أُمُورٍ]

- ‌[الْقِيمَةُ هَلْ هِيَ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمُتَقَوِّمِ]

- ‌[حَرْفُ الْكَافِ] [

- ‌الْكُفْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْكِنَايَةُ مَا احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ فَصَاعِدًا]

- ‌[الْكَفَّارَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْكُلِّيُّ المجموعي وَالْكُلِّيُّ الْإِفْرَادِيُّ]

- ‌[الْكُلِّيَّاتُ]

- ‌[حَرْفُ اللَّامِ] [

- ‌اللَّفْظُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الْمِيمِ] [

- ‌حُكْم الْمَائِعُ الْجَارِي]

- ‌[مَا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ بِخُصُوصِهِ لَا يُوجِبُ أَهْوَنُهُمَا بِعُمُومِهِ]

- ‌[مَا تَعَلَّقَ بِسَبَبَيْنِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا]

- ‌[مَا اقْتَضَى عَمْدُهُ الْبُطْلَانَ اقْتَضَى سَهْوُهُ السُّجُودَ]

- ‌[مَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ]

- ‌[مَا ثَبَتَ بِالشَّرْعِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ]

- ‌[مَا ثَبَتَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا]

- ‌[مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّبْعِيضُ]

- ‌[مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ هِبَتُهُ]

- ‌[مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ رَهْنُهُ]

- ‌[مَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ]

- ‌[مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ]

- ‌[مَا حَرُمَ عَلَى الْآخِذِ أَخْذُهُ حَرُمَ عَلَى الْمُعْطَى إعْطَاؤُهُ]

- ‌[مَا شَرَعَ فِعْلُهُ لِمَعْنًى]

- ‌[مَا شُرِعَ لِمَعْنًى فَوُجِدَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ قَاصِدٍ]

- ‌[مَا شُرِطَ فِيهِ الْعَدَدُ إذَا تَكَرَّرَ الْوَاحِدُ مِنْهُ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ اثْنَيْنِ]

- ‌[مَا صَلُحَ لِلْحَلِّ لَا يَصْلُحُ لِلْعَقْدِ]

- ‌[مَا ضُبِطَ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ]

- ‌[مَا قَارَبَ الشَّيْءَ أَعْطَى حُكْمَهُ]

- ‌[مَا كَانَ تَرْكُهُ كُفْرًا فَفِعْلُهُ يَكُونُ إيمَانًا]

- ‌[مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ]

- ‌[مَا كَانَ وُجُودُهُ شَرْطًا كَانَ عَدَمُهُ مَانِعًا]

- ‌[مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ]

- ‌[مَا حَصَلَ ضِمْنًا إذَا تَعَرَّضَ لَهُ لَا يَضُرُّ]

- ‌[مَا لَا يَدْخُلُ الشَّيْءَ رُكْنًا لَا يَدْخُلُهُ جُبْرَانًا]

- ‌[مَا لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِنَفْسِهِ اُعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ]

- ‌[مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ مُنْفَرِدًا بِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَطْلُبَ اسْتِيفَاءَهُ]

- ‌[مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الشَّخْصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ]

- ‌[مَا لَا يُقْبَلُ التَّبْعِيضُ يَكُونُ اخْتِيَارُ بَعْضِهِ كَاخْتِيَارِ كُلِّهِ]

- ‌[مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِقْبَالِ]

- ‌[مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ]

- ‌[مَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ يَسْقُطُ حُكْمُهُ بِالْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَا يُفِيدُ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَقَعَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي]

- ‌[مَا وَجَبَ دَفْعُهُ عَلَى صِفَةٍ فَأَخَلَّ بِهَا عِنْدَ الدَّفْعِ]

- ‌[مَا وَسَّعَهُ الشَّرْعُ فَضَيَّقَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا عُيِّنَ هَلْ يُعْطَى حُكْمَ الْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً]

- ‌[مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضِ مُكَلَّفٍ]

- ‌[الْمُتَوَقَّعُ لَا يُجْعَلُ كَالْوَاقِعِ]

- ‌[الْمُتَوَلِّدُ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ]

- ‌[الْمُتَوَلِّدُ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِ مَضْمُونٍ]

- ‌[الْمُخَاصِمُ فِي الْعَيْنِ الْمَالِكُ]

- ‌[الْمُدَّةُ الْمُنْكَرَةُ تَخْتَلِفُ بِحَسْبِ الْمَقَاصِدِ]

- ‌[مَسَافَةُ الْقَصْرِ فِي حُكْمِ السَّفَرِ الْبَعِيدِ]

- ‌[الْمُسْتَثْنَى شَرْطًا كَالْمُسْتَثْنَى شَرْعًا]

- ‌[الْمُشْرِفُ عَلَى الزَّوَالِ هَلْ يُعْطَى حُكْمَ الزَّائِلِ]

- ‌[الْمُشْرِفُ عَلَى الزَّوَالِ إذَا اسْتَدْرَكَ وَصِينَ عَنْ الزَّوَالِ]

- ‌[الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ]

- ‌[الْمَشْغُولُ لَا يُشْغَلُ]

- ‌[الْمُضَافُ لِلْجُزْءِ كَالْمُضَافِ لِلْكُلِّ]

- ‌[الْمُطْلَقُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْمَطْلُوبُ إذَا كَانَ فِيهِ أَحَدُ غَرَضَيْنِ]

- ‌[الْمَعْدُومُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ فِي صُوَرٍ]

- ‌[مُعْظَمُ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهِ]

- ‌[الْمُعَارَضَةُ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ وَعَدَمِهِ أَقْسَامٌ]

- ‌[مُعَامَلَاتُ الْعَبِيدِ مَعَ السَّادَةِ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْمُعَاطَاةُ]

- ‌[الْمُعَاوَضَةُ قِسْمَانِ]

- ‌[الْمِعْيَارُ الشَّرْعِيُّ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ]

- ‌[مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ]

- ‌[الْمُقَدَّرَاتُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِيمَا هُوَ مَقْصُودُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[الْمُكَبَّرُ لَا يُكَبَّرُ]

- ‌[الْمَنْفَعَةُ هَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا مَالٌ]

- ‌[الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ]

- ‌[مَنْ أَتَى بِمَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ]

- ‌[مَنْ أَنْكَرَ حَقًّا لِغَيْرِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ]

- ‌[مَنْ أَقْدَمَ عَلَى عَقْدٍ كَانَ فِي ضِمْنِهِ الِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[مَنْ اسْتَحْبَبْنَا لَهُ التَّأْخِيرَ فَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ]

- ‌[مَنْ تَعَجَّلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ]

- ‌[مَنْ تَعَاطَى مُحَرَّمًا فِي الْإِحْرَامِ]

- ‌[مَنْ ثَبَتَ لَهُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْعَفْوِ]

- ‌[مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْقِصَاصُ وَكَانَ يَحْسُنُ الِاسْتِيفَاءُ]

- ‌[مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا]

- ‌[مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَتَلِفَ بِهَا شَيْءٌ]

- ‌[مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ]

- ‌[مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ لَا يَمْلِكُ الْإِذْنَ فِيهِ]

- ‌[مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ]

- ‌[مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ]

- ‌[الْمُعَلَّقُ لَا يُنْجَزُ]

- ‌[مَنْ مَلَكَ الْكُلَّ مَلَكَ الْبَعْضَ]

- ‌[مَنْ مَلَكَ بَعْضَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ]

- ‌[مَنْ عَلِمَ حُرْمَةَ شَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ]

- ‌[مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ]

- ‌[مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ عَيْنٍ هَلْ تَكُونُ مَئُونَةَ الرَّدِّ عَلَيْهِ]

- ‌[الْمَالُ حقيقته]

- ‌[الْمِلْكُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْمُوَالَاةُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ]

- ‌[حَرْفُ النُّونِ] [

- ‌النَّادِرُ هَلْ يُلْحَقُ بِالْغَالِبِ]

- ‌[النَّادِرُ إذَا لَمْ يَدُمْ]

- ‌[النَّادِرُ إذَا دَامَ]

- ‌[النَّادِرُ هَلْ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ أَمْ يَلْحَقُ بِجِنْسِهِ]

- ‌[النَّائِمُ يُعْطَى حُكْمَ الْمُسْتَيْقِظِ فِي صُوَرٍ]

- ‌[النَّجَاسَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[النَّذْرُ الْمُطْلَقُ]

- ‌[النِّسْيَانُ عُذْرٌ فِي الْمَنْهِيَّاتِ دُونَ الْمَأْمُورَاتِ]

- ‌[النَّظَرُ إلَى الظَّاهِرِ أَوْ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ]

- ‌[النَّفَلُ فِيهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[النَّقْدُ]

- ‌[النَّكِرَةُ إذَا أُعِيدَتْ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى]

- ‌[النُّكُولُ مَعَ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ]

- ‌[النِّيَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[النَّهْيُ إنْ رَجَعَ إلَى شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ]

- ‌[حَرْفُ الْهَاءِ] [

- ‌الْهَوَاءُ فِي الْأَرْضِ وَالْبِنَاءُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ]

- ‌[حَرْفُ الْوَاوِ] [

- ‌الْوَاجِبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْوَارِثُ فِي قِيَامِهِ مَقَامَ الْمُورِثِ]

- ‌[الْوَثَائِقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْوَصْفُ التَّامُّ لَا يَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[الْوَطْءُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[وَقْتُ الشَّيْءِ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ]

- ‌[الْوَقْفُ فِي الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْوِلَايَةُ إذَا أُثْبِتَتْ لِشَخْصٍ بِالتَّقْدِيمِ لِقُرْبِهِ فَغَابَ]

- ‌[الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْعَامَّةِ]

- ‌[وِلَايَةُ الْمَالِ قَدْ تُجَامِعُ وِلَايَةَ النِّكَاحِ]

- ‌[الْوَلَدُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[بَابُ لَا] [

- ‌لَا يُكْرَهُ السِّوَاكُ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ]

- ‌[لَا أَثَرَ لِلزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ]

- ‌[مِنْ يتولى التَّصَرُّف فِي مَال الطِّفْل]

- ‌[لَا يَثْبُتُ لِلشَّخْصِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ]

- ‌[لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ]

- ‌[لَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِ مِلْكِهِ]

- ‌[لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ]

- ‌[لَا يَجُوزُ ابْتِلَاعُ حَيَوَانٍ حَيًّا]

- ‌[لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ الْحُبُوبِ فِي الْكِمَامِ]

- ‌[لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَفْرُوضَيْنِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ]

- ‌[لَا يَحْمِلُ أَحَدٌ جِنَايَةَ غَيْرِهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌[لَا يُحْكَمُ بِتَبْعِيضِ الرِّقِّ ابْتِدَاءً]

- ‌[لَا يَخْلُو الْوَطْءُ عَنْ مَهْرٍ أَوْ عُقُوبَةٍ]

- ‌[لَا يَدْخُلُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فِي مِلْكِ كَافِرٍ ابْتِدَاءً]

- ‌[لَا يَزِيدُ الْبَعْضُ عَلَى الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ]

- ‌[لَا يَزِيدُ الْفَرْعُ عَلَى أَصْلِهِ]

- ‌[لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ الْمَالِ]

- ‌[لَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ النِّكَاحِ]

- ‌[لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُود عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[لَا يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ]

- ‌[لَا تَقُومُ الْكِلَابُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[لَا يُنْكَرُ إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى مَنْعِهِ]

- ‌[لَا يُؤْمَرُ بِضَمِّ الْأَصَابِعِ فِي شَيْءٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ]

- ‌[لَا يَشْتَغِلُ الْمَأْمُومُ بِفِعْلِ مَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ]

- ‌[لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْأَيْمَانِ يَتَعَدَّدُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءً]

- ‌[لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبِضَ مَا فِي الذِّمَّةِ لِمَالِكِهِ بِسُؤَالِ الْمَدْيُونِ]

- ‌[لَيْسَ لَنَا نَجَسٌ يُزَالُ بِغَيْرِ الْمَاءِ]

- ‌[لَيْسَ لَنَا نَجَسٌ مَائِعٌ تَجِبُ إرَاقَتُهُ إلَّا الْخَمْرَةَ]

- ‌[لَيْسَ لَنَا صَلَاةٌ يُفْصَلُ فِيهَا بَيْنَ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ بِشَيْءٍ غَيْرَ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[لَيْسَ لَنَا مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ بِرُكْنٍ]

- ‌[لَيْسَ لَنَا مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُقِيمٌ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ]

- ‌[حَرْفُ الْيَاءِ] [

- ‌الْيَتِيمُ]

- ‌[طَلَبُ مَا يُحْزَمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ فِعْلُهُ]

- ‌[يَدْخُلُ الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ دُونَ الْعَكْسِ]

- ‌[الْيَدُ قِسْمَانِ]

- ‌[الْيَدُ اللَّاحِقَةُ تَابِعَةٌ لِلْيَدِ السَّابِقَةِ]

- ‌[يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ]

- ‌[يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ]

- ‌[مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِمَا أَيْ الِابْتِدَاءُ وَالدَّوَامُ]

- ‌[يُغْتَفَرُ فِي الشَّيْءِ إذَا كَانَ تَابِعًا مَا لَا يُغْتَفَرُ إذَا كَانَ مَقْصُودًا]

- ‌[يُغْتَفَرُ فِي الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْعَاقِدِ مَا لَا يُغْتَفَرُ مَعَ غَيْرِهِ]

- ‌[يُغْتَفَرُ فِي مُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا]

- ‌[يُغْتَفَرُ فِي الْفُسُوخِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي ابْتِدَاءِ الْعُقُودِ]

- ‌[يُغْتَفَرُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ مَا لَا يُغْتَفَرُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ]

- ‌[الْيَقِينُ شَرْطٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[الْيَمِينُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[قَوَاعِدُ يُخْتَمُ بِهَا] [

- ‌مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِينَ]

- ‌[مَنْ مَلَكَ شَيْئًا لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ مِلْكِهِ]

- ‌[اتِّبَاعُ خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ وَاجْتِنَابُ شَرِّ الشَّرَّيْنِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّفْسِ الْوَارِدِ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْرَارٍ]

- ‌[الْأَخْذُ بِالرُّخَصِ وَالْعَزَائِمِ فِي مَحَلِّهَا]

- ‌[الشَّرِيعَةُ قِسْمَانِ مَأْمُورَاتٌ وَمَنْهِيَّاتٌ]

- ‌[الْمُطَارَحَاتُ]

- ‌[الْمُمْتَحَنَاتُ]

- ‌[الْمُغَالَطَاتُ]

- ‌[نُكْتَةٌ جَدَلِيَّةٌ]

الفصل: ‌الكفر يتعلق به مباحث]

[حَرْفُ الْكَافِ] [

‌الْكُفْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

ِ الْكُفْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهِ

وَهُوَ إنْكَارُ مَا عُلِمَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كَإِنْكَارِ " وُجُودِ " الصَّانِعِ وَنُبُوَّتِهِ " عليه الصلاة والسلام " وَحُرْمَةِ الزِّنَى وَنَحْوِهِ.

وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقُ الرَّسُولِ فِي كُلِّ مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ " مَجِيئُهُ بِهِ " قَالَ " الزَّنْجَانِيُّ " فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: هَكَذَا ضَبَطَهُ أُسْتَاذُنَا الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ " وَهُوَ غَيْرُ وَافٍ بِالْمَقْصُودِ إذْ الْإِنْكَارُ يَخْتَصُّ بِالْقَوْلِ، وَالْكُفْرُ " قَدْ " يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ وَإِنْكَارُ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ الضَّرُورِيَّاتِ وَهُوَ كُفْرٌ فِي الْأَصَحِّ، وَأَيْضًا فَإِنَّا قَدْ نُكَفِّرُ الْمُجَسِّمَ وَالْخَارِجِيَّ وَبُطْلَانُ قَوْلِهِمْ لَيْسَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ وَأَيْضًا فَالطَّاعِنُ فِي عَائِشَةَ " رضي الله عنها بِالْقَذْفِ كَافِرٌ إجْمَاعًا

ص: 84

وَبَرَاءَتُهَا ثَبَتَتْ " بِالْقُرْآنِ " وَالْأَدِلَّةُ اللَّفْظِيَّةُ عِنْدَهُ غَيْرُ مُوجِبَةٍ " لِلْعِلْمِ " فَضْلًا عَنْ الضَّرُورِيِّ وَشَرْطُ الْحَدِّ أَنْ يَكُونَ مُنْعَكِسًا، قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَعْضَ الْأَقْوَالِ صَرِيحٌ فِي الْكُفْرِ وَبَعْضَهَا فِي مَحِلِّ الِاجْتِهَادِ

وَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ بَالَغَ فِيهِ وَجَعَلَ يَعُدُّ أَلْفَاظًا جَرَتْ بِهَا عَادَةُ " الْعَوَامّ " سِيَّمَا الشُّطَّارُ " " مِنْهَا " مَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَا لَا، وَفِي الْجُمْلَةِ " تَعْدَادُ الصُّوَرِ " مِمَّا يَتَعَذَّرُ " أَوْ يَتَعَسَّرُ " حَتَّى قَالُوا: مَنْ أَنْكَرَ مَسْأَلَةً مِنْ مَسَائِلِ الشَّرْعِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَهُوَ خَطَأٌ عَظِيمٌ وَجَهْلٌ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْمُجْتَهَدُ فِيهَا يُنْكِرُهَا الْمُخَالِفُونَ " فَلَا " شَكَّ أَنَّ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ شَرْعٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ كَذَلِكَ بِالْجُمْلَةِ، فَالتَّكْفِيرُ وَالتَّضْلِيلُ وَالتَّبْدِيعُ خَطَرٌ، وَالْوَاجِبُ الِاحْتِيَاطُ وَعَلَى الْمُكَلَّفِ الِاحْتِرَازُ عَنْ مَوَاقِعِ الشُّبْهَةِ وَمَظَانِّ الزَّلَلِ وَمَوَاضِعِ الْخِلَافِ. انْتَهَى.

وَمَا أَوْرَدَهُ مِنْ التَّكْفِيرِ بِأَفْعَالٍ كَلُبْسِ الزُّنَّارِ وَنَحْوِهِ عَلَى الضَّابِطِ.

فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ كُفْرًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ عَدَمُ التَّصْدِيقِ بَاطِنًا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ جَعَلَ الشَّرْعُ لَهُ مُعَرِّفَاتٍ يَدُورُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ صَدَّقَ الرَّسُولَ لَا يَأْتِي بِهَذَا وَنَحْوِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ الْكُفْرُ عَنْ أَوَّلِ التَّصْدِيقِ.

ص: 85

الثَّانِي: أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْقَوْلَ بِتَكْفِيرِ جَاحِدِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فِيهِ نَصٌّ وَهُوَ مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتِهَا الْخَوَاصُّ " وَالْعَوَامُّ " كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَلَيْسَ بِكَافِرٍ.

قَالَ: وَمَنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ ظَاهِرًا لَا نَصَّ فِيهِ فَفِي الْحُكْمِ بِتَكْفِيرِهِ خِلَافٌ، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الْخَمْرِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْسِنْ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ مُسْتَحِلِّ الْإِجْمَاعِ.

وَقَالَ: كَيْفَ نُكَفِّرُ مَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَنَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ رَدَّ أَصْلَ الْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا نُبَدِّعُهُ وَنُضَلِّلُهُ، وَأَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ ثَابِتٌ فِي الشَّرْعِ ثُمَّ حَلَّلَهُ " فَإِنَّهُ " يَكُونُ " رَدًّا " لِلشَّرْعِ.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مُخَالِفَ الْإِجْمَاعِ يَكْفُرُ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ تَارَةً يَصْحَبُهَا التَّوَاتُرُ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ كَوُجُوبِ الْخُمُسِ وَقَدْ لَا يَصْحَبُهَا فَالْأَوَّلُ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاتُرَ لَا " لِمُخَالَفَتِهِ " الْإِجْمَاعَ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا " الزَّمَانِ " مِمَّنْ يَدَّعِي الْحِذْقَ فِي الْمَعْقُولَاتِ وَيَمِيلُ إلَى الْفَلْسَفَةِ فَظَنَّ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ " فِي حُدُوثِ " الْعَالَمِ مِنْ قَبِيلِ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَأَخَذَ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُكَفَّرُ مُخَالِفُ الْإِجْمَاعِ - أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ الْمُخَالِفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَهَذَا " الْكَلَامُ " سَاقِطٌ بِمَرَّةٍ، لِأَنَّ " حُدُوثَ " الْعَالَمِ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَالتَّوَاتُرُ بِالنَّقْلِ عَنْ

ص: 86

صَاحِبِ الشَّرْعِ فَيُكَفَّرُ الْمُخَالِفُ بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ لَا بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ.

الثَّالِثُ: لَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ، أَيْ لَا نُكَفِّرُهُمْ بِالذُّنُوبِ الَّتِي هِيَ الْمَعَاصِي كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، خِلَافًا لِلْخَوَارِجِ حَيْثُ كَفَّرُوهُمْ بِهَا.

أَمَّا تَكْفِيرُ بَعْضِ " الْمُبْتَدَعَةِ " لِعَقِيدَةٍ تَقْتَضِي " كُفْرَهُ " حَيْثُ يَقْتَضِي الْحَالُ الْقَطْعَ بِذَلِكَ أَوْ تَرْجِيحَهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِنَا: بِذَنْبٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقْطَعُ بِكُفْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْطَعُ بِعَدَمِ كُفْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ مَحِلُّ التَّرَدُّدِ.

فَمِنْ الْأَوَّلِ: تَكْفِيرُ مَنْ صَارَ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ إلَى قِدَمِ الْعَالَمِ " وَإِنْكَارِ " حَشْرِ الْأَجْسَادِ وَعِلْمِ اللَّهِ " تَعَالَى " بِالْكُلِّيَّاتِ دُونَ الْجُزْئِيَّاتِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.

وَقَدْ حَكَى الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ " الْإِمَامِ " الشَّافِعِيِّ " رضي الله عنه " قَالَ: لَا " يُكَفَّرُ " مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إلَّا " وَاحِدٌ " وَهُوَ مَنْ نَفَى عِلْمَ اللَّهِ عَنْ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ كَوْنِهَا فَهُوَ كَافِرٌ.

وَمِنْ الثَّانِي: الْمُبْتَدِعُ الَّذِي لَا تَبْلُغُ بِدْعَتُهُ إنْكَارَ أَصْلٍ فِي الدِّينِ

وَمِنْ الثَّالِثِ: مَنْ خَالَفَ أَهْلَ السُّنَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْعَقَائِدِ كَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالزَّنْدَقَةِ: فَهَؤُلَاءِ أَمْرُهُمْ فِي مَحِلِّ

ص: 87

الِاجْتِهَادِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ عَنْ التَّكْفِيرِ مَا وَجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا، فَإِنَّ اسْتِبَاحَةَ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ الْمُصَلِّينَ إلَى الْقِبْلَةِ الْمُصَرِّحِينَ بِالتَّوْحِيدِ خَطَأٌ، وَالْخَطَأُ فِي تَرْكِ أَلْفِ كَافِرٍ فِي الْحَيَاةِ أَهْوَنُ مِنْ الْخَطَأِ فِي سَفْكِ دَمِ مُسْلِمٍ.

قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ التَّكْفِيرُ لِطَوَائِفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُكَفِّرُ " بَعْضُهَا " بَعْضًا، فَالْأَشْعَرِيُّ يُكَفِّرُ الْمُعْتَزِلِيَّ زَاعِمًا أَنَّهُ كَذَّبَ الرَّسُولَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ " تَعَالَى "، وَفِي إثْبَاتِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالصِّفَاتِ، وَفِي الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ.

وَالْمُعْتَزِلِيُّ يُكَفِّرُ الْأَشْعَرِيَّ زَاعِمًا أَنَّهُ كَذَّبَ الرَّسُولَ فِي التَّوْحِيدِ، فَإِنَّ إثْبَاتَ الصِّفَاتِ يَسْتَلْزِمُ تَعَدُّدَ الْقُدَمَاءِ.

قَالَ: وَالسَّبَبُ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ الْجَهْلُ " بِمَوْقِعِ " التَّكْذِيبِ وَالتَّصْدِيقِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ " نَزَّلَ " قَوْلًا مِنْ أَقْوَالِ الشَّرْعِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الدَّرَجَاتِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي لَا تُحَقِّقُ نَقْصًا فَهُوَ مِنْ " التَّعَبُّدِ "، وَإِنَّمَا الْكَذِبُ أَنْ نَنْفِيَ جَمِيعَ هَذِهِ الْمَعَانِي " وَيَزْعُمَ أَنَّ مَا قَالَهُ لَا مَعْنَى لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ وَذَلِكَ هُوَ الْكُفْرُ الْمَحْضُ "، وَلِهَذَا لَا " يُكَفَّرُ " قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُذْبَحُ» ، فَإِنَّ مَنْ قَامَ عِنْدَهُ الْبُرْهَانُ الْعَقْلِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَوْتَ عَرَضٌ أَوْ عَدَمُ عَرَضٍ وَأَنَّ " قَلْبَ "

ص: 88

الْعَرَضِ " جِسْمًا " مُسْتَحِيلٌ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَيُنَزِّلُ الْخَبَرَ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْقِيَامَةِ يُشَاهِدُونَ ذَلِكَ وَيَعْتَمِدُونَ أَنَّهُ الْمَوْتُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي حِسِّهِمْ لَا فِي الْخَارِجِ وَيَكُونُ سَبَبًا لِحُصُولِ الْيَقِينِ بِالْيَأْسِ عَنْ الْمَوْتِ.

قَالَ: وَقَدْ قَرَّرَ الْأَشْعَرِيَّةُ أَكْثَرَ مَا وَرَدَ مِنْ ظَوَاهِرِ الْأَدِلَّةِ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ أَشَدُّ النَّاسِ غَلَطًا فِي التَّأْوِيلَاتِ.

وَقَدْ يَعْرِضُ الْخِلَافُ لِلْمُتَأَوِّلِينَ بِسَبَبِ الْبَحْثِ فِيهِ كَمَا فِي " حَدِيثِ وَزْنِ الْأَعْمَالِ " فَإِنَّ الْأَعْمَالَ أَعْرَاضٌ، وَقَدْ عُدِمَتْ، فَأَوَّلَهُ " الْأَشْعَرِيَّةُ " عَلَى وَزْنِ صَحَائِفِ الْأَعْمَالِ وَأَنَّهُ يَخْلُقُ فِيهَا أَوْزَانًا بِقَدْرِ دَرَجَاتِ الْأَعْمَالِ، وَالصَّحَائِفُ أَجْسَامٌ كُتِبَتْ فِيهَا، " وَأَوَّلَ الْمُعْتَزِلَةُ نَفْسَ الْمِيزَانِ "، " وَجَعَلَتْهُ " كِنَايَةً عَنْ سَبَبٍ " بِهِ " يَنْكَشِفُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِقْدَارُ عَمَلِهِ وَهُوَ أَبْعَدُ " فِي " التَّأْوِيلِ، فَرَجَعَ حَاصِلُ الْخِلَافِ إلَى الْبَرَاهِينِ، قَالَ " وَالْمُعْتَزِلِيُّ " يَقُولُ: لَا بُرْهَانَ عَلَى اسْتِحَالَةِ الرُّؤْيَةِ،

ص: 89

وَكَانَ كُلُّ " وَاحِدٍ يَرْفُضُ " مَا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ " وَلَا يَرَاهُ " دَلِيلًا قَاطِعًا، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَسُوغُ لِكُلِّ فَرِيقٍ تَكْفِيرُ خَصْمِهِ بِمُجَرَّدِ ظَنِّهِ أَنَّهُ غَالَطَ فِي الْبُرْهَانِ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ نُسَمِّيَهُ ضَالًّا؛ لِأَنَّهُ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ، أَوْ مُبْتَدِعًا؛ لِأَنَّهُ ابْتَدَعَ أَقْوَالًا لَمْ يَقُلْهَا السَّلَفُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَدْ رَجَعَ الْأَشْعَرِيُّ رحمه الله عِنْدَ مَوْتِهِ عَنْ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَاتِ لَيْسَ جَهْلًا بِالْمَوْصُوفَاتِ، وَقَالَ: اخْتَلَفْنَا فِي عِبَارَاتٍ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ وَاحِدٌ، وَقَدْ مَثَّلَ ذَلِكَ بِمَنْ كَتَبَ إلَى عَبِيدِهِ " فَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ " فَاخْتَلَفُوا فِي صِفَاتِهِ هَلْ هُوَ أَبْيَضُ أَوْ أَسْوَدُ أَوْ أَحْمَرُ أَوْ أَسْمَرُ؟ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي " صِفَتِهِ " اخْتِلَافٌ فِي كَوْنِهِ سَيِّدَهُمْ الْمُسْتَحِقَّ لِطَاعَتِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ، فَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمُسْلِمِينَ فِي صِفَاتِ الْإِلَهِ " لَيْسَ " اخْتِلَافًا فِي كَوْنِهِ سبحانه وتعالى فِي جِهَةِ " " كَوْنِهِ خَالِقَهُمْ " وَسَيِّدَهُمْ الْمُسْتَحِقَّ لِطَاعَتِهِمْ، فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهِ سُبْحَانَهُ " وَتَعَالَى " فِي جِهَةِ كَوْنِهِ حَادِثًا قُلْنَا: لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، لِأَنَّ الْمُجَسِّمَةَ جَازِمُونَ بِأَنَّهُ فِي جِهَةٍ وَجَازِمُونَ بِأَنَّهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ.

وَالْعَجَبُ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ اخْتَلَفُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الصِّفَاتِ كَالْقِدَمِ وَفِي الْأَحْوَالِ كَالْعَالَمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَفِي تَعَدُّدِ الْكَلَامِ وَاتِّحَادِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُكَفِّرْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ نُفَاةِ الصِّفَاتِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى كَوْنِهِ حَيًّا قَادِرًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا فَاتَّفَقُوا عَلَى كَمَالِهِ بِذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيلِهِ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ.

ص: 90

وَقَالَ " الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ "" فِي " قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا جَازَ عَلَيْهِ» هَذَا وَعِيدٌ عَظِيمٌ لِمَنْ كَفَّرَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ " هُوَ " كَذَلِكَ " وَهُوَ وَرْطَةٌ " عَظِيمَةٌ وَقَعَ فِيهَا خَلْقٌ " كَثِيرٌ " مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْعَقَائِدِ حَكَمُوا بِتَكْفِيرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَخَرَقَ حِجَابَ الْهَيْبَةِ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَشَوِيَّةِ. وَهَذَا الْوَعِيدُ لَاحِقٌ بِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ خُصُومُهُمْ كَذَلِكَ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّكْفِيرِ وَسَبَبِهِ حَتَّى صُنِّفَ فِيهِ مُفْرَدًا وَاَلَّذِي " يَرْجِعُ " إلَيْهِ النَّظَرُ فِي هَذَا أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ هَلْ هُوَ مَذْهَبٌ أَمْ لَا؟ فَمَنْ كَفَّرَ الْمُبْتَدِئَةَ قَالَ: إنَّهُ " مَذْهَبٌ فَيَقُولُ الْمُجَسِّمَةُ كُفَّارٌ " لِأَنَّهُمْ عَبَدُوا جِسْمًا وَهُوَ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى كَفَرَ، وَيَقُولُ: الْمُعْتَزِلَةُ كُفَّارٌ " لِأَنَّهُمْ وَإِنْ اعْتَرَفُوا بِأَحْكَامِ الصِّفَاتِ فَقَدْ أَنْكَرُوا الصِّفَاتِ وَيَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِ الصِّفَاتِ إنْكَارُ أَحْكَامِهَا، وَمَنْ أَنْكَرَ أَحْكَامَهَا فَهُوَ كَافِرٌ، " وَلِذَلِكَ " الْمُعْتَزِلَةُ نَسَبَتْ " إلَى غَيْرِهَا الْكُفْرَ " بِطَرِيقِ الْمَآلِ، قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ

ص: 91

أَهْلِ الْقِبْلَةِ إلَّا بِإِنْكَارٍ مُتَوَاتِرٍ مِنْ الشَّرِيعَةِ عَنْ صَاحِبِهَا فَأَنَّهُ " يَكُونُ " حِينَئِذٍ " مُكَذِّبًا لِلشَّرْعِ وَلَيْسَ مُخَالَفَةُ الْقَوَاطِعِ مَأْخَذَ التَّكْفِيرِ، وَإِنَّمَا مَأْخَذُهُ مُخَالَفَةُ الْقَوَاعِدِ السَّمْعِيَّةِ الْقَطْعِيَّةِ طَرِيقًا وَدَلَالَةً.

وَعَبَّرَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ عَنْ هَذَا بِمَا مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ طَرِيقَ إثْبَاتِ الشَّرْعِ لَمْ يُكَفَّرْ كَمَنْ أَنْكَرَ الْإِجْمَاعَ، وَمَنْ أَنْكَرَ الشَّرْعَ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِطَرِيقَةِ كُفْرٍ، لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ، " قَالَ " وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ يَعْنِي بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُكَفِّرُ إلَّا مَنْ كَفَّرَنِي. قَالَ الشَّيْخُ: وَرُبَّمَا خَفِيَ سَبَبُ هَذَا الْقَوْلِ " عَلَى " بَعْضِ النَّاسِ وَحَمَلَهُ عَلَى غَيْرِ " مَحْمَلِهِ " الصَّحِيحِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي " أَنْ " يُحْمَلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْحُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ: كَافِرٌ؛ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» .

وَكَأَنَّ هَذَا الْمُتَكَلِّمَ يَقُولُ الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ الْكُفْرُ لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ " إمَّا الْمُكَفِّرُ أَوْ الْمُكَفَّرُ "، فَإِذَا كَفَّرَنِي بَعْضُ النَّاسِ فَالْكُفْرُ وَاقِعٌ بِأَحَدِنَا " وَأَنَا "

ص: 92

قَاطِعٌ " بِأَنِّي لَسْت " بِكَافِرٍ فَالْكُفْرُ رَاجِعٌ إلَيْهِ.

وَقَالَ " الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ السُّبْكِيُّ ": مَا دَامَ الْإِنْسَانُ يَعْتَقِدُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَتَكْفِيرُهُ صَعْبٌ وَمَا يَعْرِضُ فِي قَلْبِهِ " مِنْ " بِدْعَةٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مُضَادَّةً لِذَلِكَ لَا يُكَفَّرُ وَإِنْ كَانَتْ مُضَادَّةً " لَهُ " فَإِذَا عَرَضَتْ غَفْلَتُهُ عَنْهَا وَاعْتِقَادُهُ لِلشَّهَادَتَيْنِ مُسْتَمِرٌّ " فَأَرْجُو أَنَّ ذَلِكَ " يَكْفِيهِ فِي الْإِسْلَامِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمِلَّةِ كَذَلِكَ وَيَكُونُ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا كَفَرَ بِهِ لَا بُدَّ فِي إسْلَامِهِ مِنْ تَوْبَتِهِ عَنْهُ فَهَذَا مَحِلُّ " النَّظَرِ "، وَجَمِيعُ هَذِهِ الْعَقَائِدِ الَّتِي يُكَفَّرُ بِهَا أَهْلُ الْقِبْلَةِ قَدْ لَا يَعْتَقِدُهَا صَاحِبُهَا إلَّا حِينَ بَحْثِهِ يَوْمًا لِشُبْهَةٍ تَعَرَّضَ لَهُ " أَوْ مُجَادَلَةٍ لِغَيْرِهِ ".

وَفِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ يَغْفُلُ عَنْهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلشَّهَادَتَيْنِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمَوْتِ. انْتَهَى.

وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ " فَلَا " وَجْهَ " لِلْوَقْفِ " فِيمَنْ صَدَرَتْ " مِنْهُ "؛ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ ثُمَّ أَتَى بِمَا يُضَادُّهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُضَادِّ فِي " كُلِّ آنٍ " وَغَفْلَتُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ " عَنْهَا " لَا يَقْتَضِي عَدَمَ مُؤَاخَذَتِهِ بِهَا، كَمَا فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا غَفَلَ عَنْ عَقِيدَتِهِ

ص: 93

فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا أَوْلَادُ الْمُبْتَدَعَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إذَا كَفَّرْنَاهُمْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَوْلَادَهُمْ مُسْلِمُونَ مَا لَمْ يَعْتَقِدُوا بَعْدَ بُلُوغِهِمْ ذَلِكَ الِاعْتِقَادَ؛ لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ مُسْلِمِينَ ظَاهِرًا وَحُكْمُ اعْتِقَادِ أَبِيهِ لَا يَسْرِي " إلَيْهِ ".

قُلْت: " إذَا " انْعَقَدَ الْوَلَدُ بَعْدَ صُدُورِ الْعَقِيدَةِ الْمُكَفِّرَةِ مِنْ أَبَوَيْهِ فَهُوَ كَوَلَدِ الْمُرْتَدِّ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ، وَالْأَظْهَرُ كَمَا " قَالَهُ " النَّوَوِيُّ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ، وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ فَقَدْ أَجْرَوْا حُكْمَ اعْتِقَادِ أَبِيهِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى تَكْفِيرِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ أُصُولَ الْعَقَائِدِ بِأَدِلَّتِهَا وَهُوَ بَعِيدٌ عَقْلًا وَنَقْلًا وَلَيْسَ الْإِيمَانُ عِبَارَةً عَمَّا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ " النُّظَّارُ "" بَلْ هُوَ نُورٌ " يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ فَلَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى " {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [الأنعام: 125] ، وَقَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِلَفْظَةِ التَّوْحِيدِ أَجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ» وَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ مَأْخَذَ " التَّكْفِيرِ " مِنْ الشَّرْعِ لَا مِنْ الْعَقْلِ إذْ الْحُكْمُ بِإِبَاحَةِ الدَّمِ وَالْخُلُودِ فِي النَّارِ شَرْعِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ خِلَافًا لِمَا ظَنَّهُ بَعْضُ النَّاسِ. انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَدْ نُسِبَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ " عَلَيْهِ "

ص: 94

جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ " الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ " وَقَالَ: لَا يَصِحُّ عَنْهُ، وَقَالَ " عَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ ": إذَا تَرَكَ النَّظَرَ فِي الدَّلِيلِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ مَا لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِكَافِرٍ عِنْدَهُ لِوُجُودِ مَا يُضَادُّ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ وَهُوَ التَّصْدِيقُ وَهُوَ عَاصٍ بِتَرْكِهِ النَّظَرَ وَالِاسْتِدْلَالَ وَلِلَّهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ. انْتَهَى.

وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ إيمَانًا كَامِلًا لَا نَفْيَ " الْإِيمَانِ " مُطْلَقًا وَإِلَّا لِمَا أَدْخَلَهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ.

الرَّابِعُ: اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " فِي أَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ مِلَلٌ وَالْمُرَجَّحُ أَنَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] فَجَعَلَ الْكُفْرَ كُلَّهُ دِينًا وَاحِدًا، وقَوْله تَعَالَى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32] .

" قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ": الْمُشْرِكُونَ فِي تَفَرُّقِهِمْ

ص: 95

وَاجْتِمَاعِهِمْ يَجْمَعُهُمْ أَعْظَمُ الْأُمُورِ وَهُوَ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ فَجَعَلَ " اخْتِلَافَهُمْ " كَاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْإِسْلَامِ، فَالْمُسْلِمُونَ مُخْتَلِفُونَ، وَالْكُلُّ عَلَى الْحَقِّ وَالْكُفَّارُ مُخْتَلِفُونَ وَالْكُلُّ عَلَى الْبَاطِلِ " وَرَجَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ " أَنَّهُ مِلَلٌ وَاحْتَجَّ بِمَا لَوْ ارْتَدَّ الْيَهُودِيُّ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا يَقِرُّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ بَلْ الْمَعْنَى فِي عَدَمِ التَّقْرِيرِ " أَنَّهُ يَعْتَقِدُ " بُطْلَانَ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ " وَلَا يَقِرُّ الشَّخْصُ " عَلَى مَا يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ.

وَهُوَ إنْ اعْتَقَدَ بُطْلَانَ الْإِسْلَامِ فَهُوَ اعْتِقَادٌ فَاسِدٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ " اعْتِقَادٌ " مُطَابِقٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَبَنَى عَلَى هَذَا " فُرُوعٌ " كَثِيرَةٌ: كَجَرَيَانِ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمْ إنْ قُلْنَا: مِلَّةٌ، وَإِلَّا امْتَنَعَ.

وَمِنْهَا: لَوْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةٌ وَلَهَا أَخٌ نَصْرَانِيٌّ وَأَخٌ يَهُودِيٌّ فَلَهُمَا الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا كَمَا يَتَشَارَكُونَ فِي مِيرَاثِهَا إنْ قُلْنَا: الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَلَا وَجْهَ لِتَرَدُّدِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يَعْقِلُ الْيَهُودِيُّ عَنْ النَّصْرَانِيِّ.

وَمِنْهَا: بَيْعُ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ مِنْ الْيَهُودِيِّ وَعَكْسِهِ " قَضِيَّةُ " كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِالْمَنْعِ خَوْفًا مِنْ نَقْلِهِ إلَى دِينِهِ وَهُوَ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِنَا تَهَوُّدَهُ أَوْ تَنَصُّرَهُ أَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ شِرَائِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَوْهُومٌ " وَإِنْ " كَانَ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ فَلَا مَحْذُورَ بَلْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّا لَا نَقْنَعُ مِنْهُ حِينَئِذٍ إلَّا

ص: 96

بِالْإِسْلَامِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَالصَّوَابُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ.

الْخَامِسُ: الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْكُفَّارَ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ مَشْهُورٌ " وَأَنَّ " الْقَائِلِينَ بِتَكْلِيفِهِمْ هَلْ فَائِدَتُهُ قَاصِرَةٌ عَلَى الْعِقَابِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَوْ يَجْرِي عَلَيْهِمْ بَعْضُ الْأَحْكَامِ فِي الدُّنْيَا وَأَكْثَرُوا مِنْ الْفُرُوعِ فِي ذَلِكَ " بِمَا " حَاصِلُهُ " أَنَّا نُجْرِي " عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِي صُوَرٍ: إحْدَاهَا: إذَا تَنَاكَحُوا فَاسِدًا وَأَسْلَمُوا " ثَانِيهَا ": إذَا تَبَايَعُوا وَتَقَابَضُوا كَذَلِكَ. " ثَالِثُهَا ": لَا يُمْنَعُ الْجُنُبُ مِنْ " الْمُكْثِ " فِي الْمَسْجِدِ وَلَا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِخِلَافِ " مَسِّهِ " الْمُصْحَفَ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ " رَابِعُهَا ": لَا يُحَدُّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ. " خَامِسُهَا ": نِكَاحُهُ الْأَمَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ " الشُّرُوطُ ". سَادِسُهَا: لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ " فِي الْأَصَحِّ وَمِثْلُهُ لُبْسُ الذَّهَبِ، كَمَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ.

ص: 97

سَابِعُهَا: لَا تَلْزَمُهُ إجَابَةُ مَنْ دَعَاهُ إلَى وَلِيمَةٍ.

ثَامِنُهَا: لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ " وَقِيلَ ": يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ إنْ أَسْلَمَ تَاسِعُهَا: لَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْظِيمِ الْمُسْلِمِ بِحَنْيِ الظَّهْرِ إذَا مَنَعْنَا الْمُسْلِمَ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَخَالَفَهُ النَّوَوِيُّ عَاشِرُهَا: لِلْإِمَامِ اسْتِئْجَارُهُ لِلْجِهَادِ فِي الْأَصَحِّ.

حَادِيَ عَشَرَهَا: رَدُّ الْخَمْرِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْهُ عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: وَقَعَ الْغَلَطُ لِجَمَاعَةٍ بِسَبَبِ هَذِهِ الْفُرُوعِ، فَاعْتَقَدُوا عَدَمَ تَكْلِيفِهِمْ بِهَذِهِ الْأُمُورِ شَرْعًا، وَأَطْلَقُوا فِي حَقِّهِمْ الْإِبَاحَةَ حَتَّى اسْتَثْنَوْهَا مِنْ " هَذِهِ الْقَاعِدَةِ - يَعْنِي " قَاعِدَةَ التَّكْلِيفِ - وَهَذِهِ غَفْلَةٌ فَاحِشَةٌ، وَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِنَا: لَا يُمْنَعُونَ وَبَيْنَ قَوْلِنَا: لَهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ وَالْإِذْنُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ بِالْإِبَاحَةِ وَلَمْ يَرِدْ وَقَدْ اسْتَنْكَرَ عِبَارَةَ " الْمِنْهَاجِ " فِيمَا إذَا صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ أَنَّ لَهُمْ إحْدَاثَ الْكَنَائِسِ فَإِنَّهُمَا تَقْتَضِي أَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ تَعْلِيقِهِ أَنَّا لَا نُطْلِقُ فِي حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا يُخَالِفُونَ فِيهِ الشَّرْعَ لَفْظَ التَّقْرِيرِ لَا عَلَى الْكُفْرِ وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَقَائِدِهِمْ الْخَبِيثَةِ وَإِنَّمَا جَاءَ الشَّرْعُ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ وَفَاءً بِالْعَقْدِ وَحِفْظًا لِعَقْدِ الْأَمَانِ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا هُوَ التَّقْرِيرُ؟ قُلْنَا ": لَا، لِأَنَّ التَّقْرِيرَ يُوجِبُ فَوَاتَ الدَّعْوَى، وَتَرْكُ

ص: 98

التَّعَرُّضِ لَا يُوجِبُ فَوَاتَهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَأْخِيرِ الْمُعَاقَبَةِ إلَى الْآخِرَةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحُجَّةُ لَازِمَةً وَالدَّعْوَةُ قَائِمَةً، وَتُؤَخَّرُ الْمُعَاقَبَةُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْفِي لُزُومَ الْحُجَّةِ وَتَوَجُّهَ الدَّعْوَةِ.

" وَمِمَّا " أُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِي التَّكْلِيفِ بِهِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَكَذَا حَدُّ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فَيُحَدُّ قَهْرًا وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ رِضَاهُ بِحُكْمِنَا " وَحُرْمَةُ " التَّصَرُّفِ فِي الْخَمْرِ بَيْعًا وَشِرَاءً.

وَلِهَذَا لَا يُؤْخَذُ ثَمَنُهَا مِنْهُمْ عَنْ الْجِزْيَةِ وَفِي الْمُبَايَعَاتِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ إذَا قَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَأَسْلَمَ وَأَحْرَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ، وَإِذَا اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ لَا يَمْلِكُونَهَا، بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا حَتَّى إذَا اُسْتُنْقِذَتْ مِنْهُمْ رُدَّتْ إلَيْهِمْ.

وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمْ " لِجِهَةِ الْمَعْصِيَةِ كَبِنَاءِ الْكَنَائِسِ.

وَتَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي عَبْدِهِ وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ " لِجَرَيَانِهَا مَجْرَى النَّفَقَةِ وَالْمَئُونَةِ، لَكِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى ابْتِدَاءٍ، بَلْ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ.

ثُمَّ مَا أَتَوْا بِهِ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى النِّيَّةِ صَحَّ كَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ لَمْ يَصِحَّ كَالْعِبَادَاتِ.

وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ غُسْلُهُ وَلَا وُضُوءُهُ فِي الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَجَبَ إعَادَتُهُ " خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ الْفَارِسِيِّ، نَعَمْ يُبَاحُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا إذَا اغْتَسَلَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَرُدَّ

ص: 99

تَكْفِيرَهُ بِالْعِتْقِ " حَتَّى " يُجْزِئَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ " الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ " رضي الله عنه " مَعَ وُجُوبِ النِّيَّةِ " فِي " الْكَفَّارَةِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ، وَالْمُمْتَنِعُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ النَّذْرُ لِغَلَبَةِ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يَقَعُ الِالْتِزَامُ فِيهِ " بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ " فَكَانَ كَوْنُ النَّاذِرِ مُسْلِمًا أَقْرَبَ إلَى " الرُّكْنِيَّةِ ".

وَأَمَّا مَا كُلِّفُوا بِهِ فَلَمْ يَفْعَلُوهُ وَأَسْلَمُوا هَلْ يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ؟ يُنْظَرُ: إنْ تَعَلَّقَ بِحَقِّ اللَّهِ " تَعَالَى " سَقَطَ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ كَالْعِبَادَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ، وَكَالزِّنَى فَإِنَّهُ " يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَلَوْ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ " الْحَدُّ " عَلَى النَّصِّ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ " قُبَيْلَ " الْجِزْيَةِ.

وَإِنْ تَعَلَّقَ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَتَقَدَّمَهُ الْتِزَامٌ " بِذِمَّةٍ " أَوْ أَمَانٍ لَمْ يَسْقُطْ.

وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ الذِّمِّيُّ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ وَلَوْ قَتَلَ خَطَأً " أَوْ حَلَفَ " وَحَنِثَ أَوْ ظَاهَرَ وَأَسْلَمَ لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا " أَنَّهَا " مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ " وَلَا " يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ

ص: 100