الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الأحرف المشبهة بالفعل] :
هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر1:
[عملها وعددها:]
فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها، وترفع خبره ويسمى خبرها2.
1 عد المؤلف "عسى" إذا جاءت تفيد الرجاء بمعنى "لعل" حرفا مشبها بالفعل، كما سيأتي.
فائدة: سميت هذه الأحرف أحرفا مشبهة بالفعل؛ لِكونها تشبه الفعل في اللفظ، والمعنى جميعا ويكن حصر أوجه الشبه في خمسة أمور، هي:
أ- أنها كلها على ثلاثة أحرف أو أكثر، فـ "إن وإن وليت" على ثلاثة أحرف، و"لعل، وكأن" على أربعة أحرف، و"لكن" على خمسة أحرف.
ب- أنها تختص بالأسماء كما أن الفعل يختص بالأسماء.
ج- أنها كلها مبنية على الفتح، كما أن الفعل الماضي مبني على الفتح.
د- أنها تلحقها نون الوقاية عند اتصالها بياء المتكلم، كما تلزم هذه النون الفعل عند اتصاله بها.
هـ- أنها تدل على معنى الفعل، فـ "إن"، و"أن" تفيدان معنى "أكدت"، و"كأن" تدل على معنى "شبهت"، و"ليت" تدل على معنى "تمنيت"، ولعل" تدل على معنى "رجوت" فلما كانت الأحرف المشبهة تتضمن تلك المعاني، عملت عمل الأفعال، أوضح المسالك: 1/ 125.
2 أي: عملها عكس عمل "كان" وأخواتها، وهذا أحد أوجه الفروق بينهما. وثاني تلك الفروق أن "الأحرف المشبهة" أحرف، وتلك "كان وأخواتها" أفعال وحروف. وثالثها: أن هذه الحروف، يجب أن تكون في صدر الجملة ما عدا "أن" المفتوحة- كما سيأتي، بخلاف كان وأخواتها. ضياء السالك: 1/ 273.
فائدة1: ذهب بعضهم إلى أن الأحرف المشبهة بالفعل تنصب المبتدأ والخبر معا، واستدلوا بقول عمر بن أبي ربيعة، وليس في ديوانه:
فالأول والثاني: "إن" و"أن": وهما لتوكيد النسبة، ونفي الشك عنها، والإنكار لها.
والثالث: "لكن": وهو للاستدراك1 والتوكيد، فالأول نحو: "زيد شجاع
إذا اسود جنح الليل فلتأتِ ولتكنْ
…
خطاك خفافا إن حراسنا أسد
بنصب "حراسنا وأسد" معا.
غير أن الجمهور يمنعون ذلك، ويؤولون هذا الشاهد، وما شابهه بأن الجزء الثاني حال والخبر محذوف، والتقدير: إن حراسنا تلقاهم أسدا، ونحو ذلك.
انظر حاشية الصبان: 1/ 269، ومغني اللبيب:55.
فائدة2: لا تدخل الأحرف المشبهة على جملة يجب فيها حذف المبتدأ، ولا تدخل على مبتدأ، لا يخرج عن الابتدائية، نحو "ما" التعجبية، ولا تدخل على مبتدأ يجب له التصدير أي الوقوع في صدر الجملة كاسم الاستفهام، ويستثنى في هذه الحال، ضمير الشأن، فهو مما يجب تصديره وقد دخلت عليه "أن" في قول الأخطل.
إن من يدخل الكنيسة يوما
…
يلق فيها جآذرا وظباء
فـ "إن" حرف مشبه بالفعل، واسمه ضمير الشأن المحذوف. و"من" اسم شرط في محل رفع مبتدأ. وجملة "الشرط والجواب" أو إحداهما: في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "المبتدأ والخبر": في محل رفع خبر "إن"، ومعلوم أنه لا يجوز إعراب "من" في محل نصب اسم "إن" لكون "من" اسم شرط يجب له التصدير. وانظر حاشية الصبان: 1/ 269.
فائدة3: لا تدخل هذه الأحرف على جملة يكون الخبر فيها طلبيا أو إنشائيا، وخرجوا قوله تعالى:{إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه} ، وقول الشاعر:
إن الذين قتلهم أمس سيدهم
…
لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما
بأنها على تقدير قول محذوف، يقع خبرا لـ "إن" وتقع هذه الجمل الإنشائية معمولة له، فيكون الكلام من باب حذف العامل وإبقاء المعمول، والتقدير: إن الذين قتلتم سيدهم أمس مقول في شأنهم لا تحسبوا، أو إن الذين قتلتم سيدهم قد استعدوا لكم وأخذوا الأهبة لقتالكم فلا تحسبوا، وهكذا. واستثنى "أن" المفتوحة الهمزة، فيجوز وقوع خبرها جملة إنشائية، كما في قوله تعالى:{وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُم} . وقوله جل شأنه: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} على قراءة تخفيف النون بعدها جملة. وانظر حاشية الصبان: 1/ 269.
1 الاستدراك. هو تعقيب الكلام بنفي يتوهم ثبوته أو إثبات ما يتوهم نفيه، وهذا يستلزم أن يسبقها كلام له صلة بمعموليها، وأن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها في المعنى ومغايرا له، وتقع بعد النفي والإثبات، واستعمال "لكن" في الاستدراك، هو الغالب فيها، وقد تستعمل لتأكيد النسبة وتقويتها في ذهن السامع، إيجابية كانت أو سلبية.
التصريح: 1/ 211.
لكنه بخيل" والثاني نحو: "لو جاءني أكرمته؛ لِكنه لم يجيء"1.
والرابع: "كأن": وهو للتشبيه المؤكد2؛ لأنه مركب من الكاف وأن.
والخامس: "ليت": هو للتمنى، وهو: طلب ما لا طمع فيه أو ما فيه عسر3، نحو:"ليت الشباب عائد"، وقول منقطع الرجاء:"ليت لي مالا فأحج منه".
والسادس: "لعل": وهو للتوقع، وعبر عنه قوم بالترجي في المحبوب نحو:{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} 4 أو الإشفاق في المكروه نحو: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ
1 ومن ذلك قول الحماسي:
فلو طار ذو حافر قبلها
…
لطارت، ولكنه لم يَطِرْ
2 ولا تخرج عنه عند البصريين، وزعم الكوفيون أن "كأن" كما تأتي للتشبيه تأتي للتحقيق. وجعلوا منه قول الشاعر:
فأصبح بطنُ مكَّةَ مُقْشَعِرًّا
…
كأن الأرض ليس بها هشامُ
وزعم ابن السيد أنها تأتي للظن، إذا كان خبرها فعلا أو طرفا أو صفة من صفات أسمائها، وزعم أبو الحسين الأنصاري أنها تأتي للتقريب، وزعم أبو علي الفارسي أنها قد تأتي للنفي.
التصريح: 1/ 212. ومغني اللبيب: 252.
3 الفرق بينهما: أن ما لا طمع فيه مستحيل، كرجوع الشباب للطاعن في السن، وما فيه عسر يكون ممكنا في مجرى العادة ولكنه نادر الوقوع، ومن ذلك تفهم أن "ليت" لا تدخل على جملة يكون مضمونها واجب الوقوع، فلا تقول: ليت غدا يجيء. شرح التصريح: 1/ 212-213.
4 "65" سورة الطلاق، الآية:1.
موطن الشاهد: {لَعَلَّ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "لعل" حرفا مشبها بالفعل بمعنى التوقع والترجي، ولفظ الجلالة في محل نصب اسمه، وجملة "يحدث بعد ذلك أمرا": في محل رفع الخبر.
وأتت "لعل" معنى الترجي؛ لأن توقع المحبوب يسمى ترجِّيًا.
نَفْسَكَ} 1، قال الأخفش: وللتعليل، نحو:"أفرغ عملك لعلنا نتغدى"، ومنه:{لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} 2، قال الكوفيون: وللاستفهام، نحو:{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} 3، وعقيل تجيز جر اسمها وكسر لامها الأخيرة4.
والسابع: "عسى" في لغيَّة: وهي بمعنى لعل5، وشرط اسمه أن يكون ضميرا، كقوله6:[الطويل]
132-
فقلت: عَسَاها نار كأس وعلَّها7
1 "18" سورة الكهف، الآية:6.
موطن الشاهد: {لَعَلَّكَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "لعل" بمعنى الإشفاق في الشيء المكروه؛ لأن المعنى: لعلك قاتل نفسك، أي: أشفِقْ على نفسك من أن تقتلها حسرةً على ما فاتك من إسلام قومك. أتت لعل بمعنى الإشفاق؛ لأن توقع المكروه يسمى إشفاقا. شرح التصريح: 1/ 213.
2 "20" سورة طه، الآية:24.
موطن الشاهد: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "لعل" مفيدة التعليل -على مذهب الأخفش والكسائي- ومعنى لعله يتذكر، أي: ليتذكرن ومن لم يثبت هذا، حمله على الرجاء، ويصرفه للمخاطبين المغني: 379، وشرح التصريح: 1/ 213.
3 "80" سورة عبس، الآية:3.
موطن الشاهد: {لَعَلَّهُ يَزَّكَى} .
وجه الاستشهاد:
مجيء "لعل" مفيدة الاستفهام على مذهب الكوفيين.
4 مع حذف لأمها الأولى وإثباتها، وحينئذ، لا تعمل عمل "إن" على الصحيح، بل تنزل منزلة حرف الجر الزائد، في عدم تعلقها بشيء. ومجرورها في موضع رفع بالابتداء، وما بعده خبر، وعليه قول شاعرهم:
لعل أبي المغوار منك قريب
فأبى المغوار: مبتدأ ومضاف إليه، و"قريب" خبر. شرح التصريح: 1/ 213.
5 في الترجي والإشفاق، فحملت في العمل عليها كما حملت لعل على عسى في إدخال أن في خبرها كما في الحديث "لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض".
6 القائل هو: صخر بن العود الحضرمي، ولم أعثر له على ترجمة وافية.
7 تخريج الشاهد:
هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
تشكي فآتي نحوها فأعودها
=
وقوله1: [الوافر]
= وهو من شواهد: التصريح: 1/ 213، وهمع الهوامع: 1/ 132 وفيه: لعلها بدل وعليها. والدرر اللوامع: 1/ 110، والعيني: 2/ 227، والمغني:"274/ 204". والسيوطي: 153.
المفردات الغريبة: تشكى: أصله تتشكى بتاءين فحذف إحدى التاءين، أي: يصيبها المرض فتشكو الأمة، أعودها: العيادة: زيارة المريص خاصة. "كأس" اسم محبوبته.
المعنى: أرجو أن تكون هذه النار التي أبصرها نار محبوبتي "كأس"، كما أتمنى أن تمرض وتشكو آلام المرض، فأذهب لزيارتها ورؤيتها، وهي أمنية سخيفة، تدل على الأنانية.
الإعراب: قلت: فعل ماضٍ وفاعل. عساها: "بمعنى لعل" حرف ترجٍّ ونصب، و"ها" في محل نصب اسمه. خبر "عسى" مرفوع. كأس: مضاف إليه. وعليها: الواو حرف عطف، على: حرف مشبه بالفعل، و"ها": اسمه. تشكى: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: هي، وجملة تشكى: في محل رفع خبر "لعل". فآتي: الفاء عاطفة، آتي: فعل مضارع، والفاعل: أنا: "نحوها": متعلق بـ "آتي"، و"ها": مضاف إليه. فأعودها: الفاء حرف عطف، أعود: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. و"ها": مفعول به.
موطن الشاهد: "عساها نار كأس".
وجه الاستشهاد: مجيء "عسى" بمعنى "لعل" واتصل بها ضمير "ها" النائبة، فنصب محلا بها، ورفع ما بعده على الخبرية، وفي هذا دليل على عملها عمل "إن"، وهذا مذهب سيبويه الذي أرى أن "عسى" قد تجيء حرفا دالا على الترجِّي، فتعمل عمل "إن" والشاهد السابق يؤيد ما ذهب إليه. غير أن المبرد والفارسي خالفا سيبويه في هذه المسألة، وزعما أن "عسى" لا تكون إلا فعلا عاملا عمل "كان" وزعما أن الضمير المتصل بـ "عسى" خبر لها، تقدم على اسمه، وأن الاسم المرفوع بعده اسم "عسى" تأخر عن الخبر، وهذا الزعم فاسد؛ لأنه يلزم جعل خبر "عسى" مفردا، وهو نادر، أو ضرورة. انظر شرح التصريح: 1/ 214.
1 القائل: هو عمران بن حطان بن ظبيان السدوسي الوائلي الخارجي، أبو سماك، أحد أصحاب العلم والحديث، أدرك جماعة من الصحابة وروى عنهم، وروى أصحاب الحديث عنه، كان يحرض الناس، فطلبه الحجاج، فهرب إلى عمان، مات سنة 84هـ.
خزانة الأدب: 5/ 350، الإصابة: ترجمة 6877، ميزان الاعتدال: 2/ 276، المؤتلف:91.
133-
أقول لها لعلي أو عساني1
1 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
ولي نفس تنازعني إذا ما
ويروى البيت برواية أخرى هكذا:
ولي نفس أقول لها إذا ما
…
تنازعني لعلي أو عساني
وهذه رواية سيبويه: 1/ 388 ورواية الأعلم.
ويُزعَم أن عمران كان سنيا، فتزوج امرأة من الخوارج، فقيل له فيها، فقال: أردها عن مذهبها، فغلبت عليه، وأضلته عن مذهب السنة.
والبيت من شواهد: التصريح: 1/ 213، والمقتضب: 3/ 72، والخصائص: 3/ 25، وشرح المفصل، 3/ 105، 118، 222، 7/ 123، والمقرب: 18، والعيني: 2/ 229، والخزانة: 2/ 435.
المفردات الغريبة: تنازعني: تزين لي حب الدنيا والخوف من الموت في القتال. لعلي: أراد لعلى أتورط في الملاذ المردية، أو لعلى أنال الشهادة في الحرب فأكون من الفائزين.
المعنى: إن نفسي لا تطاوعني إذا أردت مغاضبة زوجي ومخاصمتها، وأقول لها: لعلي أنال ما أريد وأبغي.
الإعراب: "لي": متعلق بمحذوف خبر مقدم. نفس: مبتدأ مؤخر. تنازعني: فعل مضارع، والفاعل: هي، والنون: للوقاية، والياء: مفعول به. "إذا": متعلق بـ "تنازع" في محل نصب على الظرفية الزمانية. ما: زائدة: أقول: فعل مضارع، والفاعل: أنا "لها": متعلق بـ "أقول" لعلى: حرف مشبه بالفعل، والياء: اسمه، وخبره محذوف، والتقدير: لعلي أنال منها ما أريد، أو نحو ذلك. والجملة في محل نصب مقول القول. أو: حرف عطف. عساني: "عسى حرف مشبه بالفعل بمعنى "لعل"، والنون للوقاية، والياء: اسمه، وخبره محذوف، والتقدير كالأول، غير أنه ينبغي أن يقترن بـ "أن" أي عساني أن أنال منها وجملة "عساني مع الخبر المحذوف": في محل نصب، معطوفة على جملة "لعلي" السابقة.
موطن الشاهد: "عساني".
وجه الاستشهاد: استعمال "عسى" حرفا بمعنى "لعل" ومجيء اسمه ضميرا، وهو لا يأتي إلا ضميرا عندما يستعمل عسى استعمال "لعل" أي حرفا يفيد الترجي.
وفي هذا الشاهد ما يرجح مذهب سيبويه، حيث أتى الشاعر بنون الوقاية قبل ياء المتكلم، كما في إنَّني، وليتني وكأنَّني"، ولو كان هذا الضمير خبرا، كما زعم المبرد والفارسي، وكانت "عسى" فعلا، لكان الشاعر قد اقتصر على الفعل ومنصوبه من دون مرفوعه، وهذا لا نظير له في الاستعمال العربي.
وهو حينئذ حرف وفاقا للسيرافي، ونقله عن سيبويه؛ خلافا للجمهور في إطلاق القول بفعليته1، ولابن السراج في إطلاق القول بحرفيته.
والثامن: "لا" النافية للجنس: وستأتي.
[لا يتقدم خبرها عليها] :
ولا يتقدم خبرهن مطلقا2، ولا يتوسط إلا إن كان الحرف غير "عسى" و"لا" والخبر ظرفا أو مجرورا، نحو: {إِنَّ لَدَيْنَا
1 أي: سواء أكان الفعل بمعنى "لعل" أم لا.
ويتبين مما تقدم: أن في "عسى" أقوالا ثلاثة: فعلا مطلقا، وحرفا مطلقا، وتفصيله: أنه إن عملت عمل "لعل" كانت حرفا، وإلا فهي فعل. وهذا كله في "عسى" الجامدة، وأما "عسى" المتصرفة ففعل باتفاق، ومعناها اشتد، كقول الشاعر:
لولا الحياء وأن رأسي قد عسى
…
فيه المشيب لزرت أم القاسم
التصريح: 1/ 214.
2 أي: لا يتقدم خبر هذه الأحرف الثمانية عليها مطلقا، ولو كان ظرفا أو جارا ومجرورا؛ وذلك لعدم تصرفها، وهي ملازمة للصدارة، وحملت "أن" المفتوحة على المكسورة. انظر شرح التصريح: 1/ 214.
3 لأن شرط عملها اتصال اسميهما بهما، فلو قدم خبر إحداهما على الاسم؛ لِفصل بينها وبين الاسم، ففات شرط إعمالها.
وهذا بخلاف "عسى" العاملة عمل كان التي تقدم ذكرها، فإن هذه يجوز أن يتوسط اسمها بينها وبين خبرها، وبذلك يجوز في الاسم المرفوع بعدها والمسبوق بأن المصدرية والفعل المضارع وجهان فقولك:"عسى أن يلقاك الخير":
1-
يكون الاسم المرفوع المتأخر اسم عسى وتكون "أن" المصدرية والمضارع في تأويل مصدر خبر عسى، ويكون فاعل المضارع ضميرا مستترا يعود على الاسم المرفوع المتأخر؛ لأنه متقدم في الرتبة.
2-
يكون اسم "عسى" ضميرا مستترا، والاسم المرفوع المتأخر مرفوعا على أنه فاعل الفعل المضارع، ففي الوجه الأول قد توسط خبر "عسى" بينها وبين اسمها.
وبخلاف "لا" النافية المهملة، فإنه يجوز بعدها تقدم الخبر على مبتدئه، وفي هذه الحال، يجب تكرار "لا" نحو قوله تعالى:{لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُون} =
أَنْكَالَاً} 1، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} 2
[يتعين كسر همزة "إن" في عشرة مواضع] :
تتعين "إن" المكسورة حيث لا يجوز أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها، و"أن" المفتوحة حيث يجب ذلك3، ويجوزان إن صح الاعتباران4.
= ونحو قولك: لا في الدار محمد ولا في السوق، وأما "لا" العاملة عمل ليس، فلا يجوز توسط خبرها مثل "لا" العاملة عمل "إن".
شرح التصريح: 1/ 214.
فائدة: يجب أن يتوسط خبر "إن" أو إحدى أخواتها، إن كان ظرفا أو جارا ومجرورا في الحالتين التاليتين:
أ- أن يقترن الاسم بضمير يعود على بعض الخبر، نحو قولك:"إن في الدار مالكها"؛ لِئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وذلك غير جائز.
ب- أن يقترن الاسم بلام الابتداء، نحو قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} وقوله جل شأنه: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} .
ويجب تأخر الخبر وإن كان جارا ومجرورا، إذا اقترنت بهذا الخبر لام الابتداء، نحو قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} . انظر شرح التصريح: 1/ 214، وأوضح المسالك "تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد: 1/ 333.
1 "73" سورة المزمل، الآية:12.
موطن الشاهد: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} .
وجه الاستشهاد: توسط خبر "إن" بينها وبين اسمها؛ لأن "لدينا" ظرف، ويجوز أن يتوسط بين إن واسمها بالظرف والجار والمجرور توسعا في الكلام، كما علمنا، وحكم التوسط هنا الجواز
2 "79" سورة النازعات، الآية:26.
موطن الشاهد: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} .
وجه الاستشهاد: توسط الجار والمجرور بين "إن" واسمها، وحكم التوسط في الآية الكريمة الوجوبُ؛ لِاقتران الاسم بلام الابتداء.
3 بأن تقع "أن" مع معموليها في جملة تحتاج إلى اسم مرفوع أو منصوب أو مجرور، ولا سبيل إلى ذلك، إلا عن طريق مصدر منسبك من أن مع معموليها، وإلى هذا، يشير الناظم بقوله:
وهمز "إن" افتح لسد مصدرِ
…
مسدها، وفي سوى ذاك اكسرِ
أي: افتح همزة "إن" لسد المصدر مسدها مع معمولها، واكسرها فيما عدا ذلك.
شرح التصريح: 1/ 214.
4 معلوم أن "أن" المفتوحة الهمزة، تؤول مع ما بعدها بمصدر، وهذا المصدر اسم مفرد، فهو محتاج إلى ما يتم به كلام مفيد، وأما "إن" المكسورة الهمزة، فهي مع معموليها جملة تؤدي كلاما تاما مفيدا، ولهذا وجب أن يسبق أن المفتوحة ما يطلبها.
فائدة: كل موضع يحتاج فيه ما قبل "أن" إلى مفرد، ولا يجوز في صناعة الإعراب أن يكون جملة، فإن همزة "أن" تكون مفتوحة، وكل موضع يحتاج فيه ما قبل "إن" إلى جملة، ولا يجوز في صناعة الإعراب أن يكون مفردا، تكون همزة "إن" مكسورة، وكل موضع يجوز فيه الوجهان، يصح فيه فتح إن وكسرها.
فالأول في عشرة، وهي:
1 أن تقع في الابتداء نحو {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} ، ومنه {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} 3.
2 أو تالية لحيث نحو: "جلست حيث إن زيدا جالس".
3 أو لإذ، كـ "جئتك إذْ إنَّ زيدا أمير"3.
1 "97" سورة القدر، الآية:1.
موطن الشاهد: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" مكسورة الهمزة؛ لِوقوعها في أول الكلام حقيقة، وحكم كسر همزتها في هذه الحالة الوجوبُ.
2 "10" سورة يونس، الآية:62.
موطن الشاهد: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ} .
وجه الاستشهاد: وقوع "إن" مكسورة الهمزة؛ لأنها وقعت في أول الكلام حكميا؛ لأنها سبقت بحرف "ألا" وهو لا يغير الابتداء؛ لأنه حرف استفتاح، وحكم كسر همزة "إن" في هذه الحال الوجوب؛ لِيكون الكلام مفيدا، إذ لو فتحنا الهمزة هنا لتأولت مع ما بعدها بمفرد يقع مبتدأ، لا خبر له.
3 الابتداء: إما أن يكون حقيقيا، بأن تقع "إن" في أول الكلام لا يسبقها شيء كالآية الأولى. وإما أن يكون حكميا، وذلك إذا وقعت في أول الجملة، وسبقها حرف لا يغير الابتداء مثل "ألا" الاستفتاحية، كالآية الثانية، و"أما"، وبعد "كلا" التي تفيد الاستفتاح -على قول- في نحو:{كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى} ، وبعد "حتى" الابتدائية. حاشية يس على التصريح: 1/ 215.
4 إنما كسرت "إن" بعد "حيث" و"إذ"؛ لأنهما لا يضافان إلا إلى الجمل، وفتح "إن" يؤدي إلى إضافتهما إلى مفرد. والصحيح جواز الفتح عقبهما؛ لأن "حيث" قد تضاف إلى المفرد. وعند إضافتها إلى الجملة يقدر تمامها من خبر أو فعل. وهذا إذا كانت "إن" واقعة عقب "حيث" فإن لم تقع عقبها، نحو: جلست حيث اعتقاد محمد أنه مكان خال- وجب فتحها كما مر.
شرح التصريح: 1/ 215، وحاشية الصبان: 1/ 274.
4-
أو لموصول1، نحو:{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوء} 2، بخلاف الواقعة في حشو الصلة، نحو:"جاء الذي عندي أنه فاضل"3، وقولهم:"لا أفعله ما أن حراء مكانه"4 إذا التقدير ما ثبت ذلك، فليست في التقدير تالية للموصول.
5 أو جوابا لقسم نحو: {حَم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاه} 5.
1 أي: أو تقع تالية لموصول، بأن تكون في بدء جملة الصلة؛ لأن صلة غير "أل" لا تكون إلا جملة.
شرح التصريح: 1/ 215، وحاشية الصبان: 1/ 274.
2 "28" سورة القصص، الآية:76.
موطن الشاهد: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" مكسورة الهمزة؛ لأنها تلت "ما" الموصولة، وحكم كسر همزة "إن" في هذه الحالة الوجوب، و"ما": اسم موصول، وجملة:"إن مفاتحه....." صلة، ومعنى "تنوء": تثقل.
3 في هذا المثال ليس "إن" ومعموليها صلة، بل هي مع معموليها مبتدأ مخبر عنه بالظرف المتقدم، وجملة المبتدأ والخبر، هي جملة الصلة، فهذا المثال بالنظر إلى "أن" من المواضع التي تقع فيها "أن" مع معموليها في موضع المبتدأ، والمبتدأ لا يكون إلا مفردا.
4 معنى هذا القول: لا أفعله ما ثبت كون حراء في مكانه، فـ "ما" موصول حرفي "أن": حرف مشبه. حراء: اسمه. مكانه: ظرف في محل رفع خبر "أن"، و"أن وما بعدها": في تأويل مصدر واقع فاعلا بفعل محذوف والجملة الفعلية صلة لـ "ما"، ونظير هذا قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} ، والتقدير: لو ثبت صبرهم، وإنما وجب تقدير الفعل في هذين الموضعين؛ لأن الموصول الحرفي "ما"، لا تكون صلته إلا فعلية، ولأن "لو" الشرطية خاصة بالفعل على الراجح عند النحاة.
انظر حاشية الصبان: 1/ 273.
5 "44" سورة الدخان، الآية: 1-3.
موطن الشاهد: {حَم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاه} .
6 أو محكية بالقول نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّه} 1.
7 أو حالا2 نحو: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُون} 3.
8 أو صفة نحو: "مررت برجل إنه فاضل".
9 أو بعد عامل علق باللام نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} 5.
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" مكسورة الهمزة؛ لِوقوعها جوابا للقسم، وحكم كسر همزتها في هذه الحالة الوجوب.
1 "19" سورة مريم، الآية:30.
موطن الشاهد: {قَالَ إِنِّيْ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" مكسورة الهمزة؛ لِوقوعها محكية بالقول، وحكم مجيئها مكسورة في هذه الحال الوجوب.
2 سواء قرنت بالواو، كما مثل المصنف، أم لم تقترن، نحو قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام} . ويجب أن تكون في بدء الحال وإلا فتحت، نحو: خطب محمد وعندي أنه أجاد، وقد يتساءل متسائل: لم كسرت همزة "إن" الواقعة موقع الحال، ومعلوم أن الأصل في الحال أن يكون مفردا، وعليه فينبغي أن تكون "إن" مفتوحة؟ فالجواب: أن المصدر المنسبك من "أن ومعموليها" هو مصدر خبرها المشتق مضافا إلى اسمها، وعلى هذا، لا يكون هذا المصدر إلا معرفة بالإضافة إلى المعرفة، ومن المقرر أن الحال لا يكون إلا نكرة، فلهذا، عدل إلى جعل الحال جملة في هذا الموضع، والحال، والحال كما يكون مفردا، يكون جملة. التصريح: 1/ 215- 216 وحاشية الصبان: 1/ 235 وابن عقيل: 1/ 274.
3 "8" سورة الأنفال، الآية: 5
موطن الشاهد: {وَإِنَّ فَرِيقًا} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" مكسورة الهمزة؛ لأنها وقعت حالا مقرونة بالواو وجملة "إن فريقا..... لكارهون": في محل نصب على الحال، والواو السابقة لها واو الحال كما هو معلوم؟ وحكم كسر الهمزة هنا الوجوب.
4 "63" سورة المنافقون، الآية:1.
موطن الشاهد: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} .
10 أو خبرا عن اسم ذات1 نحو: "زيد إنه فاضل" ومنه: {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُم} 2.
[يتعين فتح همزة "أن" في تسعة مواضع] :
والثاني في تسعة، وهي:
1-
أن تقع فاعلة، نحو:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} 3.
2-
أو مفعولة غير محكية، نحو:{وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم} 4.
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" في الموضعين مكسورة الهمزة؛ لأن الفعل القلبي "يعلم" علق عن العمل وكذا يشهد الذي بمعنى "يعلم"، فكلاهما علق عن العمل باللام الابتدائية؛ لأنها لو فتحت سلط العامل عليها، ولام الابتداء لها صدر الكلام، وما له صدر الكلام يمنع ما قبله من أن يعمل فيما بعده، وهذه اللام وإن كانت متأخرة في اللفظ فرتبتها التقديم على "إن"، وإنما تأخرت؛ لِئلا يدخل حرف توكيد على مثله. شرح التصريح: 1/ 216.
1 إنما وجب هنا الكسر مع أن الخبر كما يكون جملة يكون مفردا؛ لأن المصدر، لا يقع خبرا عن اسم الذات إلا بتأويل من أحد ثلاثة تأويلات سبق ذكرها ولما كان ما لا يحوج إلى التأويل أولى، التزموا في هذا الموضع جعل الخبر جملة.
2 "22" سورة الحج، الآية:27.
موطن الشاهد: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ....... إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" الثانية ومعموليها في محل رفع خبر {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} ، وما عطف عليه، وهي أسماء ذوات، ولما جاءت "إن" الثانية ومعمولاها خبرا لاسم الذات، وجب كسر همزتها.
3 "29" سورة العنكبوت، الآية:51.
موطن الشاهد: {يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مفتوحة الهمزة؛ لأنها تؤول مع ما بعدها بمصدر، يقع في محل رفع فاعل؛ لِفعل "يكف" المجزوم بـ "لم"، والتقدير: أو لم يكفهم إنزالنا؟ وحكم الفتح هنا الوجوب.
4 "6" سورة الأنعام، الآية:81.
موطن الشاهد: {لَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ} .
وجه الاستشهاد: وقوع "أن" مفتوحة الهمزة؛ لأنها مؤولة مع معموليها بمصدر، يقع في محل نصب مفعول به غير محكي، وحكم فتح همزتها هنا الوجوب، والتقدير: ألا تخافون إشراككم؟.
3-
أو نائبة عن الفاعل، نحو:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ} 1.
4-
أو مبتدأ، نحو:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} 2، {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} 3.
5-
أو خبرا عن اسم معنى غير قولٍ ولا صادقٍ عليه خبرها، نحو:"اعتقادي أنه فاضل"، بخلاف:"قولي إنه فاضل"، و"اعتقاد زيد إنه حق".
6-
أو مجرورة بالحرف، نحو:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَق} 4.
1 "72" سورة الجن، الآية: 1
موطن الشاهد: {أُوحِيَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ} .
وجه الاستشهاد: وقوع "أن" مفتوحة الهمزة؛ لأنها مؤولة مع ما بعدها بمصدر واقع في محل رفع نائب فاعل؛ لِفعل "أوحي" المبني للمجهول، والتقدير: أوحي إلى استماع نفر.....، وحكم الفتح هنا الوجوب.
2 "41" سورة فصلت، الآية:39.
موطن الشاهد: {مِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى} .
وجه الاستشهاد: وقوع "أن" مفتوحة الهمزة، تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل رفع مبتدأ، والتقدير: ومن أياته رؤيتك الأرض، على مذهب الخليل، وعند سيبويه: فاعل بالجار والمجرور قبله. شرح التصريح/ 216.
3 "37" سورة الصافات، الآية:144.
موطن الشاهد: {فَلَولَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} .
وجه الاستشهاد: وقوع "أن" مفتوحة الهمزة بعد "لولا" لأنها تؤول مع ما دخلت عليه بمصدر، يقع في محل رفع مبتدأ محتاج إلى الخبر المحذوف، والتقدير:"لولا كونه من المسبحين موجودة"، وهذا على رأي سيبويه.
4 "22" سورة الحج، الآية:62.
وقيل: لا يحتاج إلى الخبر؛ لِاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه، وذهب المبرد والزجاج الكوفيون إلى أنها فاعل بفعل محذوف. شرح التصريح: 1/ 217.
موطن الشاهد: {بِأَنَّ اللَّهَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مفتوحة الهمزة؛ لِكونها مؤولة وما دخلت عليه بمصدر مجرور بحرف الجر، ومعلوم أن المجرور بالحرف، لا يكون إلا مفردا، ولذا، وجب فتحها؛ لِتؤول وما بعدها بالمفرد.
7-
أو مجرورة بالإضافة نحو: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 1،
8-
أو معطوفة على شيء من ذلك، نحو:{اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُم وَأَنِّي فَضَّلْتُكُم} 2.
9-
أو مبدلة من شيء من ذلك، نحو:{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُم} 3.
[جواز فتح همزة إن وكسرها في تسعة مواضع] :
والثالث في تسعة:
1-
أحدها: أن تقع بعد فاء الجزاء، نحو:{مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 4 فالكسر على معنى فهو غفور رحيم،
1 "51" سورة الذاريات، الآية:23.
موطن الشاهد: {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مفتوحة الهمزة؛ لأنها مؤولة وما دخلت عليه بمصدر واقع في محل جر بالإضافة إلى مثل و"ما" صلة، والتقدير: مثل نطقكم؛ لأن المجرور بالمضاف حقه الإفراد، إذا لم يكن المضاف ظرفا يقتضي الجملة، فإن كان كذلك كسرت، كما تقدم في "حيث وإذ".
2 "2" سورة البقرة، الآية:47.
موطن الشاهد: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ..... وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} .
وجه الاستشهاد: وقوع "أن" مفتوحة الهمزة؛ لأنها مؤولة مع معموليها بمصدر معطوف على "نعمتي" والتقدير: اذكروا نعمتى
…
وتفضيلي، وحكم الفتح هنا الوجوب.
3 "8" سورة الأنفال، الآية:7.
موطن الشاهد: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا} .
وجه الاستشهاد: وقوع "أن" مفتوحة الهمزة لأنها مؤولة مع معموليها بمصدر واقع بدل اشتمال، من "إحدى" والتقدير: إحدى الطائفتين كونها لكم.
4 "6" سورة الأنعام، الآية:54.
أوجه القراءات: قرأ عاصم وابن عامر "فأنه" بفتح الهمزة، وكذا في "أنه" الأولى {أَنَّهُ =
والفتح على معنى: فالغفران والرحمة: أي حاصلان، أو فالحاصل الغفران والرحمة1.
كما قال الله تعالى: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ} 2، أي فهو يؤوس.
2-
الثاني: أن تقعد بعد "إذا" الفجائية3، كقوله 4:[الطويل]
= مَنْ عَمِلَ
…
} وقرأ نافع: "أنَّه من عمل" بفتح الهمزة، و"إنه غفور رحيم" بكسر الهمزة في الثانية. وقرأ الباقون:"إنه من عمل.... فإنه...." بكسر الهمزة في الموضعين.
توجيه القراءات: من فتح الهمزة في الموضعين، فقد جعل "أن" وما دخلت عليه بدلا من الرحمة، ويمكن أن تكون "أن" الثانية توكيدا للأولى، وقيل غير ذلك، ومن كسر الثانية، جعل "إن" وما دخلت عليه جواب الشرط، وقال الزجاج: من فتح الأولى وكسر الثانية، فالمعنى راجع إلى المصدر، وكأنك لم تذكر "إن" الثانية، وعلى هذا، فالمعنى: كتب ربكم على نفسه الرحمة، أنه غفور رحيم، ومن كسر في الموضعين، فعلى مذهب الحكاية، فكأنه، لما قال:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىْ نَفْسِهِ الْرَحْمِةَ} . قال: إن من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم.
انظر حجة القراءات: 252-253، وإتحاف فضلاء البشر: 208، وإعراب القرآن، للنحاس: 1/ 550، والبحر المحيط: 4/ 141، والنشر لابن الجزري: 2/ 258، وتفسير القرطبي: 6/ 436.
موطن الشاهد: {.... فإنَّهُ غَفُوْرٌ رَحِيْم}
وجه الاستشهاد: قرئت الآية بفتح همزة "أن وكسرها؟ والوجهان جائزان.
1 أي: على اعتبار "إن" مع معموليها جملة مستقلة بعد فاء الجزاء في محل جزم جواب الشرط، وهذا أفضل لعدم احتياجه إلى تقدير شيء.
2 "41" سورة فصلت، الآية:49.
موطن الشاهد: {إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ} .
وجه الاستشهاد: مجيء الجملة الاسمية بعد فاء الجزاء محذوفة المبتدأ؛ لأن التقدير: إن مسه الشر فهو يؤوس، كما في المتن، وحذف المبتدأ في هذه الحال أولى من حذف الخبر شرح التصريح: 1/ 218.
3 أي الدالة على المفاجأة وهي المباغتة؛ لأن ما بعدها يحدث بعد وجود ما قبلها بغتة وفجأة.
4 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
134-
إذا أنه عبد القفا واللهازم1
1 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره، قوله:
وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا
وهو من شواهد التصريح: 1/ 218، وابن عقيل:"97/ 1/ 356"، والأشموني:"262/ 1/ 138" وهمع الهوامع: 1/ 138، والدرر اللوامع: 1/ 115، وأمالي ابن الشجري: 1/ 164، وشذور الذهب:"98/ 275".
المفردات الغريبة: العبد: خلاف الحر، والمراد هنا لازم العبودية من الذل والخسة، القفا: مؤخر العنق، وجمعه على التذكير أقفية، وعلى التأنيث أقفاء، وقد جمع على قفي، اللهازم: جمع لهزمة وهي عظم ناتيء في اللحى تحت الأذن.
المعنى: كنت أظن زيدا سيدا محترما كقول الناس فيه، فتبين أنه عبد ذليل حقير، يصفع على قفاه، ويلكز على لهازمه كالبعيد.
الإعراب: كنت: فعل ماضٍ ناقص، والتاء: اسمه، أُرَى:"بزنة المبني للمجهول" بمعنى "أظن" فعل مضارع مرفع، والفاعل: أنا. زيدا مفعول به أول. كما الكاف جارة "ما" مصدرية. قيل: فعل ماضٍ مبني للمجهول، والمصدر المؤول من "ما وما بعدها" في محل جر بالكاف، والتقدير:"كقول الناس، والجار والمجرور": متعلق بمحذوف صفة، لمصدر محذوف واقع مفعولا مطلقا، والتقدير: كنت أظن ظنا موافقا قول الناس. سيدا: مفعول به ثانٍ لـ "أرى" وجملة أرى ومفعوليها": في محل نصب خبر "كان" إذا فجائية أنه: حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. عبد: خبره، وهو مضاف القفا: مضاف إليه. واللهازم: معطوف على "القفا" مجرور مثله.
موطن الشاهد: "إذا أنه".
وجه الاستشهاد: جواز فتح وكسر همزة "إن" بعد إذا الفجائية، فالفتح على تقديرها مع معموليها بالمفرد، والكسر على تقديرها جملة، وهي في ابتدائها. وقيل: إن "إذا" ظرف مكان أو زمان في محل رفع خبر مقدم، و"أن" ومعمولاها في تأويل مصدر واقع في محل رفع مبتدأ مؤخر، والتقدير: ففي الحضرة، أو في الوقت الحاضر عبوديته، وقال الأعلم:"الشاهد فيه أي في البيت السابق جواز فتح "إن" وكسرها، فالكسر على نية وقوع المبتدأ والخبر بعد "إذا"، والتقدير: إذا هو عبد القفا، والفتح على تقدير المصدر مبتدأ والإخبار عنه بـ "إذا"، والتقدير: فإذا العبودية، وإن شئت قدرت الخبر محذوفا، على تقدير: فإذا العبودية شأنه".
انظر حاشية الصبان: 1/ 276، وشرح التصريح: 1/ 218".
فالكسر على معنى فإذا هو عبد القفا، والفتح على معنى العبودية، أي: حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا العبودية، أي: حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا الأسد.
الثالث: أن تقع في موضع التعليل، نحو:{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} 1، قرأ نافع والكسائي2 بالفتح على تقدير لام العلة، والباقون بالكسر على أنه تعليل3 مستأنف، ومثله {صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} 4، ومثله:"لبيك، إن الحمد والنعمة لك"5.
1 "52" سورة الطور، الآية:28.
أوجه القراءات: قرأ نافع والكسائي "أنه" بفتح الهمزة، وقرأ الباقون "إنه" بكسر الهمزة.
توجيه القراءات: من قرأ بالفتح، فالمعني: ندعوه لأنه هو البر الرحيم، أي لرحمته، يجيب من دعاة، قال أبو عبيدة:"من نصب، أراد: ندعوه بأنه، أو لأنه هو البر"، فيصير المعنى: إنه يدعى من أجل هذا، ومن قرأ بالكسر، فعلى قطع الكلام مما قبله، واختار أبو عبيدة الكسر، وقال: إن ربنا كذلك على كل حال حجة القراءات: 683- 684، والإتحاف: 401 وإعراب القرآن للنحاس: 3/ 254، والبحر المحيط: 8/ 150.
2 مرت ترجمته وترجمة نافع.
3 المراد أنك إذا فتحت همزة أن الواقعة في موقع العلة، كان المصدر المنسبك منها ومن معموليها مجرورا بحرف جر محذوف دال على التعليل، وأنت تعلم أن المجرور بحرف الجر، لا يكون إلا مفردا لكونه برا رحيما، وإذاكسرت الهمزة، كانت جملة جيء بها لتعليل ما قبلها، وأنت تعلم أن التعليل يكون بالمصدر كما في المفعول لأجله، ويكون كذلك بالجمل، فلا عجب أن يجوز الوجهان.
التصريح: 1/ 218. وحاشية الصبان: 1/ 277.
4 "9" سورة التوبة، الآية:103.
موطن الشاهد: {صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن مكسورة الهمزة، على أن الكلام تعليل مستأنف، والتعليل يكون بالمصدر، كما في المفعول لأجله، ويكون بالجمل؛ ولذا جاز الوجهان، كما في الآية السابقة.
5 يروى بكسر "إن" وفتحها، فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه مستأنف، قيل: وهو أرجح؛ لأن الكلام يصير حينئذ جملتين لا جملة واحدة، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب. وقد علل النووي "رض" وكثير من الحنفية كون الكسر أجود، بأن من كسر "إن" قال: الحمد والنعمة لك على كل حال، ومن فتحها، قال لبيك بهذا السبب.
التصريح: 1/ 218، 219.
4-
الرابع: أن تقع بعد فعل قسم ولا لام بعدها، كقوله:[الرجز] 1
135-
أو تحلفي بربك العليِّ
…
أنى أبو ذَيَّالِكَ الصَّبِيِّ7
1 القائل: هو رؤبة بن العجاج، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا بيت من الرجز، وقبله قوله:
لتقعدنَّ مقعد القصيِّ
…
منِّىَ ذِي القاذورة المقْلِيِّ
وهو من شواهد التصريح: 1/ 219، وابن عقيل:"98/ 1/ 358"، والأشموني:"263/ 1/ 138" والعيني: 2/ 232، 4 / 535، وديوان رؤبة:188.
وقال ابن بري في شأنهما: "هما لأعرابي، قدم من سفر فوجد امرأته قد وضعت ولدا فأنكره".
المفردات الغريبة: القصي: البعيد النائي. القاذورة: القذر والوسخ، ويطلق على الفاحشة، والمراد بذي القاذورة: الذي لا يصاحب لسوء خلقه. المقلي: المبغض المكروه، من قلاة يقليه أبغضه ذيالك تصغير ذلك على غير قياس؛ لأن المبني لا يصغر.
المعنى: يقسم الراجز على زوجه قائلا: والله لتجلسن أيتها المرأة بعيدة مني في المكان الذي يجلس فيه الشخص المطرود المبغض الذي يتحاشاه الناس لقذره ودنيء أخلاقه، إلى أن تحلفي بربك المنزه عن كل نقص أني أبو هذا المولود؛ لأنه شك في أن يكون ابنه.
الإعراب: لتقعدن: اللام واقعة في جواب قسم مقدر. تقعدن: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال، وياء المخاطبة المحذوفة لالتقاء الساكنين في محل رفع فاعل، والنون: للتوكيد، وأصله: تقعدينن، فحذفت نون الرفع لاجتماع ثلاث نونات، فالتقى ساكنان، فحذفت ياء المخاطبة للتخلص من التقاء الساكنين، وحكمها كالثابتة؛ لِدلالة الكسرة عليها. مقعد: مفعول مطلق، وأعربه بعضهم مفعولا فيه، والأول أفضل؛ لأنه يفيد التوكيد، وهو مضاف. القصي: مضاف إليه. "مبني" متعلق بـ "تقعدن"، أو بـ "القصي"، أو بمحذوف حال، والأول أفضل. ذي: صفة لـ "القصي" وهو مضاف. القاذورة: مضاف إليه. المقلي: صفة ثانية لـ "القصي". أو حرف عطف. تحلفي: فعل مضارع منصوب بـ "أن" المضمرة بعد "أو" وعلامة نصبه حذف النون، والياء: فاعل. "بربك"، متعلق بـ "تحلفي" والكاف: مضاف إليه. العلي: صفة لـ "رب" أني: حرف مشبه، والياء: اسمه، أبو: خبر =
فالكسر على الجواب، والبصريون يوجبونه، والفتح بتقدير على1، ولو أضمر الفعل أو ذكرت اللام تعين الكسر إجماعا، نحو:"والله إن زيدا قائم" و"حلفت إن زيدا لقائم"2.
5-
الخامس: أن تقع خبرا عن قول3 ومخبرا عنها بقول والقائل واحد، نحو:"قولي إني أحمد الله"4، ولو انتفى القول فتحت، نحو:"علمى أنى أحمد الله"،
= مرفوع، وهو مضاف. "ذيالك": ذيا مضاف إليه، واللام للبعد، والكاف للخطاب الصبي: بدل من اسم الإشارة مجرور مثله.
موطن الشاهد: "أني".
وجه الاستشهاد: رويت "أن" بكسر الهمزة وفتحها، والوجهان جائزان، فمن كسرها عد "إن" وما دخلت عليه جملة جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، ومن فتح همزتها، جعلها مع معموليها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف متعلق بـ "تحلفي"، وقد سدت مسد الجواب، والتقدير: أو تحلفي على أبوتي لهذا الصبي، ولا يجوز أن تكون جوابا للقسم؛ لأن جواب القسم، لا يكون إلا جملة.
انظر شرح التصريح: 1/ 219.
1 اعلم أن كسر همزة "إن" يكون على اعتبار، والفتح يكون على اعتبار آخر، وليس من الممكن أن يكون الفتح والكسر على اعتبار واحد، وكل موضع، جاز فيه اعتباران، أحدهما يقتضي وقوع المصدر، والآخر يقتضي وقوع الجملة، ففي هذا الموضع، يجوز الفتح والكسر، وكل موضع لا يجوز فيه إلا اعتبار واحد، فإن كان هذا الاعتبار يقتضي وقوع المصدر، لم يجز إلا الفتح، وإن كان هذا الاعتبار يقتضي وقوع الجملة، لم يجز إلا الكسر.
2 أي: فعل القسم، ولم يظهر، سواء ذكرت اللام، نحو:{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} ، أم لم تذكر، نحو:{حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} .
وهنا، يتعين كسر همزة "إن" وأما إذا ذكر فعل القسم، ولم تقترن اللام بخبر "إن" كما في بيت الشاهد، فيجوز في هذه الحالة الوجهان، كسر همزة "إن" وفتحها، وأما إن حذف فعل القسم، ولو تقترن اللام بخبر "إن"، نحو: والله إنك عالم، ففي هذه الحالة خلاف، فالكوفيون، يجوزون الوجهين، والبصريون، لا يجوزون الفتح، ويوجبون الكسر، والصواب: ما ذهب إليه البصريون، قال السيوطي:"وما نقل عن الكوفيين من جواز الفتح فيها غلط؛ لأنه لم يسمع". همع الهوامع: 1/ 138.
3 أي ما هو في معنى القول مثل: كلام وحديث ونطق...... إلخ.
4 و"قولي" مساوٍ في مدلوله لخبر أن، وهو "أحمد الله" وخبر إن مساويه كذلك في المدلول، والقائل واحد، وهو المتكلم، فالفتح: على جعل المصدر المؤول من "أن ومعموليها" خبر المبتدأ، أي: قولي حمدا لله، ويكون القول باقيا على مصدريته، والكسر: على جعل "إن ومعموليها" جملة محكية في محل رفع خبر المبتدأ، ويكون القول بمعنى المقول أي مقولي هذا اللفظ، ولا تحتاج إلى رابط؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى: انظر حاشية الصبان: 1/ 277، وابن عقيل:"دار الفكر": 1/ 280.
ولو انتفى القول الثاني أو اختلف القائل كسرت، نحو:"قولي إني مؤمن" و"قولي إن زيدا يحمد الله".
6-
السادس: أن تقع بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه، نحو:{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} 1، قرأ نافع وأبو بكر2 بالكسر: إما على الاستئناف، أو بالعطف على جملة إن الأولى، والباقون بالفتح بالعطف على {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ} .
7-
السابع: أن تقع بعد حتى، ويختص الكسر بالابتدائية، نحو:"مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه"، والفتح بالجارة والعاطفة، نحو:"عرفت أمورك حتى أنك فاضل".
8-
الثامن: أن تقع بعد "أما" نحو: "أما إنك فاضل"، فالكسر على أنها حرف استفتاح بمنزلة ألا، والفتح على أنها بمعنى أحقا.
1 "20" سورة طه، الآيتان: 118-119.
أوجه القراءات: قرأ بكسر "وإنك لا تظمأ
…
" نافع وأبو بكر بن عاصم، وقرأ الباقون بفتح:{وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ} .
توجيه القراءات: قراءة الكسر على الاستئناف، أو بالعطف على جملة "إن" الأولى، وقراءة الفتح بالعطف على "ألا"، والتقدير: إن لك عدم الجوع وعدم العطش. التسيير: 153، والنشر: 2/ 209، والبيان: 2/ 154، والعكبري: 2/ 70، والقرطبي: 11/ 254.
2 أبو بكر: هو شعبة بن عياش بن سالم الأسدي، الكوفي، ولد سنة 95هـ، قرأ على عاصم وعلى ابن السائب، وقرأ عليه الكسائي وغيره، وكان إماما كبيرا من أئمة اللغة، قيل: إنه ختم القرآن ثماني عشرة ألف ختمة. مات سنة 193هـ. في الشهر الذي مات فيه هارون الرشيد. معرفة القراء للذهبي: 1/ 134، طبقات ابن سعد: 6/ 269، غاية النهاية: 1/ 325، طبقات الحفاظ:113.
9-
التاسع: أن تقع بعد "لا جرم" والغالب الفتح، نحو:{لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} 1، فالفتح عند سيبويه على أن "جرم" فعل ماضٍ، و"أن" وصلتها فاعل: أي: وجب أن الله يعلم، و"لا" صلة، وعند الفراء على أن "لا جرم" بمنزلة لا رجل، ومعناهما لا بد، ومن بعدهما مقدرة، والكسر على ما حكاه الفراء من أن بعضهم ينزلها منزلة اليمين فيقول:"لا جرم لآتينك"2.
[دخول لام الابتداء بعد إن المكسورة على أربعة أشياء] :
وتدخل لام الابتداء3 بعد "إن" المسكورة على أربعة أشياء:
أحدها: الخبر، وذلك بثلاثة شروط4: كونه مؤخرا ومثبتا، وغير ماضٍ،
1 "16" سورة النحل، الآية:23.
موطن الشاهد: {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" بعد "لا جرم" يُجوِّز فيها الوجهين، فالفتح على تقدير "جرم" فعل ماضٍ كما في المتن والمصدر المؤول من "أن وما بعدها": فاعل، و"لا" صلة زائدة، ورده الفراء، بأن "لا" لا تزاد في أول الكلام، والكسر على ما حكاه الفراء من أن بعضهم ينزلها منزلة اليمين فيقول: لا جرم لقد أحسنت، ولا جرم إنك ذاهب. شرح التصريح: 1/ 221.
2 الدليل على أنها منزلة منزلة اليمين وجود اللام في المثال، ويقال في إعرابها: لا: نافية للجنس. جرم: اسمها ومعناها القسم، وجملة لآتينك: جواب القسم وقد أغنت عن الخبر.
3 سميت كذلك؛ لأنها تدخل على المبتدأ كثيرا، وتدخل على غيره كخبر "إن" المكسورة. وهذه اللام مفتوحة، وفائدتها: توكيد مضمون الجملة المثبتة، وإزالة الشك عن معناها أو إنكارها، وتسمى "اللام المزحلقة" أو "اللام المزحلفة"، فبنو تميم يقولون زحلوقة بالقاف، وأهل العالية، يقولون: زحلوفة بالفاء، ويقول النحاة في سبب تسميتها بذلك: إن مكانها الأصلي للصدارة في الجملة الاسمية، لكن لما كانت للتوكيد و"إن" تفيد التوكيد كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد، فقدمت "إن" لأنها عاملة، وزحلقت اللام إلى الخبر.
التصريح: 1/ 222- 223، وحاشية الصبان: 1/ 279.
4 يزاد على هذه الشروط: ألا يكون الخبر جملة شرطية، فلا يقال: إن محمدا لئن تكون يجلك؛ لأن هذه اللام، لا تدخل على أداة الشرط، ولا على فعله أو جوابه وما اجتمعت فيه الشروط قد يكون مفردا، أو مضارعا، أو ظرفا، أو جارا ومجرورا، أو جملة اسمية.
التصريح: 1/ 223. حاشية الصبان: 1/ 279.
نحو: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} 1، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَم} 2، {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُق} 3، {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيت} 4، بخلاف، {إِنَّ لَدَيْنَا.......
1 "14" سورة إبراهيم، الآية:39.
موطن الشاهد: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعٌ} .
وجه الاستشهاد: دخول اللام المزحلقة على خبر "إن" المكسورة سميع؛ لِتوفر الشروط، وهي: تأخره، وكونه مثبتا، وغير ماضٍ، وحكم دخولها في هذه الحال الجواز.
2 "27" سورة النمل، الآية:74.
موطن الشاهد: {إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ} .
وجه الاستشهاد: دخول اللام المزحلقة على الجملة الواقعة خبرا لـ "إن" المكسورة؛ لِتوفر الشروط، وهي: تأخُّر الخبر، وكونه مثبتا، وغير ماضٍ، وحكم دخولها في هذه الحال الجواز.
3 "68" سورة القلم: الآية: 4.
وجه الاستشهاد: دخول "اللام المزحلقة على الجار والمجرور شريطة ألا يقدر متعلقه عند البصريين لأنه إن قدر استقر، لم تدخل عليه اللام؛ لأنها لا تدخل على معمول الفعل الماضي، خلافا للأخفش، وحكم الدخول الجواز، كما في الآيتين السابقتين.
4 "15" سورة الحجر، الآية:23.
موطن الشاهد: {إِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} .
وجه الاستشهاد: دخول "اللام المزحلقة" على الخبر الواقع جملة اسمية؛ لأن "نحن" في الآية الكريمة في محل مبتدأ، وليس ضمير فصل خلافا للجرجاني وحكم دخول "اللام" على الجملة الاسمية الجواز مع العلة.
فائدة: تدخل اللام المزحلقة على خمسة أنواع هي:
أولا: أن يكون الخبر اسما مفردا مؤخرا، نحو: إن المؤمن لكثير الحياء.
ثانيا: أن يكون الخبر جملة فعلية فعلها مضارع، نحو: إن المؤمن ليكثر من الدعاء.
ثالثا: أن يكون الخبر جارا ومجرورا، نحو: إن التقي لعلى سواء السبيل.
رابعا: أن يكون الخبر ظرفا، نحو: إن الكتاب لفوق الطاولة، ومعلوم أنه في هذه =
أَنْكَالًا} 1، ونحو:{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} 2، وشذ قوله3:[الوافر]
136-
وأعلَمُ إنَّ تسليما وتركا
…
لَلَا مُتَشابهان ولا سواء4
= الحالة والتي قبلها، لا يجوز أن نقدر المتعلق "استقر" لأنه فعل ماضٍ، ومعمول الفعل الماضي لا يجوز دخول اللام عليه كما أسلفنا.
خامسا: أن يكون الخبر جملة اسمية، نحو: إنا لنحن المسلمينخير أمة، ويجوز في هذه الحالة إدخال اللام على مبتدأ الجملة الاسمية "نحن" أو على الخبر "خير"، فتصبح: إنا نحن المسلمين لخير أمة، وقد أنكر الرضي دخول اللام على الخبر، وأجازه ابن مالك وأما سبب دخول اللام على الخبر المفرد؛ لأنه أشبه المبتدأ، ودخولها على الفعل المضارع؛ لأنه أشبه الاسم، ودخولها على الظرف والجار والمجرور؛ لأنهما في حكم الاسم، ولذا أوجبوا جعلهما الخبر، أو يعلقا باسم، ودخولها على الجملة الاسمية؛ لأنها مبتدأ وخبر.
انظر شرح التصريح: 1/ 222.
1 "73" سورة المزمل، الآية:12.
موطن الشاهد: {إِنَّ لَدَينَا أَنْكَالًا} .
وجه الاستشهاد: تقدم الخبر على اسم "إن" فامتنع دخول اللام المزحلقة على الخبر.
2 "10" سورة يونس، الآية:44.
موطن الشاهد: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء خبر "إن" مضارعا منفيا، ولذا فلا يجوز اقترانه باللام المزحلقة؛ لانتفاء شرط "الإثبات".
3 القائل هو: أبو حزام، غالب بن الحارث العكلي، ولم أعثر له على ترجمة وافية.
4 البيت من شواهد: التصريح: 1/ 222، وابن عقيل:"102/ 1/ 368"، والأشموني:"270/ 1/ 141"، وهمع الهوامع: 1/ 140ن والدرر اللوامع: 1/ 116، وخزانة الأدب: 4/ 331، والعيني: 2/ 244.
المفردات الغريبة: تسليما: أي على الناس أو للأمور تركا: كذلك. متشابهان: متقاربان. سواء: متساويان.
المعنى: أعلم وأعتقد أن التسليم على الناس وتركه، أو تسليم الأمور لذويها وتركه ليسا متساويين، ولا قريبيين من السواء. وكان ينبغي أن يقول: للا سواء ولا لضرورة الشعر.
الإعراب: أعلم: فعل مضارع، والفاعل: أنا. إن: حرف مشبه بالفعل. تسليما: اسمه. وتركا: معطوف على "تسليما". "للا متشابهان": اللام لام المزحلقة، أو زائدة =
وبخلاف، نحو:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} 1، وأجاز الأخفش والفراء، وتبعهما ابن مالك، "إن زيدا لنعم الرجل"، و"لعسى أن يقوم" لأن الفعل الجامد كالاسم2، وأجاز الجمهور "إن زيدا لقد قام" لشبه الماضي المقرون بقد بالمضارع لقرب زمانه من الحال، وليس جواز ذلك مخصوصا بتقدير اللام للقسم لا للابتداء، خلافا3 لصاحب الترشيح4، وأما نحو:"إن زيدا لقام"، ففي
و"لا نافية" متشابهان: خبر "إن" مرفوع. ولا الواو عاطفة، لا: نافية. سواء: معطوف على خبر "إن".
موطن الشاهد: "للا متشابهان".
وجه الاستشهاد: دخول اللام المزحلقة في خبر "إن" المنفي "لا متشابهان"، وحكم دخول اللام في هذه الحالة شاذ، وذهب ابن عصفور والفراء من قبله إلى أن الهمزة مفتوحة، واللام زائدة، وليست للابتداء.
فائدة: إذا عُدَّت "إن" مكسورة الهمزة على رأي ابن هشام وما عليه أكثر النحويين في الشاهد السابق، كان في البيت شذوذ واحد، وهو دخول اللام على خبر "إن" المنفي، وأما على رأي ابن عصفور، فإن عدت اللام مزحلقة، كان في البيت شذوذان: أحدهما: دخول اللام على خبر "أن" المفتوحة، وثانيهما: دخولها على الخبر المنفي، وتخلُّصا من هذا الشذوذ أو ذاك ذهب بعضهم إلى عدِّ اللام في هذا الشاهد زائدة، كما زيدت في مواضع كثيرة. وانظر حاشية الصبان: 1/ 281، وشرح التصريح: 1/ 222.
1 "3" سورة آل عمران، الآية:33.
موطن الشاهد: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} .
وجه الاستشهاد: جاء خبر "إن" فعلا ماضٍيا، فامتنع دخول اللام المزحلقة عليه؛ لأنها لا تقترن بالخبر الدالِّ على الماضي.
2 المراد بـ "نعم"، كل فعل لا دلالة له على حدث، ولا زمان معين تقتضيه الصيغة، والمراد بـ "عسى": كل فعل دل على زمان، ولكنه نقل إلى الإنشاء، وقد وافق الشاطبي على دخول اللام على "نعم" و"بئس"، ولم يوافق على دخولها على عسى. شرح التصريح: 1/ 222، وحاشية الصبان: 1/ 281.
3 حيث ذهب إلى منع دخول لام الابتداء على الماضي المقترن بقد، وإذا ورد دخولها عليه قدرت لام جواب لقسم محذوف، والتقدير في المثال: إن زيدا والله لقد قام.
4 وصاحب الترشيح: هو أبو بكر خطاب بن يوسف الماوردي "المروزي" القرطبي البطليوسي، أحد كبار النحاة ومحققيهم، والمتقدمين في علوم اللسان عامة، تصدر لإقراء العربية طويلا، وصنف فيها، واختصر "الزاهر" لابن الأنباري، بالإضافة لكتابه المشهور: الترشيح، له نظم فيما يذكَّر ويؤنَّث، وينقل عنه أبو حيان، وابن هاشم كثيرا توفي سنة 450هـ.
البلغة: 77، بغية الوعاة: 1/ 553، معجم المؤلفين: 4/ 103.
الغرة1 أن البصري والكوفي على منعها إن قدرت للابتداء2، والذي نحفظه أن الأخفش وهشامًا3 أجازاها على إضمار قد.
الثاني: معمول الخبر، وذلك بثلاثة شروط أيضا4: تقدمه على الخبر، وكونه غير حال5، وكون الخبر صالحا للام، نحو:"إن زيدا لعمرا ضارب"، بخلاف:
1 الغرة: هو كتاب شرح اللمع لابن جني، ومؤلفه: سعيد بن المبارك، المعروف بابن الدهان، وهو أحد أفاضل النحاة، أخذ عن الرماني، وأخذ عنه التبريزي، وروى عنه السمعاني، له مؤلفات كثيرة منها: شرح الإيضاح، وشرح اللمع، وكتاب الدروس وكتاب الرياضة وغيرها.
البلغة: 85، بغية الوعاة: 1/ 587، الأعلام: 3/ 153، وفيات الأعيان: 1/ 209.
2 لأن الفعل ماضٍ غير جامد، وغير مقرون بقد، فيمتنع دخول لام الابتداء عليه، فإن قدرت اللام للقسم جاز، ويكون التقدير: إن زيدا والله لقام.
3 هو أبو عبد الله، هشام بن معاوية الضرير، النحوي الكوفي، أحد أصحاب الكسائي، له مصنفات منها: مختصر النحو، وحدود الحروف، والقياس، والعوامل، والأفعال واختلاف معانيها، مات سنة 209هـ.
البلغة: 279، إنباه الرواة: 3/ 364، بغية الوعاة: 2/ 328، ومعجم الأدباء: 19/ 292.
4 يزاد عليها: ألا يكون الخبر مشتملا عليها، فلا يجوز: إن محمدا المذلة ليأبى على الصحيح.
5 أي: وغير تمييز أيضا، فلا يصح أن تقول: إن محمدا لعرقا يتصبب.
إذا كان الخبر صالحا لدخول اللام عليه، وله معمول مستوفٍ الشرط، جاز دخول اللام على معمول الخبر، كما مثل المصنف، وجاز دخولها على الخبر، في نحو:{إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} ، وقد تدخل عليهما معا، حكى الكسائي والفراء من كلام العرب:"إني لبحمد الله لصالح" وذلك قليل، وأجازه المبرد، ومنعه الزجاج، وهو الصحيح، كما امتنع دخولها على الخبر، إذا دخلت على الاسم المتأخر أو على ضمير الفصل.
التصريح: 1/ 223، حاشية الصبان: 1/ 282.
"إن زيدا جالس في الدار" و"إن زيدا راكبا منطلق" و"إن زيدا عمرا ضرب" خلافا للأخفش في هذه.
الثالث: الاسم، بشرط واحد، وهو أن يتأخر عن الخبر، نحو:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَة} 1، أو عن معموله: نحو: "أن في الدار لزيدا جالس".
الرابع: الفصل2، وذلك بلا شرط، نحو:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَق} 3، إذا لم يعرب "هو مبتدأ".
[دخول ما الزائدة على هذه الأحرف] :
وتتصل "ما" الزائدة بهذه الأحرف إلا "عسى" و"لا"، فتكفها عن العمل، وتهيئها للدخول على الجمل، نحو: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ
1 "79" النازعات، الآية:26.
موطن الشاهد: "إن في ذلك لعبرة".
وجه الاستشهاد: دخول "لام الابتداء" على اسم "إن" لتأخره عن الخبر، وحكم دخول "اللام" في هذه الحالة الجواز؛ لِتوفر الشرط.
2 وهو المسمى عند الكوفيين عمادا؛ لأنه يعتمد عليه في تأدية المعنى، وضمير فصل عند البصريين؛ لأنه يفصل به بين الخبر والنعت، وإنما دخله اللام؛ لأنه مقوٍّ للخبر؛ لرفعه توهم السامع كون الخبر تابعا له، فنزل منزلة الجزء الأول من الخبر، وقال ابن عصفور: لأنه اسم أن في المعنى، وقال ابن عقيل: وشرط ضمير الفصل أن يتوسط بين المبتدأ والخبر أو ما أصله المبتدأ والخبر.
شرح التصريح: 1/ 224، وابن عقيل:"دار الفكر": 288. والأشموني مع حاشية الصبان: 1/ 282-283.
3 "3" سورة آل عمران، الآية:62.
موطن الشاهد: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ} .
وجه الاستشهاد: دخول اللام على ضمير الفصل "هو"، شرط ألا يعرب مبتدأ وما بعده خبره، والجملة خبر إن؛ لأنه في تلك الحال، لا يكون ضمير فصل؛ لأن ضمير الفصل لا محل له من الإعراب.
وَاحِدٌ} 1، و {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} 2، بخلاف قوله3:[الطويل]
137-
ولكنما يُقضَى فسوف يكون4
1 "21" سورة الأنبياء، الآية:108.
موطن الشاهد: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا} .
وجه الاستشهاد: دخول "ما" الزائدة على "إن" المكسورة الهمزة "الحرف المشبه بالفعل" فكفتها عن العمل وأدخلت على الجملة الفعلية، ودخول "ما" الزائدة على "أنماط المفتوحة الهمزة ومدخولها جملة اسمية، ولكن بطل عملها.
2 "8" سورة الأنفال، الآية:6.
موطن الشاهد: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ} .
وجه الاستشهاد: دخول "ما" الزائدة على "كأن" وكفها عن العمل، ودخولها على الجملة الفعلية، كما في الآية السابقة.
3 القائل: هو الأفوه الأزدي أو الأودي. ولم أعثر له على ترجمة وافية.
4 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
فوالله ما فارقتكم قاليا لكم
وهذا البيت أنشده أبو علي القالي في أماليه ضمن ثلاثة أبيات رواها عن ابن دريد، عن أبي حاتم، ولم يسمَّ قائلها، أمالي القالي: 1/ 99، وأنشده ياقوت في معجم البلدان: 4/ 77، رابع أربعة أبيات، ونسبها إلى أبي المطواع ابن حمدان، يقولها في دمشق. والبيت من شواهد: التصريح: 1/ 225، والعيني: 2/ 315، وقطر الندى "54/ 196".
المفردات الغريبة: قاليا: اسم فاعل، فعله قلاه ويقلوه قلى، ومعناه: كرهه وأبغضه، وهو حال من التاء في فارقت.
المعنى: يقسم الشاعر قائلا: إني ما فارقتكم عن بغض وكراهية لكم، أو ملال لعشرتكم وصحبتكم، ولكنه قدر الله وقضاؤه، وما تجري به المقادير، ولا مفر من وقوعه، ولا يمكن التحرز منه.
الإعراب: "والله". متعلق بفعل قسم محذوف. ما: نافية. فارقتكم: فعل ماضٍ وفاعل ومفعول به، و"الجملة": جواب للقسم، لا محل لها. قاليا: حال منصوب. "لكم": متعلق بـ "قاليا". ولكنما: الواو عاطفة، لكن: حرف مشبه بالفعل، و"ما": اسم موصول في محل نصب اسم "لكن" يُقضَى فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: هو، وجملة "يقضى" صلة للموصول، لا محل لها. فسوف: الفاء زائدة في خبر "لكن" سوف: حرف تنفيس، أو للتسويف، وهو الأفضل. يكون: فعل مضارع تام؛ لأنه بمعنى يوجد، والفاعل: هو. وجملة "يكون": في محل رفع خبر "لكن". موطن الشاهد: "ولكنما".
وجه الاستشهاد: إعمال "لكن" مع اتصالها بـ "ما"؛ لأن "ما" هذه موصولة لا زائدة، بدليل عود الضمير في "يقضى" عليها.
وفي البيت شاهد آخر في "فسوف يكون"، حيث زيدت الفاء في خبر "لكن" كما بينا في الإعراب وجمهور النحاة يجيزون زيادة الفاء في خبر المبتدأ، وفي خبر "إن" المكسورة، وفي خبر "أن" المفتوحة، وفي خبر "لكن" ويستدلون على الأخير، بهذا البيت، وما شابهه، ومنع الأخفش اقتران خبر "لكن" بالفاء الزائدة، والشاهد السابق حجة عليه.
إلا "ليت" فتبقى على اختصاصها1، ويجوز إعمالها وإهمالها2، وقد رُوي بهما قوله3:[البسيط]
138-
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا4
= تام؛ لأنه بمعنى يوجد، والفاعل: هو. وجملة "يكون": في محل رفع خبر "لكن". موطن الشاهد: "ولكنما".
وجه الاستشهاد: إعمال "لكن" مع اتصالها بـ "ما"؛ لأن "ما" هذه موصولة لا زائدة، بدليل عود الضمير في "يقضى" عليها.
وفي البيت شاهد آخر في "فسوف يكون"، حيث زيدت الفاء في خبر "لكن" كما بينا في الإعراب وجمهور النحاة يجيزون زيادة الفاء في خبر المبتدأ، وفي خبر "إن" المكسورة، وفي خبر "أن" المفتوحة، وفي خبر "لكن" ويستدلون على الأخير، بهذا البيت، وما شابهه، ومنع الأخفش اقتران خبر "لكن" بالفاء الزائدة، والشاهد السابق حجة عليه.
1 خالف في هذا الحكم ابن أبي الربيع وطاهر القزويني، فإنهما أجازا في "ليت" إذا اقترنت بها "ما" أن تدخل على الجملة الفعلية نحو "ليتما قام زيد" التصريح: 1/ 225.
2 ذهب سيبويه إلى أنه لا يجوز في هذه الحالة إلا الإعمال.
3 القائل: هو النابغة الذبياني، وقد مرت ترجمته.
4 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
إلى حمامتنا أو نصفه فقد
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 225، والأشموني:"271/ 1/ 143"، وهمع الهوامع: 1/ 143 الدرر اللوامع: 1/ 121، وكتاب سيبويه: 1/ 272، والخصائص: 2/ 460، وأمالي ابن الشجري: 2/ 142، 241، الإنصاف: 479، شرح المفصل: 8/ 54، 58، والمقرب: 20 الخزانة: 4/ 67، والعيني: 2/ 254، قطر الندى:"56/ 198" الشذور: "138/ 365" المغني: "524/ 376""573/ 406""98/ 89"، والسيوطي: 72، 236، ديوانه:24.
المفردات الغريبة: قالت: الضمير عائد إلى زرقاء اليمامة، وهي مضرب المثل بحدة النظر. قد: اسم بمعنى "كاف".
المعنى: قالت زرقاء اليمامة وقد مر سرب من الحمام قريبا منها: ليت هذا الحمام مضموما إلى حمامتنا، ونصف هذا العدد السرب فيكمل لنا مائة. ولفظ مقولها: ليت الحمام ليه. إلى حمامتيه. أو نصفه قديه. تم الحمام ميه. قيل: ثم وقع =
وندر الإعمال في إنما، وهل يمتنع قياس ذلك في البواقي مطلقا؟ أو يسوغ مطلقا؟ أو في لعل فقط؟ أو فيها وفي كأن؟ أقوال1.
= في شبكة صائد، فعد، فإذا هو "66" فإذا أضيف نصفه إلى حمامتها، كان مائة، كما قالت.
الإعراب: قالت: فعل ماضٍ، والفاعل: هي، والتاء للتأنيث. ألا: حرف استفتاح وتنبيه. ليتما: ليت حرف مشبه بالفعل إذا كانت معملة و"ما" زائدة، أو: كافة ومكفوفة، لا عمل لها. هذا: اسم الإشارة إما أن يكون اسم "ليت" على إعمالها وإما أن يكون مبتدأ، إذا كانت "ما" كافة الحمام: بدل من اسم الإشارة، وهو الأفضل، فإذا كانت "ما" كافة واسم الإشارة مبتدأ، كان "الحمام" مرفوعا، وإذا عدت "ما" زائدة" فاسم الإشارة اسم "ليت" ويكون الحمام منصوبا، وكلا الوجهين جائز، "لنا" متعلق بخبر "ليت" المحذوف، أو بخبر المبتدأ، حسب التقدير، "إلى حمامتنا": متعلق بمحذوف حال من اسم "ليت"، و"نا" مضاف إليه. أو: حرف عطف بمعنى الواو، نصفه: معطوف على اسم الإشارة، فيجوز فيه الرفع والنصب؛ لِما أسلفنا، فقد: الفاء فاء الفصيحة، قد: اسم بمعنى "كاف". خبر لمبتدأ محذوف، و"المبتدأ المحذوف وخبره": في محل جزم جواب شرط محذوف، والتقدير: إن يحصل ذلك فهو كاف.
موطن الشاهد: "ليتما هذا الحمام لنا".
وجه الاستشهاد: روي هذا الشاهد برفع الحمام على إهمال "ليت"، وبنصبه على إعمالها، وفي هذا الشاهد دليل على أن "ما" غير الموصولة، إذا ما اتصلت بـ "ليت" لا يلزم أن تكفها عن العمل، بل يجوز الإعمال والإهمال، وإن كان الإعمال أرجح، حتى أوجبه سيبويه لأنه يرى "ما" المتصلة بـ "ليت" موصولة وليست كافة.
1 يذهب سيبويه والأخفش "إلى أنه، لا يجز الإعمال في أن المفتوحة الهمزة، ولا في كأن ولعل ولكن إذا اتصلت بإحداهن "ما" الكافة، فالإعمال عند سيبويه واجب في ليت، ونادر في "إن" وممتنع في البواقي. وحجته في ذلك كله الوقوف عند ما سمع من العرب، وذهب الزجاج، وابن السراج، والزمخشري، وابن مالك إلى أن الإعمال جائز في كل هذه الأحرف مع اتصالهن بما الكافة، قياسا لما لم يسمع عن العرب على ما سمع، وذهب الفراء إلى أن الإعمال جائز في "لعل" إذا اتصلت بما الكافة؛ لأنها أقرب هذه الأحرف شبهًا بليت، حتى إن بعض النحاة، يزعم أن "لعل"، قد تتضمن معنى "ليت" فتأخذ حكمها، وحمل على هذا الوجه، قوله تعالى: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} ، فزعم أن نصب المضارع المقترن بالفاء بسبب تضمن "لعل" معنى ليت؛ لأن قبل ذلك {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} وذهب ابن أبي الربيع إلى أن الإعمال جائز مع "لعل" و"كأن"؛ لِقرب كل منهما من "ليت" فهذه هي الأقوال التي يشير المؤلف إليها.
شرح التصريح: 1/ 225 وابن عقيل: "دار الفكر": 1/ 289، وحاشية الصبان: 1/ 284.
[العطف على أسماء هذه الأحرف بالنصب قبل مجيء الخبر وبعده] :
يعطف على أسماء هذه الحروف بالنصب: قبل مجيء الخبر، وبعده، كقوله:[الرجز]
139-
إن الربيع الجود والخريفا
…
يدا أبي العباس والصُّيُوفا2
1 القائل: هو رؤبة بن العجاج، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا بيت من الرجز، أو بيتان من مشطوره في مدح أبي العباس السفاح، أول خلفاء بني العباس، وهو من شواهد التصريح: 1/ 226، وهمع الهوامع: 2/ 144، والدرر اللوامع: 2/ 200، والعيني: 2/ 261، والمقتضب: 4/ 111، والكتاب لسيبويه: 1/ 285، وملحقات ديوان رؤبة:179.
المفردات الغريبة: الجود: المطر الغزير. الصيوف: جمع صيف، وهو أحد فصول السنة الأربعة، ويريد بالربيع والخريف والصيوف أمطارها.
المعنى: يقصد الراجز: أن مطر الربيع الغزير، وأمطال الخريف والصيف -تشبه يدي أبي العباس في كثرة الخير والنفع للعباد- وحق التشبيه أن يشبه الراجز يدي أبي العباس بالأمطار، في هذه الفصول ولكنه عكس التشبيه للمبالغة.
الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. الربيع: اسم "إن" منصوب. الجود: صفة لـ "الربيع". والخريفا: معطوف بالواو على الربيع. يدا: خبر مرفوع، وعلامة رفعه الألف؛ لأنه مثنى، وهو مضاف. أبي: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء؛ لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. العباس: مضاف إليه. والصيوفا: معطوف على الربيع، والألف للإطلاق.
موطن الشاهد: "والخريفا..... والصيوفا".
وجه الاستشهاد: عطف الشاعر "الخريف" على اسم "إن" بالنصب قبل أن يجيء بالخبر الذي هو "يدا" وعطف الصيوف" على اسم "إن" بالنصب بعد أن جاء بخبر "إن"، وفي هذا دلالة على جواز العطف على اسم "إن" قبل المجيء بالخبر وبعده.
[يعطف بالرفع بشرطين] :
ويعطف بالرفع بشرطين1: استكمال الخبر2، وكون العامل "أن" أو "إن" أو "لكن"، نحو:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه} 3، وقوله4:[الطويل]
140-
فإنَّ لنا الأمُّ النجيبةُ والأبُ5
1 قال الرضي: والوصف وعطف البيان والتوكيد كالمنسوق "عطف النسق" عند الجرمي والزجاج والفراء في جواز الحمل على المحل، ولم يذكر غيرهم في ذلك منعا ولا إجازة، والأصل: الجواز؛ إذ لا فارق. ولم يذكروا البدل والقياس، كونه كسائر التوابع في جواز الرفع، نحو: إن الزيدين أستحسنهما شمائلهما بالرفع، وقال الرضي عن "التسهيل" لابن مالك: وجه المنع عند الجمهور في النعت أن الغرض منه بيان المنعوت؛ لِيصح الإخبار عنه، فحقه أن يكون قبل الخبر، فإن جاء بعده فعلى نية التقديم والتأخير، والحمل على الموضع، لا يكون إلا بعد تمام الكلام.
وخلاصة القول: إن هؤلاء النحاة، قد أجازوا الإتباع على المحل في النعت، وعطف البيان، والتوكيد قياسا على ما سمع من العرب في عطف النسق.
انظر حاشية الشيخ يس على شرح التصريح: 1/ 226.
2 لأنه يلزم على العطف قبل الاستكمال، العطف قبل تمام المعطوف عليه، أو تقديم المعطوف، كما سيأتي.
3 "9" سورة التوبة، الآية:3.
موطن الشاهد: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيٌء.... وَرَسُولُهُ} .
وجه الاستشهاد: عطف "رسوله" بالرفع على محل اسم الجلالة المنصوب بـ "أن" بعد استكمال الخبر، وهو "بريء" وحكم هذا العطف الجواز.
4 لم ينسب إلى قائل معين.
5 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
فمن يك لم ينجب أبوه وأمه
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 227، والأشموني:"273/ 1/ 143"، وهمع الهوامع: 2/ 44 والدرر اللوامع: 2/ 199، والعيني: 2/ 265.
المفردات الغريبة: النجيبة: أراد التي تلد الأولاد النجباء، قال ابن منظور: "أنجبت المرأة فهي منجبة ومنجاب: ولدت النجباء، ونسوة مناجيب، وكذلك الرجل، يقال: أنجب الرجل، ويقال: أنجب الرجل والمرأة، إذا ولدا ولدا نجيبا، أي كريما.
المعنى: يقول الشاعر: إن من لم ينجب أبوه وأمه أولادا نجباء فإن لنا أما وأبا قد أنجبا، يريد أنه وإخوته نجباء كرام، أبناء رجل منجب وأم كذلك.
وقوله1: [الطويل]
141-
ولكنَّ عمي الطيب الأصل والخال2
= الإعراب: من: اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ. يك: فعل مضارع ناقص، مجزوم وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة تخفيفا، واسمه. هو:"يك" فعل الشرط. لم: جازمة نافية. ينجب: فعل مضارع مجزوم. أبوه: فاعل مرفوع، والهاء: مضاف إليه. وجملة "لم ينجب": في محل نصب خبر "يك" فإن: الفاء رابطة لجواب الشرط، إن: حرف مشبه بالفعل. "لنا" متعلق بخبر متقدم محذوف. الأم: اسم "إن" منصوب. النجيبة: صفة لـ "الأم" والأب: الواو حرف عطف، الأب: معطوف على محل اسم "إن" أو على الضمير المستتر في الجار والمجرور الواقع خبر لـ "إن"، أو هو مبتدأ محذوف الخبر، والجملة معطوفة على جملة "إن واسمها وخبرها"، والتقدير على هذا: ولنا الأب النجيب، وجملة "إن واسمها وخبرها" في محل جزم جواب الشرط.
موطن الشاهد: "والأب".
وجه الاستشهاد: عطف "الأب" بالرفع على محل اسم "إن" بعد إتيانه بالخبر "لنا"، وهذا المراد من الاستشهاد به عند الناظم، والمؤلف على الظاهر من باب عطف المفرد على المفرد، وبيَّنَّا أوجه الإعراب المختلفة؛ لِبيان آراء النحاة في هذه المسألة.
1 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
وما قصرت بي في التسامي خؤولة
وأنشدوا قبله:
وما زلت سباقا إلى كل غاية
…
بها يُبتغى في الناس مجد وإجلال
والشاهد من شواهد، التصريح: 1/ 227، والأشموني:"276/ 1/ 144"، والعيني: 2/ 316 وهمع الهوامع: 2/ 144، والدرر اللوامع: 2/ 202.
المفردات الغريبة: التسامي: التعاظم والتعالي، وأراد بها العراقة في النسب، ويروى مكانه المعالي. خؤول: إما من المصدر كالعمومة، أو جمع خال كالعمومة جمع عم.
المعنى: يفتخر الشاعر بحسبه ونسبه قائلا: لم يقعد بي عن التعاظم والتباهي بالحسب وعراقة النسب أخوالي ولا أعمامي؛ فإن كلا منهما كريم الأصل، عريق النسب، فأنا مع علو همتي كريم العنصر من ناحية الأخوال والأعمام.
الإعراب: ما: نافية. قصرت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث. "بي" و"في التسامي": متعلقان بـ "قصر". خؤولة: فاعل مرفوع. لكن" حرف استدراك ونصب "حرف مشبه بالفعل". عمي: اسم "لكن" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء، والياء: مضاف إليه. الطيب: خبر "لكن" مرفوع، وهو مضاف. الأصل: =
والمحققون على أن رفع ذلك ونحوه على أنه مبتدأ حذف خبره، أو بالعطف على ضمير الخبر، وذلك إذا كان بينهما فاصل، لا بالعطف، على محل الاسم مثل:"ما جاءني من رجل ولا امرأة"، بالرفع؛ لأن الرفع في مسألتنا الابتداء وقد زال بدخول الناسخ1.
ولم يشترط الكسائي والفراء الشرط الأول2 تمسكا، بنحو:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} 3، وبقراءة بعضهم: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى
= مضاف إليه. والخال: الواو عاطفة. الخال: معطوف على محل اسم "لكن""عطف مفرد على مفرد"، أو الخال: مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير: والخال الطيب الأصل، والجملة معطوفة على جملة "لكن" عمي الطيب" والأول: هو المراد من الاستشهاد.
موطن الشاهد: "والخال".
وجه الاستشهاد: عطف "الخال" مرفوعا على محل اسم "لكن" بعد أن جاء بالخبر "الطيب الأصل" وهذا العطف على المحل من باب عطف المفرد على المفرد، وهو ما ذهب إليه ابن مالك، وسار عليه ابن هشام كما أوضحنا في المثال السابق، غير أن الجمهور يرون أن "الخال" مبتدأ محذوف الخبر، والجملة من "المبتدأ والخبر المحذوف": معطوفة على جملة "لكن عمي الطيب الأصل، أو معطوف على اسم مرفوع مثله، وهو الضمير المستكن في الخبر المتقدم، وعليه، يكون العطف من باب عطف المفرد على المفرد. وانظر تفصيل هذه المسألة في شرح التصريح: 1/ 227- 228.
1 ذلك؛ لأن العامل اللفظي، يبطل عمل العامل المعنوي، أما الرافع لمحل "رجل" في المثال، فهو الفعل "جاءني"، ولا يمنعه عن العمل الزائد؛ لأنه كالعدم. انظر شرح التصريح: 1/ 227.
2 أي: وهو استكمال الخبر، فأجازوا الرفع قبل الاستكمال وبعده كما في المغني وغيره.
3 "5" سورة المائدة، الآية:69.
موطن الشاهد: {إِنَّ الَّذِينَ...... وَالصَّائِبُونَ} .
وجه الاستشهاد: عطف "الصائبون" على محل اسم إن "الذين" قبل استكمال الخبر، وهو من آمن بالله واليوم الآخر، فحكم هذا العطف الجواز.
النَّبِيِّ"1، وبقوله2:[الطويل]
142-
فإني وقيار بها لغريب3
1 "33" سورة الأحزاب، الآية:56.
أوجه القراءات: قرأ ابن عباس وأبو عمرو "وملائكته" بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب.
توجيه قراءة الرفع: على قراءة الرفع يكون "ملائكته" معطوفا على محل اسم "إن" وهو "لفظ الجلالة" كما في الآية السابقة وانظر البحر المحيط: 7/ 248، وتفسير القرطبي: 14/ 232، والكشاف: 3/ 272.
2 القائل: هو ضابيء بن الحارث البرجمي، أحد بني غالب بن حنظلة، سجنه سيدنا عثمنا بن عفان رضي الله عنه؛ لأنه رمى بني جرول بن نهشل، وبقي إلى أن مات في سجنه. الشعر والشعراء: 1/ 350، الإصابة: 3/ 276، والخزانة: 4/ 80، الاشتقاق:134.
3 تخريج الشااهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
فمن يك أمسك بالمدينة رحله
والبيت أول أربعة أبيات قالها الشاعر وهو في سجنه سيدنا عثمان رضي الله عنه، والأبيات رواها أبو العباس المبرد في كامله.
والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 228، والأشموني:"274/ 1/ 144"، وسيبويه: 1/ 38، وهمع الهوامع: 2/ 144، والدرر اللوامع: 2/ 200، ومجالس ثعلب: 316، 598، والإنصاف: 1/ 94، وشرح المفصل: 8/ 68، والخزانة: 4/ 323، ومعاهد التنصيص: 1/ 65، ومغني اللبيب "854/ 618""1051/ 811"، وشرح السيوطي:293.
المفردات الغريبة: رحله، الرحل: المقصود به في البيت: مسكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث، وروى مكانه رهطه، ورهط الرجل أهله وقبيلته. قيار:"بفتح القاف وتشديد الياء المثناة" ذكر العيني أنه اسم رجل، وقال أبو زيد في نوادره: إنه اسمه جمله، وقال الخيل: إنه اسم فرس له.
المعنى: يتحسر الشاعر في حبسه قائلا: من يك منزله وأثاثه بالمدينة، فليمس بها، أما أنا فلا؛ لأني وجملي أو فرسي غريب بها، فسنرحل عنها.
الإعراب: من: اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ. يكُ: فعل مضارع ناقص مجزوم؛ لِكونه فعل الشرط، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة تخفيفا، واسمه: هو. أمسى: فعل ماضٍ ناقص. "بالمدينة": متعلق بخبر "أمسى" المحذوف، والمتقدم على الاسم. رحله: اسم أمسى "مؤخر مرفوع" والهاء: في محل جر بالإضافة، =
وقوله1: [الوافر]
143-
وإلا فاعلموا أنا وأنتم
…
بغاة2...................
= وجملة "أمسى واسمها وخبرها": في محل نصب خبر "يك". فإني: الفاء رابطة لجواب الشرط. إن: حرف مشبه بالفعل، والياء: اسمه. وقيار: الواو حرف عطف. قيار: اسم معطوف على محل اسم "إن"، أو قيار: مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير. وقيار مثلي، كما في الأمثلة السابقة، والوجه الأول أفضل في هذا الشاهد. لغريب: اللام لام المزحلقة. غريب: خبر "إن" مرفوع.
موطن الشاهد: "فإني وقيار لغريب".
وجه الاستشهاد: عطف "قيار" على محل اسم "إن" قبل استكمال الخبر "غريب"، وهذا على مذهب الكسائي والفراء، اللذين أجازا العطف بالرفع على محل اسم "إن" قبل استكمال الخبر، كما في المتن، وأخذ بهذا الرأي أكثر فيما بعد.
غير أن بعض النحويين، يرون أن "قيار" مبتدأ محذوف الخبر؛ لِدلالة خبر "إن" عليه، أو "غريب" خبره، وخبر "إن" محذوف، ويراعى في كل كلام ما يناسبه، وفي مثل هذا الشاهد، فالمذكور خبر "إن"؛ لِاقتران الخبر باللام، وخبر المبتدأ لا يقترن بها إلا شذوذا، والحمل على الشاذ، إذا أمكن غيره، لا يجوز، والذهاب إلى أن اللام زائدة، لا لام الابتداء لا داعي له، وما ذهب إليه ابن مالك، وابن هشام أفضل؛ لأنه يريحنا من التأويلات، والتجوزات التي لا فائدة فيها.
1 القائل هو: بشر بن أبي خازم، ويكنى أبا نوفل، وهو أحد بني أسد بن خزيمة، أحد فحول الشعراء، وشجعان الفرسان، هجا أوس بن حارثة الطائي بخمس قصائد وحدث أن أسره "بنو نبهان"، ففكَّ أوس أسره، وأنعم عليه، فمدحه بخمس قصائد، مات مقتولا في إحدى غزواته، وذلك سنة 92 ق. هـ. له ديوان شعر مطبوع. الشعر والشعراء: 1/ 270، والخزانة: 2/ 261، ومختارات ابن الشجري: 2/ 19
2 تخريج الشاهد: البيت بتمامه:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم
…
بغاة ما بقينا في شقاق
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 228، والكتاب لسيبويه: 1/ 290، والعيني: 4/ 315 ودلائل الإعجاز للجرجاني: 24، والإنصاف: 190، وشرح المفصل: 7/ 69، والخزانة: 4/ 315 وديوان بشر بن أبي خازم: 165.
المفردات الغريبة: بغاة: جمع باغ، وهو اسم الفاعل من البغي، وهو مجاوزة الحد، وتقول: بغى فلان على فلان، إذا ظلمه، واعتدى عليه. شقاق: مصدر شاقه إذا خالفه وعاداه أشد العداوة.
ولكن اشترط الفراء1، إذا لم يتقدم الخبر، خفاء إعراب الاسم2 كما في بعض هذه الأدلة3.
وخرجها المانعون على التقديم والتأخير4، أي والصائبون كذلك، أو على الحذف من الأول5 كقوله6:[الطويل]
المعنى: يعظ الشاعر قومه قائلا: إن لم يرأب الصدع بيننا، ويحل الوئام محل الخصام فاعلموا أننا شركاء في الظلم، ما دمنا في نزاع، وخصام وعداء.
الإعراب: إلا: إن الشرطية الجازمة، ولا: النافية، وفعل الشرط محذوف، والتقدير: إلا تفعلوا، ونحوه. فاعلموا: الفاء رابطة لجواب الشرط. اعلموا: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، و"الجملة": في محل جزم جواب الشرط. أنا: حرف مشبه بالفعل، و"نا": اسمه. وأنتم: الواو عاطفة، أنتم: ضمير منفصل في محل رفع عطفا على محل اسم "أن"، أو: أنتم: في محل رفع مبتدأ، وخبره محذوف، وأنتم مثلنا، ونحو ذلك. بغاة: خبر "أن". ما: مصدرية ظرفية. بقينا: فعل ماضٍ وفاعل، والمصدر المؤول من "ما وما دخلت عليه": في محل جر بالإضافة، والتقدير: مدة بقائنا "في شقاق": متعلق بمحذوف خبر ثانٍ لـ "أن".
موطن الشاهد: "أنا وأنتم بغاة".
وجه الاستشهاد: عطف "أنتم" على محل اسم "أن" قبل استكمال الخبر "بغاة" وهذا المراد من الاستشهاد بالبيت، وبينا أن العطف على محل اسم إن وأن وأخواتهما قبل استكمال الخبر جائز على مذهب الكسائي وتلميذه الفراء ومن وافقهما، ويرى الجمهور أن العطف من باب عطف جملة على جملة كما في الأمثلة السابقة.
1 مرت ترجمته.
2 بأن يكون مبنيا، أو مقصورا، أو مضافا إلى ياء، ومثل ذلك، ما إذا كان خفي إعراب المعطوف، دون المعطوف عليه، نحو: إن محمدا وموسى فدائيان، والعلة في ذلك الاحتراز من تنافر اللفظ.
3 أي المتقدمة، وهي:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا.....} إلخ والبيتان.
4 أي: تقديم المعطوف وتأخير الخبر، فيكون "من آمن" خبر "إن" وخبر "الصائبون": محذوف، أي: كذلك، ويقال في الإعراب:
"من": اسم شرط مبتدأ "آمن" فعل الشرط، والخبر فلا خوف.... إلخ. و"الجملة": خبر إن.
5 أي حذف الخبر، من الأول؛ لِدلالة الثاني عليه، فيكون "من آمن" خبرا عن "الصابئون" وخبر "إن" محذوف؛ لِدلالة خبر "الصائبون" عليه.
6 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
144-
......... فإني وأنتما
…
وإن لم تبوحا بالهوى؛ دنفانِ1
ويتعين التوجيه الأول في قوله:
فإني وقيار بها لغريب2
1 تخريج الشاهد: البيت بتمامه:
خليلي، هل طب؟ فإني وأنتما
…
وإن لم تبوحا بالهوى دنفان.
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 229، والأشموني:"275/ 1/ 144"، والعيني: 2/ 274 ومغني اللبيب: "853/ 617""1050/ 810"، وشرح السيوطي:293.
المفردات الغريبة: طب: هو علاج الجسم والنفس. تبوحا بالهوى: تعلناه وتظهراه، والهوى: العشق. دنفان: مثنى دنف "بفتح الدال وكسر النون" صفة مشبهة من الدنف "بفتح الدال والنون" وهو المرض الملازم المخامر، وقيل: المرض ما كان.
المعنى: يا صاحبي، هل من علاج يرجى للشفاء مما نحن فيه؟ فإني مريض، وأنتما كذلك، وإن لم تظهرا ما هو دفين في جوانحكما من هوى وألم ممضض.
الإعراب: خليلي: منادى مضاف. بحرف نداء محذوف، منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى، والياء المدغمة بها في محل جر بالإضافة، هل: حرف استفهام. طب: مبتدأ مرفوع، وخبره محذوف، والتقدير: هل طب موجود، أو لنا، ونحو ذلك. فإني: الفاء تعليلية، إني: حرف مشبه واسمه، والخبر محذوف؛ لِدلالة خبر المبتدأ "أنتما" عليه. وأنتما: مبتدأ. وإن لم تبوحا: شرط وفعله، والجواب محذوف، يدل عليه ما قبله دنفان: خبر أنتما".
موطن الشاهد: "فإني وأنتما دنفان".
وجه الاستشهاد: تعين كون "أنتما" مبتدأ، و"دنفان" خبره، وخبر "إن" محذوف؛ لِدلالة خبر المبتدأ عليه؛ وذلك لأن "دنفان" مثنى واسم "إن" مفرد، ولا يجوز أن يقع المثنى خبرا عن المفرد، وكذلك لا يجوز أن يكون خبرا عن اسمها وما بعده؛ لأن الجميع جمع، ولا يجوز الإخبار عنه بالمثنى، فلا يبقى إلا الوجه الذي ذهبنا إليه في الإعراب، ويكون من باب عطف الجمل لا المفردات.
2 مر تخريج هذا الشاهد، والتعليق عليه.
يريد المؤلف القول: إن "لغريب" يتعين فيها أن تكون خبر "إن"؛ وذلك لِاقتران هذا الخبر باللام المزحلقة "لام الابتداء" كما أسلفنا وهي تدخل على خبر "إن" لا على خبر المبتدأ. وأما "قيار" فمبتدأ محذوف الخبر؛ لِدلالة خبر "إن" عليه، والتقدير: وقيار غريب، وهذا على مذهب الجمهور، وبينا أنه يجوز أن يكون معطوفا على محل اسم "إن"، وهو الأفضل.
ولا يتأتى فيه الثاني لأجل اللام، إلا إن قُدِّرَتْ زائدة مثلها في قوله:
أم الحليس لعجوز شهربة1
والثاني في قوله تعالى: "وَمَلائِكَتُهُ"2 ولا يتأتى فيه الأول لأجل الواو في {يُصَلُّونَ} 2 إلا إن قدرت للتعظيم مثلها في: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} 3.
ولم يشترط الفراء الشرط الثاني4 تمسكا بنحو قوله5: [الرجز]
145-
يا ليتني وأنت يا لميس
…
في بلدة ليس بها أنيس6
1 مر تخريج هذا الشاهد والتعليق عليه، ومراد المؤلف من ذكر البيت؛ لِيدل على اللام الزائدة في قوله:"لعجوز"، حيث خرجت على أنها زائدة، وليست لام الابتداء؛ لأن لام الابتداء لا تدخل على خبر المبتدأ، وإنما تدخل على المبتدأ نفسه، أو على خبر "إن" المتأخر، وهذا ليشير إلى أن اللام في قوله "لغريب" لام الابتداء، وعليه فـ "غريب" خبر "إن" وأما إذا عددنا اللام زائدة، كما في هذا البيت، في "لعجوز"، جاز أن يكون قوله:"لغريب" خبر المبتدأ؛ لكون اللام الزائدة تدخل عليه، وما ذهبنا إليه في حينه أولى.
2 "33" سورة الأحزاب، الآية:56.
موطن الشاهد: "وملائكتُهُ".
وجه الاستشهاد: يتعين هنا التوجيه الثاني، وهو الحذف من الأول، ولا يتعين التقديم والتأخير؛ لِأجل الواو في "يصلون" لأنها للجماعة المشتركة، والله واحد لا شريك له، إلا إن قدرت الواو للتعظيم للواحد، فيتأتى الوجه الأول أيضا، ويصير التقدير: إن الله يصلي، وملائكته يصلون.
3 "23" سورة المؤمنون، الآية:99.
موطن الشاهد: {ارْجِعُونِ} .
وجه الاستشهاد: وقوع الواو في "ارجعون" للتعظيم؛ لأن المخاطب واحد جل جلاله، ومثلها في ذلك، قوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .
4 وهو كون العامل: إن أول أن أو لكن، يعني أنه لم يجعل جواز العطف بالرفع مخصوصا بالعطف على اسم واحد من هذه الثلاثة، بل أجاز ذلك في أسماء غيرهنَّ كـ "ليت".
شرح التصريح: 1/ 230، والأشموني مع الصبان: 1/ 286- 287.
5 القائل: هو رؤبة بن العجاج، وقد مرت ترجمته.
6 تخريج الشاهد: هذا بيت من الرجز، أو بيتان من مشطوره، وبعد الشاهد قوله:
إلا اليعافير وإلا العيس
وخرج على أن الأصل "وأنت معي" والجملة حالية، والخبر قوله "في بلدة"1.
= وهو من شواهد: التصريح: 1/ 230، وهمع الهوامع: 1/ 225، 2/ 114، والدرر اللوامع: 1/ 192، 2/ 202، وكتاب سيبويه: 1/ 133، 365، ومعاني الفراء: 1/ 479، والمقتضب: 2/ 319، 347، 4/ 414، والإنصاف: 271، شرح المفصل: 2/ 80، 117، 7/ 21، 8/ 52. والخزانة: 4/ 197، والعيني: 3/ 107، وديوان رؤبة:53.
وقد وقع في ديوان جران العود "ط. دار الكتب": 52 رجز، صورته هكذا:
قد ندع المنزل يا لميس
…
يعتسُّ فيه السبع الجروس
الذئب أو ذو لبد هموس
…
وبلدة ليس بها أنيس
إلا اليعافير وإلا العيس
…
وبقر ملمع كنوس
كأنما هن الجواري الميس
المفردات الغريبة: لميس: اسم امرأة. أنيس: مؤنس، والمراد: أي إنسان.
المعنى: أتمنى أن أكون أنا وأنت يا لميس في بلد ليس فيه أحد غيرنا.
الإعراب: يا: حرف نداء، والمنادى محذوف. ليتني: حرف مشبه بالفعل، والنون: للوقاية، والياء: اسمه. وأنت: الواو عاطفة. أنت: معطوف على محل اسم "ليت"، أو على الضمير المستتر في الخبر. "في بلدة": متعلق بخبر ليت المحذوف، وجملة "ليس بها أنيس": صفة لـ بلدة.
موطن الشاهد: "ليتني وأنت".
وجه الاستشهاد: عطف "أنت" وهو ضمير رفع على محل اسم "ليت" قبل استكمال الخبر، في هذا، دلالة على جواز العطف على محل اسم "ليت" كذلك، وبين المؤلف تخريج الجمهور في المتن.
1 صاحب الحال هو الضمير المستكنُّ في الجار والمجرور الذي في قوله: "في بلدة"، والعامل في الحال، هو نفس الجار والمجرور، وهو العامل في صاحب الحال.
وهذا التخريج الذي ذكره المؤلف هو تخريج ابن مالك، وهو على ندور أو قلة، فإن أكثر النحويين، على امتناع تقديم الحال المنتصبة بالظرف، وهو ممن نص على ذلك، فقال في باب الحال".... وندر نحو سعيدٌ مستقرًّا في هجر" وشرحه الموضح بقوله: يجوز بقلة توسط الحال بين المخبر عنه والمخبر به، والنادر والقليل، لا يقاس عليهما، وأبعد منه قول بعضهم: إن الأصل أنا وأنت. فأنا مبتدأ، وأنت معطوف عليه، وخبر المبتدأ وما عطف عليه قوله في بلد فحذف أنا. شرح التصريح: 1/ 230.
[تخفيف "إن" المكسورة فيكثر إهمالها] :
تخفف "إن" المكسورة لثقلها، فيكثر إهمالها؛ لزوال اختصاصها نحو:{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} 1، ويجوز إعمالها استصحابا للأصل، نحو:{وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُم} 2، وتلزم لام الابتداء بعد المهملة3 فارقة بين الإثبات والنفي4، وقد تغني عنها قرينة لفظية، نحو:"إن زيد لن يقوم"، أو معنوية، كقوله5:[الطويل]
1 "36" سورة يس، الآية:32.
موطن الشاهد: {إِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" مخففة من الثقيلة مهملة على قراءة تخفيف ميم "لما" فـ "إن" مهملة كل: مبتدأ. لما: اللام لام الابتداء، و"ماء" زائدة. جميع: خبر "لدينا": متعلق بـ "محضرون" الواقع صفة لـ "جميع" على المعنى، وأما قراءة تشديد الميم في "لما" فتكون "إن" نافية و"لما" بمعنى "إلا" ولا شاهد فيها.
2 "11" سورة هود، الآية:111.
موطن الشاهد: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُم} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن" مخففة من الثقيلة عاملة على قراءة نافع وابن كثير بتخفيف إن" وكُلًّا: اسمها. ولما: اللام لام الابتداء. "ما" زائدة للفصل بين اللامين، أو موصولة في محل رفع خبر "إن" "ليوفينهم": جواب قسم محذوف، لا محل لها، وجملة القسم المحذوف وجوابه: صلة لـ "ما". وقيل غير ذلك.
3 اختلف النحاة في هذه اللام، فذهب سيبويه، والأخفشان، وأكثر البغداديين إلى أنها لام الابتداء، وذهب أبو علي الفارسي، وابن جني، وابن أبي العافية، وابن أبي الربيع إلى أنها لام أخرى، اجتلبت للفرق بين النفي والإثبات، واستدلوا على ذلك بأنها لو كانت لام الابتداء لبقي لها اختصاصها، فلم تدخل إلا على ما أصله مبتدأ أو خبر، لكنها تدخل على المفعول به.
شرح التصريح: 1/ 232، والأشموني مع الصبان: 1/ 288-289، وابن عقيل:"ط. دار الفكر": 1/ 292-293.
4 أي: لتدل على أنها ليست النافية، ولذا تُسمَّى اللام الفارقة؛ لأنها تفرق بين المخففة والنافية، وقد تلحق هذه اللام "إن" العاملة إذا حصل لبس، بأن كان إعراب الاسم خفيفا، نحو: إن هذا أو يحيى لقائم. الأشموني مع الصبان: 1/ 289، وشرح التصريح: 1/ 231.
5 القائل: هو الطرماح، واسمه الحكم بن حكيم بن نفر من طيئ، يكنى: أبا نفر، كان شاعرا مجيدا، ملك عنان الخطابة والرواية والفصاحة والشجاعة والشرف في النسب، وفد جده قيس بن جحدر على النبي صلى الله عليه وسلم مع من وفد من طييء الشعر والشعراء: 2/ 585، الأغاني: 10/ 148، المؤتلف: 148، الاشتقاق:234.
146-
وإنْ مالكٌ كانت كرامَ المعادنِ1
وإن ولي "إن" المكسورة المخففة فعل كثر كونه مضارعا ناسخا2، نحو
1 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
أنا ابن أباة الضيم من آل مالك
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 231، وابن عقيل:"103/ 1/ 379"، والأشموني:"278/ 1/ 145" والعيني: 2/ 276، وقطر الندى "64/ 220"، وديوان الطرماح:173.
المفردات الغريبة: أباة: جمع آبٍ كالقضاة جمع قاضٍ من أبى إذا امتنع. الضيم: الظلم. مالك: اسم أبي القبيلة، ومالك الثاني هو القبيلة، ولهذا قال: كانت كرام المعادن. كرام المعادن: طيبة الأصول.
المعنى: يفتخر الشاعر قائلا: أنا ابن الذين يأبون الظلم والمذلة من آل مالك، وقد كانت قبيلتي كريمة الأصول والأنساب، شريفة المحتد والمنبت.
الإعراب: أنا مبتدأ. ابن: خبر. أباة: مضاف إليه، الضيم: مضاف إليه ثان. وإن: الواو عاطفة. إن مخففة من الثقيلة مهملة مالك: مبتدأ كانت كرام فعل ماضٍ ناقص، واسمه: هي، وكرام: خبره، وجملة "كانت كرام": خبر المبتدأ، المعادن: مضاف إليه.
موطن الشاهد: "إن مالك كانت".
وجه الاستشهاد: ترك لام الابتداء التي تجتلب في خبر المبتدأ الواقع بعد "إن" المخففة المهملة؛ لِلتفريق بينها وبين "إن" النافية، واستغني عن اللام في الشاهد؛ لِوجود قرينة معنوية، تدل على أن "إن" غير نافية؛ وذلك لأن المقام للمدح والافتخار، كما يدل عليه صدر البيت، لا للنفي، وإلى هذا أشار ابن مالك بقوله:
وخففت "إنَّ" فقَلَّ العملُ
…
وتلزم اللام إذا ما تهملُ
وربما استغنى عنها إن بدا
…
ما ناطق أراده معتمدا
وانظر شرح التصريح: 1/ 231.
2 أي: من نواسخ المبتدأ، وهي: كان وكاد وظن وأخواتها، ويشترط في هذا الفعل الناسخ ألا يكون نافيا مثل "ليس" ولا منفيا، مثل:"ما كان" وما زال وأخواتها، وأن يكون غير داخل في صلة مثل:"ما دام"، وتدخل اللام في خبر الناسخ الحالي، أو في خبره بحسب الأصل، وقد مثل لذلك المصنف، فإن كان غير ناسخ وهذا قليل دخلت على معموله، فاعلا كان أو مفعولا، ظاهرا أو ضميرا منفصلا، وقد مثل المصنف للفاعل بقسميه، وللمفعول الظاهر، نحو: إن قتلت لمسلما، وللمفعول المضمر، نحو قولك: وإن أهنت لإياه، فإن اجتمع الفاعل والمفعول دخلت على السابق منهما، بشرط ألا يكون ضميرا متصلا فإن كان ضميرا متصلا، لم تدخل عليه اللام، ودخلت على المتأخر، نحو: إن أكرمت لمصلحا كبيرا، وإن مدحت لإياه.
التصريح: 1/ 231، وحاشية الصبان: 1/ 289، وابن عقيل:"ط. دار الفكر": 1/ 294.
{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} 1، {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} 2، وأكثر منه كونه ماضٍيا ناسخا، نحو:{وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةٌ} 3، {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} 4، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} 5، وندر كونه ماضٍيا غير ناسخ،
1 "68" سورة القلم، الآية:51.
موطن الشاهد: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} .
وجه الاستشهاد: وقوع فعل "يكاد" المضارع الناسخ بعد "إن" المخففة المهملة، ودخلت اللام على الجزء الثاني من معمولي "يكاد"، ودخول المضارع الناسخ بعد "إن" المخففة المهملة جائز بكثرة.
2 "26" سورة الشعراء، الآية:186.
موطن الشاهد: {إِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} .
وجه الاستشهاد: "وقوع المضارع الناسخ "نظنك" بعد "إن المخففة المهملة، ودخول اللام على خبر الفعل الناسخ "الجار والمجرور".
3 "2" سورة البقرة، الآية:143.
موطن الشاهد: {إِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةٌ} .
وجه الاستشهاد: وقوع فعل "كان" وهو ماضٍ ناسخ بعد "إن" المخففة، ودخول اللام على الجزء الثاني من معمولي كان "على خبره"، وحكم دخول الماضي الناسخ بعد إن المخففة المهملة أكثر من دخول المضارع الناسخ، كما في المتن.
4 "37" سورة الصافات، الآية:56.
موطن الشاهد: {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} .
وجه الاستشهاد: وقوع فعل "كاد" الماضي الناسخ بعد "إن" المخففة المهملة، ودخول اللام على خبره، وهو جملة "تردين".
5 "7" سورة الأعراف، الآية:102.
موطن الشاهد: {إِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} .
وجه الاستشهاد: وقوع الفعل الناسخ بعد "إن" المخففة المهملة، وهو فعل "وجد" الماضي، ودخول اللام على المفعول الثاني "فاسقين".
كقوله1: [الكامل]
147-
شَلَّتْ يمينُك إن قتلتَ لَمُسلِمًا2
1 هي: عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية، وهي بنت عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، شاعرة صحابية من المهاجرات تزوجها الزبير بن العوام.
الأعلام: 3/ 242، الخزانة: 10/ 378، الإصابة: ت: 695 قسم النساء.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قولها:
حلت عليك عقوبة المتعمد
وفيه ترثي الشاعرة زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه، وتدعو على عمرو بن جرموز قاتله قبل يوم الجمل، وكان قد رآه نائما تحت شجرة، قد علق سيفه، فاستله، وقطع رأسه وقيل الشاهد قولها:
يا عمرو لو نبهته لوجدته
…
لا طائشا رعد الجنان ولا اليدِ
وهو من شواهد التصريح: 1/ 231، وابن عقيل:"104/ 1/ 382"، والأشموني:"279/ 1/ 145"، وهمع الهوامع: 1/ 142، والدرر اللوامع: 1/ 119، والمحتسب: 2/ 255، وشرح المفصل: 8/ 71، 72، 76، والمقرب: 20، والإنصاف: 64، والعيني: 2/ 478، وخزانة الأدب: 4/ 348، ومغني اللبيب:"21/ 37" وشرح السيوطي: 26.
المفردات الغريبة: شلت: "بفتح الشين" إخبار ومعناه الدعاء، وشلت على ما لم يسم فاعله لغة رديئة. حلت عليك: نزلت بك، ويروي مكانه: وجبت عليك.
المعنى: تدعو عاتكة على ابن جرموز لفعلته الشنعاء، فتقول: أشلَّ الله يدك أيها القاتل؛ لأنك قتلت مسلما بغير حق، ووجبت عليك عقوبة القتل المذكورة في قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} .
الإعراب: شلت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث. يمينك: فاعل مرفوع، والكاف: مضاف إليه. إن: مخففة من الثقيلة مهملة. فعل ماضٍ "غير ناسخ" والتاء: فاعله. لمسلما: اللام لام الابتداء، ومسلما: مفعول به منصوب.
موطن الشاهد: "إن قتلت لمسلما".
وجه الاستشهاد: مجيء فعل غير ناسخ بعد "إن" المخففة من الثقيلة المهملة، وحكم مجيء الفعل غير الناسخ بعد المهملة نادر، ولا يقاس عليه، خلافا للأخفش الذي لا يرى بأسا بدخول الفعل غير الناسخ بعدها. انظر شرح التصريح: 1/ 231.
فائدة: يعلل النحويون سبب مجيء الفعل الناسخ بعد "إن" المخففة بأن "إن" كانت مختصة بالدخول على المبتدأ والخبر، فلما ضعفت بالتخفيف، وزال اختصاصها؛ عوضوها بفعل ناسخ يختص بالمبتدأ والخبر، ولهذا كثر مجيء الأفعال الناسخة المضارعة والماضية بعدها كما رأينا.
ولا يقاس عليه: "إن قام لأنا، وإن قعد لزيد"، خلافا للأخفش والكوفيين1، وأندر منه كونه لا ماضيا ولا ناسخا كقوله:"إن يزينك لنفسك، وإن يسيئك لهيه"2.
[تخفف "أن" المفتوحة ويبقى عملها:]
وتخفف "أن"المفتوحة فيبقى العمل، ولكن يجب في اسمها كونه مضمرا محذوفا3،
1 المشهور عن الكوفيين، أنهم لا يجيزون تخفيف "إن" المكسورة، ويؤولون ما ورد منها على أن "إن" نافية بمنزلة "ما" واللام إيجابية بمنزلة "إلا" فمعنى:"إن قام لأنا": ما قام إلا أنا.
انظر شرح التصريح: 1/ 232، وحاشية الصبان: 1/ 290، ومغني اللبيب: 305-306.
2 هذا مثال للفاعل بقسميه، فإن "نفس" اسم ظاهر فاعل "يزينك"، و"هيه" ضمير بارز فاعل "يشين" والهاء للسكت، ومعنى المثل: إن نفسك، هي التي تزينك، وهي التي تشينك، ومجيء المضارع غير الناسخ "بعد" المخففة شاذ، ولا يقاس عليه بإجماع النحاة.
فائدة: لـ "اللام" بعد إن المخففة ثلاث حالات:
الأولى: وجوب ذكرها عند انعدام القرينة، نحو:"إن محمد لمسافر" في حالة الإهمال، وكون اسمها وخبرها مفردين.
الثانية: وجوب تركها في حال وجود المانع، نحو:"إن محمد لن يسافر" في حالة الإهمال؛ لِتقدم "لن" على الفعل.
الثالثة: جواز الأمرين، عند وجود قرينة، تدل على نوع "إن" أهي مخففة أم نافية، نحو: إن المؤمنين لفائزون، ويجوز: إن المؤمنين فائزون.
انظر شرح التصريح: 1/ 232.
3 الذي اشترط في أن المخففة، أن يكون اسمها ضمير شأن محذوفا -من النحاة- وهو ابن الحاجب، فأما الناظم، والجمهور، فلم يشترطوا فيه ذلك؛ لأنهم رأوا أن ضمير الشأن خارج عن القياس، فلا يحمل الكلام عليه، والغالب أن يكون للشأن؛ ومن أجل ذلك قدر سيبويه في قوله تعالى:{أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} أنك يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا.
التصريح: 1/ 232، وحاشية الصبان: 1/ 290.
فأما قوله1:
148-
بِأَنْكَ ربيع وغيث مريع
…
وأَنْكَ هناك تكون الثمالا2
فضرورة.
1 هي جنوب بنت العجلان بن عامر الهذلية، شاعرة جاهلية، وهي أخت عمرو بن العجلان بن عامر بن برد بن منبه، أحد بني كاهل والمسمى ذا الكلب.
الخزانة: 1/ 390.
2 تخريج الشاهد: البيت في رثاء أخيها عمرو الملقب "ذا الكلب"، وقد جاءت روايته في شعر الهذليين، هكذا:
بأنَّك كنت الربيع المريع
…
وكنت لمن يعتفيك الثمالا
ويروى قبله قولها:
لقد علم الضيف والمرملون
…
إذا اغبر أفق وهبت شمالا
والبيت الشاهد من شواهد التصريح: 1/ 232، والأشموني:"281/ 1/ 146" وشرح المفصل: 8/ 75، والخزانة: 4/ 352، وحماسة ابن الشجري: 73، والإنصاف: 27 وزهر الآداب، للحصري: 795، ومغني اللبيب "38/ 47"، والسيوطي:79. وقطر الندى: "58/ 207".
المفردات الغريبة: غيث: أصل الغيث المطر، ولكنها أرادت به هنا الكلأ. مريع:"بفتح الميم وكسر الراء" يقال: أرض مريعة، أي: مخصبة كثيرة النبات، الثمال: الذخر والملجأ.
المعنى: لقد علم الضيف، وكل من لا زاد معه -إذا أظلم الجو، وهبت ريح الشمال الباردة التي تقضي على الزرع- بأنك كثير النفع، متصل العطاء، وأنك الملجأ والغوث لكل وافد عليك.
الإعراب: بأنك: الباء حرف جر، أن: مخففة من الثقيلة، والكاف: اسمها. ربيع: خبرها. وغيث: معطوف على ربيع. مريع: صفة لـ "غيث"، والمصدر المؤول من "أن وما دخلت عليه": في محل جر بالباء، و"الجار والمجرور": متعلق بفعل "علم" في البيت السابق، والتقدير: علم الضيف بكونك ربيعا. وأنك: الواو عاطفة. أن: حرف مشبه بالفعل، والكاف: اسمه: "هناك" متعلق بـ "تكون"، أو بالثمال الآتي.
والكاف: حرف خطاب. تكون: فعل مضارع ناقص، واسمه: أنت. الثمالا: خبر تكون منصوب، والألف: للإطلاق، وجملة "تكون مع اسمها وخبرها": في محل رفع خبر "أن" المخففة.
موطن الشاهد: "بأنك ربيع، وأنك تكون".
وجه الاستشهاد: مجيء اسم "أن" المؤكدة المخففة من الثقيلة في الموضعين ضمير مخاطب، ومذكور في الكلام، والغالب أن يكون ضمير شأن، وأن يكون محذوفا، والشاهد -عند الجمهور- شاذ أو ضرورة، وعلمنا أن ابن مالك جوز أن يكون اسمها ضمير شأن، أو ضميرا غير ضمير الشأن، لكنه أوجب حذفه بكل حال، وعنده، يكون الشذوذ من وجه واحد، وهو ذكر الاسم، وفي قوله:"بأنك ربيع" يوجد شذوذ آخر عند سيبويه وابن الحاجب، وهو مجيء خبر "أن" المخففة مفردا، ومذهبهما أن يكون جملة.
وانظر شرح التصريح: 1/ 232.
ويجب في خبرها أن يكون جملة1، ثم إن كانت اسمية أو فعلية فِعْلُها جامد أو دعاء لم تحتج لفاصل، نحو:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 2، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} 3، {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} 4، ويجب
1 هذا إذا كان الاسم محذوفا، فإن ذكر كون الخبر جملة، وكونه مفردا، وقد اجتمعا في البيت السابق:
بأنك ربيع......
2 "10" سورة يونس، الآية:10.
موطن الشاهد: {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء الجملة بعد "أن" المخففة على من غير فاصل وهذا على اعتبار "أن" مخففة لا تفسيرية، واسم "أن" ضمير الشأن المحذوف، والتقدير:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
3 "53" سورة النجم، الآية:39.
موطن الشاهد: {أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ} .
وجه الاستشهاد: مجيء الجملة بعد "أن" المخففة جملة فعلية، فعلها جامد، ولم يفصل بينها وبين "أن" فاصل، واسم "أن" ضمير الشأن المحذوف، والتقدير: أنه ليس للإنسان....
4 "24" سورة النور، الآية:9.
أوجه القراءات: قرأ حفص: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ} بالنصب على تأويل، وتشهد الخامسة، وقرأ الباقون "والخامسةُ" بالرفع على الابتداء، وقرأ نافع "أن لعنة" بتخفيف نون "أن" ورفع "لعنة" على الابتداء، وقرأ نافع "أن غضب" بتخفيف النون، وكسر الضاد وفتح الباء، والله على هذا فاعل غضب. وقرأ الباقون: أن لعنة الله عليها، وأن غضب الله عليها.
توجيه القراءات: على قراءة أن غضب الله عليها بتخفيف النون، قال سيبويه:"ها هنا هاء مضمرة"، وأن "خفيفة من الثقيلة"، والمعنى: لأنه غضب الله عليها. حجة القراءات: 495-496، والبحر المحيط: 6/ 434، والكشاف: 2/ 52.
الفصل في غيرهن1 بقد، نحو:{وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} 2، أو تنفيس نحو:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُون} 3، أو نفي بلا، أو لن، أو لم، نحو: {وَحَسِبُوْا أَنْ لَاْ تَكُوْنَ
1 إن الداعي إلى التزام الفصل بين أن المفتوحة المخففة من الثقيلة وبين خبرها إذا لم يكن جملة اسمية، أو فعلية، فعلها جامد أو دعاء، بواحد من الفواصل التي ذكرها أمران: أولهما: أن يكون ذلك الفصل عوضا مما فقدته، وذلك؛ لأنهم خففوها وحذفوا اسمها، وثانيهما: مخافة الالتباس بأن المصدرية، وذلك، كما التزموا اللام مع المكسورة دفعا لـ "الالتباس بأن النافية"، ولما كانت أن المصدرية لا تدخل على الجملة الاسمية، ولا على الفعل الجامد، ولا على فعل الدعاء، لم يجيئوا بفاصل، من هذه الأنواع الثلاثة: لأنهم بمأمن من الالتباس الذي يحذرونه، وكان علم المخاطب بأن هذا المكان، مما لا تأتي فيه أن المصدرية كافيا عندهم، فلم يحتاجوا معه إلى دليل آخر.
شرح التصريح، وحاشية يس: 1/ 232-233 حاشية الصبان: 1/ 291- 292، وابن عقيل:"ط. دار الفكر" "1/ 297.
2 "5" سورة المائدة، الآية:113.
موطن الشاهد: {أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن المحذوف، وقد فصل بينها وبين الجملة الواقعة خبرا لها بـ "قد"، وقد فصل بـ "قد" لأنها تقرب الماضي من الحاضر.
3 "73" سورة المزمل، الآية:20.
موطن الشاهد: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن المحذوف، وفصل بينها وبين الجملة الواقعة خبرا لها بالسين "حرف التنفيس"، والفصل بـ "السين"؛ لِئلا تلتبس "أن" المخففة بأن المصدرية.
وشاهد "سوف" قول الشاعر:
واعلم؛ فعلم المرء ينفعه
…
أن سوف يأتي كل ما قدرا
وقول قيس بن رفاعة:
فإن عصيتم مقالي اليوم فاعترفوا
…
أن سوف تلقون خزيا ظاهر العار
فِتْنَةً} 1، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} 2، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} 3، أو لو، نحو:{أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ} 4، ويندر تركه، كقوله5:[الخفيف]
149-
علموا أن يؤملون فجادوا6
1 5 سورة المائدة، الآية:71.
موطن الشاهد: "أن لا تكون".
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن المحذوف، وقد فصل بينها وبين خبرها الواقع جملة بـ "لا" النافية، وهذا على قراءة من ضم نون تكون.
2 "90" سورة البلة، الآية:5.
موطن الشاهد: {أَنْ لَنْ يَقْدِرَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن المحذوف، وقد فصل بينها وبين الجملة الواقعة خبرا لها بـ "لن" الناصبة.
3 "90" سورة البلد، الآية:7.
موطن الشاهد: {أَنْ لَمْ يَرَهُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن المحذوف، وقد فصل بينهما وبين الجملة الواقعة خبرا لها بـ "لم" النافية الجازمة.
4 "7" سورة الأعراف، الآية:100.
موطن الشاهد: {أَنْ لَوْ نَشَاءُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن المحذوف، وقد فصل بينها وبين الجملة الواقعة خبرا لها بـ "لو".
5 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
6 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
قبل أن يُسْألوا بأعظم سُؤلِ
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 233، وابن عقيل:"107/ 1/ 388"، والأشموني:"284/ 1/ 147"، وهمع الهوامع: 1/ 143، والدرر اللوامع: 1/ 120، والعيني: 2/ 294، وقطر الندى:"57/ 206".
المفردات الغريبة: يؤملون: يرجون ويسألون. سؤل: مسئول ومطلوب.
المعنى: علم هؤلاء الأجواد أن الناس يرجون معروفهم وبرهم، فجاودا من العطاء، قبل أن يحوجوهم إلى السؤال والطلب بأعظم مسئول ومرجوٍّ.
الإعراب: علموا: فعل ماضٍ وفاعل. أن: مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن =
ولم يذكر "لو" في الفوصل إلا قليل من النحويين، وقول ابن الناظم:"إن الفصل بها قليل" وَهْمٌ منه على أبيه1.
= المحذوف. يؤملون: فعل مضارع مبني للمجهول، مرفوع، والواو: نائب فاعل، وجملة، "يؤملون": في محل رفع خبر "أن" المخففة. فجادوا: الفاء عاطفة. جادوا: فعل ماضٍ وفاعل. "قبل": متعلق بـ "جاد". أن: حرف مصدري ونصب. يسألوا: فعل مضارع مبني للمجهول، منصوب، وعلامة نصبه حذف النون، والواو: نائب فاعل، والمصدر المؤول من "أن وما دخلت عليه": في محل جر بالإضافة. "بأعظم": متعلق بـ "جاد". سؤل: مضاف إليه.
موطن الشاهد: "أن يؤملون".
وجه الاستشهاد: مجيء "أن" المخففة من الثقيلة عاملة، واسمها ضمير الشأن المحذوف، وخبرها: جملة "يؤملون"، ولم يفصل بينها وبين الجملة الفعلية ذات الفعل المتصرف، وغير المفيد الدعاء، بفاصل، وحكم عدم الفصل بينها وبينه بفاصل نادر عند الجمهور.
1 أي: غلط، فإن نص عبارة الناظم:"وأكثر النحويين لم يذكروا الفصل بين "أن" المخففة وبين الفعل "بـ "لو"، وهذا لا ينافي ورودها كثيرا في الفصيح، وإلى هذا يشير الناظم:
فالأحسن الفصل بقد، أو نفيٍ اوْ
…
تنفيسٍ اوْ لو؛ وقليل ذكر لو
ففهم ابنه "وقليل ذكر لو" أن مجيئها في الكلام العربي فاصلا قليل، وهذا الفهم، ليس مستقيما؛ لأنها وردت في القرآن الكريم، كما في الآية المستشهد بها، وكما في قوله تعالى:{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} ، ولكن القليل هو ذكر النحاة لهذا الحرف في الفواصل، وهذا التعليق للمؤلف على ابن الناظم، غير أن عبارة ابن الناظم، ليس فيها ما ظن ابن هشام، بل هي واضحة الدلالة على ما يقصد والده، فهي "وأكثر النحويين لم يذكروا الفصل بين أن المخففة وبين الفعل بـ "لو" وإلى ذلك أشار بقوله:"وقليل ذكر لو". شرح التصريح: 1/ 234.
وخلاصة ما تقدم: أن الفعل غير الجامد، وغير الدعاء بعد "أن" المخففة المفتوحة الهمزة إما مثبت وإما منفي. وهو إما أن يكون ماضيا أو مضارعا، فالماضي المثبت يفصل بـ "قد"، نحو:{وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} ، والمضارع المثبت، يفصل بالسين، أو سوف، كما في المتن، والماضي المنفي يفصل بـ "لا" نحو: عملت أن لا حضر زيد ولا اعتذر، والمضارع المنفي، يفصل بـ "لا" أو "لن" أو "لم" كما في المتن، وأما "لو" فتأتي فاصلا مع الماضي والمضارع. انظر شرح التصريح: 1/ 233.
[تخفف "كأن" ويبقى عملها] :
وتخفف "كأن" فيبقى أيضا إعمالها، لكن يجوز ثبوت اسمها1 وإفراد خبرها، كقوله2:[مشطور الرجز]
150-
كأنْ وريديه رشاءٌ خُلُبْ3
وقوله4: [الطويل]
151-
كأنْ ظبية تعطو إلى وارق السَّلَمْ5
1 ويجوز حذفه، والغالب أن يكون ضمير الشأن، وقد يكون لغيره وإذا كان اسمه ضمير الشأن، وجب أن يكون خبرها جملة؛ لأن ضمير الشأن، لا بد له من جملة بعده تفسره.
2 هو رؤبة بن العجاج، وقد مرت ترجمته.
3 تخريج الشاهد: البيت من شواهد: التصريح: 1/ 234، سيبويه: 1/ 480، والمقتضب: 1/ 50، وشرح المفصل: 8/ 72، 83، والمقرب: 20، والخزانة: 4/ 356، والعيني: 2/ 299، واللسان "خلب" وملحقات ديوان رؤبة:169.
المفردات الغريبة: وريديه: عرقان في الرقبة. رشاء: بكسر الراء والمد، وهو مفرد، لا مثنى، وصحح الصاغاني أنه مثنى والرشاء: الحبل. خلب: بضم الخاء: الليف، وقيل: هو البئر العميق القعر.
المعنى: كأن عرقي هذا الرجل المعروفين بالوريدين حبل من الليف في الغلظ وخشونة الملمس.
الإعراب: كأن: حرف مشبه بالفعل مخفف من "كأن" المثقلة. وريديه: اسم "كأن" منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى، والهاء: مضاف إليه: رشاء: خبر كأن مرفوع. خلب: صفة لـ "رشاء" مرفوعة وعلامة رفعها الضمة المقدرة، منع من ظهورها سكون الوقف.
موطن الشاهد: "كأن وريديه رشاء".
وجه الاستشهاد: مجيء "كأن" مخففة من الثقيلة، ومجيء اسمها مذكورا، وكذا خبرها الذي جاء مفردا غير جملة، وحكم ظهور اسمها، ومجيء خبرها مفردا الجواز من غير ضرورة ولا شذوذ.
4 القائل هو: علباء بن أرقم اليشكري، أحد بني بكر بن وائل، شاعر جاهلي كان معاصرا للنعمان بن المنذر.
الخزانة: 4/ 364، ومعجم الشعراء:304.
5 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله: =
يروى بالرفع على حذف الاسم، أي: كأنها، وبالنصب على حذف الخبر، أي: كأن مكانها، وبالجر على أن الأصل كظبية، وزيد "أن" بينهما.
=
ويوما توافينا بوجه مقسم
وفيه يذكر الشاعر امرأته، ويمدحها، وهو من شواهد.
التصريح: 1/ 234، والأشموني:"287/ 1/ 147"، وهمع الهوامع: 1/ 143، والدرر اللوامع: 1/ 120، والكتاب لسيبويه: 1/ 281، 481، وبالمنصف: 3/ 128، وأمالي ابن الشجري: 2/ 3، والإنصاف: 1/ 202، وشرح المفصل: 8/ 72، 83 والمقرب: 20/ 116، والخزانة: 4/ 364، 489 واللسان "قسم" وشذور الذهب:"140/ 271"، والمغني:"41/ 51" والسيوطي: 41، وقطر الندى:"59/ 208".
وقد نسب السيرافي البيت إلى أرقم بن علباء، كما نسبه النحاس إلى باعث بن صريم اليشكري.
المفردات الغريبة: توافينا: تأتينا وتزورنا. وجه مقسم: جميل حسن. تعطو: تتناول أو تمد عنقها وتميله، وارق السلم: أي شجر السلم المورق، من إضافة الصفة إلى الموصوف، والسلم: شجرة العضاه له شوك، ويروي مكانه: ناضر السلم.
المعنى: يقول الشاعر: إن هذه المحبوبة تزورنا في بعض الأوقات، بوجه نضر جميل، وكأنها في حسن قوامها، وخفة حركتها ظبية، تتناول الورق من شجر السلم.
الإعراب: "يوما" متعلق بـ "توافينا". توافينا: فعل مضارع، والفاعل: هي، والياء، مفعول به "بوجه": متعلق بـ "توافي". مقسم: صفة لـ "وجه" مجرورة. كأن: مخففة من الثقيلة. ظبية: "يروى بالرفع والنصب والجر": فعلى الرفع على أنه خبر "كأن" واسمها محذوف، والتقدير: كأنها ظبية، وعلى رواية النصب، فعلى أن ظبية اسم "كأن" والخبر محذوف، والتقدير: كأن ظبية مكانها، أو نحو ذلك، وعلى رواية الجر، فعلى أن الكاف من "كأن": حرف جر، و"أن": حرف زائد، وظبية مجرور بالكاف، والوجه الأول أفضل. تعطو: فعل مضارع مرفوع، والفاعل هي، و"الجملة" في محل رفع أو نصب أو جر صفة لـ "ظبية". "إلى وارق": متعلق بـ "تعطو".
السلم: مضاف إليه.
موطن الشاهد: "كأن ظبية".
وجه الاستشهاد: حذف اسم "كأن" على رواية رفع ظبية من غير أن يكون ضمير شأن وإفراد خبرها على هذه الرواية، وأما على رواية نصب "ظبية" ففيه دليل على جواز ذكر اسم "كأن" المخففة في الكلام، والوجهان جائزان كما أسلفنا.
وإذا حذف الاسم وكان الخبر جملة اسمية لم يحتج لفاصل، كقوله1:[الهزج]
152-
كأن ثدياه حقان2
1 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، ويروى صدره هكذا:
ووجه مشرق اللون
ويروى أيضا:
وصدر مشرق النحر
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 234، وابن عقيل:"108/ 1/ 391" والأشموني: "286/ 1/ 147" وهمع الهوامع: 1/ 143، والدرر اللوامع: 1/ 120، وكتاب سيبويه: 1/ 281، 283، والمحتسب: 1/ 9، والمنصف: 3/ 128، وأمالي ابن الشجري: 1/ 237، 2/ 3، 243، والإنصاف: 197، وشرح المفصل: 8/ 72، والخزانة: 4/ 358، والعيني: 2/ 305، والشذور:"141/ 372" والقطر: "60/ 209".
المفردات الغريبة: مشرق: مضيء. النحر: موضع القلادة من العنق. حقان: تثنية حق، وهو الوعاء المعروف.
المعنى: هذه الفتاة لها صدر، أعلاه ناصع البياض كأن الثديين فيه حقان في الاستدارة والصغر. والعرب كثيرا ما تشبه الثدي بحق العاج.
الإعراب: وصدر: الواو واو رب المحذوفة. صدر: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ. مشرق: صفة لـ "صدر". النحر: مضاف إليه. كأن: مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن المحذوف. ثدياه: مبتدأ، والهاء: مضاف إليه. حقان: خبر، وجملة "ثدياه حقان": في محل رفع خبر "كأن" المخففة، وجملة "كأن ثدياه حقان": في محل رفع خبر المبتدأ وعلى رواية كأن ثدييه حقان: فـ "ثدييه": اسم "كأن" منصوب، وحقان: خبر وعلى رواية وصدر، فالواو استئنافية، أو عاطفة، و"صدر" مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: ولها صدر.
موطن الشاهد: "كأن ثدياه حقان".
وجه الاستشهاد: حذف اسم "كأن" المخففة من الثقيلة، ومجيء خبرها جملة اسمية، ولم يفصل بينها وبين كأن فاصل، وهذا جائز على التغليب؛ لأنها لا تحتاج إلى فاصل، كما أسلفنا.
وإن كانت الجملة فعلية1 فصلت بلم أو قد، نحو:{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} 2، ونحو قوله3:[الخفيف]
153-
لا يهولَنَّكَ اصطلاء لظى الحر
…
ب فمحذورها كأنْ قد أَلَمَّا4
1 أي: فعلها غير جامد، وغير دعائي؛ قياسا على "أن".
2 "10" سورة يونس، الآية:34.
موطن الشاهد: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "كأن" مخففة من الثقيلة، ومجيء خبرها جملة فعلية، فعلها مضارع ففصل بينهما بـ "لم".
3 لم ينسب إلى قائل معين.
4 تخريج الشاهد:
البيت من شواهد: التصريح: 1/ 235، والأشموني:"288/ 1/ 148" والشذور "142/ 286"، والعيني: 2/ 306.
المفردات الغريبة: يهولنك، الهول: الفزع، يقال: هاله الأمر يهوله إذا أفزعه. اصطلاء: من اصطليت بالنار وتصلَّيت بها. لظى الحرب: نارها، وأراد شدائدها ومكروهاتها. محذورها: ما يحذر من أمرها. ألما: من الإلمام، وهو النزول، يقال: ألم به أمر: إذا نزل به.
المعنى: لا يزعجنك اقتحام الحروب وويلاتها، فإن الذي تخشاه منها وتحذره وهو الموت لا بد منه، وكأنه نزل بك، فلا فائدة من التحرز عنه.
الإعراب: لا يهولنك: لا ناهية، يهولنك: فعل مضارع مبني على الفتح؛ لِاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بـ "لا" الناهية، ونون التوكيد؛ لِا محل لها من الإعراب، والكاف: مفعول به. اصطلاء: فاعل مرفوع. لظى: مضاف إليه. الحرب: مضاف إليه ثانٍ. فمحذورها: الفاء تعليلية، محذور، مبتدأ، و"ها": مضاف إليه. كأن: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير غيبة -يعود إلى المحذور- محذوف، والتقدير: كأنه قد: حرف تحقيق. ألما: فعل ماضٍ، والفاعل هو، يعود إلى اسم كأن المحذوف، والألف: للإطلاق، وجملة "ألما" في محل رفع خبر "كأن" المخففة، وجملة "كأن وخبرها": في محل رفع خبر المبتدأ "محذور"، وجملة "المبتدأ وخبره": تعليلية، لا محل لها.
موطن الشاهد: "كأن قد ألما".
وجه الاستشهاد: مجيء "كأن" مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الغيبة المحذوف، ومجيء خبرها جملة فعلية، فعلها ماضٍ، ولذا، فصل بينهما بـ "قد" على القياس.
[تخفف لكن فتهمل وجوبا] :
مسألة:
وتخفف "لكن" فتهمل وجوبا1، نحو:{وَلَكِنِ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} 2 وعن يونس والأخفش جواز الإعمال3.
1 لزوال اختصاصها بالجملة الاسمية، فتدخل عليها وعلى الفعلية، وعلى المفرد، ومعناها باقٍ، وهو الاستدراك، وأما "لعل" فلا يجوز تخفيف لامها مطلقا. حاشية الصبان: 1/ 294، والتصريح: 1/ 235.
2 "8" سورة الأنفال، الآية:17.
موطن الشاهد: {وَلَكِنِ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "لكن" مخففة من الثقيلة مهملة؛ لِزوال اختصاصها بالجملة الاسمية لمباينة لفظها لفظ الفعل "لم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وحكم إلغائها الوجوب عند الجمهور، وجاء عن يونس والأخفش جواز الإعمال قياسا على "أن" المخففة، ولم يسمع عن العرب، والفرق بينها وبين "أن" زوال الاختصاص. شرح التصريح: 1/ 235.
3 أي قياسا على "أن" المخففة العاملة، ومذهبهما في هذه المسألة فاسد لا يؤخذ به لما أوضحناه.