الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش- تعريفات العلوم ومصطلحاتها
معلوم أن لكل علم حداً وتعريفاً، ولكل علم أيضاً مصطلحات ورسوماً. وقد يقع في المصطلح اشتراك لغوي، حين يستعمل في أكثر من علم: كالخبر عند المحدثين، والخبر عند النحاة، والخبر عند البلاغيين (1)
. ومثل الغصب في الشرع، وهو " أخذ مالٍ متقوم محترم بلا إذن مالكه بلا خفيفة". والغصب في آداب البحث والمناظرة، وهو " منع مقدمة الدليل، وإقامة الدليل على نفيها قبل إقامة المعلل الدليل على ثبوتها "(2) .
وقد تكفل علماء كل علم بتعريفه، وتحديد مصطلحاته، ثم جاء آخرون فرأوا في توزع ذلك على العلوم والفنون كلفة ومشقة، فانتزعوا من العلوم تعريفاتها ومصطلحاتها، وجمعوهما في مصنفات مفردة، كانت أساساً لما عرف في تاريخ العلم بالموسوعات.
(1) الخبر عند المحدثين يأتي مرادفاً للحديث. وقيل: الحديث: ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. والخبر: ما جاء عن غيره. وفي ذلك تفصيل تراه في تدريب الراوي للسيوطي 1/184 (النوع السابع) . والتعريفات للجرحاني ص96.
والخبر عند النحويين: هو الجزء الذي تتألف منه مع المبدأ جملة، وتتم به الفائدة. والخبر عند البلاغين: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته، ويقال في مقابل الإنشاء. بل إن المصطلح داخل العلم الواحد يختلف مدلوله من موضع إلى موضع. مثل "المفرد" في علم النحو: فهو في باب تقسيم الاسم من حيث العدد: ما ليس مثنى ولا مجموعا، وفي باب المبتدأ والخبر: ما ليس جملة ولا شبه جملة. وفي باب النداء، و "لا" النافية للجنس: ما ليس مضافاً ولا شبيها بالمضاف.
(2)
التعريفات، ص162.
ولقد كانت عناية العرب بذلك اللون من التأليف مبكرة. فمن أقدم من صنف في ذلك: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف البلخي الخوارزمي الكاتب، المتوفى سنة 387هـ، الذي صنف كتاب " مفاتيح العلوم ".
ثم تلته عدة مصنفات، دارت في هذا الفلك، وإن اختلفت بعض الاختلاف؛ من حيث التوسع في تعريف العلوم، وتحديد المصطلحات، والعناية بتراجم المصنفين.
وإليك أشهر المطبوع من هذه المصنفات:
1-
مفاتيح العلوم (1) . لأبي عبد الله الخوارزمي، الذي ذكرت لك ريادته وسبقه.
2-
التعريفات. للسيد الشريف، علي بن محمد بن علي الجرجاني (816هـ) .
3-
الكليات. لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكوفي (1094هـ) .
(1) أما كتاب " مفتاح العلوم " لأبي يعقوب يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي الخوازمي الحنفي، المتوفى سنة 626هـ: فليس من هذا الباب. وإنما هو كتاب بلاغة، كما يصنف قديماً وحديثاً. وإن كان مؤلفه قد قسمه إلى ثلاثة أقسام:
الأول: في علم الصرف. والثاني في علم النحو. والثالث في علمي المعاني والبيان، ثم ألم بشيء من علم البديع، وعلم الحد والاستدلال، وجعل الخاتمة في علم الشعر، وهو العروض والقوافي.
4-
كشاف اصطلاحات الفنون. لمحمد أعلى بن علي بن محمد التهانوى. أتم تأليفه سنة 1158هـ. ولم يعرف له تاريخ وفاة.
5-
أبجد العلوم - ويسمى الوشى المرقوم في بيان أحوال العلوم - لأبي الطيب صديق (1) بن حسين بن علي الحسيني البخاري القنوجي (1307هـ) .
وينبغي أن يدرج في هذا الفن أيضاً، الكتابان اللذان سبقا في "علم قوائم الكتب". وهما: مفتاح السعادة، لطاش كبرى زاده، وكشف الظنون، للحاج خليفة، وذلك لعنايتهما بتعريفات العلوم. وقد عول عليهما كثيرا صاحب " أبجد العلوم ".
* * *
وبعد: فهذا آخر ما من الله به، ووفق إليه، من وضع هذه الرسالة الموجزة، في علم التراجم والبلدان، والضبط، وقوائم الكتب، وتعريفات العلوم. وقد قصدت بها أبناءنا لطبة الدراسات العليا. فإن وجد فيها أهل العلم خيراً ونفعاً، فتلك نعمة يتقاصر عنها جهدي الكليل.
واستغفر الله من كل عثرة وزلة، وابرأ إليه من كل حول وقوة، سبحانه، لا رجاء إلا إليه، ولا اتكال إلا عليه، ولا طمع إلا فيما عنده.
(1) هكذا سمى المؤلف نفسه في الترجمة الذاتية التي وضعها في آخر الكتاب 3 / 271، وسماه الزركلي:"محمد صديق". الأعلام 6/167.
وكنت ذلكم أبو أروى. محمود محمد الطناحي، بمكة البلد الأمين، في الليلة التي يسفر صباحها عن يوم الجمعة المبارك، التاسع والعشرين، من شهر ربيع الأول، سنة خمس وأربعين وأربعمائة بعد الألف، من هجرة المصطفى الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. والحمد لله رب العالمين. .