الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السين
(سبب) : السبب الحبل الذي يصعد به النخل وجمعه أسباب قال تعالى: فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ والإشارة بالمعنى إلى نحو قوله: أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ وسمى كل ما يتوصل به إلى شىء سببا، قال تعالى: وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً ومعناه أن اللَّه تعالى أتاه من كل شىء معرفة وذريعة يتوصل بها فأتبع واحدا من تلك الأسباب وعلى ذلك قوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ أي لعلى أعرف الذرائع والأسباب الحادثة فى السماء فأتوصل بها إلى معرفة ما يدعيه موسى، وسمى العمامة والخمار والثوب الطويل سببا تشبيها بالحبل فى الطول. وكذا منهج الطريق وصف بالسبب كتشبيهه بالخيط مرة وبالثوب المحدود مرة. السبب الشتم الوجيع قال تعالى:
وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وسبهم للَّه ليس على أنهم يسبونه صريحا ولكن يخوضون فى ذكره فيذكرونه بما لا يليق به ويتمادون فى ذلك بالمجادلة فيزدادون فى ذكره بما تنزه تعالى عنه وقول الشاعر:
فما كان ذنب بنى مالك
…
بأن سبب منهم غلاما فسب
بأبيض ذى شطب قاطع
…
يقد العظام ويبرى القصب
فإنه نبه على ما قاله الآخر:
ونشتم بالأفعال لا بالتكلم
والسبب المسابب، قال الشاعر:
لا تسبننى فلست بسبى
…
إن سبى من الرجال الكريم
والسبة ما يسب وكنى بها عن الدبر، وتسميته بذلك كتسميته بالسوأة.
والسبابة سميت للإشارة بها عند السب، وتسميتها بذلك كتسميها بالمسبحة لتحريكها بالتسبيح.
(سبت) : أصل السبت القطع ومنه سبت السير قطعه وسبت شعره حلقه وأنفه اصطلمه، وقيل سمى يوم السبت لأن اللَّه تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة أيام كما ذكره فقطع عمله يوم السبت فسمى بذلك، وسبت فلان صار فى السبت وقوله: يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً قيل يوم قطعهم للعمل وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ قيل معناه لا يقطعون العمل وقيل يوم لا يكونون فى السبت وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة، وقوله: إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ أي ترك العمل فيه وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً أي فطعا للعمل وذلك إشارة إلى ما قال فى صفة الليل: لِتَسْكُنُوا فِيهِ.
(سبح) : السبح المر السريع فى الماء وفى الهواء، يقال سبح سبحا وسباحة واستعير لمر النجوم فى الفلك نحو: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ولجرى الفرس نحو: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً ولسرعة الذهاب فى العمل نحو: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا والتسبيح تنزيه اللَّه تعالى وأصله المر السريع فى عبادة اللَّه تعالى وجعل ذلك فى فعل الخير كما جعل الإبعاد فى الشر فقيل أبعده اللَّه، وجعل التسبيح عاما فى العبادات قولا كان أو فعلا أو نية، قال: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قيل من المصلين والأولى أن يحمل على ثلاثتها، قال: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ- وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ- فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ- لَوْلا تُسَبِّحُونَ أي هلا تعبدونه وتشكرونه وحمل ذلك على الاستثناء وهو أن يقول إن شاء اللَّه ويدل على ذلك بقوله: إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ وقال: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فذلك نحو قوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً- وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فذلك يقتضى أن يكون تسبيحا على الحقيقة وسجودا له على وجه لا نفقهه بدلالة قوله:
وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ودلالة قوله: وَمَنْ فِيهِنَّ بعد ذكر السموات والأرض ولا يصح أن يكون تقديره: يسبح له من فى السموات، ويسجد له من فى الأرض، لأن هذا مما نفقهه ولأنه محال أن يكون ذلك تقديره ثم يعطف عليه بقوله: وَمَنْ فِيهِنَّ والأشياء كلها تسبح له وتسجد بعضها بالتسخير، وبعضها بالاختيار ولا خلاف أن السموات والأرض والدواب مسبحات بالتسخير من حيث إن أحوالها تدل على حكمة اللَّه تعالى، وإنما الخلاف
فى السموات والأرض هل تسبح باختيار؟ والآية تقتضى ذلك بما ذكرت من الدلالة، وسبحان أصله مصدر نحو غفران قال: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ- سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا وقول الشاعر:
سبحان من علقمة الفاجر
قيل تقديره سبحان علقمة على طريق التهكم فزاد فيه من راد إلى أصله، وقيل أراد سبحان اللَّه من أجل علقمة فحذف المضاف إليه. والسبوح القدوس من أسماء اللَّه تعالى وليس فى كلامهم فعول سواهما وقد يفتحان نحو كلوب وسمور، والسبحة التسبيح وقد يقال للخرزات التي بها يسبح سبحة.
(سبح) : قرىء: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً أي سعة فى التصرف، وقد سبخ اللَّه عنه الحمى فتسبخ أي تغشى والتسبيخ ريش الطائر والقطن المندوف ونحو ذلك مما ليس فيه اكتناز وثقل.
(سبط) : أصل السبط انبساط فى سهولة يقال شعر سبط وسبط وقد سبط سبوطا وسباطة وسباطا وامرأة سبطة الخلقة ورجل سبط الكفين ممتدهما ويعبر به عن الجود، والسبط ولد الولد كأنه امتداد الفروع، قال: وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ أي قبائل كل قبيلة من نسل رجل أسباطا أمما. والساباط المنبسط بين دارين. وأخذت فلانا سباط أي حمى تمطه، والسباطة خير من قمامة، وسبطت الناقة ولدها، أي ألقته.
(سبع) : أصل السبع العدد قال: سَبْعَ سَماواتٍ- سَبْعاً شِداداً يعنى السموات السبع وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ- سَبْعَ لَيالٍ- سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ- سَبْعُونَ ذِراعاً- سَبْعِينَ مَرَّةً- سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي قيل سورة الحمد لكونها سبع آيات، السبع الطوال من البقرة إلى الأعراف وسمى سور القرآن المثاني لأنه يثنى فيها القصص ومنه السبع والسبيع والسبع فى الورود. والأسبوع جمعه أسابيع ويقال طفت بالبيت أسبوعا وأسابيع وسبعت القوم كنت سابعهم، وأخذت سبع أموالهم، والسبع معروف وقيل سمى بذلك لتمام قوته وذلك أن السبع من الأعداد التامة وقول الهذلي:
كأنه عبد لآل أبى ربيعة مسبع أي قد وقع السبع فى غنمه وقيل معناه المهمل مع السباع، ويروى مسبع بفتح
الباء وكنى بالمسبع عن الدعي الذي لا يعرف أبوه، وسبع فلان فلانا اغتابه وأكل لحمه أكل السباع، والمسبع موضع السبع.
(سبغ) : درع سابغ تام واسع قال اللَّه تعالى: أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وعنه استعير إسباغ الوضوء وإسباغ النعم قال: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ.
(سبق) : أصل السبق التقدم فى السير نحو: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً والاستباق التسابق قال: إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ- وَاسْتَبَقَا الْبابَ ثم يتجوز به فى غيره من التقدم، قال: ما سَبَقُونا إِلَيْهِ- سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ أي نفذت وتقدمت، ويستعار السبق لإحراز الفضل والتبريز. وعلى ذلك: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أي المتقدمون إلى ثواب اللَّه وجنته بالأعمال الصالحة نحو قوله:
وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وكذا قوله: وَهُمْ لَها سابِقُونَ وقوله:
وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي لا يفوتوننا وقال: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا وقال: وَما كانُوا سابِقِينَ تنبيه أنهم لا يفوتونه.
(سبل) : السبيل الطريق الذي فيه سهولة وجمعه سبل قال: وَأَنْهاراً وَسُبُلًا- وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا- لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ يعنى به طريق الحق لأن اسم الجنس إذا أطلق يختص بما هو الحق وعلى ذلك: ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ وقيل لسالكه سابل وجمعه سابلة وسبيل سابل نحو شعر شاعر، وابن السبيل المسافر البعيد عن منزله، نسب إلى السبيل لممارسته إياه، ويستعمل السبيل لكل ما يتوصل به إلى شىء خيرا كان أو شرّا، قال: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ- قُلْ هذِهِ سَبِيلِي وكلاهما واحد ولكن أضاف الأول إلى المبلغ، والثاني إلى السالك بهم، قال: قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ- إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ- وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ- فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ويعبر به عن المحجة، قال: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي- سُبُلَ السَّلامِ أي طريق الجنة ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ- فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ- إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ- إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا وقيل أسبل الستر والذيل وفرس مسبل الذنب وسبل المطر وأسبل وقيل للمطر سبل مادام سابلا أي سائلا فى الهواء وخص السبلة بشعر الشفة العليا لما فيها من التحدر، والسنبلة جمعها سنابل وهى ما على الزرع، قال: سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ وقال:
وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأسبل الزرع صار ذا سنبلة نحو أحصد وأجنى، والمسبل اسم القدح الخامس.
(سبأ) : وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ سبأ اسم بلد تفرق أهله ولهذا يقال ذهبوا أيادى سبأ أي تفرقوا تفرق أهل هذا المكان من كل جانب، وسبأت الخمر اشتريتها، والسابياء جلد فيه الولد.
(ست) : قال: فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وقال: سِتِّينَ مِسْكِيناً فأصل ذلك سدس ويذكر فى بابه إن شاء اللَّه.
(ستر) : الستر تغطية الشيء، والستر والسترة ما يستتر به قال: لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً- حِجاباً مَسْتُوراً والاستتار الاختفاء، قال: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ.
(سجد) : السجود أصله التطامن والتذلل وجعل ذلك عبارة عن التذلل للَّه وعبادته وهو عام فى الإنسان والحيوانات والجمادات وذلك ضربان سجود باختيار وليس ذلك إلا للإنسان وبه يستحق الثواب نحو قوله: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا أي تذللوا له وسجود تسخير وهو للإنسان والحيوانات والنبات وعلى ذلك قوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً- وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وقوله: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ فهذا سجود تسخير وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم، وقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ينطوى على النوعين من السجود والتسخير والاختيار، وقوله: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ فذلك على سبيل التسخير وقوله: اسْجُدُوا لِآدَمَ قيل أمروا بأن يتخذوه قبلة، وقيل أمروا بالتذلل له والقيام بمصالحه ومصالح أولاده فائتمروا إلا إبليس، وقوله: ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً أي متذللين منقادين، وخص السجود فى الشريعة بالركن المعروف من الصلاة وما يجرى مجرى ذلك من سجود القرآن وسجود الشكر، وقد يعبر به عن الصلاة بقوله: وَأَدْبارَ السُّجُودِ أي أدبار الصلاة ويسمون صلاة الضحى سبحة الضحى وسجود الضحى وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قيل أريد به الصلاة والمسجد موضع للصلاة اعتبارا بالسجود وقوله: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ قيل عنى به الأرض إذ قد جعلت الأرض كلها مسجدا وطهورا كما روى فى الخبر، وقيل المساجد مواضع السجود الجبهة والأنف واليدان والركبتان والرجلان وقوله:
أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ أي يا قوم اسجدوا وقوله: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أي متذللين وقيل كان السجود على سبيل الخدمة فى ذلك الوقت سائغا وقول الشاعر:
وافى بها كدارهم الأسجاد
عنى بها دارهم عليها صورة ملك سجدوا له
(سجر) : السجر تهييج النار، يقال: سجرت التنور، ومنه وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ قال الشاعر:
إذا ساء طالع مسجورة
…
ترى حولها النبع والسمسما
وقوله: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ أي أضرمت نارا عن الحسن، وقيل غيضت مياهها وإنما يكون كذلك لتسخير النار فيه. ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ نحو:
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ وسجرت الناقة استعارة لا لتهابها فى العدو نحو اشتعلت الناقة، والسجير الخليل الذي يسجر فى مودة خليله كقولهم فلان محرق فى مودة فلان، قال الشاعر:
سجراء نفسى غير جمع إشابة
(سجل) : السجل الدلو العظيمة، وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب، وأسجلته أعطيته سجلا، واستعير للعطية الكثيرة والمساجلة المساقاة بالسجل وجعلت عبارة عن المباراة والمناضلة، قال:
ومن يساجلنى يساجل ما جدا
والسجيل حجر وطين مختلط وأصله فيما قيل فارسى معرب، والسجل قيل حجر كان يكتب فيه ثم سمى كل ما يكتب فيه سجلا، قال تعالى: كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ، أي كطيه لما كتب فيه حفظا له.
(سجن) : السجن الحبس فى السجن، وقرىء: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ بفتح السين وكسرها. قال: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ- وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ والسجين اسم لجهنم بإزاء عليين وزيد لفظه تنبيها على زيادة معناه وقيل هو اسم للأرض السابعة، قال: لَفِي سِجِّينٍ- وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ وقد قيل إن كل شىء ذكره اللَّه تعالى بقوله: وَما أَدْراكَ فسره وكل ما ذكر بقوله: وَما يُدْرِيكَ تركه مبهما، وفى هذا الموضع ذكر: وَما أَدْراكَ
وكذا فى قوله: وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ ثم فسر الكتاب لا السجين والعليين وفى هذه لطيفة موضعها الكتب التي تتبع هذا الكتاب إن شاء اللَّه تعالى، لا هذا.
(سجى) : قال تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا سَجى أي سكن وهذا إشارة إلى ما قيل هدأت الأرجل، وعين ساجية فاترة الطرف وسجى البحر سجوا سكنت أمواجه ومنه استعير تسجية الميت أي تغطيته بالثوب.
(سحب) : أصل السحب الجر كسحب الذيل والإنسان على الوجه ومنه السحاب إما لجر الريح له أو لجره الماء أو لانجراره فى مره، قال تعالى:
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ قال تعالى: يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ وقيل فلان يتسحب على فلان كقولك ينجر وذلك إذا تجرأ عليه والسحاب الغيم فيها ماء أو لم يكن ولهذا يقال سحاب جهام، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً- حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً وقال: وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ وقد يذكر لفظه ويراد به الظل والظلمة على طريق التشبيه، قال تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ.
(سحت) : السحت القشر الذي يستأصل، قال تعالى: فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وقرىء: فَيُسْحِتَكُمْ يقال سحته وأسحته ومنه السحت للمحظور الذي يلزم صاحبه العار كأنه يسحت دينه ومروءته، قال تعالى: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ أي لما يسحت دينهم.
وقال عليه السلام: «كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به»
وسمى الرشوة سحتا
وروى: «كسب الحجام سحت»
فهذا لكونه ساحتا للمروءة لا للدين، ألا ترى أنه أذن عليه السلام فى إعلافه الناضح وإطعامه المماليك.
(سحر) : السحر طرف الحلقوم، والرئة وقيل انتفخ سحره وبعير سحر عظيم السحر والسحارة ما ينزع من السحر عند الذبح فيرعى به وجعل بناؤه بناء النفاية والسقاطة وقيل منه اشتق السحر وهو إصابة السحر والسحر يقال على معان: الأول الخداع وتخيلات لا حقيقة لها نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الأبصار عما يفعله لخفة يد، وما يفعله النمام بقول مزخرف عائق للأسماع وعلى ذلك قوله تعالى: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ، وقال: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ
سِحْرِهِمْ
، وبهذا النظر سموا موسى عليه السلام ساحرا فقالوا: يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ، والثاني استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه كقوله تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ وعلى ذلك قوله تعالى: وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ والثالث ما يذهب إليه الأغتام وهو اسم لفعل يزعمون أنه من قوته يغير الصور والطبائع فيجعل الإنسان حمارا ولا حقيقة لذلك عند المحصلين. وقد تصور من السحر تارة حسنة فقيل: إن من البيان لسحرا وتارة دقة فعله حتى قالت الأطباء الطبيعية ساحرة وسموا الغذاء سحرا من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره، قال تعالى: بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ أي مصروفون عن معرفتنا بالسحر. وعلى ذلك قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ قيل ممن جعل له سحر تنبيها أنه محتاج إلى الغذاء كقوله تعالى: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ونبه أنه بشر كما قال: ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وقيل معناه ممن جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتى به ويدعيه، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً وقال تعالى: فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً وعلى المعنى الثاني دل قوله تعالى: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ قال تعالى: وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ وقال: أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ وقال: فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ- فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ والسحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار وجعل اسما لذلك الوقت ويقال لقيته بأعلى السحرين والمسحر. الخارج سحرا، والسحور اسم للطعام المأكول سحرا والتسحر أكله.
(سحق) : السحق تفتيت الشيء تفتيت الشيء ويستعمل فى الدواء إذا فتت يقال سحقته فانسحق، وفى الثوب إذا أخلق يقال أسحق والسحق الثوب البالي ومنه قيل أسحق الضرع أي صار سحقا لذهاب لبنه ويصح أن يجعل إسحق منه فيكون حينئذ منصرفا، وقيل: أبعده اللَّه وأسحقه أي جعله سحيقا وقيل سحقه أي جعله باليا، قال تعالى: فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ وقال تعالى: أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ ودم منسحق وسحوق مستعار كقولهم مزرور.
(سحل) : قال: فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ أي شاطىء البحر أصله من سحل الحديد أي برده وقشره وقيل أصله أن يكون مسحولا لكن جاء على لفظ الفاعل كقولهم هم ناصب وقيل بل تصور منه أنه يسحل الماء أي يفرقه ويضيقه والسحالة البرادة، والسحيل والسحال نهيق الحمار كأنه شبه صوته بصوت سحل الحديد، والمسحل اللسان الجهير الصوت كأنه تصور منه سحيل الحمار من حيث رفع صوته لا من حيث نكرة صوته كما قال تعالى: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ والمستحلتان: حلقتان على طرفى شكيم اللجام.
(سخر) : التسخير سياقة إلى الغرض المختص قهرا، قال تعالى:
وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ- وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ- وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ- وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ كقوله: سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ- سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا فالمسخر هو المقيض للفعل والسخرى هو الذي يقهر فيتسخر بإرادته، قال: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا، وسخرت منه واستخرته للهزء منه، قال تعالى: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ- بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وقيل رجل سخرة لمن سخر وسخرة لمن يسخر منه. والسخرية والسخرية لفعل الساخر. وقوله تعالى: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا وسخريا، فقد حمل على الوجهين على التسخير وعلى السخرية قوله تعالى: وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا. ويدل على الوجه الثاني قوله بعد:
وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ.
(سخط) : السخط والسخط الغضب الشديد المقتضى للعقوبة، قال:
إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ وهو من اللَّه تعالى إنزال العقوبة، قال تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ- أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ- كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ.
(سد) : السد والسد قيل هما واحد وقيل السد ما كان خلقة والسد ما كان صنعة، وأصل السد مصدر سددته، قال تعالى: بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا وشبه به الموانع نحو: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا وقرىء سدا. والسدة كالظلة على الباب تقيه من المطر وقد يعبر بها عن الباب كما قيل الفقير الذي لا يفتح له سدد السلطان، والسداد والسدد الاستقامة، والسداد ما يسد به الثلمة والثغر، واستعير لما يسد به الفقر.
(سدر) : السدر شجر قليل الغناء عند الأكل ولذلك قال تعالى:
وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ وقد يخضد ويستظل به فجعل ذلك مثلا لظل الجنة ونعيمها فى قوله تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ لكثرة غنائه فى الاستظلال وقوله تعالى: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى فإشارة إلى مكان اختص النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالإضافة الإلهية والآلاء الجسيمة، وقد قيل إنها الشجرة التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها فأنزل اللَّه تعالى السكينة فيها على المؤمنين. والسدر تحير البصر، والسادر المتحير، وسدر شعره، قيل: هو مقلوب عن دسر.
(سدس) : السدس جزء من ستة، قال تعالى: فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ والسدس فى الإظماء. وست أصله سدس وسدست القوم صرت سادسهم وأخذت سدس أموالهم وجاء سادسا وساتا وساديا بمعنى، قال تعالى: وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وقال تعالى: وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ ويقال لا أفعل كذا سديس عجيس. أي أبدا والسدوس الطيلسان، والسندس الرقيق من الديباج، والإستبرق الغليظ منه.
(سرر) : الإسرار خلاف الإعلان، قال تعالى: سِرًّا وَعَلانِيَةً وقال تعالى: يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ وقال تعالى: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ويستعمل فى الأعيان والمعاني، والسر هو الحديث المكتم فى النفس. قال تعالى: يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى وقال تعالى: أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وساره إذا أوصاه بأن يسره وتسار القوم وقوله: وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ أي كتموها وقيل معناه أظهروها بدلالة قوله تعالى: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وليس كذلك لأن الندامة التي كتموها ليست بإشارة إلى ما أظهروه من قوله: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وأسررت إلى فلان حديثا أفضيت إليه فى خفية، قال تعالى: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ وقوله:
تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ أي يطلعونهم على ما يسرون من مودتهم وقد فسر بأن معناه يظهرون وهذا صحيح فإن الإسرار إلى الغير يقتضى إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسر وإن كان يقتضى إخفاءه عن غيره، فإذا قولهم أسررت إلى فلان يقتضى من وجه الإظهار ومن وجه الإخفاء وعلى هذا قوله: وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً وكنى عن النكاح بالسر من حيث إنه يخفى واستعير للخالص فقيل هو من سر
قومه ومنه سر الوادي وسرارته، وسرة البطن ما يبقى بعد القطع وذلك لاستتارها بعكن البطن، والسر والسرر يقال لما يقطع منها. وأسرة الراحة وأسارير الجبهة لغضونها، والسرار اليوم الذي يستتر فيه القمر آخر الشهر. والسرور ما ينكتم من الفرح، قال تعالى: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وقال: تَسُرُّ النَّاظِرِينَ وقوله تعالى فى أهل الجنة: وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وقوله فى أهل النار:
إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً تنبيه على أن سرور الآخرة يضاد سرور الدنيا، والسرير الذي يجلس عليه من السرور إذ كان ذلك لأولى النعمة وجمعه أسرة وسرر، قال تعالى: مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ- فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وسرير الميت تشبيها به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه إلى جوار اللَّه تعالى وخلاصه من سجنه المشار إليه
بقوله صلى الله عليه وسلم «الدنيا سجن المؤمن» .
(سرب) : السرب الذهاب فى حدور والسرب المكان المنحدر، قال تعالى: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً يقال سرب سربا وسروبا نحو: مر مرا ومرورا وانسرب انسرابا كذلك لكن سرب يقال على تصور الفعل من فاعله وانسرب على تصور الانفعال منه وسرب الدمع سال وانسربت الحية إلى جحرها وسرب الماء من السقاء وماء سرب وسرب متقطر من سقائه، والسارب الذاهب فى سربه أي طريق كان، قال تعالى: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ والسرب جمع سارب نحو ركب وراكب وتعورف فى الإبل حتى قيل زعرت سربه أي إبله. وهو آمن فى سربه أي فى نفسه وقيل فى أهله ونسائه فجعل السرب كناية وقيل اذهبي فلا أنده سربك فى الكناية عن الطلاق ومعناه لا أرد إبلك الذاهبة فى سربها والسربة قطعة من الخيل نحو العشرة إلى العشرين. والمسربة الشعر المتدلى من الصدر، والسراب اللامع فى المفازة كالماء وذلك لانسرابه فى مرأى العين وكان السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة، قال تعالى:
كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً وقال تعالى: وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً.
(سربل) : السربال القميص من أي جنس كان، قال: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ- سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ أي تقى بعضكم من بأس بعض.
(سرج) : السراج الزاهر بفتيلة ودهن ويعبر به عن كل مضىء، قال:
وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً- سِراجاً وَهَّاجاً يعنى الشمس يقال أسرجت السراج وسرجت كذا جعلته فى الحسن كالسراج، قال الشاعر:
وفاحما ومرسنا مسرجا
والسرج رحالة الدابة والسراج صانعه.
(سرح) : السرح شجر له ثمر، الواحدة سرحة وسرحت الإبل أصله أن ترعيه السرح ثم جعل لكل إرسال فى الرعي، قال تعالى: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ والسارح الراعي والسرح جمع كالشرب، والتسريح فى الطلاق نحو قوله تعالى: أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وقوله:
وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا مستعار من تسريح الإبل كالطلاق فى كونه مستعارا من إطلاق الإبل، واعتبر من السرح المضي فقيل ناقة سرح تسرح فى سيرها ومضى سرحا سهلا. والمنسرح ضرب من الشعر استعير لفظه من ذلك.
(سرد) : السرد خرز ما يخشن ويغلظ كنسج الدرع وخرز الجلد واستعير لنظم الحديد قال: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ويقال سرد وزرد والسراد والزراد نحو سراط وصراط وزراط والمسرد المثقب.
(سردق) : السرادق فارسى معرب وليس فى كلامهم اسم مفرد ثالثه ألف وبعده حرفان، قال تعالى: أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وقيل: بيت مسردق، مجعول على هيئة سرادق.
(سرط) : السراط الطريق المستسهل، أصله من سرطت الطعام وزردته ابتلعته فقيل سراط، تصورا أنه يبتلعه سالكه، أو يبتلع سالكه، ألا ترى أنه قيل: قتل أرضا عالمها، وقتلت أرض جاهلها، وعلى النظرين قال أبو تمام:
دعته الفيافي بعد ما كانه حقبة
…
دعاها إذا ما المزن ينهل ساكبه
وكذا سمى الطريق اللقم والملتقم اعتبارا بأن سالكه يلتقمه.
(سرع) : السرعة ضد البطء ويستعمل فى الأجسام والأفعال يقال سرع فهو سريع وأسرع فهو مسرع وأسرعوا صارت إبلهم سراعا نحو: أبلدوا وسارعوا وتسارعوا. قال تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ- وَيُسارِعُونَ
فِي الْخَيْراتِ
- يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً وقال: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً، وسرعان القوم أوائلهم السراع وقيل سرعان ذا إهالة، وذلك مبنى من سرع كوشكان من وشك وعجلان من عجل، وقوله تعالى:
فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ- وَ- سَرِيعُ الْعِقابِ فتنبيه على ما قال: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
(سرف) : السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وإن كان ذلك فى الإنفاق أشهر. قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا- وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً ويقال تارة اعتبارا بالقدر وتارة بالكيفية ولهذا قال سفيان ما أنفقت فى غير طاعة اللَّه فهو سرف، وإن كان قليلا، قال اللَّه تعالى:
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ- وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ أي المتجاوزين الحد فى أمورهم وقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ وسمى قوم لوط مسرفين من حيث إنهم تعدوا فى وضع البذر فى الحرث المخصوص له المعنى بقوله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ وقوله: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ فتناول الإسراف فى المال وفى غيره. وقوله فى القصاص: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ فسرفه أن يقتل غيره قاتله إما بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهلية تفعله، وقولهم مررت بكم فسرفتكم أي جهلتكم من هذا وذاك أنه تجاوز ما لم يكن حقه أن يتجاوز فجهل فلذلك فسر به، والسرفة دويبة تأكل الورق وسمى بذلك لتصور معنى الإسراف منه، يقال سرفت الشجرة فهى مسروفة.
(سرق) : السرقة أخذ ما ليس له أخذه فى خفاء وصار ذلك فى الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ وقال تعالى: قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ وقال:
أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ- إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ واسترق السمع إذا تسمع مستخفيا قال تعالى: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ والسرق والسرقة واحد وهو الحرير.
(سرمد) : السرمد الدائم، قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً وبعده النَّهارَ سَرْمَداً.
(سرى) : السرى سير الليل، يقال سرى وأسرى. قال تعالى:
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا وقيل إن أسرى ليست من لفظة سرى بسرى وإنما هى من السراة، وهى أرض واسعة وأصله من الواو ومنه قول الشاعر:
بسرو حمير أبوال البغال به
فأسرى نحو أجبل وأتهم وقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ أي ذهب فى سراة من الأرض وسراة كل شىء أعلاه ومنه سراة النهار أي ارتفاعه وقوله تعالى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا أي نهرا يسرى وقيل بل ذلك من السرو أي الرفعة يقال رجل سرو قال وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصه به من سروه، يقال سروت الثوب عنى أي نزعته وسروت الجل عن الفرس وقيل ومنه رجل سرى كأنه سرى ثوبه بخلاف المتدثر والمتزمل والزميل وقوله:
وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً أي خمنوا فى أنفسهم أن يحصلوا من بيعه بضاعة والسارية يقال للقوم الذين يسرون بالليل وللسحابة التي تسرى وللإسطوانة.
(سطح) : السطح أعلى البيت يقال: سطحت البيت جعلت له سطحا وسطحت المكان جعلته فى التسوية كسطح قال: وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ وانسطح الرجل امتد على قفاه، قيل وسمى سطيح الكاهن لكونه منسطحا لزمانه والمسطح عمود الخيمة الذي يجعل به لها سطحا وسطحت الثريدة فى القصعة بسطتها.
(سطر) : السطر والسطر الصف من الكتابة ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف، وسطر فلان كذا كتب سطرا سطرا، قال تعالى: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ وقال تعالى: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ وقال: كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً أي مثبتا محفوظا وجمع السطر أسطر وسطور وأسطار، قال الشاعر:
إنى وأسطار سطرن سطرا
وأما قوله: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ فقد قال المبرد هى جمع أسطورة نحو أرجوحة وأراجيح وأثفية وأثافى وأحدوثة وأحاديث. وقوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي شىء كتبوه كذبا ومينا فيما زعموا نحو قوله
تعالى: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وقوله تعالى:
فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ وقوله: أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ فإنه يقال تسيطر فلان على كذا، وسيطر عليه إذا أقام عليه قيام سطر، يقول لست عليهم بقائم واستعمال المسيطر هاهنا كاستعمال القائم فى قوله: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وحفيظ فى قوله: وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ وقيل معناه: (لست عليهم بحفيظ) فيكون المسيطر كالكاتب فى قوله:
وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ وهذه الكتابة هى المذكورة فى قوله: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.
(سطا) : السطوة البطش برفع اليد يقال سطا به. قال تعالى:
يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا وأصله من سطا الفرس على الرمكة يسطو إذا أقام على رجليه رافعا يديه إما مرحا وإما نزوا على الأنثى، وسطا الراعي أخرج الولد ميتا من بطن أمه وتستعار السطوة للماء كالطغو، يقال سطا الماء وطغى.
(سعد) : السعد والسعادة معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخير ويضاده الشقاوة، يقال سعد وأسعده اللَّه ورجل سعيد وقوم سعداء وأعظم السعادات الجنة فلذلك قال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ وقال:
فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ والمساعدة المعاونة فيما يظن به سعادة. وقوله لبيك وسعديك معناه أسعدك اللَّه إسعادا بعد إسعاد أو ساعدكم مساعدة بعد مساعدة، والأول أولى. والإسعاد فى البكاء خاصة وقد استسعدته فأسعدنى. والساعد العضو تصورا لمساعدتها وسمى جناحا الطائر ساعدين كما سميا يدين والسعدان نبت يغزر اللبن ولذلك قيل: مرعى ولا كالسعدان، والسعدانة الحمامة وعقدة الشسع وكركرة البعير وسعود الكواكب معروفة.
(سعر) : السعر التهاب النار وقد سعرتها وسعّرتها وأسعرتها، والمسعر الخشب الذي يسعر به، واستعر الحرب واللصوص نحو اشتعل وناقة مسعورة نحو موقدة ومهيجة والسعار حر النار، وسعر الرجل أصابه حر، قال تعالى: وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً وقال تعالى: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وقرىء بالتخفيف وقوله: عَذابِ السَّعِيرِ أي حميم فهو فعيل فى معنى مفعول وقال تعالى:
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ والسعر فى السوق تشبيها باستعار النار.
(سعى) : السعى المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الأمر خيرا كان أو شرّا، قال تعالى: وَسَعى فِي خَرابِها وقال: نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وقال: وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً- وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ- وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى - إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى وقال تعالى: وَسَعى لَها سَعْيَها- كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً وقال تعالى: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وأكثر ما يستعمل السعى فى الأفعال المحمودة، قال الشاعر:
إن أجز علقمة بن سعد سعيه
…
لا أجزه ببلاء يوم واحد
وقال تعالى: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ أي أدرك ما سعى فى طلبه، وخص السعى فيما بين الصفا والمروة من المشي. والسعاية بالنميمة وبأخذ الصدقة وبكسب المكاتب لعتق رقبته. والمساعاة بالفجور، والمسعاة بطلب المكرمة، قال تعالى: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أي اجتهدوا فى أن يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات.
(سغب) : قال تعالى: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ من السغب وهو الجوع مع التعب وقد قيل فى العطش مع التعب، يقال سغب سغبا وسغوبا وهو ساغب وسغبان نحو عطشان.
(سفر) : السفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالأعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه، وسفر البيت كنسه بالمسفر أي المكنس وذلك إزالة السفير عنه وهو التراب الذي يكنس منه والإسفار يختص باللون نحو وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ أي أشرق لونه، قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ و «أسفروا بالصبح تؤجروا» من قولهم أسفرت أي دخلت فيه نحو أصبحت وسفر الرجل فهو سافر، والجمع السفر نحو ركب وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بأن الإنسان قد سفر عن المكان، والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتق السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ والسفر الكتاب الذي يسفر عن الحقائق وجمعه أسفار، قال تعالى: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً وخص لفظ الأسفار فى هذا المكان تنبيها أن التوراة وإن كانت تحقق ما فيها فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها، وقوله تعالى:
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرامٍ بَرَرَةٍ فهم الملائكة الموصوفون بقوله: كِراماً كاتِبِينَ والسفرة جمع سافر ككاتب وكتبة والسفير الرسول بين القوم يكشف ويزيل ما بينهم من الوحشة فهو فعيل فى معنى فاعل، والسفارة الرسالة فالرسول والملائكة والكتب مشتركة فى كونها سافرة عن القوم ما استبهم عليهم، والسفير فيما يكنس فى معنى المفعول، والسفار فى قول الشاعر:
وما السّفار قبح السّفار
فقيل هو حديدة تجعل فى أنف البعير، فإن لم يكن فى ذلك حجة غير هذا البيت فالبيت يحتمل أن يكون مصدر سافرت.
(سفع) : السفع الأخذ بسفعة الفرس، أي سواد ناصيته، قال اللَّه تعالى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ وباعتبار السواد قيل للأثافى سفع وبه سفعة غضب اعتبارا بما يعلو من اللون الدخاني وجه من اشتد به الغضب، وقيل للصقر أسفع لما به من لمع السواد وامرأة سفعاء اللون.
(سفك) : السفك فى الدم صبه، قال تعالى: وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وكذا فى الجوهر المذاب وفى الدمع.
(سفل) : السفل ضد العلو وسفل فهو سافل قال تعالى: فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وأسفل ضد أعلى قال تعالى: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وسفل صار فى سفل، وقال تعالى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ وقال: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وقد قوبل بفوق فى قوله: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وسفالة الريح حيث تمر الريح والعلاوة ضده والسفلة من الناس النذل نحو الدون، وأمرهم فى سفال.
(سفن) : السفن نحت ظاهر الشيء كسفن العود والجلد وسفن الرحى التراب عن الأرض، قال الشاعر:
فجاء خفيا يسفن الأرض صدره
والسفن نحو النقض لما يسفن وخص السفن بجلدة قائم السيف وبالحديدة التي يسفن بها وباعتبار السفن سميت السفينة. قال اللَّه تعالى: أَمَّا السَّفِينَةُ ثم تجوز بالسفينة فشبه بها كل مركوب سهل.
(سفه) : السفه خفة فى البدن ومنه قيل زمام سفيه كثير الاضطراب وثوب سفيه ردىء النسج واستعمل فى خفة النفس لنقصان العقل وفى الأمور الدنيوية والأخروية فقيل سفه نفسه وأصله سفه نفسه فصرف عنه الفعل نحو بطر معيشته. قال فى السفه الدنيوي وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ، وقال فى الأخروى: وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً فهذا من السفه، فى الدين وقال: أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ فنبه أنهم هم السفهاء فى تسمية المؤمنين سفهاء وعلى ذلك قوله: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها.
(سقر) : من سقرته الشمس وقيل صقرته أي لوحته وأذابته وجعل سقر اسم علم لجهنم قال تعالى: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ وقال تعالى: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ولما كان السقر يقتضى التلويح فى الأصل نبه بقوله: وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ. لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ أن ذلك مخالف لما نعرفه من أحوال السقر فى الشاهد.
(سقط) : السقوط طرح الشيء إما من مكان عال إلى مكان منخفض كسقوط الإنسان من السطح قال تعالى: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وسقوط منتصب القامة وهو إذا شاخ وكبر، قال تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً وقال: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ والسقط والسقاط لما يقل الاعتداد به ومنه قيل رجل ساقط لئيم فى حسبه وقد أسقطه كذا وأسقطت المرأة اعتبر فيه الأمران: السقوط من عال والرداءة جميعا فإنه لا يقال أسقطت المرأة إلا فى الولد الذي تلقيه قبل التمام، ومنه قيل لذلك الولد سقط وبه شبه سقط الزند بدلالة أنه قد يسمى الولد وقوله تعالى: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ فإنه يعنى الندم، وقرىء تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا أي تساقط النخلة وقرىء:
تُساقِطْ بالتخفيف: أي تتساقط فحذف إحدى التاءين وإذا قرىء تساقط فإن تفاعل مطاوع فاعل وقد عداه كما عدى تفعل فى نحو تجرعه، وقرىء:
تُساقِطْ عَلَيْكِ أي يساقط الجذع.
(سقف) : سقف البيت جمعه سقف وجعل السماء سقفا فى قوله:
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وقال تعالى: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وقال:
لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ والسقيفة كل مكان له سقف كالصفة والبيت، والسّقف طول فى انحناء تشبيها بالسّقف.
(سقم) : السّقم والسّقم المرض المختص بالبدن والمرض قد يكون فى البدن وفى النفس نحو: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وقوله تعالى: إِنِّي سَقِيمٌ فمن التعريض أو الإشارة إلى ماض وإما إلى مستقبل وإما إلى قليل مما هو موجود فى الحال إذ كان الإنسان لا ينفك من خلل يعتريه وإن كان لا يحس به، ويقال مكان سقيم إذا كان فيه خوف.
(سقى) : السقي والسقيا أن يعطيه ما يشرب، والإسقاء أن يجعل له ذلك حتى يتناوله كيف شاء، فالإسقاء أبلغ من السقي لأن الإسقاء هو أن تجعل له ما يسقى منه ويشرب، تقول أسقيته نهرا، قال تعالى: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً وقال: وَسُقُوا ماءً حَمِيماً- وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وقال فى الاسقاء وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً وقال: فَأَسْقَيْناكُمُوهُ أي جعلناه سقيا لكم وقال: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها بالفتح والضم ويقال للنصيب من السقي سقى، وللأرض التي تسقى سقى لكونهما معفولين كالنقص، والاستسقاء طلب السقي أو الاسقاء، قال تعالى: وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى والسقاء ما يجعل فيه ما يسقى وأسقيتك جلدا أعطيتكه لتجعله سقاء، وقوله تعالى: جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ فهو المسمى صواع الملك فتسميته السقاية تنبيها أنه يسقى به وتسميته صواعا أنه يكال به.
(سكب) : ماء مسكوب مصبوب وفرس سكب الجري وسكبته فانسكب ودمع ساكب متصور بصورة الفاعل، وقد يقال منسكب وثوب سكب تشبيها بالمنصب لدقته ورقته كأنه ماء مسكوب.
(سكت) : السكوت مختص بترك الكلام ورجل سكيت وساكوت كثير السكوت والسكتة والسكات ما يعترى من مرض، والسكت يختص بسكون النفس فى الغناء والسكتات فى الصلاة السكوت فى حال الافتتاح وبعد الفراغ، والسكيت الذي يجيىء آخر الحلبة، ولما كان السكوت ضربا من السكون استعير له فى قوله: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ.
(سكر) : السكر حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما يستعمل ذلك فى الشراب، وقد يعترى من الغضب والعشق، ولذلك قال الشاعر:
سكران سكر هوى وسكر مدام
ومنه سكرات الموت، قال تعالى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ والسكر اسم لما يكون منه السكر، قال تعالى: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً والسكر حبس الماء، وذلك باعتبار ما يعرض من السد بين المرء وعقله والسكر الموضع المسدود، وقوله تعالى: إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا قيل هو من السكر، وقيل هو من السكر، وليلة ساكرة أي ساكنة اعتبارا بالسكون العارض من السكر.
(سكن) : السكون ثبوت الشيء بعد تحرك، ويستعمل فى الاستيطان نحو: سكن فلان مكان كذا أي استوطنه، واسم المكان مسكن والجمع مساكن، قال تعالى: لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ وقال تعالى: وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ- لِتَسْكُنُوا فِيهِ فمن الأول يقال سكنته، ومن الثاني يقال أسكنته، نحو قوله تعالى: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي وقال تعالى:
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وقوله تعالى: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ فتنبيه منه على إيجاده وقدرته على إفنائه، والسكن السكون وما يسكن إليه، قال تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وقال تعالى: إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ- وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً والسكن النار التي يسكن بها، والسكنى أن يجعل له السكون فى دار بغير أجرة، والسكن سكان الدار نحو سفر فى جمع سافر، وقيل فى جمع ساكن سكان، وسكان السفينة ما يسكن به، والسكين سمى لإزالته حركة المذبوح، وقوله تعالى:
أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ فقد قيل هو ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه، كما روى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن السكينة لتنطق على لسان عمر، وقيل هو العقل. وقيل له سكينة إذا سكن عن الميل إلى الشهوات، وعلى ذلك دل قوله تعالى: وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وقيل السكينة والسكن واحد وهو زوال الرعب، وعلى هذا قوله تعالى: أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وما ذكر أنه شىء رأسه كرأس الهر فما أراه قولا يصح.
والمسكين قيل هو الذي لا شىء له وهو أبلغ من الفقير، وقوله تعالى: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ فإنه جعلهم مساكين بعد ذهاب السفينة أو لأن سفينتهم
غير معتد بها فى جنب ما كان لهم من المسكنة، وقوله: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ فالميم فى ذلك زائدة فى أصح القولين.
(سل) : سل الشيء من الشيء نزعه كسل السيف من العمد وسل الشيء من البيت على سبيل السرقة وسل الولد من الأب ومنه قيل للولد سليل قال تعالى:
يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً وقوله تعالى: مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ أي من الصفو الذي يسل من الأرض وقيل السلالة كناية عن النطفة تصور دونه صفو ما يحصل منه. والسل مرض ينزع به اللحم والقوة وقد أسله اللَّه
وقوله عليه السلام: «لا إسلال ولا إغلال»
وتسلسل الشيء اضطرب كأنه تصور منه تسلل متردد فردد لفظه تنبيها على تردد معناه ومنه السلسلة، قال تعالى: فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً وقال تعالى: سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً وقال: وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ
وروى: «يا عجبا لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل» .
وماء سلسل متردد فى مقره حتى صفا، قال الشاعر:
أشهى إلى من الرحيق السلسل
وقوله: سَلْسَبِيلًا أي سهلا لذيذا سلسا جديد الجرية وقيل هو اسم عين فى الجنة وذكر بعضهم أن ذلك مركب من قولهم سل سبيلا نحو الحوقلة والبسملة ونحوهما من الألفاظ المركبة وقيل بل هو اسم لكل عين سريع الجرية، وأسلة اللسان الطرف الرقيق.
(سلب) : السلب نزع الشيء من الغير على القهر قال تعالى: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ والسليب الرجل المسلوب والناقة التي سلب ولدها والسلب المسلوب ويقال للحاء الشجر المنزوع منه سلب والسلب فى قول الشاعر:
فى السلب السود وفى الأمساح فقد قيل هى الثياب السود التي يلبسها المصاب وكأنها سميت سلبا لنزعه ما كان يلبسه قبل وقيل تسلبت المرأة مثل أحدث والأساليب الفنون المختلفة.
(سلح) : السلاح كل ما يقاتل به وجمعه أسلحة، قال تعالى:
وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ أي أمتعتهم، والإسليح نبت إذا أكلته الإبل غزرت وسمنت وكأنما سمى بذلك لأنها إذا أكلته أخذت السلاح أي منعت أن تنحر إشارة إلى ما قال الشاعر:
أزمان لم تأخذ على سلاحها
…
إبلى بجلتها ولا أبكارها
والسلاح ما يقذف به البعير من أكل الإسليح وجعل كناية عن كل عذرة حتى قيل فى الحبارى سلاحه سلاحه.
(سلخ) : السلخ نزع جلد الحيوان، يقال سلخته فانسلخ وعنه استعير سلخت درعه نزعتها وسلخ الشهر وانسلخ، قال تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وقال تعالى: نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ أي ننزع وأسود سالخ سلخ جلده أي نزعه ونخلة مسلاخ ينتثر بسره الأخضر.
(سلط) : السلاطة التمكن من القهر، يقال سلطته فتسلط، قال تعالى:
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ وقال تعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ومنه سمى السلطان والسلطان يقال فى السلاطة نحو: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً- إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ- إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ- لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ وقد يقال لذى السلاطة وهو الأكثر وسمى الحجة سلطانا وذلك لما يلحق من الهجوم على القلوب لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة من المؤمنين، قال تعالى:
الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ وقال: فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ وقال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ وقال: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً- هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ يحتمل السلطانين.
والسليط الزيت بلغة أهل اليمن، وسلاطة اللسان القوة على المقال وذلك فى الذم أكثر استعمالا يقال امرأة سليطة وسنابك سلطان لما تسلط بقوتها وطولها.
(سلف) : السلف المتقدم، قال تعالى: فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ أي معتبرا متقدما وقال تعالى: فَلَهُ ما سَلَفَ أي يتجافى عما تقدم من ذنبه وكذا قوله: إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ أي ما تقدم من فعلكم فذلك متجافى عنه، فالاستثناء عن الإثم لا عن جواز الفعل، ولفلان سلف كريم أي
آباء متقدمون جمعه أسلاف وسلوف. والسالفة صفحة العنق، والسلف ما قدم من الثمن على المبيع والسالفة والسلاف المتقدمون فى حرب أو سفر وسلافة الخمر ما بقي من العصير والسلفة ما تقدم من الطعام على القرى، يقال سلفوا ضيفكم ولهذوه.
(سلق) : السلق بسط بقهر إما باليد أو باللسان، والتسلق على الحائط منه قال: سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ يقال سلق امرأته إذا بسطها فجامعها، قال مسيلمة إن شئت سلقناك وإن شئت على أربع والسلق أن تدخل إحدى عروتى الجوالق فى الأخرى، والسليقة خبز مرقق وجمعها سلائق، والسليقة أيضا الطبيعة المتباينة، والسلق المطمئن من الأرض.
(سلك) : السلوك النفاذ فى الطريق، يقال سلكت الطريق وسلكت كذا فى طريقه، قال تعالى: لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً وقال: فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا- يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ- وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا ومن الثاني قوله: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ وقوله: كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ- كَذلِكَ سَلَكْناهُ- فَاسْلُكْ فِيها- يَسْلُكْهُ عَذاباً قال بعضهم: سلكت فلانا طريقا فجعل عذابا مفعولا ثانيا، وقيل عذابا هو مصدر لفعل محذوف كأنه قيل نعذبه به عذابا، والطعنة السلكة تلقاء وجهك، والسلكة الأنثى من ولد الحجل والذكر السلك.
(سلم) : السلم والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة، قال: بِقَلْبٍ سَلِيمٍ أي متعر من الدغل فهذا فى الباطن، وقال تعالى:
مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها فهذا فى الظاهر وقد سلم يسلم سلامة وسلاما وسلمه اللَّه، وقال تعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ وقال: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ أي سلامة، وكذا قوله: اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا والسلامة الحقيقية ليست إلا فى الجنة، إذ فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وصحة بلا سقم، كما قال تعالى: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي السلامة، قال: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وقال تعالى: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ يجوز أن يكون كل ذلك من السلامة. وقيل السلام اسم من أسماء اللَّه تعالى، وكذا قيل فى قوله: لَهُمْ دارُ السَّلامِ- السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ قيل وصف بذلك من حيث لا يلحقه العيوب والآفات التي تلحق الخلق، وقوله: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ
رَبٍّ رَحِيمٍ- سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ- سلام على آل ياسين كل ذلك من الناس بالقول، ومن اللَّه تعالى بالفعل وهو إعطاء ما تقدم ذكره مما يكون فى الجنة من السلامة، وقوله: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً أي نطلب منكم السلامة فيكون قوله سلاما نصبا بإضمار فعل، وقيل معناه قالوا سلاما أي سدادا من القول فعلى هذا يكون صفة لمصدر محذوف. وقوله تعالى: إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فإنما رفع الثاني لأن الرفع فى باب الدعاء أبلغ فكأنه تحرى فى باب الأدب المأمور به فى قوله: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها ومن قرأ سلم فلأن السلام لما كان يقتضى السلم، وكان إبراهيم عليه السلام قد أوجس منهم خيفة فلما رآهم مسلمين تصور من تسليمهم أنهم قد بذلوا له سلما فقال فى جوابهم سلم تنبيها أن ذلك من جهتى لكم كما حصل من جهتكم لى. وقوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً فهذا لا يكون لهم بالقول فقط بل ذلك بالقول والفعل جميعا. وعلى ذلك قوله تعالى: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وقوله: وَقُلْ سَلامٌ فهذا فى الظاهر أن تسلم عليهم، وفى الحقيقة سؤال اللَّه السلامة منهم، وقوله تعالى: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ- سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ- سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ كل هذا تنبيه من اللَّه تعالى أنه جعلهم بحيث يثنى عليهم ويدعى لهم.
وقال تعالى: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ أي ليسلم بعضكم على بعض. والسلام والسّلم والسّلم الصلح قال: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً وقيل نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالإسلام ومطالبته بالصلح.
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً- وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ وقرىء للسلم بالفتح، وقرىء: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وقال:
يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ أي مستسلمون، وقوله:(ورجلا سالما لرجل) وقرىء سلما وسلما وهما مصدران وليسا بوصفين كحسن ونكد يقول سلم سلما وسلما وربح ربحا وربحا. وقيل السلم اسم بإزاء حرب، والإسلام الدخول فى السلم وهو أن يسلم كل واحد منهما أن يناله من ألم صاحبه، ومصدر أسلمت الشيء إلى فلان إذا أخرجته إليه ومنه السلم فى البيع. والإسلام فى الشرع على ضربين أحدهما دون الإيمان وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل وإياه قصد بقوله: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا والثاني فوق الإيمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب
ووفاء بالفعل واستسلام للَّه فى جميع ما قضى وقدر، كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام فى قوله: إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وقوله: تَوَفَّنِي مُسْلِماً أي اجعلنى ممن استسلم لرضاك ويجوز أن يكون معناه اجعلنى سالما عن أسر الشيطان حيث قال: وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ وقوله: إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ أي منقادون للحق مذعنون له وقوله: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا أي الذين انقادوا من الأنبياء الذين ليسوا من أولى العزم لأولى العزم الذين يهتدون بأمر اللَّه ويأتون بالشرائع. والسلم ما يتوصل به إلى الأمكنة العالية فيرجى به السلامة، ثم جعل اسما لكل ما يتوصل به إلى شىء رفيع كالسبب، قال تعالى: أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ وقال: أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ وقال الشاعر:
ولو نال أسباب السماء بسلم
والسلم والسلام شجر عظيم، كأنه سمى لاعتقادهم أنه سليم من الآفات، والسلام الحجارة الصلبة.
(سلا) : قال تعالى: وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى أصلها ما يسلى الإنسان ومنه السلوان والتسلي وقيل السلوى طائر كالسمانى. قال ابن عباس:
المن الذي يسقط من السماء والسلوى طائر، قال بعضهم أشار ابن عباس بذلك إلى ما رزق اللَّه تعالى عباده من اللحوم والنبات وأورد بذلك مثالا، وأصل السلوى من التسلي، يقال سليت عن كذا وسلوت عنه وتسليت إذا زال عنك محبته. قيل والسلوان ما يسلى وكانوا يتداوون من العشق بخرزة يحكونها ويشربونها، ويسمونها السلوان.
(سمم) : السم والسم كل ثقب ضيق كخرق الإبرة وثقب الأنف والأذن وجمعه سموم. قال تعالى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وقد سمه أي دخل فيه ومنه السامة للخاصة الذين يقال لهم الدخلل الذين يتداخلون فى بواطن الأمر، والسم القاتل وهو مصدر فى معنى الفاعل فإنه بلطف تأثيره يدخل بواطن البدن، والسموم الريح الحارة التي تؤثر السم قال تعالى: وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ وقال: فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ- وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.
(سمد) : السامد اللاهي الرافع رأسه من قولهم سمد البعير فى سيره.
قال: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ وقولهم سمد رأسه وسبد أي استأصل شعره.
(سمر) : السمرة أحد الألوان المركبة بين البياض والسواد والسمراء كنى بها عن الحنطة والسمار اللبن الرقيق المتغير اللون والسمرة شجرة تشبه أن تكون للونها سميت بذلك والسمر سواد لليل ومنه قيل لا آتيك السمر والقمر، وقيل للحديث بالليل السمر وسمر فلان إذا تحدث ليلا ومنه قيل لا آتيك ما سمر ابنا سمير وقوله تعالى: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ قيل معناه سمارا فوضع الواحد موضع الجمع وقيل بل السامر الليل المظلم يقال سامر وسمار وسمرة وسامرون وسمرت الشيء وإبل مسمرة مهملة والسامري منسوب إلى رجل.
(سمع) : السمع قوة فى الأذن به يدرك الأصوات وفعله يقال له السمع أيضا، وقد سمع سمعا: ويعبر تارة بالسمع عن الأذن نحو: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وتارة عن فعله كالسماع نحو: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ وقال تعالى: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وتارة عن الفهم وتارة عن الطاعة تقول اسمع ما أقول لك ولم تسمع ما قلت وتعنى لم تفهم، قال تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا وقوله: سَمِعْنا وَعَصَيْنا أي فهمنا قولك ولم نأتمر لك وكذلك قوله: سَمِعْنا وَأَطَعْنا أي فهمنا وارتسمنا.
وقوله: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ يجوز أن يكون معناه فهمنا وهم لا يفهمون وأن يكون معناه فهمنا وهم لا يعلمون بموجبه وإذا لم يعمل بموجبه فهو فى حكم من لم يسمع. ثم قال تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا أي أفهمهم بأن جعل لهم قوة يفهمون بها وقوله:
وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ يقال على وجهين أحدهما دعاء على الإنسان بالصمم والثاني دعاء له، فالأول نحو أسمعك اللَّه أي جعلك اللَّه أصم والثاني أن يقال أسمعت فلانا إذا سببته وذلك متعارف فى السب، وروى أن أهل الكتاب كانوا يقولون ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم يوهمون أنهم يعظمونه ويدعون له وهم يدعون عليه بذلك وكل موضع أثبت اللَّه السمع للمؤمنين أو نفى عن الكافرين أو حث على تحريه فالقصد به إلى تصور المعنى والتفكر فيه نحو: أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ونحو: صُمٌّ بُكْمٌ ونحو: فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وإذا وصفت اللَّه تعالى بالسمع فالمراد به علمه بالمسموعات وتحريه بالمجازاة بها نحو: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ
قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها
- لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا وقوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ أي لا تفهمهم لكونهم كالموتى فى افتقادهم بسوء فعلهم القوة العاقلة التي هى الحياة المختصة بالإنسانية، وقوله:
أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ أي يقول فيه تعالى ذلك من وقف على عجائب حكمته ولا يقال فيه ما أبصره وما أسمعه لما تقدم ذكره أن اللَّه تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع، وقوله فى صفة الكفار: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا معناه أنهم يسمعون ويبصرون فى ذلك اليوم ما خفى عليهم وضلوا عنه اليوم لظلمهم أنفسهم وتركهم النظر، وقال: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا- سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أي يسمعون منك لأجل أن يكذبوا سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ أي يسمعون لمكانهم، والاستماع الإصغاء نحو: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ، إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ- وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ- وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ- وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ وقوله: أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ أي من الموجد
لأسماعهم وأبصارهم والمتولى لحفظها
…
والمسمع والمسمع خرق الأذن وبه شبه
حلقة مسمع الغرب.
(سمك) : السمك سمك البيت وقد سمكه أي رفعه قال: رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وقال الشاعر:
إن الذي سمك السماء مكانها
وفى بعض الأدعية يا بارى السموات المسموكات وسنام سامك عال. والسماك ما سمكت به البيت، والسماك نجم، والسمك معزوف.
(سمن) : السمن ضد الهزال، يقال سمين وسمان قال: أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ وأسمنته وسمنته جعلته سمينا، قال: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ وأسمنته اشتريته سمينا أو أعطيته كذا واستسمنته وجدته سمينا. والسمنة دواء يستجلب به السمنة والسمن سمى به لكونه من جنس السمن وتولده عنه والسمانى طائر.
(سما) : سماء كل شىء أعلاه، قال الشاعر فى وصف فرس:
وأحمر كالديباج أما سماؤه
…
فريا وأما أرضه فمحول
قال بعضهم كل سماء بالإضافة إلى ما دونها فسماء وبالإضافة إلى ما فوقها فأرض إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض، وحمل على هذا قوله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ وسمى المطر سماء لخروجه منها، قال بعضهم: إنما سمى سماء ما لم يقع بالأرض اعتبارا بما تقدم وسمى النبات سماء إما لكونه من المطر الذي هو سماء وإما لارتفاعه عن الأرض. والسماء المقابل للأرض مؤنث وقد يذكر ويستعمل للواحد والجمع لقوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ وقد يقال فى جمعها سموات قال: خَلْقِ السَّماواتِ- قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وقال:
السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ فذكر وقال: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ- إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ فأنث ووجه ذلك أنها كالنخل فى الشجر وما يجرى مجراه من أسماء الجنس الذي يذكر ويؤنث ويخبر عنه بلفظ الواحد والجمع، والسماء الذي هو المطر يذكر ويجمع على أسمية. والسماوة الشخص العالي، قال الشاعر:
سماوة الهلال حتى احقوقفا
وسمالى: شخص، وسما الفحل على الشول سماوة لتخلله إياها، والاسم ما يعرف به ذات الشيء وأصله سمو بدلالة قولهم أسماء وسمى وأصله من السمو وهو الذي به رفع ذكر المسمى فيعرف به قال:(باسم الله) وقال: ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ أي الألفاظ والمعاني مفرداتها ومركباتها. وبيان ذلك أن الاسم يستعمل على ضربين، أحدهما:
بحسب الوضع الاصطلاحي وذلك هو فى المخبر عنه نحو رجل وفرس، والثاني:
بحسب الوضع الأولى ويقال ذلك للأنواع الثلاثة المخبر عنه والخبر عنه، والرابط بينهما المسمى بالحرف وهذا هو المراد بالآية لأن آدم عليه السلام كما علم الاسم علم الفعل والحرف ولا يعرف الإنسان الاسم فيكون عارفا لمسماه إذا عرض عليه المسمى، إلا إذا عرف ذاته. ألا ترى أنا لو علمنا أسامى أشياء بالهندية أو بالرومية ولم نعرف صورة ماله تلك الأسماء لم نعرف المسميات إذا شاهدناها بمعرفتنا الأسماء المجردة بل كنا عارفين بأصوات مجردة فثبت أن معرفة الأسماء لا تحصل إلا بمعرفة المسمى وحصول صورته فى الضمير، فإذا المراد بقوله:
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها الأنواع الثلاثة من الكلام وصور المسميات فى ذواتها وقوله: ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها فمعناه أن الأسماء التي تذكرونها ليس لها مسميات وإنما هى أسماء على غير مسمى إذ كان حقيقة ما يعتقدون
فى الأصنام بحسب تلك الأسماء غير موجود فيها، وقوله: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ فليس المراد أن يذكروا أساميها نحو اللات والعزى وإنما المعنى إظهار تحقيق ما تدعونه إلها وأنه هل يوجد معانى تلك الأسماء فيها ولهذا قال بعده: أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ وقوله: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ أي البركة والنعمة الفائضة فى صفاته إذا اعتبرت وذلك نحو الكريم والعليم والباري والرحمن الرحيم وقال: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى- وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وقوله: اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا- لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى أي يقولون للملائكة بنات اللَّه وقوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا أي نظيرا له يستحق اسمه، وموصوفا يستحق صفته على التحقيق وليس المعنى هل تجد من يتسمى باسمه إذ كان كثير من أسمائه قد يطلق على غيره لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كما كان معناه إذا استعمل فى غيره.
(سنن) : السن معروف وجمعه أسنان قال: وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وسان البعير الناقة عاضها حتى أبركها، والسنون دواء يعالج به الأسنان، وسن الحديد إسالته وتحديده، والمسن ما يسن به أي يحدد به، والسنان يختص بما يركب فى رأس الرمح وسننت البعير صقلته وضمرته تشبيها بسن الحديد وباعتبار الإسالة قيل سننت الماء أي أسلته، وتنح عن سنن الطريق وسننه وسننه، فالسنن جمع سنة، وسنة الوجه طريقته، وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها وسنة اللَّه تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته نحو: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا- وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا فتنبيه أن فروع الشرائع وإن اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول إلى ثواب اللَّه تعالى وجواره، وقوله: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ قيل متغير وقوله: لَمْ يَتَسَنَّهْ معناه لم يتغير والهاء للاستراحة.
(سنم) : قال: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ قيل هو عين فى الجنة رفيعة القدر وفسر بقوله: عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ.
(سنا) : السنا الضوء الساطع والسناء الرفعة والسانية التي يسقى بها سميت لرفعتها، قال: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ وسنت الناقة تسنو أي سقت الأرض وهى السانية.
(سنة) : السنة فى أصلها طريقان أحدهما أن أصلها سنة لقولهم سانهت فلانا أي عاملته سنة فسنة، وقولهم سنيهة قيل: ومنه لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير بمر السنين عليه ولم تذهب طراوته وقيل أصله من الواو لقولهم سنوات ومنه سانيت والهاء للوقف نحو كتابيه وحسابيه وقال: أَرْبَعِينَ سَنَةً- سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً- ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ- وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ فعبارة عن الجدب وأكثر ما تستعمل السنة فى الحول الذي فيه الجدب، يقال أسنت القوم أصابتهم السنة، قال الشاعر:
لها أرج ما حولها غير مسنت
وقال آخر:
فليست بسنهاء ولا رجبية
فمن الهاء كما ترى، وقول الآخر:
ما كان أزمان الهزال والسنى
فليس بمرخم وإنما جمع فعلة على فعول كمائة ومئين ومؤن وكسر الفاء كما كسر فى عصى وخففه للقافية، وقوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ فهو من الوسن لا من هذا الباب.
(سهر) : الساهرة قيل وجه الأرض، وقيل هى أرض القيامة، وحقيقتها التي يكثر الوطء بها، فكأنها سهرت بذلك إشارة إلى قول الشاعر:
تحرك يقظان التراب ونائمه
والأسهران عرقان فى الأنف.
(سهل) : السهل ضد الحزن وجمعه سهول، قال: مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وأسهل حصل فى السهل ورجل سهلى منسوب إلى السهل، ونهر؟؟؟
سهل، ورجل سهل الخلق وحزن الخلق، وسهيل نجم.
(سهم) : السهم ما يرمى به وما يضرب به من القداح ونحوه قال:
فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
واستهموا اقترعوا وبرد مستهم عليه صورة سهم، وسهم وجهه تغير والسهام داء يتغير منه الوجه.
(سها) : السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما، أن لا يكون من الإنسان جوالبه ومولداته كمجنون سب إنسانا، والثاني أن يكون منه مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لا عن قصد إلى فعله. والأول معفو عنه والثاني مأخوذ به، وعلى نحو الثاني ذم اللَّه تعالى فقال: فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ- عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ.
(سيب) : السائبة التي تسيب فى المرعى فلا ترد عن حوض ولا علف وذلك إذا ولدت خمسة أبطن، وانسابت الحية انسيابا، والسائبة العبد يعتق ويكون ولاؤه لمعتقه ويضع ماله حيث شاء وهو الذي ورد النهى عنه، والسيب العطاء والسيب مجرى الماء وأصله من سيبته فساب.
(ساح) : الساحة المكان الواسع ومنه ساحة الدار، قال: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ والسائح الماء الدائم الجرية فى ساحة، وساح فلان فى الأرض مرمر السائح، قال: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ورجل سائح فى الأرض وسياح، وقوله: السَّائِحُونَ أي الصائمون، وقال: سائِحاتٍ أي صائمات، قال بعضهم: الصوم ضربان: حقيقى وهو ترك المطعم والمنكح، وصوم حكمى وهو حفظ الجوارح عن المعاصي كالسمع والبصر واللسان، فالسائح هو الذي يصوم هذا الصوم دون الصوم الأول، وقيل السائحون هم الذين يتحرون ما اقتضاه قوله: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها.
(سود) : السواد اللون المضاد البياض، يقال اسود واسواد، قال:
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فابيضاض الوجوه عبارة عن المسرة واسودادها عبارة عن المساءة، ونحوه: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ وحمل بعضهم الابيضاض والاسوداد على المحسوس، والأول أولى لأن ذلك حاصل لهم سودا كانوا فى الدنيا أو بيضا، وعلى ذلك وقوله فى البياض: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ، قوله: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ- وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ وقال: وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ- كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً وعلى هذا النحو ما
روى «أن المؤمنين يحشرون غرا محجلين من آثار الوضوء»
ويعبر بالسواد عن الشخص
المرئي من بعيد وعن سواد العين قال بعضهم: لا يفارق سوادى سواده أي عينى شخصه، ويعبر به عن الجماعة الكثيرة نحو قولهم عليكم بالسواد الأعظم، والسيد المتولى للسواد أي الجماعة الكثيرة وينسب إلى ذلك فيقال سيد القوم ولا يقال سيد الثوب وسيد الفرس، ويقال ساد القوم يسودهم، ولما كان من شرط المتولى للجماعة أن يكون مهذب النفس قيل لكل من كان فاضلا فى نفسه سيد. وعلى ذلك قوله: وَسَيِّداً وَحَصُوراً وقوله: وَأَلْفَيا سَيِّدَها فسمى الزوج سيدا لسياسة زوجته وقوله: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا أي ولاتنا وسائسينا.
(سار) : السير المضي فى الأرض ورجل سائر وسيار والسيارة الجماعة، قال تعالى: وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ يقال سرت وسرت بفلان وسرته أيضا وسيرته على التكثير، فمن الأول قوله: أَفَلَمْ يَسِيرُوا- قُلْ سِيرُوا- سِيرُوا فِيها لَيالِيَ ومن الثاني قوله: سارَ بِأَهْلِهِ ولم يجىء فى القرآن القسم الثالث وهو سرته. والرابع قوله: وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ- هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وأما قوله: فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فقد قيل حث على السياحة فى الأرض بالجسم، وقيل حث على إجالة الفكر ومراعاة أحواله كما روى فى الخبر أنه قيل فى وصف الأولياء: أبدانهم فى الأرض سائرة وقلوبهم فى الملكوت جائلة، ومنهم من حمل ذلك على الجد فى العبادة المتوصل بها إلى الثواب وعلى ذلك حمل
قوله عليه السلام: «سافروا تغنموا»
، والتسيير ضربان، أحدهما بالأمر والاختيار والإرادة من السائر نحو:
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ والثاني بالقهر والتسخير كتسخير الجبال: وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ وقوله: وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ والسيرة الحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره غريزيا كان أو مكتسبا، يقال فلان له سيرة حسنة وسيرة قبيحة، وقوله سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى أي الحالة التي كانت عليها من كونها عودا.
(سور) : السور وثوب مع علو، ويستعمل فى الغضب وفى الشراب، يقال سورة الغضب وسورة الشراب، وسرت إليك وساورنى فلان وفلان سوار وثاب. والأسوار من أساورة الفرس أكثر ما يستعمل فى الرماة ويقال هو فارسى معرب. وسوار المرأة معرب وأصله دستوار وكيفما كان فقد استعمله العرب واشتق منه سورت الجارية وجارية مسورة ومخلخلة، قال: أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ-
أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ واستعمال الأسورة فى الذهب وتخصيصها بقوله ألقى واستعمال أساور فى الفضة وتخصيصة بقوله: حُلُّوا فائدة ذلك تختص بغير هذا الكتاب. والسورة المنزلة الرفيعة، قال الشاعر:
ألم تر أن اللَّه أعطاك سورة
…
ترى كل ملك دونها يتذبذب
وسور المدينة حائطها المشتمل عليها وسورة القرآن تشبيها بها لكونه محاطا بها إحاطة السور بالمدينة أو لكونها منزلة كمنازل القمر، ومن قال سؤرة فمن أسأرت أي أبقيت منها بقية كأنها قطعة مفردة من جملة القرآن وقوله: سُورَةٌ أَنْزَلْناها أي جملة من الأحكام والحكم، وقيل أسأرت فى القدح أي أبقيت فيه سؤرا، أي بقية، قال الشاعر:
لا بالحصور ولا فيها بسأر
ويروى بسوار، من السورة أي الغضب.
(سوط) : السوط الجلد المضفور الذي يضرب به وأصل السوط خلط الشيء بعضه ببعض، يقال سطته وسوطته، فالسوط يسمى به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض، وقوله: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ تشبيها بما يكون فى الدنيا من العذاب بالسوط، وقيل إشارة إلى ما خلط لهم من أنواع العذاب المشار إليه بقوله حَمِيماً وَغَسَّاقاً.
(ساعة) : الساعة جزء من أجزاء الزمان، ويعبر به عن القيادة، قال:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ- يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ- وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ تشبيها بذلك لسرعة حسابه كما قال: وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ أو لما نبه عليه بقوله كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها- لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ- وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ فالأولى هى القيامة والثانية الوقت القليل من الزمان. وقيل الساعات التي هى القيامة ثلاثة: الساعة الكبرى وهى بعث الناس للمحاسبة وهى التي أشار إليها
بقوله عليه السلام: «لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وحتى يعبد الدرهم والدينار»
إلى غير ذلك. وذكر أمورا لم تحدث فى زمانه ولا بعده. والساعة الوسطى وهى موت أهل القرن الواحد وذلك نحو
ما
روى أنه رأى عبد اللَّه بن أنيس فقال: «إن يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة»
فقيل إنه آخر من مات من الصحابة والساعة الصغرى وهى موت الإنسان، فساعة كل إنسان موته وهى المشار إليها بقوله: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً ومعلوم أن هذه الحسرة تنال الإنسان عند موته لقوله: وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ الآية وعلى هذا قوله: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ
وروى أنه كان إذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام فقال: «تخوفت الساعة»
وقال: «ما أمد طرفى ولا أغضها إلا وأظن أن الساعة قد قامت»
يعنى موته. ويقال عاملته مساوعة نحو معاومة ومشاهرة، وجاءنا بعد سوع من الليل وسواع أي بعد هدء، وتصور من الساعة الإهمال فقيل أسعت الإبل أسيعها وهو ضائع سائع، وسواع اسم صنم. قال: وَدًّا وَلا سُواعاً.
(ساغ) : ساغ الشراب فى الخلق سهل انحداره، وأساغه كذا. قال:
سائِغاً لِلشَّارِبِينَ- وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وسوغته مالا مستعار منه، وفلان سوغ أخيه إذا ولد إثره عاجلا تشبيها بذلك.
(سوف) : سوف حرف يخصص أفعال المضارعة بالاستقبال ويجردها عن معنى الحال نحو: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي وقوله: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ تنبيه أن ما يطلبونه وإن لم يكن فى الوقت حاصلا فهو مما يكون بعد لا محالة ويقتضى معنى المماطلة والتأخير، واشتق منه التسويف اعتبارا بقول الواعد سوف أفعل كذا والسوف شم التراب والبول، ومنه قيل للمفازة التي يسوف الدليل ترابها مسافة، قال الشاعر:
إذا الدليل استاف أخلاق الطرق
والسواف مرض الإبل يشارف بها الهلاك وذلك لأنها تشم الموت أو يشمها الموت وإما لأنه مما سوف تموت منه.
(ساق) : سوق الإبل جلبها وطردها، يقال سقته فانساق، والسيقة ما يساق من الدواب وسقت المهر إلى المرأة وذلك أن مهور هم كانت الإبل وقوله:
إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ نحو قوله: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى وقوله: سائِقٌ
وَشَهِيدٌ
أي ملك يسوقه وآخر يشهد عليه وله، وقيل هو كقوله: كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وقوله: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قيل عنى التفاف الساقين عند خروج الروح وقيل التفافهما عند ما يلفان فى الكفن، وقيل هو أن يموت فلا تحملانه بعد أن كانتا تقلانه، وقيل أراد التفاف البلية بالبلية يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ من قولهم كشفت الحرب عن ساقها، وقال بعضهم فى قوله:
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ إنه إشارة إلى شدة وهو أن يموت الولد فى بطن الناقة فيدخل المذمر يده فى رحمها فيأخذ بساقه فيخرجه ميتا، قال فهذا هو الكشف عن الساق فجعل لكل أمر فظيع. وقوله: فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ قيل هو جمع ساق نحو لابة ولوب وقارة وقور، وعلى هذا فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ ورجل أسوق وامرأة سوقاء بينة السوق أي عظيمة الساق، والسوق الموضع الذي يجلب إليه المتاع للبيع، قال: وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ والسويق سمى لانسواقه فى الحلق من غير مضغ.
(سؤل) : السؤل الحاجة التي تحرص النفس عليها، قال: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى وذلك ما سأله بقوله: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي الآية والتسويل تزيين النفس لما تحرض عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن، قال بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً- الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وقال بعض الأدباء:
سالت هذيل رسول اللَّه فاحشة
أي طلبت منه سؤلا. قال وليس من سأل كما قال كثير من الأدباء.
والسؤل يقارب الأمنية لكن الأمنية تقال فيما قدره الإنسان والسؤل فيما طلب فكأن السؤل يكون بعد الأمنية.
(سال) : سال الشيء يسيل وأسلته أنا، قال: وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ أي أذبنا له والإسالة فى الحقيقة حالة فى القطر تحصل بعد الإذابة، والسيل أصله مصدر وجعل اسما للماء الذي يأتيك ولم يصبك مطره، قال: فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً- سَيْلَ الْعَرِمِ والسيلان الممتد من الحديد، الداخل من النصاب فى المقبض.
(سأل) : السؤال استدعاء معرفة أو ما يؤدى إلى المعرفة واستدعاء مال
أو ما يؤدى إلى المال، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة أو الإشارة، واستدعاء المال جوابه على اليد واللسان خليفة لها إما بوعد أو برد.
إن قيل كيف يصح أن يقال السؤال يكون للمعرفة ومعلوم أن اللَّه تعالى يسأل عباده نحو: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قيل إن ذلك سؤال لتعريف القوم وتبيتهم لا لتعريف اللَّه تعالى فإنه علام الغيوب، فليس يخرح عن كونه سؤالا عن المعرفة، والسؤال للمعرفة يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت كقوله تعالى:
وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ ولتعرف المسئول. والسؤال إذا كان للتعريف تعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بالجار، تقول سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا وبعن أكثر وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ- وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وقال تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي وقال:
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ وإذا كان السؤال لاستدعاء مال فإنه يتعدى بنفسه أو بمن نحو: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ- وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا وقال: وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ويعبر عن الفقير إذا كان مستدعيا لشىء بالسائل نحو: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وقوله: لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ.
(سام) : السوم أصله الذهاب فى ابتغاء الشيء، فهو لفظ لمعنى مركب من الذهاب والابتغاء وأجرى مجرى الذهاب فى قولهم سامت الإبل فهى سائمة ومجرى الابتغاء فى قولهم سمت كذا قال يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ ومنه قيل سيم فلان الخسف فهو يسام الخسف ومنه السوم فى البيع فقيل صاحب السلعة أحق بالسوم، ويقال سميت الإبل فى المرعى وأسمتها وسومتها، قال: وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ والسيماء والسيمياء العلامة، قال الشاعر:
له سيمياء لا تشق على البصر
وقال تعالى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ وقد سومته أي أعلمته ومسومين أي معلمين ومسومين معلمين لأنفسهم أو لخيولهم أو مرسلين لها
وروى عنه عليه السلام أنه قال: «تسوموا فإن الملائكة قد تسومت» .
(سأم) : السآمة الملائكة مما يكثر لبثه فعلا كان أو انفعالا قال: وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ وقال: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وقال الشاعر:
سئمت تكاليف: الحياة ومن يعش
…
ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
(سين) : طور سيناء جبل معروف، قال: تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ قرىء بالفتح والكسر والألف فى سيناء بالفتح ليس إلا للتأنيث لأنه ليس فى كلامهم فعلا إلا مضاعفا كالقلقال والزلزال، وفى سيناء يصيح أن تكون الألف فيه كالألف فى علباء وحرباء، وأن تكون الألف للإلحاق بسرواح، وقيل أيضا طور سينين والسين من حروف المعجم.
(سوا) : المساواة المعادلة المعتبرة بالذرع والوزن والكيل، يقال هذا ثوب مساو لذاك الثوب، وهذا الدرهم مساو لذلك الدرهم، وقد يعتبر بالكيفية نحو هذا السواد مساو لذلك السواد وإن كان تحقيقه راجعا إلى اعتبار مكانه دون ذاته ولاعتبار المعادلة التي فيه استعمل استعمال العدل، قال الشاعر:
أبينا فلا نعطى السواء عدونا
واستوى يقال على وجهين، أحدهما: يسند إليه فاعلان فصاعدا نحو استوى زيد وعمرو فى كذا أي تساويا، وقال: لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ والثاني أن يقال لاعتدال الشيء فى ذاته نحو: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وقال: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ- لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ- فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ واستوى فلان على عمالته واستوى أمر فلان، ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء كقوله: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وقيل معناه استوى له ما فى السموات وما فى الأرض أي استقام الكل على مراده بتسوية اللَّه تعالى إياه كقوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ وقيل معناه استوى كل شىء فى النسبة إليه فلا شىء أقرب إليه من شىء إذ كان تعالى ليس كالأجسام الحالة فكان دون مكان، وإذا عدى بإلى اقتضى معنى الانتهاء إليه إما بالذات أو بالتدبير، وعلى الثاني قوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ وتسوية الشيء جعله سواء إما فى الرفعة أو فى الضعة، وقوله: الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ أي جعل خلقتك على ما اقتضت الحكمة وقوله: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فإشارة إلى القوى التي جعلها مقومة للنفس فنسب الفعل إليها وقد ذكر فى غير هذا الموضع أن الفعل كما يصح أن ينسب إلى الفاعل يصح أن ينسب إلى الآلة وسائر ما يفتقر الفعل إليه نحو سيف قاطع، وهذا
الوجه أولى من قول من أراد قال: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها يعنى اللَّه تعالى، فإن مالا يعبر به عن اللَّه تعالى إذ هو موضوع للجنس ولم يرد به سمع يصح، وأما قوله: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى فالفعل منسوب إليه تعالى وكذا قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وقوله: رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها فتسويتها يتضمن بناءها وتزيينها المذكور فى قوله: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ والسوي يقال فيما يصان عن الإفراط والتفريط من حيث القدر والكيفية، قال تعالى: ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا وقال تعالى:
مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ ورجل سوى استوت أخلاقه وخلقته عن الإفراط والتفريط، وقوله تعالى: عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ قيل نجعل كفه كخف الجمل لا أصابع له، وقيل بل نجعل أصابعه كلها على قدر واحد حتى لا ينتفع بها وذاك أن الحكمة فى كون الأصابع متفاوتة فى القدر والهيئة ظاهرة، إذ كان تعاونها على القبض أن تكون كذلك، وقوله: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها أي سوى بلادهم بالأرض نحو: خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وقيل سوى بلادهم بهم نحو: لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وذلك إشارة إلى ما قال عن الكفار يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
ومكان سوى وسواء وسط ويقال سواء وسوى وسوى أي يستوى طرفاه ويستعمل ذلك وصفا وظرفا، وأصل ذلك مصدر، وقال: فِي سَواءِ الْجَحِيمِ- سَواءَ السَّبِيلِ- فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ أي عدل من الحكم. وكذا قوله: إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ وقوله:
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ- سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ- سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا أي يستوى الأمران فى أنهما لا يغنيان سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وقد يستعمل سوى وسواء بمعنى غير، قال الشاعر:
فلم يبق منها سوى هامد
وقال آخر:
وما قصدت من أهلها لسوائكا
وعندى رجل سواك أي مكانك وبدلك والسيء المساوى مثل عدل ومعادل وقتل ومقاتل، تقول سيان زيد وعمرو، وأسواء جمع سى نحو نقض وأنقاض يقال قوم أسواء ومستوون، والمساواة متعارفة فى المثمنات، يقال هذا الثوب
يساوى كذا وأصله من ساواه فى القدر، قال: حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ.
(سوأ) : السوء كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية والأخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وجاه وفقد حميم، وقوله:
بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أي من غير آفة بها وفسر بالبرص، وذلك بعض الآفات التي تعرض لليد. وقال: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ وعبر عن كل ما يقبح بالسوأى، ولذلك قوبل بالحسنى، قال: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى كما قال: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى والسيئة الفعلة القبيحة وهى ضد الحسنة، قال: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً قال: لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ- يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ- ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ- فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا- ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ
وقال عليه الصلاة والسلام: «يا أنس أتبع السيئة الحسنة تمحها»
والحسنة والسيئة ضربان: أحدهما بحسب اعتبار العقل والشرع نحو المذكور فى قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وحسنة وسيئة بحسب اعتبار الطبع، وذلك ما يستخفه الطبع وما يستثقله نحو قوله: فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ وقوله:
ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ وقوله تعالى: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ ويقال ساءنى كذا وسؤتنى وأسأت إلى فلان، قال: سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وقال: لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ- مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ أي قبيحا، وكذا قوله: زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ- عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أي ما يسوءهم فى العاقبة، وكذا قوله: وَساءَتْ مَصِيراً- ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وأما قوله تعالى: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ- ساءَ ما يَعْمَلُونَ- ساءَ مَثَلًا فساء هاهنا تجرى مجرى بئس وقال: وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وقوله: سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا نسب ذلك إلى الوجه من حيث إنه يبدو فى الوجه أثر السرور والغم، وقال: سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً- (حل بهم ما يسوءهم) وقال: سُوءُ الْحِسابِ- وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ وكنى عن الفرج بالسوأة. قال: كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ- فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي- يُوارِي سَوْآتِكُمْ- بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما- لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما.