المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العين (عبد) : العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها، لأنها غاية - الموسوعة القرآنية - جـ ٨

[إبراهيم الإبياري]

الفصل: ‌ ‌العين (عبد) : العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها، لأنها غاية

‌العين

(عبد) : العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها، لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو اللَّه تعالى ولهذا قال: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ والعبادة ضربان: عبادة بالتسخير وهو كما ذكرناه فى السجود، وعباده بالاختيار وهى لذوى النطق وهى المأمور بها فى نحو قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ- وَاعْبُدُوا اللَّهَ والعبد يقال على أربعة أضرب:

الأول: عبد بحكم بالشرع وهو الإنسان الذي يصح بيعه وابتياعه نحو الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ- عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ.

الثاني: عبد بالإيجاد وذلك ليس إلا للَّه وإياه قصد بقوله: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً.

الثالث: عبد بالعبادة والخدمة والناس فى هذا ضربان:

عبد للَّه مخلصا وهو المقصود بقوله: وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً- نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ- عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ- كُونُوا عِباداً لِي- إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ- وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ- وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً- فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا- فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا.

وعبد للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها وإياه قصد النبي عليه الصلاة والسلام

بقوله: «تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار»

، وعلى هذا النحو يصح أن يقال ليس كل إنسان عبدا للَّه فإن العبد على هذا بمعنى العابد، لكن العبد أبلغ من العابد والناس كلهم عباد اللَّه بل الأشياء كلها كذلك لكن بعضها بالتسخير وبعضها بالاختيار وجمع العبد الذي هو مسترق عبيد وقيل عبدّا، وجمع العبد الذي هو العابد عباد، فالعبيد إذا أضيف إلى اللَّه أعم من العباد. ولهذا قال: وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فنبه أنه لا يظلم من يختص بعبادته

ص: 359

ومن انتسب إلى غيره من الذين تسموا بعبد الشمس وعبد اللات ونحو ذلك.

ويقال طريق معبد أي مذلل بالوطء، أو غير مذلل بالقطران وعبدت فلانا إذا ذللته وإذا اتخذته عبدا، قال تعالى: أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ.

(عبث) : العبث أن يخلط بعمله لعبا من قولهم عبثت الأقط، والعبث طعام مخلوط بشىء ومنه قيل العوبثانى لتمر وسمن وسويق مختلط، قال: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ويقال لما ليس له غرض صحيح عبث، قال: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً.

(عبر) : أصل العبر تجاوز من حال إلى حال، فأما العبور فيختص بتجاوز الماء إما بسباحة أو فى سفينة أو على بعير أو على قنطرة، ومنه عبر النهر لجانبه حيث يعبر إليه أو منه، واشتق منه عبر العين للدمع والعبرة كالدمعة وقيل عابر سبيل، قال تعالى: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ وناقة عبر أسفار، وعبر القوم إذا ماتوا كأنهم عبروا قنطرة الدنيا، وأما العبارة فهى مختصة بالكلام العابر الهواء من لسان المتكلم إلى سمع السامع، والاعتبار والعبرة بالحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، قال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً- فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ والتعبير مختص بتعبير الرؤيا وهو العابر من ظاهرها إلى باطنها نحو:

إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ وهو أخص من التأويل فإن التأويل يقال فيه وفى غيره، والشعرى العبور سميت بذلك لكونها عابرة والعبرىّ ما ينبت على عبر النهر، وشط معبر ترك عليه العبرى.

(عبس) : العبوس قطوب الوجه من ضيق الصدر قال: عَبَسَ وَتَوَلَّى- ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ومنه قيل عبوس، قال: يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً وباعتبار ذلك قيل العبس لما يبس على هلب الذنب من البعر والبول وعبس الوسخ على وجهه.

(عبقر) : عبقر قيل هو موضع للجن ينسب إليه كلّ نادر من إنسان

ص: 360

وحيوان وثوب، ولهذا قيل فى عمر: لم أر عبقريا مثله، قال: وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ وهو ضرب من الفرش فيما قيل جعله اللَّه تعالى مثلا لفرش الجنة.

(عبأ) : ما عبأت به أي لم أبال به، وأصله من العبء أي الثقل كأنه قال ما أرى له وزنا وقدرا قال: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي وقيل أصله من عبأت الطيب كأنه قيل ما يبقيكم لولا دعاؤكم، وقيل عبأت الجيش وعبّأته هيئته، وعبأة الجاهلية ما هى مدخرة فى أنفسهم من حميتهم المذكورة فى قوله: فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ.

(عتب) : العتب كل مكان ناب بنازله، ومنه قيل للمرقاة ولأسكفة الباب عتبة، وكنى بها عن المرأة فيما روى أن إبراهيم عليه السلام قال لامرأة إسماعيل قولى لزوجك غير عتبة بابك. واستعير العتب، والمعتبة لغلظة يجدها الإنسان فى نفسه على غيره وأصله من العتب وبحسبه قيل خشنت بصدر فلان ووجدت فى صدره غلظة، ومنه قيل حمل فلان على عتبه صعبة أي حالة شاقة كقول الشاعر:

وحملناهم على صعبة زو

راء يعلونها بغير وطاء

وقولهم أعتبت فلانا أي أبرزت له الغلظة التي وجدت له فى الصدر، وأعتبت فلانا حملته على العتب. ويقال أعتبته أي أزلت عتبه عنه نحو أشكيته، قال:

فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ والاستعتاب أن يطلب من الإنسان أن يذكر عتبه ليعتب، يقال استعتب فلان، قال:(ولا مستعتبون) يقال لك العتبى وهو إزالة ما لأجله يعتب وبينهم أعتوبة أي ما يتعاتبون به ويقال عتب عتبا إذا مشى على رجل مشى المرتقى فى درجة.

(عتد) : العتاد ادخار الشيء قبل الحاجة إليه كالإعداد والعتيد المعد والمعد، قال: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ- رَقِيبٌ عَتِيدٌ أي معتد أعمال العباد وقوله: أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً قيل هو أفعلنا من العتاد وقيل أصله أعددنا فأبدل من إحدى الدالين تاء. وفرس عتيد وعتد حاضر العدو، والعتود من أولاد المعز جمعه أعتدة وعدا على الإدغام.

ص: 361

(عتق) : العتيق المتقدم فى الزمان أو المكان أو الرتبة ولذلك قيل للقديم عتيق وللكريم عتيق ولمن خلا عن الرق عتيق، قال تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قيل وصفه بذلك لأنه لم يزل معتقا أن تسومه الجبابرة صغارا. والعاتقان ما بين المنكبين وذلك لكونه مرتفعا على سائر الجسد، والعاتق الجارية التي عتقت عن الزوج، لأن المتزوجة مملوكة وعتق الفرس تقدم بسبقه، وعتق منى يمين:

تقدمت، قال الشاعر:

على ألية عتقت قديما

وليس لها وإن طلبت مرام

(عتل) : العتل الأخذ لمجامع الشيء وجره بقهر كعتل البعير، قال:

فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ والعتل الأكول المنوع الذي يعتل الشيء عتلا، قال: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ.

(عتا) : العتو النبو عن الطاعة، يقال عتا يعتو عتوا وعتيا، قال:

وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً- فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ- عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها- بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ- مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا أي حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها، وقيل إلى رياضة وهى الحالة المشار إليها يقول الشاعر:

ومن العناء رياضة الهرم

وقوله تعالى: أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا قيل العتى هاهنا مصدر، وقيل هو جمع عات، وقيل العاتي الجاسي.

(عثر) : عثر الرجل عثارا وعثورا إذا سقط، ويتجوز به فيمن يطلع على أمر من غير طلبه، قال تعالى: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً يقال عثرت على كذا، قال: وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ أي وقفناهم عليهم من غير أن طلبوا.

(عثى) : العيث والعثى يتقاربان نحو جذب وجبذ إلا أن العبث أكثر ما يقال فى الفساد الذي يدرك حسا، والعثى فيما يدرك حكما. يقال عثى يعثى عثيا وعلى هذا وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ وعثا يعثو عثوا، والأعثى لون إلى السواد وقيل للأحمق الثقيل أعثى.

(عجب) : العجب والتعجب حالة تعريض للإنسان عند الجهل بسبب

ص: 362

الشيء ولهذا قال بعض الحكماء: العجب مالا يعرف سببه ولهذا قيل لا يصح على اللَّه التعجب إذ هو علام الغيوب لا تخفى عليه خافية. يقال عجبت عجبا، ويقال للشىء الذي يتعجب منه عجب، ولما لم يعهد مثله عجيب، قال: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا تنبيها أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبله، وقوله: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ- وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ- كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً أي ليس ذلك فى نهاية العجب بل فى أمورنا ما هو أعظم وأعجب منه قُرْآناً عَجَباً أي لم يعهد مثله ولم يعرف سببه ويستعار مرة للموفق فيقال: أعجبنى كذا أي راقنى، قال: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ- وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ- وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ- أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ وقال: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ أي عجبت من إنكارهم للبعث لشدة تحقق معرفته ويسخرون لجهلهم، وقيل عجبت من إنكارهم الوحى وقرأ بعضهم بَلْ عَجِبْتَ يضم التاء وليس ذلك إضافة المتعجب إلى نفسه فى الحقيقة بل معناه أنه مما يقال عنده عجبت، أو يكون عجبت مستعارا بمعنى أنكرت نحو أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ- إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ، ويقال لمن يروقه نفسه فلان معجب بنفسه، والعجب من كل دابة، ما ضمر وركه.

(عجز) : عجز الإنسان مؤخره. وبه شبه مؤخر غيره، قال: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ والعجز أصله التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز الأمر أي مؤخره كما ذكر فى الدبر، وصار فى المتعارف اسما للقصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة، قال: أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ وأعجزت فلانا وعجزته وعاجزته جعلته عاجزا قال: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ- وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ- وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ وقرىء معجزين، فمعاجزين قيل معناه ظانين.

ومقدرين أنهم يعجزوننا لأنهم حسبوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب، وهذا فى المعنى كقوله: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ومعجزين ينسبون إلى العجز من تبع النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك نحو جهلته وفسقته أي نسبته إلى ذلك، وقيل معناه مثبطين أي يثبطون الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم كقوله:

الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ والعجوز سميت لعجزها فى كثير من الأمور قال: إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ وقال: أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ.

(عجف) : قال: سَبْعٌ عِجافٌ جمع أعجف وعجفاء أي الدقيق من الهزال من قولهم نصل أعجف دقيق، وأعجف الرجل صارت مواشيه عجافا، وعجفت نفسى عن الطعام وعن فلان أي نبت عنهما.

ص: 363

(عجل) : العجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وهو من مقتضى الشهوة فلذلك صارت مذمومة فى عامة القرآن حتى قيل العجلة من الشيطان، قال:

سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ- وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ- وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ- وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ فذكر أن عجلته وإن كانت مذمومة فالذى دعا إليها أمر محمود وهو طلب رضا اللَّه تعالى، قال: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ- لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ- وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ- خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال بعضهم من حمأ وليس بشىء بل تنبيه على أنه لا يتعرى من ذلك وأن ذلك أحد الأخلاق التي ركب عليها وعلى ذلك قال: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا، وقوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ أي الأعراض الدنيوية، وهبنا ما نشاء لمن نريد أن نعطيه ذلك عَجِّلْ لَنا قِطَّنا- فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ والعجالة ما يعجل أكله كاللهنة وقد عجلتهم ولهنتهم، والعجلة الإداوة الصغيرة التي يعجل بها عند الحاجة، والعجلة خشبة معترضة على نعامة البئر وما يحمل على الثيران وذلك لسرعة مرها. والعجل ولد البقرة لتصور عجلتها التي تعدم منه إذا صار ثورا، قال: عِجْلًا جَسَداً وبقرة معجل لها عجل.

(عجم) : العجمة خلاف الإبانة، والإعجام الإبهام، واستعجمت الدار إذا بان أهلها ولم يبق فيها غريب أي من يبين جوابا، ولذلك قال بعض العرب: خرجت عن بلاد تنطق كناية عن عمارتها وكون السكان فيها. والعجم خلاف العرب، والعجمي منسوب إليهم، والأعجم من فى لسانه عجمة عربيا كان أو غير عربى اعتبارا بقلة فهمهم عن العجم. ومنه قيل للبهيمة عجماء والأعجمى منسوب إليه، قال: وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ على حذف الياءات، قال: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ- ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ- يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وسميت البهيمة عجماء من حيث إنها لا تبين عن نفسها بالعبارة إبانة الناطق، وقيل صلاة النهار عجماء أي لا يجهر فيها بالقراءة، وجرح العجماء جبار، وأعجمت الكلام ضد أعربت، وأعجمت الكتابة أزلت عجمتها نحو أشكيته إذا أزلت شكايته. وحروف المعجم روى عن الخليل أنها هى الحروف المقطعة لأنها أعجمية، قال بعضهم: معنى قوله: أعجمية، أن الحروف المتجردة لا تدل على ما تدل عليه الحروف الموصولة. وباب معجم مبهم، والعجم النوى الواحدة عجمة إما لاستتارها فى ثنى ما فيه، وإما بما أخفى

ص: 364

من أجزائه بضغط المضغ، أو لأنه أدخل فى الفم فى حال ما فض عليه فأخفى، والعجم العض عليه، وفلان صلب المعجم أي شديد عند المختبر.

(عد) : العدد آحاد مركبة وقيل تركيب الآحاد وهما واحد قال:

عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وقوله تعالى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً فذكره للعدد تنبيه على كثرتها والعد ضم الأعداد بعضها إلى بعض، قال تعالى: لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا- فَسْئَلِ الْعادِّينَ أي أصحاب العدد والحساب. وقال تعالى: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ- وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ويتجوز بالعد على أوجه يقال شىء معدود ومحصور للقليل مقابلة لما لا يحصى كثرة نحو المشار إليه بقوله: بِغَيْرِ حِسابٍ، وعلى ذلك إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً أي قليلة لأنهم قالوا تعذب الأيام التي فيها عبدنا العجل، ويقال على الضد من ذلك نحو: جيش عديد: كثير، وإنهم لذو عدد، أي هم بحيث يجب أن يعدوا كثرة، فيقال فى القليل هو شىء غير معدود، وقوله: فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً يحتمل الأمرين، ومنه قولهم: هذا غير معتد به، وله عدة أي شىء كثير يعد من مال وسلاح وغيرهما، قال: لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وماء عد، والعدة هى الشيء المعدود، قال: وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ أي عددهم وقوله:

فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي عليه أيام بعدد مافاته من زمان آخر غير زمان شهر رمضان إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ والعدة عدة المرأة وهى الأيام التي بانقضائها يحل لها التزوج، قال: فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها- فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ- وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ والإعداد من العد كالإسقاء من السقي فإذا قيل أعددت هذا لك أي جعلته بحيث تعده وتتناوله بحسب حاجتك إليه، قال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله: أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ- وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ- أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً- وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ وقوله: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً قيل هو منه، وقوله: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي عدد ما قد فاته، وقوله: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ أي عدة الشهر وقوله: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فإشارة إلى شهر رمضان.

وقوله: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فهى ثلاثة أيام بعد النحر، والمعلومات عشر ذى الحجة. وعند بعض الفقهاء: المعدودات يوم النحر ويومان بعده، فعلى هذا يوم النحر يكون من المعدودات والمعلومات والعداد الوقت الذي يعد لمعاودة الوجع،

وقال عليه الصلاة والسلام: «ما زالت أكلة خيبر تعاودنى»

وعدان الشيء زمانه.

ص: 365

(عدس) : العدس الحب المعروف، قال: وَعَدَسِها وَبَصَلِها والعدسة بثرة على هيئته، وعدس زجر للبغل ونحوه، ومنه عدس في الأرض وهى عدوس.

(عدل) : العدالة والمعادلة لفظ يقتضى معنى المساواة ويستعمل باعتبار المضايفة والعدل والعدل يتقاربان، ولكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام، وعلى ذلك قوله: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً والعدل والعديل فيما يدرك بالحاسة كالموزونات والمعدودات والمكيلات، فالعدل هو التقسيط على سواء، وعلى هذا روى: بالعدل قامت السموات والأرض تنبيها أنه لو كان ركن من الأركان الأربعة فى العالم زائدا على الآخر أو ناقصا عنه على مقتضى الحكمة لم يكن العالم منتظما. والعدل ضربان: مطلق يقتضى العقل حسنه ولا يكون فى شىء من الأزمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الإحسان إلى من أحسن إليك وكف الأذية عمن كف أذاه عنك. وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع، ويمكن أن يكون منسوخا فى بعض الأزمنة كالقصاص وأروش الجنايات، وأصل مال المرتد.

ولذلك قال: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ وقال: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فسمى اعتداء وسيئة، وهذا النحو هو المعنى بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ فإن العدل هو المساواة فى المكافأة إن خيرا فخير وإن شرا فشر، والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه والشر بأقل منه، ورجل عدل عادل ورجال عدل، يقال فى الواحد والجمع وقال الشاعر:

فهم رضا وهم عدل

وأصله مصدر كقوله: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ أي عدالة، قال: وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ وقوله: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ فإشارة إلى ما عليه جبلة الناس من الميل، فالإنسان لا يقدر على أن يسوى بينهن فى المحبة، وقوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً فإشارة إلى العدل الذي هو القسم والنفقة، وقال: لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا وقوله: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أي ما يعادل من الصيام الطعام، فيقال للغداء عدل إذا اعتبر فيه معنى المساواة.

وقولهم: (لا يقبل منه صرف ولا عدل) فالعدل قيل هو كناية عن الفريضة وحقيقته ما تقدم، والصرف النافلة وهو الزيادة على ذلك فهما كالعدل

ص: 366

والإحسان. ومعنى أنه لا يقبل منه أنه لا يكون له خير يقبل منه، وقوله:

بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ أي يجعلون له عديلا فصار كقوله: هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ وقيل يعدلون بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره، وقيل يعدلون بعبادتهم عنه تعالى، وقوله: بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ يصح أن يكون على هذا كأنه قال يعدلون به، ويصح أن يكون من قولهم عدل عن الحق إذا جار عدولا، وأيام معتدلات طيبات لاعتدالها، وعادل بين الأمرين إذا نظر أيهما أرجح، وعادل الأمر ارتبك فيه فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه، وقولهم: وضع على يدى عدل فمثل مشهور.

(عدن) : جَنَّاتِ عَدْنٍ أي استقرار وثبات، وعدن بمكان كذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر، وقال عليه الصلاة والسلام:«المعدن جبار» .

(عدا) : العدو التجاوز ومنافاة الالتئام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له العداوة والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له العدو، وتارة فى الإخلال بالعدالة فى المعاملة فيقال له العدوان والعدو، قال: فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وتارة بأجزاء المقر فيقال له العدواء، يقال مكان ذو عدواء أي غير متلائم الأجزاء، فمن المعاداة يقال رجل عدو وقوم عدو، قال: بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وقد يجمع على عدى وأعداء، قال: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ والعدو ضربان، أحدهما: يقصد من المعادى نحو: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ- جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وفى أخرى عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.

والثاني: لا تقصده بل بعرض له حالة يتأذى بها كما يتأذى مما يكون من العدى نحو قوله: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وقوله فى الأولاد: عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ومن العدو يقال:

فعادى عداء بين ثور ونعجة

أي أعدى أحدهما إثر الآخر، وتعادت المواشي بعضها فى إثر بعض، ورأيت عداء القوم الذين يعدون من الرحالة. والاعتداء مجاوزة الحق، قال: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وقال: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال، قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وقال: فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ- فَمَنِ

ص: 367

اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ

- بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ أي معتدون أو معادون أو متجاوزون الطور من قولهم عدا طوره: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ فهذا هو الاعتداء على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة لأنه قال: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ أي قابلوه بحسب اعتدائه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه. ومن العدوان المحظور ابتداء قوله: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ومن العدوان الذي هو على سبيل المجازاة ويصح أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ- وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ أي غير باغ لتناول لذة ولا عاد أي متجاوز سد الجوعة، وقيل غير باغ على الإمام ولا عاد فى المعصية طريق المخبتين.

وقد عدا طوره تجاوزه وتعدى إلى غيره ومنه التعدي فى الفعل. وتعدية الفعل فى النحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول. وما عدا كذا يستعمل فى الاستثناء، وقوله: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى أي الجانب المتجاوز للقرب.

(عذب) : ماء عذب طيب بارد، قال: هذا عَذْبٌ فُراتٌ وأعذب القوم صار لهم ماء عذب والعذاب هو الإيجاع الشديد وقد عذبه تعذيبا أكثر حبسه فى العذاب، قال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً- وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أي ما كان يعذبهم عذاب الاستئصال، وقوله: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ لا يعذبهم بالسيف وقال:

وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ- وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ- وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ- وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ- وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ واختلف فى أصله فقال بعضهم هو من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب، فالتعذيب فى الأصل هو حمل الإنسان أن يعذب أي يجوع ويسهر، وقيل أصله من العذب فعذبته أي أزلت عذب حياته على بناء مرضته وقذيته، وقيل أصل التعذيب إكثار الضرب أي بعذبة السوط أي طرفها، وقد قال بعض أهل اللغة: التعذيب هو الضرب، وقيل هو من قولهم ماء عذب إذا كان فيه قذى وكدر فيكون عذبته كقولك كدرت عيشه وزلقت حياته، وعذبة السوط واللسان والشجر أطرافها.

(عذر) : العذر تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه. ويقال عذر وعذر وذلك على ثلاثة أضرب: إما أن يقول لم أفعل أو يقول فعلت لأجل كذا فيذكر ما يخرجه عن

ص: 368

كونه مذنبا، أو يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك من المقال. وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة، واعتذرت إليه أتيت بعذر، وعذرته قبلت عذره، قال: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا والمعذر من يرى أن له عذرا ولا عذر له، قال: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ وقرىء المعذرون أي الذين يأتون بالعذر. قال ابن عباس: لعن اللَّه المعذرين ورحم المعذّرين، وقوله: قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ فهو مصدر عذرت كأنه قيل أطلب منه أن يعذرنى، وأعذر: أتى بما صار به معذورا، وقيل: أعذر من أنذر، أتى بما صار به معذورا، قال بعضهم: أصل العذر من العذرة وهو الشيء النجس ومنه سمى القلفة العذرة فقيل عذرت الصبى إذا طهرته وأزلت عذرته، وكذا أعذرت فلانا أزلت نجاسة ذنبه بالعفو عنه كقولك غفرت له أي سترت ذنبه، وسمى جلدة البكارة عذرة تشبيها بعذرتها التي هى القلفة، فقيل عذرتها أي افتضضتها، وقيل للعارض فى حلق الصبى عذرة فقيل عذر الصبى إذا أصابه ذلك، قال الشاعر:

عمر الطبيب نغانغ المعذور

ويقال اعتذرت المياه انقطعت، واعتذرت المنازل درست على طريق التشبيه بالمعتذر الذي يندرس ذنبه لوضوح عذره، والعاذرة قيل المستحاضة، والعذور السّيّئ الخلق اعتبارا بالعذرة أي النجاسة، وأصل العذرة فناء الدار وسمى ما يلقى فيه باسمها.

(عر) : قال: أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ وهو المعترض للسؤال، يقال عره يعره واعتررت بك حاجتى، والعر والعر الجرب الذي يعر البدن أي يعترضه، ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذي هو الجرب، قال: فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ والعرار حكاية حفيف الريح ومنه العرار لصوت الظليم حكاية لصوتها وقد عار الظليم، والعرعر شجر سمى به لحكاية صوت حفيفها وعرعار لعبة لهم حكاية لصوتها.

(عرب) : العرب ولد إسماعيل والأعراب جمعه فى الأصل وصار ذلك اسما لسكان البادية قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا- الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً- وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وقيل فى جمع الأعراب أعاريب، قال الشاعر:

أعاريب ذوو فخر بإفك

وألسنة لطاف فى المقال

ص: 369

والأعرابى فى المتعارف صار اسما للمنسوبين إلى سكان البادية، والعربي المفصح، والإعراب البيان يقال: أعرب عن نفسه،

وفى الحديث: «الثيب تعرب عن نفسها»

أي تبين وإعراب الكلام إيضاح فصاحته، وخص الإعراب فى تعارف النحويين بالحركات والسكنات المتعاقبة على أواخر الكلم، والعربي الفصيح البين من الكلام، قال: قُرْآناً عَرَبِيًّا وقوله: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ- فُصِّلَتْ آياتُهُ- قُرْآناً عَرَبِيًّا حكما عربيا. وما بالدار عريب أي أحد يعرب عن نفسه، وامرأة عروبة معربة بحالها عن عفتها ومحبة زوجها، وجمعها عرب، قال: عُرُباً أَتْراباً وعربت عليه إذا رددت من حيث الإعراب.

وفى الحديث: «عربوا على الإمام»

والمعرب صاحب الفرس العربي، كقولك المجرب لصاحب الجرب. وقوله: حُكْماً عَرَبِيًّا قيل معناه مفصحا يحق الحق ويبطل الباطل، وقيل معناه شريفا كريما من قولهم عرب أتراب أو وصفه بذلك كوصفه بكريم فى قوله: كِتابٌ كَرِيمٌ وقيل: معناه معربا من قولهم: عربوا على الإمام، ومعناه ناسخا لما فيه من الأحكام، وقيل منسوب إلى النبي العربي، والعربي إذا نسب إليه قيل عربى فيكون لفظه كلفظ المنسوب إليه، ويعرب قيل هو أول من نقل السريانية إلى العربية فسمى باسم فعله.

(عرج) : العروج ذهاب فى صعود قال: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ- فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ والمعارج المصاعد قال: ذِي الْمَعارِجِ وليلة المعراج سميت لصعود الدعاء فيها إشارة إلى قوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وعرج عروجا وعرجانا مشى مشى العارج أي الذاهب فى صعود كما يقال درج إذا مشى مشى الصاعد فى درجه، وعرج صار ذلك خلقة له، وقيل للضبع عرجاء لكونها فى خلقتها ذات عرج وتعارج نحو تضالع ومنه استعير.

عرج قليلا عن مدى غلوائكا

أي أحبسه عن التصعد. والعرج قطيع ضخم من الإبل كأنه قد عرج كثرة، أي صعد.

(عرجن) : حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ أي ألفافه من أغصانه.

(عرش) : العرش فى الأصل شىء مسقف، وجمعه عروش، قال:

وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ومنه قيل عرشت الكرم وعرشته إذا جعلت له

ص: 370

كهيئة سقف وقد يقال لذلك المعرش قال: مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ- وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ- وَما كانُوا يَعْرِشُونَ قال أبو عبيدة: يبنون، واعترش العنب ركب عرشه، والعرش شبه هودج للمرأة شبيها فى الهيئة بعرش الكرم، وعرشت البئر جعلت له عريشا. وسمى مجلس السلطان عرشا اعتبارا بعلوه. قال: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ- أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها- نَكِّرُوا لَها عَرْشَها- أَهكَذا عَرْشُكِ وكنى به عن العز والسلطان والمملكة، قيل فلان ثل عرشه. وروى أن عمر رضى اللَّه عنه رئى فى المنام فقيل ما فعل بك ربك؟

فقال لولا أن تداركنى برحمته لثل عرشى. وعرش اللَّه ما لا يعلمه البشر على الحقيقة إلا بالاسم، وليس كما تذهب إليه أوهام العامة فإنه لو كان كذلك لكان حاملا له تعالى عن ذلك لا محمولا، واللَّه تعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وقال:

قوم هو الفلك الأعلى والكرسي فلك الكواكب، واستدل بما

روى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ما السموات السبع والأرضون السبع فى جنب الكرسي إلا كحلقة ملقاة فى أرض فلاة»

والكرسي عند العرش كذلك وقوله: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ تنبيه أن العرش لم يزل منذ أوجد مستعليا على الماء. وقوله: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ- رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ وما يجرى مجراه قيل هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقر له يتعالى عن ذلك.

(عرض) : العرض خلاف الطول وأصله أن يقال فى الأجسام ثم يستعمل فى غيرها كما قال: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ والعرض خص بالجانب وعرض الشيء بدا عرضه وعرضت العود على الإناء واعترض الشيء فى حلقة وقف فيه بالعرض واعترض الفرس فى مشيه وفيه عرضية أي اعتراض فى مشيه من الصعوبة، وعرضت الشيء على البيع وعلى فلان ولفلان نحو: ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ- عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا

- إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ- وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً- وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ وعرضت الجند، والعارض البادي عرضه فتارة يختص بالسحاب نحو: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا وبما يعرض من السقم فيقال به عارض من سقم، وتارة بالخد نحو أخذ من عارضيه وتارة بالسن ومنه قيل العوارض للثنايا التي تظهر عند الضحك، وقيل فلان شديد العارضة كناية عن جودة البيان، ويعبر عروض يأكل الشوك بعارضيه، والعرضة ما يجعل معرضا للشىء، قال: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ

ص: 371

وبعير عرضة للسفر أي يجعل معرضا له، وأعرض أظهر عرضه أي ناحيته. فإذا قيل أعرض لى كذا أي بدا عرضه فأمكن تناوله، وإذا قيل أعرض عنى فمعناه ولى مبديا عرضه قال: ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ- وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ- وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي- وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ وربما حذف عَنْ استغناء عنه نحو: إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ- ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ- فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ وقوله: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ فقد قيل هو العرض الذي خلاف الطول، وتصور ذلك على أحد وجوه: إما أن يريد به أن يكون عرضها فى النشأة الآخرة كعرض السموات والأرض فى النشأة الأولى وذلك أنه قد قال: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ولا يمتنع أن تكون السموات والأرض فى النشأة الآخرة أكبر مما هى الآن. وروى أن يهوديا سأل عمر رضى اللَّه عنه عن هذه الآية فقال: فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار؟ وقيل يعنى بعرضها سعتها لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرة كما يقال فى ضده: الدنيا على فلان حلقة خاتم وكفة حابل، وسعة هذه الدار كسعة الأرض، وقيل العرض هاهنا من عرض البيع من قولهم: بيع كذا بعرض إذا بيع بسلعة فمعنى عرضها أي بدلها وعوضها كقولك عرض هذا الثوب كذا وكذا والعرض ما لا يكون له ثبات ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون والطعم، وقيل الدنيا عرض حاضر تنبيها أن لا ثبات لها، قال تعالى: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وقال: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى - وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ وقوله: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً أي مطلبا سهلا. ولتعريض كلام له وجهان من صدق وكذب أو ظاهر وباطن. قال: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ قيل هو أن يقول لها أنت جميلة ومرغوب فيك ونحو ذلك.

(عرف) : المعرفة والعرفان إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره وهو أخص من العلم ويضاده الإنكار، ويقال فلان يعرف اللَّه ولا يقال يعلم اللَّه متعديا إلى مفعول واحد لما كانت معرفة البشر للَّه هى بتدبر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال اللَّه يعلم كذا ولا يقال يعرف كذا، لما كانت المعرفة تستعمل فى العلم القاصر المتوصل به بتفكر، وأصله من عرفت أي أصبت عرفه أي رائحته، أو من أصبت عرفه أي خده، يقال عرفت كذا، قال تعالى: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا- فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ- فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ- يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ

ص: 372

أَبْناءَهُمْ

ويضاد المعرفة الإنكار والعلم والجهل قال: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها والعارف فى تعارف قوم هو المختص بمعرفة اللَّه ومعرفة ملكوته وحسن معاملته تعالى، يقال عرفه كذا، قال: عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ وتعارفوا عرف بعضهم بعضا قال: لِتَعارَفُوا وقال: يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ وعرفه جعل له عرفا أي ريحا طيبا، قال فى الجنة: عَرَّفَها لَهُمْ أي طيبها وزينها لهم، وقيل عرفها لهم بأن وصفها لهم وشوقهم إليها وهداهم وقوله:

فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فاسم لبقعة مخصوصة، وقيل سميت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحواء، وقيل بل لتعرف العباد إلى اللَّه تعالى بالعبادات والأدعية. والمعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه، والمنكر ما ينكر بهما، قال: يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وقال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ- وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً ولهذا قيل للاقتصاد فى الجود معروف لما كان ذلك مستحسنا فى العقول وبالشرع نحو: وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ- إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ- وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ أي بالاقتصاد والإحسان وقوله: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وقوله: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ أي رد بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك، والعرف المعروف من الإحسان وقال:

وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وعرف الفرس والديك معروف، وجاء القطا عرفا أي متتابعة، قال: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً والعراف كالكاهن إلا أن العراف يختص بمن يخبر بالأحوال المستقبلة، والكاهن بمن يخبر عن الأحوال الماضية، والعريف بمن يعرف الناس ويعرفهم، قال الشاعر:

بعثوا إلى عريفهم يتوسم

وقد عرف فلان عرافة إذا صار مختصا بذلك، فالعريف السيد المعروف، قال الشاعر:

بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا

عريفهم بأثافى الشر مرجوم

ويوم عرفة يوم الوقوف بها، وقوله: وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ فإنه سور بين الجنة والنار، والاعتراف الإقرار وأصله إظهار معرفة الذنب وذلك ضد الجحود، قال: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ

- فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا.

ص: 373

(عرم) : العرامة شراسة وصعوبة فى الخلق وتظهر بالفعل، يقال عرم فلان فهو عارم وعرم تخلق بذلك ومنه عرام الجيش، وقوله: سَيْلَ الْعَرِمِ قيل أراد سيل الأمر العرم، وقيل العرم المسناة وقيل للعرم الجرذ الذكر ونسب إليه السيل من حيث إنه ثقب المسناة.

(عرى) : يقال عرى من ثوبه يعرى فهو عار وعريان، قال: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وهو عرو من الذنب أي عار وأخذه عرواء أي رعدة تعرض من العرى ومعارى الإنسان الأعضاء التي من شأنها أن تعرى كالوجه واليد والرجل، وفلان حسن المعرى كقولك حسن المحسر والمجرد، والعراء مكان لا سترة به، قال: فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ والعرا مقصور: الناحية وعراه واعتراه قصد عراه، قال: إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ والعروة ما يتعلق به من عراه أي ناحيته، قال تعالى: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وذلك على سبيل التمثيل. والعروة أيضا شجرة يتعلق بها الإبل ويقال لها عروة وعلقة.

والعرى والعرية ما يعرو من الريح الباردة، والنخلة العرية ما يعرى عن البيع ويعزل، وقيل هى التي يعريها صاحبها محتاجا فجعل ثمرتها له ورخص أن يبتاع بتمر لموضع الحاجة، وقيل هى النخلة للرجل وسط نخيل كثيرة لغيره فيتأذى به صاحب الكثير فرخص له أن يبتاع ثمرته بتمر، والجميع العرايا.

ورخص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى بيع العرايا.

(عز) : العزة حالة مانعة للإنسان من أن يغلب من قولهم أرض عزاز أي صلبة، قال: أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وتعزز اللحم اشتد وعز كأنه حصل فى عزاز يصعب الوصول إليه كقولهم تظلف أي حصل فى ظلف من الأرض، والعزيز الذي يقهر ولا يقهر، قال: إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا قال: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ- سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ فقد يمدح بالعزة تارة كما ترى ويذم بها تارة كعزة الكفار قال:

بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ ووجه ذلك أن العزة التي للَّه ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية التي هى العزة الحقيقية، والعزة التي هى للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل كما

قال عليه الصلاة والسلام: «كل عز ليس باللَّه فهو ذل»

وعلى هذا قوله: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا أي ليتمنعوا به من العذاب، وقوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً معناه

ص: 374

من كان يريد أن يعز يحتاج أن يكتسب منه تعالى العزة فإنها له، وقد تستعار العزة للحمية والأنفة المذمومة وذلك فى قوله: أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ وقال: تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ يقال عز على كذا صعب، قال: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي صعب، وعزه كذا غلبه، وقيل من عز بز أي من غلب سلب.

قال تعالى: وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبنى، وقيل معناه صار أعز منى فى المخاطبة والمخاصمة، وعز المطر الأرض غلبها وشاة عزوز قل درها، وعز الشيء قل اعتبارا بما قيل كل موجود مملول وكل مفقود مطلوب، وقوله: إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ أي يصعب مناله ووجود مثله، والعزى صنم، قال: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى واستعز بفلان إذا غلب بمرض أو بموت.

(عزب) : العازب المتباعد فى طلب الكلأ عن أهله، يقال عزب يعزب ويعزب، قال: وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ- لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ يقال رجل عزب، وامرأة عزبة وعزب عن حلمه وعزب طهرها إذا غاب عنها زوجها، وقوم معزبون عزبت إبلهم.

وروى من قرأ القرآن فى أربعين يوما فقد عزب

، أي بعد عهده بالختمة.

(عزر) : التعزير النصرة مع التعظيم، قال: وَتُعَزِّرُوهُ- وَعَزَّرْتُمُوهُمْ والتعزير ضرب دون الحد وذلك يرجع إلى الأول فإن ذلك تأديب والتأديب نصرة مالكن الأول نصرة بقمع ما يضره عنه، والثاني نصرة بقمعه عما يضره فمن قمعته عما يضره فقد نصرته. وعلى هذا الوجه

قال صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قال: أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ فقال: كفه عن الظلم»

وعزيز فى قوله: وقالت اليهود عزيز ابن الله اسم نبى.

(عزل) : الاعتزال تجنب الشيء عمالة كانت أو براءة أو غيرهما بالبدن كان ذلك أو بالقلب، يقال عزلته واعتزلته وعزلته فاعتزل، قال: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ- فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ- وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ- فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ وقال الشاعر:

يا بنت عاتكة التي أتعزل

وقوله: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ أي ممنوعون بعد أن كانوا يمكنون، والأعزل الذي لا رمح معه. ومن الدواب ما يميل ذنبه ومن السحاب مالا مطر

ص: 375

فيه، والسماك الأعزل نجم وسمى به لتصوره بخلاف السماك الرامح الذي معه نجم لتصوره بصورة رمحه.

(عزم) : العزم والعزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر، يقال عزمت الأمر وعزمت عليه واعتزمت، قال: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ- وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ- وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ- إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ- وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً أي محافظة على ما أمر به وعزيمة على القيام. والعزيمة تعويذ كأنه تصور أنك قد عقدت بها على الشيطان أن يمضى إرادته فيك وجمعها العزائم (عزا) : عزين أي جماعات فى تفرقة، واحدتها عزة وأصله من عزوته فاعتزى أي نسبته فانتسب فكأنهم الجماعة المنتسب بعضهم إلى بعض إما فى الولادة أو فى المظاهرة، ومنه الاعتزاء فى الحرب وهو أن يقول أنا ابن فلان وصاحب فلان

وروى: «من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه»

وقيل عزين من عزا عزاء فهو عز إذا تصبر وتعزى أي تصبر وتأسى فكأنها اسم للجماعة التي يتأسى بعضهم ببعض.

(عسعس) : وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أي أقبل وأدبر وذلك فى مبدأ الليل ومنتهاه، فالعسعسة والعساس رقة الظلام وذلك فى طرفى الليل، والعس والعسس نفض الليل عن أهل الريبة ورجل عاس وعساس والجميع العسس. وقيل كلب عس خير من أسد ربض، أي طلب الصيد بالليل، والعسوس من النساء المتعاطية للريبة بالليل. والعس القدح الضخم والجمع عساس.

(عسر) : العسر نقيض اليسر، قال تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً والعسرة تعسر وجود المال، قال: فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ وقال: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ، وأعسر فلان، نحو أضاق، وتعاسر القوم طلبوا تعسير الأمر وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى ويوم عسير يتصعب فيه الأمر قال: وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً- يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ وعسرنى الرجل طالبنى بشىء حين العسرة.

(عسل) : العسل لعاب النحل، قال: مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وكنى.

عن الجماع بالعسيلة.

قال عليه السلام: «حتى تذوقى عسيلته ويذوق

ص: 376

عسيلتك»

والعسلان اهتزاز الرمح واهتزاز الأعضاء فى العدو وأكثر ما يستعمل فى الذئب يقال مر يعسل وينسل.

(عسى) : عسى طمع وترجى، وكثير من المفسرين فسروا لعل وعسى فى القرآن باللازم وقالوا إن الطمع والرجاء لا يصح من اللَّه، وفى هذا منهم قصور نظر، وذاك أن اللَّه تعالى إذا ذكر ذلك يذكره ليكون الإنسان منه راجيا لا لأن يكون هو تعالى يرجو، فقوله: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ أي كونوا راجين فى ذلك: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ- عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ- وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ- هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ- فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً والمعسيات من الإبل ما انقطع لبنها فيرجى أن يعود لبنها، وعسى الشيء يعسو إذا صلب، وعسى الليل يعسو أي أظلم.

(عشر) : العشرة والعشر والعشرون والعشير والعشر معروفة، قال تعالى: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ- عِشْرُونَ صابِرُونَ- تِسْعَةَ عَشَرَ وعشرتهم أعشرهم، صرت عاشرهم، وعشرهم أخذ عشر مالهم، وعشرتهم صيرت مالهم عشرة وذلك أن تجعل التسع عشرة، ومعشار الشيء عشره، قال تعالى:

وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ وناقة عشراء مرت من حملها عشرة أشهر وجمعها عشار، قال تعالى: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ وجاءوا عشارى عشرة عشرة والعشارى ما طوله عشرة أذرع، والعشر فى الإظماء وإبل عواشر وقدح أعشار منكسر وأصله أن يكون على عشرة أقطاع وعنه استعير قول الشاعر:

بسهميك فى أعشار قلب مقتل

والعشور فى المصاحف علامة العشر الآيات، والتعشير نهاق الحمير لكونه عشرة أصوات، والعشيرة أهل الرجل الذين يتكثر بهم أي يصيرون له بمنزلة العدد الكامل وذلك أن العشرة هو العدد الكامل، قال تعالى: وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ فصار العشيرة اسما لكل جماعة من أقارب الرجل الذين يتكثر بهم وعاشرته صرت له كعشرة في المصاهرة: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ والعشير المعاشر قريبا كان أو معارف.

(عشا) : العشى من زوال الشمس إلى الصباح قال: إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها والعشاء من صلاة المغرب إلى العتمة، والعشاءان المغرب والعتمة.

ص: 377

والعشا ظلمة تعترض فى العين، يقال رجل أعشى وامرأة عشواء. وقيل يخبط خبط عشواء. وعشوت النار قصدتها ليلا وسمى النار التي تبدو بالليل عشوة وعشوة كالشعلة، عشى عن كذا نحو عمى عنه. قال: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ والعواشى الإبل التي ترعى ليلا الواحدة عاشية ومنه قيل العاشية تهيج الآبية، والعشاء طعام العشاء وبالكسر صلاة العشاء، وقد عشيت وعشيته وقيل عش ولا تغتر.

(عصب) : العصب أطناب المفاصل، ولحم عصب كثير العصب والمعصوب المشدود بالعصب المنزوع من الحيوان ثم يقال لكل شد عصب نحو قولهم لأعصبنكم عصب السلمة، وفلان شديد العصب ومعصوب الخلق أي مدمج الخلقة، ويوم عصيب شديد يصح أن يكون بمعنى فاعل وأن يكون بمعنى مفعول أي يوم مجموع الأطراف كقولهم يوم ككفة حابل وحلقة خاتم، والعصبة جماعة متعصبة متعاضدة، قال تعالى: لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ- وَنَحْنُ عُصْبَةٌ أي مجتمعة الكلام متعاضدة، واعصوصب القوم صاروا عصبا، وعصبوا به أمرا وعصب الريق بفمه يبس حتى صار كالعصب أو كالمعصوب به. والعصب ضرب من برود اليمن قد عصب به نقوش، والعصابة ما يعصب به الرأس والعمامة وقد اعتصب فلان نحو تعمم والمعصوب الناقة التي لا تدر حتى تعصب، والعصيب فى بطن الحيوان لكونه معصوبا أي مطويا.

(عصر) : العصر مصدر عصرت والمعصور الشيء العصير والعصارة نفاية ما يعصر، قال: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وقال: وَفِيهِ يَعْصِرُونَ أي يستنبطون منه الخير وقرىء يعصرون أي يمطرون، واعتصرت من كذا أخذت ما يجرى مجرى العصارة، قال الشاعر:

وإنما العيش بربانه

وأنت من أفنانه معتصر

وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً أي السحائب التي تعتصر بالمطر أي تصب، وقيل التي تأتى بالإعصار، والإعصار ريح تثير الغبار، قال: فَأَصابَها إِعْصارٌ والاعتصار أن يغص فيعتصر بالماء ومنه العصر، والعصر الملجأ، والعصر والعصر الدهر والجميع العصور، قال: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ والعصر العشى ومنه صلاة العصر وإذا قيل العصران فقيل الغداة

ص: 378

والعشى، وقيل الليل والنهار وذلك كالقمرين للشمس والقمر. والمعصر المرأة التي حاضت ودخلت فى عصر شبابها.

(عصف) : العصف والعصيفة الذي يعصف من الزرع ويقال لحطام البنت المتكسر عصف، قال: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ- كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ وريح عاصف وعاصفة ومعصفة تكسر الشيء فتجعله كعصف، وعصفت بهم الريح تشبيها بذلك.

(عصم) : العصم الإمساك، والاعتصام الاستمساك، قال:

لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي لا شىء يعصم منه، ومن قال معناه لا معصوم فليس يعنى أن العاصم بمعنى المعصوم وإنما ذلك تنبيه منه على المعنى المقصود بذلك وذلك أن العاصم والمعصوم يتلازمان فأيهما حصل، حصل معه الآخر، قال: ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ والاعتصام التمسك بالشيء، قال:

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً- وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ واستعصم استمسك كأنه طلب ما يعتصم به من ركوب الفاحشة، قال: فَاسْتَعْصَمَ أي تحرى ما يعصمه وقوله: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ والعصام ما يعصم به أي يشد وعصمة الأنبياء حفظه إياهم أولا بما خصهم به من صفاء الجوهر، ثم بما أولاهم من الفضائل الجسيمة والنفيسة ثم بالنصرة وبتثبيت أقدامهم، ثم بإنزال السكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق، قال تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ والعصمة شبه السوار، والمعصم موضعها من اليد، وقيل للبياض بالرسغ عصمة تشبيها بالسوار وذلك كتسمية البياض بالرجل تحجيلا، وعلى هذا قيل غراب أعصم.

(عصا) : العصا أصله من الواو لقولهم فى تثنيته عصوان، ويقال فى جمعه عصى وعصوته ضربته بالعصا وعصيت بالسيف، قال: وَأَلْقِ عَصاكَ- فَأَلْقى عَصاهُ- قالَ هِيَ عَصايَ- فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ويقال ألقى فلان عصاه إذا نزل تصورا بحال من عاد من سفره قال الشاعر:

فألقت عصاها واستقرت بها النوى

وعصى عصيانا إذا خرج عن الطاعة، وأصله أن يتمنع بعصاه، قال: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ- وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ- آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ويقال فيمن فارق الجماعة فلان شق العصا.

ص: 379

(عض) : العض أزم بالأسنان قال: عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ- وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ وذلك عبارة عن الندم لما جرى به عادة الناس أن يفعلوه عند ذلك، والعض للنوى والذي يعض عليه الإبل، والعضاض معاضة الدواب بعضها بعضا، ورجل معض مبالغ فى أمره كأنه يعض عليه ويقال ذلك فى المدح تارة وفى الذم تارة بحسب ما يبالغ فيه يقال هو عض سفر وعض فى الخصومة، وزمن عضوض فيه جدب، والتعضوض ضرب من التمر يصعب مضغه.

(عضد) : العضد ما بين المرفق إلى الكتف وعضدته أصبت عضده، وعنه استعير عضدت الشجر بالمعضد، وجمل عاضد يأخذ عضد الناقة فيتنوخها ويقال عضدته أخذت عضده وقويته ويستعار العضد للمعين كاليد وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ورجل أعضد دقيق العضد، وعضد يشتكى من العضد، وهو داء يناله فى عضده، ومعضد موسوم فى عضده، ويقال لسمته عضاد، والمعضد دملجة، وأعضاد الحوض جوانبها تشبيها بالعضد.

(عضل) : العضلة كل لحم صلب فى عصب ورجل عضل مكتنز اللحم وعضلته شددته بالعضل المتناول من الحيوان نحو عصبته وتجوز به فى كل منع شديد، قال: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ قيل خطاب للأزواج وقيل للأولياء: وعضلت الدجاجة ببيضها، والمرأة بولدها إذا تعسر خروجهما تشبيها بها. قال الشاعر:

ترى الأرض منا بالفضاء مريضة

معضلة منا بجمع عرمرم

وداء عضال صعب البرء، والعضلة الداهية المنكرة.

(عضه) : جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أي مفرقا كهانة وقالوا أساطير الأولين إلى غير ذلك مما وصفوه به وقيل معنى عضين ما قال تعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ خلاف من قال فيه: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وعضون جمع كقولهم ثبون وظبون فى جمع ثبة وظبة، ومن هذا الأصل العضو والعضو، والتعضية تجزئة الأعضاء، وقد عضيته. قال الكسائي: هو من العضو أو من العضة وهى شجرة وأصل عضة فى لغة عضهة، لقولهم عضيهة، وعضوة فى لغة لقولهم عضوان

وروى لا تعضية فى الميراث

: أي لا يفرق ما يكون تفريقه ضررا على الورثة كسيف يكسر بنصفين ونحو ذلك.

ص: 380

(عطف) : العطف يقال فى الشيء إذا ثنى أحد طرفيه إلى الآخر كعطف الغصن والوسادة والحبل ومنه قيل للرداء المثنى عطاف، وعطفا الإنسان جانباه من لدن رأسه إلى وركه وهو الذي يمكنه أن يثنيه من بدنه ويقال ثنى عطفه إذا أعرض وجفا نحو نَأى بِجانِبِهِ وصعر بخده ونحو ذلك من الألفاظ، ويستعار للميل والشفقة إذا عدى بعلى، يقال عطف عليه وثناه عاطفة رحم، وظبية عاطفة على ولدها، وناقة عطوف على بوها، وإذا عدى بعن يكون على الضد نحو عطفت عن فلان.

(عطل) : العطل فقدان الزينة والشغل، يقال عطلت المرأة فهى عطل وعاطل، ومنه قوس عطل لا وتر عليه، وعطلته من الحلي ومن العمل فتعطل، قال: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ ويقال لمن يجعل العالم بزعمه فارغا عن صانع أتقنه وزينه: معطل، وعطل الدار عن ساكنها، والإبل عن راعيها.

(عطا) : العطو التناول والمعاطاة المناولة، والإعطاء الإنالة حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ واختص العطية والعطاء بالصلة، قال: هذا عَطاؤُنا يعطى من يشاء: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها وأعطى البعير انقاد وأصله أن يعطى رأسه فلا يتأبى وظبى عطو وعاط رفع رأسه لتناول الأوراق.

(عظم) : العظم جمعه عظام، قال: عِظاماً- فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً وقرىء عظما فيهما، ومنه قيل عظمة الذراع لمستغلظها، وعظم الرحل خشبة بلا أنساع، وعظم الشيء أصله كبر عظمه ثم استعير لكل كبير فأجرى مجراه محسوسا كان أو معقولا، عينا كان أو معنى، قال: عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ- قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ- عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ- مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ والعظيم إذا استعمل فى الأعيان فأصله أن يقال فى الأجزاء المتصلة، والكثير يقال فى المنفصلة، ثم قد يقال فى المنفصل عظيم نحو جيش عظيم ومال عظيم، وذلك فى معنى الكثير، والعظيمة النازلة، والإعظامة والعظامة شبه وسادة تعظم بها المرأة عجيزتها.

(عف) : العفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، والمتعفف المتعاطى لذلك بضرب من الممارسة والقهر، وأصله الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة، والعفة أي البقية من الشيء، أو مجرى

ص: 381

العفعف وهو ثمر الأراك، والاستعفاف طلب العفة، قال: وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وقال: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً.

(عفر) : قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ العفريت من الجن هو العارم الخبيث، ويستعار ذلك للإنسان استعارة الشيطان له، يقال عفريت نفريت، قال ابن قتيبة: العفريت الموثق الخلق، وأصله من العفر أي التراب، وعافره صارعه فألقاه فى العفر ورجل عفر نحو شر وشمر، وليث عفرين: دابة تشبه الحرباء تتعرض للراكب، وقيل عفرية الديك والحبارى للشعر الذي على رأسهما.

(عفا) : العفو القصد لتناول الشيء، يقال عفاه واعتفاه أي قصده متناولا ما عنده، وعفت الريح الدار قصدتها متناولة آثارها، وبهذا النظر قال الشاعر:

أخذ البلى آياتها فعفاها

وعفت الدار كأنها قصدت هى البلى، وعفا النبت والشجر قصد تناول الزيادة كقولك أخذ النبت فى الزيادة، وعفوت عنه قصدت إزالة ذنبه صارفا عنه، فالمفعول فى الحقيقة متروك، وعن متعلق بمضمر، فالعفو هو التجافي عن الذنب، قال: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى - ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ- إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ- وَاعْفُ عَنَّا. وقوله: خُذِ الْعَفْوَ أي ما يسهل قصده وتناوله، وقيل معناه تعاطى العفو عن الناس، وقوله: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ أي ما يسهل إنفاقه وقولهم: أعطى عفوا، فعفوا مصدر فى موضع الحال أي أعطى وحاله حال العافي أي القاصد للتناول إشارة إلى المعنى الذي عد بديعا، وهو قول الشاعر:

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وقولهم فى الدعاء أسألك العفو والعافية أي ترك العقوبة والسلامة، وقال فى وصفه تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً وقوله: «وما أكلت العافية فصدقة» أي طلاب الرزق من طير ووحش وإنسان، وأعفيت كذا أي تركته يعفو ويكثر، ومنه قيل «أعفوا اللحى» والعفاء ما كثر من الوبر والريش، والعافي ما يرد مستعير القدر من المرق فى قدره.

ص: 382

(عقب) : العقب مؤخر الرجل، وقيل عقب وجمعه أعقاب،

وروى: «ويل للأعقاب من النار»

واستعير العقب للولد وولد الولد، قال تعالى:

وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ وعقب الشهر من قولهم جاء فى عقب الشهر أي آخره، وجاء فى عقبه إذا بقيت منه بقية، ورجع على عقبه إذا انثنى راجعا، وانقلب على عقبيه نحو رجع على حافرته، ونحو: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً وقولهم رجع عوده على بدئه، قال: وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا- انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ- نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ- فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ وعقبه إذا تلاه عقبا نحو دبره وقفاه، والعقب والعقبى يختصان بالثواب نحو:

خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً وقال تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ والعاقبة إطلاقها يختص بالثواب نحو: وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وبالإضافة قد تستعمل فى العقوبة نحو: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا وقوله تعالى: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ يصح أن يكون ذلك استعارة من ضده كقوله: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ والعقوبة والمعاقبة والعقاب يختص بالعذاب، قال: فَحَقَّ عِقابِ- شَدِيدُ الْعِقابِ- وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ- وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ والتعقيب أن يأتى بشىء بعد آخر، يقال عقب الفرس فى عدوه قال: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أي ملائكة يتعاقبون عليه حافظين له. وقوله: لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي لا أحد يتعقبه ويبحث عن فعله من قولهم عقب الحاكم على حكم من قبله إذا تتبعه. قال الشاعر:

وما بعد حكم اللَّه تعقيب

ويجوز أن يكون ذلك نهيا للناس أن يخوضوا فى البحث عن حكمه وحكمته إذا خفيت عليهم ويكون ذلك من نحو النهى عن الخوض فى سر القدر. وقوله تعالى:

وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ أي لم يلتفت وراءه. والاعتقاب أن يتعاقب شىء بعد آخر كاعتقاب الليل والنهار، ومنه العقبة أن يتعاقب اثنان على ركوب ظهر، وعقبة الطائر صعوده وانحداره، وأعقبه كذا إذا أورثه ذلك، قال: فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً قال الشاعر:

له طائف من جنة غير معقب

أي لا يعقب الإفاقة، وفلان لم يعقب أي لم يترك ولدا، وأعقاب الرجل أولاده.

قال أهل اللغة لا يدخل فيه أولاد البنت لأنهم لم يعقبوه بالنسب، قال: وإذا كان

ص: 383

له ذرية فإنهم يدخلون فيها، وامرأة معاقب تلد مرة ذكرا ومرة أنثى، وعقبت الرمح شددته بالعقب نحو عصبته شددته بالعصب، والعقبة طريق وعر فى الجبل، والجمع عقب وعقاب، والعقاب سمى لتعاقب جريه فى الصيد، وبه شبه فى الهيئة الراية، والحجر الذي على حافتى البئر، والخيط الذي فى القرط، واليعقوب ذكر الحجل لما له من عقب الجري.

(عقد) : العقد الجمع بين أطراف الشيء ويستعمل ذلك فى الأجسام الصلبة كعقد الحبل وعقد البناء ثم يستعار ذلك للمعانى نحو عقد البيع والعهد وغيرهما فيقال عاقدته وعقدته وتعاقدنا وعقدت يمينه، قال:(عاقدت أيمانكم) وقرىء عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ وقال: بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ وقرىء:

(بما عاقدتم الأيمان) ومنه قيل لفلان عقيدة، وقيل للقلادة عقد. والعقد مصدر استعمل اسما فجمع نحو: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ والعقدة اسم لما يعقد من نكاح أو يمين أو غيرهما، قال: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ وعقد لسانه احتبس وبلسانه عقدة أي فى كلامه حبسة، قال: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي- النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ جمع عقدة وهى ما تعقده الساحرة وأصله من العزيمة ولذلك يقال لها عزيمة كما يقال لها عقدة، ومنه قيل للساحر معقد، وله عقدة ملك، وقيل ناقة عاقدة، وعاقد، عقدت بذنبها للقاحها، وتيس وكلب أعقد ملتوى الذنب، وتعاقدت الكلاب تعاظلت.

(عقر) : عقر الحوض والدار وغيرهما أصلها ويقال له عقر، وقيل:

ما غزى قوم فى عقر دارهم قط إلا ذلوا، وقيل للقصر عقرة وعقرته أصبت عقره أي أصله نحو رأسته ومنه عقرت النخل قطعته من أصله وعقرت البعير نحرته وعقرت ظهر البعير فانعقر، قال: فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ وقال تعالى: فَتَعاطى فَعَقَرَ ومنه استعير سرج معقر وكلب عقور ورجل عاقر وامرأة عاقر لا تلد كأنها تعقر ماء الفحل، قال: وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً- وَامْرَأَتِي عاقِرٌ وقد عقرت والعقر آخر الولد وبيضة العقر كذلك، والعقار الخمر لكونه كالعاقر للعقل والمعاقرة إدمان شربه، وقولهم للقطعة من الغنم عقر فتشبيه بالقصر، فقولهم رفع فلان عقيرته أي صوته فذلك لما روى أن رجلا عقر رجله فرفع صوته فصار ذلك مستعارا للصوت، والعقاقير، أخلاط الأدوية، الواحد عقار.

ص: 384

(عقل) : العقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل ولهذا قال أمير المؤمنين رضى اللَّه عنه:

العقل عقلان

مطبوع ومسموع

ولا ينفع مسموع

إذا لم يك مطبوع

كما لا ينفع ضوء الشمس

وضوء العين ممنوع

وإلى الأول

أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما خلق اللَّه خلقا أكرم عليه من العقل»

وإلى الثاني

أشار بقوله: «ما كسب أحد شيئا أفضل من عقل يهديه إلى هدى أو يرده عن ردى»

وهذا العقل هو المعنى بقوله: وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ وكل موضع ذم اللَّه فيه الكفار بعدم العقل فإشارة إلى الثاني دون الأول نحو: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ إلى قوله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ونحو ذلك من الآيات، وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فإشارة إلى الأول. وأصل العقل الإمساك والاستمساك كعقل البعير بالعقال وعقل الدواء البطن وعقلت المرأة شعرها وعقل لسانه كفه ومنه قيل للحصن معقل وجمعه معاقل. وباعتبار عقل البعير قيل عقلت المقتول أعطيت ديته، وقيل أصله أن تعقل الإبل بفناء ولى الدم وقيل بل بعقل الدم أن يسفك ثم سميت الدية بأى شىء كان عقلا وسمى الملتزمون له عاقلة، وعقلت عنه نبت عنه فى إعطاء الدية ودية معقلة على قومه إذا صاروا بدونه واعتقله بالشغزبية إذا صرعه، واعتقل رمحه بين ركابه وساقه، وقيل العقال صدقة عام لقول أبى بكر رضى اللَّه عنه «لو منعونى عقالا لقاتلتهم» ولقولهم أخذ النقد ولم يأخذ العقال، وذلك كناية عن الإبل بما يشد به أو بالمصدر فإنه يقال عقلته عقلا وعقالا كما يقال كتبت كتابا، ويسمى المكتوب كتابا كذلك يسمى المعقول عقالا، والعقيلة من النساء والدر وغيرهما التي تعقل أي تحرس وتمنع كقولهم علق مضنة لما يتعلق به، والمعقل جبل أو حصن يعتقل به، والعقال داء يعرض فى قوائم الخيل، والعقل اصطكاك فيها.

(عقم) : أصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر يقال عقمت مفاصله وداء عقام لا يقبل البرء والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل يقال عقمت المرأة والرحم، قال: فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ وريح عقيم يصح أن يكون بمعنى الفاعل وهى التي لا تلقح سحابا ولا شجرا، ويصح أن يكون بمعنى المفعول كالعجوز العقيم وهى التي لا تقبل أثر الخير، وإذا لم تقبل ولم تتأثر لم

ص: 385

تعط ولم تؤثر، قال تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ويوم عقيم لا فرح فيه.

(عكف) : العكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم له والاعتكاف فى الشرع هو الاحتباس فى المسجد على سبيل القربة ويقال عكفته على كذا أي حبسته عليه لذلك قال: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ- وَالْعاكِفِينَ- فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ- يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ- ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً- وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ- وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أي محبوسا ممنوعا.

(علق) : العلق التشبث بالشيء، يقال علق الصيد فى الحبالة وأعلق الصائد إذا علق الصيد فى حبالته، والمعلق والمعلاق ما يعلق به وعلاقة السوط كذلك، وعلق القربة كذلك، وعلق البكرة آلاتها التي تتعلق بها ومنه العلقة لما يتمسك به وعلق دم فلان بزيد إذا كان زيد قاتله، والعلق دود يتعلق بالحلق، والعلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد، قال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ وقال: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إلى قوله: فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً والعلق الشيء النفيس الذي يتعلق به صاحبه فلا يفرج عنه والعليق ما علق على الدابة من القضيم والعليقة مركوب يبعثها الإنسان مع غيره فيعلق أمره، قال الشاعر:

أرسلها عليقة وقد علم

أن العليقات يلاقين الرقم

والعلوق الناقة التي ترأم ولدها فتعلق به، وقيل للمنية علوق، والعلقى شجر يتعلق به، وعلقت المرأة حبلت، ورجل معلاق يتعلق بخصمه.

(علم) : العلم إدراك الشيء بحقيقته وذلك ضربان: أحدهما إدراك ذات الشيء. والثاني الحكم على الشيء بوجود شىء هو موجود له أو نفى شىء وهو منفى عنه. فالأول هو المتعدى إلى مفعول واحد نحو: لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ والثاني المتعدى إلى مفعولين نحو قوله: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ وقوله: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ إلى قوله: لا عِلْمَ لَنا فإشارة إلى أن عقولهم طاشت. والعلم من وجه ضربان: نظرى وعملى، فالنظرى ما إذا علم فقد كمل نحو العلم بموجودات العالم، والعملي مالا يتم إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات. ومن وجه آخر ضربان: عقلى وسمعى، وأعلمته وعلمته فى الأصل

ص: 386

واحد إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع، والتعليم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر فى نفس المتعلم. قال بعضهم: التعليم تنبيه النفس لتصور المعاني، والتعلم تنبه النفس لتصور ذلك وربما استعمل فى معنى الإعلام إذا كان فيه تكرير نحو: أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ فمن التعليم قوله:

الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ- علم بالقلم- وعلمتم ما لم تعلموا- علمنا منطق الطير- وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ونحو ذلك. وقوله: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها فتعليمه الأسماء هو أن جعل له قوة بها نطق ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه فى روعه وكتعليمه الحيوانات كل واحد منها فعلا يتعاطاه وصوتا يتحراه، قال:

وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قال له موسى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قيل عنى به العلم الخاص الخفي على البشر الذي يرونه ما لم يعرفهم اللَّه منكرا بدلالة ما رآه موسى منه لما تبعه فأنكره حتى عرفه سببه، قيل وعلى هذا العلم فى قوله: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ وقوله تعالى:

وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ فتنبيه منه تعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها. وأما قوله: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ فعليم يصح أن يكون إشارة إلى الإنسان الذي فوق آخر ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيها أنه بالإضافة إلى الأول عليم وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك، ويجوز أن يكون قوله عليم عبارة عن اللَّه تعالى وإن جاء لفظه منكرا إذا كان الموصوف فى الحقيقة بالعليم هو تبارك وتعالى، فيكون قوله: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كل واحد بانفراده، وعلى الأول يكون إشارة إلى كل واحد بانفراده. وقوله: عَلَّامُ الْغُيُوبِ فيه إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية. وقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فيه إشارة أن للَّه تعالى علما يخص به أولياءه، والعالم فى وصف اللَّه هو الذي لا يخفى عليه شىء كما قال: لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ وذلك لا يصح إلا فى وصفه تعالى. والعلم الأثر الذي يعلم به الشيء كعلم الطريق وعلم الجيش، وسمى الجبل علما لذلك وجمعه أعلام، وقرىء: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ وقال: وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ وفى أخرى:

وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ والشق فى الشفة العليا علم وعلم الثوب، ويقال فلان علم أي مشهور يشبه بعلم الجيش، وأعلمت كذا جعلت له علما، ومعالم الطريق والدين الواحد معلم، وفلان معلم للخير، والعلام الحناء

ص: 387

وهو منه، والعالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأغراض وهو فى الأصل اسم لم يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة والعالم آلة فى الدلالة على صانعه، ولهذا أحالنا تعالى عليه فى معرفة وحدانيته فقال: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وأما جمعه فلأن من كل نوع من هذه قد يسمى عالما، فيقال عالم الإنسان وعالم الماء وعالم النار، وأيضا

قد روى: «إن للَّه بضعة عشر ألف عالم»

وأما جمعه جمع السلامة فلكون الناس فى جملتهم، والإنسان إذا شارك غيره فى اللفظ غلب حكمه، وقيل إنما جمع هذا الجمع، لأنه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والإنس دون غيرها. وقد روى هذا عن ابن عباس. وقال جعفر بن محمد: عنى به الناس وجعل كل واحد منهم عالما، وقال: العالم عالمان الكبير وهو الفلك بما فيه، والصغير هو الإنسان، لأنه مخلوق على هيئة العالم وقد أوجد اللَّه تعالى فيه كل ما هو موجود فى العالم الكبير، قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وقوله تعالى: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ قيل أراد عالمى زمانهم وقيل أراد فضلاء زمانهم الذين يجرى كل واحد منهم مجرى كل عالم لما أعطاهم ومكنهم منه وتسميتهم بذلك كتسمية إبراهيم عليه السلام بأمة فى قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً وقوله: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ.

(علن) : العلانية ضد السر وأكثر ما يقال ذلك فى المعاني دون الأعيان، يقال علن كذا وأعلنته أنا، قال: أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً أي سرا وعلانية. قال: ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ وعلوان الكتاب يصح أن يكون من علن اعتبارا بظهور المعنى الذي فيه لا بظهور ذاته.

(علا) : العلو ضد السفل، والعلوي والسفلى المنسوب إليهما، والعلو الارتفاع وقد علا يعلو علوا وهو عال، وعلى يعلى فهو على، فعلا بالفتح فى الأمكنة والأجسام أكثر. قال: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ وقيل إن علا يقال فى المحمود والمذموم، وعلى لا يقال إلا فى المحمود، قال: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ- لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ وقال تعالى: فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ وقال لإبليس: أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ- لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ- وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ- وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً- وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا والعلى هو الرفيع القدر من على، وإذا وصف اللَّه تعالى به فى قوله: أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ- إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً فمعناه يعلو أن يحيط به

ص: 388

وصف الواصفين بل علم العارفين. وعلى ذلك يقال تعالى نحو: فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ وتخصيص لفظ التفاعل لمبالغة ذلك منه لا على سبيل التكلف كما يكون من البشر، وقال عز وجل: تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً فقوله علوا ليس بمصدر تعالى. كما أن قوله نباتا فى قوله: أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً وتبتيلا فى قوله: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا كذلك. والأعلى الأشرف، قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم، وقد يكون طلب العلاء أي الرفعة، وقوله: وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى يحتمل الأمرين جميعا. وأما قوله: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فمعناه أعلى من أن يقاس به أو يعتبر بغيره وقوله: وَالسَّماواتِ الْعُلى فجمع تأنيث الأعلى والمعنى هى الأشرف والأفضل بالإضافة إلى هذا العالم، كما قال: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها وقوله: لَفِي عِلِّيِّينَ فقد قيل هو اسم أشرف الجنان كما أن سجينا اسم شر النيران، وقيل بل ذلك فى الحقيقة اسم سكانها وهذا أقرب فى العربية، إذ كان هذا الجمع يختص بالناطقين، قال: والواحد على نحو بطيخ. ومعناه إن الأبرار فى جملة هؤلاء فيكون ذلك كقوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ الآية وباعتبار العلو قيل للمكان المشرف وللشرف العلياء والعلية تصغير عالية فصار فى المتعارف اسما للغرفة، وتعالى النهار ارتفع، وعالية الرمح ما دون السنان جمعها عوال، وعالية المدينة، ومنه قيل بعث إلى أهل العوالي، ونسب إلى العالية فقيل علوى. والعلاة السندان حديدا كان أو حجرا. ويقال العلية للغرفة وجمعها علالى وهى فعاليل، والعليان البعير الضخم، وعلاوة الشيء أعلاه.

ولذلك قيل للرأس والعنق علاوة ولما يحمل فوق الأحمال علاوة. وقيل علاوة الرمح وسفالته، والمعلى أشرف القداح وهو السابع، واعل عنى أي ارتفع، وتعالى قيل أصله أن يدعى الإنسان إلى مكان مرتفع ثم جعل للدعاء إلى كل مكان، قال بعضهم أصله من العلو وهو ارتفاع المنزلة فكأنه دعا إلى ما فيه رفعة كقولك افعل كذا غير صاغر تشريفا للمقول له. وعلى ذلك قال: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا- تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ- تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ- أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ- تَعالَوْا أَتْلُ وتعلى ذهب صعدا. يقال عليته فتعلى وعلى حرف جر، وقد يوضع موضع الاسم فى قولهم غدت من عليه.

(عم) : العم أخو الأب والعمة أخته، قال: أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ ورجل معم مخول واستعم عما وتعمه أي اتخذه عما وأصل

ص: 389

ذلك من العموم وهو الشمول وذلك باعتبار الكثرة. ويقال عمهم كذا وعمهم بكذا عما وعموما والعامة سموا بذلك لكثرتهم وعمومهم فى البلد، وباعتبار الشمول سمى المشور العمامة فقيل تعمم نحو تقنع وتقمص وعممته، وكنى بذلك عن السيادة. وشاة معممة مبيضة الرأس كأن عليها عمامة نحو مقنعة ومخمرة، قال الشاعر:

يا عامر بن مالك يا عما

أفنيت عما وجبرت عما

أي يا عماه سلبت قوما وأعطيت قوما. وقوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ أي عن ما وليس من هذا الباب.

(عمد) : العمد قصد الشيء والاستناد إليه، والعماد ما يعتمد قال:

إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ أي الذي كانوا يعتمدونه، يقال عمدت الشيء إذا أسندته، وعمدت الحائط مثله. والعمود خشب تعتمد عليه الخيمة وجمعه عمد وعمد، قال: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ وقرىء: فِي عَمَدٍ وقال: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وكذلك ما يأخذه الإنسان بيده معتمدا عليه من حديد أو خشب.

وعمود الصبح ابتداء ضوئه تشبيها بالعمود فى الهيئة، والعمد والتعمد فى المتعارف خلاف السهو وهو المقصود بالنية، قال: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً- وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وقيل فلان رفيع العماد أي هو رفيع الاعتماد عليه، والعمدة كل ما يعتمد عليه من مال وغيره وجمعها عمد. وقرىء: فِي عَمَدٍ والعميد السيد الذي يعمده الناس، والقلب الذي يعمده الحزن، والسقيم الذي يعمده السقم، وقد عمد توجع من حزن أو غضب أو سقم، وعمد البعير توجع من عقر ظهره.

(عمر) : العمارة نقيض الخراب، يقال عمر أرضه يعمرها عمارة، قال: وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ يقال عمرته فعمر فهو معمور قال:

وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها- وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وأعمرته الأرض واستعمرته إذا فوضت إليه العمارة، قال: وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها والعمر والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة فهو دون البقاء فإذا قيل طال عمره فمعناه عمارة بدنه بروحه وإذا قيل بقاؤه فليس يقتضى ذلك فإن البقاء ضد الفناء، ولفضل البقاء على العمر وصف اللَّه به وقلما وصف بالعمر. والتعمير إعطاء العمر بالفعل أو بالقول على سبيل الدعاء قال: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ- وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ

ص: 390

مِنْ عُمُرِهِ

- وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وقوله تعالى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ قال تعالى: طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ- وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ والعمر والعمر واحد لكن خص القسم بالعمر دون العمر نحو:

لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ وعمرك اللَّه أي سألت اللَّه عمرك وخص هاهنا لفظ عمر لما قصد به قصد القسم، والاعتمار والعمرة الزيارة التي فيها عمارة الود، وجعل فى الشريعة للقصد المخصوص. وقوله: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ إما من العمارة التي هى حفظ البناء أو من العمرة التي هى الزيارة. أو من قولهم: عمرت بمكان كذا أي أقمت به لأنه يقال: عمرت المكان وعمرت بالمكان والعمارة أخص من القبيلة وهى اسم لجماعة بهم عمارة المكان، قال الشاعر:

لكل أناس من معد عمارة

والعمار ما يضعه الرئيس على رأسه عمارة لرياسته وحفظا له ريحانا كان أو عمامة. وإذا سمى الريحان من دون ذلك عمارا فاستعارة منه واعتبار به. والمعمر المسكن مادام عامرا بسكانه. والعرمرمة صحب يدل على عمارة الموضع بأربابه.

والعمرى فى العطية أن تجعل له شيئا مدة عمرك أو عمره كالرقبى، وفى تخصيص لفظه تنبيه أن ذلك شىء معار. والعمر اللحم الذي يعمر به ما بين الأسنان، وجمعه عمور. ويقال للضبع أم عامر وللإفلاس أبو عمرة.

(عمق) : مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ أي بعيد وأصل العمق البعد سفلا، يقال بئر عميق ومعيق إذا كانت بعيدة القعر.

(عمر) : العمل كل فعل يكون من الحيوان بقصد فهو أخص من الفعل لأن الفعل قد ينسب إلى الحيوانات التي يقع منها فعل بغير قصد، وقد ينسب إلى الجمادات، والعمل قلما ينسب إلى ذلك، ولم يستعمل العمل فى الحيوانات إلا فى قولهم البقر العوامل، والعمل يستعمل فى الأعمال الصالحة والسيئة، قال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ- وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ- مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ- وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وأشباه ذلك: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ- وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وقوله تعالى: وَالْعامِلِينَ عَلَيْها هم المتولون على الصدقة والعمالة أجرته، وعامل الرمح ما يلى السنان، واليعملة مشتقة من العمل.

ص: 391

(عمه) : العمة التردد فى الأمر من التحير، يقال عمه فهو عمه وعامه، وجمعه عمه، قال: فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ- فَهُمْ يَعْمَهُونَ وقال تعالى: زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ.

(عمى) : العمى يقال فى افتقاد البصر والبصيرة ويقال فى الأول أعمى وفى الثاني أعمى وعم، وعلى الأول قوله: أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وعلى الثاني ما ورد من ذم العمى فى القرآن نحو قوله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ وقوله:

فَعَمُوا وَصَمُّوا بل لم يعد افتقاد البصر فى جنب افتقاد البصيرة عمى حتى قال: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ وعلى هذا قوله: الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وقال: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وجمع أعمى عمى وعميان، قال: بُكْمٌ عُمْيٌ- صُمًّا وَعُمْياناً وقوله: وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا فالأول اسم الفاعل والثاني قيل هو مثله وقيل هو أفعل من كذا الذي للتفضيل لأن ذلك من فقدان البصيرة، ويصح أن يقال فيه ما أفعله وهو أفعل من كذا ومنهم من حمل قوله تعالى:

وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى على عمى البصيرة. والثاني على عمى البصر وإلى هذا ذهب أبو عمرو فأمال الأولى لما كان من عمى القلب وترك الإمالة فى الثاني لما كان اسما والاسم أبعد من الإمالة. قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى- إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ وقوله: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى - وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا فيحتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا. وعمى عليه أي اشتبه حتى صار بالإضافة إليه كالأعمى قال: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ- وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ والعماء السحاب والعماء الجهالة، وعلى الثاني حمل بعضهم ما روى أنه قيل: أين كان ربنا قبل أن خلق السماء والأرض؟ قال: فى عماء تحته عماء وفوقه عماء، قال: إن ذلك إشارة إلى أن تلك حالة تجهل ولا يمكن الوقوف عليها، والعمية الجهل، والمعامى الأغفال من الأرض التي لا أثر بها.

(عن) : عن: يقتضى مجاوزة ما أضيفت إليه، تقول حدثتك عن فلان وأطعمته عن جوع، قال أبو محمد البصري: عن يستعمل أعم من على لأنه يستعمل فى الجهات الست ولذلك وقع موقع على فى قول الشاعر:

إذا رضيت على بنو قشير

ص: 392

قال: ولو قلت أطعمته على جوع وكسوته على عرى لصح.

(عنب) : العنب يقال لثمرة الكرم، وللكرم نفسه، الواحدة عنبة وجمعه أعناب، قال: وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ وقال تعالى: جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ- وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ- حَدائِقَ وَأَعْناباً- وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً- جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ والعنبة بثرة على هيئته.

(عنت) : المعانتة كالمعاندة لكن المعانتة أبلغ لأنها معاندة فيها خوف وهلاك ولهذا يقال عنت فلان إذا وقع فى أمر يخاف منه التلف يعنت عنتا، قال:

لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ- وَدُّوا ما عَنِتُّمْ- عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ- وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ أي ذلت وخضعت ويقال أعنته غيره وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ويقال للعظم المجبور إذا أصابه ألم فهاضه قد أعنته.

(عند) : عند: لفظ موضوع للقرب فتارة يستعمل فى المكان وتارة فى الاعتقاد نحو أن يقال عندى كذا، وتارة فى الزلفى والمنزلة، وعلى ذلك قوله:

بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ- إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ- فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ- وَقالَ- رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وعلى هذا النحو قيل: الملائكة المقربون عند اللَّه، قال: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى وقوله: وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ- وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ أي فى حكمه وقوله: فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ- وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وقوله تعالى: إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فمعناه فى حكمه، والعنيد المعجب بما عنده، والمعاند المباهي بما عنده. قال: كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ- إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً، والعنود قيل مثله، قال: لكن بينهما فرق لأن العنيد الذي يعاند ويخالف والعنود الذي يعند عن القصد. قال: ويقال بعير عنود ولا يقال عنيد. وأما العند فجمع عاند، وجمع العنود عندة وجمع العنيد عند. وقال بعضهم: العنود هو العدول عن الطريق لكن العنود خص بالعادل عن الطريق المحسوس، والعنيد بالعادل عن الطريق فى الحكم، وعند عن الطريق عدل عنه، وقيل عاند لازم وعاند فارق وكلاهما من عند لكن باعتبارين مختلفين كقولهم البين فى الوصل والهجر باعتبارين مختلفين.

ص: 393

(عنق) : العنق الجارحة وجمعه أعناق، قال: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ- مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ- إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وقوله تعالى: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ أي رؤوسهم ومنه رجل أعنق طويل العنق، وامرأة عنقاء وكلب أعنق فى عنقه بياض، وأعنقه كذا جعلته فى عنقه ومنه استعير اعتنق الأمر، وقيل لأشراف القوم أعناق. وعلى هذا قوله: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ وتعنق الأرنب رفع عنقه، والعناق الأنثى من المعز، وعنقاء مغرب قيل هو طائر متوهم لا وجود له فى العالم.

(عنا) : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ أي خضعت مستأسرة بعناء، يقال عنيته بكذا أي أنصبته، وعنى نصب واستأسر ومنه العاني للأسير،

وقال عليه الصلاة والسلام: «استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان»

وعنى بحاجته فهو معنى بها وقيل عنى فهو عان، وقرىء: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ والعنية شىء يطلى به البعير الأجرب وفى الأمثال: عنية تشفى الجرب. والمعنى إظهار ما تضمنه اللفظ من قولهم عنت الأرض بالنبات أنبتته حسنا، وعنت القربة أظهرت ماءها ومنه عنوان الكتاب فى قول من يجعله من عنى. والمعنى يقارن التفسير وإن كان بينهما فرق.

(عهد) : العهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا، قال: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أي أوفوا بحفظ الأيمان، قال: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ أي لا أجعل عهدى لمن كان ظالما، قال: وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ وعهد فلان إلى فلان يعهد أي ألقى إليه العهد وأوصاه بحفظه، قال: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ- أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ- الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا- وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وعهد اللَّه تارة يكون بما ركزه فى عقولنا، وتارة يكون بما أمرنا به بالكتاب وبالسنة رسله، وتارة بما نلتزمه وليس بلازم فى أصل الشرع كالنذور وما يجرى مجراها. وعلى هذا قوله:

وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ- أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ- وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ والمعاهد فى عرف الشرع يختص بمن يدخل من الكفار فى عهد المسلمين وكذلك ذو العهد،

قال صلى الله عليه وسلم: «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد فى عهده»

وباعتبار الحفظ قيل للوثيقة بين المتعاقدين عهدة، وقولهم فى هذا

ص: 394

الأمر عهدة لما أمر به أن يستوثق منه، وللتفقد قيل للمطر عهد، وعهاد وروضة معهودة: أصابها العهاد.

(عهن) : العهن الصوف المصبوغ، قال: كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ وتخصيص العهن لما فيه من اللون كما ذكر فى قوله: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ، ورمى بالكلام على عواهنه أي أورده من غير فكر وروية وذلك كقولهم أورد كلامه غير مفسر.

(عاب) : العيب والعاب الأمر الذي يصير به الشيء عيبة أي مقرا للنقص وعبته جعلته معيبا إما بالفعل كما قال: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها، وإما بالقول، وذلك إذا ذممته نحو قولك عبت فلانا. والعيبة ما يستر فيه الشيء، ومنه

قوله عليه الصلاة والسلام: «الأنصار كرشى وعيبتى»

أي موضع سرى.

(عوج) : العوج العطف عن حال الانتصاب، يقال عجت البعير بزمامه وفلان ما يعوج عن شىء يهم به أي ما يرجع، والعوج يقال فيما يدرك بالبصر سهلا كالخشب المنتصب ونحوه. والعوج يقال فيما يدرك بالفكر والبصيرة كما يكون فى أرض بسيط يعرف تفاوته بالبصيرة وكالدين والمعاش، قال تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ- وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً- الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً والأعوج يكنى به عن سيىء الخلق، والأعوجية منسوبة إلى أعوج، وهو فحل معروف.

(عود) : العود الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه إما انصرافا بالذات أو بالقول والعزيمة، قال تعالى: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ- وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ- وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ- وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ- وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ- وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا- وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ- أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا- فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ- إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ- وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها وقوله: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فعند أهل الظاهر هو أن يقول للمرأة ذلك ثانيا فحينئذ يلزمه الكفارة. وقوله: ثُمَّ يَعُودُونَ كقوله: فَإِنْ فاؤُ وعند أبى حنيفة العود فى الظهار هو أن يجامعها بعد أن يظاهر منها. وعند الشافعي هو إمساكها بعد وقوع الظهار عليها مدة يمكنه أن يطلق فيها فلم يفعل. وقال بعض

ص: 395

المتأخرين: المظاهرة هى يمين نحو أن يقال امرأتى على كظهر أمي إن فعلت كذا.

فمتى فعل ذلك وحنث يلزمه من الكفارة ما بينه تعالى فى هذا المكان. وقوله:

ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا يحمل على فعل ما حلف له أن لا يفعل وذلك كقولك فلان حلف ثم عاد إذا فعل ما حلف عليه. قال الأخفش: قوله: لِما قالُوا متعلق بقوله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وهذا يقوى القول الأخير. قال: ولزوم هذه الكفارة إذا حنث كلزوم الكفارة المبينة فى الحلف بالله والحنث فى قوله: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ وإعادة الشيء كالحديث وغيره تكريره، قال: سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى - أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ والعادة اسم لتكرير الفعل والانفعال حتى يصير ذلك سهلا تعاطيه كالطبع ولذلك قيل العادة طبيعية ثانية. والعيد ما يعاود مرة بعد أخرى وخص فى الشريعة بيوم الفطر ويوم النحر، ولما كان فى ذلك اليوم مجعولا للسرور فى الشريعة كما

نبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أيام أكل وشرب وبعال»

صار يستعمل العيد فى كل يوم فيه مسرة وعلى ذلك قوله تعالى: أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً والعيد كل حالة تعاود الإنسان، والعائدة كل نفع يرجع إلى الإنسان من شىء ما، والمعاد يقال للعود وللزمان الذي يعود فيه، وقد يكون للمكان الذي يعود إليه، قال تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قيل أراد به مكة والصحيح ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام وذكره ابن عباس إن ذلك إشارة إلى الجنة التي خلقه فيها بالقوة فى ظهر آدم وأظهر منه حيث قال: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ الآية والعود البعير المسن اعتبارا بمعاودته السير والعمل أو بمعاودة السنين إياه وعود سنة بعد سنة عليه فعلى الأول يكون بمعنى الفاعل، وعلى الثاني بمعنى المفعول والعود الطريق القديم الذي يعود إليه السفر ومن العود عيادة المريض، والعيدية إبل منسوبة إلى فحل يقال له عيد، والعود قيل هو فى الأصل الخشب الذي من شأنه أن يعود إذا قطع وقد خص بالمزهر المعروف وبالذي يتبخر به.

(عوذ) : العوذ الالتجاء إلى الغير والتعلق به يقال عاذ فلان بفلان ومنه قوله تعالى: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ- وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ- قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ- إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ

وأعذته بالله أعيذه. قال:

وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وقوله: مَعاذَ اللَّهِ أي نلتجىء إليه ونستنصر به أن نفعل ذلك فإن ذلك سوء نتحاشى من تعاطبه. والعوذة ما يعاذ به من الشيء ومنه قيل

ص: 396

للتميمة والرقية عوذه، وعوذ إذا وقاه، وكل أنثى وضعت فهى عائذ إلى سبعة أيام.

(عور) : العورة سوأة الإنسان وذلك كناية وأصلها من العار وذلك لما يلحق فى ظهوره من العار أي الذمة، ولذلك سمى النساء عورة ومن ذلك العوراء للكلمة القبيحة وعورت عينه عورا وعارت عينه عورا وعورتها، وعنه استعير عورت البئر، وقيل الغراب الأعور لحدة نظره، وذلك على عكس المعنى ولذلك قال الشاعر:

وصحاح العيون يدعون عورا

والعوار والعورة شق فى الشيء كالثوب والبيت ونحوه، قال تعالى: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ أي متخرقة ممكنة لمن أرادها، ومنه قيل فلان يحفظ عورته أي خلله وقوله: ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ أي نصف النهار وآخر الليل وبعد العشاء الآخرة، وقوله: الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ أي لم يبلغوا الحلم، وسهم عائر لا يدرى من أين جاء، ولفلان عائرة عين من المال أي ما يعور العين ويجيرها لكثرته، والمعاورة قيل فى معنى الاستعارة، والعارية فعلية من ذلك ولهذا يقال تعاوره العواري وقال بعضهم هو من العار، لأن دفعها يورث المذمة والعار كما قيل فى المثل إنه قيل للعارية أين تذهبين فقالت أجلب إلى أهل مذمة وعارا، وقيل هذا لا يصح من حيث الاشتقاق فإن العارية من الواو بدلالة تعاورنا، والعار من الياء لقولهم عبرته بكذا.

(عير) : العير القوم الذين معهم أحمال الميرة، وذلك اسم للرجال والجمال الحاملة لعيرة وإن كان قد يستعمل فى كل واحد من دون الآخر، قال:

وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ- أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ- وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها والعير يقال للحمار الوحشي وللناشر على ظهر القدم، ولإنسان العين ولما تحت غضروف الأذن ولما يعلو الماء من الغشاء، وللوتد ولحرف النصل فى وسطه، فإن يكن استعماله فى كل ذلك صحيحا ففى مناسبة بعضها لبعض منه تعسف، والعيار تقدير المكيال والميزان، ومنه قيل عيرت الدنانير وعيرته ذممته من العار وقولهم تعاير بنو فلان قيل معناه تذاكروا العار، وقيل فلان العيارة أي فعل العير فى الانفلات والتخلية، ومنه عارت الدابة تعير إذا انفلتت وقيل فلان عيّار.

ص: 397

(عيس) : عيسى اسم علم وإذا جعل عربيا أمكن أن يكون من قولهم بعير أعيس وناقة عيساء وجمعها عيس وهى إبل بيض يعترى بياضها ظلمة، أو من العيس وهو ماء الفحل يقال عاسها يعيسها.

(عيش) : العيش الحياة المختصة بالحيوان وهو أخص من الحياة لأن الحياة تقال فى الحيوان وفى الباري تعالى وفى الملك ويشتق منه المعيشة لما يتعيش منه، قال: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا- مَعِيشَةً ضَنْكاً- لَكُمْ فِيها مَعايِشَ- وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وقال فى أهل الجنة: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ

وقال عليه السلام: «لا عيش إلا عيش الآخرة» .

(عوق) : العائق الصارف عما يراد من خير ومنه عوائق الدهر، يقال عاقه وعوقه واعتاقه، قال: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ أي المثبطين الصارفين عن طريق الخير، ورجل عوق وعوقه يعوق الناس عن الخير، ويعوق اسم صنم.

(عول) : عاله وغاله يتقاربان. والعول يقال فيما يهلك، والعول فيما يثقل، يقال ما عالك فهو عائل لى ومنه العول وهو ترك النصفة بأخذ الزيادة، قال: ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا ومنه عالت الفريضة إذا زادت فى القسمة المسماة لأصحابها بالنص، والتعويل الاعتماد على الغير فيما يثقل ومنه العول وهو ما يثقل من المصيبة، فيقال ويله وعوله، وعاله تحمل ثقل مؤنته، ومنه

قوله عليه السلام: «أبدأ بنفسك ثم بمن تعول» .

وأعال إذا كثر عياله.

(عيل) : وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً أي فقرا يقال عال الرجل إذا افتقر يعيل عيلة فهو عائل. وأما أعال إذا كثر عياله فمن بنات الواو، وقوله: وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى أي أزال عنك فقر النفس وجعل لك الغنى الأكبر المعنى

بقوله عليه السلام: «الغنى غنى النفس»

وقيل: ما عال مقتصد، وقيل ووجدك فقيرا إلى رحمة الله وعفوه فأغناك بمغفرته لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.

(عوم) : العام كالسنة، لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذي يكون فيه الشدة أو الجدب، ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام بما فيه الرخاء والخصب، قال: عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ. وقوله: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ففى كون المستثنى منه بالسنة والمستثنى بالعام لطيفة موضعها فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله، والعوم السباحة، وقيل سمى

ص: 398

السنة عاما لعوم الشمس فى جميع بروجها، ويدل على معنى العوم قوله: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ.

(عون) : العون المعاونة والمظاهرة، يقال فلان عونى أي معينى وقد أعنته، قال: فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ- وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ والتعاون التظاهر، قال: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ والاستعانة طلب العون قال: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ والعوان المتوسط بين السنين، وجعل كناية عن المسنة من النساء اعتبار بنحو قول الشاعر:

فإن أتوك فقالوا إنها نصف

فإن أمثل نصفيها الذي ذهبا

قال: عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ واستعير للحرب التي قد تكررت وقدمت. وقيل العوانة للنخلة القديمة، والعانة قطيع من حمر الوحش وجمع على عانات وعون، وعانة الرجل شعره النابت على فرجه وتصغيره عوينة.

(عين) : العين الجارحة، قال: وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ- لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ- وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ- قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ- كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها ويقال لذى العين عين، وللمراعى للشىء عين، وفلان بعيني أي أحفظه وأراعيه كقولك هو بمرأى منى ومسمع، قال: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وقال: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا- وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا أي بحيث نرى ونحفظ وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي أي بكلاءتى وحفظى ومنه عين الله عليك، أي كنت فى حفظ الله ورعايته، وقيل جعل ذلك حفظته وجنوده الذين يحفظونه وجمعه أعين وعيون، قال:

وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ- رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ويستعار العين لمعان هى موجودة فى الجارحة بنظرات مختلفة، واستعير للثقب فى المزادة تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء منها فاشتق منها سقاء عين ومعين إذا سال منها الماء، قولهم عين قربتك أي صب فيها ما ينسد بسيلانه آثار خرزه، وقيل للمتجسس عين تشبيها بها فى نظرها وذلك كما تسمى المرأة فرجا والمركوب ظهرا، فيقال فلان يملك كذا فرجا وكذا ظهرا لما كان المقصود منهما العضوين، وقيل للذهب عين تشبيها بها فى كونها أفضل الجواهر كما أن هذا الجارحة أفضل الجوارح ومنه قيل أعيان القوم لأفاضلهم، وأعيان الإخوة لبنى أب وأم، قال بعضهم: العين إذا استعمل فى معنى ذات الشيء فيقال كل ما له عين

ص: 399

فكاستعمال الرقية فى المماليك وتسمية النساء بالفرج من حيث إنه هو المقصود منهن ويقال لمنبع الماء عين تشبيها بها بما فيها من الماء، ومن عين الماء اشتق ماء معين أي ظاهر للعيون، وعين أي سائل، قال: عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا- وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً- فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ-يْنانِ نَضَّاخَتانِ

- وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ- فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ- مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ- فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وعنت الرجل أصبت عينه نحو رأسته وفأدته، وعنته أصبته بعيني نحو سفته أصبته بسيفى، وذلك أنه يجعل تارة من الجارحة المضروبة نحو رأسته وفأدته وتارة من الجارحة التي هى آلة فى الضرب فيجرى مجرى سفته ورمحته، وعلى نحوه فى المعنيين قولهم يديت فإنه يقال إذا أصبت يده وإذا أصبته بيدك، وتقول عنت البئر أثرت عين مائها، قال: إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ- فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ وقيل الميم فيه أصلية وإنما هو من معنت، وتستعار العين للميل فى الميزان ويقال لبقر الوحش أعين وعيناء لحسن عينه، وجمعها عين، وبها شبه النساء، قال: قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ- وَحُورٌ عِينٌ.

(عيى) : الإعياء عجز يلحق البدن من المشيء، والعي عجز يلحق من تولى الأمر والكلام قال: أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ- وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ ومنه عى فى منطقه عيا فهو عى، ورجل عياياء طباقاء إذا عى بالكلام والأمر، وداء عياء لا دواء له، والله أعلم.

ص: 400