الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميم
(متع) : المتوع الامتداد والارتفاع، يقال متع النهار ومتع النبات. إذا ارتفع فى أول النبات، والمتاع انتفاع ممتد الوقت، يقال متعه اللَّه بكذا، وأمتعه وتمتع به، قال: وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ- نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا- فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا- سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ وكل موضع ذكر فيه تمنعوا فى الدنيا فعلى طريق التهديد وذلك لما فيه من معنى التوسع، واستمتع طلب التمتع: رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ- فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ- فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وقوله: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ تنبيها أن لكل إنسان فى الدنيا تمتعا مدة معلومة وقوله: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ تنبيها أن ذلك فى جنب الآخرة غير معتد به وعلى ذلك: فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ أي فى جنب الآخرة، قال: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ ويقال لما ينتفع به فى البيت متاع، قال: ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ وكل ما ينتفع به على وجه ما فهو متاع ومتعة وعلى هذا قوله: وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ أي طعامهم فسماه متاعا، وقيل وعاءهم وكلاهما متاع وهما متلازمان فإن الطعام كان فى الوعاء. وقوله: وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ فالمتاع والمتعة ما يعطى المطلقة لتنتفع به مدة عدتها، يقال أمتعتها ومتعتها، والقرآن ورد بالثاني نحو: فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ وقال: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ومتعة النكاح هى: أن الرجل كان يشارط المرأة بمال معلوم يعطيها إياه إلى أجل معلوم فإذا انقضى الأجل فارقها من غير طلاق، ومتعة الحج ضم العمرة إليه، قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وشراب ماتع قيل أحمر وإنما هو الذي يمتع بجودته وليست الحمرة بخاصة للماتع وإن كانت أحد أوصاف جودته، وجمل ماتع قوى، قيل:
وميزانه فى سورة البر ماتع
أي راجح زائد.
(متن) : المتنان مكتنفا الصلب وبه شبه المتن من الأرض، ومتنته ضربت متنه، ومتن قوى متنه فصار متينا ومنه قيل حبل متين وقوله: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.
(متى) : متى سؤال عن الوقت، قال تعالى: مَتى هذَا الْوَعْدُ- مَتى هذَا الْفَتْحُ وحكى أن هذيلا تقول جعلته متى كمّى أي وسط كمى وأنشدوا لأبى ذؤيب.
شربن بماء البحر ثم ترفعت
…
متى لجج خضر لهن نئيج
(مثل) : أصل المثول الانتصاب، والممثّل المصور على مثال غيره، يقال مثل الشيء أي انتصب وتصور ومنه
قوله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يمثل له الرجال فلينبوأ مقعده من النار»
والتمثال الشيء المصور وتمثل كذا تصور، قال تعالى: فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
والمثل عبارة عن قول فى شىء يشبه قولا فى شىء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره نحو قولهم الصيف ضيعت اللبن، فإن هذا القول يشبه قولك أهملت وقت الإمكان أمرك وعلى هذا الوجه ما ضرب اللَّه تعالى من الأمثال فقال:
وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وفى أخرى: وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ والمثل يقال على وجهين أحدهما: بمعنى المثل نحو شبه وشبه ونقض، قال بعضهم وقد يعبر بهما عن وصف الشيء نحو قوله: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ والثاني: عبارة عن المشابهة لغيره فى معنى من المعاني أي معنى كان وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال فيما يشارك فى الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشارك فى الكيفية فقط، والمساوى يقال فيما يشارك فى الكمية فقط، والشكل يقال فيما يشاركه فى القدر والمساحة فقط، والمثل عام فى جميع ذلك ولهذا لما أراد اللَّه تعالى نفى التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وأما الجمع بين الكاف والمثل فقد قيل ذلك لتأكيد النفي تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف فنفى بليس الأمرين جميعا. وقيل المثل هاهنا هو بمعنى الصفة ومعناه ليس كصفته صفة تنبيها على أنه وإن وصف بكثير مما يوصف به البشر فليس تلك الصفات له على حسب ما يستعمل فى البشر، وقوله: لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى أي لهم الصفات الذميمة وله الصفات العلى. وقد منع اللَّه تعالى عن ضرب الأمثال بقوله: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ثم نبه أنه قد يضرب لنفسه المثل ولا يجوز لنا أن نقتدى به فقال: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ثم ضرب لنفسه مثلا فقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً الآية، وفى هذا تنبيه أنه لا يجوز أن نصفه بصفة مما يوصف به البشر إلا بما وصف به نفسه، وقوله: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا
التَّوْراةَ الآية، أي هم فى جهلهم بمضمون حقائق التوراة كالحمار فى جهله بما على ظهره من الأسفار، وقوله: وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ فإنه شبهه بملازمته واتباعه هواه، وقلة مزايلته له بالكلب الذي لا يزايل اللهث على جميع الأحوال وقوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً الآية فإنه شبه من آتاه اللَّه تعالى ضربا من الهداية والمعاون فاضاعه ولم يتوصل به إلى ما رشح له من نعيم الأبد بمن استوقد نارا فى ظلمة، فلما أضاءت له ضيعها ونكس فعاد فى الظلمة، وقوله: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً فإنه قصد تشبيه المدعو بالغنم فأجمل وراعى مقابلة المعنى دون مقابلة الألفاظ وبسط الكلام مثل راعى الذين كفروا، والذين كفروا كمثل الذي ينعق بالغنم، ومثل الغنم التي لا تسمع إلا دعاء ونداء. وعلى هذا النحو قوله: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ومثله قوله ثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
وعلى هذا النحو ما جاء من أمثاله. والمثال مقابلة شىء بشىء هو نظيره أو وضع شىء ما ليحتذى به فيما يفعل، والمثلة نقمة، تنزل بالإنسان فيجعل مثالا يرتدع به غيره وذلك كالنكال، وجمعه مثلات ومثلات، وقد قرىء:
مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ والمثلات بإسكان الثاء على التخفيف نحو: عضد وعضد، وقد أمثل السلطان فلانا إذا نكل به، والأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفاضل والأقرب إلى الخير، وأماثل القوم كناية عن خيارهم، وعلى هذا قوله تعالى: إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً وقال: وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى أي الأشبه بالفضيلة، وهى تأنيث الأمثل.
(مجد) : المجد السعة فى الكرم والجلا، وقد تقدم الكلام فى الكرم، يقال مجد يمجد مجدا ومجادة، وأصل المجد من قولهم مجدت الإبل إذا حصلت فى مرعى كثير واسع، وقد أمجدها الراعي، وتقول العرب فى كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار، وقولهم فى صفة اللَّه تعالى المجيد أي يجرى السعة فى بذل الفضل المختص به وقوله فى صفة القرآن: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ فوصفه بذلك لكثرة ما يتضمن من المكارم الدنيوية والأخروية، وعلى هذا وصفه بالكريم بقوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ وعلى نحوه قوله: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ وقوله: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فوصفه بذلك لسعة فيضه وكثرة جوده، وقرىء:
الْمَجِيدِ بالكسر فلجلالته وعظم قدره، وما
أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم: «ما الكرسي فى جنب العرش إلا كحلقة ملقاة فى أرض فلاة»
وعلى هذا قوله:
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ والتمجيد من العبد للَّه بالقول وذكر الصفات الحسنة، ومن اللَّه للعبد بإعطائه الفضل.
(محص) : أصل المحص تخليص الشيء مما فيه من عيب كالفحص لكن الفحص يقال فى إبراز شىء من أثناء ما يختلط به وهو منفصل عنه، والمحص يقال فى إبرازه عما هو متصل به، يقال: محصت الذهب ومحّصته إذا أزلت عنه ما يشوبه من خبث، قال تعالى: وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا- وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ فالتمحيص هاهنا كالتزكية والتطهير ونحو ذلك من الألفاظ، ويقال فى الدعاء اللهم محص عنا ذنوبنا، أي أزل ما علق بنا من الذنوب. ومحص الثوب إذا ذهب زئبره، ومحص الحبل يمحص أخلق حتى يذهب عنه وبرة، ومحص الصبى إذا عدا.
(محق) : المحق النقصان ومنه المحاق لآخر الشهر إذا انمحق الهلال وامتحق وانمحق، يقال محقه إذا نقصه وأذهب بركته، قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وقال: وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ.
(محل) : قوله تعالى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ أي الأخذ بالعقوبة، قال بعضهم: هو من قولهم محل به محلا ومحالا إذا أراده بسوء، قال أبو زيد. محل الزمان قحط، ومكان ما حل ومتماحل وأمحلت الأرض، والمحالة فقارة الظهر والجمع المحال، ولبن ممحل قد فسد، ويقال ما حل عنه أي جادل عنه، ومحل به إلى السلطان إذا سعى به،
وفى الحديث: «لا تجعل القرآن ما حلا بنا»
أي يظهر عندك معايبنا، وقيل بل المحال من الحول والحيلة والميم فيه زائدة.
(محن) : المحن والامتحان نحو الابتلاء، نحو قوله تعالى:
فَامْتَحِنُوهُنَّ وقد تقدم الكلام فى الابتداء، قال تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى وذلك نحو قوله: وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً وذلك نحو قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
الآية.
(محو) : المحو إزالة الأثر، ومنه قيل للشمال محوة، لأنها تمحو السحاب والأثر، قال تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ.
(مخر) : مخر الماء للأرض استقبالها بالدور فيها، يقال مخرت السفينة مخرا ومخورا إذا شقت الماء بجؤجئها مستقبلة له، وسفينة ماخرة والجمع المواخر، قال: وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ ويقال استمخرت الريح وامتخرتها إذا استقبلتها بأنفك،
وفى الحديث: «استمخروا الريح وأعدوا النبل»
أي فى الاستنجاء والماخور الموضع الذي يباع فيه الخمر، وبنات مخر سحائب تنشأ صيفا.
(مد) : أصل المد الجر، ومنه المدة للوقت الممتد، ومدة الجرح، ومدّ النهر ومده نهر آخر، ومددت عينى إلى كذا، قال تعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية. ومددته فى غيه ومددت الإبل سقيتها المديد وهو بزر ودقيق يخلطان بماء، وأمددت الجيش بمدد والإنسان بطعام، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وأكثر ما جاء الإمداد فى المحبوب. والمد فى المكروه نحو قوله تعالى:
وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ- أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ- وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ- يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ الآية. وقوله: أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ- وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا- وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ- وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ- وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ فمن قولهم مده نهر آخر، وليس هو مما ذكرناه من الإمداد، والمد المحبوب والمكروه، وإنما هو من قولهم مددت الدواة أمدها، وقوله تعالى: وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً والمد من المكاييل معروف.
(مدن) : المدينة فعيلة عند قوم وجمعها مدن وقد مدنت مدينة، وناس يجعلون الميم زائدة، قال تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ قال:
وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ- وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ.
(مرر) : المرور المضي والاجتياز بالشيء قال تعالى: وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ
- وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً تنبيها أنهم إذا دفعوا إلى التفوه باللغو كنوا عنه، وإذا سمعوه تصامموا عنه، وإذا شاهدوه أعرضوا عنه، وقوله:
فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا فقوله: مَرَّ هاهنا كقوله:
وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وأمررت الحبل إذا فتلته، والمرير والممر المفتول، ومنه فلان ذو مرة كأنه محكم الفتل قال تعالى: ذُو
مِرَّةٍ فَاسْتَوى
ويقال مر الشيء وأمر إذا صار مرا ومنه يقال فلان ما يمر وما يحلى، وقوله: حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ قيل استمرت. وقولهم مرة ومرتين كفعلة وفعلتين وذلك لجزء من الزمان، قال: يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ- وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ- إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً- إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ- سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ، وقوله تعالى: ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
(مرج) : أصل المرج الخلط والمروج الاختلاط، يقال مرج أمرهم اختلط ومرج الخاتم فى إصبعى فهو مارج، ويقال أمر مريج أي مختلط ومنه غصن مريج مختلط، قال تعالى: فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ والمرجان صغار اللؤلؤ، قال تعالى: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ وقوله: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ من قولهم مرج. ويقال للأرض التي يكثر فيها النبات فتمرج فيه الدواب مرج، وقوله:
مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ أي لهيب مختلط، وأمرجت الدابة فى المرعى أرسلتها فنه فمرجت.
(مرح) : المرح شدة الفرح والتوسع فيه، قال تعالى: وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً وقرىء مرحا أي فرحا ومرحى كلمة تعجب.
(مرد) : قال تعالى: وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ والمارد والمريد من شياطين الجن والإنس المتعرى من الخيرات من قولهم شجر أمرد إذا تعرى من الورق، ومنه قيل رملة مرداء لم تنبت شيئا، ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر.
وروى أهل الجنة مرد، فقيل حمل على ظاهره، قيل معناه معرون من الشوائب والقبائح، ومنه قيل مرد فلان عن القبائح ومرد عن المحاسن وعن الطاعة، قال تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ أي ارتكسوا عن الخير وهم على النفاق، وقوله تعالى: مَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
أي مملس من قولهم شجرة مرداء إذا لم يكن عليها ورق، وكأن الممرد إشارة إلى قول الشاعر:
فى مجدل شيد بنيانه
…
يزل عنه ظفر الظافر
ومارد حصن معروف وفى الأمثال: تمرد مارد وعز الأبلق، قاله ملك امتنع عليه هذان الحصنان.
(مرض) : المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وذلك
ضربان، الأول مرض جسمى وهو المذكور فى قوله: وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ- وَلا عَلَى الْمَرْضى والثاني عبارة عن الرذائل كالجهل والجبن والبخل والنفاق وغيرها من الرذائل الخلقية نحو قوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً- أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا- وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وذلك نحو قوله: وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً ويشبه النفاق والكفر ونحوهما من الرذائل بالمرض إما لكونها مانعة عن إدراك الفضائل كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل، وإما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الأخروية المذكورة فى قوله تعالى: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وإما لميل النفس بها إلى الاعتقادات الرديئة ميل البدن المريض إلى الأشياء المضرة، ولكون هذه الأشياء متصورة بصورة المرض قيل ذوى صدر فلان ونغل قلبه.
وقال عليه الصلاة والسلام: «وأى داء أدوأ من البخل؟» ،
ويقال شمس مريضة إذا لم تكن مضيئة لعارض عرض لها، وأمرض فلان فى قوله إذا عرض، والتمريض القيام على المريض وتحقيقه إزالة المرض عن المريض كالتقذية فى إزالة القذى عن العين.
(مرأ) : يقال مرء ومرأة، وامرؤ وامرأة، قال تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ- وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً والمروّة كمال المرء كما أن الرجولية كمال الرجل، والمريء رأس المعدة والكرش اللاصق بالحلقوم، ومرؤ الطعام وأمرأ إذا تخصص بالمريء. لموافقة الطبع، قال تعالى: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً.
(مرى) : المرية التردد فى الأمر وهو أخص من الشك، قال تعالى:
وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ- فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ- فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ- أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ والامتراء والمماراة المحاجة فيما فيه مرية، قال تعالى: قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ- بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ- أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى - فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وأصله من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها للحلب.
(مريم) : مريم اسم أعجمى، اسم أم عيسى عليه السلام.
(مزن) : المزن السحاب المضيء والقطعة منه مزنة، قال تعالى: أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ويقال للهلال الذي يظهر من خلال السحاب
ابن مزنة، وفلان يتمزن أي يتسخى ويتشبه بالمزن، ومزنت فلانا شبهته بالمزن، وقيل المازن بيض النمل.
(مزج) : مزج الشراب خلطه والمزاج ما يمزج به، قال تعالى:
مِزاجُها كافُوراً- وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ- مِزاجُها زَنْجَبِيلًا.
(مسس) : المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشيء، وإن لم يوجد كما قال الشاعر:
وألمسه فلا أجده
والمس يقال فيما يكون معه إدراك بحاسة اللمس وكنى به عن النكاح، فقيل مسها وماسها، قال تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقال:
لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وقرىء: ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وقال: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ والمسيس كناية عن النكاح، وكنى بالمس عن الجنون، قال تعالى: الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ والمس يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى نحو قوله: وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ- ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ- مَسَّنِيَ الضُّرُّ- مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ- مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا- وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ.
(مسح) : المسح إمرار اليد على الشيء وإزالة الأثر عنه، وقد يستعمل فى كل واحد منهما يقال مسحت يدى بالمنديل، وقيل للدرهم الأطلس مسيح وللمكان الأملس أمسح، ومسح الأرض ذرعها وعبر عن السير بالمسح كما عبر عنه بالذرع، فقيل مسح البعير المفازة وذرعها، والمسح فى تعارف الشرع إمرار الماء على الأعضاء، يقال مسحت للصلاة وتمسحت، قال: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ومسحته بالسيف كناية عن الضرب كما يقال مسست، قال: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وقيل سمى الدجال مسيحا لأنه ممسوح أحد شقى وجهه وهو أنه روى أنه لا عين له ولا حاجب، وقيل سمى عيسى عليه السلام مسيحا لكونه ماسحا فى الأرض أي ذاهبا فيها وذلك أنه كان فى زمانه قوم يسمون المشائين والسياحين لسيرهم فى الأرض، وقيل سمى به لأنه كان يمسح ذا العاهة فيبرأ، وقيل سمى بذلك لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن.
وقال بعضهم إنما كان مشوحا بالعبرانية فعرب فقيل المسيح وكذا موسى كان
موشى. وقال بعضهم: المسيح هو الذي مسحت إحدى عينيه، وقد روى إن الدجال ممسوح اليمنى وعيسى ممسوح اليسرى. قال: ويعنى بأن الدجال قد مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والأخلاق الجميلة، وأن عيسى مسحت عنه القوة الذميمة من الجهل والشره والحرص وسائر الأخلاق الذميمة. وكنى عن الجماع بالمسح كما كنى عنه بالمس واللمس، وسمى العرق القليل مسيحا، والمسح البلاس جمعه مسوح وأمساح، والتمساح معروف، وبه شبه المارد من الإنسان.
(مسخ) : المسخ تشويه الخلق والخلق وتحويلهما من صورة إلى صورة.
قال بعض الحكماء: المسخ ضربان: مسخ خاص يحصل فى العينة وهو مسخ الخلق، ومسخ قد يحصل فى كل زمان وهو مسخ الخلق، وذلك أن يصير الإنسان متخلفا بخلق ذميم من أخلاق بعض الحيوانات نحو أن يصير فى شدة الحرص كالكلب، وفى الشره كالخنزير، وفى الغمارة كالثور، قال وعلى هذا أحد الوجهين فى قوله تعالى: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ، وقوله:
لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ يتضمن الأمرين وإن كان فى الأول أظهر، والمسيخ من الطعام مالا طعم له، قال الشاعر:
وأنت مسيخ كلحم الحوار
ومسخت الناقة أنضيتها وأزلتها حتى أزلت خلقتها عن حالها والماسخى القواس وأصله كان قواس منسوبا إلى ماسخة وهى قبيلة فسمى كل قواس به كما سمى كل حداد بالهالكي.
(مسد) : المسد ليف يتخذ من جريد النخل أي من غصنه فيمسد أي يفتل، قال تعالى: حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ وامرأة ممسودة مطوية الخلق كالجبل الممسود.
(مسك) : إمساك الشيء التعلق به وحفظه، قال تعالى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وقال: يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ أي يحفظها، واستمسكت بالشيء إذا تحريت الإمساك، قال تعالى:
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ وقال: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ويقال تمسكت به ومسكت به، قال: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ
الْكَوافِرِ
يقال أمسكت عنه كذا أي منعته، قال: هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ وكنى عن البخل بالإمساك. والمسكة من الطعام والشراب ما يمسك الرمق، والمسك الذبل المشدود على المعصم، والمسك الجلد الممسك للبدن.
(مشج) : قال تعالى: أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ أي أخلاط من الدم وذلك عبارة عما جعله اللَّه تعالى بالنطفة من القوى المختلفة المشار إليها بقوله تعالى:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ إلى قوله: خَلْقاً آخَرَ.
(مشى) : المشي الانتقال من مكان إلى مكان بإرادة، قال اللَّه تعالى:
كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ- فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ إلى آخر الآية.
يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً- فَامْشُوا فِي مَناكِبِها ويكنى بالمشي عن النميمة، قال: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ويكنى به عن شرب المسهل فقيل شربت مشيا ومشوا، والماشية الأغنام، وقيل امرأة ماشية كثر أولادها.
(مصر) : المصر اسم لكل بلد ممصور أي محدود، يقال مصرت مصرا أي بنيته، والمصر الحد وكان من شروط هجر اشترى فلان الدار بمصورها أي حدودها، قال الشاعر:
وجاعل الشمس مصرا لا خفاء به
…
بين النهار وبين الليل قد فصلا
وقوله تعالى: اهْبِطُوا مِصْراً فهو البلد المعروف وصرفه لخفته، وقيل بل عنى بلدا من البلدان. والمصار الحاجز بين الماءين، ومصرت الناقة إذا جمعت أطراف الأصابع على ضرعها فحلبتها، ومنه قيل لهم غلة يمتصرونها أي يحتلبون منها قليلا قليلا، وثوب ممصر مشبع الصبغ، وناقة مصور مانع للبن لا تسمح به، وقال الحسن: لا بأس بكسب التياس ما لم يمصر ولم يبسر، أي يحتلب بإصبعيه ويبسر على الشاة قبل وقتها. والمصير المعى وجمعه مصران وقيل بل هو مفعل من صار لأنه مستقر الطعام.
(مضغ) : المضغة القطعة من اللحم قدر ما يمضغ ولم ينضج قال الشاعر:
يلجلج مضغة فيها أنيض
أي غير منضج وجعل اسما للحالة التي ينتهى إليها الجنين بعد العلقة، قال تعالى:
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً وقال تعالى: مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ
وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ
والمضاغة ما يبقى عن المضغ فى الفم، والماضغان الشدقان لمضغهما الطعام، والمضائغ العقبات اللواتى على طرفى هيئة القوس الواحدة مضيغة.
(مضى) : المضي والمضاء النفاذ ويقال ذلك فى الأعيان والأحداث، قال تعالى: وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ- فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ.
(مطر) : المطر الماء المنسكب ويوم مطير وماطر وممطر وواد مطير أي ممطور يقال مطرتنا السماء وأمطرتنا، وما مطرت منه بخير، وقيل إن مطر يقال فى الخير، وأمطر فى العذاب، قال تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ- وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ- وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً- فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ومطر وتمطر ذهب فى الأرض ذهاب المطر، وفرس متمطر أي سريع كالمطر، والمستمطر طالب المطر والمكان الظاهر للمطر ويعبر به عن طالب الخير، قال الشاعر:
فواد خطاء وواد مطر
(مطى) : قال تعالى: ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أي يمد مطاه أي ظهره، والمطية ما يركب مطاه من البعير وقد امتطيته ركبت مطاه، والمطو الصاحب المعتمد عليه وتسميته بذلك كتسميته بالظهر.
(مع) : مع يقتضى الاجتماع إما فى المكان نحوهما معا فى الدار، أو فى الزمان نحو ولدا معا، أو فى المعنى كالمتضايفين نحو الأخ والأب فإن أحدهما صار أخا للآخر فى حال ما صار الآخر أخاه، وإما فى الشرف والرتبة نحو: هما معا فى العلو، ويقتضى معنى النصرة وأن المضاف إليه لفظ مع هو المنصور نحو قوله:
لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا أي الذي مع يضاف إليه فى قوله اللَّه معنا هو منصور أي ناصرنا، وقوله: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا- وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ- وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وقوله عن موسى: إِنَّ مَعِي رَبِّي ورجل إمعة من شأنه أن يقول لكل واحد أنا معك. والمعمعة صوت الحريق والشجعان فى الحرب، والمعمعان شدة الحرب.
(معز) : قال تعالى: وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ والمعيز جماعة المعز كما يقال ضئين لجماعة الضأن، ورجل ماعز معصوب الخلق والأمعز والمعزاء المكان الغليظ، واستمعز فى أمره: جد.
(معن) : ماء معين هو من قولهم: معن الماء جرى فهو معين، ومجارى الماء معنان، وأمعن الفرس تباعد فى عدوه، وأمعن بحقي ذهب، وفلان معن فى حاجته وقيل ماء معين هو من العين والميم زائدة فيه.
(مقت) : المقت البغض الشديد لمن تراه تعاطى القبيح. يقال مقت مقاتة فهو مقيت ومقته فهو مقيت وممقوت، قال: إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا وكان يسمى تزوج الرجل امرأة أبيه نكاح المقت، وأما المقيت فمفعل من القوت وقد تقدم.
(مكك) : اشتقاق مكة من تمككت العظم أخرجت مخه، وأمتك الفصيل ما فى ضرع أمه وعبر عن الاستقصاء بالتمكك.
وروى أنه قال عليه الصلاة والسلام: «لا تمكوا على غرمائكم»
وتسميتها بذلك لأنها كانت تمك من ظلم بها أي تدقه وتهلكه، قال الخليل: سميت بذلك لأنها وسط الأرض كالمخ الذي هو أصل ما فى العظم، والمكوك طاس يشرب به ويكال كالصواع.
(مكث) : المكث ثبات مع انتظار، يقال مكث مكثا، قال:
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ، وقرىء مكث، قال: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ- فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا.
(مكر) : المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان: مكر محمود وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل وعلى ذلك قال تعالى: وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ومذموم وهو أن يتحرى به فعل قبيح، قال: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ- وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا- فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ وقال فى الأمرين: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وقال بعضهم:
من مكر اللَّه إمهال العبد وتمكينه من أعراض الدنيا ولذلك قال أمير المؤمنين رضى اللَّه عنه: من وسع عليه دنياه ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن عقله.
(مكن) : المكان عند أهل اللغة الموضع الحاوي للشىء، وعند بعض المتكلمين أنه عرض وهو اجتماع جسمين حاو ومحوى وذلك أن يكون سطح الجسم الحاوي محيطا بالمحوى، فالمكان عندهم هو المناسبة بين هذين الجسمين، قال: مَكاناً سُوىً- وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً ويقال: مكنته ومكنت له
فتمكن، قال تعالى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ- وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ- أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ- وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ- وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وقال: فِي قَرارٍ مَكِينٍ وأمكنت فلانا من فلان، ويقال: مكان ومكانة، قال تعالى: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ وقرىء: (على مكاناتكم) وقوله: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ أي متمكن ذى قدر ومنزلة.
ومكنات الطير ومكناتها مقاره، والمكن بيض الضب وبيض مكنون. قال الخليل: المكان مفعل من الكون ولكثرته فى الكلام أجرى مجرى فعال فقيل:
تمكن وتمسكن نحو تمنزل.
(مكا) : مكا الطير يمكو مكاء، صفر، قال تعالى: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً تنبيها أن ذلك منهم جار مجرى مكاء الطير فى قلة الغناء، والمكاء طائر، ومكت استه صوتت.
(ملل) : الملة كالدين وهو اسم لما شرع اللَّه تعالى لعباده على لسان الأنبياء ليتوصلوا به إلى جوار اللَّه، والفرق بينها وبين الدين أن الملة لا تضاف إلا إلى النبي عليه الصلاة والسلام الذي تسند إليه نحو: فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ- وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي ولا تكاد توجد مضافة إلى اللَّه ولا إلى آحاد أمة النبي صلى الله عليه وسلم ولا تستعمل إلا فى حملة الشرائع دون آحادها، لا يقال ملة اللَّه. ولا يقال ملتى وملة زيد كما يقال دين اللَّه ودين زيد، ولا يقال الصلاة ملة اللَّه. وأصل الملة من أمللت الكتاب، قال تعالى: لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ- فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ وتقال الملة اعتبارا بالشيء الذي شرعه اللَّه، والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذ كان معناه الطاعة.
ويقال خبز ملة ومل خبزه يمله ملا، والمليل ما طرح فى النار، والمليلة حرارة يجدها الإنسان، ومللت الشيء أمله أعرضت عنه أي ضجرت، وأمللته من كذا حملته على أن مل من
قوله عليه الصلاة والسلام: «تكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن اللَّه لا يمل حتى تملوا»
فإنه لم يثبت للَّه ملالا بل القصد أنكم تملون واللَّه لا يمل.
(ملح) : الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد، ويقال له ملح إذا تغير طعمه، وإن لم يتجمد فيقال ماء ملح. وقلما تقول العرب ماء
مالح، قال اللَّه تعالى: وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وملحت القدر ألقيت فيها الملح، وأملحتها أفسدتها بالملح، وسمك مليح. ثم استعير من لفظ المليح الملاحة فقيل رجل مليح وذلك راجع إلى حسن يغمض إدراكه.
(ملك) : الملك هو المتصرف بالأمر والنهى فى الجمهور وذلك يختص بسياسة الناطقين ولهذا يقال ملك الناس ولا يقال ملك الأشياء، وقوله: ملك يوم الدين فتقديره الملك فى يوم الدين وذلك لقوله: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ والملك ضربان: ملك هو التملك والتولي، وملك هو القوة على ذلك تولى أو لم يتول. فمن الأول قوله: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها، ومن الثاني قوله: إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً فجعل النبوة مخصوصة والملك عاما، فإن معنى الملك هاهنا هو القوة التي بها يترشح للسياسة لا أنه جعلهم كلهم متولين للأمر فذلك مناف للحكمة كما قيل لا خير فى كثرة الرؤساء. قال بعضهم: الملك اسم لكل من يملك السياسة إما فى نفسه وذلك بالتمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها، وإما فى غيره سواء تولى ذلك أو لم يتول على ما تقدم، وقوله: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً والملك الحق الدائم للَّه فلذلك قال: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وقال: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ فالملك ضبط الشيء المتصرف فيه بالحكم، والملك كالجنس للملك فكل ملك ملك وليس كل ملك ملكا قال: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ- لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً
وقال: أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ- قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا وفى غيرها من الآيات. والملكوت مختص بملك اللَّه تعالى وهو مصدر ملك أدخلت فيه التاء نحو رحموت ورهبوت، قال تعالى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وقال: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والمملكة سلطان الملك وبقاعه التي يتملكها، والمملوك يختص فى المتعارف بالرقيق من الأملاك، قال: عَبْداً مَمْلُوكاً وقد يقال فلان جواد بمملوكه أي بما يتملكه والملكة تختص بملك العبيد ويقال فلان حسن الملكة أي الصنع إلى مماليكه، وخص ملك العبيد فى القرآن باليمين فقال: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وقوله: أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ- أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ومملوك مقر
بالملوكة والملكة والملك، وملاك الأمر ما يعتمد عليه منه. وقيل القلب ملاك الجسد، والملاك التزويج، وأملكوه زوجوه، شبه الزوج بملك عليها فى سياستها، وبهذا النظر قيل كاد المروس أن يكون ملكا. وملك الإبل والشاء ما يتقدم ويتبعه سائره تشبيها بالملك، ويقال ما لأحد فى هذا ملك وملك غيرى، قال تعالى:
ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وقرىء بكسر الميم، وملكت العجين شددت عجنه، وحائط ليس له ملاك أي تماسك، وأما الملك فالنحويون جعلوه من لفظ الملائكة، وجعل الميم فيه زائدة. وقال بعض المحققين هو من الملك، قال:
والمتولى من الملائكة شيئا من السياسات يقال له ملك بالفتح، ومن البشر يقال له ملك بالكسر، فكل ملك ملائكة وليس كل ملائكة ملكا، بل الملك هو المشار إليه بقوله: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً- فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً- وَالنَّازِعاتِ ونحو ذلك ومنه ملك الموت، قال: وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها- عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ- قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ.
(ملا) : الملأ جماعة يجتمعون على رأى، فيملئون العيون رواء ومنظرا والنفوس بهاء وجلالا، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ- وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ- إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ- قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ وغير ذلك من الآيات، يقال فلان ملء العيون أي معظم عند من رآه كأنه ملأ عينه من رؤيته، ومنه قيل شاب مالىء العين، والملأ الخلق المملوء جمالا، قال الشاعر:
فقلنا أحسنى ملأ جهينا
ومالأته عاونته وصرت من ملئه أي جمعه نحو شايعته أي صرت من شيعته، ويقال هو ملىء بكذا. والملاءة الزكام الذي يملأ الدماغ، يقال ملىء فلان وأملأ، والملء مقدار ما يأخذه الإناء الممتلئ، يقال أعطنى ملأه وملأيه وثلاثة أملائه.
(ملا) : الإملاء الإمداد، ومنه قيل للمدة الطويلة ملاوة من الدهر وملىّ من الدهر، قال: وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا وتمليت دهرا أبقيت، وتمليت الثوب تمتعت به طويلا، وتملى بكذا تمتع به بملاوة من الدهر، وملاك اللَّه غير مهموز عمرك، ويقال عشت مليّا أي طويلا، والملا مقصور المفازة الممتدة، والملوان
قيل الليل والنهار وحقيقة ذلك تكررهما وامتدادهما بدلالة أنهما أضيفا إليهما فى قول الشاعر:
نهار وليل دائم ملواهما
…
على كل حال المرء يختلفان
فلو كانا الليل والنهار لما أضيفا إليهما. قال تعالى: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أي أمهلهم، وقوله: الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ أي أمهل ومن قرأ ملأ لهم فمن قولهم أمليت الكتاب أمليه إملاء، قال: أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ وأصل أمليت أمللت فقلب تخفيفا. فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ- فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ.
(منن) : المن ما يوزن به، يقال من ومنان وأمنان وربما أبدل من إحدى النونين ألف فقيل منا وأمناء، ويقال لما يقدر ممنون كما يقال موزون، والمنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ- كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ- وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ- يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ- وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا وذلك على الحقيقة لا يكون إلا للَّه تعالى. والثاني: أن يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة، ولقبح ذلك قبل المنة تهدم الصنيعة، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة. وقوله: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ فالمنة منهم بالقول ومنة اللَّه عليهم بالفعل وهو هدايته إياهم كما ذكر، وقوله: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً فالمن إشارة إلى الإطلاق بلا عوض. وقوله: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ أي أنفقه وقوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ فقد قيل هو المنة بالقول وذلك أن يمتن به ويستكثره، وقيل معناه لا تعط مبتغيا به أكثر منه، وقوله: لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قيل غير معدود كما قال: بِغَيْرِ حِسابٍ وقيل غير مقطوع ولا منقوص. ومنه قيل المنون للمنية لأنها تنقص العدد وتقطع المدد. وقيل إن المنة التي بالقول هى من هذا لأنها تقطع النعمة وتقتضى قطع الشر، وأما المن فى قوله: وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى فقد قيل المن شىء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر، والسلوى طائر وقيل المن والسلوى كلاهما إشارة إلى ما أنعم اللَّه به عليهم وهما بالذات شىء واحد ولكن سماه منا بحيث إنه امتن به عليهم، وسماه
سلوى من حيث إنه كان لهم به التسلي. و «من» عبارة عن الناطقين ولا يعبر به عن غير الناطقين إلا إذا جمع بينهم وبين غيرهم كقولك: رأيت من فى الدار من الناس والبهائم، أو يكون تفصيلا لجملة يدخل فيهم الناطقون كقوله تعالى:
فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي الآية ولا يعبر به عن غير الناطقين إذا انفرد ولهذا قال بعض المحدثين فى صفة أغنام نفى عنهم الإنسانية: تخطىء إذا جئت فى استفهامها بمن تنبيها أنهم حيوان أو دون الحيوان. ويعبر به عن الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، قال: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ وفى أخرى: مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وقال: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ.
(من) : لابتداء الغاية وللتبعيض وللتبيين، وتكون لا ستغراق الجنس فى النفي والاستفهام نحو قوله: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ والبدل نحو خذ هذا من ذلك أي بدله: إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ فمن اقتضى التبعيض فإنه كان نزل فيه بعض ذريته، وقوله: مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ قال: تقديره أنه ينزل من السماء جبالا، فمن الأولى ظرف والثانية فى موضع المفعول والثالثة للتبيين كقولك: عنده جبال من مال. وقيل يحتمل أن يكون قوله من جبال نصبا على الظرف على أنه ينزل منه، وقوله: مِنْ بَرَدٍ نصب أي ينزل من السماء من جبال فيها بردا، وقيل يصح أن يكون موضع من فى قوله «من برد» رفعا، و «من جبال» نصبا على أنه مفعول به، كأنه فى التقدير وينزل من السماء جبالا فيها برد ويكون الجبال على هذا تعظيما وتكثيرا لما نزل من السماء. وقوله: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ قال أبو الحسن: من زائدة، والصحيح أن تلك ليست بزائدة لأن بعض ما يمسكن لا يجوز أكله كالدم والغدد وما فيها من القاذورات المنهي عن تناولها.
(منع) : المنع يقال فى ضد العطية، يقال رجل مانع ومناع أي بخيل، قال اللَّه تعالى: وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ وقال: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ، ويقال فى الحماية ومنه مكان منيع وقد منع، وفلان ذو منعة أي عزيز ممتنع على من يرومه، قال: أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ- وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ- ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ أي ما حملك وقيل ما الذي صدك وحملك على ترك ذلك؟ يقال امرأة منيعة كناية عن العفيفة وقيل مناع أي امنع كقولهم نزال أي انزل.
(منى) : المنى التقدير، يقال منى لك المانى أي قدر لك المقدر، ومنه المنا الذي يوزن به فيما قيل، والمنى الذي قدر به الحيوانات، قال تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى - مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى أي تقدر بالعزة الإلهية ما لم يكن منه، ومنه المنية وهو الأجل المقدر للحيوان وجمعه منايا، والتمني تقدير شىء فى النفس وتصويره فيها وذلك قد يكون عن تخمين وظن، ويكون عن روية وبناء على أصل، لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك، فأكثر التمني تصور ما لا حقيقة له. قال تعالى: أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى- فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ- وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً والأمنية الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى الشيء، ولما كان الكذب تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار التمني كالمبدأ للكذب فصح أن يعبر عن الكذب بالتمني، وعلى ذلك ما روى عن عثمان رضى اللَّه عنه: ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت. وقوله تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ قال مجاهد: معناه إلا كذبا، وقال غيره إلا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث إن التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى أمنية تمنيتها على التخمين، وقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي فى تلاوته، فقد تقدم أن التمني كما يكون عن تخمين وظن فقد يكون عن روية وبناء على أصل، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان يبادر إلى ما نزل به الروح الأمين على قلبه حتى قيل له: لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ الآية.
ولا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
سمى تلاوته على ذلك تمنيا ونبه أن للشيطان تسلطا على مثله فى أمنيته وذلك من حيث بين أن العجلة من الشيطان ومنيتنى كذا: جعلت لى أمنيته بما شبهت لى، قال تعالى مخبرا عنه: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ.
(مهد) : المهد ما تهيىء للصبى، قال تعالى: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ، قال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً- ومِهاداً وذلك مثل قوله تعالى: الْأَرْضَ فِراشاً ومهدت لكم كذا هيأته وسويته، قال تعالى: وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً وامتهد السنام أي تسوى فصار كمهاد أو مهد.
(مهل) : المهل التؤدة والسكون، يقال مهل فى فعله وعمل فى مهلة، ويقال مهلا، نحو رفقا، وقد مهلته إذا قلت له مهلا وأمهلته رفقت به، قال:
فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً والمهل دردى الزيت قال: كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ.
(موت) : أنواع الموت بحسب أنواع الحياة، فالأول ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة فى الإنسان والحيوانات والنبات نحو قوله: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها- أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً الثاني زوال القوة الحاسة، قال تعالى: يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا- أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا الثالث: زوال القوة العاقلة وهى الجهالة نحو قوله: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وإياه قصد بقوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى الرابع: الحزن المكدر للحياة وإياه قصد بقوله: وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ الخامس المنام فقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وعلى هذا النحو سماهما اللَّه تعالى توفيا فقال: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ- اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها وقوله:
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ فقد قيل نفى الموت هو عن أرواحهم فإنه نبه على تنعمهم، وقيل نفى عنهم الحزن المذكور فى قوله:
وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وقوله: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ فعبارة عن زوال القوة الحيوانية وإبانة الروح عن الجسد وقوله: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ فقد قيل معناه ستموت تنبيها أنه لا بد لأحد من الموت كما قيل:
والموت حتم فى رقاب العباد
وقيل بل الميت هاهنا ليس بإشارة إلى إبانة الروح عن الجسد بل هو إشارة إلى ما يعترى الإنسان فى كل حال من التحلل والنقص فإن البشر مادام فى الدنيا يموت جزءا فجزءا كما قال الشاعر:
يموت جزءا فجزءا
وقد عبر قوم عن هذا المعنى بالمائت وفصلوا بين الميت والمائت فقالوا المائت هو المتحلل، قال القاضي على بن عبد العزيز: ليس فى لغتنا مائت على حسب ما قالوه، والميت مخفف عن الميت وإنما يقال موت مائت كقولك شعر شاعر وسيل سائل، ويقال بلد ميت وميت قال تعالى: سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ- بَلْدَةً مَيْتاً والميتة من الحيوان ما زال روحه بغير تذكية، قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ- إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً والموتان بإزاء الحيوان وهى الأرض التي لم تحي للزرع، وأرض موات. ووقع فى الإبل موتان كثير وناقة مميتة ومميت مات ولدها وإماتة الخمر كناية عن طبخها، والمستميت المتعرض للموت، قال الشاعر:
فأعطيت الجعالة مستميتا
والموتة شبه الجنون كأنه من موت العلم والعقل ومنه رجل موتان القلب وامرأة موتانة.
(موج) : الموج فى البحر ما يعلو من غوارب الماء، قال تعالى: فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ- يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ وماج كذا يموج وتموج تموجا اضطرب اضطراب الموج، قال: وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ.
(ميد) : الميد: اضطراب الشيء العظيم كاضطراب الأرض، قال تعالى: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ- أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ومادت الأغصان تميد، وقيل الميدان فى قول الشاعر:
نعيما وميدانا من العيش أخضرا
وقيل هو الممتد من العيش، وميدان الدابة منه والمائدة الطبق الذي عليه الطعام، ويقال لكل واحدة منها مائدة، ويقال مادنى يميدنى أي أطعمنى، وقيل يعشينى، وقوله: أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قيل استدعوا طعاما، وقيل استدعوا علما، وسماه مائدة من حيث أن العلم غذاء القلوب كما أن الطعام غذاء الأبدان.
(مور) : المور الجريان السريع، يقال مار يمور مورا، قال تعالى:
يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ومار الدم على وجهه، والمور التراب المتردد به الريح، وناقة تمور فى سيرها فهى موارة.
(مير) : الميرة الطعام يمتاره الإنسان، يقال مار أهله يميرهم، قال تعالى:
وَنَمِيرُ أَهْلَنا والخيرة والميرة يتقاربان.
(ميز) : الميز والتمييز الفصل بين المتشابهات يقال مازه يميزه ميزا وميزه تمييزا، قال تعالى: لِيَمِيزَ اللَّهُ وقرىء: (ليميز الخبيث من الطيب) والتمييز يقال تارة للفصل وتارة للقوة التي فى الدماغ، وبها تستنبط المعاني، ومنه يقال فلان لا تمييز له، ويقال انماز وامتاز، قال: وَامْتازُوا الْيَوْمَ وتميز كذا مطاوع ماز أي انفصل وانقطع، قال: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ.
(ميل) : الميل العدول عن الوسط إلى أحد الجانبين، ويستعمل فى الجور، وإذا استعمل فى الأجسام فإنه يقال فيما كان خلقة ميل، وفيما كان عرضا ميل، يقال ملت إلى فلان إذا عاونته، قال: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ
وملت عليه تحاملت عليه، قالت تعالى: فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً والمال سمى بذلك لكونه مائلا أبدا وزائلا، ولذلك سمى عرضا، وعلى هذا دل قول من قال: المال قحبة تكون يوما فى بيت عطار ويوما فى بيت بيطار.
(مائة) : المائة: الثالثة من أصول الأعداد، وذلك أن أصول الأعداد أربعة: آحاد، وعشرات، ومئات، وألوف، قال تعالى: فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ- وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ومائة آخرها محذوف، يقال أمأيت الدراهم فامأت هى أي صارت ذات مائة.
(ماء) : قال تعالى: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ- ماءً طَهُوراً ويقال ماه بنى فلان، وأصل ماء موه بدلالة قولهم فى جمعه أمواه ومياه فى تصغيره مويه، فحذف الهاء وقلب الواو، ورجل ماء القلب كثر ماء قلبه، فماه هو مقلوب من موه أي فيه ماء، وقيل هو نحو رجل قاه، وماهت الركية تميه وتماه وبئر مهية وماهة، وقيل مهية، وأماه الرجل وأمهى بلغ الماء.
(ما) : فى كلامهم عشرة خمسة أسماء وخمسة حروف، فإذا كان اسما فيقال للواحد والجمع والمؤنث على حد واحد، ويصح أن يعتبر فى الضمير لفظه مفردا وأن يعتبر معناه للجميع. فالأول من الأسماء بمعنى الذي نحو قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ ثم قال: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ لما أراد الجمع، وقوله:
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً الآية، فجمع أيضا، وقوله:
بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ الثاني: نكرة نحو قوله: نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ أي نعم شيئا يعظكم به، وقوله: فَنِعِمَّا هِيَ فقد أجيز أن يكون ما نكرة فى قوله: ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها وقد أجيز أن يكون صلة فما بعده يكون مفعولا تقديره أن يضرب مثلا بعوضة. الثالث: الاستفهام ويسأل به عن جنس ذات الشيء ونوعه وعن جنس صفات الشيء ونوعه، وقد يسأل به عن الأشخاص والأعيان فى غير الناطقين. وقال بعض النحويين: وقد يعبر به عن الأشخاص الناطقين كقوله: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ- إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وقال الخليل: ما استفهام أي أىّ شىء تدعون من دون اللَّه؟ وإنما جعله كذلك لأن ما هذه لا تدخل إلا فى المبتدأ والاستفهام الواقع آخرا نحو قوله: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ الآية. ونحو ما تضرب أضرب. الخامس: التعجب نحو قوله: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ.
وأما الحروف:
فالأول: أن يكون ما بعده بمنزلة المصدر كأن الناصبة للفعل المستقبل نحو قوله تعالى: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فإن ما مع رزق فى تقدير الرزق والدلالة على أنه مثل أن أنه لا يعود إليه ضمير لا ملفوظ به ولا مقدر فيه، وعلى هذا حمل قوله: بِما كانُوا يَكْذِبُونَ وعلى هذا قولهم أتانى القوم ما عدا زيدا، وعلى هذا إذا كان فى تقدير ظرف نحو قوله تعالى: كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ- كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ- كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً وأما قوله:
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ فيصح أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الذي. واعلم أن ما إذا كان مع ما بعدها فى تقدير المصدر لم يكن إلا حرفا لأنه لو كان اسما لعاد إليه ضمير، وكذلك قولك أريد أن أخرج، فإنه لا عائد من الضمير إلى أن، ولا ضمير لها بعده.
الثاني: للنفى وأهل الحجاز يعملونه بشرط نحو قوله: ما هذا بَشَراً.
الثالث: الكافة وهى الداخلة على أن وأخواتها ورب ونحو ذلك والفعل.
نحو قوله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ- إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً- كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وعلى ذلك «ما» فى قوله: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وعلى ذلك قلما وطالما فيما حكى.
الرابع: المسلطة وهى التي تجعل اللفظ متسلطا بالعمل بعد أن لم يكن عاملا نحو: «ما» فى إذما وحيثما لأنك تقول إذ ما تفعل أفعل، وحيثما تقعد أقعد، فإذ وحيث لا يعملان بمجردهما فى الشرط ويعملان عند دخول «ما» عليهما.
الخامس: الزائدة لتوكيد اللفظ فى قولهم إذا ما فعلت كذا، وقولهم إما تخرج أخرج قال تعالى: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً، وقوله: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما.