المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخاء (خبت) : الخبت المطمئن من الأرض وأخبت الرجل قصد الخبت - الموسوعة القرآنية - جـ ٨

[إبراهيم الإبياري]

الفصل: ‌ ‌الخاء (خبت) : الخبت المطمئن من الأرض وأخبت الرجل قصد الخبت

‌الخاء

(خبت) : الخبت المطمئن من الأرض وأخبت الرجل قصد الخبت أو نزله نحو أسهل وأنجد، ثم استعمل الإخبات استعمال اللين والتواضع، قال اللَّه تعالى: وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ وقال تعالى: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ أي المتواضعين، نحو: لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وقوله تعالى: فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ أي تلين وتخشع والإخبات هاهنا قريب من الهبوط فى قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.

(خبث) : المخبث والخبيث ما يكره رداءة وخساسة محسوسا كان أو معقولا، وأصله الرديء الدخلة الجاري مجرى خبث الحديد كما قال الشاعر:

سبكناه ونحسبه لجينا فأبدى الكير عن خبث الحديد وذلك يتناول الباطل فى الاعتقاد والكذب فى المقال والقبيح فى الفعال، قال عز وجل: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ أي ما لا يوافق النفس من المحظورات وقوله تعالى: وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ فكناية عن إتيان الرجال. وقال تعالى: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ أي الأعمال الخبيثة من الأعمال الصالحة، والنفوس الخبيثة من النفوس الزكية. وقال تعالى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ أي الحرام بالحلال، وقال تعالى: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ أي الأفعال الردية والاختيارات المبهرجة لأمثالها وكذا: الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وقال تعالى: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ أي الكافر والمؤمن والأعمال الفاسدة والأعمال الصالحة، وقوله تعالى: وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ فإشارة إلى كل كلمة قبيحة من كفر وكذب ونميمة وغير ذلك،

وقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن أطيب من عمله، والكافر أخبث من عمله»

ويقال خبيث مخبث أي فاعل الخبث.

(خبر) : الخبر العلم بالأشياء المعلومة من جهة الخبر وخبرته خبرا وخبرة وأخبرت أعلمت بما حصل لى من الخبر، وقيل الخبرة المعرفة ببواطن الأمر والخبار والخبراء الأرض اللينة، وقد يقال ذلك لما فيها من الشجر، والمخابرة مزارعة

ص: 159

الخبار بشىء معلوم، والخبير الأكار فيه، والخبر المزادة الصغيرة وشبهت بها الناقة فسميت خبرا وقوله تعالى: وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ أي عالم بأخبار أعمالكم وقيل أي عالم ببواطن أموركم، وقيل خبير بمعنى مخبر كقوله: فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وقال تعالى: وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ- قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ أي من أحوالكم التي نخبر عنها.

(خبز) : الخبز معروف قال اللَّه تعالى: أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً والخبزة ما يجعل فى الملة والخبر اتخاذه واختبزت إذا أمرت بخبزه والخبازة صنعته واستعير الخبز للسوق الشديد لتشبيه هيئة السائق بالخابز.

(خبط) : الخبط الضرب على غير استواء كخبط البعير الأرض بيده والرجل الشجر بعصاه، ويقال للمخبوط خبط كما يقال للمضروب ضرب، واستعير لعسف السلطان فقيل سلطان خبوط، واختباط المعروف طلبه بعسف تشبيها بخبط الورق وقوله تعالى: يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ فيصح أن يكون من خبط الشجر وأن يكون من الاختباط الذي هو طلب المعروف،

يروى عنه صلى الله عليه وسلم «اللهم إنى أعوذ بك أن يتخبطنى الشيطان من المس» .

(خبل) : الخبال الفساد الذي يلحق الحيوان فيورثه اضطرابا كالجنون والمرض المؤثر فى العقل والفكر، ويقال خبل وخبل وخبال ويقال خبله وخبله فهو خابل والجمع الخبل، ورجل مخبل، قال اللَّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وقال عز وجل: ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا

وفى الحديث: «من شرب الخمر ثلاثا كان حقا على اللَّه تعالى أن يسقيه من طينة الخبال»

. قال زهير:

هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا

أي إن طلب منهم إفساد شىء من إبلهم أفسدوه.

(خبو) : خبت النار تخبو سكن لهبها وصار علهيا خباء من رماد أو غشاء، وأصل الخباء الغطاء الذي يتغطى به وقيل لغشاء السنبلة خباء قال عز وجل: كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً.

(خبء) : يخرج الخبء يقال ذلك لكل مدخر مستور ومنه قيل جارية خبأة وهى الجارية التي تظهر مرة وتخبأ أخرى، والخباء سمة فى موضع خفى.

ص: 160

(ختر) : الختر غدر يختر فيه الإنسان أي يضعف ويكسر لاجتهاده فيه، قال اللَّه تعالى: كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ.

(ختم) : الختم والطبع يقال على وجهين مصدر ختمت وطبعت وهو تأثير الشيء كنقش الخاتم والطابع والثاني الأثر الحاصل عن النقش ويتجوز بذلك تارة فى الاستيثاق من الشيء والمنع منه اعتبارا بما يحصل من المنع بالختم على الكتب والأبواب نحو: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ- وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وتارة فى تحصيل أثر عن شىء اعتبارا بالنقش الحاصل، وتارة يعتبر منه بلوغ الآخر ومن قيل ختمت القرآن أي انتهيت إلى آخره فقوله: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ إشارة إلى ما أجرى اللَّه به العادة أن الإنسان إذا تناهى فى اعتقاد باطل أو ارتكاب محظور ولا يكون منه تلفت يوجه إلى الحق يورثه ذلك هيئة تمرنه على استحسان المعاصي وكأنما يختم بذلك على قلبه وعلى ذلك: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وعلى هذا النحو استعارة الإغفال فى قوله عز وجل:

وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا واستعارة الكن فى قوله تعالى:

وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ واستعارة القساوة فى قوله تعالى:

وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً قال الجبائي: يجعل اللَّه ختما على قلوب الكفار ليكون دلالة للملائكة على كفرهم فلا يدعون لهم، وليس ذلك بشىء فإن هذه الكتابة إن كانت محسوسة فمن حقها أن يدركها أصحاب التشريح، وإن كانت معقولة غير محسوسة فالملائكة باطلاعهم على اعتقاداتهم مستغنية عن الاستدلال. وقال بعضهم: ختمه شهادته تعالى عليه أنه لا يؤمن، وقوله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ أي نمنعهم من الكلام وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ لأنه ختم النبوة أي تممها بمجيئه. وقوله عز وجل: خِتامُهُ مِسْكٌ قيل ما يختم به أي يطبع، وإنما معناه منقطعه، وخاتمة شربه: أي سؤره فى الطيب مسك، وقول من قال يختم بالمسك أي يطبع فليس بشىء لأن الشراب يجب أن يطيب فى نفسه فأما ختمه بالطيب فليس مما يفيده ولا ينفعه طيب خاتمه ما لم يطب فى نفسه.

(خد) : قال اللَّه تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ الخد والأخدود شق فى الأرض مستطيل غائص، وجمع الأخدود أخاديد وأصل ذلك من خدى الإنسان وهما ما اكتنفا الأنف عن اليمين والشمال. والخد يستعار للأرض ولغيرها كاستعارة الوجه، وتخدد اللحم زواله عن وجه الجسم، يقال خددته فتخدد.

ص: 161

(خدع) : الخداع إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه، قال تعالى: يُخادِعُونَ اللَّهَ أي يخادعون رسوله وأولياءه ونسب ذلك إلى اللَّه تعالى من حيث إن معاملة الرسول كمعاملته ولذلك قال تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ وجعل ذلك خداعا تفظيعا لفعلهم وتنبيها على عظم الرسول وعظم أوليائه، وقول أهل اللغة إن هذا على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فيجب أن يعلم أن المقصود بمثله فى الحذف لا يحصل لو أتى بالمضاف المحذوف لما ذكرنا من التنبيه على أمرين، أحدهما فظاعة فعلهم فيما تحروه من الخديعة وأنهم بمخادعتهم إياه يخادعون اللَّه، والثاني التنبيه على عظم المقصود بالخداع وأن معاملته كمعاملة اللَّه كما نبه عليه بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ الآية وقوله تعالى: وَهُوَ خادِعُهُمْ

قيل معناه مجازيهم بالخداع وقيل على وجه آخر مذكور فى قوله تعالى: وَهُوَ خادِعُهُمْ

قيل معناه مجازيهم بالخداع وقيل على وجه آخر مذكور فى قوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وقيل خدع الضب أي استتر فى جحره واستعمال ذلك فى الضب أنه يعد عقربا تلدغ من يدخل يدى فى جحره حتى قيل العقرب بواب الضب وحاجبه. ولاعتقاد الخديعة فيه قيل أخدع من ضب، وطريق خادع وخيدع مضل كأنه يخدع سالكه.

والمخدع بيت فى بيت كأن بانيه جعله خادعا لمن رام تناول ما فيه، وخدع الريق إذا قل متصورا منه هذا المعنى، والأخدعان تصور منهما الخداع لاستتارهما تارة وظهورهما تارة، يقال خدعته: قطعت أخدعه،

وفى الحديث: «بين يدى الساعة سنون خداعة»

أي محتالة لتلونها بالجدب مرة وبالخصب مرة.

(خدن) : قال اللَّه تعالى: وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ جمع خدن أي المصاحب وأكثر ذلك يستعمل فيمن يصاحب شهوة، يقال خدن المرأة وخدينها، وقول الشاعر:

خدين العلى

فاستعارة كقولهم يعشق العلى ويشبب بالندى وينسب بالمكارم.

(خذل) : قال تعالى: وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا أي كثير الخذلان، والخذلان ترك من يظن به أن ينصر نصرته، ولذلك قيل خذلت الوحشية ولدها وتخاذلت رجلا فلان ومنه قول الأعشى.

بين مغلوب تليل خده

وخذول الرجل من غير كسح

ورجل خذلة كثيرا ما يخذل.

ص: 162

(خذ) : قال اللَّه تعالى: فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وخذوه أصله من أخذ وقد تقدم.

(خر) : فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ وقال تعالى: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ وقال تعالى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ فمعنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير، والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو. وقوله تعالى: خَرُّوا لَهُ سُجَّداً فاستعمال الخر تنبيه على اجتماع أمرين: السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح، وقوله من بعده وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، فتنبيه أن ذلك الخرير كان تسبيحا بحمد اللَّه لا بشىء آخر.

(خرب) : يقال خرب المكان المكان خرابا وهو ضد العمارة، قال اللَّه تعالى:

وَسَعى فِي خَرابِها وقد أخربه، وخربه قال اللَّه تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فتخريبهم بأيديهم إنما كان لئلا تبقى للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقيل كان بإجلائهم عنها. والخربة شق واسع فى الأذن تصورا أنه قد خرب أذنه، ويقال رجل أخرب وامرأة خرباء نحو أقطع وقطعاء ثم شبه به الخرق فى أذن المزادة فقيل خربة المزادة، واستعارة ذلك كاستعارة الأذن له، وجعل الخارب مختصا بسارق الإبل، والخرب ذكر الحبارى وجمعه خربان قال الشاعر:

أبصر خربان فضاء فانكدر

(خرج) : خرج خروجا: برز من مقره أو حاله سواء كان مقره دارا أو بلدا أو ثوبا، وسواء كان حاله حالة فى نفسه أو فى أسبابه الخارجة، قال تعالى: فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ وقال تعالى: أخرج مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها وقال: وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها- فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ- يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها والإخراج أكثر ما يقال فى الأعيان نحو أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ وقال عز وجل: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ- وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً وقال تعالى: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ وقال: أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ويقال فى التكوين الذي هو من فعل اللَّه تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ- فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى وقال تعالى: يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ والتخريج أكثر ما يقال فى العلوم والصناعات، وقيل لما يخرج من الأرض ومن وكر الحيوان ونحو ذلك خرج وخراج، قال اللَّه تعالى: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ

ص: 163

خَيْرٌ

فإضافته إلى اللَّه تعالى تنبيه أنه هو الذي ألزمه وأوجبه، والخرج أعم من الخراج، وجعل الخرج بإزاء الدخل، وقال تعالى: فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً والخراج مختص فى الغالب بالضريبة على الأرض، وقيل العبد يؤدى خرجه أي غلته والرعية تؤدى إلى الأمير الخراج، والخرج أيضا من السحاب وجمعه خروج وقيل الخراج بالضمان أي ما يخرج من مال البائع فهو بإزاء ما سقط عنه من ضمان المبيع، والخارجي الذي يخرج بذاته عن أحوال أقرانه ويقال ذلك تارة على سبيل المدح إذا خرج إلى منزلة من هو أعلى منه، وتارة يقال على سبيل الذم إذا خرج إلى منزلة من هو أدنى منه، وعلى هذا يقال فلان ليس بإنسان تارة على المدح كما قال الشاعر:

فلست بإنسى ولكن كملأك

تنزل من جو السماء يصوب

وتارة على الذم نحو إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ والخرج لونان من بياض وسواد، ويقال ظليم أخرج ونعامة خرجاء وأرض مخترجة ذات لونين لكون النبات منها فى مكان دون مكان، والخوارج لكونهم خارجين عن طاعة الإمام.

(خرص) : الخرص حرز الثمرة، والخرص المحروز كالنقض للمنقوض، وقيل الخرص الكذب فى قوله تعالى: إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ قيل معناه يكذبون. وقوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ قيل لعن الكذابون وحقيقة ذلك أن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال خرص سواء كان مطابقا للشىء أو مخالفا له من حيث إن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه، وكل من قال قولا على هذا النحو قد يسمى كاذبا وإن كان قوله مطابقا للمقول المخبر عنه كما حكى عن المنافقين فى قوله عز وجل: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ.

(خرط) : قال تعالى: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ أي لزمه عار لا ينمحى عنه كقولهم جدعت أنفه، والخرطوم أنف الفيل فسمى أنفه خرطوما استقباحا له.

(خرق) : الخرق قطع الشيء على سبيل الفساد من غير تدبر ولا تفكر، قال تعالى: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها وهو ضد الخلق وإن الخلق هو فعل الشيء بتقدير ورفق، والخرق بغير تقدير، قال تعالى: وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ

ص: 164

أي حكموا بذلك على سبيل الخرق وباعتبار القطع قيل خرق الثوب وخرّقه وخرق المفاوز واخترق الريح. وخص الخرق والخريق بالمفاوز الواسعة إما لاختراق الريح فيها وإما لتخرقها فى الفلاة، وخص الخرق بمن ينخرق فى السحاب. وقيل لثقب الأذن إذا توسع خرق وصبى أخرق وامرأة خرقاء مثقوبة الأذن ثقبا واسعا، وقوله تعالى: إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ فيه قولان: أحدهما لن تقطع والآخر لن تثقب الأرض إلى الجانب الآخر اعتبارا بالخرق فى الأذن، وباعتبار ترك التقدير قيل رجل أخرق وخرق وامرأة خرقاء، وشبه بها الريح فى تعسف مرورها فقيل ريح خرقاء

وروى «ما دخل الخرق فى شىء إلا شانه»

ومن الخرق استعيرت المخرقة وهو إظهار الخرق توصلا إلى حيلة، والمخراق شىء يلعب به كأنه يخرق لإظهار الشيء بخلافه، وخرق الغزال إذا لم يحسن أن يعدو لخرقه.

(خزن) : الخزن حفظ الشيء فى الخزانة ثم يعبر به عن كل حفظ كحفظ السر ونحوه وقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ- وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فإشارة منه إلى قدرته تعالى على ما يريد إيجاده أو إلى الحالة التي أشار إليها

بقوله عليه السلام: «فرغ ربكم من خلق الخلق والرزق والأجل»

وقوله تعالى: فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ قيل معناه حافظين له بالشكر، وقيل هو إشارة إلى ما أنبأ عنه قوله: أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ الآية والخزنة جمع الخازن وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها فى صفة النار وصفة الجنة وقوله: وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ أي مقدوراته التي منعها الناس لأن الخزن ضرب من المنع، وقيل جوده الواسع وقدرته، وقيل هو قوله:

كن. والخزن فى اللحم أصله الادخار فكنى به عن نتنه، يقال خزن اللحم إذا أنتن وخنز بتقدم النون.

(خزى) : خزى الرجل لحقه انكسار إما من نفسه وإما من غيره.

فالذى يلحقه من نفسه هو الحياء المفرط ومصدره الخزاية ورجل خزيان وامرأة خزيى وجمعه خزايا.

وفى الحديث «اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين»

والذي يلحقه من غيره يقال هو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزي ورجل خزى. قال تعالى: ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وقال تعالى: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ- فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا- لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وقال: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى وأخزى من الخزاية والخزي جميعا وقوله: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا فهو من الخزي

ص: 165

أقرب وإن جاز أن يكون منهما جميعا وقوله تعالى: رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ فمن الخزاية ويجوز أن يكون من الخزي وكذا قوله: مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وقوله: وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ- وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ وقال:

وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي وعلى نحو ما قلنا فى خزى قولهم ذل وهان فإن ذلك متى كان من الإنسان نفسه يقال له الهون والذل ويكون محمودا، ومتى كان من غيره يقال له الهون، والهوان، والذل، ويكون مذموما.

(خسر) : الخسر والخسران انتقاص رأس المال وينسب ذلك إلى الإنسان فيقال خسر فلان، وإلى الفعل فيقال خسرت تجارته، قال تعالى: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ ويستعمل ذلك فى المقتنيات الخارجة كالمال والجاه فى الدنيا وهو الأكثر، وفى المقتنيات النفسية كالصحة والسلامة والعقل والإيمان والثواب، وهو الذي جعله اللَّه تعالى الخسران المبين، وقال: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ- أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ وقوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقوله: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ إلى أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقوله: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ وقوله: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ وقوله: وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ يجوز أن يكون إشارة إلى تحرى العدالة فى الوزن وترك الحيف فيما يتعاطاه فى الوزن، ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى تعاطى مالا يكون به ميزانه فى القيامة خاسرا فيكون ممن قال فيه: وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ وكلا المعنيين يتلازمان، وكل خسران ذكره اللَّه تعالى فى القرآن فهو على هذا المعنى الأخير دون الخسران المتعلق بالمقتنيات. الدنيوية والتجارات البشرية.

(خسف) : الخسوف للقمر والكسوف للشمس، وقيل الكسوف فيهما إذا زال بعض ضوئهما، والخسوف إذا ذهب كله. ويقال خسفه اللَّه وخسف هو، قال تعالى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ وقال: لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا

وفى الحديث: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته»

وعين خاسفة إذا غابت حدقتها فمنقول من خسف القمر، وبئر مخسوفة إذا غاب ماؤها ونزف، منقول من خسف اللَّه القمر. وتصور من خسف القمر مهانة تلحقه فاستعير الخسف للذل فقيل تحمل فلان خسفا.

ص: 166

(خسأ) : خسأت الكلب فخسأ أي زجرته مستهينا به فانزجر وذلك إذا قلت له اخسأ، قال تعالى فى صفة الكفار: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ وقال تعالى: فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ومنه (خسأ البصر) أي انقبض عن مهانة قال: خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ.

(خشب) : قال تعالى: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ شبهوا بذلك لقلة غنائهم وهو جمع الخشب ومن لفظ الخشب قيل خشبت السيف إذا صقلته بالخشب الذي هو المصقل، وسيف خشيب قريب العهد بالصقل، وجمل خشيب أي جديد لم يرض، تشبيها بالسيف الخشيب، وتخشبت الإبل أكلت الخشب، وجبهة خشباء يابسة كالخشب، ويعبر بها عمن لا يستحى، وذلك كما يشبه بالصخر فى نحو قول الشاعر:

والصخر هش عند وجهك فى الصلابة

والمخشوب المخلوط به الخشب وذلك عبارة عن الشيء الرديء.

(خشع) : الخشوع الضراعة وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح. والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد فى القلب ولذلك قيل فيما روى: إذا ضرع القلب خشعت الجوارح، قال تعالى: وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً وقال: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ- وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ- وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ- خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ- أَبْصارُها خاشِعَةٌ كناية عنها وتنبيها على تزعزعها كقوله: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا- إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها- يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً. وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً.

(خشى) : الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها فى قوله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ وقال: وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى - مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ- فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما- فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي- يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وقال: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ- وَلْيَخْشَ الَّذِينَ الآية، أي ليستشعروا خوفا من معرته، وقال تعالى:

خَشْيَةَ إِمْلاقٍ أي لا تقتلوهم معتقدين لمخافة أن يلحقهم إملاق مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ أي لمن خاف خوفا اقتضاه معرفته بذلك من نفسه.

ص: 167

(خص) : التخصيص والاختصاص والخصوصية والتخصص تفرد بعض الشيء بما لا يشاركه فيه الجملة، وذلك خلاف العموم والتعمم والتعميم، وخصان الرجل من يختصه بضرب من الكرامة، والخاصة ضد العامة، قال تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي بل تعمكم وقد خصه بكذا يخصه واختصه يختصه، قال: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وخصاص البيت فرجة وعبر عن الفقر الذي لم يسد بالخصاصة كما عبر عنه بالخلة، قال: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وإن شئت قلت من الخصائص، والخص بيت من قصب أو شجر وذلك لما يرى فيه من الخصاصة.

(خصف) : قال تعالى: وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما أي يجعلان عليهما خصفة وهى أوراق ومنه قيل لجلة التمر خصفة وللثياب الغليظة، جمعه خصف، ولما يطرق به الخف خصفه وخصفت النعل بالمخصف.

وروى «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصف نعله»

وخصفت الخصفة نسجتها والأخصف والخصيف قيل الأبرق من الطعام وهو لونان من الطعام وحقيقته ما جعل من اللبن ونحوه فى خصفة فيتلون بلونها.

(خصم) : الخصم مصدر خصمته أي نازعته خصما، يقال خاصمته وخصمته مخاصمة وخصاما، قال تعالى: وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ- وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ثم سمى المخاصم خصما، واستعمل للواحد والجمع وربما ثنى، وأصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الآخر أي جانبه وأن يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب، وروى نسبته فى خصم فراشى، والجمع خصوم وأخصام وقوله: خَصْمانِ اخْتَصَمُوا أي فريقان ولذلك قالوا اختصموا وقال: لا تَخْتَصِمُوا وقال: وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ والخصم الكثير المخاصمة، قال: هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ والخصم المختص بالخصومة، قال: قَوْمٌ خَصِمُونَ.

(خضد) : قال اللَّه فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ أي مكسور الشوك، يقال خضدته فانخضد فهو مخضود وخضيد والخضد المخضود كالنقض فى المنقوض ومنه استعير خضد عنق البعير أي كسر.

ص: 168

(خضر) : قال تعالى: فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً- ثِياباً خُضْراً خضرة جمع أخضر والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو إلى السواد أقرب ولهذا سمى الأسود أخضر والأخضر أسود قال الشاعر:

قد أعسف النازح المجهود معسفة

فى ظل أخضر يدعو هامه البوم

وقيل سواد العرق للموضع الذي يكثر فيه الخضرة، وسميت الخضرة بالدهمة فى قوله سبحانه: مُدْهامَّتانِ أي خضراوان

وقوله عليه السلام «إياكم وخضراء الدّمن فقد فسره عليه السلام حيث قال: «المرأة الحسناء فى منبت السوء»

والمخاضرة المبايعة على الخضر والثمار قبل بلوغها، والخضيرة نخلة ينتثر بسرها أخضر.

(خضع) : قال اللَّه: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ الخضوع الخشوع وقد تقدم، ورجل خضعه كثير الخضوع ويقال خضعت اللحم أي قطعته، وظليم أخضع فى عتقه تطامن.

(خط) : الخط كالمد، ويقال لما له طول، والخطوط أضرب فيما يذكره أهل الهندسة من مسطوح ومستدير ومقوس وممال، ويعبر عن كل أرض فيها طول بالخط كخط اليمن وإليه ينسب الرمح الخطى، وكل مكان يخطه الإنسان لنفسه ويحفره يقال له خط وخطة. والخطيطة أرض لم يصبها مطر بين أرضين ممطورتين كالخط المنحرف عنه، ويعبر عن الكتابة بالخط قال تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ.

(خطب) : الخطب والمخاطبة والتخاطب المراجعة فى الكلام، ومنه الخطبة والخطبة لكن الخطبة تختص بالموعظة والخطبة بطلب المرأة، قال تعالى:

وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ وأصل الخطبة الحالة التي عليه الإنسان إذا خطب نحو الجلسة والقعدة، ويقال من الخطبة خاطب وخطيب، ومن الخطبة خاطب لا غير والفعل منهما خطب. والخطب الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب قال تعالى: فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ- فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ وفصل الخطاب: ما ينفصل به الأمر من الخطاب.

(خطف) : الخطف والاختطاف الاختلاس بالسرعة، يقال خطف يخطف وخطف يخطف وقرىء بهما جميعا قال: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ وذلك وصف للشياطين المسترقة للسمع قال تعالى: فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ

ص: 169

الرِّيحُ

- يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ وقال: وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أي يقتلون ويسلبون، والخطاف للطائر الذي كأنه يخطف شيئا فى طيرانه، ولما يخرج به الدلو كأنه يختطفه وجمعه خطاطيف وللحديدة التي تدور عليها البكرة، وباز مخطف يختطف ما يصيده، والخطيف سرعة انجذاب السير وأخطف الحشا، ومختطفة، كأنه اختطف حشاه لضموره.

(خطأ) : الخطأ العدول عن الجهة وذلك أضرب، أحدها: أن يريد غير ما تحسن إرادته فيفعله وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان، يقال خطىء يخطأ خطأ وخطأة قال تعالى: إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً وقال: وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ والثاني أن يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلاف ما يريد فيقال أخطأ إخطاء فهى مخطئ، وهذا قد أصاب فى الإرادة وأخطأ فى الفعل وهذا المعنى

بقوله عليه السلام: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان»

وبقوله: من اجتهد فأخطأ فله أجر» وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ والثالث أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه، فهذا مخطئ فى الإرادة ومصيب فى الفعل فهو مذموم بقصده وغير محمود على فعله، وهذا المعنى هو الذي أراده فى قوله:

أردت مساءتى فأجرت مسرتى

وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدرى

وجملة الأمر أن من أراد شيئا فاتفق منه غيره يقال أخطأ، وإن وقع منه كما أراده يقال: أصاب، وقد يقال لمن فعل فعلا ولا يحسن أو أراد إرادة لا تجمل إنه أخطأ ولهذا يقال أصاب الخطأ وأخطأ الصواب، وأصاب الصواب وأخطأ الخطأ، وهذه اللفظة مشتركة كما ترى مترددة بين معان يجب لمن يتحرى الحقائق أن يتأملها. وقوله تعالى: وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ والخطيئة والسيئة يتقاربان لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا إليه فى نفسه بل يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه كمن يرمى صيدا فأصاب إنسانا أو شرب مسكرا فجنى جناية فى سكره. والسبب سببان: سبب محظور فعله كشرب المسكر وما يتولد عنه من الخطأ غير متجاف عنه، وسبب غير محظور كرمى الصيد، قال تعالى:

وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ. وقال تعالى:

وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً

فالخطيئة هاهنا هى التي لا تكون عن قصد إلى فعله، قال تعالى: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا. مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ- إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا- وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ- وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ وقال تعالى: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ والجمع

ص: 170

الخطيئات والخطايا. وقوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ فهى المقصود إليها والخاطئ هو القاصد للذنب، وعلى ذلك قوله: وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ. لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ وقد يسمى الذنب خاطئة فى قوله تعالى: وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ أي الذنب العظيم وذلك نحو قولهم شعر شاعر. فأما ما لم يكن مقصودا فقد ذكر عليه السلام أنه متجاف عنه، وقوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ، فالمعنى ما تقدم.

(خطو) : خطوت أخطو خطوة أي مرة والخطوة ما بين القدمين، قال تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ أي لا تتبعوه وذلك نحو قوله:

وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى.

(خف) : الخفيف بإزاء الثقيل ويقال ذلك تارة باعتبار المضايقة بالوزن وقياس شيئين أحدهما بالآخر نحو درهم خفيف، ودرهم ثقيل، والثاني يقال باعتبار مضايقة الزمان نحو فرس خفيف وفرس ثقيل إذا عدا أحدهما أكثر من الآخر فى زمان واحد. الثالث يقال خفيف فيما يستحليه الناس وثقيل فيما يستوخمه فيكون الخفيف مدحا والثقيل ذما ومنه قوله تعالى: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ- فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ وأرى أن من هذا قوله: حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً الرابع يقال خفيف فيمن يطيش وثقيل فيما فيه وقار فيكون الخفيف ذما والثقيل مدحا الخامس: يقال خفيف فى الأجسام التي من شأنها أن ترجحن إلى أسفل كالأرض والماء، يقال خف يخف خفّا وخفة وخففه تخفيفا وتخفف تخففا واستخففته وخف المتاع الخفيف ومنه كلام خفيف على اللسان، قال تعالى: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ أي حملهم أن يخفوا معه أو وجدهم خفافا فى أبدانهم وعزائمهم، وقيل معناه وجدهم طائشين، وقوله تعالى: وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فإشارة إلى كثرة الأعمال الصالحة وقلتها وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ أي لا يزعجنك وعزيلنك عن اعتقادك بما يوقعون من الشبه، وخفوا عن منازلهم ارتحلوا منها فى خفة، والخف الملبوس، وخف النعامة، والبعير، تشبيها بخف الإنسان.

(خفت) : قال تعالى: يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ- وَلا تُخافِتْ بِها المخافتة والخفت إسرار المنطق قال:

وشتان بين الجهر والمنطق الخفت

ص: 171

(خفض) : الخفض: ضد الرفع. والخفض: الدعة والسير اللين وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ فهو حث على تليين الجانب والانقياد كأنه ضد قوله: أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وفى صفة القيامة خافِضَةٌ رافِعَةٌ أي تضع قوما وترفع آخرين فخافضة إشارة إلى قوله: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ.

(خفى) : خفى الشيء خفية استتر، قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً والخفاء ما يستر به كالغطاء، وخفيته أزلت خفاه وذلك إذا أظهرته، وأخفيته أوليته خفاء وذلك إذا سترته ويقابل به الإبداء والإعلان، قال تعالى:

إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وقال تعالى: وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ- بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ والاستخفاء طلب الإخفاء ومنه قوله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ والخوافي جمع خافية، وهى ما دون القوادم من الريش.

(خل) : الخلل فرجة بين الشيئين وجمعه خلال كخلل الدار والسحاب والرماد وغيرها، قال تعالى فى صفة السحاب: فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ- فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قال الشاعر:

أرى خلل الرماد وميض جمر

وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ أي سعوا وسطكم بالنميمة والفساد. والخلال لما تخلل به الأسنان وغيرها، يقال خل سنه وخل ثوبه بالخلال يخله، ولسان الفصيل بالخلال ليمنعه من الرضاع والرمية بالسهم،

وفى الحديث: «خللوا أصابعكم»

والخلل فى الأمر كالوهن فيه تشبيها بالفرجة الواقعة بين الشيئين، وخل لحمه يخل خلا وخلالا صار فيه خلل وذلك بالهزال، قال:

إن جسمى بعد خالى لخل

والخلة الطريق فى الرمل لتخلل الوعورة أي الصعوبة إياه أو لكون الطريق متخللا وسطه، والخلة أيضا الخمر الحامضة لتخلل الحموضة إياها. والخلة ما يغطى به جفن السيف لكونه فى خلالها، والخلة الاختلال العارض للنفس إما لشهوتها لشىء أو لحاجتها إليه، ولهذا فسر الخلة بالحاجة والخصلة، والخلة المودة إما لأنها تتخلل النفس أي تتوسطها، وإما لأنها تخل النفس فتؤثر تأثير السهم فى الرمية، وإما لفرط الحاجة إليها، يقال منه خاللته مخالة وخلالا فهو خليل، وقوله تعالى:

وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا قيل سماه بذلك لافتقاره إليه سبحانه فى كل حال،

ص: 172

الافتقار المعنى بقوله: إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وعلى هذا الوجه قيل:

اللهم أغننى بالافتقار إليك ولا تفقرنى بالاستغناء عنك. وقيل بل من الخلة واستعمالها فيه كاستعمال المحبة فيه، قال أبو القاسم البلخي: هو من الخلة لا من الخلة، قال: ومن قاسه بالحبيب فقد أخطأ لأن اللَّه يجوز أن يجد عبده فإن المحبة منه الثناء ولا يجوز أن يخاله، وهذا منه اشتباه فإن الخلة من تخلل الود نفسه ومخالطته كقوله:

قد تخللت مسلك الروح منى

وبه سمى الخليل خليلا

ولهذا يقال تمازج روحانا. والمحبة البلوغ بالود إلى حبة القلب من قولهم حببته إذا أصبت حبة قلبه، لكن إذا استعملت المحبة فى اللَّه فالمراد بها مجرد الإحسان وكذا الخلة، فإن جاز فى أحد اللفظين جاز فى الآخر فأما أن يراد بالحب حبة القلب، والخلة التخلل فحاشا له سبحانه أن يراد فيه ذلك. وقوله تعالى: لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ أي لا يمكن فى القيامة ابتياع حسنة ولا استجلابها بمودة وذلك إشارة إلى قوله سبحانه: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وقوله: لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ فقد قيل هو مصدر من خاللت وقيل هو جمع، يقال خليل وأخلة وخلال والمعنى كالأول.

(خلد) : الخلود هو تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم للأثاقى خوالد، وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها. يقال خلد يخلد خلودا، قال تعالى: لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ والخلد اسم للجزء الذي يبقى من الإنسان على حالته فلا يستحيل مادام الإنسان حيا استحالة سائر أجزائه، وأصل المخلد الذي يبقى مدة طويلة ومنه قيل رجل مخلد لمن أبطأ عنه الشيب، ودابة مخلدة هى التي تبقى حتى تخرج رباعيتها، ثم استعير للمبقى دائما. والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي علهيا من غير اعتراض الفساد عليها، قال تعالى: أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ- أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ- وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وقوله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ قيل مبقون بحالتهم لا يعتريهم استحالة، وقيل مقرطون بخلدة، والخالدة ضرب من القرطة، وإخلاد الشيء جعله مبقى والحكم عليه بكونه مبقى، وعلى هذا قوله سبحانه: وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ أي ركن إليها ظانا أنه يخلد فيها.

ص: 173

(خلص) : الخالص كالصافى إلا أن الخالص هو مازال عنه شوبه بعد أن كان فيه، والصافي قد يقال لما لا شوب فيه، ويقال خلصته فخلص، ولذلك قال الشاعر:

خلاص الخمر من نسج الفدام

قال تعالى: وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ويقال هذا خالص وخالصة نحو داهية ورواية، وقوله تعالى: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا أي انفردوا خالصين عن غيرهم. وقوله: وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ- إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ فإخلاص المسلمين أنهم قد تبرءوا مما يدعيه اليهود من التشبيه والنصارى من التثليث، قال تعالى: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وقال: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وقال: وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ وهو كالأول وقال: إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا فحقيقة الإخلاص التبري عن كل ما دون اللَّه تعالى.

(خلط) : الخلط هو الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعدا سواء كانا مائعين أو جامدين أو أحدهما مائعا والآخر جامدا وهو أعم من المزج، ويقال: اختلط الشيء، قال تعالى: فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ ويقال للصديق والمجاور والشريك خليط، والخليطان فى الفقه من ذلك قال تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ويقال الخليط للواحد والجمع، قال الشاعر:

بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا

وقال: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً أي يتعاطون هذا مرة وذاك مرة، ويقال أخلط فلان فى كلامه إذا صار ذا تخليط، وأخلط الفرس فى جريه كذلك وهو كناية عن تقصيره فيه.

(خلع) : الخلع خلع الإنسان ثوبه والفرس جله وعذاره، قال تعالى:

فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ قيل هو على الظاهر وأمره بخلع ذلك عن رجله لكونه من جلد حمار ميت، وقال بعض الصوفية: هذا مثل وهو أمر بالإقامة والتمكن كقولك لمن رمت أن يتمكن انزع ثوبك وخفك ونحو ذلك، وإذا قيل خلع فلان على فلان فمعناه أعطاه ثوبا، واستفيد معنى العطاء من هذه اللفظة بأن وصل به على فلان بمجرد الخلع.

ص: 174

(خلف) : خلف ضد القدام، قال تعالى: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وقال تعالى: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وقال تعالى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وخلف ضد تقدم وسلف، والمتأخر لقصور منزلته، يقال هل خلف ولهذا قيل الخلف الرديء والمتأخر لا لقصور منزلته يقال له خلف، قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وقيل: سكت ألفا ونطق خلفا. أي رديئا من الكلام، وقيل للاست إذا ظهر منه حبقة خلفة، ولمن فسد كلامه أو كان فاسدا فى نفسه يقال تخلف فلان فلانا إذ تأخر عنه وإذا جاء خلف آخر وإذا قام مقامه ومصدره الخلافة، وخلف خلافة بفتح الحاء فسد فهو خالف أي ردىء أحمق، ويعبر عن الرديء بخلف نحو: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ، ويقال لمن خلف آخر فسد مسده خلف والخلفة يقال فى أن يخلف كل واحد الآخر، قال تعالى:

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً وقيل أمرهم خلفة، أي يأتى بعضه خلف بعض كما قال الشاعر:

بها العين والآرام يمشين خلفة

وأصابته خلفة كناية عن البطنة وكثرة المشي وخلف فلان فلانا قام بالأمر عنه إما معه وإما بعده، قال تعالى: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ والخلافة النيابة عن الغير إما لغيبة المنوب عنه وإما لموته وإما لعجزه وإما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الأخير استخلف اللَّه أولياءه فى الأرض، قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ- وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وقال: وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ والخلائف جمع خليفة، وخلفاء جمع خليف، قال تعالى: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ- وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ- جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ والاختلاف والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر فى حاله، أو قوله، والخلاف أعم من الضد لأن كل ضدين مختلفان وليس كل مختلفين ضدين، ولما كان الاختلاف بين الناس فى القول قد يقتضى التنازع استعير ذلك للمنازعة والمجادلة، قال:

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ- وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ- وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ- عَمَّ يَتَساءَلُونَ- عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ- الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ- إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ وقال: مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ وقال: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وقال: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ

ص: 175

بِإِذْنِهِ

- وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا- لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وقال فى القيامة: وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وقال: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وقوله تعالى:

وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ قيل معناه خلفوا نحو: كسب واكتسب، وقيل أوتوا فيه بشىء خلاف ما أنزل اللَّه، وقوله تعالى: لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ فمن الخلاف أو من الخلف وقوله تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ وقوله تعالى: فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وقوله تعالى:

إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أي فى مجىء كل واحد منهما خلف الآخر وتعاقبهما، والخلف المخالفة فى الوعد، يقال وعدني فأخلفنى أي خالف فى الميعاد بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وقال: إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ وقال:

فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي- قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وأخلفت فلانا وجدته مخلفا، والإخلاف أن يسقى واحد بعد آخر، وأخلف الشجر إذا اخضر بعد سقوط ورقه، وأخلف اللَّه عليك يقال لمن ذهب ماله أي أعطاك خلفا وخلف اللَّه عليك أي كان لك منه خليفة، وقوله: لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ بعدك، وقرىء خِلافَكَ أي مخالفة لك، وقوله: أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أي إحداهما من جانب والأخرى من جانب آخر. وخلفته تركته خلفى، قال: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ أي مخالفين وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا- قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ والخالف المتأخر لنقصان أو قصور كالمتخلف قال: فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ والخالفة عمود الخيمة المتأخر، ويكنى بها عن المرأة لتخلفها عن المرتحلين وجمعها خوالف، قال: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ووجدت الحي خلوفا أي تخلفت نساؤهم عن رجالهم، والخلف حد الفأس الذي يكون إلى جهة الخلف وما تخلف من الأضلاع إلى ما يلى البطن، والخلاف شجر كأنه سمى بذلك لأنه يخلف فيما يظن به أو لأنه يخلف مخبره منظره، ويقال للجمل بعد بزوله مخلف عام ومخلف عامين. وقال عمر رضى اللَّه عنه: لولا الخليفى لأذنت.

أي الخلافة وهو مصدر خلف.

(خلق) : الخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء قال تعالى: خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي أبدعهما بدلالة قوله:

بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ويستعمل فى إيجاد الشيء من الشيء نحو:

ص: 176

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ- خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ- خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ- وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ- خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ وليس الخلق الذي هو الإبداع إلا اللَّه تعالى ولهذا قال فى الفصل بينه تعالى وبين غيره أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وأما الذي يكون بالاستحالة فقد جعله اللَّه تعالى لغيره فى بعض الأحوال كعيسى حيث قال: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي والخلق لا يستعمل فى كافة الناس إلا على وجهين: أحدهما فى معنى التقدير كقول الشاعر:

فلأنت تفرى ما خلقت وبع

ض القوم يخلق ثم لا يفرى

والثاني فى الكذب نحو قوله: وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إن قيل قوله تعالى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ يدل على أنه يصح أن يوصف غيره بالخلق، قيل إن ذلك معناه أحسن المقدرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أن غير اللَّه يبدع، فكأنه قيل فاحسب أن هاهنا مبدعين وموجدين فاللَّه أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال: خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ- وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ فقد قيل إشارة إلى ما يشوهونه من الخلقة بالخصاء ونتف اللحية وما يجرى مجراه، وقيل معناه يغيرون حكمه وقوله: لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ فإشارة إلى ما قدره وقضاه وقيل معنى لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ نهى أي لا تغيروا خلقه اللَّه وقوله: وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ فكناية عن فروج النساء.

وكل موضع استعمل فى الخلق فى وصف الكلام فالمراد به الكذب ومن هذا الوجه امتنع كثير من الناس من إطلاق لفظ الخلق على القرآن وعلى هذا قوله تعالى:

إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ وقوله: ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ والخلق يقال فى معنى المخلوق. والخلق والخلق فى الأصل واحد كالشرب والشرب، والصّرم والصّرم لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. قال تعالى:

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ وقرىء: إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ والخلاق ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه قال تعالى: وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وفلان خليق بكذا، أي كأنه مخلوق فيه ذلك كقولك مجبول على كذا أو مدعو إليه من جهة الخلق. وخلق الثوب وأخلق وثوب خلق ومخلق وأخلاق نحو جبل أرمام وأرمات، وتصور من خلوقة الثوب الملامسة فقيل جبل أخلق وصخرة خلقاء وخلقت الثوب ملسته، واخلولق السحاب منه أو من قولهم هو خليق بكذا، والخلوق ضرب من الطيب.

ص: 177

(خلا) : الخلاء المكان الذي لا ساتر فيه من بناء ومساكن وغيرهما، والخلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضي فسر أهل اللغة خلا الزمان بقولهم مضى الزمان وذهب، قال تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ- وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ- تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ- وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ وقوله: يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ أي تحصل لكم مودة أبيكم وإقباله عليكم. وخلا الإنسان صار خاليا، وخلا فلان بفلان صار معه فى خلاء، وخلا إليه انتهى إليه فى خلوة، قال تعالى: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ، وخليت فلانا تركته فى خلاء ثم يقال لكل ترك تخلية نحو: فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ وناقة خلية مخلاة عن الحلب وامرأة خلية مخلاة عن الزوج. وقيل للسفينة المتروكة بلا ربان خلية. والخلى من خلاه الهم نحو المطلقة فى قول الشاعر:

مطلقة طورا وطورا تراجع

والخلاء الحشيش المتروك حتى يبس ويقال خليت الخلاء جززته وخليت الدابة جززت لها ومنه استعير سيف يختلى به أي يقطع ما يضرب به قطعه للخلاء.

(خمد) : قوله تعالى: جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ كناية عن موتهم من قولهم خمدت النار خمودا طفن لهبها ومنه استعير خمدت الحمى، سكنت، وقوله تعالى: فَإِذا هُمْ خامِدُونَ.

(خمر) : أصل الخمر ستر الشيء ويقال لما يستر به خمار لكن الخمار صار فى التعارف اسما لما تغطى به المرأة رأسها، وجمعه خمر، قال تعالى:

وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ، واختمرت المرأة وتخمرت وخمرت الإناء غطيته،

وروى «خمروا آنيتكم»

، وأخمرت العجين جعلت فيه الخمير، والخميرة سميت لكونها مخمورة من قبل. ودخل فى خمار الناس أي فى جماعتهم الساترة له، والخمر سميت لكونها خامرة لمقر العقل، وهو عند بعض الناس اسم لكل مسكر. وعند بعضهم اسم للمتخذ من العنب والتمر لما

روى عنه صلى الله عليه وسلم: «الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة

ومنهم من جعلها اسم لغير المطبوخ، ثم كمية الطبخ التي تسقط عنه اسم الخمر مختلف فيها، والخمار الداء العارض من الخمر وجعل بناؤه بناء الأدواء كالزكام والسعال، وخمرة الطيب ريحه. وخامره وخمره خالطه ولزمه ومنه استعير: خامرى أم عامر.

ص: 178

(خمس) : أصل الخمس فى العدد، قال تعالى: وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ وقال: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً والخميس ثوب طوله خمس أذرع، ورمح مخموس كذلك، والخمس من أظماء الإبل، وخمست القوم أخمسهم أخذت خمس أموالهم، وخمستهم أخمسهم كنت لهم خامسا والخميس فى الأيام معلوم.

(خمص) : قوله تعالى: فِي مَخْمَصَةٍ أي مجاعة تورث خمص البطن أي ضموره، يقال رجل خامص أي ضامر، وأخمص القدم باطنها وذلك لضمورها.

(خمط) : الخمط شجر لا شوك له، قيل هو شجر الأراك، والخمطة الخمر إذا حمضت، وتخمط إذا غضب يقال تخمط الفحل هدر.

(خنزير) : قوله تعالى: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ قيل عنى الحيوان المخصوص، وقيل عنى من أخلاقه وأفعاله مشابهة لأخلاقها لا من خلقته خلقتها والأمران مرادان بالآية، فقد روى أن قوما مسخوا خلقة وكذا أيضا فى الناس قوم إذا اعتبرت أخلاقهم وجدوا كالقردة والخنازير وإن كانت صورهم صور الناس.

(خنس) : قوله تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ أي الشيطان الذي يخنس أي ينقبض إذا ذكر اللَّه تعالى، وقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ أي بالكواكب التي تخنس بالنهار وقيل الخنس هى زحل والمشترى والمريخ لأنها تخنس فى مجراها أي ترجع، وأخنست عنه حقه أخرته.

(خنق) : قوله تعالى: وَالْمُنْخَنِقَةُ أي التي خنقت حتى ماتت، والمخنقة القلادة.

(خاب) : الخيبة فوت الطلب قال: وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ- وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى - وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها.

(خير) : الخير ما يرغب فيه الكل كالعقل مثلا والعدل والفضل والشيء النافع، وضده الشر قيل والخير ضربان: خير مطلق وهو أن يكون مرغوبا فيه

ص: 179

بكل حال وعند كل أحد كما وصف عليه السلام به الجنة

فقال: «لا خير بخير بعده النار، ولا شر بشر بعده الجنة»

وخير وشر مقيدان وهو أن يكون خيرا لواحد شرا لآخر كالمال الذي ربما يكون خيرا لزيد وشرا لعمرو، ولذلك وصفه اللَّه تعالى بالأمرين فقال فى موضع إِنْ تَرَكَ خَيْراً وقال فى موضع آخر:

أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ وقوله تعالى:

إِنْ تَرَكَ خَيْراً أي مالا. وقال بعض العلماء لا يقال للمال خير حتى يكون كثيرا ومن مكان طيب كما

روى أن عليا رضى اللَّه عنه دخل على مولى له فقال:

ألا أوصى يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، لأن اللَّه تعالى قال: إِنْ تَرَكَ خَيْراً وليس لك مال كثير

وعلى هذا قوله: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ أي المال الكثير. وقال بعض العلماء: إنما سمى المال هاهنا خيرا تنبيها على معنى لطيف وهو أن الذي يحسن الوصية به ما كان مجموعا من المال من وجه محمود وعلى هذا قوله: قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وقال: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وقوله: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً قيل عنى به مالا من جهتهم، وقيل إن علمتم أن عتقهم يعود عليكم وعليهم بنفع أي ثواب. والخير والشر يقالان على وجهين، أحدهما: أن يكون اسمين كما تقدم وهو قوله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ والثاني: أن يكونا وصفين وتقديرهما تقدير أفعل منه نحو هذا خير من ذاك وأفضل وقوله: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها وقوله: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ فخير هاهنا يصح أن يكون اسما وأن يكون بمعنى أفعل ومنه قوله: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى تقديره تقدير أفعل منه. فالخير يقابل به الشر مرة والضر مرة نحو قوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقوله: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ قيل أصله خيرات فخفف، فالخيرات من النساء الخيرات، يقال رجل خير وامرأة خيرة وهذا خير الرجال وهذه خيرة النساء، والمراد بذلك المختارات أي فيهن مختارات لا رذل فيهن. والخير الفاضل المختص بالخير، يقال ناقة خيار وجمل خيار، واستخار اللَّه العبد فخار له أي طلب منه الخير فأولاه، وخايرت فلانا كذا فخرته، والخيرة الحالة التي تحصل للمستخير والمختار نحو القعدة والجلسة لحال القاعد والجالس. والاختيار طلب ما هو خير وفعله، وقد يقال لما يراه الإنسان خيرا وإن لم يكن خيرا، وقوله: وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ يصح أن يكون إشارة إلى إيجاده تعالى إياهم خيرا، وأن يكون إشارة إلى تقديمهم على غيرهم. والمختار فى عرف المتكلمين يقال لكل فعل يفعله الإنسان

ص: 180

لا على سبيل الإكراه، فقولهم هو مختار فى كذا، فليس يريدون به ما يراد بقولهم فلان له اختيار فإن الاختيار أخذ ما يراه خيرا، والمختار قد يقال للفاعل والمفعول.

(خوار) : قوله تعالى: عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ الخوار مختص بالبقر وقد يستعار للبعير، ويقال أرض خوارة ورمح خوار أي فيه خور. والخوران يقال لمجرى الروث وصوت البهائم.

(خوض) : الخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه، ويستعار فى الأمور وأكثر ما ورد فى القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه نحو قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ وقوله: وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا- ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ- وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ وتقول أخضت دابتى فى الماء، وتخاضوا فى الحديث تفاوضوا.

(خيط) : الخيط معروف وجمعه خيوط وقد خطت الثوب أخيطه خياطة، وخيطته تخييطا. والخياط الإبرة التي يخاط بها، قال تعالى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ- حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ أي بياض النهار من سواد الليل، والخيطة فى قول الشاعر:

تدلى عليها بين سب وخيطة فهى مستعارة للحبل أو الوتد.

وروى «أن عدى بن حاتم عمد إلى عقالين أبيض وأسود فجعل ينظر إليهما ويأكل إلى أن يتبين أحدهما من الآخر، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك فقال: إنك لعريض القفا، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل. وخيط الشيب فى رأسه: بدا كالخيط، والخيط النعام، وجمعه خيطان، ونعامة خيطاء: طويلة العنق، كأنما عنقها خيط.

(خوف) : الخوف توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة، ويضاد الخوف: الأمن ويستعمل ذلك فى الأمور الدنيوية والأخروية. قال تعالى: وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ وقال: وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وقال تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وقال: إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا، وقوله: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فقد فسر ذلك بعرفتم، وحقيقته وإن وقع لكم خوف من ذلك

ص: 181

لمعرفتكم. والخوف من اللَّه لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد، بل إنما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات، ولذلك قيل لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا. والتخويف من اللَّه تعالى هو الحث على التحرز وعلى ذلك قوله تعالى: ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ ونهى اللَّه تعالى عن مخافة الشيطان والمبالاة بتخويفه فقال: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي فلا تأتمروا للشيطان وائتمروا للَّه ويقال تخوفناهم أي تنقضناهم تنقصا اقتضاه الخوف منه. وقوله تعالى:

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي فخوفه منهم أن لا يراعوا الشريعة ولا يحفظوا نظام الدين، لا أن يرثوا ماله كما ظنه بعض الجهلة فالقنيات الدنيوية أخس عند الأنبياء عليهم السلام من أن يشفقوا عليها. والخيفة الحالة التي عليها الإنسان من الخوف، قال تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لا تَخَفْ واستعمل استعمال الخوف فى قوله: وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وقوله: تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي كخوفكم وتخصيص لفظ الخيفة تنبيها أن الخوف منهم حالة لازمة لا تفارقهم والتخوف ظهور الخوف من الإنسان، قال: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ.

(خيل) : الخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة فى المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي، ثم تستعمل فى صورة كل أمر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخيال، والتخييل تصوير خيال الشيء فى النفس والتخيل تصور ذلك، وخلت بمعنى ظننت يقال اعتبارا بتصور خيال المظنون.

ويقال خيلت السماء: أبدت خيالا للمطر، وفلان مخيل بكذا أي خليق وحقيقته أنه مظهر خيال ذلك. والخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لما قيل إنه لا يركب أحد فرسا إلا وجد فى نفسه نخوة، والخيل فى الأصم اسم للأفراس والفرسان جميعا وعلى ذلك قوله تعالى: وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ويستعمل فى كل واحد منهما منفردا نحو ما

روى: يا خيل اللَّه اركبي

، فهذا للفرسان،

وقوله عليه السلام: «عفوت لكم عن صدقة الخيل»

يعنى الأفراس. والأخيل: الشقراق لكونه متلونا فيختال فى كل وقت أن له لونا غير اللون الأول ولذلك قيل:

كادت براقش كل لون لونه يتخيل

ص: 182

(خول) : قوله تعالى: وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ أي ما أعطيناكم، والتخويل فى الأصل إعطاء الخول، وقيل إعطاء ما يصير له خولا، وقيل إعطاء ما يحتاج أن يتعهده، من قولهم فلان خال مال وخايل مال أي حسن القيام به. والخال ثوب يعلق فيخيل للوحوش، والخال فى الجسد شامة فيه.

(خون) : الخيانة والنفاق واحد إلا أن الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، والنفاق يقال اعتبارا بالدين، ثم يتداخلان، فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر. ونقيض الخيانة: الأمانة، يقال خنت فلانا وخنت أمانة فلان وعلى ذلك قوله: لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وقوله تعالى:

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما وقوله: وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ أي على جماعة خائنة منهم. وقيل على رجل خائن، يقال رجل خائن وخائنة نحو راوية وداهية وقيل خائنة موضوعة موضع المصدر نحو قم قائما وقوله: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ على ما تقدم وقال تعالى: وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وقوله: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ والاختيان مراودة الخيانة، ولم يقل تخونون أنفسكم لأنه لم تكن منهم الخيانة بل كان منهم الاختيان، فإن الاختيان تحرك شهوة الإنسان لتحرى الخيانة وذلك هو المشار إليه بقوله تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ.

(خوى) :. صل الخواء الخلاء، يقال خوى بطنه من الطعام يخوى خوى، وخوى الجوز خوى تشبيها به، وخوت الدار، تخوى خواء، وخوى النجم وأخوى إذا لم يكن منه عند سقوطه مطر، تشبيها بذلك، وأخوى أبلغ من خوى، كما أن أسقى أبلغ من سقى. والتخوية: ترك ما بين الشيئين خاليا.

ص: 183