الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصاد
(صبب) : صب الماء إراقته من أعلى، يقال به فانصب وصببته فتصبب. قال تعالى: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا- فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ- يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ وصبا إلى كذا صبابة مالت نفسه نحوه محبة له، وخص اسم الفاعل منه بالصب فقيل فلان صب بكذا، والصبة كالصرمة، والصيب المصبوب من المطر ومن عصارة الشيء ومن الدم، والصبابة والصبة البقية التي من شأنها أن تصب، وتصاببت الإناء شربت صبابته، وتصبصب ذهبت صبابته.
(صبح) : الصبح والصباح أول النهار وهو وقت ما احمر الأفق بحاجب الشمس، قال: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ- فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ والتصبح النوم بالغداة، والصبوح شرب الصباح يقال صبحته سقيته صبوحا والصبحان المصطبح والمصباح ما يسقى منه ومن الإبل ما يبرك فلا ينهض حتى يصبح وما يجعل فيه المصباح، قال: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ويقال للسراج مصباح والمصباح نفس السراج والمصابيح أعلام الكواكب، قال: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وصبحتهم ماء كذا أتيتهم به صباحا، والصبح شدة حمرة فى الشعر تشبيها بالصبح والصباح، وقيل صبح فلان أي وضؤ.
(صبر) : الصبر الإمساك فى ضيق، يقال صبرت الدابة حبستها بلا علف وصبرت فلانا خلفته خلفة لا خروج له منها والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه، فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمى صبرا لا غير ويضاده الجزع، وإن كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن، وإن كان فى نائبة مضجرة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر، وإن كان فى إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده المذل، وقد سمى اللَّه تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله:
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ- وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له
وقال عليه السلام: «صيام
شهر الصبر وثلاثة أيام فى كل شهر يذهب وحر الصدر»
وقوله: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ قال أبو عبيدة: إن ذلك لغة بمعنى الجرأة واحتج بقول أعرابى قال لخصمه ما أصبرك على اللَّه وهذا تصور مجاز بصورة حقيقة لأن ذلك معناه ما أصبرك على عذاب اللَّه فى تقديرك إذا اجترأت على ارتكاب ذلك، وإلى هذا يعود قول من قال: ما أبقاهم على النار، وقول من قال ما أعملهم بعمل أهل النار، وذلك أنه قد يوصف بالصبر من لا صبر له فى الحقيقة اعتبارا بحال الناظر إليه، واستعمال التعجب فى مثله اعتبار بالخلق لا بالخالق، وقوله تعالى:
اصْبِرُوا وَصابِرُوا أي احبسوا أنفسكم على العبادة وجاهدوا أهواءكم وقوله:
وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ أي تحمل الصبر بجهدك، وقوله: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا أي بما تحملوا من الصبر فى الوصول إلى مرضاة اللَّه، وقوله:
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ معناه الأمر والحث على ذلك، والصبور القادر على الصبر والصبار يقال إذا كان فيه ضرب من التكلف والمجاهدة، قال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ويعبر عن الانتظار بالصبر لما كان حق الانتظار أن لا ينفك عن الصبر بل هو نوع من الصبر، قال: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ أي انتظر حكمه لك على الكافرين.
(صبغ) : الصبغ مصدر صبغت والصبغ المصبوغ وقوله: صِبْغَةَ اللَّهِ إشارة إلى ما أوجده اللَّه تعالى فى الناس من العقل المتميز به عن البهائم كالفطرة وكانت النصارى إذا ولد لهم ولد غمسوه بعد السابع فى ماء عمودية يزعمون أن ذلك صبغة فقال تعالى له ذلك وقال: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وقال: وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ أي أدم لهم، وذلك من قولهم: أصبغت بالخل.
(صبا) : الصبى من لم يبلغ الحلم، ورجل مصب ذو صبيان، قال تعالى: قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا وصبا فلان يصبو صبوا وصبوة إذا نزع واشتاق وفعل فعل الصبيان، قال: أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ وأصبانى فصبوت، والصبا الريح المستقبل للقبلة. وصابيت السيف أغمدته مقلوبا، وصابيت الرمح أملته وهيأته للطعن. والصابئون قوم كانوا على دين نوح وقيل لكل خارج من الدين إلى دين آخر صابىء من قولهم صبأ ناب
البعير إذا طلع، ومن قرأ صابين فقد قيل على تخفيف الهمز كقوله: لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ وقد قيل بل هو من قولهم صبا يصبو، قال: وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى. وقال أيضا: وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ.
(صحب) : الصاحب الملازم إنسانا كان أو حيوانا أو مكانا أو زمانا ولا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الأصل والأكثر أو بالعناية والهمة وعلى هذا قال:
لئن غبت عن عينى
…
لما غبت عن قلبى
ولا يقال فى العرف إلا لمن كثرت ملازمته، ويقال للمالك للشىء هو صاحبه وكذلك لمن يملك التصرف فيه، قال: إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ- قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ- أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ- وَأَصْحابِ مَدْيَنَ- أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ- أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ- مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ وأما قوله: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً أي الموكلين بها لا المعذبين بها كما تقدم. وقد يضاف الصاحب إلى مسوسه نحو صاحب الجيش وإلى سائسه نحو صاحب الأمير. والمصاحبة والاصطحاب أبلغ من الاجتماع لأجل أن المصاحبة تقتضى طول لبثه فكل اصطحاب اجتماع وليس كل اجتماع اصطحابا، وقوله: وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ وقوله:
ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ وقد سمى النبي عليه السلام صاحبهم تنبيها أنكم صحبتموه وجربتموه وعرفتموه ظاهره وباطنه ولم تجدوا به خبلا وجنة، وكذلك قوله: وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ والأصحاب للشىء الانقياد له وأصله أن يصير له صاحبا، ويقال أصحب فلان إذا كبر ابنه فصار صاحبه، وأصحب فلان فلانا جعل صاحبا له، قال: وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ أي لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفيق ونحو ذلك مما يصحبه أولياءه، وأديم مصحب أصحب الشعر الذي عليه ولم يجز عنه.
(صحف) : الصحيفة المبسوط من الشيء كصحيفة الوجه والصحيفة التي يكتب فيها وجمعها صحائف وصحف، قال: صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ قيل أريد بها القرآن وجعله صحفا فيها كتب من أجل تضمنه لزيادة ما فى كتب اللَّه المتقدمة. والمصحف ما جعل جامعا
للصحف المكتوبة وجمعه مصاحف، والتصحيف قراءة المصحف وروايته على غير ما هو لاشتباه حروفه، والصحفة مثل قصعة عريضة.
(صخ) : الصاخة شدة صوت ذى المنطق، يقال صخ يصخ صخّا فهو صاخ، قال: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ وهى عبارة عن القيامة حسب المشار إليه بقوله: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وقد قلب عنه أصاخ يصيخ.
(صخر) : الصخر الحجر الصلب، قال: فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ وقال: وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ.
(صدد) : الصدود والصد قد يكون انصرافا عن الشيء وامتناعا نحو:
يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً وقد يكون صرفا ومنعا نحو: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ- الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ- وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ- قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ- وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ إلى غير ذلك من الآيات. وقيل صد يصد صدودا وصد يصد صدّا، والصد من الجبل ما يحول، والصديد ما حال بين اللحم والجلد من القيح وضرب مثلا لمطعم أهل النار، قال: وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ.
(صدر) : الصدر الجارحه، قال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وجمعه صدور، قال: وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ- وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ثم استعير لمقدم الشيء كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام، وصدره أصاب صدره أو قصد قصده نحو ظهره وكتفه ومنه قيل رجل مصدور يشكو صدره، وإذا عدى صدر بعن اقتضى الانصراف تقول صدرت الإبل عن الماء صدرا، وقيل الصدر، قال: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً والمصدر فى الحقيقة صدر عن الماء ولموضع المصدر ولزمانه، وقد يقال فى تعارف النحويين للفظ الذي روعى فيه صدور الفعل الماضي والمستقبل عنه.
والصدار ثوب يغطى به الصدر على بناء دثار ولباس ويقال له: الصدرة، ويقال ذلك لسمة على صدر البعير. وصدر الفرس جاء سابقا بصدره، قال بعض الحكماء: حيثما ذكر اللَّه تعالى القلب، فإشارة إلى العقل والعلم نحو: إِنَّ فِي
ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ
وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب ونحوها وقوله: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي فسؤال لإصلاح قواه، وكذلك قوله: وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ إشارة إلى اشتفائهم، وقوله: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ أي العقول التي هى مندرسة فيما بين سائر القوى وليست بمهتدية، واللَّه أعلم بذلك.
(صدع) : الصدع الشق فى الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما، يقال صدعته فانصدع وصدعته فتصدع، قال: يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ وعنه استعير صدع الأمر أي فصله، قال: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وكذا استعير منه الصداع وهو شبه الاشتقاق فى الرأس من الوجع، قال:
لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ ومنه الصديع للفجر وصدعت الفلاة قطعتها، وتصدع القوم أي تفرقوا.
(صدف) : صدف عنه أعرض إعراضا شديدا يجرى مجرى الصدف أي الميل فى أرجل البعير أو فى الصلابة كصدف الجبل أي جانبه، أو الصدف الذي يخرج من البحر، قال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها- سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ الآية إلى بِما كانُوا يَصْدِفُونَ.
(صدق) : الصدق والكذب أصلهما فى القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره، ولا يكونان بالقصد الأول إلا فى القول، ولا يكونان فى القول إلا فى الخبر دون غيره من أصناف الكلام، ولذلك قال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا- وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً- إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وقد يكونان بالعرض فى غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والأمر والدعاء، وذلك نحو قول القائل أزيد فى الدار؟ فإن فى ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال زيد، وكذا إذا قال واسني فى ضمنه أنه محتاج إلى المواساة، وإذا قال لا تؤذ ففى ضمنه أنه يؤذيه والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معا ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا تاما بل إما أن لا يوصف بالصدق وإما أن يوصف تارة بالصدق وتارة بالكذب على نظرين مختلفين كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد: محمد رسول اللَّه، فإن هذا يصح أن يقال صدق لكون المخبر عنه كذلك، ويصح أن يقال
كذب لمخالفة قوله ضميره، وبالوجه الثاني إكذاب اللَّه تعالى المنافقين حيث قالوا:
نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ الآية، والصديق من كثر منه الصدق، وقيل بل يقال لمن لا يكذب قط، وقيل بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق، وقيل بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله، قال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وقال: وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ وقال: مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ فالصديقون هم قوم دوين الأنبياء فى الفضيلة على ما بينت فى الذريعة إلى مكارم الشريعة. وقد يستعمل الصدق والكذب فى كل ما يحق ويحصل فى الاعتقاد نحو صدق ظنى وكذب، ويستعملان فى أفعال الجوارح، فيقال صدق فى القتال إذا وفى حقه وفعل ما يجب وكما يجب، وكذب فى القتال إذا كان بخلاف ذلك، قال: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم، وقوله: لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ أي يسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها أنه لا يكفى الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل، وقوله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ فهذا صدق بالفعل وهو التحقق أي حقق رؤيته، وعلى ذلك قوله:
وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أي حقق ما أورده قولا بما تحراه فعلا ويعبر عن كل فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصدق فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به نحو قوله: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ وعلى هذا: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ وقوله: أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ- وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فإن ذلك سؤال أن يجعله اللَّه تعالى صالحا بحيث إذا أثنى عليه من بعده لم يكن ذلك الثناء كذبا بل يكون كما قال الشاعر:
إذا نحن أثنينا عليك بصالح
…
فأنت الذي نثنى وفوق الذي نثنى
وصدق قد يتعدى إلى مفعولين نحو: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ وصدقت فلانا نسبته إلى الصدق وأصدقته وجدته صادقا، وقيل هما واحد ويقالان فيهما جميعا قال: وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ- وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ ويستعمل التصديق فى كل ما فيه تحقيق، يقال صدقنى فعله وكتابه، قال: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ- نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ- وَهذا كِتابٌ
مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا
أي مصدق ما تقدم وقوله: لسانا منتصب على الحال وفى المثل: صدقنى سن بكره. والصداقة صدق الاعتقاد فى المودة وذلك مختص بالإنسان دون غيره قال: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ وذلك إشارة إلى نحو قوله: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، والصدقة ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة فى الأصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبها الصدق فى فعله قال: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً وقال: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ يقال صدق وتصدق قال: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى- إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ- إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ فى آي كثيرة. ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقه تصدق به نحو قوله: وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ أي من تجافى عنه، وقوله: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ- وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ فإنه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصدقة.
وعلى هذا ما
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تأكله العافية فهو صدقة» .
وعلى هذا قوله: وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فسمى إعفاءه صدقة، وقوله:
فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً- أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فإنهم كانوا قد أمروا بأن يتصدق من يناجى الرسول بصدقة ما غير مقدرة. وقوله: رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ فمن الصدق أو من الصدقة. وصداق المرأة وصداقها وصدقتها ما تعطى من مهرها، وقد أصدقتها، قال: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً.
(صدى) : الصدى صوت يرجع إليك من كل مكان صقيل، والتصدية كل صوت يجرى مجرى الصدى فى أن لا غناء فيه، وقوله:
وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً أي غناء ما يوردونه غناء الصدى، ومكاء الطير والتصدي أن يقابل الشيء مقابلة الصدى أي الصوت الراجع من الجبل، قال: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى والصدى يقال لذكر البوم وللدماغ لكون الدماغ متصورا بصورة الصدى ولهذا يسمى هامة وقولهم أصم اللَّه صداه فدعاء عليه بالخرس، والمعنى لا جعل اللَّه له صوتا حتى لا يكون له صدى يرجع إليه بصوته، وقد يقال للعطش صدى يقال رجل صديان وامرأة صدياء وصادية.
(صر) : الإصرار التعقد فى الذنب والتشدد فيه والامتناع من الإقلاع عنه وأصله من الصر أي الشد، والصرة ما تعقد فيه الدراهم، والصرار خرقة تشد على أطباء الناقة لئلا ترضع، قال: ولم يصروا على ما فعلوا- ثم يصر مستكبرا- وأصبروا واستكبروا استكبارا- وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ والإصرار كل عزم شددت عليه، يقال هذا منى صرّى وأصرّى وصرّى وأصرّى وصرّى وصرّى أي جد وعزيمة، والصرورة من الرجال والنساء الذي لم يحج، والذي لا يريد التزوج، وقوله: رِيحاً صَرْصَراً لفظه من الصر، وذلك يرجع إلى الشد لما فى البرودة من التعقد، والصرة الجماعة المنضم بعضهم إلى بعض كأنهم صروا أي جمعوا فى وعاء، قال: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ وقيل: الصرة الصيحة.
(صرح) : الصرح بيت عال مزوق سمى بذلك اعتبارا بكونه صرحا عن الشوب أي خالصا، قال: رْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
-يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ
ولبن صريح بين الصراحة والصروحة وصريح الحق خلص عن محضه، وصرح فلان بما فى نفسه، وقيل عاد تعريضك تصريحا وجاء صراحا جهارا.
(صرف) : الصرف رد الشيء من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره، يقال صرفته فانصرف قال: ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ- أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وقوله: ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ فيجوز أن يكون دعاء عليهم، وأن يكون ذلك إشارة إلى ما فعله بهم وقوله: فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً أي لا يقدرون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب، أو أن يصرفوا أنفسهم عن النار. وقيل أن يصرفوا الأمر من حالة إلى حالة فى التغيير، ومنه قول العرب لا يقبل منه صرف ولا عدل، وقوله: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ أي أقبلنا بهم إليك وإلى الاستماع منك، والتصريف كالصرف إلا فى التكثير وأكثر ما يقال فى صرف الشيء من حالة إلى حالة ومن أمر إلى أمر وتصريف الرياح هو صرفها من حال إلى حال، قال: وَصَرَّفْنَا الْآياتِ- وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ ومنه تصريف الكلام وتصريف الدراهم وتصريف الناب، يقال لنا به صريف، والصريف اللبن إذا سكنت رغوته كأنه صرف عن الرغوة أو صرفت عنه الرغوة، ورجل صيرف وصيرفى وصراف وعنز صارف كأنها تصرف الفحل إلى
نفسها. والصرف صبغ أحمر خالص، وقيل لكل خالص عن غيره صرف كأنه صرف عنه ما يشوبه. والصرفان الرصاص كأنه صرف عن أن يبلغ منزلة الفضة.
(صرم) : الصرم القطيعة، والصريمة إحكام الأمر وإبرامه، والصريم قطعة منصرمة عن الرمل، قال: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ قيل أصبحت كالأشجار الصريمة أي المصروم حملها، وقيل كالليل يقال له الصريم أي صارت سوداء كالليل لاحتراقها، قال: إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ أي يجتنونها ويتناولونها فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ والصارم الماضي وناقة مصرومة كأنها قطع ثديها فلا يخرج لبنها حتى يقوى. وتصرمت السنة، وانصرم الشيء انقطع وأصرم ساءت حاله.
(صرط) : الصراط الطريق المستقيم، قال: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً ويقال له صراط وقد تقدم.
(صطر) : صطر وسطر واحد، قال: أم هم المسيطرون وهو مفعيل من السطر، والتسطير أي الكتابة أي هم الذين تولوا كتابة ما قدر لهم قبل أن خلق إشارة إلى قوله: إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وقوله: فِي إِمامٍ مُبِينٍ وقوله: لست عليهم بمسيطر أي متول أن تكتب عليهم وتثبت ما يتولونه، وسيطرت وبيطرت لا ثالث لهما فى الأبنية وقد تقدم ذلك فى السين.
(صرع) : الصرع الطرح، يقال صرعته صرعا والصرعة حالة المصروع والصراعة حرفة المصارع، ورجل صريع أي مصروع وقوم صرعى قال: فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى وهما صرعان كقولهم قرنان. والمصراعان من الأبواب وبه شبه المصراعان فى الشعر.
(صعد) : الصعود الذهاب فى المكان العالي، والصعود والحدور لمكان الصعود والانحدار وهما بالذات واحد وإنما يختلفان بحسب الاعتبار بمن يمر فيهما، فمتى كان المار صاعدا يقال لمكانه صعود، وإذا كان منحدرا يقال لمكانه حدور، والصعد والصعيد والصعود فى الأصل واحد لكن الصعود والصعد يقال للعقبة ويستعار لكل شاق، قال: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً
أي شاقا وقال: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً أي عقبة شاقة، والصعيد يقال لوجه الأرض قال: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً وقال: بعضهم الصعيد يقال للغبار الذي يصعد من الصعود، ولهذا لا بد للمتيمم أن يعلق بيده غبار، وقوله:
كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ أي يتصعد. وأما الإصعاد فقد قيل هو الإبعاد فى الأرض سواء كان ذلك فى صعود أو حدور وأصله من الصعود وهو الذهاب إلى الأمكنة المرتفعة كالخروج من البصرة إلى نجد وإلى الحجاز، ثم استعمل فى الإبعاد وإن لم يكن فيه اعتبار الصعود كقولهم: تعالى فإنه فى الأصل دعاء إلى العلو ثم صار أمرا بالمجيء سواء كان إلى أعلى أو إلى أسفل، قال: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وقيل لم يقصد بقوله: إِذْ تُصْعِدُونَ إلى الإبعاد فى الأرض وإنما أشار به إلى علوهم فيما تحروه وأتوه كقولك أبعدت فى كذا وارتقيت فيه كل مرتقى، وكأنه قال إذا بعدتم فى استشعار الخوف والاستمرار على الهزيمة. واستعير الصعود لما يصل من العبد إلى اللَّه كما استعير النزول لما يصل من اللَّه إلى العبد فقال سبحانه: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وقوله: يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً أي شاقا، يقال تصعدنى كذا أي شق على، قال عمر: ما تصعدنى أمر ما تصعدنى خطبة النكاح.
(صعر) : الصعر ميل فى العنق والتصعير إمالته عن النظر كبرا، قال:
وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وكل صعب يقال له مصعر والظليم أصعر خلقة.
(صعق) : الصاعقة والصاقعة يتقاربان وهما الهدة الكبيرة، إلا أن الصقع يقال فى الأجسام الأرضية، والصعق فى الأجسام العلوية. قال بعض أهل اللغة:
الصاعقة على ثلاثة أوجه: الموت كقوله: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وقوله: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ والعذاب كقوله: أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ والنار كقوله: وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وما ذكره فهو أشياء حاصلة من الصاعقة فإن الصاعقة هى الصوت الشديد من الجو، ثم يكون منه نار فقط أو عذاب أو موت، وهى فى ذاتها شىء واحد وهذه الأشياء تأثيرات منها.
(صغر) : الصغر والكبر من الأسماء المتضادة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض، فالشىء قد يكون صغيرا فى جنب الشيء وكبيرا فى جنب آخر.
وقد تقال تارة باعتبار الزمان فيقال فلان صغير وفلان كبير إذا كان ماله من السنين
أقل مما للآخر، وتارة تقال باعتبار الجثة، وتارة باعتبار القدر والمنزلة، وقوله:
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ وقوله: لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وقوله: وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ كل ذلك بالقدر والمنزلة من الخير والشر باعتبار بعضها ببعض: يقال صغر صغرا فى ضد الكبير، وصغر صغرا وصغارا فى الذلة، والصاغر الراضي بالمنزلة الدنية، حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ.
(صغا) : الصغو الميل، يقال صغت النجوم والشمس صغوا مالت للغروب، وصغيت الإناء وأصغيته وأصغيت إلى فلان ملت بسمعى نحوه قال:
وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وحكى صغوت إليه أصغو وأصغى صغوا وصغيا، وقيل صغيت أصغى وأصغيت أصغى. وصاغية الرجل الذين يميلون إليه وفلان مصغى إناؤه أي منقوص حظه وقد يكنى به عن الهلاك.
وعينه صغواء إلى كذا والصغى ميل فى الحنك والعين.
(صف) : الصف أن تجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك وقد يجعل فيما قاله أبو عبيدة بمعنى الصاف، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا- ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا يحتمل أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الصافين. وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ- وَالصَّافَّاتِ صَفًّا يعنى به الملائكة وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا- وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ- فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ أي مصطفة، وصففت كذا جعلته على صف، قال: عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وصففت اللحم قددته وألقيته صفا صفا، والصفيف اللحم المصفوف، والصفصف المستوي من الأرض كأنه على صف واحد، قال:
فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً والصفة من البنيان وصفة السرج تشبيها بها فى الهيئة، والصفوف ناقة تصف بين محلبين فصاعدا لغزارتها والتي تصف رجليها، والصفصاف شجر الخلاف.
(صفح) : صفح الشيء عرضه وجانبه كصفحة الوجه وصفحة السيف وصفحة الحجر. والصفح ترك التثريب وهو أبلغ من العفو ولذلك قال:
فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وقد يعفو الإنسان ولا يصفح قال:
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ- فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ- أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ
صَفْحاً
وصفحت عنه أوليته منى صفحة جميلة معرضا عن ذنبه، أو لقيت صفحته متجافيا عنه أو تجاوزت الصفحة التي أثبت فيها ذنبه من الكتاب إلى غيرها من قولك تصحفت الكتاب. وقوله: إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ فأمر له عليه السلام أن يخفف كفر من كفر كما قال: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ والمصافحة الإفصاء بصفحة اليد.
(صفد) : الصفد والصفاد الغل وجمعه أصفاد والأصفاد الأغلال، قال تعالى: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ والصفد العطية اعتبارا بما قيل أنا مغلول أياديك وأسير نعمتك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة عنهم فى ذلك.
(صفر) : الصفراء لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهى إلى السواد أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد، قال الحسن فى قوله: بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها أي سوداء وقال بعضهم لا يقال فى السواد فاقع وإنما يقال فيها حالكة، وقال: ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا- كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ قيل هى جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن، ومنه قيل للنحاس صفر وليبيس البهمى صفار، وقد يقال الصفير للصوت حكاية لما يسمع ومن هذا صفر الإناء إذا خلا حتى يسمع منه صغير لخلوه ثم صار متعارفا فى كل حال من الآنية وغيرها. وسمى خلو الجوف والعروق من الغذاء صفرا، ولما كانت تلك العروق الممتدة من الكبد إلى المعدة إذا لم تجد غذاء امتصت أجزاء المعدة اعتقدت جهلة العرب أن ذلك حية فى البطن تعض بعض الشراسف حتى نفى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال «لا صفر»
أي ليس فى البطن ما يعتقدون أنه فيه من الحية وعلى هذا قول الشاعر:
ولا يعض على شرسوقه الصفر
والشهر يسمى صفرا لخلو بيوتهم فيه من الزاد والصفرى من النتاج، ما يكون فى ذلك الوقت.
(صفن) : الصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما إلى بعض، يقال صفن الفرس قوائمه قال: الصَّافِناتُ الْجِيادُ وقرىء: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ والصافن عرق فى باطن الصلب يجمع نياط القلب، والصفن وعاء يجمع الخصية والصفن دلو مجموع بحلقة.
(صفو) : أصل الصفاء خلوص الشيء من الشوب ومنه الصفا للحجارة الصافية قال: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ وذلك اسم لموضع مخصوص، والاصطفاء تناول صفو الشيء كما أن الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته، واصطفاء اللَّه بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى إياه صافيا عن الشوب الموجود فى غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وإن لم يتعر ذلك من الأول، قال تعالى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ- إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ- اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ- وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ واصطفيت كذا على كذا أي اخترت أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ- وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى - ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا
والصفي والصفية ما يصطفيه الرئيس لنفسه، قال الشاعر:
ذلك؟؟؟ المرباع منها والصفايا وقد يقالان للناقة الكثيرة اللبن والنخلة الكثيرة الحمل، وأصفت الدجاجة إذا انقطع بيضها كأنها صفت منه، وأصفى الشاعر إذا انقطع شعره تشبيها بذلك من قولهم أصفى الحافر إذا بلغ صفا أي صخرا منعه من الحفر كقولهم أكدى وأحجر، والصفوان كالصفا الواحدة صفوانة، قال: صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ ويقال يوم صفوان صافى الشمس، شديد البرد.
(صلل) : أصل الصلصال تردد الصوت من الشيء اليابس ومنه قيل صل المسمار، وسمى الطين الجاف صلصالا، قال: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ- مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ والصلصلة بقية ماء سميت بذلك لحكاية صوت تحركه فى المزادة، وقيل الصلصال المنتن من الطين من قولهم صل اللحم، قال وكان أصله صلال فقلبت إحدى اللامين وقرىء (أئذا صللنا) أي أنتنا وتغيرنا من قولهم صل اللحم وأصل.
(صلب) : الصلب الشديد وباعتباره الصلابة والشدة سمى الظهر صلبا، قال: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ وقوله: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ تنبيه أن الولد جزء من الأب، وعلى نحوه نبه قول الشاعر:
وإنما أولادنا بيننا
…
أكبادنا تمشى على الأرض
وقال الشاعر:
فى صلب مثل العنان المؤدم
والصلب والاصطلاب استخراج الودك من العظم، والصلب الذي هو تعليق الإنسان للقتل، قيل هو شد صلبه على خشب، وقيل إنما هو من صلب الودك، قال: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ- وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ- وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ- أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا والصليب أصله الخشب الذي يصلب عليه، والصليب الذي يتقرب به النصارى هو لكونه على هيئة الخشب الذي زعموا أنه صلب عليه عيسى عليه السلام، وثوب مصلب أي إن عليه آثار الصليب، والصالب من الحمى ما يكسر الصلب أو ما يخرج الودك بالعرق، وصلبت السنان حددته، والصلبية حجارة المسن.
(صلح) : الصلاح ضد الفساد وهما مختصان فى أكثر الاستعمال بالأفعال وقوبل فى القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة، قال: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً- وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها- وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فى مواضع كثيرة والصلح يختص بإزالة النفار بين الناس يقال منه اصطلحوا وتصالحوا قال: أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً- وَالصُّلْحُ خَيْرٌ- وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا- فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما- فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وإصلاح اللَّه تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالإصلاح، قال: وَأَصْلَحَ بالَهُمْ- يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ- وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي- إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ أي المفسد يضاد اللَّه فى فعله فإنه يفسد واللَّه تعالى يتحرى فى جميع أفعاله الصلاح فهو إذا لا يصلح عمله، وصالح اسم للنبى عليه السلام قال: يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا.
(صلد) : قال تعالى: فَتَرَكَهُ صَلْداً أي حجرا صلبا وهو لا ينبت ومنه قيل رأس صلد لا ينبت شعرا وناقة صلود ومصلاد قليلة اللبن وفرس صلود لا يعرق، وصلد الزند لا يخرج ناره.
(صلا) : أصل الصلى لإيقاد النار، ويقال صلى بالنار وبكذا أي بلى بها واصطلى بها وصليت الشاة، وشويتها وهى مصلية، قال: اصْلَوْهَا الْيَوْمَ وقال: يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى - تَصْلى ناراً حامِيَةً- وَيَصْلى سَعِيراً- وَسَيَصْلَوْنَ
سَعِيراً
قرىء سيصلون بضم الياء وفتحها حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها- سَأُصْلِيهِ سَقَرَ- وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ وقوله: لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى فقد قيل معناه لا يصطلى بها إلا الأشقى الذي. قال الخليل: صلى الكافر النار قاسى حرها يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ وقيل صلى النار دخل فيها وأصلاها غيره قال: فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً- ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا قيل جمع صال، والصلاء يقال للوقود وللشواء. والصلاة قال كثير من أهل اللغة: هى الدعاة والتبرك والتمجيد، يقال صليت عليه أي دعوت له وزكيت،
وقال عليه السلام «إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب، وإن كان صائما فليصل»
أي ليدع لأهله وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ- يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وصلوات الرسول وصلاة اللَّه للمسلمين هو فى التحقيق تزكيته إياهم.
وقال: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ومن الملائكة هى الدعاء والاستغفار كما هى من الناس، وقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ والصلاة التي هى العبادة المخصوصة أصلها الدعاء وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشيء باسم بعض ما يتضمنه، والصلاة من العبادات التي لم تنفك شريعة منها وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع. ولذلك قال: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً وقال بعضهم: أصل الصلاة من الصلاء، قال ومعنى صلى الرجل أي إنه أزال عن نفسه بهذه العبادة الصلاء الذي هو نار اللَّه الموقدة. وبناء صلى كبناء مرض لإزالة المرض، ويسمى موضع العبادة الصلاة، ولذلك سميت الكنائس صلوات كقوله: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ وكل موضع مدح اللَّه تعالى بفعل الصلاة أو حث عليه ذكر بلفظ الإقامة نحو: وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ- وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ- وَأَقامُوا الصَّلاةَ ولم يقل المصلين إلا فى المنافقين نحو قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وإنما خص لفظ الإقامة تنبيها أن المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها، لا الإتيان بهيئتها فقط، ولهذا روى أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل وقوله: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أي من أتباع النبيين، وقوله: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى تنبيها أنه لم يكن ممن يصلى أي يأتى بهيئتها فضلا عمن يقيمها. وقوله: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً فتسمية صلاتهم مكاء وتصدية تنبيه على إبطال صلاتهم وأن فعلهم
ذلك لا اعتداد به بل هم فى ذلك كطيور تمكو وتصدى: وفائدة تكرار الصلاة فى قوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ إلى آخر القصة حيث قال: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ فإنا نذكره فيما بعد هذا الكتاب إن شاء اللَّه.
(صمم) : الصمم فقدان حاسة السمع، وبه يوصف من لا يصغى إلى الحق ولا يقبله، قال: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ وقال: صُمًّا وَعُمْياناً- وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ وقال: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا وشبه مالا صوت له به، ولذلك قيل صمت حصاة بدم، أي كثر الدم حتى لو ألقى فيه حصاة لم تسمع لها حركة، وضربة صماء. ومنه الصمة للشجاع الذي يصم بالضربة، وصممت القارورة شددت فاها تشبيها بالأصم الذي شد أزنه، وصمم فى الأمر مضى فيه غير مصغ إلى من يردعه كأنه أصم، والصمان أرض غليظة، واشتمال الصماء مالا يبدو منه شىء.
(صمد) : الصمد السيد الذي يصمد إليه فى الأمر، وصمد صمده قصد معتمدا عليه قصده، وقيل الصمد الذي ليس بأجوف والذي ليس بأجوف شيئان: أحدهما لكونه أدون من الإنسان كالجمادات، والثاني أعلى منه وهو الباري والملائكة، والقصد بقوله: اللَّهُ الصَّمَدُ تنبيها أنه بخلاف من أثبتوا له الإلهية، وإلى نحو هذا أشار بقوله: وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ.
(صمع) : الصومعة كل بناء متصمع الرأس أي متلاصقه، جمعها صوامع. قال: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ والأصمع اللاصق أذنه برأسه؟ وقلب أصمع جرىء كأنه بخلاف من قال اللَّه فيه: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ والصمعاء البهمى قبل أن تتفقا، وكلاب صمع الكعوب ليسوا بأجوفها.
(صنع) : الصنع إجادة الفعل، فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا، ولا ينسب إلى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل، قال: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ- وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ- وَاصْنَعِ الْفُلْكَ- أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً- صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ- تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ- بِما كانُوا يَصْنَعُونَ- حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها- تَلْقَفْ، ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا- وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ وللإجادة يقال للحاذق المجيد صنع وللحاذقة المجيدة صناع، والصنيعة ما اصطنعته من خير، وفرس
صنيع أحسن القيام عليه، وعبر عن الأمكنة الشريفة بالمصانع، قال:
وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ وكنى بالرشوة عن المصانعة والاصطناع المبالغة فى إصلاح الشيء وقوله: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي- وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي إشارة إلى نحو ما قال بعض الحكماء: «إن اللَّه تعالى إذا أحب عبدا تفقده كما يتفقد الصديق صديقه» .
(صنم) : الصنم جثة متخذة من فضة أو نحاس أو خشب كانوا يعبدونها متقربين به إلى اللَّه تعالى، وجمعه أصنام قال تعالى: أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً- لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ قال بعض الحكماء: كل ما عبد من دون اللَّه بل كل ما يشغل عن اللَّه تعالى يقال له صنم، وعلى هذا الوجه قال إبراهيم صلوات اللَّه عليه اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ فمعلوم أن إبراهيم مع تحققه بمعرفة اللَّه تعالى واطلاعه على حكمته لم يكن ممن يخاف أن يعود إلى عبادة تلك الجثث التي كانوا يعبدونها فكأنه قال اجنبنى عن الاشتغال بما يصرفنى عنك.
(صنو) : الصنو الغصن الخارج عن أصل الشجرة، يقال هما صنوا نخلة وفلان صنو أبيه، والتثنية صنوان وجمعه صنوان قال: صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ.
(صهر) : الصهر الختن وأهل بيت المرأة يقال لهم الأصهار كذا قال الخليل. قال ابن الأعرابى: الاصهار التحرم بجوار أو نسب أو تزوج، يقال رجل مصهر إذا كان له تحرم من ذلك قال: فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً والصهر إذابة الشحم قال: يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ والصهارة ما ذاب منه وقال أعرابى:
لأصهرنك بيمينى مرة، أي لأذيبنك.
(صوب) : الصواب: يقال على وجهين، أحدهما. باعتبار الشيء فى نفسه فيقال هذا صواب إذا كان فى نفسه محمودا ومرضيا بحسب مقتضى العقل والشرع نحو قولك: تحرى العدل صواب والكرم صواب. والثاني: يقال باعتبار القاصد إذا أدرك المقصود بحسب ما يقصده فيقال أصاب كذا أي وجد ما طلب كقولك أصابه السهم وذلك على أضرب الأول: أن يقصد ما يحسن قصده فيفعلة وذلك هو الصواب التام المحمود به الإنسان. والثاني أن يقصد ما يحسن فعله فيتأتى منه غيره لتقديره بعد اجتهاده أنه صواب وذلك هو المراد
بقوله عليه
السلام: «كل مجتهد مصيب»
وروى «المجتهد مصيب وإن أخطأ فهذا له أجر»
كما
روى «من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر»
والثالث:
أن يقصد صوابا فيتأتى منه خطأ لعارض من خارج نحو من يقصد رمى صيد فأصاب إنسانا فهذا معذور. والرابع: أن يقصد ما يقبح فعله ولكن يقع منه خلاف ما يقصده فيقال أخطأ فى قصده وأصاب الذي قصده أي وجده، والصواب الإصابة يقال صابه وأصابه، وجعل الصوب لنزول المطر إذا كان بقدر ما ينفع وإلى هذا القدر من المطر أشار بقوله: نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ قال الشاعر:
فسقى ديارك غير مفسدها
…
صوب الربيع وديمة تهمى
والصيب السحاب المختص بالصوب وهو فيعل من صاب يصوب قال الشاعر:
فكأنما صابت عليه سحابة
وقوله: أَوْ كَصَيِّبٍ قيل هو السحاب وقيل هو المطر وتسميته به كتسميته بالسحاب، وأصاب السهم إذا وصل إلى المرمى بالصواب، والمصيبة أصلها فى الرمية ثم اختصت بالنائبة نحو: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها- فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ- وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ- وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وأصاب جاء فى الخير والشر قال:
إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ- وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ- فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ- فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ قال بعضهم: الإصابة فى الخير اعتبارا بالصوب أي المطر، وفى الشر اعتبارا بإصابة السهم، وكلاهما يرجعان إلى أصل.
(صوت) : الصوت هو الهواء المنضغط عن قرع جسمين وذلك ضربان: صوت مجرد عن تنفس بشىء كالصوت الممتد، وتنفس بصوت ما والتنفس ضربان: غير اختياري كما يكون من الجمادات ومن الحيوانات، واختياري كما يكون من الإنسان وذلك ضربان: ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه، وضرب بالفم. والذي بالفم ضربان: نطق، وغير نطق، وغير النطق كصوت الناى، والنطق منه إما مفرد من الكلام، وإما مركب كأحد
الأنواع من الكلام، قال: وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً وقال: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ- لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وتخصيص الصوت بالنبي لكونه أعم من النطق والكلام، ويجوز أنه خصه لأن المكروه رفع الصوت فوقه لا رفع الكلام، ورجل صيت شديد الصوت وصائت صائح، والصيت خص بالذكر الحسن، وإن كان فى الأصل انتشار الصوت والإنصات هو الاستماع إليه مع ترك الكلام قال: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وقال بعضهم: يقال للإجابة إنصات وليس ذلك بشىء فإن الإجابة تكون بعد الإنصات وإن استعمل فيه فذلك حث على الاستماع لتمكن الإجابة.
(صاح) : الصيحة رفع الصوت قال: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً- يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ أي النفخ فى الصور وأصله تشقيق الصوت من قولهم انصاح الخشب أو الثوب إذا انشق فسمع منه صوت وصيح الثوب كذلك، ويقال بأرض فلان شجر قد صاح إذا طال فتبين للناظر لطوله ودل على نفسه دلالة الصائح على نفسه بصوته، ولما كانت الصيحة قد تفزع عبر بها عن الفزع فى قوله: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ والصائحة صيحة المناحة ويقال ما ينتظر إلا مثل صيحة الحبلى أي شرا يعاجلهم، والصيحاني ضرب من التمر.
(صيد) : الصيد مصدر صاد وهو تناول ما يظفر به مما كان ممتنعا، وفى الشرع تناول الحيوانات الممتنعة ما لم يكن مملوكا والمتناول منه ما كان حلالا وقد يسمى المصيد صيدا بقوله: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ أي اصطياد ما فى البحر، وأما قوله: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وقوله: وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وقوله: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ فإن الصيد فى هذه المواضع مختص بما يؤكل لحمه فيما قال الفقهاء بدلالة ما
روى «خمسة يقتلهن المحرم فى الحل والحرم:
الحية والعقرب والفأرة والذئب والكلب العقور»
والأصيد من فى عنقه ميل، وجعل مثلا للمتكبر. والصيدان برام الأحجار، قال:
وسود من الصيدان فيها مذانب
وقيل له صاد، قال:
رأيت قدور الصاد حول بيوتنا
وقيل فى قوله تعالى: ص وَالْقُرْآنِ وهو الحروف وقيل تلقه بالقبول من صاديت كذا واللَّه أعلم.
(صور) : الصور ما يتنقش به الأعيان ويتميز بها غيرها وذلك ضربان، أحدهما محسوس يدركه الخاصة والعامة بل يدركه الإنسان وكثير من الحيوان كصورة الإنسان والفرس والحمار بالمعاينة، والثاني معقول يدركه الخاصة دون العامة كالصورة التي اختص الإنسان بها من العقل والروية والمعاني التي خص بها شىء بشىء، وإلى الصورتين أشار بقوله تعالى: ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ- وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وقال: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ- يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ
وقال عليه السلام: «إن اللَّه خلق آدم على صورته»
فالصورة أراد بها ما خص الإنسان بها من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة وبها فضله على كثير من خلقه، وإضافته إلى اللَّه سبحانه على سبيل الملك لا على سبيل البعضية والتشبيه، تعالى عن ذلك، وذلك على سبيل التشريف له كقوله: بيت اللَّه وناقة اللَّه ونحو ذلك: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي- وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فقد قيل هو مثل قرن ينفخ فيه فيجعل اللَّه سبحانه ذلك سببا لعود الصور والأرواح إلى أجسامها
وروى فى الخبر «أن الصور فيه صورة الناس كلهم»
وقوله تعالى: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ أي أملهن من الصور أي الميل، وقيل قطعهن صورة صورة، وقرىء: فَصُرْهُنَّ وقيل ذلك لغتان يقال صرته وصرته، وقال بعضهم صرهن أي صح بهن وذكر الخليل أنه قال عصفور صوار وهو المجيب إذا دعى وذكره أبو بكر النقاش أنه قرىء فَصُرْهُنَّ بضم الصاد وتشديد الراء وفتحها من الصر أي الشد، وقرىء فَصُرْهُنَّ من الصرير أي الصوت ومعناه صح بهن. والصوار القطيع من الغنم اعتبارا بالقطع نحو الصرمة والقطيع والفرقة وسائر الجماعة والمعتبر فيها معنى القطع.
(صير) : الصير الشق وهو المصدر ومنه قرىء: فَصُرْهُنَّ وصار إلى كذا انتهى إليه ومنه صير الباب لمصيره الذي ينتهى إليه فى تنقله وتحركه قال:
وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ وصار عبارة عن التنقل من حال إلى حال.
(صاع) : صواع الملك كان إناء يشرب به ويكال به ويقال له الصاع ويذكر ويؤنث قال تعالى: نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ ثم قال: ثُمَّ اسْتَخْرَجَها ويعبر عن المكيل باسم ما يكال به فى قوله «صاع من بر أو صاع من شعير» وقيل الصاع بطن الأرض، قال:
ذكروا بكفى لا عب فى صاع
وقيل بل الصاع هنا هو الصاع يلعب به مع كرة. وتصوع النبت والشعر هاج وتفرق، والكمىّ يصوع أقرانه أي يفرقهم.
(صوغ) : قرىء (صوغ الملك) يذهب به إلى أنه كان مصوغا من الذهب.
(صوف) : قال تعالى: وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وأخذ بصوفة قفاه، أي بشعره النابت، وكبش صاف وأصوف وصائف كثير الصوف. والصوفة قوم كان يخدمون الكعبة، فقيل سموا بذلك، لأنهم تشبكوا بها كتشبك الصوف بما نبت عليه، والصوفان نبت أزغب والصوفي قيل منسوب إلى لبسه الصوف وقيل منسوب إلى الصوفة الذين كانوا يخدمون الكعبة لاشتغالهم بالعبادة، وقيل منسوب إلى الصوفان الذي هو نبت لاقتصادهم واقتصارهم فى الطعم على ما يجرى مجرى الصوفان فى قلة الغناء فى الغذاء.
(صيف) : الصيف الفصل المقبل للشتاء، قال: رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ وسمى المطر الآتي فى الصيف صيفا كما سمى المطر الآتي فى الربيع ربيعا. وصافوا حصلوا فى الصيف، وأصافوا دخلوا فيه.
(صوم) : الصوم فى الأصل الإمساك عن الفعل مطعما كان أو كلاما أو مشيا، ولذلك قيل للفرس المسك عن السير أو العلف صائم قال الشاعر:
خيل صيام وأخرى غير صائمة
وقيل للريح الراكدة صوم ولاستواء النهار صوم تصورا لوقوف الشمس فى كبد السماء، ولذلك قيل قام قائم الظهيرة، ومصام الفرس ومصامته موقفه. والصوم فى الشرع إمساك المكلف بالنية من الخيط الأبيض إلى الخيط الأسود عن تناول الأطيبين والاستمناء والاستقاء وقوله: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فقد قيل عنى به الإمساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى: فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا.
(صيص) : مِنْ صَياصِيهِمْ أي حصونهم وكل ما يتحصن به يقال له صيصة وبهذا النظر قيل لقرن البقر صيصة وللشوكة التي يقاتل بها الديك صيصة، واللَّه أعلم.