الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب حد القذف
ــ
كتاب حد القذف
سميت الحدود حدودًا؛ لأن الله تعالي حدها وقدرها فلا يجوز لأحد أن يتجاوزها: قال تعالي: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ).
وقيل: لأنها تمنع من الإقدام على الفواحش، مأخوذ من حد الدار؛ لأنه يمنع من مشاركة غيرها فيها، فكأن حدود الشرع فصلت بين الحلال والحرام، فمنها ما لا يقترب، كالفواحش المحرمة، ومنها ما لا يتعدى، كالمواريث المعينة وتزويج الأربع.
وسمي الحديد حديدًا، لأنه يمنع به، والبواب حدادًا؛ لمنعه الطارق.
وكانت الحدود في صدر الإسلام بالغرامات، ثم نسخت بهذه العقوبات.
و (القذف) بالذال المعجمة: الرمي بالزنا تعبيرًا.
وهو من الكبائر الموبقات، سواء في ذلك الرجل والمرأة، ولم يذكره الله تعالى في كتابة إلا بلفظ الرمي.
والأصل فيه: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآيات.
وسيأتي: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت براءة عائشة رضي الله عنها جلد قاذفها.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قذف المحصنة يحبط عمل مئة سنة).
ثم إن القذف بعظم أمره أوجب الحد، بخلاف ما لو نسب إنسانا إلي الكفر؛ فإنه لا يحد بسبب أنه قادر على أن ينفي ذلك عنه بقوله: لا إله إلا الله، بخلاف الزاني؛
شرط حد القاذف: التكليف إلا السكران، والاختيار، ويعزر المميز،
ــ
فإنه لا يقدر على نفي الزنا عنه بالقول، فلذلك ترتب الحد على قوئله.
قال: (شرط حد القاذف: التكليف)، فلا حد علي صبي ومجنون؛ لعدم حصول الأذى بقذفها، ولارتفاع القلم عنهما.
قال: (إلا السكران)، فإنه يحد وإن كان غير مكلف في حال سكره؛ لأن عمر لما جمع الصحابة وسألهم عن حده .. فقال علي:(أراه إذا سكر .. هذى، وإذا هذى افتري، وحد المفتري ثمانون) رواه مالك [2/ 842] وغيره.
وفي استثناء المصنف له ما تقدم في الطلاق وغيره.
قال: (والاختيار)، فلا يحد مكره عليه؛ لرفع القلم، ولأنه لم يقصد الأذى بذلك، لكن في (فتاوى القاضي حسين) عن الأستاذ أبي طاهر الزيادي: أن عليه الحد كالقصاص، واختاره العبادي، وحكاه ابن هريرة عن الأكثرين.
وأما المكره – بكسر الراء – فقيل: يحد كالمكره على القتل، والأصح: لا حد عليه أيضًا.
والفرق بينه وبين القتل: أنه يمكن جعل يد المكره كالآلة بأن يأخذ يده فيقتل بها، ولا يمكن أن يأخذ لسان غيره فيقذف به.
وكان ينبغي أن يزيد: الالتزام؛ ليخرج الحربي، فإنه لا يقام عليه الحد لعدم الالتزام، قاله ابن الرفعة.
وأن يزيد: عدم الإباحة؛ ليخرج ما لو قال: اقطع يدي فقطعها .. لا يجب ضمانها، وعند القاضي والإمام والغزالي: أنه يجب ولا يباح بالإذن بلا خلاف.
وأن يزيد: غير أصل؛ ليخرج قذف الولد كما سنذكره.
قال: (ويعزر المميز) صبيًا كان أو مجنونًا؛ زجرًا له وتأديبًا إذا كان يتأذى بقذفه.
وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلْ؛
ــ
ولا فرق في القاذف بين أن يكون مسلمًا أو مرتدًا أو ذميًا أو معاهدًا، فإذا لم يتفق تعزير الصبي حتي بلغ .. سقط؛ لأنه كان للزجر والتأديب وقد حدث سبب أقوى منه، وهو التكليف، كذا حكاه الرافعي في (اللعان)، وقياسه: أن يكون المجنون إذا أفاق كذلك.
قال: (ولا يحد بقذف ولده وإن سفل) كما لا يقتل به، وسواء كان أبًا أو أمًا أو جدًا أو جدة وإن علو.
وقال ابن المنذر وأبو ثور: يحد؛ لعموم القرآن، لكن تكره إقامته عليه.
واقتصار المصنف على نفي الحد يقتضي: أنه يعزر – وهو المنصوص – للأذي.
وفي) الكفاية) أنه سمع بعض مشايخه يحكي وجهًا: أنه لا يعزر، قال: ويؤيده انه لا يحبس لوفاء دينه علي الأصح، والحبس تعزير.
وحكى الرافعي في وطء الأب جارية الابن وجهًا: أن التعزير ل يجب، قال: وحيث ثبت .. فهو لحق الله تعالى لا لحق الابن، وقد سبق في (القصاص) خلاف في أنه هل وجب ثم سقط أو لم يجب أصلًا؟ والظاهر مجيئه هنا.
وكما لا يحد بقذف الولد لا يحد بقذف من يرثه الولد، كما لو قذف امرأة لولده منا ولد ثم ماتت؛ لأنه لما لك يثبت له ابتداء .. لم يثبت له انتهاء كالقصاص.
فإن قيل: كان ينبغي للمصنف أن يقول: ولا يحد بقذف ولد ولا له، كما قال قي القصاص .. فالجواب: أنه فبر بذلك .. لورد عليه ما لو كان لها ولد آخر من غيره، فإنه لع الاستيفاء؛ لأن بعض الورثة يستوفيه جميعه، بخلاف القصاص.
وتقدم: أن (سفل) بفتح الفاء وضمها، والفتح أشهر.
فرع:
قال في (الحاوي) في (باب اللعان)(لو قال لابنه: أنت ولد زنا .. كان قاذفًا لأمه) اهـ
فَالْحُرُّ ثَمَانُونَ،
ــ
وهذه مسألة حسنة ذكرها ابن الصلاح في (فتاويه) بحثًا من قبل نفسه، وكأنه لم يطلع فيها علي مقل، وزاد: أنه يعزز للمشتوم.
فائدة:
لو قذف شخصًا في خلوة بحيث لا يسمعه الإ الله تعالي والحفظة .. قال الشيخ عز الدين: إنه ليس بكبيرة موجبة للحد؛ لخلوه عن مفسدة الإيذاء، ولا يعاقب في الآخرة الإ عقاب من كذب كذبًا لا ضرر فيه، وهذا قريب من قول الحناطي: إن الغيبة إذا لم تبلغ المغتاب .. يكفي فيها الندم والاستغفار.
واختار المصنف الغزالي: أن الغيبة بالقلب يكتبها الملكان الحافظان كما لو تلفظ به، ويدركان ذلك بالشم.
قال: (فالحر ثمانون)؛ لقوله تعالي: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).
والدليل علي أن المراد بالآية الحر: قوله تعالي: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} .
وفي (سنن أي داوود)[4469] عن عائشة قالت: (لما أنزل الله تعالي عذري أمر النبي صلي الله عليه وسلم بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم، وهم: حسان بن ثابت ومسط بن أثاثة وحمنة بنت جحش).
قال الطحاوي: ثمانين ثمانين.
وأنشد حسان أبياتًا يثني فيها علي أم المؤمنين ويظهر براءته مما نسب إليه [من الطويل]:
حصان رزان ما تزن بريبة
…
وتصبح غرثي من لحوم الغوافل
وَالْرَّقِيقَ أَرْبَعُونَ. وَالْمَقْذُوفْ: الإِحْصَانْ، وَسَبَقَ فِي اللَّعَان
ــ
حليلة خير الناس دينًا ومنصبًا .... نبي الهدي والمكرمات الفواضل
عقيلة حي من لؤي بن غالب .... كرام المساعي مجدها غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها .... وطهرها من كل سوء وباطل
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم .... فلا رفعت سوطي إلي أناملي
وسيأتي في (باب التعزير) الكلام علي أهل بدر إذا فعل أحد منهم ما يقتضيه إقامة حد .. أنه يقام عليه، كما أقيم علي مسطح وهو منهم.
ولما كان الرمي بالزنا أقل من الزنا .. كان حده أقل منه.
قال: (والرقيق أربعون) بالإجماع، سواء فيه المبعض والمكاتب وأم الولد والمدبر وغيرهم، وقد تقدم في (الزنا) في المبعض خلاف، قال ابن الرفعة: لا يبعد مجيئه هنا.
قال: (والمقذوف: الإحصان)؛ لأن إيجاب الثمانين في الآية مقيد بذلك.
قال: (وسبق في اللعان) أي: بيان ما يحصل به وبيان شرط المقذوف، وسبق في الباب قبله ذكر معاني الإحصان.
وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةِ بِزِنَا .. حَدَوْا فِي الأَظْهَرْ،
ــ
قال الأصحاب: حد القذف وإن كان حق آدمي ففيه مشابهة لحقوق الله تعالي في مسائل:
إحداها: لو قال: اقذفني فقذفه .. ففي وجوب الحد وجهان: أصحهما: لا يجب.
الثانية: لو استوفي المقذوف حد القذف .. لم يقع الموقع علي الصحيح، كحد الزنا إذا استوفاه أحد الرعية.
الثالثة: يتشطر بالرق كما سبق.
والمغلب عليه حق الآدمي في مسائل: منها: أنه لا يستوفي الإ بطلبه بالاتفاق، ويسقط بعفوه، واستدل له في) المهذب) بقول النبي صلي الله عليه وسلم:(أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؛ كان يقول: تصدقت بعرضي) والتصدق بالعرض لا يكون الإ بالعفو هما يجب له، والحديث تقدم في خاتمة (كتاب السلم).
فرع:
من التعريض بالقذف أن يقول: ما أنا ابن إسكاف ولا خباز، وقوله: فلان قواد، كناية في قذف زوجته، ولو رمي بحجر فقال: امرأة من رماني زانية، إن كان يعرف الذي رماه .. فهو قاذف، والإ .. لم يكن قاذفًا؛ لعدم التعيين.
قال: (ولو شهد دون أربعة بزنا .. حدوا في الأظهر)، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة؛ لما روي البخاري عن عمر: أنه حد الثلاثة الذين شهدوا علي المغيرة بن شعبة.
والقصة في ذلك: (انه كان أميرًا علي البصرة من جهة عمر وكان يتزوج كثيرًا – قيل: تزوج ألف امرأة – فخلي بامرأة في دار كان فيها معه أبو بكرة نفيع بن الحارث وأخوه نافع وشبل بن معبد وزياد بن أبيه، فهبت ريح ففتح الباب علي المغيرة فرأوه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على بطن امرأة، فلما أصبحوا .. تقدم المغيرة ليصلي، فقال له أبو بكرة: تنح عن مصلانًا، وانتشرت القصة فبلغت عمر، فكتب: أن يحملوا إليه، فلما قدموا .. بدأ أبو بكرة فشهد عليه بالزنا ووصفه، فقال علي للمغيرة: ذهب ربعك، ثم شهد نافع، فقال له علي: ذهب نصفك، ثم شهد شبل، فقال له علي: ذهب ثلاثة أرباعك، ثم أقبل زياد ليشهد، فقال له عمر: قل ما عندك وأرجو أن لا يفضح الله أحدًا علي يدك من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: رأيت أرجلًا مختلفة وأنفاسًا عالية ورأيته علي بطنها أن رجليها علي كتفيه كأنهما أذنا حمار ولا أعلم ما وراء ذلك، فقال عمر: الله أكبر، قم يا يرفأ فاجلد هؤلاء الذين شهدوا، فجلد الثلاثة حد القذف، ثم قال عمر لأبي بكرة: تب .. أقبل شهادتك، فقال: والله لا أتوب، والله زني، والله زني)، ولم يخالف في هذه القصة أحد فصار إجماعًا.
ووقع في (الكفاية) شهد عليه أبو بكرة ونفيع بن الحارث ونافع وشبل بن معبد، وهو وهم؛ فإن أبا بكرة هو نفيع بن الحارث.
ولأنه لو لم يجب الحد .. لاتخذت الشهادة ذريعة إلي القذف فتستباح الأعراض.
والقول الثاني: لا يحدون؛ لأنهم جاؤوا شاهدين لا معاندين، ولأن نقصان العدد شئ لا يمكن الشاهد الاحتراز عنه فلا يحدون، كما لو رجع أحدهم عن الشهادة؛ فغنه لا حد علي الباقين علي النص.
ودعوي الإجماع غير مسلمة؛ فإن أبا بكرة مخالف فيها، والمصنف أطلق الخلاف، ومحله: فيمن شهد في مجلس القاضي، أما من شهد في غيره فقاذف بل خلاف وإن كان بلفظ الشهادة كما صرح به في (الوجيز) وغيره، وهذا يؤيد ما تقدم في (الردة) أن الحاكي لكلمة الكفر لا يكون كافرًا محله .. إذا حكي في مجلس الحكم.
فإن قيل: الصحابة عدول، فما وجه هذه القصة؟ .. فالجواب: أن المغيرة كان يري جواز نكاح السر، وكان الجماعة لا يرون ذلك، ولذلك روي: أنه كان يتبسم عند شهادتهم، فقيل له في ذلك فقال: (إني أعجب مما أريد أن أفعل بعد
وَكَذَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَبِيدٍ وَكَفَرَةٍ عَلَي الَمَذْهَبِ. وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقراره .. فلا، ولو تقاذفنا .. فليس تقاصًا، ولو استقل المقذوف بالاستيفاء .. لم يقع الموقع
ــ
شهادتهم)، قيل: وما تفعل؟ قال: (أقيم البينة علي أنها زوجتي).
ثم إن عمر عزل زيادًا عن عمله الذي كان ولاه، فقال:(يا أمير المؤمنين؛ عزلتني لتهمة؟ قال: (لا، ولكن كرهت أن أحمل علي الناس فضل عقلك).
فلو كان احد الشهود الأربعة الزوج .. فهو قاذف؛ لأن شهادته عليها بالزنا غير مقبول، وفي الثلاثة: القولان.
ولو شهد أكثر من أربعة فرجع بعضهم، فإن بقي أربعة .. فلا حد علي من رجع.
قال: (وكذا أربع نسوة وعبيد وكفرة علي المذهب)؛ لأنهم ليسوا من أهل الشهادة فلم يقصدوا الإ القذف والعار، وقيل: فيهم قولان.
وصور الإمام المسألة بما إذا كانوا في ظاهر الحال بصفة الشهود ثم بانوا كفارًا أو عبيدًا، ومراده: أن القاضي إذا علم حالهم .. لا يصغي إليهم، فيكون قولهم قذفًا محضًا لا في معرض شهادة.
قال: (ولو شهد واحد علي إقراره .. فلا)؛ لأنه لا يسمي قاذفًا، وقيل: فيه القولان.
والمذهب القطع بالمنع؛ لأنه لا حد علي من قال لغيره: أقرت بأنك زنيت، وإن ذكره في معرض القذف والتعيير.
قال: (ولو تقاذفا .. فليس تقاصاَ)، فلا يسقط حد هذا بحد هذا، ولكل منهما أن يحد الآخر؛ لأن التقاص إنما يكون عند اتفاق الجنس والصفة، والحدان لا يتفقان في ذلك؛ إذ لا يعلم التساوي لاختلاف القاذف والمقذوف في الضعف والقوة والخلقة.
قال: (ولو استقل المقذوف بالاستيفاء .. لم يقع الموقع)، كحد الزنا إذا أقامه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحد من الرعايا، وهذا لأن مواقع الجلدات والإيلام بها يختلف ولا يؤمن من الحيف فيها، بخلاف ما لو قتل الزاني المحصن واحدًا من الرعايا .. يقع قتله حدًا.
وفي حد القذف وجه: أنه يقر الموقع، كما لو استقل من له القصاص بالاستيفاء، وعلي الأصح: لا فرق بين أن يستوفيه بإذن القاذف أو بغير إذنه.
ويستثني من إطلاق المصنف صورتان:
إحداهما: إذا قذف العبد سيده .. فله إقامة الحد عليه كما جزم به الرافعي في آخر (باب حد الزنا) نقلًا عن البغوي، وهو مشكل.
الثانية: إذا بعد عن السلطان في بادية وقدر علي الاستيفاء بنفسه من غير تجاوز .. جاز، قاله المارودي في (باب صول الفحل).
تتمة:
إذا سمع السلطان رجلًا يقول: زني رجل .. لم يقم عليه الحد؛ لأن المستحق مجهول، ولا يطالبه بتعيينه؛ لقوله تعالي:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ، ولأن الحد يدرأ بالشبهة، ولهذا قال صلي الله عليه وسلم:(الأ سترته بثوبك يا هزال).
وإن سمعه يقول: زني فلان .. فهل يلزم السلطان أن يسأل المقذوف؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم؛ لأنه قد ثبت له حق لم يعلم به فلزم الإمام إعلامه، كما لو ثبت له عنده ما لم يعلم به.
والثاني: لا يلزم الإمام إعلامه؛ لقوله صلي الله عليه وسلم: (ادرؤوا الحدود بالشبهات).
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خاتمه
إذا سب إنسان أنسانًا جاز للمسبوب أن يسب الساب بقدر ما سبه؛ لقوله تعالي: {وَجَزَاؤُا سَيِّئَةٌ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ، ولا يجوز له أن يسب أباه ولا أمه.
روي: أن زينب لما سبت عائشة .. قال لها النبي صل الله عليه وسلم: (سبيها) - كذا رواه أبو داوود [4862]، وفي (سنن ابن ماجه) [1981]:(دونك فانتصري) فأقبلت عليها حتي يبس ريقها في فيها، فتهلل وجه النبي صل الله عليه وسلم.
وإنما يجوز السب بما ليس كذبًا ولا قذفًا، كقوله: ياظالم ياأحمق؛ لأن أحدًا لا يكاد ينفك عن ذلك ، وإذا انتصر بسبه .. فقد استوفي ظلامته وبرئ الأول من حقه، وبقي عليه إثم الابتداء والإثم لحق الله.
وقيل: يرتفع جميع الإثم بانتصاره والله تعالي أعلم.
كتاب قطع السرقة