المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما وقع من الحوادث سنة 702] - النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة - جـ ٨

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثامن]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 690]

- ‌ذكر ولاية الملك الأشرف خليل على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 691]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 692]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 693]

- ‌ذكر سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون الأولى على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 694]

- ‌ذكر سلطنة الملك العادل زين الدّين كتبغا على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 695]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 696]

- ‌ذكر سلطنة الملك المنصور لا چين على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 697]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 698]

- ‌ذكر سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون الثانية على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 699]

- ‌ذكر من عدم فى هذه السنة فى وقعة حمص مع التّتار

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 700]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 701]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 702]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 703]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 704]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 705]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 706]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 707]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 708]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 709]

- ‌ذكر سلطنة الملك المظفّر بيبرس الجاشنكير على مصر

- ‌استدراكات على بعض تعليقات وردت فى الجزء السابع من هذا الكتاب لحضرة الأستاذ محمد رمزى بك

- ‌زاوية الشيخ أبى السعود بن أبى العشائر

- ‌الحد الذي كان ينتهى عنده النيل على شاطئه الشرقى تجاه مدينتى مصر القديمة والقاهرة وقت فتح العرب لمصر

الفصل: ‌[ما وقع من الحوادث سنة 702]

ابن محمد بن موسى بن عبد الله المحض «1» بن موسى [بن عبد الله] بن الحسن بن الحسن بن علىّ ابن أبى طالب الحسنىّ المكىّ صاحب مكّة المشرّفة فى يوم الأحد «2» رابع صفر بعد أن أقام فى إمرة مكّة أربعين سنة، وقدم القاهرة مرارا، وكان يقال لولا أنّه زيدىّ لصلح للخلافة لحسن صفاته.

أمر النيل فى هذه السنة الماء القديم ثلاث أذرع وأصابع. مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعا وثلاث عشرة إصبعا.

[ما وقع من الحوادث سنة 702]

السنة الخامسة من ولاية الملك الناصر محمد بن قلاوون الثانية على مصر، وهى سنة اثنتين وسبعمائة.

فيها فى أوّل المحرّم قدم الأمير بيبرس الجاشنكير من الحجاز ومعه الشريفان حميضة «3» ورميثة «4» فى الحديد فسجنا بقلعة الجبل.

وفيها فى رابع جمادى الآخرة «5» ظهر بالنيل دابّة كلون الجاموس بغير شعر، وأذناها كأذن الجمل، وعيناها وفرجها مثل الناقة، ويغطّى فرجها ذنب طوله شبر ونصف،

ص: 200

طرفه كذنب السّمك، ورقبتها مثل ثخن التّلّيس «1» المحشوّ تبنا، وفمها وشفتاها مثل الكربال، ولها أربع أنياب [اثنتان فوق «2» اثنتين] فى طول نحو شبر وعرض إصبعين، وفى فمها ثمانية وأربعون ضرسا وسنّا مثل بيادق الشّطرنج، وطول يدها من باطنها شبران ونصف، ومن ركبتها إلى حافرها مثل أظافير الجمل، وعرض ظهرها قدر ذراعين ونصف، ومن فمها إلى ذنبها خمس عشرة قدما، وفى بطنها ثلاث كروش، ولحمها أحمر له ذفرة السّمك، وطعمه مثل لحم الجمل، وثخانة جلدها أربع أصابع، لا تعمل فيه السّيوف؛ وحمل جلدها على خمسة جمال فى مقدار ساعة من ثقله، وكان ينقل من جمل إلى جمل وقد حشى تبنا حتّى وصل إلى قلعة الجبل.

وفيها كان بمصر والقاهرة زلزلة عظيمة أخربت عدّة منائر ومبان كثيرة من الجوامع والبيوت حتّى أقامت الأمراء ومباشرو الأوقاف مدّة طويلة ترمّ وتجدّد ما تشعّث فيها من المدارس والجوامع حتّى منارة «3» الإسكندريّة.

ص: 201

وفيها أبطل الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير عيد الشهيد بمصر، وهو أنّ النصارى كان عندهم تابوت فيه اصبع يزعمون أنّها من أصابع بعض شهدائهم، وأنّ النيل لا يزيد ما لم يرم فيه هذا التابوت، فكان يجتمع النصارى من سائر النواحى إلى شبرا «1» ، ويقع هناك أمور يطول الشرح فى ذكرها، حتى إنّ بعض النصارى باع

ص: 202

فى أيّام هذا العيد باثنى عشر ألف درهم خمرا من كثرة الناس التى تتوجّه إليه للفرجة، وكان تثور فى هذا العيد فتن وتقتل خلائق. فأمر الأمير بيبرس رحمه الله بإبطال ذلك، وقام فى ذلك قومة عظيمة، فشقّ ذلك على النصارى، واجتمعوا بالأقباط الذين أظهروا الإسلام، فتوجّه الجميع إلى التاج بن سعيد الدولة كاتب بيبرس، وكان خصيصا به وأوعدوا بيبرس بأموال عظيمة، وخوّفه من عدم طلوع النيل ومن كسر الخراج، فلم يلتفت إلى ذلك وأبطله إلى يومنا هذا.

وفيها توفّى الشيخ كمال الدين «1» أحمد بن أبى الفتح «2» محمود بن أبى الوحش أسد ابن سلامة بن سليمان بن فتيان المعروف بابن العطّار، أحد كتّاب الدّرج بدمشق فى رابع عشر «3» ذى القعدة. ومولده سنة ستّ وعشرين وستمائة، وكان كثير التلاوة محبّا لسماع الحديث وسمع وحدّث، وكان صدرا كبيرا فاضلا وله نظم ونثر، وأقام يكتب الدّرج أربعين سنة.

وفيها توفّى الشيخ شهاب الدين أحمد ابن الشيخ القدوة برهان الدين إبراهيم ابن معضاد الجعبرىّ بالقاهرة؛ وقد تقدم ذكر وفاة والده، ودفن بزاويته «4» خارج باب النصر من القاهرة.

ص: 203

وفيها توفّى الأمير فارس الدين ألبكى الساقى أحد مماليك الملك الظاهر بيبرس، كان من أكابر أمراء الديار المصريّة، ثم اعتقل إلى أن أفرج عنه الملك المنصور قلاوون وأنعم عليه بإمرة؛ ثم نقله إلى نيابة صفد فأقام بها عشر سنين، وفرّ مع الأمير قبجق إلى غازان وتزوّج بأخته، ثم قدم مع غازان ولحق بالسلطان، فولّاه نيابة حمص حتى مات بها فى يوم الثلاثاء ثامن ذى القعدة. وكان مليح الشكل كثير الأدب ما جلس قطّ بلا خفّ، وإذا ركب ونزل حمل جمداره شاشه، فإذا أراد الركوب لفّه مرّة واحدة بيده كيف كانت.

وفيها استشهد بوقعة شقحب «1» الأمير عزّ الدين أيدمر العزّى نقيب المماليك السلطانيّة [فى أيّام لاچين «2» ] ، وأصله من مماليك الأمير عزّ الدين أيدمر [الظاهرى «3» ] نائب الشام وكان كثير الهزل، وإليه تنسب سويقة «4» العزّى خارج القاهرة بالقرب من جامع «5» ألجاى اليوسفىّ.

ص: 204

وفيها استشهد الأمير سيف الدين أيدمر الشمسى القشّاش، وكان قد ولى كشف الغربية والشرقية جميعا واشتدّت مهابته، وكان يعذّب أهل الفساد بأنواع قبيحة من العذاب، منها: أنّه كان يغرس خازوقا بالأرض ويجعل عوده «1» قائما ويرفع الرّجل ويسقطه عليه! وأشياء كثيرة ذكرناها فى ترجمته فى تاريخنا المنهل الصافى، ولم يجسر أحد من الفلّاحين فى أيّامه أن يلبس مئزرا أسود ولا يركب فرسا ولا يتقلّد بسيف ولا يحمل عصا مجلّبة حتى ولا أرباب الإدراك، ثم استعفى من الولاية ولزم داره، وخرج لغزوة شقحب فى محفّة إلى وقت القتال لبس سلاحه وركب فرسه وهو فى غاية الألم، فقيل له: أنت لا تقدر تقاتل، فقال: والله لمثل هذا اليوم أنتظر، وإلّا بأىّ شىء يتخلّص القشّاش من ربّه بغير هذا! وحمل على العدوّ وقاتل حتّى قتل ورئى فيه- بعد أن مات- ستّة جراحات.

وفيها أيضا استشهد الأمير أوليا بن قرمان «2» أحد أمراء الظاهريّة وهو ابن أخت قرمان، وكان شجاعا مقداما.

ص: 205

وفيها استشهد أيضا الأمير عزّ الدين أيبك الأستادار، وكان من كبار الأمراء المنصوريّة.

واستشهد الأمير جمال الدين آقوش الشمسى الحاجب. والأمير سيف الدين بهادر أحد الأمراء بحماة. والأمير صلاح الدين بن الكامل «1» . والأمير علاء الدين [على «2» ] ابن الجاكى. والشيخ نجم الدين [أيّوب «3» ] الكردىّ. والأمير شمس الدين سنقر الشمسى [الحاجب «4» ] . والأمير شمس الدين سنقر الكافرى «5» . والأمير سنقر شاه أستادار بيبرس الجالق. والأمير حسام الدين علىّ بن باخل. والأمير لاچين الرومىّ [المنصورى «6» ] أستادار الملك المنصور قلاوون ويعرف بالحسام.

قلت: ورأيت أنا من ذريّته الصارمى إبراهيم بن الحسام. وكلّ هؤلاء استشهدوا فى نوبة غازان بشقحب بيد التتار.

وفيها توفّى الملك العادل كتبغا المنصورىّ نائب حماة بها وهو فى الكهوليّة فى ليلة الجمعة يوم عيد الأضحى. وقد تقدّم ذكره فى ترجمته من هذا الكتاب عند ذكر سلطنته بالديار المصريّة، وما وقع له حتى خلع وتوجّه لنيابة صرخد، ثم نقل إلى نيابة حماة فمات بها.

وفيها توفّى قاضى القضاة تقىّ الدين محمد ابن الشيخ مجد الدين علىّ بن وهب ابن مطيع بن أبى الطاعة القشيرىّ المنفلوطىّ الفقيه المالكىّ ثم الشافعىّ المعروف بابن دقيق العيد قاضى قضاة الشافعيّة بالديار المصريّة. كان إماما عالما، كان مالكيّا ثم انتقل إلى مذهب الشافعىّ. ومولده فى عشرين شعبان سنة خمس وعشرين

ص: 206

وستمائة، ومات فى يوم الجمعة حادى عشر صفر، وكان تفقّه بأبيه ثم بالشيخ عزّ «1» الدين ابن عبد السلام وغيره، وسمع من ابن المقيّر «2» وابن رواح «3» وابن عبد الدئم «4» وغيرهم، وخرّج لنفسه تساعيات، وصار من أئمة العلماء فى مذهبى مالك والشافعىّ مع جودة المعرفة بالأصول والنحو والأدب، إلّا أنّه كان قهره الوسواس فى أمر المياه والنّجاسات، وله فى ذلك حكايات ووقائع عجيبة. وروى عنه الحافظ فتح الدين بن سيد الناس، وقاضى القضاة علاء الدين «5» القونوىّ، وقاضى القضاة علم الدين الإخنائى»

وغيرهم وكان أبو «7» حيّان النحوىّ يطلق لسانه فى حقّ قاضى القضاة المذكور، وقد أوضحنا ذلك فى ترجمته فى المنهل الصافى باستيعاب. ومن نظمه قصيدته المشهورة فى مدح النّبيّ صلى الله عليه وسلم التى أوّلها «8» :

يا سائرا نحو الحجاز مشمّرا

اجهد فديتك فى المسير وفى السّرى

وإذا سهرت اللّيل فى طلب العلا

فحذار ثم حذار من خدع الكرى

وله أيضا:

سحاب فكرى لا يزال هاميا

وليل همّى لا أراه راحلا

قد أتعبتنى همّتى وفطنتى

فليتنى كنت مهينا جاهلا

ص: 207