الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(ابْن عَليّ)
ابْن الْحَنَفِيَّة مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهما أَبُو الْقَاسِم ابْن الْحَنَفِيَّة وَاسْمهَا خَوْلَة بنت جَعْفَر من سبي الْيَمَامَة
ولد فِي صدر الْخلَافَة عمر بن الْخطاب وَرَأى عمر وروى عَن أَبِيه وَعُثْمَان وعمار وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهم وروى عه الْجَمَاعَة صرع مَرْوَان يَوْم الْجمل وَجلسَ على صَدره فَلَمَّا وَفد على ابْنه ذكره بذلك فَقَالَ عفوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ وَالله مَا ذكرت ذَلِك وَأَنا أُرِيد أَن أكافيك بِهِ
سمته شيعته الْمهْدي وهم يَزْعمُونَ أَنه لم يمت وَمن شيعته كثير عزة وَالسَّيِّد الْحِمْيَرِي وَمن قَول كثير الشَّاعِر فِيهِ
(أَلا إِن الْأَئِمَّة من قريشٍ
…
وُلَاة الْحق أربعةٌ سَوَاء)
(عليٌّ وَالثَّلَاثَة من بنيه
…
هم الأسباط لَيْسَ بهم خَفَاء)
(فسبطٌ سبط الْإِيمَان وبرٍ
…
وسبط غيبته كربلاء)
(وسبطٌ لَا يَذُوق الْمَوْت حَتَّى
…
يَقُود الْخَيل يقدمهَا اللِّوَاء)
(تغيب لَا يرى فيهم زَمَانا
…
برضوى عِنْده عسلٌ وَمَاء)
قلت هَذَا فِيهِ نظر لِأَن السبط هُوَ ابْن الْبِنْت فَأَما الْحسن وَالْحُسَيْن رضي الله عنهما فولدا بنت رَسُول الله وَأما مُحَمَّد هَذَا فَإِنَّهُ من الْحَنَفِيَّة وَلَيْسَ من فَاطِمَة رضي الله عنها وَلما تطاول مقَام مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة على زعمهم برضوى قَالَ السَّيِّد الْحِمْيَرِي
(أَلا قل للْوَصِيّ فدتك نَفسِي
…
أطلت بذلك الْجَبَل المقاما)
(أضرّ بمعشرٍ والوك منا
…
وسموك الْخَلِيفَة والإماما)
(وعادوا فِيك أهل الأَرْض طراً
…
مقامك عَنْهُم سِتِّينَ عَاما)
(وَمَا ذاق ابْن خَوْلَة طعم موتٍ
…
وَلَا وارت لَهُ أرضٌ عظاما)
(لقد أَمْسَى بمورق شعب رضوى
…
تراجعه الْمَلَائِكَة الكلاما)
(وَإِن لَهُ بِهِ لمقيل صدقٍ
…
وأنديةً تحدثه كراما)
وَكَانَ السَّيِّد الْحِمْيَرِي يعْتَقد أَنه لم يمت وَأَنه فِي جبل رضوى بَين أَسد ونمر يحفظانه وَعِنْده عينان نضاختان تجريان بِمَاء وَعسل وَيعود بعد الْغَيْبَة فَيمْلَأ الأَرْض عدلا كَمَا ملئت جوراً)
وَيُقَال أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لعَلي رضي الله عنه سيولد لَك بعدِي غُلَام وَقد نحلته اسْمِي وكنيتي وَلَا يحل لأحد من أمتِي بعده وَمِمَّنْ تسمى مُحَمَّدًا واكتنى بِأبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق وَمُحَمّد بن طَلْحَة بن عبيد الله وَمُحَمّد بن سعد بن أبي وَقاص وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي طَالب وَمُحَمّد بن حَاطِب بن أبي بلتعة وَمُحَمّد بن الْأَشْعَث بن قيس
وَكَانَ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة شَدِيد القوى وَله فِي ذَلِك أَخْبَار عَجِيبَة حكى الْمبرد فِي الْكَامِل أَن أَبَاهُ عليا استطال درعاً كَانَت لَهُ فَقَالَ لَهُ يقص مِنْهَا كَذَا وَكَذَا حَلقَة فَقبض مُحَمَّد بِإِحْدَى يَدَيْهِ على ذيلها وبالأخرى على فَضلهَا ثمَّ جذبها فقطعها من الْموضع الَّذِي حَده أَبوهُ وَكَانَ عبد الله بن الزبير إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث غضب واعتراه أفكل وَهِي الرعدة لِأَنَّهُ كَانَ يحسده على قوته وَكَانَ عبد الله أَيْضا شَدِيد القوى
وَقَالَ ابْن سعد جَاءَ رجل إِلَى ابْن الْحَنَفِيَّة فسل عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ كَيفَ أنتمفقال مُحَمَّد إِنَّمَا مثلنَا فِي هَذِه الْأمة مثل بني إِسْرَائِيل فِي آل فِرْعَوْن كَانَ يذبح أَبْنَاءَهُم ويستحيي نِسَاءَهُمْ وَإِن هَؤُلَاءِ يذبحون أبناءنا وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا بِغَيْر أمرنَا وَكَانَ يَقُول لَيْسَ بِحَكِيم من لم يعاشر بِالْمَعْرُوفِ من لم يجد من معاشرته بدا حَتَّى يَجْعَل الله لَهُ فرجاًٍ ومخرجاً
وَكتب ملك الرّوم إِلَى عبد الْملك يتهدده ويتوعده وَيحلف أَنه يبْعَث إِلَيْهِ مائَة ألف فِي الْبر وَمِائَة ألف فِي الْبَحْر أَو يُؤَدِّي لَهُ الْجِزْيَة فَكتب إِلَى الْحجَّاج أَن اكْتُبْ إِلَى ابْن الْحَنَفِيَّة وتوعده وتهدده ثمَّ أَخْبرنِي بِمَا يكْتب إِلَيْك فَكتب الْحجَّاج إِلَيْهِ يتوعده بِالْقَتْلِ فَكتب إِلَيْهِ ابْن الْحَنَفِيَّة إِن لله فِي خلقه فِي كل يَوْم ثَلَاث مائَة وَسِتِّينَ نظرة وَأَنا أَرْجُو أَن الله ينظر إِلَيّ نظرة يَمْنعنِي بهَا مِنْك فَكتب الْحجَّاج بكتابه إِلَى عبد الْملك فَكتب عبد الْملك نسخته إِلَى ملك الرّوم فَقَالَ ملك الرّوم مَا خرج هَذَا مِنْك وَلَا من أهل بَيْتك مَا خرج إِلَّا من بَيت النُّبُوَّة
وَكَانَ يخضب بِالْحِنَّاءِ والكتم فَقيل لَهُ أَكَانَ أَبوك يخضبفقال لَا قيل فَمَا بالكقال أتشبب النِّسَاء وَكَانَ يلبس الْخَزّ ويتعمم عِمَامَة سَوْدَاء ويتختم فِي يسَاره وَكَانَ يطلي رَأس أمه ويمشطها وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده عبد الله أبي هَاشم الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْفرْقَة الهاشمية من الإمامية فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
الباقر رضي الله عنه مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنْهُم أَبُو)
جَعْفَر الباقر سيد بني هَاشم فِي وقته
روى عَن جديه الْحسن وَالْحُسَيْن وَعَائِشَة وَأم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَجَابِر وَسمرَة بن جُنْدُب وَعبد الله بن جَعْفَر وَأَبِيهِ وَسَعِيد بن الْمسيب وَطَائِفَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
مولده سنة سِتّ وَخمسين قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فعلى هَذَا لم يسمع من عَائِشَة وَلَا من جديه
وَكَانَ أحد من جمع الْعلم وَالْفِقْه والديانة والثقة والسودد وَكَانَ يصلح للخلافة وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة الإثني عشر الَّذين يعْتَقد الرافضة عصمتهم وَسمي بالباقر لِأَنَّهُ بقر الْعلم أَي شقَّه فَعرف أَصله وخفيه
قَالَ ابْن فُضَيْل عَن سَالم بن أبي حَفْصَة سَأَلت أَبَا جَعْفَر وَابْنه جعفراً الصَّادِق عَن أبي بكر وَعمر فَقَالَا لي يَا أَبَا سَالم تولهما وابرأ من عدوهما فَإِنَّهُمَا كَانَا أَمَامِي هدى وَابْن فُضَيْل من أَعْيَان الشِّيعَة الصَّادِقين
قَالَ اسحق الْأَزْرَق عَن بسام الصَّيْرَفِي سَأَلت أَبَا جَعْفَر عَن أبي بكر وَعمر فَقَالَ وَالله إِنِّي لأتولاهما وَأَسْتَغْفِر لَهما وَمَا أدْركْت أحدا من أهل بَيْتِي إِلَّا وَهُوَ يتولاهما رُوِيَ أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مائَة وَخمسين رَكْعَة
توفّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَة على الصَّحِيح وَقيل سنة سبع عشرَة وَقيل غير ذَلِك
ويعتقد قوم من الرافضة يعْرفُونَ بالباقرية أَنه لم يمت وَسَاقُوا الْإِمَامَة من عَليّ رضي الله عنه فِي أَوْلَاده إِلَى مُحَمَّد الباقر وَزَعَمُوا أَنه الْمهْدي المنتظر وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لجَابِر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ إِنَّك تَلقاهُ فاقرأه مني السَّلَام وَكَانَ جَابِرا آخر من مَاتَ بِالْمَدِينَةِ من الصَّحَابَة وَكَانَ قد عمي آخر عمره فَكَانَ يمشي بِالْمَدِينَةِ وَيَقُول يَا باقر مَتى ألقاكفمر يَوْمًا فِي بعض سِكَك الْمَدِينَة فناولته جَارِيَة صَبيا فِي حجرها فَقَالَ لَهَا من هذافقالت مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ فضمه إِلَى صَدره وَقبل رَأسه وَيَديه وَقَالَ يَا بني جدك رَسُول الله يُقْرِئك السَّلَام ثمَّ قَالَ جَابر نعيت إِلَيّ نَفسِي فَمَاتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَقَالَت هَذِه الطَّائِفَة مَا أقرأه السَّلَام إِلَّا وَهُوَ الْمهْدي المنتظر يُقَال لَهُم بعد صِحَة الْخَبَر يَنْبَغِي أَن يكون أويس الْقَرنِي مهدياً منتظراً لِأَنَّهُ صَحَّ أَنه قَالَ لعمر وَعلي رضي الله عنهما إنَّكُمَا تلقيان أويساً الْقَرنِي فأقرئاه مني السَّلَام)
وَكَانَت وَفَاته بالحميمة وَنقل إِلَى الْمَدِينَة وَدفن بِالبَقِيعِ فِي الْقَبْر الَّذِي فِيهِ أَبوهُ وَعم أَبِيه الْحسن بن عَليّ فِي الْقبَّة الَّتِي فِيهَا قبر الْعَبَّاس
أَبُو السفاح مُحَمَّد الإِمَام مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس أَبُو عبد الله وَالِد
السفاح والمنصور
روى عَن أَبِيه وَسَعِيد بن جُبَير وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَأرْسل عَن جده وَبَينه وَبَين أَبِيه فِي المولد أَربع عشرَة سنة وَكَانَ أَبوهُ يخضب فيظن من لَا يدْرِي أَن مُحَمَّدًا هُوَ الْأَب عَاشَ مُحَمَّد سِتِّينَ سنة وَهُوَ الَّذِي أوصى إِلَيْهِ عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَدفع إِلَيْهِ كتبه وَألقى إِلَيْهِ إِن هَذَا الْأَمر فِي ولدك وَكَانَ عبد الله قد قَرَأَ الْكتب وَكَانَ ابْتِدَاء دَعْوَة بني الْعَبَّاس إِلَى مُحَمَّد ولقبوه بِالْإِمَامِ وكاتبوه سرا بعد الْمِائَة وَالْعِشْرين وَلم يزل أمره يقوى ويتزايد فعاجلته الْمنية وَقد انتشرت دَعوته بخراسان وَأوصى بِالْأَمر إِلَى ابْنه إِبْرَاهِيم فَلم تطل مدَّته بعد أَبِيه فعهد إِلَى أَخِيه أبي الْعَبَّاس السفاح وَقيل إِن مُحَمَّدًا كَانَ من أجمل النَّاس وأمدهم قامة وَكَانَ رَأسه مَعَ منْكب أَبِيه وَكَانَ رَأس أَبِيه مَعَ منْكب عبد الله بن الْعَبَّاس وَكَانَ رَأس عبد الله مَعَ منْكب أَخِيه وروى عَن مُحَمَّد الْجَمَاعَة خلا البُخَارِيّ
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة
شَيْطَان الطاق مُحَمَّد بن عَليّ بن النُّعْمَان الْكُوفِي أَبُو جَعْفَر يتشيغ وَله مَعَ أبي حنيفَة خبر توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَة وَكَانَ معتزلياً وَكَانَ أَحول
وَهُوَ الْقَائِل
(وَلَا تَكُ فِي حب الأخلاء مفرطاً
…
وَإِن أَنْت أبغضت البغيض فأجمل)
(فَإنَّك لَا تَدْرِي مَتى أَنْت مبغضٌ
…
صديقك أَو تعذر عَدوك فاعقل)
والرافضة تنتحله وتسميه مَيْمُون الطاق كَانَ صيرفياً بِالْكُوفَةِ بطاق المحامل اخْتلف هُوَ وصيرفي فِي نقد دِرْهَم فغلبه هَذَا وَقَالَ أَنا شَيْطَان الطاق فغلب عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم
وَقَالَ بشار بن برد شَيْطَان الطاق أشعر مني وَقيل لَهُ وَيحك أما استحييت أما اتَّقَيْت الله أَن تَقول فِي كتاب الْإِمَامَة أَن الله لم يقل قطّ فِي الْقُرْآن ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الغارفضحك طَويلا
وسَاق شَيْطَان الطاق الْإِمَامَة إِلَى مُوسَى بن جَعْفَر وَقطع بِمَوْت مُوسَى وشارك هِشَام بن الحكم)
فِي قَوْله إِن الله تَعَالَى يعلم الْأَشْيَاء بعد وُقُوعهَا وَلَا يعلم أَنَّهَا ستقع وَقَالَ إِن الله تَعَالَى على صُورَة إِنْسَان لقَوْله عليه السلام إِن الله خلق آدم على صُورَة الرَّحْمَن لكنه لَيْسَ بجسم
وَله طَائِفَة من الرافضة ينسبون إِلَيْهِ يعْرفُونَ بالشيطانية وَسَمَّاهُمْ الشهرستاني فِي كِتَابه النعمانية وَقَالَ إِنَّه صنف للرافضة كتبا جمة مِنْهَا كتاب افْعَل لم فعلت وَكتاب افْعَل لَا تفعل وَيذكر
فِيهَا أَن كبار الْفرق أَرْبَعَة الْقَدَرِيَّة والخوارج والعامة والشيعة ثمَّ عين الشِّيعَة بالنجاة فِي الْآخِرَة من هَذِه الْفرق قَالَ وَذكر عَن هِشَام بن سَالم وَمُحَمّد بن النُّعْمَان أَنَّهُمَا أمسكا عَن الْكَلَام فِي الله تَعَالَى ورويا عَمَّن يوجبان تَصْدِيقه أَنه سُئِلَ عَن قَول الله تَعَالَى وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى قَالَ إِذا بلغ الْكَلَام إِلَى الله تَعَالَى فأمسكوا فأمسكا عَن القَوْل فِي الله والتفكر فِيهِ حَتَّى مَاتَا هَذَا قَول الْوراق
مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب
كَانَ فصيحاً شَاعِرًا هرب من بني الْعَبَّاس إِلَى أَن ظهر بخراسان فأضرمها نَارا فاعتنى الْمهْدي بأَمْره فَرغب إِلَيْهِ فِي أَن يرجع إِلَى الطَّاعَة فَقَالَ
(أبعد أَن قتلوا أَعْلَام سادتنا
…
وجرعونا كؤس الحتف والذل)
(وَقد شهرت حسام الله مبتغياً
…
فِي الأَرْض مَا ضيعوا من سيرة الْعدْل)
(أعطي يَدي لِأُنَاس قطعُوا رحمي
…
هَذَا لعمرك مني غَايَة الْجَهْل)
فبلغت الأبيات الْمهْدي فحمي واغتاظ وَشد فِي طلبه حَتَّى ظفر بِهِ وَقتل وَحمل رَأسه إِلَيْهِ فَقَالَ الْمهْدي لَا حول وَلَا قوَّة إلَاّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم لن ينْتَفع بهَا إِلَّا بعد مَا تقطع وَلم يعقب هَذَا مُحَمَّد وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده عَليّ وَذكر وَالِده المثلث وجده الْمثنى وجد أَبِيه السبط كل مِنْهُم فِي مَكَانَهُ وَله أَخ يُسمى حُسَيْنًا
مُحَمَّد الْجواد مُحَمَّد بن عَليّ هُوَ الْجواد بن الرِّضَا بن الكاظم مُوسَى بن الصَّادِق جَعْفَر رضي الله عنهم
كَانَ يلقب بالجواد وبالقانع وبالمرتضى وَكَانَ من سروات آل بَيت النُّبُوَّة زوجه الْمَأْمُون بابنته وَكَانَ يبْعَث إِلَى الْمَدِينَة فِي كل عَام أَكثر من ألف ألف دِرْهَم
توفّي بِبَغْدَاد شَابًّا طرياًً بعد وَفَاة الْمَأْمُون سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَقد قدم على المعتصم فَأكْرمه وأجله وقبره عِنْد قبر جده مُوسَى وَكَانَ من الموصوفين بالسخاء وَلذَلِك لقب الْجواد وَهُوَ أحد)
الْأَئِمَّة الاثْنَي عشر ومولده سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة وَلما مَاتَ حملت زَوجته أم الْفضل إِلَى دَار المعتصم
قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مزِيد كنت بِبَغْدَاد فَقَالَ لي مُحَمَّد بن مَنْدَه هَل لَك أَن أدْخلك على مُحَمَّد بن عَليّ الرضافقلت نعم فأدخلنا عَلَيْهِ فسلمنا وَجَلَسْنَا فَقَالَ لَهُ حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن فَاطِمَة رضي الله عنها أحصنت فرجهَا فَحرم الله ذريتها على النارقال خَاص لِلْحسنِ
وَالْحُسَيْن رضي الله عنهما
وَكَانَ يروي مُسْندًا عَن آبَائِهِ إِلَى عَليّ رَضِي عَنهُ أَنه قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيمن فَقَالَ لي وَهُوَ يوصيني يَا عَليّ مَا خَابَ من استخار وَلَا نَدم من اسْتَشَارَ يَا عَليّ عَلَيْك بالدلجة فَإِن الأَرْض تطى بِاللَّيْلِ مَا لَا تطى بِالنَّهَارِ يَا عَليّ اغْدُ بِسم الله فَإِن الله بَارك لأمتي فِي بكورها
ابْن أبي خِدَاش العابد مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي خِدَاش ابو هَاشم الْأَسدي الْموصِلِي العابد راوية الْمعَافى بن عمرَان
كَانَ صَالحا زاهداً مُجَاهدًا اسْتشْهد فِي سَبِيل الله بسميساط مُقبلا غير مُدبر سنة اثْنَتَيْ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
الرقي الْعَطَّار مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون الرقي الْعَطَّار
روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ الْحَاكِم ثِقَة مَأْمُون كَانَ إِمَام أهل الجزيرة فِي عصره توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
ابْن حَمْزَة الْعلوِي مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة الْعلوِي الأخباري الشَّاعِر روى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم وَوَثَّقَهُ وَتُوفِّي سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا دونهَا
وَمن شعره
(لَو كنت من أَمْرِي على ثقةٍ
…
لصبرت حَتَّى يَنْتَهِي أَمْرِي)
(لَكِن نوائبه تحركني
…
فاذكر وقيت نَوَائِب الدَّهْر)
(وَاجعَل لحاجتنا وَإِن كثرت
…
أشغالكم حظاً من الذّكر)
والمرء لَا يَخْلُو على عقب الْأَيَّام من ذمٍ وَمن شكر الْحَافِظ فستقة مُحَمَّد بن عَليّ بن الْفضل الْحَافِظ فستقة الْبَغْدَادِيّ توفّي سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا)
قبلهَا
الْحَافِظ قرطمة مُحَمَّد بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ قرطمة توفّي سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا قبلهَا
الصَّائِغ الْمُحدث بِمَكَّة مُحَمَّد بن عَليّ الصَّائِغ كَانَ مُحدث مَكَّة فِي وقته مَعَ الصدْق والمعرفة توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
البيكندي الْبَلْخِي مُحَمَّد بن عَليّ بن طرخان البيكندي الْبَلْخِي أَكثر الترحال وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
الشلمغاني مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو جَعْفَر ابْن أبي العزاقر الشلمغاني الزنديق
أحدث مَذْهَب الرَّفْض فِي بَغْدَاد وَقَالَ بالتناسخ وحلول الإلهية فِيهِ ومخرق على النَّاس وضل بِهِ جمَاعَة وَأظْهر أمره أَبُو الْقَاسِم الْحُسَيْن بن روح الَّذِي تسميه الرافضة الْبَاب تَعْنِي أحد الْأَبْوَاب إِلَى صَاحب الزَّمَان فَطلب فاختفى وهرب إِلَى الْموصل وَأقَام سِنِين ثمَّ رد إِلَى بَغْدَاد وَأظْهر عَنهُ أَنه يَدعِي الربوبية وَقبض عَلَيْهِ ابْن مقلة وسجنه وكبس دَاره فَوجدَ فِيهَا رِقَاعًا وكتباً فِيهَا لَهُ مخاطبات من النَّاس بِمَا لَا يُخَاطب بِهِ الْبشر وَجَرت أُمُور وأتفى الْعلمَاء بِإِبَاحَة دَمه فَأحرق
وَكَانَ ابْن أبي عون أحد أَتْبَاعه وَهُوَ الْفَاضِل الَّذِي لَهُ التصانيف المليحة مثل مثل الشهَاب والأجوبة المسكنة وَهُوَ من أَعْيَان الْكتاب وَضرب ابْن أبي عون بالسياط ثمَّ ضرب عُنُقه وأحرق وَكَانَ ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وشلمغان بالشين الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الْمِيم والغين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا ألف بعْدهَا نون
دندن الْكَاتِب مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو عَليّ يعرف بدندن بدالين ونونين
كَاتب يهجو الْكتاب قَالَ فِي مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الزيات لما أوقع بِهِ المتَوَكل
(ألم تَرَ أَن الله أيد دينه
…
وأوقع بالزيات لما تجبرا)
(وَكم قَائِل والدمع يسْبق قَوْله
…
بِهِ لَا بظبيٍ بالصريمة أعفرا)
(عَلَيْك سَلام لم توفره نيةٌ
…
كَذَلِك شَيْء قد تولى فَأَدْبَرَا)
مبرمان النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل أَبُو بكر العسكري مُصَنف شرح سِيبَوَيْهٍ وَلم يتمه
لقبه الْمبرد مبرمان لِكَثْرَة سُؤَاله وملازمته لَهُ أَفَادَ بالأهواز مُدَّة وَكَانَ دني النَّفس مهيناً يلح بِالطَّلَبِ من تلامذته كَانَ إِذا أَرَادَ الْحُضُور إِلَى منزله ركب فِي طبلية حمال من غير عجز بِهِ وَرُبمَا بَال على الْحمال فَيَصِيح ذَلِك الْحمال فَيَقُول لَهُ احسب أَنَّك حملت رَأس غنم وَرُبمَا كَانَ)
يتنقل بِالتَّمْرِ ويحذف الطّلبَة بالنوى
أَخذ عَنهُ الْكِبَار مثل السيرافي وَأبي عَليّ الْفَارِسِي ولع كتاب الْعُيُون وَكتاب علل النَّحْو وَشرح سِيبَوَيْهٍ ول يتم وَكتاب التَّلْقِين وَشرح شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ كتاب المجاري لطيف كتاب صفة شكر الْمُنعم
توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
الْوَزير ابْن مقلة مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن مقلة الْوَزير ابو عَليّ صَاحب الْخط الْمَنْسُوب
ولي بعض أَعمال فَارس وتنقلت بِهِ الْأَعْمَال وَالْأَحْوَال حَتَّى وزر للمقتدر سنة سِتّ عشرَة فَقبض عَلَيْهِ بعد عَاميْنِ وعاقبه وصادره ونفاه إِلَى فَارس ثمَّ استوزره القاهر بِاللَّه ونكبه ثمَّ وزر للراضي قَلِيلا وأمسكه سنة أَربع وَعشْرين وَضرب بالسياط وعلق وصودر وَأخذ خطه بِأَلف ألف دِينَار ثمَّ تخلص
ثمَّ إِن ابْن رائق الْمُقدم ذكره لما تمكن احتاط على ضيَاعه وأملاكه فَكتب ابْن مقلة إِلَى الراضي أَنه إِن مكن من ابْن رائق خلص مِنْهُ ثَلَاثَة آلَاف ألف دِينَار فَأَجَابَهُ فَلَمَّا حضر إِلَيْهِ حَبسه واطلع ابْن رائق على الْخَبَر فَقطع يَده وحبسه فندم الراضي وداواه فَكَانَ ينوح ويبكي على يَده وَيَقُول كتبت بهَا الْقُرْآن وخدمت بهَا الْخُلَفَاء تقطع مثل اللُّصُوص وَكَانَ يشد الْقَلَم على يَده وَيكْتب فَأخذ يراسل الراضي ويطمعه فِي الْأَمْوَال فَلَمَّا قرب بِحكم أحد خَواص ابْن رائق من بَغْدَاد أَمر ابْن رائق بِقطع لِسَان ابْن مقلة فَقطع ولحقه ذرب وَمَات فِي السجْن سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَلَاث مائَة ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
وَقَالَ أَبُو الْحسن ثَابت بن قُرَّة الطَّبِيب كنت إدخل إِلَيْهِ السجْن فيشكو إِلَيّ فأعزيه وَأَقُول هَذَا انْتِهَاء الْمَكْرُوه وخاتمة القطوع فينشدني
(إِذا مَا مَاتَ بعضك فابك بَعْضًا
…
فَإِن الْبَعْض من بعضٍ قريب)
وَمن شعره فِي يَده مَا سئمت الْحَيَاة لَكِن توثقت بأيمانهم فَبَانَت يَمِيني
(بِعْت ديني لَهُم بدنياي حَتَّى
…
حرموني دنياهم بعد ديني)
(وَلَقَد حطت مَا اسْتَطَعْت بجهدي
…
حفظ أَرْوَاحهم فَمَا حفظوني)
(لَيْسَ بعد الْيَمين لَذَّة عيشٍ
…
يَا حَياتِي بَانَتْ يَمِيني فبيني)
)
وَمن شعره
(وَإِذا رَأَيْت فَتى بِأَعْلَى رتبةٍ
…
فِي شامخٍ من عزه المتنع)
(قَالَت لي النَّفس العروف بِقَدرِهَا
…
مَا كَانَ أولاني بِهَذَا الْموضع)
وَمن شعره لست ذَا ذلةٍ إِذا عضني الدَّهْر وَلَا شامخاً إِذا واتاني أَنا نارق فِي مرتقى نفس الْحَاسِد ماءٌ جارٍ مَعَ الإخوان وَابْن مقلة هَذَا أول من نقل هَذِه الطَّرِيقَة من خطّ الْكُوفِيّين إِلَى هَذِه الصُّورَة
وَمِمَّنْ مدحه من الشُّعَرَاء ابْن الرُّومِي الشَّاعِر وَله فِيهِ قصيدة الَّتِي مِنْهَا
(كَذَا قضى الله للأقلام مذ بريت
…
أَن السيوف لَهَا مذ أرهفت خدم)
وَفِيه قَالَ الشَّاعِر
(وَقَالُوا الْعَزْل للوزراء حيضٌ
…
لحاه الله من حيضٍٍ بغيض)
(وَلَكِن الْوَزير أَبَا عليٍ
…
من اللائي يئسن من الْمَحِيض)
وَمن الْعَجَائِب أَن الْوَزير ابْن مقلة تقلد الوزارة ثَلَاث مَرَّات وسافر فِي عمره ثَلَاث مَرَّات وَاحِدَة إِلَى الْموصل واثنتين فِي النَّفْي إِلَى شيراز وَدفن بعد مَوته ثَلَاث مَرَّات فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع
وَمن شعره
(أَحْبَبْت شكوى الْعين من أجلهَا
…
لِأَنَّهَا تستر وجدي بهَا)
(كنت إِذا أرْسلت لي دمعةٌ
…
قَالَ أناسٌ ذَاك من حبها)
(فصرت أبْكِي الْآن مسترسلاً
…
أُحِيل بالدمع على سكبها)
وَقَالَ بَعضهم يرثيه
(استشعَرَ الكُتَّابُ فقدَك سالفاً
…
وقضتْ بصحَّة ذَلِك الْأَيَّام)
(فلذاك سودت الدوي كآبةً
…
أسفا عَلَيْك وَشقت الأقلام)
وَمَات فِي السجْن وَله سِتُّونَ سنة وباشر الْأَعْمَال وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة سنة وَكَانَ لَا بُد أَن يشرب بعد صَلَاة الْجُمُعَة ويصطبح يَوْم السبت ويشترى لَهُ كل جُمُعَة فَاكِهَة بِخمْس مائَة دِينَار
أَبُو بكر الكتاني الصُّوفِي مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر ابو بكر الكتاني)
أَصله من بَغْدَاد وجاور بِمَكَّة حَتَّى مَاتَ بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث مائَة كَانَ من خِيَار مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَأحد الْأَئِمَّة الْمشَار إِلَيْهِم فِي عُلُوم الْحَقَائِق والزهد وَالْعِبَادَة
قَالَ المرتعش الكتاني سراج الْحرم وَقَالَ السّلمِيّ ختم الكتاني فِي الطّواف اثْنَي عشر ألف ختمة
اسْتَأْذن أمه فِي الْحَج فَأَذنت لَهُ فَلَمَّا دخل الْبَادِيَة أصَاب ثَوْبه بَوْل فَقَالَ هَذَا خلل فَعَاد إِلَى بَيته وَإِذا أمه جالسة خلف الْبَاب فَقَالَ مَا هذافقالت اعتقدت مَعَ الله تَعَالَى أَن لَا أَبْرَح من هَذَا الْمَكَان حَتَّى تعود وَقَالَ رَأَيْت فِي مَنَامِي حوراء مَا رَأَيْت فِي الدُّنْيَا أحسن مِنْهَا فَقلت زوجيني نَفسك فَقَالَت اخطبني من سَيِّدي فَقلت مَا مهركفقالت حبس النَّفس عَن مأولفاتها توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
أَبُو حشيشة الطنبوري مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي أُميَّة الْكَاتِب وكنيته ابو حشيشة
الطنبوري
وَصفه مُخَارق لِلْمَأْمُونِ وَهُوَ بِدِمَشْق فَخرج إِلَيْهِ وَهُوَ حدث وغناه وَلم يزل يُغني للخلفاء وَاحِدًا إِلَى خلَافَة المستعين وَرُبمَا تجَاوز ذَلِك
وَقَالَ
(إِن الإِمَام المستعين بريه
…
غيثٌ يعم الأَرْض بالبركات)
وَقَالَ
(وأخص مِنْك وَقد عرفت محبتي
…
بالصد والإعراض والهجران)
(وَإِذا شكوتك لم أجد لي مسعداً
…
ورميت فِيمَا قلت بالبهتان)
وَله كتاب الْمُغنِي الْمجِيد وأخبار الطنبوريين
الْقفال الْكَبِير الشَّاشِي مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْقفال الشَّاشِي الْفَقِيه الشَّافِعِي إِمَام عصره
كَانَ فَقِيها مُحدثا أصولياً لغوياً شَاعِرًا لم يكن بِمَا وَرَاء النَّهر مثله فِي وقته للشَّافِعِيَّة رَحل إِلَى خُرَاسَان وَالْعراق والحجاز وَالشَّام والثغور وَسَار فِي ذكره فِي الْبِلَاد وصنف فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَسمع ابْن خُزَيْمَة وَمُحَمّد بن جرير وَعبد الله الْمَدَائِنِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد الباغندي وابا الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأَبا عرُوبَة الْحَرَّانِي وطبقتهم
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي الطَّبَقَات توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ وهم وَلَعَلَّه تصحف عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ بستين فَإِن الصَّحِيح وَفَاته سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة لِأَن الْحَاكِم والسمعاني ورخاه فِي هَذِه)
السّنة مولده سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
وَقَالَ أَبُو غسحاق أَنه درس على ابْن سُرَيج فَلم يلْحقهُ لِأَنَّهُ رَحل من الشاش إِلَيْهِ سنة تسع وَثَلَاث مائَة وَابْن سُرَيج مَاتَ سنة سِتّ وَثَلَاث مائَة
وَهُوَ أول من صنف الجدل الْحسن من الْفُقَهَاء وَله شرح الرسَالَة وَكتاب فِي أصُول الْفِقْه وَعنهُ انْتَشَر مَذْهَب الشَّافِعِي فِي بِلَاده وَهُوَ صَاحب وَجه فِي الْمَذْهَب وَمن غرائب وجوهه مَا نَقله عَنهُ الشَّيْخ محيي الدّين فِي الرَّوْضَة أَن الْمَرِيض يجوز لَهُ الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ بِعُذْر الْمَرَض وَأَنه اسْتحبَّ أَن الْكَبِير يعق عَن نَفسه وَقد قَالَ الشَّافِعِي لَا يعق عَن كَبِير
وروى عَنهُ الْحَاكِم وَابْن مَنْدَه وَغَيرهمَا وَابْنه الْقَاسِم هُوَ مُصَنف التَّقْرِيب الَّذِي نقل عَنهُ صَاحب النِّهَايَة والوسيط والبسيط وَقد ذكره الْغَزالِيّ فِي الْبَاب الثَّانِي من كتاب الرَّهْن لكنه قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَهُوَ غلط وَصَوَابه الْقَاسِم
وَقَالَ الْعجلِيّ فِي شرح مشكلات الْوَجِيز والوسيط فِي الْبَاب الثَّالِث من كتاب التَّيَمُّم أَن صَاحب التَّقْرِيب هُوَ أَبُو بكر الْقفال وَقيل أَنه ابْنه الْقَاسِم فَلهَذَا يُقَال صَاحب التَّقْرِيب على الْإِبْهَام
قَالَ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان رحمه الله ثمَّ رَأَيْت فِي شَوَّال من سنة خمس وست مائَة فِي خزانَة الْكتب بِالْمَدْرَسَةِ العادلية بِدِمَشْق كتاب
التَّقْرِيب فِي سِتّ مجلدات وَهُوَ من حِسَاب عشر مجلدات وَكتب عَلَيْهِ أَنه من تصنيف ابي الْحسن الْقَاسِم بن أبي بكر الْقفال الشَّاشِي وَهَذَا التَّقْرِيب غير التَّقْرِيب الَّذِي لسليم الرَّازِيّ فَإِنِّي رَأَيْت خلقا كثيرا من الْفُقَهَاء يعتقدونه هُوَ فَلهَذَا نبهت عَلَيْهِ وتقريب ابْن الْقفال قَلِيل الْوُجُود
وللقفال أَيْضا دَلَائِل النُّبُوَّة ومحاسن الشَّرِيعَة وَهُوَ الْقفال الْكَبِير وَالصَّغِير هُوَ الْمروزِي الَّذِي توفّي بعد الْأَرْبَع مائَة وَالْأول يتَكَرَّر ذكره فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْأُصُول وَالْكَلَام وَالثَّانِي فِي الفقهيات وَقَالَ الْحَاكِم كَانَ الْقفال شَيخنَا أعلم من لَقيته من عُلَمَاء الْعَصْر
الحماحمي مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن صَالح بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو بكر الحماحمي لقب بذلك لِأَنَّهُ مر بِهِ رجل يَبِيع الحماحم فصاح بِهِ يَا حماحمي فلقب بِهِ وَهُوَ متوكلي نزل حلب وَهُوَ الْقَائِل
(كم موقفٍ لي بِبَاب الجسر أذكرهُ
…
بل لست أنسى أينسى نَفسه أحد)
(نزهت عَيْني فِي حسن الْوُجُوه بِهِ
…
حَتَّى أصَاب بعيني عَيْني الْحَسَد)
)
وَقَالَ
(أَرَاك تقل فِي عَيْني وقلبي
…
كَأَنَّك من بني الْحسن بن سهل)
وَقَالَ
(أَشْكُو هَوَاك وَأَنت تعلم أنني
…
من بعد مَا كذبت قولي صَادِق)
يَا من تجاهل قدوعلنمك بالهوى أنباك سقمي أنني لَك عاشق الْحَافِظ القصاب مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْحَافِظ أَبُو أحمكد الكرجي القصاب إِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك لِكَثْرَة مَا أهراق من دِمَاء الْكفَّار
أحد الْأَئِمَّة لَهُ تصانيف مِنْهَا كتاب ثَوَاب الْأَعْمَال وَكتاب عِقَاب الْأَعْمَال وَشرح السّنة وتأديب الْأَئِمَّة توفّي سنة سِتِّينَ وَثَلَاث مائَة أَو مَا قبلهَا
أَبُو بكر النقاش الْمُحدث مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن أَحْمد أَبُو بكر النقاش نزيل تنيس
وَهُوَ رَاوِي نُسْخَة فليح كَانَ أحد أَئِمَّة الحَدِيث توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
ابْن رستم وَزِير خمارويه مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن رستم أَبُو بكر الْبَغْدَادِيّ الماذرائي الْكَاتِب وزر لخمارويه صَاحب مصر
لَهُ مَنَاقِب وَلم يكن لَهُ بلاغة الْكتاب وَلَا مُبَالغَة فِي النَّحْو لكنه كَانَ ذكياً صَاحب بديهة بلغ أملاكه فِي السّنة أَربع مائَة ألف دِينَار
توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
ابْن رزين الوَاسِطِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن رزين الوَاسِطِيّ
قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان معتصمي هُوَ الْقَائِل لِلْحسنِ بن وهب وَقد افتصد
(أراق الفصد خير دمٍ
…
دم الأذهان والفهم)
(دمٌ أهْدى المداد إِلَى
…
دَوَاة الْملك والقلم)
لقد أضحى الطَّبِيب غَدَاة فصدك طيب النسم
(وَرَاح وَفِي حديدته
…
دم الْمَعْرُوف وَالْكَرم)
ابْن الْمعِين النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن أَبُو طَاهِر النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْمعِين غُلَام ثَعْلَب
حدث عَن أبي العيناء وروى عَنهُ أَبُو بكر مكرم بن أَحْمد فِي كتاب الرغائب من جمعه توفّي)
سنة ثَمَان وَثَلَاث مائَة
الماسرجسي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عَليّ بن سهل بن مصلح الْفَقِيه أَبُو الْحسن الماسرجسي ابْن بنت الْحسن بن عِيسَى بن ماسرجس النَّيْسَابُورِي
شيخ الشَّافِعِيَّة فِي عصره سمع وروى قَالَ الْحَاكِم كَانَ أعرف الْأَصْحَاب بِالْمذهبِ وترتيبه صحب أَبَا إِسْحَاق الْمروزِي إِلَى مصر وَلَزِمَه وَكَانَ معيد أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ صَاحب وَجه فِي الْمَذْهَب وَعَلِيهِ تفقه القَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ وَسمع من خَاله المؤمل بن الْحسن بن عِيسَى وَسمع بِمصْر من أَصْحَاب الْمُزنِيّ وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصَّدَفِي
وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم بن البيع عقد لَهُ مجْلِس الْأُمَرَاء فِي دَار السّنة فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
وَتُوفِّي سادس جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وعمره سِتّ وَسَبْعُونَ سنة
أَبُو طَالب الْمَكِّيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن عَطِيَّة الْحَارِثِيّ أَبُو طَالب مُصَنف قوت الْقُلُوب
كَانَ من أهل الْجَبَل وَنَشَأ فِي مَكَّة وتزهد وَله لِسَان حُلْو فِي التصوف قَالَ أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بن عَليّ ابْن العلاف أَنه وعظ بِبَغْدَاد وخلط فِي كَلَامه وَحفظ عَنهُ أَنه قَالَ لَيْسَ على المخلوقين أضرّ من الْخَالِق فبدعه النَّاس وهجروه قَالَه الْخَطِيب عَن أبي طَاهِر
وَكَانَ يسْتَعْمل الرياضة كثيرا
وهجر الطَّعَام زَمَانا وَاقْتصر على أكل الحشائش الْمُبَاحَة فاخضر جلده وَلَقي جمَاعَة من الْمَشَايِخ فِي الحَدِيث وَعلم الطَّرِيقَة وَأخذ عَنْهُم
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة ذكر فِي قوت الْقُلُوب أَحَادِيث لَا أصُول لَهَا قلت وَلَقَد رَأَيْت غير مرّة عِنْد الشَّيْخ مجد الدّين الأقصرائي شيخ الشُّيُوخ بخانقاه سرياقوس نُسْخَة بقوت الْقُلُوب فِي مجلدة وَاحِدَة بِخَط الْوَلِيّ العجمي مَا رَأَيْت مثلهَا وَلَا غَيْرِي وَلَو أمكن بيعهَا لي اشْتَرَيْتهَا بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم لَكِنَّهَا كَانَت وَقفا أظنها على خانقاه كريم الدّين
توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة بِبَغْدَاد
الأدفوي النَّحْوِيّ الْمُفَسّر مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الإِمَام ابو بكر الأدفوي وأدفو قَرْيَة فِي الصَّعِيد قريب أسوان الْمصْرِيّ الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ الْمُفَسّر
لَهُ تَفْسِير الْقُرْآن فِي مائَة وَعشْرين مجلدة وَمِنْه نُسْخَة وقف بِمصْر فِي وقف الْفَاضِل توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة)
الجواليقي مُحَمَّد بن عَليّ الجواليقي الْكُوفِي يتشيع قَالَ يرثي الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه
(ابك حُسَيْنًا ليَوْم مصرعه
…
بالطف بَين الْكَتَائِب الخرس)
(يعدو عَلَيْهِ بِسيف وَالِده
…
أيدٍ طوال لمعشرٍ نكس)
(بِاللَّه مَا إِن رَأَيْت مثلهم
…
فِي يَوْم ضنكٍ قماطرٍ عبس)
(أحسن صبرا على الْبلَاء وَقد
…
ضيقت الْحَرْب مخرج النَّفس)
(أضحى بَنَات النَّبِي إِذْ قتلوا
…
فِي مأتم وَالسِّبَاع فِي عرس)
الشطرنجي مُحَمَّد بن عَليّ الشطرنجي قَالَ يهجو ابْن الْمُدبر لانتمائه إِلَى ضبة
(قد أحدث الْقَوْم دينا
…
وجدد الْقَوْم نسبه)
(وَكَانَ أمرا ضَعِيفا
…
فضببوه بضبه)
مَا أحسن مَا أَتَى بضبه هُنَا
الْوَزير فَخر الْملك مُحَمَّد بن عَليّ بن خلف الْوَزير فَخر الْملك أَبُو غَالب ابْن الصَّيْرَفِي الَّذِي صنف الفخري فِي الْجَبْر والمقابلة من أَجله وَالْكَافِي فِي الْحساب
كَانَ ممدحاً جواداً قَتله السُّلْطَان الدولة ابْن مخدومه بالأهواز سنة سبع وَأَرْبع مائَة
كَانَ وَزِير بهاء الدولة ابْن بويه ثمَّ وزر لوَلَده سُلْطَان الدولة وَكَانَ أعظم وزراء آل بويه على الْإِطْلَاق بعد ابْن العميد وَابْن عباد
أَصله من وَاسِط وَأَبوهُ صيرفي وَكَانَ وَاسع النِّعْمَة فسيح مجَال الهمة جم الْفَضَائِل والإفضال جزيل العطايا والنوال
مدحه الشُّعَرَاء وقصدوه مِنْهُم أَبُو نصر ابْن نباتة السَّعْدِيّ يَقُول فِيهِ من قصيدة نونية
(لكل فَتى قرين حِين يسمو
…
وفخر الْملك لَيْسَ لَهُ قرين)
(أنخ بجنابه واحكم عَلَيْهِ
…
بِمَا أملته وَأَنا الضمين)
فامتدحه بعض الشُّعَرَاء بعد هَذَا فَلم يرض إِجَازَته فجَاء إِلَى ابْن نباتة فَقَالَ أَنْت أغريتني بِعْهُ وغررتني فَأعْطَاهُ من عِنْده شَيْئا رَضِي بِهِ فَبلغ ذَلِك الْوَزير فسير إِلَى ابْن نباتة جملَة مستكثرة وَمثل هَذَا قَول أبي الطّيب
(وثقنا بِأَن تُعْطِي فَلَو لم تَجِد لنا
…
لخلناك قد أَعْطَيْت من قُوَّة الْوَهم)
)
وَمن هَذِه الْمَادَّة مَا كتب بِهِ بعض الشُّعَرَاء إِلَى ممدوح لَهُ
(لم أعاجلك بالرقاع إِلَى أَن
…
عاجلتني رقاع أهل الدُّيُون)
علمُوا أنني بمدحيك أمسيت مَلِيًّا فَأَصْبحُوا يرفعوني حذف النُّون الْوَاحِدَة وَهِي الَّتِي للرفعة عَلامَة رُبمَا جَازَ ذَلِك فِي الضَّرُورَة
وَلم يزل فَخر الْملك فِي عزه إِلَى أَن نقم عَلَيْهِ مخدومه سُلْطَان الدولة فحبسه ثمَّ قَتله وَدفن عِنْد جبل الأهواز وَلم يحكم دَفنه فتبشته الْكلاب وأكلته فشفع فِيهِ بعض اصحابه فنقلت عِظَامه إِلَى مشْهد هُنَاكَ ودفنت سنة ثَمَان وَأَرْبع مائَة وَمن شعرائه مهيار الديلمي وَقد استوفى أخباره هِلَال ابْن الصَّابِئ فِي تَارِيخه
مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي حَمْزَة الْعقيلِيّ الْكُوفِي مولى الْأَنْصَار
كَانَ هُوَ والدوابي وَبكر بن خَارِجَة يتراسلون الْأَشْعَار وَهُوَ الْقَائِل
(قَامَت تشجعني عرسي وَقد علمت
…
أَن الشجَاعَة مقرونٌ بهَا العطب)
(يَا هِنْد لَا وَالَّذِي حج الحجيج لَهُ
…
مَا يَشْتَهِي الْمَوْت عِنْدِي من لَهُ أدب)
(وَلست مِنْهُم وَلَا أَهْوى مقالهم
…
لَا الْجد يُعجبنِي مِنْهُم وَلَا اللّعب)
وَقَالَ فِي صديق لَهُ صلب على الزندقة
(لعمري لَئِن أَصبَحت فَوق مشذبٍ
…
طَوِيل يلاقيك السَّحَاب مَعَ الْقطر)
(لقد عِشْت مَبْسُوط الْيَدَيْنِ مبرزاً
…
وعوفيت عِنْد الْمَوْت من ضغطة الْقَبْر)
(وأفلت من ضيق التُّرَاب وغمه
…
وَلم تفقد الدُّنْيَا فَهَل لَك من شكر)
(فَإِن كنت زنديقاً فقد ذقت غب مَا
…
جنيت فَلَا يبعد سواك أَبَا عَمْرو)
النقاش الْحَافِظ الْحَنْبَلِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن عَمْرو بن مهْدي أَبُو سعيد النقاش الْأَصْبَهَانِيّ الْحَافِظ الْحَنْبَلِيّ
كَانَ من الثِّقَات الْمَشْهُورين توفّي سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة
ابو طَالب مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله تقدم ذكره فِي مُحَمَّد بن عبد الله هُوَ أَبُو طَالب الْبَغْدَادِيّ المستوفي الشَّاعِر الأديب الْكَاتِب
أَبُو بكر العبداني مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد العبداني ابو بكر أورد لَهُ الثعالبي فِي التَّتِمَّة
(شموسٌ مغاربهن الكلل
…
رشقن فُؤَادِي بِسَهْم الْمقل)
)
(وحملنني ثقل أردافهن
…
فيا وَيْح قلبِي مِمَّا حمل)
(ونادين قلبِي فلبى وَقَالَ
…
عزاي مَعَ الظاعنين ارتحل)
(فيا عين جودي وَلَا تبخلي
…
وَإِن كَانَ بِالصبرِ قلبِي بخل)
(وأدمعها كاثرت فِي الورى
…
أيادي الْوَزير الْكَبِير الْأَجَل)
مُحَمَّد بن عَليّ الضَّبِّيّ راوية العتابي شَاعِر طَاهِر بن الْحُسَيْن وَابْنه عبد الله وَهُوَ الْقَائِل فِي طَاهِر
(وقوفك تَحت ظلال السيوف
…
أقرّ الْخلَافَة فِي دارها)
(كَأَنَّك مطلعٌ فِي الْقُلُوب
…
إِذا مَا تناجت بأسرارها)
(فكرات طرفك مرتدةٌ
…
إِلَيْك بغامض أَخْبَارهَا)
(وَفِي راحتيك الردى والندى
…
وكلتاهما طوع ممتارها)
(وأقضية الله محتومةٌ
…
وَأَنت منفذ أقدارها)
أَبُو سهل الْهَرَوِيّ اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو سهل الْهَرَوِيّ اللّغَوِيّ الْمُؤَذّن
توفّي بِمصْر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة كَانَ رَئِيس المؤذنين بِجَامِع عَمْرو بن الْعَاصِ بِمصْر أَخذ عَن أبي عبيد الْهَرَوِيّ الْمُؤَذّن صَاحب كتاب الغريبين وروى عَنهُ الغريبين وَأخذ عَن أبي اسامة جُنَادَة بن مُحَمَّد اللّغَوِيّ وَعَن أبي يَعْقُوب النجيرمي
وَله شرح فصيح ثَعْلَب سَمَّاهُ الْإِسْفَار استوفى فِيهِ واستقصى ثمَّ اخْتَصَرَهُ وَسَماهُ التَّلْوِيح فِي شرح الفصيح وَكتاب الْأسد مُجَلد ضخم نَحْو ثَلَاثِينَ كراسة ذكر فِيهِ سِتّ مائَة اسْم وَكتاب السَّيْف ذكر فِيهِ نَحْو ثَمَان مائَة اسْم
ابو بكر المراغي مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو بكر المراغي قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَق أَطَالَ الْمقَام بالموصل واتصل بِأبي الْعَبَّاس دنحا صَاحب أبي تغلب بن حمدَان
وَكَانَ عَالما أديباً قَرَأَ على الزّجاج وَله كتاب شرح شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ وَكتاب فِي النَّحْو مُخْتَصر
الهراسي الْخَوَارِزْمِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الهراسي الكاثي أَبُو عبد الله ابْن أبي الْحسن الأديب الْخَوَارِزْمِيّ
توفّي يَوْم عيد الْفطر سنة خمس وَعشْرين وَأَرْبع مائَة كَانَ أحد مفاخر خوارزم فِي الْأَدَب لَهُ كتاب فِي التصريف لم يسْبق إِلَى مثله وَكتاب شرح ديوَان المتنبي وَله كتاب رسائل)
وَمن شعره
(إِن الزَّمَان زمانة
…
الرجل الأديب الْعَاقِل)
كم فائقٍ تَحت الحضيض ومائقٍ كالعاقل وَمِنْه
(قل للَّذي لَا أرى لَهُ مثلا
…
إِلَّا صِفَات غَدَتْ لَهُ مثلا)
فِي الدّرّ والبدر والغزال وَفِي الخوط ودعص النقا إِذا مثلا
(وَمن بِهِ صرت فِي الْهوى مثلا
…
كَمَا غَدا فِي جماله مثلا)
(لَا ترسلا ناظريك أَنَّهُمَا
…
بأنفس الْعَالمين قد مثلا)
قلت شعر نَازل متكلف
ابو الْعَلَاء الوَاسِطِيّ الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن يَعْقُوب القَاضِي ابو الْعَلَاء الوَاسِطِيّ الْمُقْرِئ
قَرَأَ الرِّوَايَات على شيوخها قَالَ الْخَطِيب رَأَيْت أُصُوله عتقا سَمَاعه
فِيهَا صَحِيح وَرَأَيْت لَهُ أَشْيَاء فِيهَا مفسود إِمَّا مكشوط أَو مصلوح بالقلم
وروى حَدِيثا مسلسلاً بِأخذ الْيَد رِوَايَة أَئِمَّة واتهم بِوَضْعِهِ توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
الْوَزير ابْن حَاجِب النُّعْمَان مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن إِبْرَاهِيم ابو الْفضل الْكَاتِب
كَانَ أَبوهُ وَزِير الْقَادِر وَلما مَاتَ أَبوهُ وزر هُوَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وعزل بعد سِتَّة أشهر فَلَمَّا اسْتخْلف الْقَائِم وزر لَهُ وَكَانَ أديباً شَاعِرًا وَيعرف بِابْن حَاجِب النُّعْمَان
توفّي سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة فِي ذِي الْقعدَة
أورد ابْن النجار لِابْنِ حَاجِب النُّعْمَان قَوْله
(مَا ترى النبق أثقل الأشجارا
…
واستتمت أنواره فأنارا)
فَكَأَن الرّبيع فصل ديباجا وخاطته كَفه أزرارا وَقَوله فِي الشمعة
(وطفلةٍ كالرمح لاحظتها
…
سنانها من ذهبٍ قد طبع)
(دموعها تنهل فِي نحرها
…
ورأسها يحيى إِذا مَا قطع)
وَقَوله)
(وَكم ليلةٍ مزقت برد ظلامها
…
أسامر فِيهَا نجمها وأساهره)
(وَقد لَاحَ فِيهَا الْبَدْر لابس تاجه
…
بنظم الثريا والنجوم عساكره)
(كَأَن أَدِيم الجو جوشن فارسٍ
…
وَقد جعلت نثر النُّجُوم مسامره)
وَقَوله
(وَذكرنَا الْورْد الجني بنشره
…
رَوَائِح أحبابٍ ولون خدود)
(ونارنج أشجارٍ حكين نواهداً
…
وأغصان رندٍ تنتثي كقدود)
القَاضِي ابْن حشيشة مُحَمَّد بن عَليّ القَاضِي أَبُو عبد الْمَعْرُوف بِابْن حشيشة بحاء مُهْملَة وشينين معجمتين بَينهمَا يَاء آخر الحرو فالمقدسي
من شعره مِمَّا أوردهُ فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة
(طول اللحى زين الْقُضَاة وفخرهم
…
وتميز عَن غاغةٍ سُفَهَاء)
(لَو كَانَ فِي قصرٍ بهَا فخرٌ لَهَا
…
لم يرو فِيهَا سنة الإعفاء)
الماسح مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان الماسح أحد الْكتاب قَالَ لما مَاتَ إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر عقيب مَا نقص أرزاق النَّاس
(إِن قولي مقَال ذِي إشفاق
…
منذرٍ من لِقَاء يَوْم التلاقي)
(من يرى نقص كاتبٍ من عطاءٍ
…
ذاق مَا ذاقه أَبُو إِسْحَاق)
منعُوهُ الْحَيَاة إِذْ منع الرزق كَذَا كل مَانع الأرزاق ابو الْحسن الْكَاتِب مُحَمَّد بن عَليّ بن نصر ابو الْحسن الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ أَخُو الْفَقِيه عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي صَاحب ديوَان الرسائل فِي دولة جلال الدولة
ترسل عَن الْمُلُوك وَلَقي جمَاعَة من أهل الْأَدَب وَأخذ عَن الببغاء وَابْن نباتة السَّعْدِيّ وَكَانَ أديباً بليغاً فصيحاً أخبارياً وَله كتاب الْمُفَاوضَة صنفه للْملك الْعَزِيز ابْن جلال الدولة
توفّي بواسط سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
أَبُو الْخطاب الْجبلي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو الْخطاب الْبَغْدَادِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالجبلي بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة المضمومة وَبعدهَا لَام
روى عَنهُ الْخَطِيب وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَعْرِِفَة الْعَرَبيَّة وَالشعر وَقد مدحه أَبُو الْعَلَاء المعري بقصيدته الَّتِي أَولهَا)
(أشفقت من وعب الزَّمَان وعابه
…
ومللت من أرِي الزَّمَان وصابه)
وَكَانَ أَبُو الخطايب مفرطاً فِي الْقصر وَهُوَ رَافِضِي جلد توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
من شعر أبي الْخطاب
(ورياضٍ مختالة من ثراها
…
فِي برودٍ من زهرها وعقود)
(وَكَأن الغصون فِيهَا غوانٍ
…
تتبارى زهواً بِحسن القدود)
(وَكَأن الأطيار فِيهَا قيانٌ
…
تتغنى فِي كل عود بِعُود)
وَكَأن الْمِيَاه فِي خلل الرَّوْض سيوفٌ تسل تَحت بنود وَكَأن النوار يغمز بالأعين مِنْهُ على ابْنة العنقود وَمِنْه
(رويدك قد أَصبَحت جاراً لِأَحْمَد
…
وَحسب المرئٍ أَن يستجير بجاره)
لأَفْضَل من يغشى على بعد دَاره وَأكْرم من يعشى إِلَى ضوء ناره أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ المعتزلي مُحَمَّد بن عَليّ بن الطّيب ابو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ
المعتزلي صَاحب المصنفات
كَانَ من فحول الْمُعْتَزلَة فصيحاً متفنناً حُلْو الْعبارَة بليغاً صنف الْمُعْتَمد فِي أصُول الْفِقْه وَهُوَ كَبِير وَكتاب صلح الْأَدِلَّة فِي مجلدين وغرر الْأَدِلَّة فِي مُجَلد وَشرح الْأُصُول الْخَمْسَة وَكتاب الْإِمَامَة وكتاباً فِي أصُول الدّين اعتزالاً وتنبه الْفُضَلَاء بكتبه واعترفوا بحذقه وذكائه
قَالَ الْخَطِيب كَانَ يروي حَدِيثا وَاحِدًا حَدَّثَنِيهِ من حفظه أَنا هِلَال بن مُحَمَّد أَنا الْغلابِي وَأَبُو مُسلم الْكَجِّي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن خَالِد الزريقي وَمُحَمّد بن حيانم الْمَازِني وَأَبُو خَليفَة قَالُوا حَدثنَا القعْنبِي حَدِيث إِذا لم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا شِئْت قلت وَهَذَا الحَدِيث كَأَنَّهُ من خَواص الْمُعْتَزلَة فَإِن جمَاعَة من كبارهم لم يكن عِنْدهم رِوَايَة حَدِيث غَيره وَقد تقدم مِنْهُم وَقَالَ ابْن خلكان إِن الإِمَام فَخر الدّين أَخذ كِتَابه الْمَحْصُول فِي الْفِقْه من كتاب الْمُعْتَمد لأبي الْحُسَيْن قلت وَقد سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة تَقِيّ الدّين أَحْمد بن تَيْمِية غير مرّة يَقُول أصُول فقه الْمُعْتَزلَة خير من أصُول فقه الأشاعرة وأصول دين الأشاعرة خير من أصُول دين الْمُعْتَزلَة
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة وَصلى عَلَيْهِ القَاضِي ابو عبد الله الصيرمي وَدفن فِي)
مَقْبرَة الشونيزي
مُحَمَّد بن أبي عَليّ أَصله من مَدِينَة صليبة بِأَرْض الْفُرَات وَدخل إفريقية يافعاً وَبهَا تأدب وَهُوَ شَاعِر
قَالَ ابْن رَشِيق فِي حَقه لَا يمدح وَلَا يهجو ثِقَة وإكباراً وَأورد لَهُ قَوْله فِي الشمع بِأبي مسعدات ذِي الوجد فِي اللَّيْلَة يَأْبَى الصَّباح فِيهَا الطلوعا أشبهتني لونا وحرقة أحشاء وتسهيد مقلةٍ ودموعا ولحيني بقيت حَيا وأفنين فيا ليتنا فنينا جَمِيعًا وَقَوله
(لَا تخدعن عَن الْبيُوت وَأَهْلهَا
…
فلهَا من الْحق الحري الأوجب)
(فَلَقَد رَأَيْت من الْبيُوت عجائباً
…
والدهر يَأْتِي بالعجيب ويغرب)
(بيتٌ تسير بِهِ الركاب فيفتدى
…
فَرحا يسر السامعين فيطرب)
(وَترى سواهُ بالحريق ملظياً
…
يسم الْوُجُوه فنورها يتنهب)
(كقيامة قَامَت فَهَذَا محسنٌ
…
يحيى وَهَذَا فِي الْجَحِيم يعذب)
ابْن كَاتب إِبْرَاهِيم مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْأَزْدِيّ الْمَعْرُوف بِابْن كَاتب إِبْرَاهِيم
ذكره ابْن رَشِيق فِي الأنموذج وَأورد لَهُ
(إِنِّي إِذا خَان الْخَلِيل تركته
…
وصرمت بالهجران حَبل وصاله)
(لَو كَانَ فِي عز الْمعز وَملكه
…
وجلاله ونواله وجماله)
هُوَ من قَول ابْن المعتز
(وَالله لَا كلمتها لَو أنّها
…
كالبدر أَو كَالشَّمْسِ أَو كالمُكْتَفي)
وَمن شعر مُحَمَّد بن عَليّ ابْن كَاتب إِبْرَاهِيم
(هَل فِي هوى الغيد الحسان الملاح
…
من الغواني من حرج أَو جنَاح)
مِنْهَا
(ترنو بأجفانٍ سكارى بِلَا
…
سكرٍ من الغنج مراضٍ صِحَاح)
(احمر لما استضحكت خدها
…
فلاح مَا بَين الشَّقِيق الأقاح)
تأرج السفح عبيرا وكافورا ومسكاً حِين زارت وفاح)
(صَاح ذَر اللوم فَإِنِّي امرؤٌ
…
من سكرتي فِي حبها غير صَاح)
(بمهجتي أفدي الَّتِي صيرت
…
جسمي للأسقام مِنْهَا مُبَاح)
(وَمن إِذا رمت سلواً دَعَا
…
قلبِي ولبى حبها لَا براح)
القنبري مُحَمَّد بن عَليّ القنبري الهنمذاني من ولد قنبر مولى عَليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه
مدح عبيد الله بن يحيى بن خاقَان أَيَّام المعتنمد وَقدم بَغْدَاد أَيَّام المكتفي وَكَانَ يتشيع قَالَ
(إِلَى الْوَزير عبيد الله مقصدها
…
أَعنِي ابْن يحيى حَيَاة الدّين وَالْكَرم)
(إِذا رميت برحلي فِي ذراه فَلَا
…
نلْت المنى مِنْهُ إِن لم تشرقي بِدَم)
(وَلَيْسَ ذَاك لجرمٍ مِنْك أعلمهُ
…
وَلَا لجهلٍ بِمَا أسديت من نعم)
(لكنه فعل شماخٍ بناقته
…
لَدَى عرابةً إِذا أدته للأطم)
ابْن المكور مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن صَالح ابو طَاهِر الْمُؤَدب الْمَعْرُوف بِابْن العلاف وبابن المكور صَاحب أبي الْخطاب الْجبلي الشَّاعِر
قَالَ ابْن النجار كَانَ أديباً مليح الشّعْر يسكن بقطيعة الرّبيع بالجانب الغربي حدث باليسير عَن أبي عَليّ الْحسن ابْن أَحْمد بن
شَاذان وَغَيره وَسمع مِنْهُ ابو الْفضل أَحْمد ابْن الْحسن بن خيرون وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي نصر الحمديدي وروى عَنهُ أَبُو سعد مُحَمَّد بن عبد الْملك الْأَسدي وَأَبُو الْحُسَيْن الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَأَبُو غَالب مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْقَزاز زشجاع بن فَارس الذهلي وَأَبُو نصر هبة الله بن عَليّ بن المجلي وَأَبُو الْقَاسِم هبة الله بن عبد الله الوَاسِطِيّ
أورد لَهُ من شعره
(ستروا الْوُجُوه بأذرعٍ ومعاصم
…
ورنوا بنجلٍ للقلوب كوالم)
(حسروا الأكمة عَن سواعد فضةٍ
…
فَكَأَنَّمَا انتضيت متون صوارم)
(أغروا سِهَام عيونهم بقلوبنا
…
فلنا حَدِيث وقائع وملاحم)
وَقَوله
(وسترت وَجههَا عَن النّظر
…
بساعدٍ حلّ عقد مصطبري)
(كَأَنَّهُ والعيون ترمقه
…
عَمُود صبحٍ فِي دازة الْقَمَر)
)
قلت شعر متوسط توفّي ابْن المكور سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
الْحَافِظ ابْن رَحِيم الصُّورِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن رَحِيم الْحَافِظ أَبُو عبد الله الصُّورِي أحد أَعْلَام الحَدِيث
سمع على كبر وعني بِالْحَدِيثِ أتم عناية إِلَى أَن صَار فِيهِ رَأْسا وَكَانَ يسْرد الصَّوْم
قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَدُوقًا كتب عني وكتبت عَنهُ قَالَ السلَفِي كتب الصُّورِي البُخَارِيّ فِي سَبْعَة أطباق ورق بغدادي وَلم يكن لَهُ سوى عين وَاحِدَة وَعنهُ أَخذ الْخَطِيب علم الحَدِيث وَله شعر رائق
توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة سمع بِالْكُوفَةِ من أَكثر من أَربع مائَة شيخ وَكَانَ هُنَاكَ يظْهر السّنة ويترحم على الصَّحَابَة فثاروا عَلَيْهِ ليقتلوه فالتجأ إِلَى أبي طَالب ابْن عمر الْعلوِي فأجاره وَقَالَ لَهُ اقْرَأ عَليّ فَضَائِل الصَّحَابَة فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَتَابَ من سبهم وَقَالَ قد عِشْت أَرْبَعِينَ سنة فِي سبهم اترى أعيش مثلهَا حَتَّى أذكرهم بِخَير
وَكَانَ قد قسم أوقاته فِي نَيف وَثَلَاثِينَ فَنًّا وَكَانَت لَهُ أُخْت بصور خلف عِنْدهَا اثْنَي عشر عدلا من الْكتب فَأَعْطَاهَا الْخَطِيب شَيْئا وَأخذ بعض الْكتب وَكَانَ حسن المحاضرة وَمن شعره
(قل لمن عاند الحَدِيث وأضحى
…
عائباً أَهله وَمن يَدعِيهِ)
(أبعلمٍ تَقول هَذَا أبن لي
…
أم بجهلٍ فالجهل خلق السَّفِيه)
أتعيب الَّذين هم حفظوا الدّين من الترهات والتمويه
(وَإِلَى قَوْلهم وَمَا رددوه
…
راجعٌ كل عَالم وفقيه)
وَمن شعره من أَبْيَات
(تولى الشَّبَاب بريعانه
…
وَجَاء المشيب بأحزانه)
(وَإِن كَانَ مَا جَار فِي سيره
…
وَلَا جَاءَ فِي غير إبانه)
(وَلَكِن أَتَى موذناً بالرحيل
…
فويلي من قرب إيذانه)
(وَلَوْلَا ذنوبٌ تحملتها
…
لما راعني حَال إِتْيَانه)
(وَلَكِن ظَهْري ثقيلٌ بِمَا
…
جناه شَبَابِي بطغيانه)
القَاضِي الْبَصْرِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن صَخْر ابو الْحسن القَاضِي الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ
كَانَ كَبِير الْقدر عالي الْإِسْنَاد بِمصْر والحجاز وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة)
الْخَبَّازِي الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن أَبُو عبد الله الْخَبَّازِي الْمُقْرِئ
ولد بنيسابور سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَلَاث مائَة وصنف فِي القراآت كتاب الإبصار محتوياً على أصُول الرِّوَايَات وغرائبها وَكَانَ لَهُ صيت لتقدمه فِي علم القراآت
توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
الكراجكي الشيعي مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْفَتْح الكراجكي شيخ الشِّيعَة والكراجكي بكافين وجيم هُوَ الخيمي
مَاتَ بصور فِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وَكَانَ من فحول الرافضة بارعاً فِي فقههم لَقِي الْكِبَار مثل المرتضى
لَهُ كتاب تلقين أَوْلَاد الْمُؤمنِينَ والأغلاط فِيمَا يرويهِ الْجُمْهُور وموعظة الْعُقَلَاء للنَّفس والمنازل وَكتاب عدد مَا جَاءَ فِي الاثْنَي عشر وَكتاب الْمُؤمن
العشاري مُحَمَّد بن عَليّ بن الْفَتْح أَبُو طَالب الْحَرْبِيّ العشاري بِالْعينِ الْمُهْملَة المضمومة والشين الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف رَاء
سمع الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن شاهين وَغَيرهمَا قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ صَالحا توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبع مائَة
الْمُطَرز النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن صَالح أَبُو عبد الله السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الْمُطَرز النَّحْوِيّ صَاحب الْمُقدمَة
روى عَنهُ الْخَطِيب وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبع مائَة
أَبُو مُسلم النَّحْوِيّ المعتزلي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مهربزد أَبُو مُسلم الْأَصْبَهَانِيّ الأديب الْمُفَسّر النَّحْوِيّ المعتزلي
لَهُ تَفْسِير فِي عشْرين مجلداً توفّي سنة تسع وَخمسين وَأَرْبع مائَة قَالَ ابْن مَنْدَه كَانَ عِنْده أَحَادِيث حَرْمَلَة
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نزار ابو عبد الله التنوخي الْحلَبِي الْمَعْرُوف بِابْن العظيمي
كَانَ لَهُ عناية بالتاريخ وتأليفه عدَّة تواليف قَالَ ياقوت لَكِنَّهَا غير محكمَة كَثِيرَة الْخَطَأ وَكَانَ معلم صبيان بحلب وسافر إِلَى دمشق وامتدح بهَا واجتدى بِشعرِهِ)
قَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ سَأَلت ابْن العظيمي عَن وِلَادَته فَقَالَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة بحلب
وَمن شعره
(يلقى العدى بجنانٍ لَيْسَ يرعبه
…
خوض الْحمام ومتنٍ لَيْسَ ينفصم)
(فالبيض تَبَسم والأوداج داميةٌ
…
وَالْخَيْل ترقص والأبطال تلتطم)
(وَالنَّقْع غيم وَوَقع المرهفات بِهِ
…
لمع البوارق والغيث الملث دم)
وَمِنْه
(أيا بانة الْوَادي الَّذِي بَان عرفه
…
أَلا حبذا وادٍ وَأَنت قرين)
(هَوَاك قديم لَيْسَ يبْلى جديده
…
إِذا مر حينٌ مِنْهُ أقبل حِين)
(وحبك حيٌ فِي دوارس أعظمي
…
وسرك ميتٌُ فِي الْفُؤَاد دَفِين)
(ووجدي بكم عفٌ بِغَيْر خِيَانَة
…
ومؤتمنٌ فِي الْحبّ كَيفَ يخون)
(حمتني أسود عَن حماك ضراغمٌ
…
لَهَا من وشيج السمهري عرين)
قلت شعر جيد
مُحَمَّد بن عَليّ الْكَاتِب يعرف بِابْن الصّباغ الصّقليّ ابو عبد الله
ذكره ابْن القطاع فَقَالَ حسن الترسل والمذاكره مليح التَّمْثِيل والمحاضرة وَله فِي ذَلِك تصانيف لنَفسِهِ ومقامات شيقة ونظمه رفيع الْبُنيان ثَابت الْأَركان مِنْهُ قَوْله
(وليلٍ قطعناه بأخت نَهَاره
…
إِلَى أَن أماط الصُّبْح عَنهُ لثامه)
(إِذا مَا أردنَا أَن نشب لقاصدٍ
…
ضراماً سكبناها فَقَامَتْ مقَامه)
(ليَالِي نوفي اللَّهْو مكنا نصِيبه
…
ونعطي الصبى مهما أَرَادَ احتكامه)
وَمِنْه
(ذكراك مَا قد فَاتَ تَعْلِيل
…
ابعد شيب الرَّأْس تضليل)
(تَشْكُو ملال الْبيض إِن امرءً
…
قد زاحم الْخمسين مملول)
(واهاً لذِي الشيب لقد راقلت
…
بِهِ إِلَى الْمَوْت مَرَاسِيل)
(يُرِيد أَن يبقة على حَاله
…
هَيْهَات هاتيك أباطيل)
قلت شعر جيد)
ابْن حسول الهمذاني مُحَمَّد بن عَليّ بن حسول بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالسِّين الْمُهْملَة وَبعد الْوَاو لَام على وزن فروجأبو الْعَلَاء الْكَاتِب الهمذاني
صدر نبيل عَالم لَهُ النّظم والنثر سمع من الصاحب ابْن عباد وَمن أَحْمد بن فَارس صَاحب الْمُجْمل فِي اللُّغَة توفّي سنة خمسين وَأَرْبع مائَة أَو مَا دونهَا
من شعره فِي أَمْرَد علوي
(وأزهر من بني الزهراء يرنو
…
غلي كَمَا رنا الظبي الكحيل)
(نهاني الدّين وَالْإِسْلَام عَنهُ
…
فَلَيْسَ إِلَى مقبله سَبِيل)
(إِذا أرْسلت الحاظي إِلَيْهِ
…
نهاني الله عَنهُ وَالرَّسُول)
ذكرت هُنَا قَول ابْن سناء الْملك
(رغِبت فِي الْجنَّة لما بدا
…
أنموذجُ الْجنَّة فِي شكله)
(فصرت من حرصي على شبهه
…
فِي البَعثِ لَا ألوي على وصلِه)
(فانظُر لما قد جرّه حُسنُه
…
من توبةٍ تَقبحُ عَن مِثله)
وَكنت قد نظمت فِي هَذَا الْمَعْنى
(أذكرتني الْولدَان عَيْني لما
…
لَاحَ كالبدر حَالَة الْإِشْرَاق)
(قلت لي إِن أعف عَنهُ كثيرٌ
…
مثله فِي الْجنان يَوْم التلاق)
(يَا لَهَا من محاسنٍ أَعرَضت بِي
…
عَن نعيمٍ فانٍ لآخر بَاقٍ)
وَمن شعر ابْن حسول
(تقعد فَوقِي لأي معنى
…
للفضل للهمة الرئيسه)
(إِن غلط الدَّهْر فِيك يَوْمًا
…
فَلَيْسَ فِي الشَّرْط أَن تقيسه)
(كنت لنا مَسْجِدا وَلَكِن
…
قد صرت من بعد ذَا كنيسه)
(كم فارسٍ أفضت اللَّيَالِي
…
بِهِ إِلَى أَن غَدا فريسه)
(فَلَا تفاخر بِمَا تقضى
…
كَانَ الخرا مرّة هريسه)
أنْشد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه الأبيات يَوْمًا وَالشَّيْخ أثير الدّين ابو حَيَّان حَاضر وَقَالَ كَانَ الكذا مرّة هريسه مَا هُوَ الكذا هُنَا يَا أَبَا حيانفقال لَهُ مَا وصلت فِي الطاهرية إِلَى هَذَا الْحَد أما أعرف أَن الكذا هَهُنَا الخرا)
وَمن شعر ابْن حسول
(دخلت على الشَّيْخ مستأنساً
…
بِهِ وَهُوَ فِي دسته الأرفع)
(وَقد دخل النَّاس مثل الْجَرَاد
…
فَمن ساجدين وَمن ركع)
(فهش وَلَكِن لمردانه
…
وَقَامَ وَلَكِن على أَربع)
(وَأرْسل فِي كمه مخطة
…
بَدَت لي على صُورَة الضفدع)
(فهوعني مَا تأملته
…
وزعزع روحي من أضلعي)
(وَأعْرض إِعْرَاض مستكبرٍ
…
تصدر مثلي ومستبدع)
(فَأَقْبَلت أضرط من خيفة
…
وأفسو على السَّيِّد الأروع)
(وَقمت فجددت فرض الْوضُوء
…
وَكنت قعدت وطهري معي)
(ورام الخضوع الَّذِي رامه
…
أبي مَعَ أَبِيه فَلم أخضع)
(وَكَيف أقبل كف ارمئٍ
…
إِذا صنع الْخَيْر لم يصنع)
(فيقبضها عِنْد بذل اللهى
…
ويبسطها فِي الجدا الرضع)
(وإنيوإن كنت مِمَّن يهون
…
عَلَيْهِ تكبر مستوضع)
(ليعجبني نتف شيب السبال
…
وصفع قمحدوة الأصلع)
(خرها وَلَو أَنه ابْن الْفُرَات
…
وحزها وَلَو أَنه الْأَصْمَعِي)
حسول
الثعالي أَبُو الْمَنْصُور وَأثْنى عَلَيْهِ فِي التَّتِمَّة لليتيمة ثَنَاء كثيرا فيطلب هُنَاكَ
وَمن شعر ابْن حسول يهجو بعض المتكبرين عَلَيْهِ
(دخلت على الشَّيْخ فِيمَن دخل
…
فغربل عصعصه وَانْتَحَلَ)
وَأظْهر من نخوة الْكِبْرِيَاء مَا لم أقدر وَمَا لم أخل
(فَقلت لَهُ مؤثراً نصحه
…
وَقد يقبل النصح مِمَّن بخل)
(إِذا كنت سيدنَا سدتنا
…
وَإِن كنت للْحَال فَاذْهَبْ فَخَل)
(فَقَالَ اغتفر زلتي منعماً
…
فَإِنِّي نغلٌ بزيتٍ وخل)
وَكم من وزيرٍ كير عراه عِنْد قَضَاء الْحُقُوق الْبُخْل
(أخل بِحَق دهاة الرِّجَال
…
فَمَا زَالَ يصفع حَتَّى أخل)
وَقَالَ يداعب ابْن الحبان وَكَانَ يخضب)
سني كسن أديب الْعرَاق زين الظراف
(سِتّ وَسِتُّونَ عَاما
…
مَا بَيْننَا من خلاف)
(لَكِن شيبي بادٍ
…
وشيبه فِي غلاف)
الصُّورِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حباب أَبُو عبد الله الصُّورِي الشَّاعِر
كَانَ فصيحاً توفّي بطرابلس وَقد نَيف على السّبْعين وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
وَمن شعره
(صبٌ جفاه حَبِيبه
…
فحلا لَهُ تعذيبه)
فَالنَّار تضرم فِي الجوانح والسقام يذيبه حَتَّى بكاه لما دهاه بعيده وقريبه
(وَتَآمَرُوا فِي طبه
…
كَيْمَا يخف لهيبه)
(فَأتى الطَّبِيب وَمَا دروا
…
أَن الطَّبِيب حَبِيبه)
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حبيب ابو سعيد الخشاب النَّيْسَابُورِي الصفار
كَانَ مُحدثا مُفِيدا توفّي سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبع مائَة
أَبُو بكر الْخياط الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن جَعْفَر أَبُو بكر الْخياط الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ
ولد سنة سبع وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان
وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَدفن بمقبرة جَامع الْمَنْصُور كَانَ قد توَحد فِي زَمَانه بِعلم القراآت وَسمع الحَدِيث وَكَانَ فَاضلا ثِقَة
ابو عَليّ الْهَاشِمِي الْحَنْبَلِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو عَليّ الْهَاشِمِي ابْن عَم الشريف ابي جَعْفَر ابْن أبي مُوسَى الْحَنْبَلِيّ
سمع الْكثير وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ سيداً ثِقَة
ابْن الحندقوقا مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو عبد الله ابْن الْمُهْتَدي الْهَاشِمِي وَيعرف بِابْن الحندقوقا
سمع الحَدِيث وَكَانَ يسكن بِبَاب الْبَصْرَة وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَدفن فِي دَاره وَكَانَ صَحِيح السماع ثِقَة
ابْن الدجاجي مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن الْحسن ابو الْغَنَائِم ابْن الدجاجي الْبَغْدَادِيّ)
ولي مرّة حسبَة بَغْدَاد وَلم يحمد فعزل حدث عَن جمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
ابْن الغريق مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُبيد الله بن عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه الْخَطِيب ابو الْحُسَيْن الْهَاشِمِي الْمَعْرُوف بِابْن الغريق سيد بني الْعَبَّاس فِي زَمَانه وشيخهم سمع الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن شاهين وَهُوَ آخر من حدث عَنْهُمَا وَهُوَ مِمَّن شاع أمره بِالْعبَادَة وَله مشيخة فِي جزئين وَكَانَ ثِقَة نبيلاً ولي الْقَضَاء بِمَدِينَة الْمَنْصُور
قَالَ أَبُو بكر ابْن الخاضبة رَأَيْت كَأَن الْقِيَامَة قد قَامَت الْمَنَام الْمَذْكُور فِي تَرْجَمَة ابْن الخاضبة
توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة ورحل النَّاس إِلَيْهِ لعلو إِسْنَاده وَكَانَ قد أَصَابَهُ صمم وَذَهَبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَكَانَ هُوَ الَّذِي يقْرَأ بِنَفسِهِ
أَبُو يَاسر الحمامي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو يَاسر الحمامي الْبَغْدَادِيّ
قَرَأَ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث وَتُوفِّي فِي الْمحرم سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن بِبَاب حَرْب وَكَانَ إِمَامًا ثِقَة رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ
(دحرجني الدهرُ إِلَى معشرٍ
…
مَا فيهِم للخير مستمتعُ)
(إِن حدثوا لم يفقهوا لَفْظَة
…
أَو حدثوا ضجوا فَلم يسمعوا)
الخروري الْخَوَارِزْمِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن أَبُو طَاهِر الخروري بخاء مُعْجمَة وَرَاء بعْدهَا وَاو سَاكِنة وَرَاء ثَانِيَة الْخَوَارِزْمِيّ
مدح فَخر الْملك ابا غَالب وَزِير بني بويه روى عَنهُ عَاصِم بن الْحسن الأديب قَوْله
(هَذَا هِلَال الْفطر حَالي حَاله
…
وَالنَّاس فِي ملهىً لَدَيْهِ وملعب)
(هُوَ فِي الْهَوَاء شَبيه جسمي فِي الْهوى
…
وَلَهُم بِهِ كمسرة الواشين بِي)
وَقَوله
(كم ليلةٍ أحييتها فِي ضمه
…
وَجعلت فِيهَا وَجهه نبراسي)
(تالله بت بمعزلٍ عَن شخصه
…
حذرا عَلَيْهِ الذوب من أنفاسي)
(وجلوت بكرا فِي عقيق زجاجةٍ
…
لم ترض مهْرا غير عقل الحاسي)
قلت شعر جيد
السمسماني النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ السمسماني ابو الْحُسَيْن النَّحْوِيّ
كَانَ أحد النُّحَاة الْمَشْهُورين بِمَعْرِِفَة الْأَدَب واللغة وَكَانَ يكْتب خطا صَحِيحا مليحاً كتب بِخَطِّهِ)
كثيرا من كتب الْأَدَب وخطه مَرْغُوب فِيهِ وروى شَيْئا من الْأَخْبَار والأشعار عَن أبي سعيد السيرافي وَأبي الْفَتْح المراغي وَأبي الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مقسم الْمُقْرِئ وروى عَنهُ أَبُو نصر عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ فِي فَوَائده
توفّي سنة خمس عشرَة وَأَرْبع مائَة
السمسماني الْكَاتِب مُحَمَّد بن عَليّ السمسماني أَبُو نصر صَاحب الْخط الْمليح كَانَ طبقَة البغداديين فِي حسن الْخط بعد ابْن البواب
توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
عملاق الشَّاعِر مُحَمَّد بن عَليّ التغلبي الْمَعْرُوف بعملاق سمي بذلك لطوله
قَالَ ابْن النجار ذكره شَيخنَا أَبُو سعد الْحسن بن مُحَمَّد بن حمدون وَقَالَ شَاعِر يَأْتِي بالقصائد الجيدة فَإِذا قَرَأَهَا هُوَ صحفها وَغير إعرابها فَيُقَال أَن عِنْده أشعاراً لغيره فَهُوَ ينتحلها
فَمن شعره مَا مدح بِهِ أَبَا طَالب ابْن النَّاقِد صَاحب المخزن
(دع الْحمام ساجعاً فِي بانه
…
وَمَا انثنى ولان من قضبانه)
(وعدّ عَن ذكر الصريم والنقا
…
والرمل والمنهال من كثبانه)
(وَالْخمر والساقي إِذا طَاف بهَا
…
حَمْرَاء كالجذوة من بنانه)
(والق زعيم الدّين بالمدح الَّذِي
…
يزِيد إحساناً على إحسانه)
(مولى أَقَامَ الْمجد فِي ربوعه
…
وَسَار فِي النَّاس ندا بنانه)
قَاضِي الْقُضَاة الدَّامغَانِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حسن بن عبد الْوَهَّاب بن حسنويه قَاضِي الْقُضَاة ابو عبد الله الدَّامغَانِي الْحَنَفِيّ شيخ زَمَانه
حصل الْعلم على الْفقر والقنوع
وَآل بِهِ الْأَمر إِلَى أَن ولي قَضَاء الْقُضَاة للمقتدر بِاللَّه ولأبيه بعد أَن كَانَ يحرس فِي درب الرِّيَاح وانتشر ذكره وَكَانَ مثل القَاضِي أبي يُوسُف فِي أَيَّامه حشمة وسودداً وعقلاً ووجاهة
توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة
تَاج الْقُضَاة ابْن الدَّامغَانِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن ممد بن حسن ابْن الدَّامغَانِي حفيد الْمَذْكُور ابو عبد الله ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي الْحسن ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله كَانَ يلقب بتاج الْقُضَاة)
شهد عِنْد وَالِده سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة واستنابه فِي الحكم بِبَغْدَاد وَغَيرهَا وَلما توفّي وَالِده رشح للْقَضَاء وَلم يَتَيَسَّر لَهُ ذَلِك ثمَّ نفذ رَسُولا إِلَى الْملك خَان مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن دَاوُد ملك مَا وَرَاء النَّهر صُحْبَة الرَّسُول القادم من هُنَاكَ فأدركه أَجله فَمَاتَ هُنَاكَ سنة تسع عشرَة وَخمْس مائَة
أَبُو جَعْفَر اللارزي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن شهفيروز بن ماهيار اللارزي الطَّبَرِيّ أَبُو جَعْفَر الْفَقِيه الشَّافِعِي
سمع بطبرستان الْفَقِيه ابا المحاسن عبد الْوَاحِد بن إِسْمَاعِيل الرَّوْيَانِيّ وبنيسابور ابا الْحسن عَليّ بن عبد الله بن أبي صَادِق الْحِيرِي وَأَبا بكر عبد الْغفار بن مُحَمَّد الشيروي وبمكة أَبَا نصر عبد الْملك بن أبي مُسلم بن أبي نصر النهاوندي قَاضِي مَكَّة وَغَيره وَدخل بَغْدَاد وَسكن النظامية وَسمع الْكثير من شُيُوخ الْوَقْت وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَحدث بِيَسِير وأدركه الْأَجَل وَكَانَ صَدُوقًا فَاضلا متديناً جميل الطَّرِيقَة ووقف كتبه بالنظامية
وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَخمْس مائَة روى عَنهُ يحيى بن أسعد بن بوش التَّاجِر وَغَيره
أَبُو بكر الشَّاشِي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عَليّ بن حَامِد الإِمَام أَبُو بكر الشَّاشِي الْفَقِيه الشَّافِعِي صَاحب الطَّرِيقَة الْمَشْهُورَة
تفقه ببلاده على الإِمَام أبي بكر السنجي وَكَانَ من أنظر أهل زَمَانه ثمَّ ارتحل إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان بغزنة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
ابو سعد الدقاق مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن أبي عُثْمَان الدقاق ابو سعد بن أبي الْقَاسِم
سمع الْكثير من أبي عمر عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن مهْدي الْفَارِسِي وَأبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن شَاذان وَأبي بكرٍ أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب البرقاني وَأبي مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد الْخلال وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ وَطلب بِنَفسِهِ وَكَانَ يكْتب خطا حسنا حدث باليسير سمع مِنْهُ أَبُو البركات ابْن السَّقطِي وَكتب عَنهُ الْخَطِيب وَأَبُو عبد الله الْحميدِي شَيْئا من الأناشيد
توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة بِبَغْدَاد
أَبُو تَمام ابْن الدقاق مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن أبي عُثْمَان الدقاق ابو تَمام أَخُو أبي)
سعد الْمُقدم ذكره
حدث عَن أبي عمر ابْن مهْدي وَأبي الْحسن ابْن رزقزيه سمع مِنْهُ وَلَده أَبُو عبد الله أَحْمد وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي نصرٍ الْحميدِي توفّي سنة سبعين وَأَرْبع مائَة
أَبُو الْغَنَائِم ابْن الدقاق مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن أبي عُثْمَان الدقاق أَبُو الْغَنَائِم أَخُو أبي سعد وَأبي تَمام الْمُقدم ذكرهمَا كَانَ أَصْغَر الْأُخوة
تولى نظر البيمارستان الْعَتِيق بِبَاب المحول سمع الْكثير من أبي مُحَمَّد عبد اللله بن عبيد الله بن يحيى البيع وَأبي عمر عبد الْوَاحِد وَأبي الْحُسَيْن عَليّ بن بَشرَان وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن رزقويه وَأبي بكر عبد القاهر بن مُحَمَّد بن عنترة الْموصِلِي وَغَيرهم روى عَنهُ أَبُو غَالب أَحْمد بن الْحسن ابْن الْبناء وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل ابْن السَّمرقَنْدِي وَعبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَغَيرهم
توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُمَيْر الزَّاهِد أَبُو عبد الله العميري الْهَرَوِيّ الرجل الصَّالح
سمع من أَبِيه وَمن جمَاعَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
ابْن ودعان مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد الله بن ودعان القَاضِي أَبُو نصر الْموصِلِي قَاضِي الْموصل
قدم بَغْدَاد سنة ثَلَاث وَتِسْعين قبل مَوته وروى الْأَرْبَعين الودعانية الْمَوْضُوعَة الَّتِي سَرَقهَا عَمه أَبُو الْفَتْح ابْن ودعان من الْكذَّاب زيد بن رِفَاعَة سَمعهَا مِنْهُ هبة الله الشِّيرَازِيّ وَعمر الرواسِي كَانَ زيد كذابا ألف بَين كَلِمَات قَالَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَين كَلِمَات من كَلَام لُقْمَان والحكماء وَطول الْأَحَادِيث
توفّي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
ابْن أبي البط مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن أَبُو تغلب الْمَعْرُوف بِابْن أبي البط من أهل البردان
كَانَ ينظم روى عَنهُ أَبُو عَليّ البرداني وَعلي بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْفَقِيه
من شعره
(وَلَيْسَ غَرِيب النَّاس من كَانَ نَائِيا
…
عَن الدَّار والأوطان وَالْمَال والأهل)
(وَلَكِن غَرِيب النَّاس من كَانَ صَحبه
…
من الْحَيّ أهل الزيغ وَالشَّر وَالْجهل)
)
(يجل الْفَتى فِي النَّاس إِذْ كَانَ قرنه
…
مَتى عَاشَ أهل الْعلم وَالدّين وَالْفضل)
(يعز عَليّ أَن أرى فِي مواطنٍ
…
سوى الْعلم والتذكار يَا صَاح من شغل)
(وَلَكِن ضرورات الْأُمُور تلزني
…
إِلَى الْكَوْن فِي حالٍس يعِيش بهَا مثلي)
(إِذا كَانَت الْآثَار وَالسَّعْي والخطا
…
مقدرَة فاصبر وكف عَن العذل)
قلت هُوَ شعر منحط
ابْن أبي الصَّقْر الوَاسِطِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن أبي صقر أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْكَاتِب أحد الشُّعَرَاء لَهُ ديوَان فِي مُجَلد
حدث عَن عبيد الله بن الْقطَّان توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وتفقه على الشَّيْخ أبي إِسْحَق وَكَانَ شَدِيد التعصب للشَّافِعِيَّة وَله فِي ذَلِك القصائد الْمَعْرُوفَة بالشافعية وَله فِي الشَّيْخ أبي إِسْحَق مراث وَكَانَ كَامِلا فِي البلاغة وجودة الْخط
أورد لَهُ الخطيري فِي زِينَة الدَّهْر
(كل رزقٍ ترجوه من مَخْلُوق
…
يَعْتَرِيه ضربٌ من التعويق)
وَأَنا قَائِل وَأَسْتَغْفِر الله مقَال الْمجَاز لَا التَّحْقِيق
(لست أرْضى من فعل إِبْلِيس شَيْئا
…
غير ترك السُّجُود للمخلوق)
وَلما أسن وَضعف قَالَ
(كل أَمْرِي إِذا تفكرت فِيهِ
…
وتأملته رَأَيْت ظريفا)
(كنت أَمْشِي على اثْنَتَيْنِ قَوِيا
…
صرت أَمْشِي على ثَلَاث ضَعِيفا)
أحسن من هَذَا قَول ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى
(قد صرت بعد قوةٍ
…
تفض اصلاد الْحَصَى)
(أَمْشِي على ثلاثةٍ
…
أصح مَا فِيهَا الْعَصَا)
وَقَالَ ابْن أبي الصَّقْر
(علةٌ سميت ثَمَانِينَ عَاما
…
منعتني للأصدقاء القياما)
(فَإِذا عمروا تمهد عُذْري
…
عِنْدهم بِالَّذِي ذكرت وقاما)
وَقَالَ أَيْضا
(وَالله لَوْلَا بولةٌ
…
تحرقني عِنْد السحر)
)
(لما ذكرت أَن لي
…
مَا بَين فَخذي ذكر)
وَله عدَّة مقاطيع فِي شيخوخته وَكبره وَضَعفه
أَبُو الْغَنَائِم الْمُحدث ابْن النَّرْسِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون أَبُو الْغَنَائِم ابْن النَّرْسِي الْكُوفِي مُحدث مَشْهُور يعرف بأبيّ لِأَنَّهُ كَانَ جيد الْقِرَاءَة
ولد سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة فِي شَوَّال وَسمع الْكثير وسافر إِلَى الشَّام والساحل وَختم بِهِ علم الحَدِيث بِالْكُوفَةِ
وَكَانَ يَقُول توفّي بِالْكُوفَةِ ثَلَاث مائَة وَثَلَاثَة عشر من الصَّحَابَة لَا يعرف قبر أحد مِنْهُم غير قبر عَليّ عليه السلام
وَقَالَ مُحَمَّد بن نَاصِر مَا رَأَيْت مثل أبي الْغَنَائِم ابْن النَّرْسِي فِي ثقته وَحفظه مَا كَانَ أحد يقدر أَن
يدْخل فِي حَدِيثه مَا لَيْسَ مِنْهُ
وَكَانَ من قيام اللَّيْل مرض بِبَغْدَاد وَانْحَدَرَ إِلَى الْكُوفَة فَمَاتَ بحلة ابْن مزِيد سادس عشر شعْبَان سنة عشر وَخمْس مائَة وَحمل إِلَى الْكُوفَة وَدفن بهَا
قَالَ مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْبَزَّاز مَا كَانَ فِي الْكُوفَة من أهل السّنة والْحَدِيث سواهُ وَكَانَ فَاضلا ثِقَة عَاشَ سِتا وَثَمَانِينَ سنة ممتعاً بجوارحه وَقد أثنى عَلَيْهِ ابْن النجار ثَنَاء كثيرا
أَبُو الْغمر الإسناوي مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْغمر الْهَاشِمِي الإسناوي
قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب كَانَ أشعر أهل زَمَانه وَأفضل أقرانه وَأورد مَا أنْشدهُ بعض المصريين
(لحاظكم تجرحنا فِي الحشا
…
ولحظنا يجرحكم فِي الخدود)
(جرحٌ بجرحٍ فاحسبوا ذَا بذا
…
فَمَا الَّذِي أوجب جرح الصدود)
وَقَوله
(يَا أهل قوص غزالكم
…
قد صَاد قلبِي واقتنص)
(نَص الحَدِيث فشفني
…
يَا وَيْح قلبِي وَقت نَص)
وَله
(أيا لَيْلَة زار فِيهَا الحبيب
…
وَلم يَك ذَا موعدٍ ينْتَظر)
(وخاض إِلَيّ سَواد الدجا
…
فيا لَيْت كَانَ سَواد الْبَصَر)
(فطابت وَلَكِن ذممنا بهَا
…
على طيب رياه نشر السحر)
)
(وبتنا من الْوَصْل فِي حلةٍ
…
مطرزةٍ بالتقى والخفر)
(وعقلي بهَا نهب سكر المدام
…
وسكر الرضاب وسكر الْحور)
(وَقد أخجل الْبَدْر بدر الجبين
…
وتاه على اللَّيْل ليل الشّعْر)
(وأعدى نحولي جسم الْهوى
…
وأعداه مني نسيمٌ عطر)
(فمني مُعْتَبر العاشقين
…
وَمن حسن مَعْنَاهُ إِحْدَى العبر)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ بن هندي
ذكره الرشيد بن الزبير فِي كتاب الْجنان وَقَالَ هُوَ خَاتم أدباء الْعَصْر بِهَذَا الْعَصْر وَقَالَ مِمَّا أَنْشدني لنَفسِهِ
(لثمت بفي التفكر وجنتيه
…
فسالت وجنتاه دَمًا عبيطاً)
(وصافحني خيال مِنْهُ وَهنا
…
فخطت فِي يَدي مِنْهُ خُطُوطًا)
قلت كَذَا وجدته وَهُوَ مقلوب الْمَعْنى لِأَن ذَلِك يَقْتَضِي لطف بشرة العاشق وَالظَّاهِر أَنه قَالَ فَخط بكفه مني خُطُوطًا
وَأورد لَهُ أَيْضا
(هَمَمْت أَن أفكر فِي حسنه
…
فخرّ مغشياًص لفرط الْأَلَم)
(وأشر الْوَهم إِلَى خَدّه
…
فانصبغ الخدان مِنْهُ بِدَم)
وَأورد لَهُ
توسد الْورْد وَقد مَال بالأجفان من عَيْنَيْهِ إغفاء
(فَأشبه الْبَدْر إِلَى جنبه
…
سحابةٌ فِي الجو حمارء)
أَبُو سعد الْكَاتِب ابْن المعوج مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن المعوج ابو سعد الْكَاتِب أَخُو أبي طَالب مُحَمَّد بن عَليّ وَهُوَ الأسن
ولي النّظر بديوان الزِّمَام بعد وَفَاة أَبِيه إِلَى أَن عزل سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة سمع الحَدِيث من الشريف أبي نصرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن المُسلِمة وَأبي مُحَمَّد عبد الله الصريفيني وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن البسري وَكَانَ أديباً فَاضلا روى عَنهُ أَبُو المعمر الْأنْصَارِيّ فِي مُعْجم شُيُوخه
توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخمْس مائَة أورد بِهِ ابْن النجار قَوْله)
(عهدي بهم وَالدَّار غير غربَة
…
وَلَا نأى الْحَيّ بهم وَلَا رَحل)
(مثل جواري الْعين أَو مثل الدمى
…
قد ضمنت أشخاصهم تِلْكَ الكلل)
(من كل بَيْضَاء رداحٍ طفلة
…
كالبدر حسنا والغزال فِي الْكحل)
(ولي بأسماء الَّتِي تيمني
…
حبي بهَا شغلٌق عَن الغيد الأول)
(من فضحت شمس الضُّحَى بوجهها
…
والبدر فِي إشراقه عِنْد الطِّفْل)
أَبُو طَالب ابْن المعوج مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن أَبُو طَالب ابْن المعوج أَخُو أبي سعد الْمُقدم ذكره
سمع من أَشْيَاخ أَخِيه توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
ابْن خلف الْكَاتِب مُحَمَّد بن عَليّ بن خلف أَبُو سعد الهمذاني الْكَاتِب
كَانَ كَاتبا لسناً ذَا براعة وعارضة قلت كَذَا ذكره ياقوت فِي مُعْجم الأدلباء وَسَاقه فِي المحمدين وَالصَّحِيح أَنه عَليّ بن مُحَمَّد بن خلف بن عَليّ كَمَا ذكره ابْن النجار فِي ذيل تَارِيخ بَغْدَاد وَغَيره وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب عَليّ بن مُحَمَّد فِي حرف الْعين
ابْن الْعَلامَة ابْن القطاع مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر أَبُو عَليّ ابْن القطاع السَّعْدِيّ الصّقليّ
كَانَت لَهُ حَلقَة فِي جَامع عَمْرو بن الْعَاصِ بِمصْر لإقراء اللُّغَة وَكَانَ دمث الْأَخْلَاق مالكي الْمَذْهَب مائلاً إِلَى الحَدِيث وَهُوَ ولد الْعَلامَة ابْن القطاع
توفّي سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة
ابْن هُبَيْرَة النَّسَفِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن هُبَيْرَة أَبُو الرِّضَا النَّسَفِيّ الْبَغْدَادِيّ
كَانَ حَافِظًا صَالحا لَهُ معرفَة تَامَّة بالتفسير والنحو وَالْأَدب توفّي سنة سبع عشرَة وَخمْس مائَة
ابْن البقراني مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن ابْن أبي الْقَاسِم الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن البقراني
قَالَ ابْن النجار من أَوْلَاد الرؤساء وَالْكتاب تولى الْكِتَابَة بأوانا
ومعاملاتها ثمَّ لزم بَيته وَكَانَ أديباً فَاضلا ظريفاً لطيفاً حسن الْأَخْلَاق متواضعاًص طيب المجالسة فكهاً سمع الحَدِيث الْكثير فِي صباه وَحصل أَكثر مسموعاته وكتبها بِخَطِّهِ وَكتب كثيرا من دواوين الْمُحدثين وَكتب الْأَدَب والمجاميع وَلم يزل يكْتب إِلَى أَن مَاتَ وَجمع مجموعاً فِي فنون الْأَخْبَار والحكايات والأشعار سرداً بِغَيْر تَرْتِيب كتبه بِخَطِّهِ فِي عشْرين مجلداًً وصنف كتابا فِي صفة الغلمان)
فَأحْسن فِي تأليفه على شكل كتاب الثعالبي
كتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي يَوْم السبت الثَّالِث من صفر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَخمْس مائَة
وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة الثَّالِث وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَدفن من الْغَد بالشونيزية
ابْن البُخَارِيّ النسابة مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أَبُو نصر النسابة الْمَعْرُوف بِابْن البُخَارِيّ
قَالَ ابْن النجار قَالَ القَاضِي أَبُو عَليّ المحسن بن عَليّ التنوخي فِي كتاب نشوار المحاضرة أَبُو نصر ابْن البُخَارِيّ النسابة هَذَا كهل من النسابات البغداديين يعرف بِابْن البُخَارِيّ نسابة الطالبيين وَإِلَيْهِ مرجع نقباء الطالبيين فِي معرفَة أنسابهم وصحتها وَنفى الأدعياء عَن هَذَا النّسَب وَهُوَ عَارِف بأنسابهم جدا مبرز فِي هَذَا الْعلم
قَالَ ابْن النجار مَاتَ سلخ الْمحرم سنة سبع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
أَبُو يَاسر ابْن سعدون مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن سعدون الْموصِلِي أَبُو يَاسر من أَوْلَاد الْمُحدثين الْموصِلِي أصلا
سمع الشريفين أَبَا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي بِاللَّه وَأَبا الْغَنَائِم عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَأَبا جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَأَبا الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الدجاجي وَأَبا الْحُسَيْن ابْن النقور وَأَبا مُحَمَّد عبد الله الصريفيني وَغَيرهم وروى عَنهُ ابو المعمر الْأنْصَارِيّ وَأَبُو بكر الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف وَأَخُوهُ ذَاكر وَكَانَ شَيخا صَالحا
قَالَ ابْن النجار أَنا ذَاكر الْخفاف أَنا أَبُو يَاسر مُحَمَّد بن سعدون وَهُوَ متبسم وَأَنا عمر بن مُحَمَّد الْمُؤَدب وَهُوَ متبسم ثَنَا أَبُو مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقَزاز وَهُوَ متبسم قَالَا أَنا أَبُو الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ بن الدجاجي وَهُوَ متبسم ثَنَا مهْدي بن أَحْمد الرَّمْلِيّ وَهُوَ متبسم ثَنَا أَسد بن مُوسَى وَهُوَ متبسم ثَنَا سعيد بن زَرْبِي وَهُوَ متبسم ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ وَهُوَ متبسم ثَنَا أنس بن مَالك وَهُوَ متبسم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ متبسم حَدثنِي جِبْرِيل وَهُوَ متبسم أَن آخر من يدْخل الْجنَّة رجل يُقَال لَهُ مر على الصِّرَاط فَيتَعَلَّق بِهِ توفّي أَبُو يَاسر سنة تسع عشرَة وَخمْس مائَة ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
ابْن المراق الْحلْوانِي الْحَنْبَلِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان المراق الْحلْوانِي أَبُو الْفَتْح)
الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ
تفقه على القَاضِي أبي يعلى ابْن الْفراء مديدة ثمَّ صحب بعد
وَفَاته صَاحِبيهِ الشريف أَبَا جَعْفَر ابْن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي يَعْقُوب البرزبيني ودرس عَلَيْهِمَا الْفُرُوع وَالْأُصُول ودرس وَأفْتى وناظر ورتب إِمَامًا بِمَسْجِد شَافِع الجيلي إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ متعبداً دينا سمع الحَدِيث من الشريفين أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ بن المُهتدي بِاللَّه وَأبي الْغَنَائِم عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَالْقَاضِي أبي يعلى ابْن الْفراء وَأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن الْمسلمَة وَأبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الصريفيني وَأبي الْقَاسِم يُوسُف بن مُحَمَّد المهرواني وَغَيرهم وصنف فِي الْمَذْهَب كتبا مِنْهَا مُخْتَصر الْعِبَادَات روى عَنهُ السلَفِي فِي مشيخته توفّي سنة خمس مائَة
ابو بكر الْقصار الْمُؤَدب مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الدينَوَرِي الْقصار أَبُو بكر الْمُؤَدب سكن درب الدَّوَابّ بِبَغْدَاد
قَالَ ابْن النجار لَهُ أشعار فِي الزّهْد والغزل وَلم يكن يعرف النَّحْو وَلَا اللُّغَة روى عَنهُ عمر بن ظفر المغازلي وَالْمبَارك بن الْمُبَارك السراج وَغَيرهمَا
أورد لَهُ ابْن النجار كثيرا من ذَلِك
(يَا غافلاً يتمادى
…
غَدا عَلَيْك يُنَادى)
(هَذَا الَّذِي لم يقدم
…
قبل الترحل زادا)
(هَذَا الَّذِي وعظوه
…
وخوفوه المعادا)
فَلم يكن لتماديه طَائِعا منقادا وَقَالَ
(ومشمر الأذيال فِي ممزوجةٍ
…
متتوج تاجاً من العقيان)
(بالجاشرية ظلّ يَهْتِف سحرةً
…
ويصيح من طربٍ إِلَى الندمان)
(يَا طيب لَذَّة هَذِه دنياكم
…
لَو أَنَّهَا أبقت على الْإِنْسَان)
(هبوا إِلَى شرب الْخُمُور فَإِنَّمَا
…
لصبوحكم لَا للصَّلَاة أذاني)
(طلعت كؤوس الراح من أَيْديهم
…
مثل النُّجُوم وغبن فِي الْأَبدَان)
قلت شعر جيد وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَخمْس مائَة
أَبُو سعد الْكَاتِب الْكرْمَانِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْمطلب الْكرْمَانِي أَبُو سعد الْكَاتِب وَالِد)
الْوَزير أبي الْمَعَالِي هبة الله
كَانَ وَالِده من كرمان وَولد هُوَ بِبَغْدَاد وَقَرَأَ طرفا صَالحا من الْأَدَب وأخبار الْأَوَائِل وَسمع الحَدِيث من أبي الْحُسَيْن ابْن بَشرَان وَأبي عَليّ الْحسن بن شَاذان وَحدث باليسير روى عَنهُ أَبُو البركات ابْن السَّقطِي وَيحيى بن الْحسن بن أَحْمد بن الْبناء وَسمع مِنْهُ أَبُو عبد الله الْحميدِي وَأَبُو غَالب الذهلي وَكَانَ كَاتبا شَدِيدا مليح الشّعْر إِلَّا أَنه كَانَ ثلبه
كثير الهجاء دَقِيق الْفِكر فِيهِ
قَالَ ابْن النجار شبه هجوه بهجو ابْن الرُّومِي وجحظة
وَمن شعره
(عزلت وَمَا خُنْت فِيمَا وليت
…
وغيري يخون فَلَا يعْزل)
(فَهَذَا يدل على أَن من
…
يولي ويعزل لَا يعقل)
وَكتب إِلَى الْوَزير أبي نصر ابْن جهير
(هبني كَمَا زعم الواشون لَا زَعَمُوا
…
أَخْطَأت حاشاي أَو زلت بِي الْقدَم)
(وهبك ضَاقَ عَلَيْك الْعذر من حرجٍ
…
لم أجنه أيضيق الْعَفو وَالْكَرم)
(مَا أنصفتني فِي حكم الْهوى أذنٌ
…
تصغي لواشٍ وَعَن عُذْري بهَا صمم)
وَمن شعره
(يَا حسرتا مَاتَ حظي من قُلُوبكُمْ
…
وللحظوظ كَمَا للنَّاس آجال)
(تصرم الْعُمر لم أحظى بقربكم
…
كم تَحت هذي الْقُبُور الخرس آمال)
الْمَازرِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد ابو عبد الله التَّمِيمِي الْمَازرِيّ الزَّاي الْمَفْتُوحَة قبل الراءالفقيه الْمَالِكِي الْمُحدث أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام
مُصَنف شرح مُسلم وَهُوَ الْمعلم بفوائد كتاب مُسلم وَله كتاب إِيضَاح الْمَحْصُول فِي الْأُصُول وَله فِي الْأَدَب كتب مُتعَدِّدَة وَكَانَ فَاضلا متقناً
أَخْبرنِي من أنسيته عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه كَانَ يَقُول مَا رَأَيْت أعجب من هذايعني المارزيلأي شَيْء مَا ادّعى الِاجْتِهَاد وعَلى الْمعلم بنى القَاضِي عِيَاض كتاب الْإِكْمَال روى عَنهُ القَاضِي عِيَاض وَأَبُو جَعْفَر ابْن يحيى الْقُرْطُبِيّ وَشرح المارزي التَّلْقِين لعبد الْوَهَّاب فِي عشر مجلدات
ومازر قد تكسر زايها وَهِي بليدَة بِجَزِيرَة صقلية توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة)
ابْن زبرج النَّحْوِيّ العتابي مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن زبرج العتابي أَبُو مَنْصُور ابْن أبي الْبَقَاء النَّحْوِيّ من أهل العتابيين بالجانب الغربي من بَغْدَاد وَسكن الْجَانِب الشَّرْقِي
قَالَ ابْن النجار كَانَ إِمَامًا فِي النَّحْو متصدراً لإقراء النَّاس وَيكْتب خطا مليحاً صَحِيحا قَرَأَ النَّحْو على ابْن الشجري واللغة على أبي مَنْصُور ابْن الجواليقي وَسمع الحَدِيث من جده لأمه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن الْحُسَيْن بن قُرَيْش وَأبي الْقَاسِم هبة الله ابْن مُحَمَّد بن الْحصين وَأبي الْحسن
عَليّ بن عبد الْوَاحِد الدينَوَرِي وَأبي بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَغَيرهم وَحدث باليسير سمع مِنْهُ القَاضِي أَبُو المحاسن عمر بن عليّ بن الْخضر الْقرشِي وَأَبُو المفاخر مُحَمَّد بن مَحْفُوظ الجرباذقاني وَعبد الرَّحْمَن بن يعِيش بن سَعْدَان القواريري
وَكَانَ بَينه وَبَين أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب منافرات ومناقرات كَانَ يَقُول ابْن الخشاب النَّاس يتعجبون إِذا رَأَوْا حمارا عتابياً فَكيف لَا أتعجب إِذا رَأَيْت عتابياً حمارا وَيَقُول عِنْدِي ثَلَاث نسخ بالإيضاح والتكملة لَا تطيب نَفسِي أَن أفرط فِي وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَاحِدَة بخطي وَأُخْرَى بِخَط شَيْخي ابْن الجواليقي وَأُخْرَى بِخَط العتابي كلما نظرت فِيهَا ضحِكت عَلَيْهِ
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَخمْس مائَة
الشريف أَبُو جَعْفَر النَّيْسَابُورِي مُحَمَّد بن عَليّ بن هرون الشريف أَبُو جَعْفَر الموسوي النَّيْسَابُورِي
كَانَ من غلاة الشِّيعَة ثمَّ تحول شافعياً وترضى عَن الصَّحَابَة وتأسف على مَا مضى مِنْهُ وَسمع الْكثير وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
أَبُو البركات الصَّائِغ الْعِرَاقِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن يعلى الصَّائِغ الْعِرَاقِيّ
قَالَ عبد السَّلَام بن يُوسُف بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي فِي أنموذج الْأَعْيَان كنت اجْتمع بِهِ وينشدني أَشْيَاء من نظمه وَعرض عَليّ مقامات عَملهَا سلك فِيهَا أسلوب أبي مُحَمَّد الْقَاسِم الحريري وأنشدني من نظمه فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
(مَتى مَا تصفحت الزَّمَان وَأَهله
…
فرقت وكلٌ بالفراق خليق)
(وَيلْحق بالمعدوم مِنْهُم ثلاثةٌ
…
كريمٌ وحرٌ صَادِق وصدوق)
قَالَ ابْن النجار وَفَاته سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة
ابْن الْوَزير السميري مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله السميري أَبُو المحاسن ابْن)
الْوَزير أبي طَالب الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ يعرف بالعضد
قدم مَعَ وَالِده فِي صباه إِلَى بَغْدَاد وَسمع الحَدِيث من أبي البركات هبة الله ابْن البُخَارِيّ وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن الْحصين وَأبي بكر ابْن عبد الْبَاقِي الْبَزَّاز كَانَ وَالِده وَزِير السُّلْطَان مَحْمُود فَقتله الْمَلَاحِدَة سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة ومدح أَبُو المحاسن الْمَذْكُور المقتفي وَابْنه المستنجد وخدم فِي الدِّيوَان فِي زمانهما وَعَاد إِلَى أَصْبَهَان وخدم السُّلْطَان دَاوُد وَتَوَلَّى الطغراء لَهُ ثمَّ تزهد وَكتب مليحاً
توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة بأصبهان
من شعره
(يَا نسيم الصِّبَا تحمل إِلَيْهَا
…
قصَّة من أخي جوىً وسهاد)
(ناظري كاتبي وهدبي يُرَاعِي
…
وجنتي كاغذي ودمعي مدادي)
ابْن حميدة شَارِح المقامات مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ الْحلِيّ
يعرف بِابْن حميدة
نحوي بارع حاذق فِي الْفَنّ بَصِير بِهِ عَارِف باللغة لَهُ شعر شرح أَبْيَات الْجمل وَشرح اللمع وَكتاب التصريف لِابْنِ جنيّ وَشرح المقامات
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هُوَ شَاب فِيمَا أَظن توفّي سنة خمسين وَخمْس مائَة
قَالَ ابْن النجار لَهُ كتاب فِي الْفرق بَين الضَّاد والظاء وَكتاب الأدوات أورد لَهُ ابْن النجار فِي تَارِيخه قَول ابْن حميدة الحليّ
(سَلام على تِلْكَ المعالم والربا
…
وَأهلا بأرباب القباب ومرحبا)
(وسقياً لربات الحجال ضارجٍ
…
ورعياً لأرباب الخدود بيثربا)
(أحنّ لذياك الجناب وَإِن غَدا
…
ربيبته عَن روضتي مجنبا)
(وأصبو لربع العامرية كلما
…
تذكرت من جرعائها لي ملعبا)
(فَلَا همّ إِلَّا دون همي غدوه
…
إِذا جرت النكباء أَو هبت الصِّبَا)
قلت هُوَ شعر متوسط وَقَالَ ياقوت لَهُ كتاب الرَّوْضَة فِيهَا مسَائِل نَحْو منثورة
أَبُو نصر الْفَقِيه ابْن نظام الْملك مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْحسن بن عَليّ بن إِسْحَق الطوسي أَبُو نصر ابْن أبي الْحسن ابْن الْوَزير نظام الْملك أبي عَليّ من الْبَيْت الْمَشْهُور بالوزارة)
درس الْفِقْه على أسعد الميهني وعَلى غَيره وبرع وَتَوَلَّى مدرسة وَالِده ثمَّ عزل ثمَّ أُعِيد إِلَيْهَا وفوض إِلَيْهِ نظر أوقافها وَكَانَت لَهُ الْحُرْمَة التَّامَّة والتاه العريض والقرب من الدِّيوَان إِلَى أَن عزل واعتقل بالديوان مديدة ثمَّ حج وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَتوجه إِلَى دمشق وَولي تدريس الزاوية الغربية من الْجَامِع وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
وَسمع من أبي الْمَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْملك بن خيرون وَأبي الْوَقْت عبد الأول السجْزِي وَأبي زرْعَة قَالَ ابْن النجار وَمَا أَظُنهُ روى لِأَنَّهُ مَاتَ شَابًّا
الأبري الْحَنَفِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن نصر الأبري الْفَقِيه الْحَنَفِيّ
كَانَ حسن الْمعرفَة بِالْمذهبِ وَالْخلاف والأصولين وَيعرف الْكَلَام على مَذْهَب الاعتزال واستنابه قَاضِي الْقُضَاة عبد الرَّحْمَن بن مقبل فِي عُقُود الْأَنْكِحَة وَالطَّلَاق والديون وَكَانَ كيساً متودداً طيب الْأَخْلَاق
قَالَ ابْن النجار مَا علمت لَهُ رِوَايَة توفّي سنة تسع وَعشْرين وست مائَة
الجاواني الحلوي شَارِح المقامات مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن أَحْمد ابْن حمدَان أَبُو سعيد وَأَبُو عبد الله الجاواني الحلوي الْعِرَاقِيّ
قدم بَغْدَاد صَبيا وتفقه بهَا على الْغَزالِيّ والكيا وبرع وتميز وَقَرَأَ المقامات على الحريري وَكَانَ إِمَامًا مناظراً وَشرح المقامات وَله كتاب
عُيُون الشّعْر وَالْفرق بَين الرَّاء والغين ولهنظم
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة أورد لَهُ ابْن النجار
(دَعَاني من ملامكما دَعَاني
…
فداعي الْحبّ للبلوى دَعَاني)
(أجَاب لَهُ الْفُؤَاد ونوم عَيْني
…
وسارا فِي الرفاق وودعاني)
وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب أفديك بِالْعينِ الصَّحِيحَة فالمريضة لَا تَسَاوِي أَنِّي أقيكم بالمحاسن لَا أقيكم بالمساوي ابْن الأقساسي مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة قطب الدّين ابو يعلى الْمَعْرُوف بِابْن الأقساسي
ولد بِالْكُوفَةِ سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وتوفّي سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة كَانَ نقيب العلويين بِالْكُوفَةِ قدم بِبَغْدَاد وَسمع الحَدِيث وَلما مَاتَ دفن فِي الشونيزية
من شعره)
(ربّ قومٍ فِي خلائقهم
…
غررٌ قد صيروا غررا)
(ستر الإثراء عيبهم
…
سترى إِن زَالَ مَا سترا)
وَمِنْه أَيْضا
(وَكنت إِذا خَاصَمت خصما كببته
…
على الْوَجْه حَتَّى خاصمتني الدَّرَاهِم)
(فَلَمَّا تنازعنا الْخِصَام تحكمت
…
عَليّ وَقَالَت قُم فَإنَّك ظَالِم)
ابْن الْبراق المغربي مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم الْهَمدَانِي بِالْمِيم الساكنة وَالدَّال الْمُهْملَة الْمَعْرُوف بِابْن الْبراق من أهل وَادي آش
سكن مرسية وبلنسية وَكتب بهَا الحَدِيث وَسمع من شيوخها ثمَّ انْصَرف إِلَى بَلَده وَتُوفِّي هُنَاكَ سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي التُّحْفَة
(للفجر من خلل السَّحَاب تشوف
…
وعَلى المذاكي عزةٌ وتشرف)
(فَكَأَن موشيّ الدرانك سندسٌ
…
وَكَأن منضود الأرائك رَفْرَف)
(ولربما سجعت هُنَاكَ حمائمٌ
…
فحسبت أَن بهَا قياناً تعزف)
وَقَوله فِي لابس أصفر
(برح بِي ذُو محاسنٍ صرفت
…
لواحظ الْخلق عَن سنا الفلق)
(تشتاقه أضلعي وَإِن رشقت
…
أحناءها مِنْهُ أسْهم الحدق)
(يعطفه التيه فِي مصبغةٍ
…
بثت هُنَاكَ الشعاع فِي الْأُفق)
(كَالشَّمْسِ عِنْد الْأَصِيل قد لبست
…
صفرتها تَحت حمرَة الشَّفق)
وَقَوله فِي مليح لبس أطماراً قَالَه ارتجالاً
(عاينته ثني أطمارٍ يزان بهَا
…
مَا بَين مستترٍ مِنْهَا ومنكشف)
(كَأَنَّهُ قمرٌ دارت بِهِ سحبٌ
…
فالبعض منكشف وَالْبَعْض فِي سدف)
ابْن المرخي المغربي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز اللَّخْمِيّ الْكَاتِب من أهل إشبيلية وَيعرف بِابْن المرخي بخاء مُعْجمَة بعد الرَّاء
كَانَ أَبوهُ أَبُو الحكم كَاتبا وَأما جده أَبُو بكر فنظير ابْن أبي الْخِصَال فِي بلاغته وَبَيَانه وبيته عريق فِي النباهة وَالْكِتَابَة)
توفّي سنة سِتّ عشرَة وست مائَة لَهُ كتاب فِي الْخَيل وَكتاب حلية الأديب فِي اخْتِصَار الْغَرِيب المُصَنّف
أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار يُخَاطب أستاذه الْمَعْرُوف باللص
(سأهجر الْعلم لَا بغضاً وَلَا كسلا
…
حَتَّى يُقَال ارعوى عَن حبه وسلا)
(وَلَا أمرّ ببيتٍ فِيهِ مَسْكَنه
…
كي لَا يمثل شوقي حَيْثُمَا مثلا)
(إِذا ظمئت وَكَانَ العذب مُمْتَنعا
…
فلست عَن غير ذَاك العذب مُعْتَزِلا)
(إِذا طردت قصياً عَن حياضكم
…
فَإِن نَفسِي مِمَّا تكره النهلا)
(قد كَانَ عِنْدِي زعيم الْقَوْم عالمهم
…
فاليوم عِنْدِي زعيم الْقَوْم من جهلا)
(مَا إِن رَأَيْت الَّذِي يزْدَاد معرفَة
…
إِلَّا يزِيد انتقاصاً كلما كملا)
(وَآيَة الصدْق فِي قولي وتجربتي
…
أَن الجوّاد على العلات مَا وَألا)
ابْن حمادو الصنهاجي مُحَمَّد بن عَليّ بن حمادوبالحاء الْمُهْملَة وَبعد الدَّال الْمُهْملَة وَاو الصنهاجي من أهل قلعة حَمَّاد
ولي قَضَاء الجزيرة الخضراء وَقَضَاء سلا توفّي سنة سبع وَعشْرين وست مائَة
أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار
(أَبَا عبد الْإِلَه إِلَيْك أَشْكُو
…
لواعج بَين جانحتي تذكو)
(بَعدت عَن الديار وساكنيها
…
وَفرق بَيْننَا فلكٌ وفلك)
(وَلم يعدل لعمر الله عِنْدِي
…
فِرَاق أحبةٍ ملكٌ وَملك)
وَقَالَ يهنئ باسترجاع بِلَاد إفريقية والظهور على يحيى بن إِسْحَق
(فتوحٌ لَهَا فِي كل يَوْم تلاحق
…
كَمَا استبقت يَوْم الرِّهَان السوابق)
(تَجِيء وَمَا بَين الزمانين مهلةٌ
…
كَمَا نسق الْمَعْطُوف بِالْوَاو ناسق)
(بشائر تعلوها تباشير مِثْلَمَا
…
تبلج صبحٌ أَو تألق بارق)
(وراقت بِلَاد الله فَهِيَ نضارةً
…
خمائل يندى زهرها وَحَدَائِق)
(كَذَا فَلْيَكُن فتحٌ وَإِلَّا فإننا
…
جَمِيع فتوح الْعَالمين مغالق)
(إِذا أَقرَأ الْقُرْآن فِي غسق الدجى
…
أبيّ بن كَعْب لم يغن مُخَارق)
الطَّبِيب الشريشي مُحَمَّد بن عَليّ بن رِفَاعَة الشريشي الطَّبِيب)
قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ أسمر اللَّوْن أبرص وَهُوَ الْقَائِل
(شريش مَا هِيَ إِلَّا
…
تَصْحِيف شرٍ تبين)
(فارحل فديتك عَنْهَا
…
إِن كنت مِمَّن تدين)
(فَلم يسد قطّ فِيهَا
…
حرٌ وَلَا من تعين)
ابْن القبيطي مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة بن فَارس الْحَرَّانِي ابو الْفرج الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن القبيطي
قَالَ ابْن النجار أَخُو شَيخنَا حَمْزَة سمع الْكثير فِي صباه مَعَ أَخِيه من أبي عبد الله الْحُسَيْن وَأبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد الْخياط وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن السلال الْوراق وَأبي بكر أَحْمد ابْن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الدَّلال وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الأُرموي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن الطرائفي وَأبي الْحسن أَحْمد بن عبد الله بن عليّ بن الأبنوسي وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن الصّباغ وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن الْحُسَيْن بن الحاسب وَأبي سعد أَحْمد بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ وَأبي الْحسن سعد الْخَيْر بن مُحَمَّد بن سهل الْأنْصَارِيّ وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ وَأبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن نَبهَان الرقي وَأبي حَفْص عمر بن ظفر المغازلي وَخلق كثير سواهُم
وَعمر حَتَّى حدث بالكثير وانتشرت عَنهُ الرِّوَايَة وَانْفَرَدَ بِقِطْعَة من مسموعاته
قَالَ ابْن النجار قَرَأت عَلَيْهِ كثيرا وَكَانَ صَدُوقًا مرضِي الْأَخْلَاق مَحْمُود الطَّرِيقَة سليم الْجَانِب طيب الْأَخْلَاق حُلْو المجالسة حفظَة للحكايات والأشعار لَا يمل جليسه مِنْهُ مضى عمره فِي استقامة وَحسن طَريقَة
مولده سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس مائَة ووفاته سنة تسع وست مائَة
ابْن البواب مُحَمَّد بن عَليّ ابْن البواب أَبُو عبيد الله الْموصِلِي
ذكره البلطي أَنه كَانَ معلما قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب وَهُوَ الْآن يعِيش وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة لَهُ مفقطعات حَسَنَة فَمن ذَلِك مَا أنشدنيه فِي وَالِده لي أبٌ كل مَا بِهِ يُوصف الناسفهو مِنْهُ مبرا
(فَهُوَ كالصل من بَنَات الأفاعي
…
كلما زَاد عمره زَاد شرا)
قَالَ وأنشدني لَهُ أَيْضا)
(أدرها لقد قَامَ السَّفِيه عَليّ رجل
…
وَحكم جَيش الْجَهْل فِي عَالم الْفضل)
الْوَزير الْجواد مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي مَنْصُور الصاحب جمال الدّين أَبُو جَعْفَر الْأَصْبَهَانِيّ الملقب بالجواد وَزِير صَاحب الْموصل أتابك زنكي بن آقسنقر
كَانَ نبيلاً رَئِيسا دمث الْأَخْلَاق حسن المحاضرة مَحْبُوب الصُّورَة سَمحا كَرِيمًا مدحه القيسراني بالقصيدة الَّتِي أَولهَا
(سقى الله بالزوراء من جَانب الغرب
…
مهاً وَردت عين الْحَيَاة من الْقلب)
كَانَ جده أَبُو مَنْصُور فهاداً للسُّلْطَان ملكشاه بن الب رسْلَان السلجوقي فتأدب وَلَده وسمت همته وخدم فِي مناصب علية وصاهر الأكابر فَلَمَّا ولد لَهُ جمال الدّين الْمَذْكُور عني بتأديبه وتهذيبه ثمَّ رتب فِي ديوَان الْعرض للسُّلْطَان مَحْمُود بن ملكشاه فظهرت كِفَايَته فَلَمَّا تولى اتابك زنكي الْموصل وَمَا والاها استخدم جمال الدّين الْمَذْكُور وقربه واستصحبه مَعَه إِلَيْهَا وولاه نَصِيبين فظهرت كِفَايَته وأضاف إِلَيْهِ الرحبة فأبان عَن كِفَايَة وعفة فَجعله مشرف مَمْلَكَته وَحكمه تحكيماً لَا مزِيد عَلَيْهِ
وَكَانَ الْوَزير يومئذٍ ضِيَاء الدّين الكفرتوثي فَلَمَّا توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة تولى الوزارة بعده أَبُو الرِّضَا ابْن صَدَقَة وجمال الدّين الْمَذْكُور فخف على قلب زنكي وَلم يظْهر جمال الدّين فِي حَيَاة زنكي مَالا وَلَا نعْمَة إِلَى أَن توفّي على قلعة جعبر فرتبه سيف الدّين غَازِي ابْن اتابك فِي وزارته فَظهر جوده حِينَئِذٍ بالعطايا وَبَالغ فِي الْإِنْفَاق حَتَّى عرف بالجواد
وَأثر آثاراً جميلَة وأجرى المَاء إِلَى عَرَفَات أَيَّام الْمَوْسِم من مَكَان بعيد وَعمل الدرج من أَسْفَل الْجَبَل إِلَى أَعْلَاهُ وَبنى سور مَدِينَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَا كَانَ خرب من الْمَسْجِد وَكَانَ يحمل فِي كل سنة إِلَى مَكَّة وَإِلَى الْمَدِينَة من الْأَمْوَال وَكِسْوَة الْفُقَرَاء والمنقطعين مَا يقوم بهم مُدَّة سنة كَامِلَة وَكَانَ لَهُ ديوَان مُرَتّب باسم أَرْبَاب الرسوم والقصاد وتنوع فِي فعل الْخَيْر وواسى النَّاس زمن الغلاء وَكَانَ إقطاعه عشر مغل الْبِلَاد على جاري عَادَة وزراء السلجوقية وأباع يَوْمًا بقياره وَصَرفه للمحاويج وَله مَكَارِم جمة كَثِيرَة
وَأقَام على هَذَا الْحَال إِلَى أَن توفّي مخدومه غَازِي وَقَامَ بعده قطب الدّين مودود فَاسْتَكْثر إقطاعه وَثقل عَلَيْهِ أمره فَقبض عَلَيْهِ وحبسه وَلم يزل مسجوناً حَتَّى توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة تسع وَخمسين وَخمْس مائَة وَصلي عَلَيْهِ وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً من بكاء الضُّعَفَاء والأرامل)
والأيتام وضجيجهم حول جنَازَته
وَدفن بالموصل إِلَى بعض سنة سِتِّينَ ثمَّ نقل إِلَى مَكَّة وطيف بِهِ حول الْكَعْبَة وطافوا بِهِ مرَارًا مُدَّة مقامهم وَكَانَ يَوْم دُخُوله يَوْمًا مشهوداً وَكَانَ مَعَه شخص يذكر مآثره ويعدد محاسنه إِذا وصلوا بِهِ إِلَى المزارات فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْكَعْبَة وقف وَأنْشد
(يَا كعبة الْإِسْلَام هَذَا الَّذِي
…
جَاءَك يسْعَى كعبة الْجُود)
(قصدت فِي الْعَام وَهَذَا الَّذِي
…
لم يخل يَوْمًا غير مَقْصُود)
ثمَّ حمل إِلَى الْمَدِينَة صلوَات الله على ساكنها وَسَلَامه وَدفن بِالبَقِيعِ بعد أَن أَدخل الْمَدِينَة وطيف بِهِ حول حجرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأنْشد الشَّخْص الْمَذْكُور
(سرى نعشه فَوق الرّقاب وطالما
…
سرى جوده فَوق الركاب ونائله)
(يمر على الْوَادي فتثني رماله
…
عَلَيْهِ وبالنادي فتثني أرامله)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين خالفوا بِهِ السّنة انْتهى قلت سَيَأْتِي ذكر وَلَده الْوَزير جلال الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ فِي مَكَانَهُ فِي حرف الْعين
أَبُو الْفَتْح النطنزي مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْفَتْح الْكَاتِب أَبُو الْفَتْح النطنزي
كَانَ من البلغاء أهل النّظم والنثر سَافر الْبِلَاد وَلَقي الأكابر وَكَانَ كثير الْمَحْفُوظ يحب الْعلم وَالسّنة وَيكثر الصَّدَقَة وَالصِّيَام ونادم الْمُلُوك والسلاطين وَكَانَت لَهُ وجاهة عَظِيمَة عِنْدهم وَكَانَ تياهاً عَلَيْهِم متواضعاً لأهل الْعلم سمع الْكثير بأصبهان وخراسان وبغداد وَلم يمتع بالرواية
توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْخمس مائَة أورد لَهُ ابْن النجار قَوْله
(أقدم أستاذي على وَالِدي وَإِن
…
تضَاعف لي من وَالِدي الْبر واللطف)
(فَهَذَا مربي النَّفس وَالنَّفس جوهرٌ
…
وَذَاكَ مربي الْجِسْم وَهُوَ لَهَا صدف)
وَقَوله
(أَن تراني عريت بعد رياشٍ
…
فجمال السيوف حِين تشام)
(واختصار الخصور فِي الْبيض تمٌ
…
وَكَذَا صِحَة الجفون السقام)
وَقَوله
(أيا طَالب الْمَذْهَب الْمُجْتَبى
…
تعلم من النحلة المذهبا)
(إِذا أكلت أكلت طيبا
…
وَإِن أطعمت أطعمت طيبا)
)
(وَكن فِي دفاع الْأَذَى نَاظرا
…
إِلَيْهَا إِذا ركبت مركبا)
وَقَوله
(يَا طَالبا للْعلم كي يحظى بِهِ
…
دنيا وديناً حظوةً تعليه)
(اسْمَعْهُ ثمَّ احفظه ثمَّ اعْمَلْ بِهِ
…
لله ثمَّ انشره فِي أهليه)
وَمن شعره
(وَلما تنكبنا الْكَثِيب وأبلغت
…
لنا السدة العلياء قلت لصاحبي)
(أَلا فانشرح صَدرا فَلم يبْق بَيْننَا
…
وَبَين المنى إِلَّا إناخة رَاكب)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يَاسر ابو بكر الْأنْصَارِيّ الجياني
قدم دمشق وَله نَيف وَعِشْرُونَ سنة فَفتح مكتباً عِنْد قنطرة سِنَان وتفقه على أبي الْفَتْح نصر الله
المصِّيصِي ثمَّ زامل الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر إِلَى بَغْدَاد وَسمع وَدخل نيسابور ومرو
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
الجصاني صَاحب الحماسة مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن حمدَان بن الْحُسَيْن أَبُو الْغَنَائِم الجصاني بِالْجِيم وَالصَّاد الْمُهْملَة مُشَدّدَة الهيتي الأديب اللّغَوِيّ نزيل الأنبار وينسب إِلَى جصين أحد مُلُوك الْفرس كَانَ صَاحب قلعة عِنْد الأنبار
صنف كتاب رَوْضَة الْآدَاب فِي اللُّغَة والمثلث الحمداني والحماسة وَغير ذَلِك توفّي سنة سبعين وَخمْس مائَة أَو قبل ذَلِك
أَبُو الْفضل ابْن الطّيب مُحَمَّد بن عَليّ بن الطّيب ابو الْفضل الْوَزير
نَاب عَن الْوَزير ابْن عميد الدولة ابي سعد ابْن عبد الرَّحِيم وَأبي عَليّ ابْن مَاكُولَا كَانَ فَاضلا أديباً
أورد لَهُ ابْن النجار عكبرا أَرض بهَا اللَّذَّات من عَيْش وَطيب فاسقني من حلب الْكَرم على صَوت العروب
(إِنَّمَا الدُّنْيَا حديثٌ
…
لصدوقٍ أَو كذوب)
فاستلب أَيَّام لذاتك من أَيدي الخطوب ولد سنة سِتّ وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة)
أَبُو مَنْصُور القنائي مُحَمَّد بن عَليّ بن الطّيب القنائي من ديرقنابالقاف وَالنُّون الْمُشَدّدَة نَاحيَة بالنهروان أَبُو مَنْصُور الأديب
أورد لَهُ ابْن النجار
(يَحْكِي البدور وجوههن تبلجاً
…
ولهن من هيف الغصون قدود)
(وثغورهن إِذا ابتسمن كَأَنَّهَا
…
لنحورهن قلائدٌ وعقود)
(أشجىً بوجدي والقلوب خليةٌ
…
عني وأسهر والعيون رقود)
رشيد الدّين المازندراني الشيعي مُحَمَّد بن عَليّ بن شهراسوب الثَّانِيَة سين مُهْملَة أَبُو جَعْفَر السروري المازندراني رشيد الدّين الشيعي أحد شُيُوخ الشِّيعَة
حفظ الْقُرْآن وَله ثَمَان سِنِين وَبلغ النِّهَايَة فِي أصُول الشِّيعَة كَانَ يرحل إِلَيْهِ من الْبِلَاد ثمَّ تقدم فِي علم الْقُرْآن والغريب والنحو وَوعظ على الْمِنْبَر أَيَّام المقتفي بِبَغْدَاد فأعجبه وخلع عَلَيْهِ
وَكَانَ بهي المنظر حسن الْوَجْه والشيبة صَدُوق اللهجة مليح المحاورة وَاسع الْعلم كثير الْخُشُوع وَالْعِبَادَة والتهجد لَا يكون إِلَّا على وضوء
أثنى عَلَيْهِ ابْن أبي طي فِي تَارِيخه ثَنَاء كثير توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
وَمن تصانيف المازندراني كتاب فِي النَّحْو سَمَّاهُ الْفُصُول جمع فِيهِ أُمَّهَات الْمسَائِل
وَكتاب الْمكنون المحزون فِي عُيُون الْفُنُون كتاب أَسبَاب نزُول الْقُرْآن كتاب متشابه الْقُرْآن كتاب الْأَعْلَام والطرائق فِي الْحُدُود والحقائق كتاب مَنَاقِب آل أبي طَالب كتاب المثالب كتاب الْمَائِدَة والفائدة جمع فِيهِ أَشْيَاء من النَّوَادِر والفوائد
عَاشَ تسعا وَتِسْعين سنة وشهرين وَنصفا وَتُوفِّي بحلب فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
ابْن الدهان الحاسب مُحَمَّد بن عَليّ بن شُعَيْب فَخر الدّين أَبُو شُجَاع ابْن الدهان الفرضي الأديب الحاسب
وَهُوَ أول من وضع الْفَرَائِض على شكل الْمِنْبَر وَجمع تَارِيخا جيدا وصنف غَرِيب الحَدِيث فِي عدَّة مجلدات وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي علم النُّجُوم
توفّي سنة تسعين وَخمْس مائَة وَمن نظمه فِي ابْن الدهان الْمَعْرُوف بالناصح أبي مُحَمَّد سعيد بن الْمُبَارك النَّحْوِيّ وَكَانَ مخلاً بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ
(لَا يبعد الدهان أَن ابْنه
…
أدهن مِنْهُ بطريقين)
)
(من عَجَبِ الدَّهرِ فحدِّث بِهِ
…
بفرْدِ عينٍ وبوجهين)
وَكتب إِلَى تَاج الدّين الْكِنْدِيّ
(يَا زيد زادك رَبِّي من مواهبه
…
نعماء يعجز عَن إِدْرَاكهَا الأملُ)
(لَا غيرّ الله حَالا قد حباك بِهِ
…
مَا دَار بَين النُّحَاة الْحَال والبدلُ)
(النحوُ أَنْت احقّ الْعَالمين بِهِ
…
لأنَّ باسمِك فِيهِ يضْرب الْمثل)
وَلما جَاءَت دولة بني أَيُّوب تردد بَين أَوْلَاد اتابك وَصَلَاح الدّين عدَّة نوب وسفر بَينهم فِي إصْلَاح الْحَال
ابْن الْمعلم مُحَمَّد بن عَليّ بن فَارس نجم الدّين ابو الْغَنَائِم ابْن الْمعلم الوَاسِطِيّ الهرثي والهرث من قرى وَاسِط
انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الشّعْر فِي زَمَانه وَطَالَ عمره ولد سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
قَالَ ابْن الدبيثي سَمِعت عَلَيْهِ أَكثر شعره وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن التعاويذي الشَّاعِر تنافس وهجاه ابْن التعاويذي وَكَانَ ابْن الْجَوْزِيّ يَوْمًا على الْمِنْبَر فَقيل لِابْنِ الْمعلم هَذَا ابْن الْجَوْزِيّ على الْمِنْبَر يتَكَلَّم فشق النَّاس وَجلسَ وَلم يعلم بِهِ أحد فَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ مستشهداً على بعض إشاراته وَلَقَد أحسن ابْن الْمعلم حَيْثُ يَقُول
(يزْدَاد فِي مسمعي تكْرَار ذكركُمْ
…
طيبا وَيحسن فِي قلبِي مكرره)
وَكَانَ يستشهد بِشعرِهِ كثيرا فِي تصانيفه وعَلى الْمِنْبَر فِي وعظه وشعره ينفع الوعاظ لِأَن الْغَالِب عَلَيْهِ ذكر الصبابة والغرام والشوق والارتياح فَلهَذَا خف على الأسماع وراج على الْقُلُوب وطربت لَهُ النُّفُوس
ووقف هُوَ والأبله الْعِرَاقِيّ وَابْن التعاويذي على القصيدة الَّتِي نظمها ابْن صردر وأولها
(أكذا يجازى ود كل قرين
…
أم هَذِه شيم الظباء الْعين)
نظم الأبله على وَزنهَا وَابْن التعاويذي أَيْضا وَابْن الْمعلم وَكَانَ الَّذِي قَالَه ابْن الْمعلم
(مَا وَقْفَة الْحَادِي على يبرين
…
وَهُوَ الخلي من الظباء الْعين)
(إِلَّا ليمنحني جوىً ويزيدني
…
مَرضا على مرضِي وَلَا يبرين)
مِنْهَا)
(قسما بِمَا ضمت عَلَيْهِ شفاههم
…
من قرقفٍ فِي لُؤْلُؤ مَكْنُون)
(أَن شَارف الْحَادِي الغوير لأقضين
…
نحبي وَمن لي أَن تبر يَمِيني)
(وَلَقَد مَرَرْت على العقيق بزفرةٍ
…
أَمْسَى الْأَرَاك بهَا بِغَيْر غصون)
(فَبكى الْحمام وَمَا يجن صبابتي
…
وشكا الْمطِي وَمَا تحن حنيني)
قلت لَو كَانَ لي حكم فِي أول هَذِه القصيدة لَقلت
(مَا وَقْفَة الْحَادِي على يبرين
…
إِلَّا ليمرضني وَمَا يبريني)
ليحصل لَهُ الجناس الَّذِي أَرَادَهُ فِي بَيت وَاحِد وَمن شعر ابْن الْمعلم
(أجيراننا أَن الدُّمُوع الَّتِي جرت
…
رخاصاً على أَيدي النَّوَى لغوالي)
(أقِيمُوا على الْوَادي وَلَو عمر ساعةٍ
…
كلوث إزارٍ أَو كحل عقال)
(وجودوا على صدق الْفِرَاق بنظرة
…
تعلل قلبِي مِنْكُم بمحال)
وَمِنْه
(تنبهي يَا عذبات الرند
…
كم ذَا الْكرَى هَب نسيم نجد)
(مر على الرَّوْض وَجَاء سحرًا
…
يسحب ثوبي أرجٍ وَبرد)
(حَتَّى إِذا عانقت مِنْهَا نفحةً
…
عَاد سموماً والغرام يعدي)
(وَاعجَبا مني أستشفي الصِّبَا
…
وَمَا تزيد النَّار غير وَقد)
(أعلل الْقلب ببان رامةٍ
…
وَمَا يَنُوب غصنٌ عَن قد)
(وأسأل الرّبع وَمن لي لَو وعى
…
رَجَعَ الْكَلَام أَو سخا برد)
(تعلة وقوفنا بطللٍ
…
وضلة سؤالنا لصلد)
(وأقتضي النوح حمامات اللوى
…
هَيْهَات مَا عِنْد اللوى مَا عِنْدِي)
(قد كنت استبكي الْحمام لَو شفا
…
وَكنت أستشفي الصِّبَا لَو تجدي)
مِنْهَا
(مَا فَصمت أَيدي النَّوَى عرى الْهوى
…
عني وَلَا حلت عُقُود الود)
(وأنتِ يَا عَيْني وعدت بالبكا
…
هَذَا الْفِرَاق فانعمي بالوعد)
وَمِنْه قَوْله
(دع التجلد وامدد للغرام يدا
…
من غَالب الشوق أَمْسَى وَهُوَ مغلوب)
)
(مَا خلت أَن الْهوى يقْضى عَليّ بِهِ
…
وَالْحب كالحين للْإنْسَان مجلوب)
(وَلم أخل أَن سر الوجد يَفْضَحهُ
…
من الحمائم تغريدٌ وتطريب)
(حَتَّى صدحن وَهل سرٌ يصان ولل
…
أنفاس والدمع تصعيدٌ وتصويب)
(فَمَا بدا البارق الْعلوِي مُعْتَرضًا
…
إِلَّا انثنيت وَعِنْدِي مِنْهُ ألهوب)
(كَأَنَّمَا هُوَ من جنبيّ مخترطٌ
…
للومض أَو هُوَ فِي جنبيّ مقروب)
وَمِنْه قَوْله
(كلفي فِيكُم قديمٌ عَهده
…
مَا صباباتي بكم مستكسبه)
(أَيْن ورق الْجزع من لي أَن أرى
…
عجمه إِن لم أشاهد عربه)
(وَنعم ذَا بَان حزوى فاسألوا
…
إِن شَكَكْتُمْ فِي عَذَابي عذبه)
(عَن جفوني النّوم من بعده
…
وَإِلَى جسمي الضنا من قربه)
(وصلوا طيفاً إِذا لم تصلوا
…
مستهاماً قد قطعْتُمْ سَببه)
(فَإلَى أَن تحسنوا صنعا بِنَا
…
قد أَسَاءَ الْحبّ فِينَا أدبه)
(اعشق اللوم لحبي ذكركُمْ
…
يَا لمرٍ فِي الْهوى مَا أعذبه)
(فاكشفوا لي سر مَا ألْقى بكم
…
فَلَقَد أشكل مَا بِي واشتبه)
ابْن القصاب الْوَزير مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْمُبَارك الْوَزير مؤيد الدّين أَبُو الْفضل ابْن القصاب الْبَغْدَادِيّ
كَانَ ذَا رَأْي وشهامة وحزم وغور بعيد وهمة عالية كَانَ أديباً شَاعِرًا ولي كِتَابَة الْإِنْشَاء مُدَّة ثمَّ نَاب فِي وزارة الْخلَافَة وَسَار بعسكر الْخَلِيفَة وَفتح همذان وأصبهان وحاصر الرّيّ وَمتْن وَصَارَت لَهُ هَيْبَة فِي النُّفُوس فَلَمَّا عَاد ولي الوزارة ثمَّ خرج بالجيوش إِلَى همذان فَتوفي بظاهرها وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على أبي السعادات ابْن الشجري وَكَانَت وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
وَمن شعره قَوْله فِي ولد يرثيه
(وَإِذا ذكرتك وَالَّذِي فعل البلى
…
بِجَمَال وَجهك جَاءَ مَا لَا يدْفع)
قَالَ يَوْمًا أحسن مَا قيل فِي الرَّأْي قَول ابْن حيوس
(وَلَو شيب مَاء الْبَحْر بِالدَّمِ لاغتدى
…
يفصل بَين المَاء بِالرَّأْيِ وَالدَّم)
)
فَقَالَ أَبُو بكر الْمُبَارك بن الْمُبَارك بن سعيد الوَاسِطِيّ النَّحْوِيّ قَوْله لَو شيب يَجْعَل نَفسه بالمرصاد لهَذَا وَلَو قَالَ لَو أَرَادَ لفعل كَذَا لَكَانَ أحسن ثمَّ قَوْله بَين المَاء وَالدَّم هما جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فَقَالَ شيخ الشُّيُوخ عبد الرَّحِيم صدقت وَإِنَّمَا القَوْل قَول المتنبي
(قاضٍ إِذا اشْتبهَ الْأَمْرَانِ عنّ لَهُ
…
رأيٌ يفرق بَين المَاء وَاللَّبن)
فَقَالَ أَبُو بكر هَذَا أحسن وَلَكِن قَالَ بَين المَاء وَاللَّبن وَأَنا أفصل بَين المَاء وَاللَّبن بِأَن أغمس فِيهِ البردي ثمَّ أعصره فَلَا يشرب إِلَّا المَاء ثمَّ نظمت بَيْتَيْنِ لم يلْحق المتنبي غبارهما وهما
(وَلَو وَقعت فِي لجة الْبَحْر قطرةٌ
…
من المزن يَوْمًا ثمَّ لَو شَاءَ مازها)
(وَلَو ملك الدُّنْيَا فأضحى مُلُوكهَا
…
عبيدا لَهُ فِي الشرق والغرب مازها)
القَاضِي محيي الدّين ابْن الزكي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ قَاضِي قُضَاة الشَّام محيي الدّين أَبُو الْمَعَالِي ابْن قَاضِي الْقُضَاة زكي الدّين أبي الْحسن ابْن قَاضِي الْقُضَاة الْمُنْتَخب أبي الْمَعَالِي ابْن قَاضِي الْقُضَاة الزكي أبي الْمفضل الْقرشِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي
ولد سنة خمسين وَخمْس مائَة وَقَرَأَ الْمَذْهَب على جمَاعَة وَسمع وَالِده وَجَمَاعَة وَهُوَ من بَيت الْقَضَاء والحشمة والأصالة وَالْعلم وَكَانَ حسن اللَّفْظ والخط
شهد فتح الْقُدس مَعَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَكَانَ لَهُ يَوْمئِذٍ ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة واسْمه على قبَّة النسْر فِي التثمين بِخَط كُوفِي أَبيض وخطب أول جُمُعَة فِي الْقُدس تِلْكَ الْخطْبَة البليغة وَلم يكن استعد لَهَا بل خرج إِلَيْهِ وَقد أذن المؤذنون على السدة رِسَالَة السُّلْطَان أَن يخْطب وَيُصلي بِالنَّاسِ وَهَذَا مقَام صَعب وَقد ذكرهَا ابْن خلكان فِي تَارِيخه
وَجَرت لَهُ قَضِيَّة مَعَ الإسماعيلية بِسَبَب قتل شخص مِنْهُم فَلذَلِك فتح لَهُ بَاب سر إِلَى الْجَامِع من دَاره الَّتِي بِبَاب الْبَرِيد لأجل صَلَاة الْجُمُعَة
وَكَانَ ينْهَى عَن الِاشْتِغَال بكتب الْمنطق والجدل وَقطع مجلدات فِي مَجْلِسه من ذَلِك
وَكَانَ قد تظاهر بترك النِّيَابَة عَن القَاضِي ابْن أبي عصرون فَأرْسل إِلَيْهِ السُّلْطَان صَلَاح الدّين مجد الدّين ابْن النّحاس وَالِد الْعِمَاد عبد الله الرَّاوِي وَأمره أَن يضْرب عَليّ علامته فِي مجْلِس حكمه فَلَزِمَ بَيته حَيَاء واستناب ابْن أبي عصرون الْخَطِيب ضيَاع الدّين الدولعي وَأرْسل إِلَيْهِ الْخَلِيفَة بالنيابة مَعَ الْبَدْر يُونُس الفارقي فَرده وَشَتمه فَأرْسل إِلَى جمال الدّين ابْن الحرستاني)
فناب عَنهُ ثمَّ توفّي ابْن أبي عصرون وَولي محيي الدّين الْقَضَاء وعظمت رتبته عِنْد صَلَاح الدّين وَسَار إِلَى مصر رَسُولا من الْملك الْعَادِل إِلَى الْعَزِيز ومكاتبات القَاضِي الْفَاضِل إِلَيْهِ مجلدة كَبِيرَة
وَلما فتح السُّلْطَان مَدِينَة حلب سنة تسع وَسبعين وَخمْس مائَة أنْشدهُ القَاضِي محيي الدّين قصيدة بائيةً أَجَاد فِيهَا وَمِنْهَا
(وفتحك القلعة الشَّهْبَاء فِي صفر
…
مبشرٌ بفتوح الْقُدس فِي رَجَب)
فَكَانَ فتوح الْقُدس كَمَا قَالَ لثلاث بَقينَ من شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة فَقيل لمحيي الدّين من أَيْن لَك ذلكفقال أَخَذته من تَفْسِير ابْن برجان فِي قَوْله تَعَالَى ألم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين
ووفاته فِي سَابِع شعْبَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس مائَة
أَبُو المفاخر النوقاني الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عَليّ بن نصر بن أبي سعيد النوقاني أَبُو المفاخر الْفَقِيه الشَّافِعِي
درس الْفِقْه بنيسابور على مُحَمَّد بن يحيى وَأقَام عِنْده حَتَّى حصل قِطْعَة صَالِحَة من الْمَذْهَب وَالْأُصُول وَالْخلاف وَقدم بَغْدَاد واستوطنها إِلَى أَن مَاتَ
وَحضر عِنْده الْفُقَهَاء وعلقوا عَنهُ طَرِيقَته فِي الْخلاف وجدلاً أَلفه وَولي مدرسة أم الإِمَام النَّاصِر
وَكَانَ عَالما كَامِلا نبيلاً لَهُ الْيَد الباسطة فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَله يَد فِي التَّفْسِير والمنطق وَعقد مجَالِس الْوَعْظ قَدِيما
قَالَ ابْن النجار وَأكْثر الْفُقَهَاء والمدرسين بِبَغْدَاد من الشَّافِعِيَّة والحنابلة تلاميذه وَكَانَ مَعَ ذَلِك صَالحا دينا حَافِظًا لأوقاته لَا يضيع مِنْهَا سَاعَة فِي غير أشغال أَو اشْتِغَال أَو مطالعة أَو نسخ وَكَانَ فِيهِ مُرُوءَة وسخاء وبذل لما فِي يَده حدث بِبَغْدَاد بِكِتَاب الْأَرْبَعين لشيخه مُحَمَّد بن يحيى
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
قَاضِي أسيوط أَبُو البركات مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن القَاضِي أَبُو البركات الْأنْصَارِيّ الْموصِلِي الشَّافِعِي
ولي الْقَضَاء بأسيوط زِيَادَة على عشْرين سنة وبحماة مُدَّة ثَمَان سِنِين أَيَّام نور الدّين وَجمع كتابا)
سَمَّاهُ عُيُون الْأَخْبَار وغرر الحكايات والأشعار وَجمع أَرْبَعِينَ حَدِيثا عَن أَرْبَعِينَ شَيخا فِي أَرْبَعِينَ مَدِينَة وَخرج مُعْجم النِّسَاء
وَفِي سنة سِتّ مائَة كَانَت وَفَاته
نظام الدّين ابْن الخروف مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف نظام الدّين ابْن الخروف الْقَيْسِي الْقُرْطُبِيّ الشَّاعِر مَاتَ فِي سنة أَربع وست مائَة متردياً فِي جب بحلب
كتب إِلَى القَاضِي بهاء الدّين ابْن شَدَّاد يطْلب مِنْهُ فَرْوَة طلبت مَخَافَة الأنواء من نعماك جلد أبي
(حَلَبْتُ الدهرَ أَشطُرَهُ
…
وَفِي حلبٍ صفا حَلَبي)
وَبَعْضهمْ يَقُول فِيهِ عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ
قَاضِي أربل الكفرعزي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْجَارُود أَبُو عبد الله الماراني بالنُّون بعد الأل فالكفرعزي قَاضِي أربل
كَانَ عَالما متصوناً جَاوز الثَّمَانِينَ ووفاته سنة تسع وَعشْرين وست مائَة من شعره
الصاحب كَمَال الدّين ابْن مهَاجر مُحَمَّد بن عَليّ بن مهَاجر الصاحب كَمَال الدّين أَبُو الْكَرم الْموصِلِي
قدم دمشق وسكنها وَسمع وروى قَالَ نجم الدّين ابْن السَّائِق سكن فِي دَار ابْن البانياسي وَشرع فِي الصَّدقَات وَشِرَاء الْأَمْلَاك ليوقفها وَكَانَ اتّفق مَعَ وَالِدي على عمل رصيف عقبَة الْكَتَّان وَقَالَ تَجِيء غَدا وَتَأْخُذ دَرَاهِم لعملها فَلَمَّا أصبح بعث إِلَيْهِ الْأَشْرَف جرزة بنفسج وَقَالَ هَذِه بركَة السّنة فَأَخذهَا وشمها فَكَانَت القاضية وَأصْبح مَيتا فورثه السُّلْطَان وأعطوا من تركته ألف دِرْهَم فاشتروا لَهُ تربة فِي سوق الصالحية
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بنى الصاحب تَقِيّ الدّين تَوْبَة بن عَليّ بن مهَاجر التكريتي فِي حيطان التربة خمس دكاكين وَادّعى أَنه ابْن عَمه
قَالَ أَبُو المظفر ابْن الْجَوْزِيّ بلغ قيمَة مَا خلف الصاحب كَمَال الدّين ثَلَاث مائَة ألف دِينَار وَأرَانِي الْملك الْأَشْرَف سبْحَة فِيهَا مائَة حَبَّة مثل بَيَاض الْحمام يَعْنِي من التَّرِكَة
وَكَانَت وَفَاته فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة
سبط الشاطبي مُحَمَّد بن عَليّ بن شُجَاع محيي الدّين ابو عبد الله الْقرشِي سبط الشَّيْخ الشاطبي)
صَاحب القصيدة
كَانَ عِنْده أدب وَله فضل ونظم ونثر حسن الْأَخْلَاق طيب الْعشْرَة ووالده الْحَاج كَمَال الدّين الضَّرِير كَانَ من الصلحاء الْفُضَلَاء
توة فِي محيي الدّين بِالْقَاهِرَةِ سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى ومولده سنة أَربع عشرَة وست مائَة
الشَّيْخ محيي الدّين ابْن عَرَبِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الشَّيْخ محيي الدّين أَبُو بكر الطَّائِي الْحَاتِمِي الأندلسي الْمَعْرُوف بِابْن عَرَبِيّ صَاحب المصنفات فِي التصوف وَغَيره
ولد فِي شهر رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة بمرسية ذكر أَنه سمع بمرسية من ابْن بشكوال وبإشبيلية وبمكة كتاب التِّرْمِذِيّ وَسمع بِدِمَشْق وبغداد
وَسكن الرّوم يُقَال أَنه رَكبه صَاحب الرّوم يَوْمًا فَقَالَ هَذَا بدعوة الْأسود فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ خدمت بِمَكَّة بعض الصلحاء فَقَالَ يَوْمًا الله يذل لَك أعز خلقه أَو كَمَا قَالَ وَقيل إِن صَاحب الرّوم أَمر لَهُ بدار تَسَاوِي مائَة ألف دِرْهَم على مَا قيل فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا قَالَ لَهُ بعض السُّؤَال شَيْء للهفقال مَا لي غير هَذِه الدَّار خُذْهَا لكقال ابْن مسدى فِي جملَة تَرْجَمته كَانَ ظاهري الْمَذْهَب فِي الْعِبَادَات باطني النّظر فِي الاعتقادات وَكتب لبَعض الْوُلَاة ثمَّ حج وَلم يرجع إِلَى بَلَده وروى عَن السلَفِي بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّة وبرع فِي علم التصوف وَله فِيهِ مصنفات كَثِيرَة وَلَقي جمَاعَة من الْعلمَاء والمتعبدين
وَأخذُوا عَنهُ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام هَذَا شيخ سوء كَذَّاب يَقُول بقدم الْعَالم وَلَا يحرم فرجا هَكَذَا حَدثنِي شَيخنَا ابْن تَيْمِية الْحَرَّانِي بِهِ عَن جمَاعَة حدثوه عَن شَيخنَا ابْن دَقِيق الْعِيد أَنه سمع الشَّيْخ عز الدّين يَقُول ذَلِك وحَدثني بذلك المقاتلي ونقلته من خطّ أبي الْفَتْح ابْن سيد النَّاس أَنه سَمعه من ابْن دَقِيق الْعِيد انْتهى
قلت وقفت على كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ الفتوحات المكية لِأَنَّهُ صنفه بِمَكَّة وَهُوَ فِي عشْرين مجلدة بِخَطِّهِ فَرَأَيْت أثناءه دقائق وغرائب وعجائب لَيست تُوجد فِي كَلَام غَيره وَكَأن الْمَنْقُول والمعقول ممثلان بَين عَيْنَيْهِ فِي صُورَة محصورة يشاهدها مَتى أَرَادَ أَتَى بِالْحَدِيثِ أَو الْأَمر ونزله على مَا يُريدهُ وَهَذِه قدرَة وَنِهَايَة إطلاع وتوقد ذهن وَغَايَة حفظ وَذكر وَمن وقف على)
هَذَا الْكتاب علم قدره وَهُوَ من أجلّ مصنفاته
وَأَخْبرنِي الشَّيْخ فتح الدّين إجَازَة وَمن خطه نقل قَالَ سَمِعت شَيخنَا الإِمَام أَبَا الْفَتْح الْقشيرِي يَقُول سَأَلت الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام عَن الشَّيْخ أبي بكر ابْن الْعَرَبِيّ فَقَالَ فَقَالَ شيخ سوء كَذَّاب مقبوح يَقُول بقدم الْعَالم وَلَا يرى تَحْرِيم الْفرج فَسَأَلته عَن كذبه فَقَالَ كَانَ يُنكر تَزْوِيج الْإِنْس بالجن وَيَقُول الْجِنّ روح لطيف وَالْإِنْس جسم كثيف لَا يَجْتَمِعَانِ ثمَّ زعم أَنه تزوج امْرَأَة من الْجِنّ وأقامت مَعَه مُدَّة ثمَّ ضَربته بِعظم جمل فشجته وأرانا شجة بِوَجْهِهِ وبرئت
وسمعته يَقُول خرج ابْن الْعَرَبِيّ وَابْن سراقَة من هَذَا الْبَاب على هَذِه الْهَيْئَة انْتهى وَقد ذكر فِيهِ فِي المجلدة الأولى عقيدته فرأيتها من أَولهَا إِلَى آخرهَا عقيدة الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ لَيْسَ فِيهَا يُخَالف رَأْيه وَكَانَ الَّذِي طلبَهَا مني بصفد وَأَنا بِالْقَاهِرَةِ فنقلتها أَعنِي العقيدة لَا غير فِي كراسة وكتبت عَلَيْهَا
(لَيْسَ فِي هَذِه العقيدة شيءٌ
…
يَقْتَضِيهِ التَّكْذِيب والبهتان)
لَا وَلَا مَا قد خَالف الْعقل وَالنَّقْل الَّذِي قد أَتَى بِهِ الْقُرْآن
(وَعَلَيْهَا للأشعري مدارٌ
…
وَلها فِي مقاله إِمْكَان)
وعَلى مَا ادَّعَاهُ يتَّجه الْبَحْث وَيَأْتِي الدَّلِيل والبرهان
(بِخِلَاف الشناع عَنهُ وَلَكِن
…
لَيْسَ يَخْلُو من حاسدٍ إِنْسَان)
وَلم أكن وقفت على شَيْء من كَلَامه ثمَّ إِنِّي وقفت على فصوص الحكم الَّتِي لَهُ فَرَأَيْت فِيهَا أَشْيَاء مُنكرَة الظَّاهِر لَا توَافق الشَّرْع وَمَا فِيهِ شكّ أَنه يحصل لَهُ ولأمثاله حالات عِنْد معانات الرياضات فِي الخلوات يَحْتَاجُونَ إِلَى الْعبارَة عَنْهَا فَيَأْتُونَ بِمَا تقصر الْأَلْفَاظ عَن تِلْكَ الْمعَانِي الَّتِي لمحوها فِي تِلْكَ الْحَالَات فنسأل الله الْعِصْمَة من الْوُقُوع فِيمَا خَالف الشَّرْع قَالَ الشَّيْخ شمس
الدّين وَله توسع فِي الْكَلَام وذكاء وَقُوَّة خاطر وحافظة وتدقيق فِي التصوف وتواليف جمة فِي الْعرْفَان وَلَوْلَا شطحه فِي كَلَامه وشعرهلعل ذَلِك وَقع مِنْهُ حَال سكره وغيبتهفيرجى لَهُ الْخَيْر انْتهى
قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين اليونيني فِي ذيله على الْمرْآة وَكَانَ يَقُول اعرف الِاسْم الْأَعْظَم واعرف الكيمياء بطرِيق المنازلة لَا بطرِيق الْكسْب وَكَانَت وَفَاته بِدِمَشْق فِي دَار القَاضِي محيي الدّين)
وغسله الْجمال ابْن عبد الْخَالِق ومحيي الدّين وَكَانَ الْعِمَاد ابْن النّحاس يصب عَلَيْهِ وَحمل إِلَى قاسيون وَدفن بتربة القَاضِي محيي الدّين فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وست مائَة انْتهى
مولده سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة بمرسية من الأندلس
وَمن تصانيفه الفتوحات المكية عشرُون مجلدة والتدبيرات الإلهية وفصوص الحكم وَعمل ابْن سودكين عَلَيْهَا شَيْئا سَمَّاهُ نقش الفصوص وَهُوَ من تِلْكَ الْمَادَّة والإسراء إِلَى الْمقَام الأسرى نظماً ونثراً وخلع النَّعْلَيْنِ والأجوبة المسكتة عَن سُؤَالَات الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ ومنزل الْمنَازل الفهوانية وتاج الرسائل ومنهاج الْوَسَائِل وَكتاب العظمة وَكتاب السَّبْعَة وَهُوَ كتاب الشَّأْن والحروف الثَّلَاثَة الَّتِي انعطفت أواخرها على أوائلها والتجليات ومفاتيح الْغَيْب وَكتاب الْحق ونسخة الْحق ومراتب عُلُوم الوهب والإعلام بإشارات أهل الإلهام والعبادات وَالْخلْوَة والمدخل إِلَى معرفَة الْأَسْمَاء كنه مَا لَا بُد للمريد مِنْهُ والنقباء وَحلية الأبدال والشروط فِيمَا يلْزم أهل طَرِيق الله تَعَالَى من الشُّرُوط وأسرار الْخلْوَة وعقيدة أهل السّنة وَالْمقنع فِي إِيضَاح السهل الْمُمْتَنع وإشارات الْقُرْآن وَكتاب الهو والأحدية والإتحاد العشقي وَالْجَلالَة وَالْأَزَلُ وَالْقسم وعنقاء مغرب فِي ختم الْأَوْلِيَاء وشمس الْمغرب والتنزلات الموصلية والشواهد ومناصحة النَّفس وَالْيَقِين وتاج التراجم والقطب والإمامين رِسَالَة الِانْتِصَار والحجب والأنفاس العلوية فِي الْمُكَاتبَة وترجمان النُّجُوم ومطالع أهلة الْأَسْرَار والعلوم وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة والمبشرات وخطبة تَرْتِيب الْعَالم والجلال وَالْجمال ومشكاة الْأَنْوَار فِيمَا رُوِيَ عَن الله من الْأَخْبَار وَشرح الْأَلْفَاظ الَّتِي اصطلحت عَلَيْهَا الصُّوفِيَّة ومحاضرات الْأَبْرَار ومسامرات الأخيار خمس مجلدات
وَحكي لي أَنه ذكر للشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية أَن فِي دمشق إنساناأظنه قيل لحاميرد كَلَام ابْن عَرَبِيّ بالتأويل إِلَى ظَاهر الشَّرْع وَيُوجه خطأه فَطَلَبه فَلم يحضر إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام قدر الله الْجمع بَينهمَا فَقيل لَهُ هَذَا فلَان فَقَالَ لَهُ بَلغنِي عَنْك كَذَا وكذافقال هُوَ مَا بلغك فَقَالَ كَيفَ نعمل فِي قَوْله خضت لجة بَحر الْأَنْبِيَاء وقُوف على ساحلهفقال مَا فِي ذَا شَيْء يَعْنِي أَنهم واقفون لإنقاذ من يغرق فِيهِ من أممهم فَقَالَ لَهُ هَذَا بعيد فَقَالَ وَإِلَّا الَّذِي تفهمه أَنْت مَا هُوَ الْمَقْصُود أَو كَمَا قيل
وَقَالَ الشَّيْخ محيي الدّين ابْن الْعَرَبِيّ رأيتُ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم
فِي النّوم فَقلت يَا رَسُول)
الله ايما أفضل الْملك أَو النبيفقال الْملك فَقلت يَا رَسُول الله اريد على هَذَا دَلِيلا إِذا ذكرته عَنْك أصدق فِيهِ فَقَالَ مَا جَاءَ عَن الله تَعَالَى أَنه قَالَ من ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُ
وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ رجلا عَظِيما وَالَّذِي نفهمه من كَلَامه حسن بسن وَالَّذِي يشكل علينا نكل علمه إِلَى الله تَعَالَى وَمَا كلفنا اتِّبَاعه وَلَا الْعَمَل بِكُل مَا قَالَه
وَقد عظمه الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني رَحمَه الله تَعَالَى فِي مُصَنفه الَّذِي عمله فِي الْكَلَام على الْملك وَالنَّبِيّ والشهيد وَالصديق وَهُوَ مَشْهُور فَقَالَ فِي الْفَصْل الثَّانِي فِي فضل الصديقية وَقَالَ الشَّيْخ محيي الدّين ابْن الْعَرَبِيّ الْبَحْر الزاخر فِي المعارف الإلهية وَذكر من كَلَامه جملَة ثمَّ قَالَ آخر الْفَصْل إِنَّمَا نقلت كَلَامه وَكَلَام مَا جرى مجْرَاه من أهل الطَّرِيق لأَنهم أعرف بحقائق هَذِه المقامات وَأبْصر بهَا لدخولهم فِيهَا وتحققهم بهَا ذوقاً والمخبر عَن الشَّيْء ذوقاً مخبر عَن عين الْيَقِين فاسأل بِهِ خَبِيرا انْتهى
وَمن شعره
(إِذا حلّ ذكركُمْ خاطري
…
فرشت خدودي مَكَان التُّرَاب)
(وأقعدني الذلّ فِي بَابَكُمْ
…
قعُود الْأُسَارَى لضرب الرّقاب)
وَمن شعره أوردهُ ابْن أَنْجَب فِي كتاب لطائف الْمعَانِي
(نَفسِي الْفِدَاء لبيضٍ خردٍ عربٍ
…
لعبن بِي عِنْد لثم الرُّكْن وَالْحجر)
(مَا اسْتدلَّ إِذا مَا تهت خَلفهم
…
إِلَّا بريحهم من طيب الْأَثر)
(غازلت من غزلي مِنْهُنَّ وَاحِدَة
…
حسناء لَيْسَ لَهَا أختٌ من الْبشر)
(إِن أسفرت عَن محياها أرتك سنا
…
مثل الغزالة إشراقاً بِلَا عثر)
(للشمس غرتها لِليْل طرتها
…
شمسٌ وليلٌ مَعًا من أحسن الصُّور)
(فَنحْن فِي اللَّيْل من ضوء النَّهَار بِهِ
…
وَنحن فِي الظّهْر فِي ليلٍ من الشّعْر)
قَالَ ابْن النجار اجْتمعت بِهِ بِدِمَشْق فِي رحلتي إِلَيْهَا وكتبت عَنهُ من شعره وَنعم الشَّيْخ هُوَ ذكر لي أَنه دخل بَغْدَاد سنة إِحْدَى وست مائَة فَأَقَامَ بهَا اثْنَي عشر يَوْمًا ثمَّ دَخلهَا ثَانِيًا حَاجا من مَكَّة مَعَ الركب سنة ثَمَان وست مائَة وَأورد لَهُ
(أَنا حائر مَا بَين علمٍ وشهوةٍ
…
ليتصلا مَا بَين ضدين من وصل)
)
(وَمن لم يكن يستنشق الرّيح لم يكن
…
يرى الْفضل للمسك الفتيق على الزبل)
أَبُو العشائر ابْن التلولي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد ابْن التلولي اللبان أَبُو العشائر من أهل قطفتا
حفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ بالروايات وتمهذب لِابْنِ حَنْبَل وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَقَرَأَ
الْأَدَب على العشاب وَصَحب ابْن الْعَطَّار صَاحب المخزن
توفّي فِي محبس ابْن عباد نَاظر وَاسِط سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة
أَبُو مَنْصُور الْقزْوِينِي الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور بن عبد الْملك ابْن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفراء الْقزْوِينِي أَبُو مَنْصُور ابْن أبي الْحسن
قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الْخياط وَغَيره وَسمع الحَدِيث من أَبِيه وَمن أبي طَالب مُحَمَّد بن غيلَان وَأبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن عمر بن أَحْمد الْبَرْمَكِي وَأبي مُحَمَّد الْحسن الْجَوْهَرِي وَأبي الطّيب طَاهِر الطَّبَرِيّ وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن حبيب الْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهم وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عمر السَّمرقَنْدِي وَأَبُو بكر الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف قَالَ ابْن النجار وَشَيخنَا يحيى بن بوش وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة
ابو الْحسن الدقيقي مُحَمَّد بن عَليّ ابو الْحسن الدقيقي أَخذ عَن عَليّ ابْن عِيسَى الرماني وَغَيره مولده سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَله من الْكتب المرشد فِي النَّحْو المسموع من كَلَام الْعَرَب فِي الْغَرِيب
العمراني الْمَكِّيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن هرون العمراني الْمَكِّيّ أَبُو عَليّ الأديب
توفّي سنة نَيف وَعشْرين وَخمْس مائَة قَالَه أَبُو مُحَمَّد مَحْمُود بن أرسلان فِي تَارِيخ خوارزم وَقَالَ هُوَ شيخ لطيف الْعبارَة خَفِيف الْحَرَكَة حَاضر الْجَواب أَخذ الْأَدَب عَن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد الدادي
قَالَ وَسمعت ابْنة حجَّة الْإِسْلَام ابا الْحُسَيْن عَليّ بن مُحَمَّد يَقُول هجا شبْل الدولة ابو مقَاتل عَطِيَّة الْبكْرِيّ وَالِدي فَقَالَ
(رَأَيْت الْفَتى الْمَكِّيّ أسود حالكاً
…
طَويلا نحيفاً يَابِس الْكَفّ وَالْبدن)
(فشبهته وَالثَّوْب يَغْشَاهُ أبيضاً
…
بمحراك تنورٍ تلطخ بِاللَّبنِ)
فَأَجَابَهُ وَالِدي)
(أيا شبْل لَا تهج السوَاد فإنني
…
رَأَيْت سَواد الْعين أكْرم فِي الْبدن)
(وَلَا تهجوني بالنحول فإنني
…
كبازٍ وَإِن الدب يُوصف بالسمن)
ابْن الجبان اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن الجبان ابو مَنْصُور اللّغَوِيّ من أهل الرّيّ
سكن بأصبهان وَكَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَة وَله مصنفات حَسَنَة فِي الْأَدَب وَهُوَ من أَصْحَاب أبي عَليّ يالفارسي النَّحْوِيّ قدم بَغْدَاد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وروى بهَا كتاب انتهاز
الفرص فِي تَبْيِين المقلوب من كَلَام الْعَرَب من تصنيفه قَرَأَهُ عَلَيْهِ عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن برهَان الْأَسدي وَرَوَاهُ عَنهُ وَقُرِئَ عَلَيْهِ مُسْند الرَّوْيَانِيّ وَتَكَلَّمُوا فِيهِ من قبل مذْهبه كَذَا قَالَه ابْن النجار قلت لَعَلَّه كَانَ معتزلياً
قَالَ ياقوت لَهُ كتاب أبنية الْأَفْعَال وَكتاب الشَّامِل فِي اللُّغَة كَبِير كتاب شرح الفصيح حسن
وَكَانَ ينخرط فِي سلك ندماء الصاحب ابْن عباد ثمَّ استوحش من خدمته وتمادت بِهِ أَحْوَال شَتَّى حَتَّى علق غُلَاما من الديلم يُقَال لَهُ البركاني وَاتفقَ للغلام أَنه أحرم بِالْحَجِّ وَلم يجد هُوَ بدا من مُوَافَقَته ومرافقته حَتَّى بلغا الْمِيقَات فَلَمَّا أَخذ فِي التَّلْبِيَة قَالَ لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك والبركاني ساقني إِلَيْك وَكَانَ يواصل إنشاد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ
(مليح الدلّ والغنج
…
لَك سلطانٌ على المهج)
(إِن بَيْتا أَنْت ساكنه
…
غير مُحْتَاج إِلَى سرج)
ثمَّ ابْتُلِيَ بِفِرَاقِهِ فَقَالَ
(يَا وحشتي لفراقكم
…
أَتَرَى يَدُوم عَليّ هَذَا)
الْمَوْت وَالْأَجَل المتاح وكل معضلةٍ وَلَا ذَا الدوري الْوَاعِظ مُحَمَّد بن عَليّ بن نصر بن البل الدوري ابو المظفر الْوَاعِظ
ولد بالدور من نواحي دجيل وَدخل بَغْدَاد فِي صباه واستوطنها وَسمع الحَدِيث الْكثير وَقَرَأَ الْفِقْه وَالْأَدب وسلك طَرِيق الْوَعْظ وَحفظ الْمجَالِس وَتكلم على رُؤُوس النَّاس وَلم يزل إِلَى أَن علت سنه وتعصب لَهُ النَّاس وَصَارَ يتَكَلَّم فِي التعازي الْمُتَعَلّقَة بدار الْخلَافَة والأكابر وَأذن لَهُ فِي الْجُلُوس بِبَاب التربة الجهنية عِنْد قبر مَعْرُوف كل سبت
وَكَانَت بَينه وَبَين أبي الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ منافرات ومناقرات
وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن جرت لوَلَده مخاصمة مَعَ غلْمَان أم النَّاصِر فَمنع من الْجُلُوس وَأمر)
بِلُزُوم بَيته وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة ومولده سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
وَأورد لَهُ ابْن النجار
(يَتُوب على يَدي قومٌ عصاة
…
أخافتهم من الْبَارِي ذنُوب)
(وقلبي مظلم من طول مَا قد
…
جنى فَأَنا على يَد من أَتُوب)
(كَأَنِّي شمعةٌ مَا بَين قومٍ
…
تضيء لَهُم ويحرقها اللهيب)
(كَأَنِّي مخيط يكسو أُنَاسًا
…
وجسمي من ملابسهم سليب)
مهذب الدّين ابْن الخيمي مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن عليثلاثة ابْن الْمفضل بن القامغار بِالْقَافِ وَبعد الْألف مِيم بعْدهَا غين مُعْجمَة بعْدهَا ألف بعْدهَا راءالأديب الْكَامِل مهذب الدّين ابْن الخيمي الْحلِيّ الْعِرَاقِيّ الشَّاعِر شيخ معمر فَاضل
قَالَ ابْن النجار كتبت عَنهُ بِالْقَاهِرَةِ وَله مصنفات كَثِيرَة سمع وروى وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة
من شعره
(أأصنام هَذَا الجيل طراً أكلكم
…
يعوق أما فِيكُم يَغُوث وَلَا ود)
(لقد طَال تردادي إِلَيْكُم فَلم أجد
…
سوى رب شَأْن فِي الْغنى شَأْنه الرَّد)
(وَدَعوى كرامٍ يَسْتَحِيل قبُولهَا
…
وَيقبل إِذْ حد الحسام لَهَا حد)
وَمِنْه
(جننت فعوذني بكتبك أَن لي
…
شياطين شوقٍ لَا تفارق مضجعي)
(إِذا استرقت أسرار وجدي تمرداً
…
بعثت عَلَيْهَا فِي الدجى شهب أدمعي)
وَمِنْه
(قَالَت وَقد رَأَتْ المشيب تجاف عَن
…
مسي بشيبك فالمشيب أَخُو البرص)
(إِنِّي لأكرهه إِذا عاينته
…
يقظى وَألقى دون رُؤْيَته الْغصَص)
(وَأَظنهُ كفني وقطن لفائفي
…
حَملته غاسلتي وَجَاءَت فِي قفص)
وَمن تصانيفه كتاب حرف فِي علم الْقُرْآن أَمْثَال الْقُرْآن كتاب الْكلاب اسْتِوَاء الْحَاكِم وَالْقَاضِي رد على الْوَزير المغربي المقايسة لُزُوم الْخمس الملخص الديواني فِي الْأَدَب والحساب)
الْمَقْصُورَة المطاول فِي الرَّد على المعري فِي مَوَاضِع سَهَا فِيهَا سِتَّة اسطرلاب الشّعْر شرح التَّحِيَّات الْأَرْبَعين والأساميات الدِّيوَان الْمَعْمُور فِي مدح الصاحب الْجمع بَين الْأَخَوَات والمحافظة عَلَيْهِنَّ وَهن مسيئات صِفَات الْقبْلَة مجملة مفصلة رِسَالَة من أهل الْإِخْلَاص والمودة إِلَى النَّاكِثِينَ من أهل الْغدر وَالرِّدَّة
ولد فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة بالحلة المزيدية وَتُوفِّي يَوْم الْأَرْبَعَاء الْعشْرين من ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة بِالْقَاهِرَةِ وَدفن من الْغَد بالقرافة الصُّغْرَى
قَالَ ابْن خلكان وَحَضَرت الصَّلَاة عَلَيْهِ وَكَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَة وراوية للشعر وَالْأَدب وَكَانَ اجتماعنا بِالْقَاهِرَةِ فِي مجَالِس عديدة وأنشدني كثيرا من شعره وَشعر غَيره انْتهى
قلت وَمن شعره الأبيات الْمَشْهُورَة وَهُوَ مَا كتبه لوَلَده وَقد عصر
(عصروك أَمْثَال اللصو
…
ص ومكنوا مِنْك الإهانه)
(فَإِذا رجعت فخنهم
…
إِن السَّلامَة فِي الخيانه)
وَافْعل كَفعل بني سناء الْملك فِي مَال الخزانه يُقَال أَن هَذِه الأبيات لما شاعت أمسك بَنو سناء الْملك وصودروا بِسَبَب هَذِه الأبيات
وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى أَنْشدني مهذب الدّين ابو طَالب ابْن الخيمي وَأَخْبرنِي أَنه كَانَ بِدِمَشْق وَقد رسم السُّلْطَان بحلق لحية شخص لَهُ وجاهة بَين النَّاس فحلق بَعْضهَا وحصلت فِيهِ شَفَاعَة فعفي عَنهُ فِي الْبَاقِي فَعمل فِيهِ وَلم يُصَرح باسمه بل رمزه وستره وَهُوَ
(زرت ابْن آدم لما قيل قد حَلقُوا
…
جَمِيع لحيته من بعد مَا ضربا)
(فَلم أر النّصْف محلوقاً فعدت لَهُ
…
مهنئاً بِالَّذِي مِنْهَا لَهُ وهبا)
(فَقَامَ ينشدني والدمع يخنقه
…
بَيْتَيْنِ مَا نظما ميناً وَلَا كذبا)
(إِذا أتتك لحلق الذقن طائفةٌ
…
فاخلع ثِيَابك مِنْهَا ممعناً هربا)
(وَإِن أتوك وَقَالُوا أَنَّهَا نصف
…
فَإِن أطيب نصفيها الَّذِي ذَهَبا)
ابْن الشَّيْخ عَليّ الحريري مُحَمَّد بن عَليّ هُوَ ابْن الشَّيْخ عَليّ الحريري رجل صَالح دين خير وَمن محاسنه أَنه كَانَ يُنكر على أَصْحَاب وَالِده وَيَأْمُرهُمْ بِاتِّبَاع الشَّرِيعَة وَلما مَاتَ أَبوهُ)
طلبُوا مِنْهُ الْجُلُوس فِي المشيخة فَشرط عَلَيْهِم شُرُوطًا لم يقدر أَصْحَابه على اشْتِرَاطهَا فتركهم وانعزل عَنْهُم
وَتُوفِّي بِدِمَشْق فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وست مائَة وَدفن عِنْد الشَّيْخ رسْلَان عَاشَ سبعا وَأَرْبَعين سنة
أَبُو الْفَتْح الْأنْصَارِيّ الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى شمس الدّين ابو الْفَتْح الْأنْصَارِيّ لم يشْتَهر إِلَّا بكنيته
كَانَ فَاضلا عَارِفًا بِالْقُرْآنِ تفرد بذلك فِي وقته وَكَانَ يقرئ بتربة أم الصَّالح بِدِمَشْق
توفّي سَابِع عشر صفر سنة سبع وَخمسين وست مائَة وانتفع النَّاس بِهِ
نجيب الدّين السَّمرقَنْدِي الطَّبِيب مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر السَّمرقَنْدِي نجيب الدّين
قَالَ ابْن أبي أصيبعة طَبِيب فَاضل بارع لَهُ كتب جليلة وتصانيف مَشْهُورَة قتل مَعَ جملَة من النَّاس الَّذين قتلوا بهراة لما دَخلهَا التتار وَكَانَ معاصراً لفخر الدّين الرَّازِيّ ولنجيب الدّين السَّمرقَنْدِي من الْكتب كتاب أغذية المرضى قسمه على حسب مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي التغذية لكل وَاحِد من سَائِر الْأَمْرَاض كتاب الْأَسْبَاب والعلامات جمع لنَفسِهِ وَنَقله من القانون لأبي عَليّ ابْن سينا وَمن المعالجات البقراطية وكامل الصِّنَاعَة كتاب الأقراباذين الْكَبِير وَكتاب الأقراباذين الصَّغِير انْتهى كَلَامه وَلم يذكر وَفَاته
الحاكمي الْخَوَارِزْمِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الحاكمي الْخَوَارِزْمِيّ ابو عبد الله
مَاتَ فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة فَقِيه خطيب واعظ شَاعِر كَاتب أديب أريب صنف كتاب فتح منقشلاغ ومدح فِيهِ الْملك المظفر أتسز خوارزمشاه وَوصف أخلاقه ومحاسنه
وَمن شعره
(أيحسب النَّاس أَن الْمجد مجان
…
وَهل يملك بالمجان مرجان)
(مَا أعوز الْمجد مجَّانا بِلَا ثمنٍ
…
الْمجد علقٌ وللأعلاق أَثمَان)
(الْمجد أبعد شأواً أَن يفوز بِهِ
…
بِغَيْر وكدٍ وكد النَّفس إِنْسَان)
(بأين عَدوك تسلم من غوائله
…
بالبعد لَا تحرق الْأَشْيَاء نيران)
(وَلَا يغرنك إطراقٌ يُرِيك بِهِ
…
تناوماً فضجيج الحقد يقظان)
)
(وَلَا تفه بِكَلَام لست تأمنه
…
فَرُبمَا كَانَ للحيطان آذان)
(واجز الْكَرِيم إِذا أسدى إِلَيْك يدا
…
وَإِن الْجَزَاء على الْإِحْسَان إِحْسَان)
الصاحب فَخر الدّين ابْن حنا مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سليم الْمصْرِيّ الشَّافِعِي هُوَ الْوَزير فَخر الدّين ابو عبد الله ابْن الصاحب بهاء الدّين ابْن القَاضِي السديد ابْن حنا
سمع من أبي الْحسن ابْن المقير وَحدث ودرس بمدرسة وَالِده وَعمر رِبَاطًا كَبِيرا بالقرافة ووقف عَلَيْهِ مَا لم يقم بالفقراء وَكَانَ دينا فَاضلا محباً للخير وَهُوَ وَالِد الصاحب تَاج الدّين وَقد مر ذكره وشيعه خلق كثير روى عَنهُ الدمياطي وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وست مائَة
وَله نظم من خطّ شمس الدّين الْجَزرِي وَمن نظم الصاحب فَخر الدّين مَا أنشدنا شَيخنَا شرف الدّين الدمياطي قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(من يسمع العذل فِي من وَجههَا قمرٌ
…
فَذَاك عِنْدِي مِمَّن لبه فقدا)
(لَو شاهدت عذلي مَا تَحت برقعها
…
من الْجمال لماتوا كلهم شَهدا)
(روحي الْفِدَاء لمن عشاقها قتلت
…
فكم أسيرٍ لَهَا مَا يفتدى أبدا)
(من علم الْغُصْن لَوْلَا قدها ميساً
…
وَعلم الظبي لَوْلَا جيدها غيدا)
وأنشدنا لَهُ
(أَنا مرسلٌ للعاشقين جَمِيعهم
…
من مَاتَ مِنْهُم وافياً من أمتِي)
(فَلهُ الشَّهَادَة كلهَا ولي الهنا
…
إِذْ كَانَ مِمَّن قد غَدا فِي زمرتي)
قلت وَلما مَاتَ رثاه البوصيري قيل أَنه كتبهَا على قَبره هِيَ
(نم هَنِيئًا مُحَمَّد بن عليٍ
…
لجميلٍ قدمت بَين يديكا)
(كنت عوناً لنا على الدَّهْر حَتَّى
…
حسدتنا يَد الْمنون عليكا)
(أَنْت أَحْسَنت فِي الْحَيَاة إِلَيْنَا
…
أحسن الله فِي الْمَمَات إليكا)
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن الجزار يعزي الصاحب بهاء الدّين فِيهِ لما مَاتَ
(بَكت الصَّحَابَة عِنْد فقد محمدٍ
…
أسفا فَكَانَ أَشَّدهم حزنا عَليّ)
(ولحسرة المتألمين حَقِيقَة
…
فِي الرزء غير تجمل المتجمل)
ابْن الْمصْرِيّ تَاج الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن شاهنشاه تَاج الدّين ابْن
الْمصْرِيّ
كَانَ فَاضلا صنف تَارِيخا للقضاة وَتُوفِّي بِمصْر فِي الْمحرم سنة سبع وَسبعين وستّ مائَة وَدفن)
بسفح المقطم
وجيه الدّين ابْن سُوَيْد مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب بن سُوَيْد الرئيس وجيه الدّين التكريتي التَّاجِر
كَانَ نَافِذ الْكَلِمَة وافر الْحُرْمَة كثير الْأَمْوَال والتجارات وَاسع الجاه كَانَ من خَواص الْملك النَّاصِر يَده مبسوطة فِي دولته لما توجه فِي الجفل إِلَى مصر من التتار غرم ألف ألف دِرْهَم وَلما تملك الْملك الظَّاهِر قربه وَأَدْنَاهُ وَأوصى إِلَيْهِ وَجعله نَاظر أوقافه لَا يتَعَرَّض أحد إِلَى متاجره وَكتبه عِنْد الْمُلُوك حَتَّى مُلُوك الفرنج نَافِذَة وكل من ينْسب إِلَيْهِ مرعي الْجَانِب وَلما مَاتَ وَلَده التَّاج مُحَمَّد سنة سِتّ وَخمسين مَشى الْملك النَّاصِر فِي جنَازَته ثمَّ ركب إِلَى الْجَبَل
وَحج وَلَده نصير الدّين عبد الله عَام حج الْملك الظَّاهِر فَحَضَرَ عِنْده يَوْم عَرَفَة مُسلما فحين وطئ الْبسَاط قَالَ لَهُ السُّلْطَان وَبَالغ فِي إكرامه وَسَأَلَهُ عَن حَوَائِجه فَقَالَ لَهُ يكون مَعنا أَمِير يُعينهُ السُّلْطَان فَقَالَ من اخْتَرْت أَرْسلتهُ فِي خدمتك فَطلب مِنْهُ جمال الدّين ابْن نَهَار فَقَالَ لَهُ هَذَا الْمولى نصير الدّين قد اختارك على جَمِيع من معي فتخدمه مِثْلَمَا تخدمني وَتَروح مَعَه إِلَى الشَّام
وَكَانَ وجيه الدّين فِيهِ بر وَمَكَارِم ورقة حَاشِيَة ولد سنة تسع وست مائَة وَتُوفِّي سنة سبعين وست مائَة وَدفن بتربته بقاسيون
وَسمع من المؤتمن ابْن قميرة وَلم يرو بل روى عَنهُ الدمياطي من شعره فِي مليح عروس كردِي
(لما جلوا ذَا الصَّبِي كالبدر فِي هالو
…
سبى المواشط وَقَالُوا فِيهِ مَا قَالُوا)
(صبي وكردي وكرديه من أشكالوا
…
لَوْلَا نَبَات عذارو لالتبس حالو)
وَكَانَ أقَارِب ذَلِك الصَّبِي أُمَرَاء القميرية وَكَانَ ابْن سُوَيْد قد أنْشد الْبَيْتَيْنِ للْملك النَّاصِر وَكَانَ إِذا حَضَرُوا يَقُول لَهُ على سَبِيل الْبسط يَا وجيه لَوْلَا يُوهِمهُ أَنه ينشد الْبَيْتَيْنِ فَيَضَع الْوَجِيه إصبعه على فَمه يَعْنِي اسْكُتْ عني خوفًا من الأكراد
أَمِين الدّين الْمحلي النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ أَمِين الدّين ابو بكر الْأنْصَارِيّ الْمحلي النَّحْوِيّ أحد أَئِمَّة الْعَرَبيَّة بِالْقَاهِرَةِ
تصدر لإقراء النَّحْو وانتفع بِهِ النَّاس لَهُ تصانيف حَسَنَة مِنْهَا أرجوزة فِي الْعرُوض وَغير ذَلِك)
وَله شعر حسن
توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة عَن ثَلَاث وَسبعين سنة وَمن نظمه مَا كتبه فِي مَرضه لبَعض الأكابر
(يَا ذَا الَّذِي عَم الورى نَفعه
…
وَمن لَهُ الْإِحْسَان وَالْفضل)
(العَبْد فِي منزله مدنفاً
…
وَقد جفاه الصحب والأهل)
(فروجه البقل وَيَا وَيْح من
…
فروجه فِي الْمَرَض البقل)
وَمن نظمه أَيْضا مَا كتبه إِلَى مَرِيض
(إِن جِئْت نلْت ببابك التشريفا
…
وَإِن انْقَطَعت فأوثر التخفيفا)
ووحق حبي فِيك قدماً أننيعوفيتأكره أَن أَرَاك ضَعِيفا وَمن نظمه مَا أنشدنيه الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ تَقِيّ الدّين مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق الصَّائِغ الْمُقْرِئ قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ أَمِين الدّين الْمحلي
(عَلَيْك بأرباب الصُّدُور فَإِن من
…
يُجَالس أَرْبَاب الصُّدُور تصدرا)
(وَإِيَّاك أَن ترْضى صحابة ساقطٍ
…
فتنحط قدرا من علاك وتحقرا)
(فَرفع ابو من ثمَّ خفض مزملٍ
…
يُحَقّق قولي مغرياً ومحذرا)
ابْن ميسر الْمصْرِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن ميسّر تَاج الدّين ابو عبد الله الْمصْرِيّ المؤرخ
صنف تَارِيخ الْقُضَاة وَله تَارِيخ كَبِير ذيل بِهِ على تَارِيخ المسبحي توفّي سنة سبع وَسبعين وست مائَة
الْمُحدث جمال الدّين ابْن الصَّابُونِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن أَحْمد الْحَافِظ الْمُحدث ابو حَامِد ابْن الشَّيْخ علم الدّين ابْن الصَّابُونِي المحمودي شيخ دَار الحَدِيث النورية
ولد سنة أَربع وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة سمع من الحرستاني وَابْن ملاعب وَابْن الْبناء وَأبي الْقَاسِم الْعَطَّار وَابْن أبي لقْمَة وعني بِالْحَدِيثِ وَكتب وَقَرَأَ وَصَارَ لَهُ فهم وَمَعْرِفَة وَسمع من ابْن البن وَابْن صصرى وَهَذِه الطَّبَقَة بِدِمَشْق
وَكَانَ صَحِيح النَّقْل مليح الْخط حسن الْأَخْلَاق صنف مجلداً سَمَّاهُ تَكْمِلَة إِكْمَال الْإِكْمَال ذيل بِهِ على إِكْمَال ابْن نقطة فأجاد وَأفَاد)
وَهُوَ من رفاق ابْن الْحَاجِب وَالسيف بن الْمجد وَابْن الدخميسي وَابْن الْجَوْهَرِي وَطَالَ عمره وعلت رِوَايَته وروى الْكثير بِمصْر ودمشق روى عَنهُ الدمياطي وَابْن الْعَطَّار والدواداري والبرزالي والبرهان الذَّهَبِيّ وَابْن رَافع جمال الدّين وقاضي الْقُضَاة نجم الدّين ابْن صصرى وَكَانَ لَهُ إجَازَة من الْمُؤَيد الطوسي وَابْن طبرزد وَحصل لَهُ تغير قبل مَوته بِسنة أَو أَكثر واعتراه غَفلَة وساء حفظه وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَدفن بسفح قاسيون
شمس الدّين الْمزي العابر مُحَمَّد بن عَليّ بن علوان الشَّيْخ شمس الدّين الْمزي مُفَسّر الرُّؤْيَا كَانَ ضريراً كثير التِّلَاوَة وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا يضْرب بِهِ الْمثل فِي وقته
توفّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة
صدر الدّين ابْن القباقبي مُحَمَّد بن عَليّ الْأنْصَارِيّ الصَّدْر شمس الدّين ابْن القباقبي
كَانَ من شُيُوخ الْكتاب وَهُوَ وَالِد مجد الدّين يُوسُف أَظُنهُ كتب الدرج بصفد وَالله أعلم توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة
ابْن شَدَّاد الْحلَبِي الْكَاتِب مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن شَدَّاد الصَّدْر المنشئ عز الدّين ابو عبد الله الْأنْصَارِيّ الْحلَبِي الْكَاتِب
ولد سنة ثَلَاث عشرَة وَكَانَ أديباً فَاضلا وصنف تَارِيخا لحلب وسيره إِلَى الْملك الظَّاهِر وَكَانَ من خَواص النَّاصِر ذهب فِي الرسلية إِلَى هولاكو وَإِلَى غَيره وَسكن الديار المصرية بعد أَخذ حلب وَكَانَ ذَا مكانة عِنْد الظَّاهِر والمنصور وَله توصل ومداخلة وَفِيه مُرُوءَة ومسارعة لقَضَاء الْحَوَائِج وروى شَيْئا وَسمع مِنْهُ المصريون
وَتُوفِّي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وست مائَة
صَلَاح الدّين مدرس القيمرية مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود صَلَاح الدّين أَبُو عبد الله الشهرزوري الشَّافِعِي مدرس القيمرية بِدِمَشْق وناظرها الشَّرْعِيّ
كَانَ شَابًّا نبيها حسن الشكل كريم الْأَخْلَاق لين الْكَلَام ولي تدريسها بعد وَالِده القَاضِي شمس الدّين عَليّ
توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة وَدفن إِلَى جَانب وَالِده بتربة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الضلاح وَلم يكمل لَهُ أَرْبَعُونَ سنة
رَضِي الدّين الشاطبي اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْعَلامَة رَضِي)
الدّين ابو عبد الله الْأنْصَارِيّ الشاطبي اللّغَوِيّ
ولد ببلنسية سنة إِحْدَى وست مائَة وروى عَن ابْن المقير وَابْن الجميزي وَكَانَ عالي الْإِسْنَاد فِي الْقُرْآن لِأَنَّهُ قَرَأَ لورش على المعمر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَسْعُود الشاطبي الْأَزْدِيّ صَاحب ابْن هُذَيْل
وَكَانَ رَضِي الدّين إِمَام عصره فِي اللُّغَة تصدر بِالْقَاهِرَةِ وَأخذ النَّاس عَنهُ روى عَنهُ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان وَسعد الدّين الْحَارِثِيّ وجمال الدّين الْمزي وَابْن مُنِير والظاهري ابو عَمْرو
توفّي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَكَانَ يجْتَمع بالصاحب زين الدّين ابْن الزبير ويجتمع بالصاحب الْمَذْكُور جمَاعَة الشُّعَرَاء من عصره مثل أبي الْحُسَيْن والوراق وَابْن النَّقِيب وَتلك الحلبة
أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ فَكَانَ الصاحب يرجحه عَلَيْهِم وَيَرْفَعهُ فَوْقهم فِي الْمجْلس وَيَقُول أَنْت عَالم وَهَؤُلَاء شعراء انْتهى
وَلما مَاتَ الشَّيْخ رَضِي الدّين رثاه السراج الْوراق بقصيدة أَولهَا
(سقى أَرضًا بهَا قبر الرضي
…
حَيا الوسمي يردف بالولي)
مِنْهَا
(فقد ترك الْغَرِيب غَرِيب دارٍ
…
وأذكره بفقد الأضمعي)
(وَأحكم محكمٌ بلجام حزنٍ
…
لفقد الْفَارِس البطل الكمي)
(وَلما اعتل قَالُوا اعتل أَيْضا
…
لشكواه صِحَاح الْجَوْهَرِي)
(وجازى كل عينٍ قد بكته
…
كتاب الْعين بالدمع الروي)
(لشيخ السَّبع أبين مَا رَوَاهُ
…
وصال كصولة السَّبع الجري)
(فَحزن الشاطبية لَيْسَ يخفى
…
من العنوان عَن فهم الغبي)
(وَفِي علم الحَدِيث لَهُ اجتهادٌ
…
بِهِ يَتْلُو اجْتِهَاد الْبَيْهَقِيّ)
(وَفِي الْأَنْسَاب لَا يخفى عَلَيْهِ
…
دعاوي من صَحِيح أَو دعِي)
(لَو أدْرك عصره الْكَلْبِيّ ولى
…
وهرول خوف ليثٍ هبرزي)
وَكَانَ الشاطبي أَزْرَق الْعَينَيْنِ فَقَالَ نَاصِر الدّين ابْن النَّقِيب فِيهِ
(يَقُولُونَ قد حرف الشاطبي
…
فَقلت وَتَصْحِيفه أكتر)
)
(وَمن لم يُقيد رواياته
…
بِخَط الشُّيُوخ فَمَا يذكر)
(وَمن أَخذ الْعلم عَن نَفسه
…
فَإِن سواهُ بِهِ أخبر)
(وَقَالُوا دعاويه لَا تَنْقَضِي
…
وجد مساويه لَا يحصر)
(فَقلت اصفعوا الْأَزْرَق الْمُدَّعِي
…
وَلَو أَنه خلف الْأَحْمَر)
ابْن العابد الْكَاتِب مُحَمَّد بن عَليّ بن العابد الْكَاتِب قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين مشافهة هَذَا من غرناطة وَهُوَ وَالِد الْكَاتِب أبي الْقَاسِم ابْن العابد
لَهُ يلغز فِي سَاحر من إنشاد أثير الدّين
(مَا اسمٌ لحسناء تسمت بِهِ
…
مِمَّا بعينيها لقتل الْعباد)
(وَنصفه الثَّانِي مرادي الَّذِي
…
أختاره مِنْهَا وَنعم المُرَاد)
الرندي مُحَمَّد بن عَليّ الرندي بالراء المضمومة وَالنُّون
أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ قدم علينا الْقَاهِرَة ومدح بهَا بعض قضاتها وَتشفع عِنْده بِبَعْض اصحابه وَكَانَ قد نظم فِيهِ أشعاراً وموشحات فَردهَا عَلَيْهِ وَكتب لَهُ بعد الشَّفَاعَة بأرطال من الْخبز قَليلَة فِي ورقة فَلم يقبلهَا وَكَانَ قد شكا إِلَيْهِ عائلة كَبِيرَة فَقَالَ إِذا كَانَ هَذَا رئيسهم فَفَارَقَ الْقَاهِرَة وَلَا أَدْرِي أَيْن ذهب
وأنشدني أثير الدّين للمذكور
(شكري لعليائكم كالروض للسحب
…
وَقد غذتها بدر غيث منسكب)
(إِذْ لحت فِي آل شكرٍ بدر هالتها
…
تمد بَحر الندى بِالْعلمِ وَالْأَدب)
(بِبَيْت عزٍ شهيرٍ لَا يلم بِهِ
…
خرمٌ وَلَا وتدٌ يَنْفَكّ عَن سَبَب)
(مديد سبقٍ طويلٍ فِي دوائره
…
وكاملٍ وافرٍس يُغني عَن الخبب)
قلت شعر منحط
ابْن الملاق الْحَنَفِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الملاق بِالتَّخْفِيفِ فِي اللامالقاضي بدر الدّين الرقي الْفَقِيه الْحَنَفِيّ
سمع من بكبرس الخليفتي الْأَرْبَعين الودعانية وَسمع مِنْهُ الدواداري وَأَجَازَ للدماشقة
مولده سنة تسع عشرَة توفّي سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة
نَائِب الدواداري فِي الشد مُحَمَّد بن عَليّ الْأَمِير شهَاب الدّين الْعقيلِيّ نَائِب الدواداري فِي شدّ)
الشَّام
قتل فِي أَوَاخِر سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة وَكَانَ قد شاخ وأسن وَسمر قَاتله
الْمسند شمس الدّين ابْن الوَاسِطِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن فضل الْمسند الْمُبَارك شمس الدّين ابو عبد الله أَخُو الإِمَام الْقدْوَة تَقِيّ الدّين ابْن الوَاسِطِيّ
ولد سنة خمس عشرَة وست مائَة تَقْرِيبًا وَحضر عَليّ الشَّيْخ الْمُوفق ومُوسَى بن عبد الْقَادِر وَابْن رَاجِح وَسمع من ابْن أبي لقْمَة والقزويني وَابْن البن وَابْن صصرى والبهاء وَابْن صباح والكاشغري وَابْن غَسَّان والزبيدي وَعمر بن شَافِع وَطَائِفَة خرج لَهُ الشَّيْخ شمس الدّين عوالي فِي جُزْء ضخم وَخرج لَهُ النابلسي مشيخة فِي جزئين وَسمع مِنْهُ الْمزي والبرزالي وَابْن سيد النَّاس والمقاتلي وَابْن المهندس وَنجم الدّين القحفازي وشمس الدّين ابْن المهيني وَتُوفِّي سنة سبع مائَة
الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد مُحَمَّد بن عَليّ بن وهب بن مُطِيع الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد الْقشيرِي المنفلوطي الْمصْرِيّ الْمَالِكِي
الشَّافِعِي أحد الْأَعْلَام وقاضي الْقُضَاة
ولد سنة خمس وَعشْرين بِنَاحِيَة يَنْبع وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبع مائَة
سمع من ابْن المقير وَابْن الجميزي وَابْن رواج والسبط وعدة وَسمع من ابْن عبد الدَّائِم والزين خَالِد بِدِمَشْق وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ تساعية وَلم يحدث عَن ابْن المقير وَابْن رواج لِأَنَّهُ دَاخله شكّ فِي كَيْفيَّة التَّحَمُّل عَنْهُمَا
وَله التصانيف البديعة كالإلمام وَالْإِمَام شَرحه وَلم يكمل وَلَو كمل لم يكن لِلْإِسْلَامِ مثله وَكَانَ يَجِيء فِي خَمْسَة وَعشْرين مجلداً وَله عُلُوم الحَدِيث وَالَّذِي أملاه على ابْن الثير فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام فَاضل الْعَصْر الَّذِي يعرفهُ وَهُوَ إملاء وَشرح مُقَدّمَة الْمُطَرز فِي أصُول الْفِقْه وَألف الْأَرْبَعين فِي الرِّوَايَة عَن رب الْعَالمين وَشرح بعض مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وَكَانَ إِمَامًا متفنناً مُحدثا مجوداً فَقِيها مدققاً أصولياً أديباً نحوياً شَاعِرًا ناثراً ذكياً غواصاً على الْمعَانِي مُجْتَهدا وافر الْعقل كثير السكينَة بَخِيلًا بالْكلَام تَامّ الْوَرع شَدِيد التدين مديم السهر مكباً على المطالعة وَالْجمع قل أَن ترى الْعُيُون مثله وَكَانَ سَمحا جواداً عديم الدعاوي لَهُ الْيَد الطُّولى فِي الْفُرُوع)
وَالْأُصُول وبصر بعلل الْمَنْقُول والمعقول قد قهره الوسواس فِي أَمر الْمِيَاه والنجاسات وَله فِي ذَلِك حكايات ووقائع عَجِيبَة وَكَانَ كثير التَّسَرِّي والتمتع وَله عدَّة أَوْلَاد ذُكُور بأسماء الصَّحَابَة الْعشْرَة
تفقه بِأَبِيهِ وبالشيخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وبطائفة واشتهر اسْمه فِي حَيَاته وحياة مشايخه وَتخرج بِهِ أَئِمَّة
وَكَانَ لَا يسْلك المراء فِي بَحثه بل يتَكَلَّم بسكينة كَلِمَات يسيرَة فَلَا يُرَاد وَلَا يُرَاجع وَكَانَ عَارِفًا بمذهبي مَالك وَالشَّافِعِيّ كَانَ مالكياً أَولا ثمَّ صَار شافعياً قَالَ وَافق اجتهادي اجْتِهَاد الشَّافِعِي إِلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ أحديهما أَن الابْن لَا يُزَوّج أمه وَالْأُخْرَى وحسبك بِمن يتنزل ذهنه على ذهن الشَّافِعِي
وَكَانَ لَا ينَام اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا يقطعهُ بمطالعة وَذكر وتهجد أوقاته كلهَا معمورة
وَلما طلع إِلَى السُّلْطَان حسام الدّين لاجين قَامَ لَهُ وخطا عَن مرتبته وعزل نَفسه عَن الْقَضَاء مَرَّات ثمَّ يسْأَل ويعاد إِلَيْهِ وَكَانَ شفوقاً على المشتغلين كثير الْبر لَهُم
وَقَالَ قطب الدّين أَتَيْته بِجُزْء سَمعه من ابْن رواج والطبقة بِخَطِّهِ فَقَالَ حَتَّى أنظر ثمَّ عَاد إِلَيْهِ فَقَالَ هُوَ خطي وَلَكِن مَا أحقق سَمَاعي لَهُ وَلَا أذكرهُ
وَحكى قطب الدّين السنباطي قَالَ قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين لكاتب الشمَال سِنِين لم يكْتب عَليّ شَيْئا قلت أَخْبرنِي ذَلِك الإِمَام الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن السُّبْكِيّ قَالَ حكى لي ذَلِك السنباطي فاجتمعت بِهِ وَقلت لَهُ قَالَ فلَان عَن فلَان عَن مَوْلَانَا كَذَا وكذافقال أَظن ذَلِك أَو كَذَلِك يكون الْمُسلم أَو كَمَا قَالَ
روى عَنهُ الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وقطب الدّين ابْن مُنِير وقاضي الْقُضَاة عَلَاء الدّين القونوي وقاضي الْقُضَاة علم الدّين الإخنائي وَآخَرُونَ وَحدث للشَّيْخ شمس الدّين إملاء
وشعره فِي غَايَة الْحسن فِي الانسجام والعذوبة وَصِحَّة الْمَقَاصِد وغوص الْمعَانِي وجزالة الْأَلْفَاظ ولطف التَّرْكِيب
أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام شهَاب الدّين
أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود فَقَالَ مَا رَأَيْت فِي أهل الْأَدَب مثله وناهيك بِمن يَقُول شهَاب الدّين مَحْمُود فِي حَقه هَذَا
وَقَالَ لي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وَكَانَ بِهِ خصيصاً كَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ممتعاً إِذا فتح)
لَهُ بَاب انْقَضتْ تِلْكَ اللَّيْلَة فِي تِلْكَ الْمَادَّة حَتَّى فِي شعر الْمُتَأَخِّرين والعصريين انْتهى
قلت
(فَهُوَ الَّذِي بجح الزَّمَان بِذكرِهِ
…
وتزينت بحَديثه الْأَخْبَار)
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود قَالَ لي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد يَوْمًا قَول أبي الطّيب
(لَو كَانَ صَادف رَأس عازر سَيْفه
…
فِي يَوْم معركةٍ لأعيى عِيسَى)
فِي هَذَا شَيْء غير إساءة الْأَدَب فأفكرت سَاعَة ثمَّ قلت نعم كَون الْمَوْت مَا يتَفَاوَت إِن كَانَ بِالسَّيْفِ أَو غَيره فالإحياء من الْمَوْت سَبِيل وَاحِدَة فَقَالَ أَحْسَنت يَا فَقِيه أَو كَمَا قَالَ وَهَذِه الْمُؤَاخَذَة لَا تصدر إِلَّا من أديب كَبِير كالجاحظ أَو غَيره
وَأما مَا كَانَ يَقع من الشَّيْخ أثير الدّين فِي حَقه فَلهُ سَبَب أَخْبرنِي بِهِ الشَّيْخ فتح الدّين قَالَ كَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قد نزل عَن تدريس مدرسة لولدهنسيت أَنا الْمدرسَة وَاسم ابنهفلما حضر الشَّيْخ أثير الدّين درس قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين ابْن بنت الْأَعَز قَرَأَ آيَة يُفَسِّرهَا درس ذَلِك الْيَوْم وَهِي قَوْله تَعَالَى قد خسر الَّذين قتلوا أولادهمفبرز أَبُو حَيَّان من الْحلقَة وَقَالَ يَا مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاة قدمُوا أَوْلَادهم قدمُوا أَوْلَادهم يُكَرر ذَلِك فَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة مَا معنى هذاقال ابْن دَقِيق الْعِيد نزل لوَلَده فلَان عَن تدريس الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة فَنقل الْمجْلس إِلَى الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد فَقَالَ أما أَبُو حَيَّان فَفِيهِ دعابة أهل الأندلس ومجونهم وَأما أَنْت يَا قَاضِي الْقُضَاة فيبدل الْقُرْآن فِي حضرتك وَمَا تنكر هَذَا الْأَمر فَمَا كَانَ إِلَّا عَن قَلِيل حَتَّى عزل ابْن بنت الْأَعَز من الْقَضَاء بِابْن دَقِيق الْعِيد فَكَانَ إِذا خلا شَيْء من الْوَظَائِف الَّتِي تلِيق بالشيخ أثير الدّين ابي حَيَّان يَقُول النَّاس هَذِه لأبي حَيَّان يُخرجهَا الشَّيْخ تَقِيّ الدّين لغيره فَهَذَا هُوَ السَّبَب الْمُوجب لحط أبي حَيَّان وشناعه عَلَيْهِ وَأهل الْعَصْر لَا يرجع إِلَى جرحهم بَعضهم بَعْضًا لمثل هَذِه الْوَاقِعَة وأمثالها
(إِن العرانين تلقاها محسدةً
…
وَلَا ترى للئام النَّاس حسادا)
وَمَا خلص ابْن بنت الْأَعَز من ضرب الْعُنُق إِلَّا ابْن دَقِيق الْعِيد لِأَن الْوَزير شمس الدّين ابْن السلعوس لما عمل على ابْن بنت الْأَعَز وعزله وسعى فِي عمل محَاضِر بِكُفْرِهِ وَأخذ خطّ الْجَمَاعَة على المحاضر وَلم يبْق إِلَّا خطّ ابْن دَقِيق الْعِيد أرسل إِلَيْهِ المحاضر مَعَ نقباء وَقَالَ يَا مَوْلَانَا
السَّاعَة تضع خطك على هَذِه المحاضر فَأَخذهَا وَشرع يَتَأَمَّلهَا وَاحِدًا بعد وَاحِد والنقباء)
يتواتر ورودهم بالحث والطلب والإزعاج وَأَن الْوَزير فِي انْتِظَار ذَلِك وَالسُّلْطَان قد حث فِي الطّلب وَهُوَ لَا ينزعج وَكلما فرغ محضراً دَفعه إِلَى الآخر فَقَالَ مَا أكتب فِيهَا شَيْئا قَالَ الشَّيْخ فتح الدّين فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي لأجل السُّلْطَان والوزير فَقَالَ أَنا مَا أَدخل فِي إِرَاقَة دم مُسلم قَالَ فَقلت لَهُ كنت تكْتب خطك بذلك وَبِمَا يخلص فِيهِ فَقَالَ يَا فَقِيه مَا عَقْلِي عقلك هم مَا يدْخلُونَ إِلَى السُّلْطَان وَيَقُولُونَ قد كتب فلَان بِمَا يُخَالف خطوط البَاقِينَ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ قد كتب الْجَمَاعَة وَهَذَا خطّ ابْن دَقِيق الْعِيد فَأَكُون أَنا السَّبَب الأفوى فِي قَتله قَالَ فَأبْطل إِبْطَاله وأطفأ من شواظ نارهم
وَمَا أرَاهُ إِلَّا أَنه مِمَّن بَعثه الله تَعَالَى على رَأس كل مائَة ليجدد لهَذِهِ الْأمة دينهم فَإِن الله بعث على رَأس الْمِائَة الأولى عمر بن عبد الْعَزِيز وعَلى رَأس الثَّانِيَة الشَّافِعِي وعَلى رَأس الْمِائَة الثَّالِثَة ابْن سُرَيج وعَلى راس الْمِائَة الرَّابِعَة أَبَا حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ وعَلى رَأس الْمِائَة الْخَامِسَة ابا حَامِد الْغَزالِيّ وعَلى رَأس الْمِائَة السَّادِسَة الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ وعَلى رَأس الْمِائَة السَّابِعَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَأَخْبرنِي فتح الدّين أَنه مَا كَانَ يُعجبهُ قَول من يقولقاضي الْقُضَاة الشافعيفإذا قُلْنَا قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة قَالَ إِنَّه هَذَا
وَكتب الشَّيْخ تَقِيّ الدّين إِلَى قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد بن الْخَلِيل الخويي شافعاً ومتشوقاً يخْدم الْمجْلس لَا زَالَ حَافِظًا لأحكام الْجُود مَحْفُوظًا بِضَمَان الله فِي ضمن السُّعُود محروس الْعَزْم من دواعي الْهوى والعز من دواعي الحسود مُقَابل وَجه الرَّأْي بِمِرْآة الْحق مولي جناب الْبَاطِل جَانب الصدود وَلَا برح يمطر على العفاة سحائب كرمه ويروي الروَاة من بحار عُلُوم بِمد من قلمه ويجلو ابكار الأفكار مقلدة بِمَا نظم السحر من حلي كَلمه ويبرز خفيات الْمعَانِي منقادة بأيد ذهنه وأيدي حكمه ويسمو إِلَى غايات الْمَعَالِي حَتَّى يُقَال ايْنَ سمو النَّجْم من هممه ويسبغ من جمال فَضله وجميله مَا يبصره الْجَاهِل على عماه ويسمعه الْحَاسِد على صممه وَينْهى من ولائه مَا يشْهد بِهِ ضَمِيره الْكَرِيم وَمن ثنائه مَا هُوَ أطيب من ودائع الرَّوْض فِي طي النسيم وَمن دُعَائِهِ مَا يقوم مِنْهُ بوظيفة لَا تهمل وبشيعه برجاء يطْمع مَعَه بكرم الله أَن يقبل
وَيقبل وَيجْرِي مِنْهُ على عَادَة إِذا انْقَضى مِنْهَا مَاض تبعه الْفِعْل فِي الْحَال والعزم فِي الْمُسْتَقْبل غير خَافَ أَنه لكل أجل كتاب وَلكُل مَقْصُود أَسبَاب وَلم يزل يهم بِالْكِتَابَةِ وَالْأَيَّام تدافع ويعزم على المخاطبة فتدفع فِي صدر عزمه الْمَوَانِع حَتَّى طلع الْوَقْت)
فجر حَظه واستناب منافثة قلمه عَن مشافهة لَفظه وَقَالَ لخدمته هَذِه ردي مورداً غير آسن وتهنى محَاسِن لَا تشبهها المحاسن وتوطني الْمحلة المسعودة فَكَمَا يسْعد النَّاس كَذَلِك تسعد الْأَمَاكِن
وشاهدي من ذَلِك السَّيِّد صَدرا بشره بالنجح ضَامِن وشهاباً مَا زلنا نعد السيارة سبعا حَتَّى عززت لنا مِنْهُ بثامن وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن القَاضِي نجم الدّين بمحلة منف لما قدم الْقَاهِرَة أَقَامَ بِحَيْثُ تقيم وحاضرنا محاضرة الرجل الْكَرِيم ونافث منافثة لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم ولازم الدُّرُوس مُلَازمَة لَوْلَا أَنَّهَا محبوبة لقلنا مُلَازمَة غَرِيم وَتلك حُقُوق لَهُ مرعية وَمَعْرِفَة أنسابها مراضعة الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَقصد هَذِه الْخدمَة إِلَى الْمجْلس فَكَانَ ذَلِك من وَاجِب حَقه وَذكر ثَنَاء عَلَيْهِ فَقُلْنَا رَأَيْت الْحق لمستحقه وَسَيِّدنَا حرسه الله تَعَالَى أهل لتقليد المنن وَمحل لِأَن يظنّ بِهِ كل حسن وَالْعلم بمروءته لَا يقبل تشكيك المشكك وابوته تَقْتَضِي أَن يرتقي من بِعُرْوَة وده يسْتَمْسك وَالله تَعَالَى يرفع شَأْنه ويعلى برهانه وَيكْتب لَهُ يَوْم إحسانه إحسانه ويطوي على المعارف اليقينية جنانه وَيُطلق بِكُل صَالِحَة يَده وَلسَانه بمنه وَكَرمه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قلت مَا أعرف بعد القَاضِي افاضل من كتب الْإِنْشَاء مثل القَاضِي محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وَمَا لَهُ مثل هَذِه الْمُكَاتبَة علم ذَلِك من علمه أَو جَهله من جَهله
أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس قَالَ أَنْشدني شَيخنَا تَقِيّ الدّين ابْن دقي قالعيد لنَفسِهِ
(الْحَمد لله كم أسعى بعزمي فِي
…
نيل العلى وَقَضَاء الله ينكسه)
(كأنني الْبَدْر أبغي الشرق والفلك ال
…
أَعلَى يُعَارض مسعاه فيعكسه)
قلت هُوَ مثل قَول الأرجاني
(سعيي إِلَيْكُم فِي الْحَقِيقَة وَالَّذِي
…
تَجِدُونَ عَنْكُم فَهُوَ سعي الدَّهْر بِي)
(أنحوكم وَيرد وَجْهي الْقَهْقَرَى
…
دهري فسيري مثل سير الْكَوْكَب)
(فالقصد نَحْو الْمشرق الْأَقْصَى لَهُ
…
وَالسير رَأْي الْعين نَحْو الْمغرب)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا
(أأحباب قلبِي وَالَّذين بذكرهم
…
وترداده طول الزَّمَان تعلقي)
(لَئِن غَابَ عَن عَيْني بديع جمالكم
…
وجار على الْأَبدَان حكم التَّفَرُّق)
)
(فَمَا ضرنا بعد الْمسَافَة بَيْننَا
…
سرائرنا تسري إِلَيْكُم فنلتقي)
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا
(قَالُوا فلَان عَالم فَاضل
…
فأكرموه مثل مَا يرتضي)
(فَقلت لما لم يكن ذَا تقى
…
تعَارض الْمَانِع والمقتضي)
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور إجَازَة لَهُ يمدح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(يَا سائراً نَحْو الْحجاز مشمراً
…
اجهد فديتك فِي الْمسير وَفِي السرى)
(وَإِذا سهرت اللَّيْل فِي طلب العلى
…
فحذار ثمَّ حذار من خدع الْكرَى)
(فالقصد حَيْثُ النُّور يشرق ساطعاً
…
والطرف حَيْثُ ترى الثرى متعطرا)
(قف بالمنازل والمناهل من لدن
…
وَادي قبَاء إِلَى حمى أم الْقرى)
(وتوخ آثَار النَّبِي فضع بهَا
…
متشرفاً خديك فِي عفر البرى)
(وَإِذا رَأَيْت مهابط الْوَحْي الَّتِي
…
نشرت على الْآفَاق نورا أنورا)
(فَاعْلَم بأنك مَا رَأَيْت شبيهها
…
مذ كنت فِي ماضي الزَّمَان وَلَا ترى)
(فتردد الْمُخْتَار بَين بعيدها
…
وقريبها متبدياً متحضرا)
(واستودعت من سره مَا كَاد أَن
…
يُبْدِي لنا معنى الْكَمَال مصورا)
(سرٌ فهمنا كنهه لم يشْتَبه
…
فنشك فِيهِ وَلم نهم فيفسرا)
(وَلَقَد أَقُول إِذا الْكَوَاكِب اشرقت
…
وترفعت فِي منهتى شرف الذرى)
(لَا تفخرا زهر فَإِن مُحَمَّدًا
…
أَعلَى على ص مِنْهَا وأشرف جوهرا)
(نلنا بِهِ مَا قد رَأينَا من على
…
مَعَ مَا نؤمل فِي الْقِيَامَة أَن نرى)
(فسعادة أزلية سبقت وَمَا
…
هُوَ ثابتٌ أزلاً فَلَنْ يتغيرا)
(وسيادة بارى الْأَنَام بهَا وَلَا
…
سِيمَا إِذا قدمُوا عَلَيْهِ المحشرا)
(ومواهبٌ يَأْتِي لَهَا التأميل مس
…
تقصىً فَيرجع عِنْدهَا مستقصرا)
(ومهابة مَلأ الْقُلُوب بهاؤها
…
واستنزلت كبر الْمُلُوك مُصَغرًا)
(ولربما كفت الْقِتَال فَلَو غَدَتْ
…
لليث نَالَ بهَا الفريسة مخدرا)
(وبديع لطف شمائلٍ من دونهَا
…
مَاء الغمامة والنسيم إِذا سرى)
(مَعَ سطوة لله فِي يَوْم الوغى
…
تعنو لشدَّة بأسها أَسد الشرى)
)
(لَا يُنكر الْمَعْرُوف من أخلاقه
…
وَإِذا استبيح حمى الْإِلَه تنكرا)
(شوقي لقرب جنابه وصحابه
…
شوقٌ يجل يسيره أَن يذكرَا)
(أفنى كنوز الصَّبْر من إشرافه
…
وَجرى على الأحشاء مِنْهُ مَا جرى)
(أَن لَاحَ صبحٌ كَانَ وجدا مقلقاً
…
أَو جن ليلٌ كَانَ هما مسهرا)
(أَرْجُو وصال أحبتي فَكَأَنَّمَا
…
أَرْجُو الْمحَال وجوده المتعذرا)
(وأسير نَحْو مقامهم حَتَّى إِذا
…
شارفت رُؤْيَته رجعت الْقَهْقَرَى)
حذفت مِمَّن أَثْنَائِهَا وَمن آخرهَا ابياتاً خوف الإطالة وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور لَهُ إجَازَة
(تهيم نَفسِي طَربا كلما
…
أستلمح الْبَرْق الحجازيا)
(ويستخف الوجد عَقْلِي وَقد
…
لبست أَثوَاب الحجى زيا)
(يَا هَل أقضى حَاجَتي من منى
…
وأنحر البزل المهاريا)
(وأرتوي من زَمْزَم فَهِيَ لي
…
الذ من ريق المهى ريا)
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا
(تمنيت أَن الشيب عَاجل لمتي
…
وَقرب مني صباي مزاره)
(لآخذ من عصر الشَّبَاب نشاطه
…
وآخذ من عصر المشيب وقاره)
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا
(عطيته إِذا أعْطى سرورٌ
…
فَإِن سلب الَّذِي أعْطى أثابا)
(فَأَي النعمتين أعد فضلا
…
وَأحمد عِنْد عقباها إيابا)
(أنعمته الَّتِي كَانَت سُرُورًا
…
أم الْأُخْرَى الَّتِي جلت ثَوابًا)
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور من أَبْيَات
(لم يبْق لي أملٌ سواك فَإِن يفت
…
ودعت أَيَّام الْحَيَاة وداعا)
(لَا أستلذ لغير وَجهك منْظرًا
…
وَسوى حَدِيثك لَا اريد سَمَاعا)
وأنشدني الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نباتة قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ تَقِيّ الدّين لنَفسِهِ
(أَتعبت نَفسك بَين ذلة كادحٍ
…
طلب الْحَيَاة وَبَين حرص مُؤَمل)
(وأضعت نَفسك لَا خلاعة ماجنٍ
…
حصلت فِيهِ وَلَا وقار مبجل)
(وَتركت حَظّ النَّفس فِي الدُّنْيَا وَفِي ال
…
أُخْرَى ورحت عَن الْجَمِيع بمعزل)
)
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا
(لعمري لقد قاسيت بالفقر شدَّة
…
وَقعت بهَا فِي حيرةٍ وشتات)
(فَإِن بحت بالشكوى هتكت مروءتي
…
وَإِن لم ابح بِالصبرِ خفت مماتي)
(فأعظم بِهِ من نازلٍ بملمةٍ
…
يزِيل حيائي أَو يزِيل حَياتِي)
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا دوبيت
(الْجِسْم تذيبه حُقُوق الخدمه
…
وَالنَّفس هلاكها علو الهمه)
(والعمر بِذَاكَ يَنْقَضِي فِي تعبٍ
…
والراحة مَاتَت فعلَيْهَا الرحمه)
وَمن العجيب أَن هذَيْن الْبَيْتَيْنِ الدوبيت حفظهما تَاج الدّين أَحْمد أَخُو الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَكَانَ فارضاً وعاقداً بالحسينية فاتفق أَنه قَالَ فِي وَقت الهاجرة بسمجد الْجَوَارِي بالحسينية فَرَأى والدهما الشَّيْخ مجد الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ نَائِم فَسلم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَن حَاله فَقَالَ يَا سَيِّدي بِخَير فَقَالَ كَيفَ مُحَمَّد أخوكقال بِخَير السَّاعَة كنت عِنْده وأنشدني دوبيت وأنشده للشَّيْخ فَقَالَ سلم عَلَيْهِ وَقل لَهُ
(الرّوح إِلَى محلهَا قد تاقت
…
وَالنَّفس لَهَا مَعَ جسمها قد عاقت)
(وَالْقلب معذبٌ على جمعهم
…
وَالصَّبْر قضى وحيلتي قد ضَاقَتْ)
فانتبه تَاج الدّين وَقد حفظ الدوبيت الْمَذْكُور ونقلت من خطّ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين مَا أثْبته لنَفسِهِ
(أفكر فِي حَالي وَقرب منيتي
…
وسيري حثيثاً فِي مصيري إِلَى الْقَبْر)
(فينشئ لي فكري سحائب للأسى
…
تسح هموماً دونهَا وابل الْقطر)
(إِلَى الله أَشْكُو من وجودي فإنني
…
تعبت بِهِ مذ كنت فِي مبدأ الْعُمر)
(تروح وتغدو للمنايا فجائعٌ
…
تكدره وَالْمَوْت خَاتِمَة الْأَمر)
ونقلت مِنْهُ لَهُ أَيْضا
(سَحَاب فكري لَا يزَال هامياً
…
وليل همي لَا أرَاهُ راحلا)
(قد أتعبتني همتي وفطنتي
…
فليتني كنت مهيناً جَاهِلا)
وأنشدني الشَّيْخ فتح الدّين إجَازَة قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(كم ليلةٍ فِيك وصلنا السرى
…
لَا نَعْرِف الغمض وَلَا نستريح)
(قد كلت العيس فجد الْهوى
…
واتسع الكرب فَضَاقَ الفسيح)
)
(وكادت الْأَنْفس مِمَّا بهَا
…
تزهق والأرواح مِنْهَا تطيح)
(وَاخْتلف الْأَصْحَاب مَاذَا الَّذِي
…
يزِيل من شكواهم أَو يزيح)
(فَقيل تعريسهم سَاعَة
…
وَقلت بل ذكراك وَهُوَ الصَّحِيح)
قلت مَا أعرف لأحد من الْمُتَقَدِّمين وَلَا من الْمُتَأَخِّرين حسن هَذَا المخلص
وَأَخْبرنِي الشَّيْخ فتح الدّين أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين كَانَ مغرىً بالكيمياء مُعْتَقدًا صِحَّتهَا قَالَ لِأَنَّهُ أتفق لَهُ فِي مَدِينَة قوص لما كَانُوا بهَا من صنعها بِحُضُورِهِ وَحكى لي الْوَاقِعَة بِطُولِهِ وَمن شعر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قدس الله روحه
(يَا معرضًا عني وَلست بمعرضٍ
…
بل ناقضاً عهدي وَلست بناقض)
(أتعبتني فخلائقٌ لَك لم يفد
…
فِيهَا وَقد جمحت رياضة رائض)
(أرضيت أَن تخْتَار رفضي مذهبا
…
فيشنع الْأَعْدَاء أَنَّك رَافِضِي)
وَمِنْه
(قد جرحتنا يَد أيامنا
…
وَلَيْسَ غير الله من آس)
(فَلَا ترج الْخلق فِي حاجةٍ
…
لَيْسُوا بأهلٍ لسوى الياس)
(وَلَا تزد شكوى إِلَيْهِم فَلَا
…
معنى لشكواك إِلَى قَاس)
(وَأَن تخالط مِنْهُم معشراً
…
هويت فِي الدّين على الراس)
(يَأْكُل بعضٌ لحم بعضٍ وَلَا
…
يحْسب فِي الْغَيْبَة من بَأْس)
(لَا ورعٌ فِي الدّين يحميهم
…
عَنْهَا وَلَا حشمة جلاس)
(لَا يعْدم الْآتِي إِلَى بابهم
…
من ذلة الْكَلْب سوى الخاسي)
(فاهرب من النَّاس إِلَى رَبهم
…
لَا خير فِي الْخلطَة بِالنَّاسِ)
وَمن شعره أَيْضا
(وقائلةٍ مَاتَ الْكِرَام فَمن لنا
…
إِذا عضنا الدَّهْر الشَّديد بنابه)
(فَقلت لَهَا من كَانَ غَايَة قَصده
…
سؤالاً لمخلوقٍ فَلَيْسَ بنابه)
(لَئِن مَاتَ من يُرْجَى فمعطيهم الَّذِي
…
يرجونه باقٍ فلوذي بنابه)
وَمِنْه
(ومستبعد قلب الْمُحب وطرفه
…
بسُلْطَان حسنٍ لَا يُنَازع فِي الحكم)
)
(متين التقى عف الضَّمِير عَن الْخَنَا
…
رَقِيق حَوَاشِي الظّرْف وَالْحسن والفهم)
(يناولني مسواكه فأظنه
…
تحيل فِي رشفي الرضاب بِلَا إِثْم)
وَمِنْه
(إِذا كنت فِي نجدٍ وَطيب نسيمها
…
تذكرت أَهلِي باللوى فمحجر)
(وَإِن كنت فيهم ذبت شوقاً ولوعةً
…
إِلَى سَاكِني نجدٍ وَعيلَ تصبري)
(وَقد طَال مَا بَين الْفَرِيقَيْنِ قصتي
…
فَمن لي بنجدٍ بَين أَهلِي ومعشري)
وَمِنْه مَا نظمه فِي بعض الوزراء
(مقبلٌ مدبرٌ بعيد قريب
…
محسن مذنب عَدو حبيب)
(عجبٌ من عجائب الْبر والبح
…
ر وَنَوع فَرد وشكل غَرِيب)
وَمِنْه وَقيل أَنه نظمه فِي ابْن الْجَوْزِيّ
(دققت فِي الفطنة حَتَّى لقد
…
أبديت مَا يسحر أَو يسبي)
(وصرت فِي أَعلَى مقاماتها
…
حَيْثُ يراك النَّاس كالشهب)
(وَسَار مَا سيرت من جَوْهَر ال
…
حِكْمَة فِي الشرق وَفِي الغرب)
(ثمَّ تنازلت إِلَى حَيْثُ لَا
…
ينزل ذُو فهم وَلَا لب)
(تثبت مَا تجحده فطْرَة ال
…
عقل وَلَا تشعر بالخطب)
(أَنْت دلَالَة على أَنه
…
يُحَال بَين الْمَرْء وَالْقلب)
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي حكى القَاضِي شهَاب الدّين ابْن الكويك التَّاجِر الكارمي رحمه الله قَالَ اجْتمعت بِهِ مرّة فرأيته فِي ضَرُورَة فَقلت يَا سيدنَا مَا تكْتب ورقة لصَاحب الْيمن أَكتبهَا وَأَنا أَقْْضِي فِيهَا الشّغل فَكتب ورقة لَطِيفَة فِيهَا
(تجَادل أَرْبَاب الْفَضَائِل إِذْ رَأَوْا
…
بضاعتهم موكوسة الْحَظ فِي الثّمن)
(وَقَالُوا عرضناها فَلم نلف طَالبا
…
وَلَا من لَهُ فِي مثلهَا نظرٌ حسن)
(وَلم يبْق إِلَّا رفضها واطراحها
…
فَقلت لَهُم لَا تعجلوا السُّوق بِالْيمن)
وأرسلها إِلَيْهِ فَأرْسل لَهُ مِائَتي دِينَار وَاسْتمرّ يرسلها إِلَى أَن مَاتَ صَاحب الْيمن
وَقَالَ كَمَال الدّين ايضاً قَالَ لي عبد اللَّطِيف ابْن القفصي هجوته مرّة فَبَلغهُ فَلَقِيته فِي الكاملية فَقَالَ بَلغنِي أَنَّك هجوتني أَنْشدني فَأَنْشَدته بليقة أَولهَا)
(قَاضِي الْقُضَاة أعزل نَفسه
…
لما ظهر للنَّاس نحسه)
إِلَى آخرهَا فَقَالَ هجوت جيدا وَقَالَ قَالَ لي صاحبنا الْفَقِيه الْفَاضِل الأديب الثِّقَة مجير الدّين عمر اللمطي قَالَ كنت مرّة بِمصْر وطلعت إِلَى الْقَاهِرَة فَقَالُوا لي الشَّيْخ طَلَبك مَرَّات فَجئْت إِلَيْهِ فَقَالَ أَيْن كنتقلت بِمصْر فِي حَاجَة قَالَ طلبتك سَمِعت إنْسَانا ينشد خَارج الكاملية
(بَكَيْت قَالُوا عاشق
…
سكت قَالُوا قد سلا)
(صليت قَالُوا زوكر
…
مَا أَكثر فضول النَّاس)
وَقَالَ حكى لي صاحبنا فتح الدّين مُحَمَّد بن كَمَال الدّين أَحْمد بن عِيسَى القيوبي قَالَ دخلت مرّة عَلَيْهِ وَفِي يَده ورقة ينظر فِيهَا زَمَانا ثمَّ ناولني ورقة وَقَالَ اكْتُبْ من هَذِه نُسْخَة فأخذتها فَوجدت فِيهَا بليقة أَولهَا
(كَيفَ أقدر أَتُوب
…
وَرَأس ايري مثقوب)
وَقَالَ قَالَ لي شَيخنَا تَاج الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الدشناوي سمعته ينشد هَذِه البليقة الَّتِي أَولهَا جلد العميرة بالزجاج وَلَا الزواج
وَيَقُول بالزجاج يَا فَقِيه وَقَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأُدْفوي حكى لي القَاضِي سراج الدّين يُونُس بن عبد الْمجِيد الأرمنتي قَاضِي قوص قَالَ جِئْت إِلَيْهِ مرّة وَأَرَدْت الدُّخُول فَمَنَعَنِي الْحَاجِب وَجَاء الْجلَال العسلوجي فَأدْخلهُ وَغَيره فتألمت وَأخذت ورقة وكتبت فِيهَا
(قل للتقي الَّذِي رَعيته
…
راضون عَن علمه وَعَن عمله)
(انْظُر إِلَى بابك
…
يلوح من خلله)
(بَاطِنه رحمةٌ وَظَاهره
…
يَأْتِي إِلَيْك الْعَذَاب من قبله)
ثمَّ دخلت وَجعلت الورقة فِي الدواة وظننت أَنه مَا رأى وَقمت فَقَالَ اجْلِسْ مَا فِي هَذِه الورقة قلت يَقْرَأها سيدنَا قَالَ اقرأها أَنْت وكررت عَلَيْهِ وَهُوَ يرد عَليّ فقرأتها فَقَالَ مَا حملك على هذافحكيت لَهُ فَقَالَ وقف عَلَيْهَا أحدفقلت لَا قَالَ قطعهَا قَالَ وَأَخْبرنِي برهَان الدّين إِبْرَاهِيم الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ الطَّبِيب وَكَانَ قد استوطن قوص سِنِين قَالَ كنت أباشر وَقفا فَأَخذه مني شمس الدّين مُحَمَّد بن أخي الشَّيْخ ولاه لآخر فعز عَليّ ونظمت أبياتاً فِي الشَّيْخ فبلغته فَأَنا أَمْشِي مرّة خَلفه وَإِذا بِهِ قد الْتفت إِلَيّ وَقَالَ يَا فَقِيه بَلغنِي أَنَّك هجوتني فَسكت فَقَالَ أَنْشدني وألح عَليّ فَأَنْشَدته الأبيات وَهِي)
(وليت فولى الزّهْد عَنْك بأسره
…
وَبَان لنا غير الَّذِي كنت تظهر)
(ركنت إِلَى الدُّنْيَا وعاشرت أَهلهَا
…
وَلَو كَانَ عَن جبرٍ لقد كنت تعذر)
فَسكت زَمَانا وَقَالَ مَا حملك على هذافقلت أَنا رجل فَقير وَأَنا أباشر وَقفا أَخذه مني فلَان فَقَالَ مَا علمت هَذَا أَنْت على حالك فباشرت الْوَقْف مُدَّة وخطر لي الْحَج فَجئْت إِلَيْهِ استأذنه فَدخلت خَلفه فَالْتَفت إِلَيّ فَقَالَ أَمَعَك هجو آخرفقلت لَا ولكنني قصدت الْحَج وَجئْت أَسْتَأْذن سَيِّدي فَقَالَ مَعَ السَّلامَة مَا يُغير عَلَيْك وأنشدني إجَازَة الشَّيْخ نَاصِر الدّين شَافِع قَالَ من نظم الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قَوْله
(تجاوزت حد الْأَكْثَرين إِلَى العلى
…
وسافرت واستبقيتهم فِي المفاوز)
(وخضت بحاراًص لَيْسَ يعرف قدرهَا
…
وألقيت نَفسِي فِي فسيح المفاوز)
ولججت فِي الأفكار ثمَّ تراجع اخْتِيَاري إِلَى اسْتِحْسَان دين الْعَجَائِز قلت وَلَقَد وقفت لَهُ على جَوَاب طَوِيل كتبه فِي درج إِلَى الْأَمِير سيف الدّين منكوتمر نَائِب السلطنة لحسام الدّين لاجين وَكَانَ عِنْد استاذه الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ وَقد كتب فِيهِ بعد الْبَسْمَلَة ورد على العَبْد الْفَقِير مُحَمَّد بن عَليّ مُخَاطبَة الْأَمِير الْكَبِير سيف الدّين ووقف عَلَيْهَا وَعجب مِنْهَا
الْأَمريْنِ ثمَّ أَنه يذكر كل فصل ويجيبه عَنهُ إِلَى أَن قَالَ فِي آخر ذَلِك فَكتب الْأَمِير إِلَيّ كتابا يكْتب إِلَى من لَيْسَ عِنْده من الدّين شَيْء وَلَو كَانَ الْأَمِير عرف مني ارْتِكَاب الْكَبَائِر الموبقات مَا زَاد على مافعل وعَلى الْجُمْلَة فَإِن الله تَعَالَى أَمر نبيه بالمباهلة والملاعنة فِي الدّين فَقَالَ لأهل الكتابفقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم وَنِسَاءَنَا ونساءكم ثمَّ نبتهل فَنَجْعَل لعنة الله على الكاذبينفنتمثل أَمر الله لرَسُوله ونقول اللَّهُمَّ يَا شَدِيد الْبَطْش يَا جَبَّار يَا قهار يَا حَكِيم يَا قوي يَا عَزِيز يَا قوي يَا عَزِيز يَا قوي يَا عَزِيز قد نسبت إِلَى أكل الْحَرَام من مَال الْمدَارِس الغائبة وَإِلَى أُمُور أَنْت عَالم بسرها فَإِن كَانَ ذَلِك فِي علمك صَحِيحا فَاجْعَلْ لعنتك ولعنة ملائكتك وَالنَّاس أَجْمَعِينَ عَليّ وَإِن لم يكن صَحِيحا فاجعلها على من افترى عَليّ بهَا وَإِن كَانَ الْوَلَد قد فعل مَا قيل من أَخذ البراطيل فاجعلها عَلَيْهِ وَإِن لم يكن فاجعلها على من افترى عَلَيْهِ فَهَذَا إنصاف وامتثال لما أَمر الله بِهِ وَرَسُوله وَرَبك بالمرصاد والشكوى إِلَى الله الحكم الْعدْل
قيل أَنه لم يلبث بعد ذَلِك إِلَّا أسبوعاً أَو قَرِيبا مِنْهُ حَتَّى قتل السُّلْطَان أستاذه وَقتل هُوَ أَيْضا)
الْوَزير سعد الدّين الساوجي مُحَمَّد بن عَليّ الْوَزير الْكَبِير سعد الدّين الساوجي العجمي
قَتله خربندا وَقتل مَعَه الْوَزير مبارك شاه وَالْملك نَاصِر الدّين يحيى بن إِبْرَاهِيم صَاحب سنجار وَصَاحب الدِّيوَان المانشتري كَانَت قَتلتهمْ بِبَغْدَاد وَمِمَّنْ قتل أَيْضا تَاج الدّين الآوي الشيعي كَبِير الْأَشْرَاف وَذبح ابناه قبله وَكَانَ جباراً ظَالِما فرافعوه وَأخذ للساوجي أَمْوَال عَظِيمَة وَيُقَال أَنه غرم على الْجَامِع الَّذِي عمره بِبَغْدَاد ألف ألف دِرْهَم قيل أَنه صلى رَكْعَتَيْنِ وودع أَهله وَثَبت للْقَتْل وخلع فرجية على قَاتله فباس يَده واستجعل مِنْهُ فِي حل ثمَّ طير رَأسه سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة مُحَمَّد بن عَليّ الْعَلامَة الغرناطي الْمَالِكِي الْمُقْرِئ بِالْمَدِينَةِ توفّي سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة
شمس الدّين الدهان مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الْمَازِني الدهان الشَّيْخ شمس الدّين الدِّمَشْقِي الشَّاعِر
كَانَ يعْمل صناعَة الدهان وَيعرف مقامات الحريري وينظم الشّعْر الرَّقِيق ويدري الموسيقى فَيعْمل الشّعْر ويلحنه فيغني بِهِ المغنون وَكَانَ يلْعَب بالقانون
توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع مائَة
أَنْشدني من لَفظه الْمولى القَاضِي شهَاب الدّين كَاتب السِّرّ ابْن القَاضِي محيي الدّين ابْن فضل الله إِلَى الشَّمْس الْمَذْكُور يضمن بَيت أبي تَمام
(رَأَيْتُك أَيهَا الدهان تبغي
…
مزيداً فِي التودد بالمساعي)
(فَلَو صورت نَفسك لم تزدها
…
على مَا فِيك كرم الطباع)
وَكَانَ قد ربى مَمْلُوكا اشْتَرَاهُ وأحبه وهذبه ورخجه فَمَاتَ فأسف عَلَيْهِ أسفا كثيرا ورثاه بِشعر
كثير غنى بِهِ وَنَقله المغنون وتداوله النَّاس من ذَلِك أَنْشدني من لَفظه جمال الدّين الْخَطِيب الصُّوفِي يُوسُف لنَفسِهِ مَا نظمه فِي موت مَمْلُوك الدهان
(لَئِن مَاتَ يَا دهان مملوكك الَّذِي
…
بلغت بِهِ فِي الْفسق مَا كنت ترتجي)
(فَمثله بالأصباغ وَجها وقامةً
…
وخصراً وردفاً ثمَّ عاينه واصلج)
وَقَالَ شمس الدّين الدهان موشحة يَا بِأبي غُصْن بانةٍ حملا بدر دجى بالجمال قد كملا أهيف فريد حسنٍ مَا مَاس أَو سفرا)
إِلَّا أغار الْقَضِيب والقمرا يُبْدِي لنا بابتسامه دررا فِي شهدٍ لذّ طعمه وحلا كَأَن أنفاسه نسيم طلا قرقف مورد الخد فاتر الْمقل يفوق ظَبْي الكناس بِالْحملِ وينثني كالقضيب فِي الْميل من حمل ردفٍ مثل الْكَثِيب علا نيط بخصرٍ كأضلعي نحلا مخطف ظبيٌ من التّرْك يقنص الأسدا مقرطقٌ قد أذابني كمدا حَاز بديع الْجمال فانفردا واهاً لَهُ لَو أَجَارَ أَو عدلا لمستهامٍ بهجره نحلا مدنف غزال سربٍ جماله شرك ستر اصْطِبَارِي عَلَيْهِ منهتك لكل قلبٍ هَوَاهُ منتهك علم قلبِي الولع والغزلا طرف لَهُ بالفتور قد كحلا أَوْطَفُ لله يومٌ بِهِ الزَّمَان وفى إِذْ من بالوصل بعد طول جَفا حَتَّى إِذا مَا اطْمَأَن وانعطفا أَسْفر عَنهُ اللثام ثمَّ جلا وردا بِغَيْر اللحاظ مِنْهُ فَلَا يقطف فظلت من فرط شدَّة التَّرَحِ إِذْ زارني والرقيب لم يلح ألثم أقدامه من الْفَرح
وَقلت إِذْ عَن صدوده عدلا أَهلا بِمن زار بعد جفوةٍ وقلا أسعف وَمن شعر شمس الدّين الدهان وَهُوَ مِمَّا غَنِي بِهِ
(مَا يج الْورْد فِي خديك ريحَان
…
إِلَّا ووجهك فِي التَّحْقِيق بُسْتَان)
)
(وَلَا تعطف مِنْك الْعَطف من صلفٍ
…
إِلَّا وَرِيقك خمرٌ وَهُوَ نشوان)
(لله فتْنَة ذَاك الطّرف مِنْك لقد
…
سبى المحبين لحظٌ مِنْهُ فتان)
(لَو لم يكن سلب العشاق نومهم
…
مَا رَاح من غير سهدٍٍ وَهُوَ وَسنَان)
وَمِنْه أَيْضا وَهُوَ مِمَّا غَنِي بِهِ
(عِنْد قلبِي مِنْك وجدٌ لَا يحد
…
وغرامٌُ هزله فِي القَوْل جد)
(واشتياقٌ ناره لَا تنطفي
…
وَله بَين شغَاف الْقلب وَقد)
(أَيهَا الْبَدْر الَّذِي تيمني
…
مِنْهُ وجهٌ يخجل الْبَدْر وخد)
(وسباني جَوْهَر من ثغره
…
فَوْقه من رِيقه خمرٌ وَشهد)
وَمِنْه أَيْضا وَهُوَ مِمَّا غَنِي بِهِ
(دَلَائِل الوجد لَا تخفى على الفطن
…
وَالْحب أقصاه مَا أفْضى إِلَى الْفِتَن)
(كم ذَا التستر والأشواق تعرب عَن
…
سر الْهوى بِلِسَان المدمع الهتن)
(دع التكتم فالكتمان نَار جوىً
…
بَين الجوانح تذكيها يَد المحن)
(ونح فَلَيْسَ بعارٍ أَن تنوح فَمَا
…
فِي ساحة الْحَيّ إِلَّا كل ذِي شجن)
وَمِنْه أَيْضا وَهُوَ مِمَّا غَنِي بِهِ
(أَلا حبذا الْوَادي وَروض البنفسج
…
وَطيب شذاً من عرفه المتأرج)
(وأغصان بانٍ فِي نواحيه ميدٌ
…
وكل قويم الْقد غير معوج)
(وأنهار ماءٍ فِي صفاءٍ ورقةٍ
…
تسيل بهَا مَا بَين روض مدبج)
(فَإِن جعدته خطرة من نسيمه
…
فيا حسن مرأى مَتنه المتموج)
قلت شعر مَقْبُول بل هُوَ متوسط لَا ينحط وَلَا يرْتَفع
محيي الدّين ابْن المارستاني مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْقوي بن عبد الْبَاقِي محيي الدّين التنوخي المعري ثمَّ الدِّمَشْقِي بن المارستاني الْحَنَفِيّ نزيل بِالْقَاهِرَةِ
ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَسمع من عُثْمَان بن عَليّ وَإِبْرَاهِيم بن خَلِيل وَفرج الْخَادِم وَعبد الله بن الخشوعي وعدة وَخرج لَهُ الدمياطي مشيخة وسمعها مِنْهُ قَدِيما وَكَانَ مديماً للاشتغال ورعاًً زهداًً مُفَسرًا متواضعاً من كبار
الْحَنَفِيَّة أعَاد بالمنصورية والناصرية والظاهرية والصالحية حمل عَنهُ الطّلبَة من سماعاته جُزْء الذهلي عَليّ ابْن خطيب القرافة سنة اثْنَتَيْنِ)
وَخمسين
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة
ابْن الموازيني مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن سَالم الشَّيْخ الْمُقْرِئ الصَّالح الْحَاج بَقِيَّة المسندين شمس الدّين ابو جَعْفَر السّلمِيّ المرداسي الدِّمَشْقِي ابْن الموازيني
ولد سنة خمس عشرَة تقريباًص وسماعه سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة وَبعدهَا غذ كَانَ عِنْد الملقن سمع أَبَا الْقَاسِم ابْن صصرى والبهاء عبد الرَّحْمَن وَتفرد بالرواية عَنْهُمَا وَسمع من إِسْمَاعِيل بن ظفر وَأبي سُلَيْمَان بن الْحَافِظ وَالشَّيْخ ضِيَاء وَورث من أَبِيه ثروة وعقاراً وجاور مُدَّة وَأنْفق فِي الْبر والقرب ثمَّ أعْطى ملكه لابنته وبقى لنَفسِهِ كل يَوْم دِرْهَمَيْنِ وَلبس العسلي وتزهد وَحدث بِالْحرم وانحطم بالهرم وَثقل سَمعه وَضعف بَصَره وَحدث عَنهُ ابْن الخباز وَبَاقِي الطّلبَة
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبع مائَة
الشَّمْس كَمَال الدّين الزملكاني مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْمُفْتِي قَاضِي الْقُضَاة ذُو الْفُنُون جمال الْإِسْلَام كَمَال الدّين أَبُو الْمَعَالِي ابْن الزملكاني الْأنْصَارِيّ السماكي الدِّمَشْقِي كَبِير الشَّافِعِيَّة فِي عصرة والفضلاء فِي دهره كَأَنَّمَا عناه الْغَزِّي بقوله
(لم يبرح الْفِقْه روضاً فاق فِيك لَهُ
…
سحابةٌ ورده مِنْهَا وعبهره)
(ذُو الدَّرْس سهل الْمعَانِي فِي جزالته
…
يكَاد يحفظه من لَا يكرره)
(أما الْجِدَال فميدانٌ فوارسه
…
تقر أَنَّك دون النَّاس عنتره)
ولد فِي شَوَّال سنة سبع وَسِتِّينَ وَسمع من أبي الْغَنَائِم ابْن عَلان وَالْفَخْر عَليّ وَابْن الوَاسِطِيّ وَابْن القواس ويوسف بن المجاور وعدة وَطلب الحَدِيث فِي وَقت وَقَرَأَ الحَدِيث وَكَانَ فصيحاً متسرعاً
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَهُ خبْرَة بالمتون وَكَانَ بَصيرًا بِالْمذهبِ وأصوله قوي الْعَرَبيَّة قد أتقنها ذكاء ودربها ذكياً صَحِيح الذِّهْن صائب الْفِكر فَقِيه النَّفس تفقه على الشَّيْخ تَاج الدّين وَأفْتى وَله نَيف وَعِشْرُونَ سنة وَكَانَ يضْرب بذكائه الْمثل وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة فِيمَا أَظن على الشَّيْخ بدر الدّين ابْن مَالك وَقَرَأَ على قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين الخويي وشمس الدّين الأيكي وصفي الدّين
الْهِنْدِيّ أول قدومه الْبِلَاد أما لما عَاد الشَّيْخ صفي الدّين وَأقَام بِدِمَشْق لم يقْرَأ عَلَيْهِ وَقَرَأَ على)
قَاضِي الْقُضَاة بهاء الدّين ابْن الزكي
حكى لي الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ قلت لَهُ فرطت فِي الْمنطق فَقَالَ كَانَ بِدِمَشْق أَيَّام طلبي لَهُ شخص يعرف بالأفشنجي وكت قد تميزت ودرستأو قَالَ وأفتيت فَكنت أتردد إِلَيْهِ على كره مني وَالْعلم فِي نَفسه صَعب وَعبارَة الأفشنجي فِيهَا عجمة فَإِذا أردْت مِنْهُ زِيَادَة بَيَان أَو قلت لَهُ مَا ظهر قَالَ جَاءَ وأدار وَجهه عني فأنفت من تِلْكَ الْحَالة وَبَطلَت الِاشْتِغَال أَو كَمَا قَالَ قلت أغناه ذهنه الثاقب وفكره الصائب على أَنه كَانَ يعرف مِنْهُ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي أصُول الْفِقْه من معرفَة التَّصَوُّر والتصديق وَدلَالَة الْمُطَابقَة وَدلَالَة التضمن وَدلَالَة الِالْتِزَام وَالضَّرْب من الشكل المنتج والكاذب ومواد الْبُرْهَان والمقدم والتالي وَقِيَاس الْخلف وَغير ذَلِك مِمَّا يدْخل فِي الأصولين معرفَة جَيِّدَة يتسلط بهَا على بَاقِي الْفَنّ أما أَنه كَانَ يطْلب مِنْهُ أَن يشغل فِي مختلطات كشف الْأَسْرَار للخونجي فَلَا وَحفظ التَّنْبِيه فِيمَا أَظن والمنتخب فِي أصُول الْفِقْه والمحصل فِي أصُول الدّين وَغير ذَلِك
وَأما الْخط وَحسن وَضعه
(فَلَا تسْأَل عَن الرَّوْض النَّضِير
…
وَلَا عَن طلعة الْقَمَر الْمُنِير)
فَإِنَّهُ كتب على الشَّيْخ نجم الدّين ابْن البصيص أحسن مِنْهُ وَمن بدر الدّين حسن ابْن الْمُحدث وخطه وَهُوَ أحسن وَقيل لي أَنه كَانَ يكْتب الْكُوفِي طبقَة
وَكَانَ شكله حسنا ومنظره رائعاً وتجمله فِي بزته وهيئته غَايَة وشيبته منورة بِنور الْإِسْلَام يكَاد الْورْد يلقط من وجنتيه وعقيدته صَحِيحَة متمكنة أشعرية وفضائله عديدة وفواضله ربوعها مشيدة فَإِنَّهُ كَانَ كريم النَّفس عالي الهمة حشمته وافرة وَعبارَته حلوة فصيحة ممتعة من رَآهُ أحبه قريب من الْقلب خَفِيف على النَّفس
صنف أَشْيَاء مِنْهَا ورساله فِي الرَّد عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَة الزِّيَارَة ورسالة سَمَّاهَا رَابِع أَرْبَعَة نظماً ونثراً وَشرح قِطْعَة جَيِّدَة من الْمِنْهَاج
وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وانتفع بِهِ الطّلبَة ودرس بالشامية البرانية والظاهرية والرواحية وَولي نظر ديوَان الأفرم وَنظر الخزانة ووكالة بَيت المَال وَكتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء مُدَّة وَوَقع فِي الدست فِيمَا أَظن وَله الْإِنْشَاء الْجيد ونثره خير من نظمه وَله التواقيع المليحة والإنشاءات الجيدة)
وَنقل إِلَى قَضَاء الْقُضَاة بحلب ومدارسها فَأَقَامَ بهَا مُدَّة أَكثر من سنتَيْن وَاشْتَغلُوا عَلَيْهِ بهَا وَمَا رأى النَّاس بعد دروسه فِي دمشق مثلهَا ثمَّ إِن السُّلْطَان طلبه من حلب ليوليه قَضَاء دمشق لما نقل قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي إِلَى قَضَاء الديار المصرية ففرح النَّاس بذلك فَمَرض فِي الطَّرِيق وأدركه الْأَجَل فِي بلبيس فِي سادس عشر شهر رَمَضَان سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة فَحَمله وَلَده تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن إِلَى الْقَاهِرَة وَدَفنه بالقرافة عِنْد الشَّافِعِي وَله سِتُّونَ سنة قيل أَنه سمّ فِي الطَّرِيق وَعند الله تَجْتَمِع الْخُصُوم
وَحكى لي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله عَن وَلَده تَقِيّ الدّين أَن وَالِده الشَّيْخ كَمَال الدّين قَالَ لَهُ يَا وَلَدي وَالله أَنا ميت وَمَا أتولى لَا مصر وَلَا دمشق وَمَا بقى بعد حلب ولَايَة أُخْرَى لِأَنَّهُ فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ حضر إِلَى الْجَامِع فلَان الصَّالح فترددت إِلَيْهِ وخدمته وَطلبت مِنْهُ التسليك فَأمرنِي بِالصَّوْمِ مُدَّة ثمَّ أَمرنِي بصيام ثَلَاثَة أيامأظنه قالافطر فِيهَا على المَاء واللبان الذّكر وَكَانَ آخر لَيْلَة من الثَّلَاث لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَقَالَ لي اللَّيْلَة تَجِيء إِلَى الْجَامِع تتفرج أَو تَخْلُو بِنَفْسِك فَقلت أَخْلو بنفسي فَقَالَ جيد وَلَا تزَال تصلي إِلَى أَن أجيء إِلَيْك قَالَ فخلوت بنفسي أُصَلِّي كَمَا وقفني سَاعَة جَيِّدَة فَلَمَّا كنت فِي الصَّلَاة إِذا بِهِ قد أقبل فَلم أبطل الصَّلَاة ثمَّ أنني خيل لي قبَّة عَظِيمَة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وظاهرها معارج ومراقي وَالنَّاس يصعدون فِيهَا من الأَرْض إِلَى السَّمَاء فَصَعدت مَعَهم فَكنت أرى على كل مرقاة مَكْتُوبًا نظرالخزانة وعَلى أُخْرَى وَأُخْرَى وَأُخْرَى وكَالَة بَيت المَال التوقيع الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة قَضَاء حلب فَلَمَّا وصلت إِلَى هَذِه الْمرقاة استفقت من تِلْكَ الْحَالة وَرجعت إِلَى حسي وَبت لَيْلَتي فَلَمَّا اجْتمعت بالشيخ قَالَ كَيفَ كَانَت ليلتكجئت إِلَيْك وَمَا قصرت لِأَنَّك مَا اشتغلت بِي والقبة الَّتِي رايتها هِيَ الدُّنْيَا والمراقي هِيَ الْمَرَاتِب والوظائف والأرزاق وَهَذَا الَّذِي رَأَيْتهَا كُله تناله وَالله يَا عبد الرَّحْمَن وكل شَيْء رَأَيْته قد نلته وَكَانَ آخر الْكل قَضَاء حلب وَقد قرب الْأَجَل أَو كَمَا قَالَ
وَكَانَ الشَّيْخ كَمَال الدّين رَحمَه الله تَعَالَى كثير التخيل شَدِيد الِاحْتِرَاز يتَوَهَّم أَشْيَاء بعيدَة وَيَبْنِي عَلَيْهَا وتعب بذلك وعودي وحسد وَعمل عَلَيْهِ ولطف الله بِهِ
وَلَقَد رَأَيْته فِي الظَّاهِرِيَّة وَفِي يَده الْقَائِمَة من الْحساب وَهُوَ يساوق المباشرين على المصروف فيسبقهم إِلَى الْجمع وَعقد الْجُمْلَة وَيبقى سَاعَة ينتظرهم إِلَى أَن يفرغوا فَيَقُول كم جَاءَ)
معكمفيقولون كَذَا وَكَذَا فَيَقُول لَا فيعيدون الْجمع إِلَى أَن يَصح وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ غَرِيب الْمَجْمُوع
خرج لَهُ الشَّيْخ صَلَاح الدّين ابْن العلائي عوالي وَأَرْبَعين وَقرأَهَا الشَّيْخ شمس الدّين عَلَيْهِ وَمن نظمه قصيدة نظمها يذكر فِيهَا الْكَعْبَة المعظمة ويمدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَولهَا
(أهواك يَا ربة الأستار أهواك
…
وَإِن تبَاعد عَن مغناي مغناك)
(وأعمل العيس والأشواق ترشدني
…
عَسى يُشَاهد معناكي معناك)
(تهوى بهَا البيد لَا تخشى الضلال وَقد
…
هدت ببرق الثنايا الغر مضناك)
(تشوقها نسمات الصُّبْح سَارِيَة
…
تسوقها نَحْو رؤياكي برياك)
(يَا ربة الْحرم العالي الْأمين لمن
…
وافاه من أَيْن هَذَا الْأَمْن لولاك)
أَن شبهوا الْخَال بالمسك الذكي فَهَذَا الْخَال من دونه المحكي والحاكي
(أفدي بأسود قلبِي نور أسوده
…
من لي بتقبيله من بعد يمناك)
(إِنِّي قصدتك لَا ألوي على بشرٍ
…
ترمي النَّوَى بِي سرَاعًا نَحْو مرماك)
(وَقد حططت رحالي فِي حماك عَسى
…
تحط أثقال أوزاري بلقياك)
(كَمَا حططت بِبَاب الْمُصْطَفى أملي
…
وَقلت للنَّفس بالمأمول بِشِرَاك)
(محمدٌ خير خلق الله كلهم
…
وفاتح الْخَيْر ماحي كل إشراك)
(سما بأخمصه فَوق السَّمَاء فكم
…
أوطا أسافلها من علو أفلاك)
(ونال مرتبَة مَا نالها أحدٌ
…
من أَنْبيَاء ذَوي فضلٍ وأملاك)
(يَا صَاحب الجاه عِنْد الله خالقه
…
مَا رد جاهك إِلَّا كل أفاك)
(أَنْت الْوَجِيه على رغم العدى أبدا
…
أَنْت الشَّفِيع لفتاكٍ ونساك)
(يَا فرقة الزيغ لَا لقِيت صَالِحَة
…
وَلَا شفى الله يَوْمًا قلب مرضاك)
(وَلَا حظيت بجاه الْمُصْطَفى أبدا
…
وَمن أعانك فِي الدُّنْيَا ووالاك)
(يَا أفضل الرُّسُل يَا مولى الْأَنَام وَيَا
…
خير الْخَلَائق من إنسٍ وأملاك)
(هَا قد قصدتك اشكو بعض مَا صنعت
…
بِي الذُّنُوب وَهَذَا ملْجأ الشاكي)
(قد قيدتني ذنوبٌ عَن بُلُوغ مدىً
…
قصدي إِلَى الْفَوْز مِنْهَا من غير إمْسَاك)
(عَلَيْك من رَبك الله الصَّلَاة كَمَا
…
منا عَلَيْك السَّلَام الطّيب الزاكي)
)
تمت وَلم أَقف لَهُ على نظم هُوَ خير من هَذِه القصيدة لمقصدها الصَّالح وَقد أشْبع فِيهَا حَرَكَة الْكَاف فِي خطاب الْمُؤَنَّث حَتَّى نشأت يَاء فِي موضِعين وَهُوَ جَائِز
وَعمل على هَذِه القصيدة فِيمَا أَظن أَو على قصيدة ميمية مدح بهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو عَلَيْهِمَا كراريس وسماها عجالة الرَّاكِب
وَمن شعر كَمَال الدّين الزملكاني
(يَا سائق الظعن قف بِي هَذِه الكثب
…
عساي أَقْْضِي بهَا مَا للهوى يجب)
(وارفق قَلِيلا لكَي تروي الثرى سحبٌ
…
من ناظري بمزنٍ مِنْهُ تنسكب)
(فثم حيٌ حَياتِي فِي خيامهم
…
فالموت أَن بعدوا والعيش أَن قربوا)
(لي فيهم قمرٌ الْقلب منزله
…
لَكِن طرفِي لَهُ بالبعد يرتقب)
(لدن القوام رَشِيق الْقد ذُو هيفٍ
…
تغار من لينه الأغصان والقضب)
(حُلْو الْمقبل معسولٌ مراشفه
…
يجول فِيهَا رضاب طعمه الضَّرْب)
(لَا غروان رَاح نشواناًً فَفِي فَمه
…
خمرٌٌ ودرٌ ثناياه لَهَا حبب)
(زلائمٍ لامني فِي الْبعد عَنهُ وَفِي
…
قلبِي من الشوق نيران لَهَا لَهب)
(فَقلت أَن صروف الدَّهْر تصرفني
…
عَمَّا أروم فَمَا لي فِي النَّوَى سَبَب)
(ومذ رماني زماني بالبعاد وَلم
…
يرحم خضوعي وَلما يبْق لي نشب)
وَلما توجه إِلَى قَضَاء حلب نزل فِي مَكَان يعرف بالفردوس وَكَانَ مَعَه شمس الدّين الْخياط الشَّاعِر الدِّمَشْقِي فأنشده لنَفسِهِ وأنشدني من لَفظه غير مرّة
(يَا حَاكم الْحُكَّام يَا من بِهِ
…
قد شَرقَتْ رتبته الفاخره)
(وَمن سقى الشَّهْبَاء مذ حلهَا
…
بحار علمٍ وندىً زاخره)
(نزلت فِي الفردوس فأبشر بِهِ
…
دَارك فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَه)
ونظم فِيهِ جمال الدّين أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نباتة لما توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قصيدة طنانة يرثيه بهَا أنشدنيها من لَفظه أَولهَا
(بلغا القاصدين أَن اللَّيَالِي
…
قبضت جملَة العلى بالكمال)
وَقفا فِي مدارس الْعقل وَالنَّقْل ونوحا معي على الأطلال
(سائلاها عَسى يُجيب صداها
…
أَيْن ولى مُجيب أهل السُّؤَال)
)
(أَيْن ولى بَحر الْعُلُوم وَأبقى
…
بَين أجفاننا الدُّمُوع لآلي)
(أَيْن ذَاك الذِّهْن الَّذِي قد ورثنا
…
عَنهُ مَا فِي الحشا من الِاشْتِغَال)
(أَيْن تِلْكَ الأقلام يَوْم انتصارٍ
…
كعوالي الرماح يَوْم النزال)
(ينْقل النَّاس عَن حَدِيث هداها
…
طرق الْعلم عَن متون العوالي)
(وتفيد الجنا من اللَّفْظ حلواً
…
حِين كَانَت نوعا من الْعَسَّال)
قلت هِيَ من قصائده الغر وَكلهَا نتقى وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع إِثْبَاتهَا
كنت قد اخْتلفت أَنا وَالْمولى شرف الدّين حُسَيْن ابْن رَيَّان الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي قَول الحريري
(فَلم يزل يبتزه دهره
…
مَا فِيهِ من بطشٍ وعود صَلِيب)
فَذهب هُوَ فِي إِعْرَاب قَوْله مَا فِيهِ إِلَى أَنه فِي مَوضِع نصب على أَنه مفعول ثَان وَذَهَبت أَنا إِلَى أَنه بدل اشْتِمَال من الْهَاء الَّتِي فِي قولهيبتزه فَكتب شرف الدّين فتيا من صفد وجهزها إِلَى الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني رَحمَه الله تَعَالَى ونقلتها من خطه وَهِي مَا تَقول السَّادة عُلَمَاء الدَّهْر وفضلاء هَذَا الْعَصْر لَا برحوا لطَالب الْعلم الشريف قبله وموطن السُّؤَال وَمحله فِي رجلَيْنِ تجادلا فِي مسأله نحوية وَهِي فِي بَيت من المقامات الحريرية وَهُوَ
(فَلم يزل يبتزه دهره
…
مَا فِيهِ من بَطش وعود صَلِيب)
ذَهَبا إِلَى معنى يبتزه يسلبه وكل مِنْهُمَا وَافق فِي هَذَا مَذْهَب خَصمه مذْهبه وموطن سؤالهما الْغَرِيب إِعْرَاب قَوْلهمَا فِيهِ من بَطش وعود صَلِيب لم يختلفا فِي نَصبه بل خلفهمَا فِيمَا انتصب بِهِ فَذهب أَحدهمَا إِلَى أَنه بدل اشْتِمَال من الْهَاء المنصوبة فِي يبتزه وَله على ذَلِك اسْتِدْلَال وَذهب الآخر إِلَى أَنه مفعول ثَان ليبتزه وَجعل الْمَفْعُول الْهَاء وَاخْتلفَا فِي ذَلِك وقاصديكم جَاءَا وَقد سَأَلَا الْإِجَابَة عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فقد اضطرا فِي ذَلِك إِلَى الْمَسْأَلَة فَكتب الشَّيْخ كَمَال الدّين رحمه الله الْجَواب ونقلته من خطه وَهُوَ الله يهدي إِلَى الْحق كل من الْمُخْتَلِفين الْمَذْكُورين قد نهج نهج صَوَاب وأتى بحكمة وَفصل خطاب وَلكُل من الْقَوْلَيْنِ مساغ فِي النّظر
الصَّحِيح وَلَكِن النّظر إِنَّمَا هُوَ فِي التَّرْجِيح وَجعل ذَلِك مَفْعُولا أقوى توجيهاً فِي الْإِعْرَاب وأدق بحثا عِنْد ذَوي الْأَلْبَاب أما من جِهَة الصِّنَاعَة الْعَرَبيَّة فَلِأَن الْمَفْعُول مُتَعَلق بِالْفِعْلِ بِذَاتِهِ الَّتِي بِوُقُوع الْفِعْل عَلَيْهِ معنية وَالْبدل مُبين بِكَوْن الأول مَعَه مطرحاً فِي النِّيَّة وَهَذَا الْفِعْل بِهَذَا)
الْمَعْنى مُتَعَدٍّ إِلَى مفعولين وَمَا فِيهِ من بَطش هُوَ أحد ذَيْنك الِاثْنَيْنِ لِئَلَّا يفوت مُتَعَلق الْفِعْل المستقل وَالْبدل بَيَان يرجع إِلَى توكيد بتأسيس الْمَعْنى مخل وَأما من جِهَة الْمَعْنى فَلِأَن الْمقَام مقَام تشك وَأخذ بالقلوب وتمكين هَذَا الْمَعْنى أقوى إِذا ذكر مَا سلب مِنْهُ مَعَ بَيَان أَنه المسلوب فَذكر المسلوب مِنْهُ مَقْصُود كذكر مَا سلب وَفِي ذَلِك من تَمْكِين الْمَعْنى مَا لَا يخفى على ذَوي الأرب ووراء هَذَا بسط لَا تحتمله هَذِه العجالة وَالله تَعَالَى أعلم كتبه مُحَمَّد بن عَليّ
قلت لَا أعلم أحدا يَأْتِي بِهَذَا الْجَواب غَيره لمعرفته بدقائق النَّحْو وبغوامض علمي الْمَعْنى وَالْبَيَان ودربته بصناعة الْإِنْشَاء وَأما صُورَة الْخط الَّذِي نقلت مِنْهُ هَذِه الْفتيا فَمَا كَانَت إِلَّا قِطْعَة روض تدبجت أَو هوامش عذار على طرس الخد تخرجت رَحمَه الله تَعَالَى وَأكْرم مثواه وَجعل الْجنَّة منقلبه وعقباه
ابْن العديسة الْمُحدث مُحَمَّد بن عَليّ بن العديسة الشَّيْخ شهَاب الدّين قَارِئ الحَدِيث توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
وأظن مجير الدّين الْخياط فِيهِ يَقُول
(فِي الدَّهْر شَيْء عَجِيب
…
مرآه يقذي اللواحظ)
(ابْن الرزيز خطيب
…
وَابْن العديسة واعظ)
علم الدّين الدَّمِيرِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن هُوَ علم الدّين ابْن بهاء الدّين ابْن الإِمَام محيي الدّين عرف بِابْن الدَّمِيرِيّ
مولده سنة خمس وَسبعين وست مائَة بدار الزَّعْفَرَان بزقاق الْقَنَادِيل بِمصْر توفّي أجَاز لي رحمه الله
تَاج الدّين طوير اللَّيْل البارنباري الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عَليّ الإِمَام الْفَاضِل الْفَقِيه النَّحْوِيّ الأصولي تَاج الدّين البارنباري الشَّافِعِي
أَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ قَالَ قَرَأَ الْمَذْكُور على الشَّيْخ حسن الرَّاشِدِي القراآت السَّبع بالفاضلية وَقَرَأَ الْمَعْقُول على الشَّيْخ شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ وَحفظ التَّعْجِيز وَكَانَ يستحضره إِلَى آخر وَقت ويعرفه جيدا وَحفظ الجزولية وَاسْتمرّ على حفظ الْقُرْآن إِلَى أَن مَاتَ سنة سبع عشرَة وَسبع مائَة
وَكَانَ جيد المناظرة متوقد الذِّهْن فِي الْفِقْه والأصولين والعربية والمنطق وَكَانَ عديم التَّكَلُّف فِي)
ملبسه وَلم يكن بِيَدِهِ غير فقاهات الْمدَارِس وَكَانَ يلقب بطوير اللَّيْل
بدر الدّين ابْن غَانِم مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن غَانِم الشَّيْخ بدر الدّين ابْن
الشَّيْخ عَلَاء الدّين
كَانَ من جملَة كتاب الْإِنْشَاء بِدِمَشْق وَكَانَ متشدداً لَا يكْتب إِلَّا شَيْئا يُوَافق الشَّرْع وَإِن كَانَ غير ذَلِك لم يَكْتُبهُ طلب الاعفاء من كِتَابَة الْإِنْشَاء وَسَأَلَ أَن يكون نَظِير معلومه على الْجَامِع الْأمَوِي للأشغال فَأُجِيب إِلَى ذَلِك
كَانَ يدرس بالقليجية الشَّافِعِيَّة وَكَانَ قَلِيل الْكَلَام ملازم الصمت منجمعاً عَن النَّاس منقبضاً لَا يتَكَلَّم فِيمَا لَا يعنيه مكباً على الِاشْتِغَال يُكَرر على محفوظاته اللَّيْل وَالنَّهَار يحب الْكتب ويجمعها خلف لما مَاتَ ألفي مجلدة وَكَانَ مَعَه عدَّة وظائف يُبَاشِرهَا بِمَا يُقَارب الْألف دِرْهَم فِي كل شهر
توفّي فِي شهر جُمَادَى الأولى سنة أَرْبَعِينَ وَسبع مائَة
بهاء الدّين ابْن إِمَام الشمهد مُحَمَّد بن عَليّ بن سعيد الْمَعْرُوف بِابْن إِمَام المشهد
مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين وست مائَة قَرَأَ الْقُرْآن الْكَرِيم وأتقنه بالروايات السَّبع واشتغل بِالْعَرَبِيَّةِ على الشَّيْخ مجد الدّين التّونسِيّ وَالشَّيْخ نجم الدّين القحفازي وَقَرَأَ الْفِقْه على الشَّيْخ برهَان الدّين ابْن الشَّيْخ تَاج الدّين وَكتب الْخط الْمليح الظريف
وَتوجه إِلَى حلب ثمَّ إِلَى طرابلس وَأقَام بهَا مُدَّة وَثمّ عَاد إِلَى دمشق وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى مصر وَحضر بَين يَدي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر على الأهرام وولاه تدريس الْمدرسَة الأمينية بِدِمَشْق وَحضر إِلَيْهَا على الْبَرِيد
وَهُوَ مَجْمُوع متناسب الْحسن أخلاقه حَسَنَة وشكالته تَامَّة مليحة ووجاهته رائعة المنظر
جمع كتاب الْأَحْكَام وجوده فِي سِتّ مجلدات وتناولته مِنْهُ وأجازني رِوَايَة مَا لَهُ تسميعه بديوان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وتلا بالسبع على الكفري وَسمع بِمصْر والإسكندرية وحلب وأمّ بدار الحَدِيث ثمَّ بِمَسْجِد الْكَنِيسَة ودرس بالقوصية
الشَّيْخ مُحَمَّد الْغَزِّي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد شمس الدّين أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ مولداً الْغَزِّي منشأ
سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة اقام بغزة مُدَّة وبدمشق مُدَّة وبمصر وبصفد وحماة وحلب وخالط النَّاس وعاشر فِيهِ خفَّة روح وكيس وظرف وينظم الشّعْر الْجيد)
وَيكْتب الْخط الْمَنْسُوب وَيعرف النجامة والأسطرلاب والرمل
أَنْشدني غير مرّة بِدِمَشْق وصفد وبالقاهرة وحماة جملَة كَثِيرَة من شعره ونادم الْملك الْأَفْضَل صَاحب حماة فِيمَا أَظن وقربه وَأَدْنَاهُ وحنا عَلَيْهِ ورتب لَهُ الدَّرَاهِم وَالْخبْز وَاللَّحم
وَمن شعره نقلته من خطه وأنشدنيه من لَفظه
(بِأبي غزالٌٌ غزل هدب جفونه
…
يكسو الضنى صبا أذيب بصده)
(يروي حَدِيث السقم جسم محبه
…
عَن جفْنه عَن خصره عَن عَهده)
وأنشدني مَا نقلته من خطه لَهُ
(مَا رأى النَّاس قبل قامة حبي
…
وعذاريه حول محمر خد)
غصنا أنبت البنفسج والآس سياجاً على حديقة ورد وأنشدني لَهُ من لَفظه ونقلته من خطه
(ونيلٍ كم أنال منى وَأمنا
…
وَكم أهْدى إِلَى سرٍ مسره)
(تخال مراكباً تختال فِيهِ
…
نجوماً سائراتٍ فِي مجره)
وأنشدني من لَفظه وَمن خطه نقلت موالياً
(عَايَنت من ذَنْب هجرو بالوفا مغْفُور
…
فِي النَّهر يسبح وحظو بالبها موفور)
(شبهت من فَوق جسمو شعرو المضفور
…
ألف من الْمسك فِي صفحه من الكافور)
وأنشدني من لَفظه وَمن خطه نقلت
(باكر إِلَى رشف خمره تنعش المحرور
…
مَعَ من تحب وقلبك منشرح مسرور)
(أما ترى اللَّيْل شمر ذيلو الْمَجْرُور
…
والورد بالطل فتح جيبو المزرور)
وأنشدني أَيْضا وَمن خطه نقلت
(حبي الَّذِي خالقو بالْحسنِ قد مدوا
…
حَتَّى سما وَتجَاوز فِي الصفه حدو)
(رمان نهدو عقد فِي غُصْن من قدو
…
وَمَا انطفا جلنارو الغض فِي خدو)
وأنشدني أَيْضا وَمن خطه نقلت
(وهيفاء وطفاء فتانةٍ
…
يلذ التهتك والوجد فِيهَا)
(إِذا سكر النَّاس من خمرةٍ
…
فسكري مَا زَالَ من خمر فِيهَا)
وأنشدني أَيْضا وَمن خطه نقلت)
(انْظُر إِلَى تخييل أخياطها
…
فِي كاسها يَا أحسن النَّاس)
(لَو لم تكن شمساً لما أظهرت
…
أشعةً فِي أفق الكاس)
وأنشدني أَيْضا وَمن خطه نقلت
(أتشكى مَعَ البعاد إِلَيْكُم
…
برقيق العتاب فرط اشتياقي)
فَكَأَنِّي الورقاء من فرقة الإلف تلهث بالسجع فِي الأوراق شمس الدّين السرُوجِي مُحَمَّد بن عَليّ بن ايبك السرُوجِي الشَّيْخ الإِمَام شمس الدّين
سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع عشرَة وَسبع مائَة بالديار المصرية عرض الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع سِنِين وارتحل إِلَى دمشق وحلب وَغَيرهَا من بِلَاد الشَّام مَرَّات وَأخذ عَن الشَّيْخ فتح الدّين وَالشَّيْخ أثير الدّين وَمن عاصره من أَشْيَاخ الْعلم وَصَارَ من الْحفاظ أتقن
الْمُتُون وَأَسْمَاء الرِّجَال وطبقات النَّاس والوقائع والحوادث وَضبط الوفيات والمواليد وَمَال إِلَى الْأَدَب وَحفظ من الشّعْر الْقَدِيم والمحدث جملَة وَكتب الْأَجْزَاء والطباق وَحصل مَا يرويهِ عَن أهل عصره فِي الْبِلَاد الَّتِي ارتحل إِلَيْهَا وَلم أر بعد الشَّيْخ فتح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى من يقْرَأ أسْرع مِنْهُ وَلَا أفْصح
وَسَأَلته عَن أَشْيَاء من تراجم النَّاس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم فَوَجَدته حفظَة مستحضراً لَا يغيب عَنهُ مَا حصله وَهَذَا الَّذِي رَأَيْته مِنْهُ فِي هَذِه السن الْقَرِيبَة كثير على من علت سنه من كبار الْعلمَاء وَمَعَ ذَلِك فَلهُ ذوق الأدباء وَفهم الشُّعَرَاء وخفة روح الظرفاء
توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بحلب لَيْلَة ثامن من شهر ربيع الأوّل سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَدفن ثَانِي يَوْم بكرَة الْجُمُعَة
وَكَانَ قد خرج لنَفسِهِ تسعين حديثاًص متباينة الأسناد قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سمعناها مِنْهُ ثمَّ كملها مائَة
أَمِين الدّين الأنفي مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن الْمُحدث الْفَاضِل أَمِين الدّين الأنفي الدِّمَشْقِي الْمَالِكِي
ولد سنة ثَلَاث عشرَة وَسبع مائَة فِي شَوَّال وَحفظ الْقُرْآن وَالْفِقْه وَطلب الحَدِيث وَقَرَأَ وَنسخ كثيرا من الْأَجْزَاء والكتب سمع الْبَنْدَنِيجِيّ وَالشَّمْس نقيب السَّبع وَبنت صصرى وَنسخ جملَة من تواليفي وَقَرَأَ عَليّ أَشْيَاء من شعري وَمن مصنفاتي وَهُوَ حسن الشكل جميل الود حُلْو)
الْعبارَة
القَاضِي فَخر الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم أَبُو الْفَضَائِل الشَّيْخ الإِمَام الْفَاضِل الْعَلامَة ذُو الْفُنُون أعجوبة الزَّمَان القَاضِي فَخر الدّين أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ
سَأَلته عَن مولده فَقَالَ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست مائَة بِظَاهِر الْقَاهِرَة فِي الحبانية ووفاته بِدِمَشْق فِي دَاره بالعادلية الصَّغِيرَة بعد مرضة طَوِيلَة عوفي فِي أَثْنَائِهَا ثمَّ انتكس توفّي يَوْم الْأَحَد سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسبع مائَة وَصلي عَلَيْهِ الظّهْر بالجامع الْأمَوِي وَدفن فِي مَقَابِر الْبَاب الصَّغِير وَكَانَت جنَازَته حفلة
خرج من الديار المصرية أول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبع مائَة وَأقَام بِدِمَشْق وَقَرَأَ الْقُرْآن على جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ مُوسَى العجمي وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه أَولا على الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن قَاضِي شُهْبَة ثمَّ قَرَأَ الْفِقْه على الشَّيْخ برهَان الدّين ابْن الشَّيْخ تَاج الدّين وَقَرَأَ بَقِيَّة الْعُلُوم على الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني وَهُوَ أَكْثَرهم إِفَادَة لَهُ وَكَانَ معجباً بِهِ وبذهنه الْوَقَّاد وَحفظه المنقاد يُشِير إِلَيْهِ فِي المحافل والدروس وينوه بِقَدرِهِ ويثني عَلَيْهِ وَقَرَأَ على الشَّيْخ صدر الدّين وَبحث على الشَّيْخ مجد الدّين التّونسِيّ وعَلى الشَّيْخ نجم الدّين القحفازي كتاب المقرب فِي النَّحْو وَحفظ الجزولية وَبحث مِنْهَا جانباً على الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي وَقَرَأَ الجست على النُّعْمَان والمنطق على جمَاعَة أشهرهم الشَّيْخ رَضِي الدّين المنطقي وعَلى الشَّيْخ عَلَاء الدّين القونوي بِمصْر وَحفظ التَّنْبِيه والمنتخب فِي أصُول الْفِقْه وَحفظ مُخْتَصر
ابْن الْحَاجِب فِي مُدَّة تِسْعَة عشر يوماًص وَهَذَا أَمر عَجِيب إِلَى الْغَايَة فَإِن أَلْفَاظ الْمُخْتَصر غلقة عقدَة مَا يرتسم مَعْنَاهَا فِي الذِّهْن ليساعد على الْحِفْظ وَحفظ المحصل فِي أصُول الدّين وَهُوَ قريب من أَلْفَاظ الْمُخْتَصر وَحفظ الْمُنْتَقى فِي الْأَحْكَام وَشرع فِي حفظ أَشْيَاء لم تكمل مثل مطلع النيرين والمنهاج للشَّيْخ محيي الدّين وتصريف ابْن الْحَاجِب وَكَانَ يحفظ من الْمُنْتَقى فِي أَيَّام عديدة كراسة فِي كل يَوْم والكراسة قطع الْبَلَدِي تضمن خمس مائَة سطر
وَفِي سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة ولي تدريس العادلية الصَّغِيرَة وفيهَا أذن لَهُ بالإفتاء وَكَانَ لَهُ من الْعُمر ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة
وَلما توفّي شَيْخه الشَّيْخ برهَان الدّين ابْن الشَّيْخ تَاج الدّين جلس بعده بالجامع الْأمَوِي فِي حَلقَة)
الأشغال فِي الْمَذْهَب وتأدب مَعَ شَيْخه فأخلى مَكَانَهُ وَجلسَ دونه وعلق دروساًص من التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه مفيدة وأقدم من سمع عَلَيْهِ الحَدِيث هَدِيَّة بنت عَسْكَر وَأحمد ابْن مشرف
وَحج إِلَى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة سبع مَرَّات جاور فِي الأولى بِمَكَّة بعض سنة عشْرين وجاور فِي الثَّانِيَة سنة أَرْبَعِينَ بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَلما حضر من الْحجاز كتبت لَهُ توقيعاً بِإِعَادَة تدريس الدولعية ونظرها إِلَيْهِ وَهَذِه نسخته رسم بِالْأَمر العالي لَا زَالَ يرْتَفع بِهِ الْعلم الشريف إِلَى فخره ويعيده إِلَى خير حبر تقتبس الْفَوَائِد من نوره وتغترف من بحره ويجمل الزَّمَان بولائه من هُوَ علم عصره وفخر مصره أَن يُعَاد الْمجْلس العالي الفخري إِلَى كَذَا وَكَذَا وضعا للشَّيْء فِي مَحَله ورفعاً للوبل على طله ودفعاً لسيف النّظر إِلَى يدٍ هِيَ مألف هزه وسله ومنعاً لشعب مَكَّة أَن ينزل غير أَهله إِذْ هُوَ لأَصْحَاب الشَّافِعِي رضي الله عنه حجَّة ولبحر مذْهبه الزاخر لجة وَلأَهل فَضله الَّذين يقطعون مفاوزه بالسرى صبح وبالمسير محجة طالما نَاظر الأقران فعدلهم وجادل الْخُصُوم فِي حومة الْبَحْث فجد لَهُم وجد لَهُم كم قطع الشُّبُهَات بحجج لَا يعرفهَا وأتى بِوَجْه مَا رأى الرؤياني أحلى مِنْهُ فِي أَحْلَام الطيف وَدخل بَاب علم فَتحه الْقفال لطَالب نِهَايَة الْمطلب التبري وارتوى من معِين ورد عين حَيَاته الخضري وَتمسك بِفُرُوع صَحَّ سبكها فَقَالَ ابْن الْحداد هَذَا هُوَ الذَّهَب الْمصْرِيّ وأوضح المغالط بِمَا نسف بِهِ جبال النَّسَفِيّ وروى أَقْوَال اصحاب الْمَذْهَب بحافظة يتمناها الْحَافِظ السلَفِي كم جاور بَين زَمْزَم وَالْمقَام وَألقى عَصا سَفَره لما رَحل عَنْهَا الحجيج وَأقَام وَكم طَابَ لَهُ الْقَرار بطيبه وعطر بالأذخر والجليل ردنه وجيبه وَكم استروح بِظِل نخلها والسمرات وتملى بمشاهدة الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَغَيره يسفح على قرب تربها العبرات وَكم كتب لَهُ بالوصال وُصُول وَبث شكواه فَلم يكن بَينه وَبَين الرَّسُول رَسُول لَا جرم أَنه عَاد وَقد زَاد وقارا وآب بَعْدَمَا غَابَ لَيْلًا فتوضح شَيْبه نَهَارا فليباشر مَا فوض إِلَيْهِ جَريا على مَا عهد مَا افادته وَألف من رياسته لهَذِهِ الْعِصَابَة وسيادته وَعرف من زِيَادَة يَوْمه على أمسه فَكَانَ كنيل بِلَاده وَلَا يتعجب من زِيَادَته حَتَّى يحيى بدرسه مَا درس ويثمر عود الْفُرُوع فَهُوَ الَّذِي أَنْبَتَهُ بِهَذِهِ الْمدرسَة وغرس مجتهداًص فِي نظر وَقفهَا مُعْتَمدًا على تتبع وَرَقَات حِسَابهَا وصفحها عَاملا بِشُرُوط الْوَاقِف فِيمَا شَرط قَابِضا مَا قَبضه وباسطاً مَا بسط وتقوى الله تَعَالَى جنَّة يرتع فِيهَا خاطره ويسرح فِي رياضها الناضرة ناظره وَمثله لَا يُنَبه عَلَيْهَا وَلَا يومأ لَهُ)
بالإشارات إِلَيْهَا فَلَا ينْزع مالبسه من
حلاها وَلَا يسر فِي مهمة مُهِمّ إِلَّا بسناها وَالله يديم فَوَائده لأهل الْعلم الشريف ويجدد لَهُ سَعْدا يشْكر التالد مِنْهُ والطريف والخط الْكَرِيم أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ
عماد الدّين الدمياطي مُحَمَّد بن عَليّ بن حرمي الشَّيْخ الفرضي الإِمَام الْمُحدث عماد الدّين ابو عبد الله الدمياطي نزيل بِالْقَاهِرَةِ
ولد سنة خمس وَسبعين وست مائَة وَسمع من الدمياطي والأبرقوهي وَبنت الأسعردي وَطَائِفَة وبدمشق من الموازيني وَابْن مشرف وَسمع بِقِرَاءَتِي كثيرا على الشَّيْخ أثير الدّين من ذَلِك المقامات الحريرية وَهُوَ حُلْو المحادثة كثير المحاسن لَهُ خُصُوصِيَّة زَائِدَة عَن الْحَد بقاضي الْقُضَاة عز الدّين ابْن جمَاعَة ولي مشيخة الكاملية
وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِالْقَاهِرَةِ فِي طاعون مصر فِي سَابِع جُمَادَى الأولى سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
ابْن خروف الْحَنْبَلِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْقَاسِم الْمُقْرِئ الْكَبِير بَقِيَّة السّلف ابو عبد الله الْموصِلِي الْحَنْبَلِيّ ابْن خروف وَيعرف بِابْن الْوراق
مولده سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بالموصل فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة
ارتحل إِلَى بَغْدَاد فِي طلب الْعلم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ فَتلا بعدة كتب على الشَّيْخ عبد الصَّمد وَسمع من جمَاعَة وَقَرَأَ كتبا كبارًا وَقَرَأَ تَفْسِير الكواشي على المُصَنّف وجامع أبي عِيسَى ابْن العجمي
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قدم علينا وَسَمعنَا مِنْهُ
الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ مُحَمَّد بن عماد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن أبي يعلى ابو عبد الله الْجَزرِي الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ التَّاجِر
سمع وروى عَالم فَقِيه كثير الْمَحْفُوظ حسن الْإِنْصَات صَالح طَال عمره وَسكن بالإسكندرية ورحل النَّاس إِلَيْهِ
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وست مائَة
ابْن عمار الأندلسي مُحَمَّد بن عمار الْمهرِي بالراء الأندلسي الشَّاعِر الْمَشْهُور هُوَ ذُو)
الوزارتين كَانَ هُوَ وَابْن زيدون فرسي رهان فِي الْأَدَب
اشْتَمَل عَلَيْهِ الْمُعْتَمد ووزره ثمَّ جعله نائباًص على مرسية فعصى عَلَيْهِ بهَا فَلم يزل يحتال عَلَيْهِ إِلَى أَن وَقع فِي يَده فذبحه صبرا بِيَدِهِ سنة سبع وَسبعين وَأَرْبع مائَة ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَلما قَتله الْمُعْتَمد رثاه عبد الْجَلِيل بن وهبون المرسي بِأَبْيَات مِنْهَا
(عجبا لَهُ أبكيه ملْء مدامعي
…
وَأَقُول لَا شلت يَمِين الْقَاتِل)
قَالَ صَاحب القلائد الْفَتْح بن خاقَان لقد رَأَيْت عظمي ساقي ابْن عمار وَقد أخرجَا بعد سِنِين من حفر يحْفر بِجَانِب الْقصر وأساودهما بهما ملتفة ولباتهما مشتفة مَا فغرت أفواههما وَلَا حل التواؤهما فرمق النَّاس العبر وَصدق المكذب الْخَبَر يَعْنِي بالأساود الْقُيُود
وَسبب
تغير الْمُعْتَمد على ابْن عمار أَنه هجا الرميكية وَهِي اعْتِمَاد حظية الْمُعْتَمد اخْتَارَهَا لنَفسِهِ وَاخْتَارَ لَهَا اللقب ليناسب لقبه وَقَالَ ابْن عمار من أَبْيَات
(تخيرتها من بَنَات الهجان
…
رميكيةً لَا تَسَاوِي عقَالًا)
(فَجَاءَت بِكُل قصير الذِّرَاع
…
لئيم النجارين عَمَّا وخالا)
وَقيل أَن هَذَا الهجو وضع على لِسَانه لإغراء الْمُعْتَمد بِهِ
وَمن شعر ابْن عمار القصيدة الْمَشْهُورَة الطنانة الَّتِي أَولهَا
(أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى
…
والنجم قد صرف الْعَنَان عَن السرى)
(وَالصُّبْح قد أهْدى لنا كافوره
…
لما اسْتردَّ اللَّيْل منا العنبرا)
وَمن مدحها فِي الْمُعْتَمد
(ملكٌ إِذا ازْدحم الْمُلُوك بموردٍ
…
ونحاه لَا يردون حَتَّى يصدرا)
(أندى على الأكباد من قطر الندى
…
وألذ فِي الأجفان من سنة الْكرَى)
(قداح زند الْمجد لَا يَنْفَكّ من
…
نَار الوغى إِلَّا إِلَى نَار الْقرى)
(يخْتَار أَن يهب الخريدة كاعباً
…
والطرف أجرد والحسام مجوهرا)
(لَا خلق أَقرَأ من شفار سيوفه
…
إِن أَنْت شبهت المواكب أسطرا)
(ماضٍ وَصدر الرمْح يكهم والظبى
…
تنبو وأيدي الْخَيل تعثر بالبرى)
(أيقنت أَنِّي من ذراه بجنة
…
لما سقاني من نداه الكوثرا)
(وَعلمت حَقًا أَن ربعي مخصبٌ
…
لما سَأَلت بِهِ الْغَمَام الممطرا)
)
(أثمرت رمحك من رُؤُوس كماتهم
…
لما رَأَيْت الْغُصْن يعشق مثمرا)
مِنْهَا
(نمقتها وشياً بذكرك مذهبا
…
وفتقتها مسكاً بحَمْدك أذفرا)
(فلئن وجدت نسيم حمدي عاطراً
…
فَلَقَد وجدت نسيم برك أعطرا)
وَقَالَ أَيْضا يمدح الْمُعْتَمد وَيذكر فتح ابْنه قرمونة
(نوالٌ كَمَا اخضر العذار وفتكةٌ
…
كَمَا خجلت من دونه صفحة الخد)
(جنيت ثمار الصَّبْر طيبَة الجنى
…
وَلَا شجرٌ غير المثقفة الملد)
(وقلدت أجياد الشرى رائق الحلى
…
وَلَا دررٌ غير المطهمة الجرد)
(بِكُل فَتى عاري الأشاجع لابسٍ
…
إِلَى غَمَرَات الْمَوْت محكمَة السرد)
مِنْهَا فِي ذكر ابْنه
(ببدرٍ وَلَكِن من مطالعه الوغى
…
وليثٍ وَلَكِن من براثنه الْهِنْدِيّ)
(وربّ ظلامٍ سَار فِيهِ إِلَى العدى
…
وَلَا نجم إِلَّا مَا تطلع من غمد)
(أطل على قرمونةٍ متبلجاً
…
مَعَ الصُّبْح حَتَّى قلت كَانَا على وعد)
(فأرملها بِالسَّيْفِ ثمَّ أرعاها
…
من النَّار أَثوَاب الْحداد على الْفَقْد)
(فيا حسن ذَاك السَّيْف فِي رَاحَة الْهدى
…
وَيَا برد تِلْكَ النَّار فِي كبد الْمجد)
(هَنِيئًا ببكرٍ فِي الْفتُوح افترعتها
…
وَمَا قبضت غير الْمنية فِي النَّقْد)
وَقَالَ من قِطْعَة وعاطلةٍ من ليَالِي الحروب اطَّلَعت رَأْيك فِيهَا قمر
(فَإِن يجنك الْفَتْح ذَاك الْأَصِيل
…
فَمن غرس تَدْبِير ذَاك السحر)
مِنْهَا
(فعاقر سَيْفك حَتَّى انحنى
…
وعربد رمحك حَتَّى انْكَسَرَ)
(وَكم نبت فِي حربهم عَن على
…
وناب عَن النهروان النَّهر)
وَقَالَ فِي فارسين تطاعنا فَسبق أَحدهمَا الآخر
(روى ليضْرب فابتدهت بطعنةٍ
…
أَن الرماح بديهة الفرسان)
وَمن شعره)
(عليّ وَإِلَّا مَا بكاء الغمائم
…
وفيّ وَإِلَّا فيمَ نوح الحمائم)
مِنْهَا يصف وَطنه
(كساها الحيا برد الشَّبَاب فَإِنَّهَا
…
بلادٌ بهَا عق الشَّبَاب تمائمي)
(ذكرت بهَا عهد الصبى فَكَأَنَّمَا
…
قدحت بِنَار الشوق بَين الحيازم)
(ليَالِي لَا ألوي على رشد لائمٍ
…
عناني وَلَا أثنيه عَن غيّ هائم)
(أنال سهادي من عُيُون نواعسٍ
…
وأجني عَذَابي من غصون نواعم)
(وليلٍ لنا بالسد بَين معاطفٍ
…
من النَّهر تنساب اسياب الأراقم)
(بِحَيْثُ اتخذنا الرَّوْض جاراً تَزُورنَا
…
هداباه فِي أَيدي الرِّيَاح النواسم)
(تبلغنَا أنفاسه فتردها
…
بأعطر أنفاساً وأذكى لناسم)
(تسير إِلَيْنَا ثمَّ عَنَّا كَأَنَّهَا
…
حواسد تمشي بَيْننَا بالنمائم)
(وبتنا وَلَا واشٍ يحس كأننا
…
حللنا مَكَان السِّرّ من صدر كاتم)
وَقيل أَن سَبَب اشتهار ابْن حَاج هُوَ أَن الْوَزير ابا بكر ابْن عمار كَانَ كثير الْوِفَادَة على مُلُوك الأندلس لَا يسْتَقرّ بِبَلَد وَكَانَ كثير التطلب لما يصدر عَن أَرْبَاب المهن من الْأَدَب الْحسن فَبَلغهُ خبر ابْن حَاج قبل اشتهاره فَمر على حانوته وَهُوَ آخذ فِي صناعَة صباغه والنيل على يَده وَقد غشاها فَأخْرج زنده وَيَده بَيْضَاء من غير سوء وَأَرَادَ أَن يعلم سرعَة خاطره فَأَشَارَ إِلَى يَده وَقَالَ كم بَين زندٍ وزند فَقَالَ ابْن حَاج مَا بَين وصلٍ وَصد فَعجب من بادرته وجذب بصبغه وَبَالغ فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ وَدخل ابْن عمار إِلَى سرقسطة فَبَلغهُ خبر يحيى القصاب السَّرقسْطِي فَمر عَلَيْهِ وَبَين يَدَيْهِ لحم جزور فَأَشَارَ ابْن عمار إِلَى اللَّحْم وَقَالَ لحم سباط الخرفان مهزول فَقَالَ يَقُول يَا مشترين مَه زولوا)
فأعجبه ذَلِك وَأحسن إِلَيْهِ
وينسب إِلَى ابْن عمار وَقيل لغيره
(غنى أَبُو الْفضل فَقُلْنَا لَهُ
…
سُبْحَانَ مخليك من الْفضل)
(غناؤه حدٌ على شربهَا
…
فَاشْرَبْ فَأَنت الْيَوْم فِي حلّ)
وَمن شعر ابْن عمار رَحمَه الله تَعَالَى
(سل الركب إِن أَعْطَاك حَاجَتك الركب
…
من الكاعب الْحَسْنَاء تمنعها كَعْب)
(أحبك ودا من يخافك طَاعَة
…
وأعجب شيءٍ خيفةٌ مَعهَا حب)
وَمِنْه
(إِنِّي لممن إِن دعَاك لنصرتي
…
يَوْمًا بساطاً حجةٍ وجلاد)
(أذكيت دُونك للعدى حدق القنا
…
وخصمت عَنْك بألسن الأغماد)